مجلة الرسالة/العدد 72/من تراثنا العلمي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 72/من تراثنا العلمي

ملاحظات: بتاريخ: 19 - 11 - 1934


2 - فضائل مصر لابن زولاق

وصف وتلخيص لنسخة مخطوطة

للأستاذ علي الطنطاوي

تتمة

باب: إن المأمون قارن مصر بالعراق

1 - صفة مصر وخبرها:

قال: كان سعيد بن عفير بحضرة المأمون وهو بمصر فسمعه يقول لعن الله فرعون حين يقول: أليس لي ملك مصر. فلولا رأى العراق! فقال: يا أمير المؤمنين، لا تقل هذا فان الله عز وجل يقول: ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون. فما ظن أمير المؤمنين بشيء دمره الله هذه بقيته (ثم وصف مصر وأنهارها وقناطرها وأرزاقها وخلجانها السبعة وما كان من خبرها، وخبر الخليج الإسلامي الذي حفر في زمان عمر).

ذكر كور مصر، وما في كل كورةمن أصناف البر والأواني والفواكه والسلاح والطعام والشراب وجميع ما ينتفع به الناس. (وذكرها كورة كورة، وذكر ما فيها في فصل طويل، وأحال في مواضع منه على تاريخه. وقال وهو يتكلم عن إسكندرية) وقد شرحت ذلك مستفيضاً في كتابي التاريخ الكبير في أخبار الإسكندرية.

(إلى أن قال): وذكرت الحكماء أن عجائب الدنيا ثلاثون أعجوبة منها عشرون بمصر والعشرة في سائر الدنيا: مسجد دمشق، وكنيسة الرها، وقنطرة سخا، وقصر غمدان، وكنيسة رومية، وصنم الزيتون بصقلية، وحجر العواري، وإيوان كسرى، وبيت الريح ب. . .؟ وكنيسة بعلبك.

وبمصر من العجائب ما يغني عن هذا ويربو عليه (؟) فمن عجائبها: مدينة منف وقد ذكرناها، ومن ذلك عين شمس وهي هيكل الشمس، وبها قدت زليخا علي يوسف القميص، وبها العمودان اللذان لم ير أعجب مهما ولا من أبنائها وهما محمولان على وجه الأرض بغير أساس طولهما في السماء خمسون ذراعاً إلى الخ. . ومن عجائب مصر البرايق بأخ وسمنود وفيها الصور أمثال الفرسان والرجاله الخ. . (وذكر لها خبراً طويلاً) ومن عجائب مصر أمر الهرمين الكبيرين الخ.

3 - ذكر النيل وأموره.

4 - وصف مصر وتمثيلها:

(ذكر وصف عمرو بن العاص ووصف غيره من ولاة مصر. وتكلم عن خراج مصر وكيف كان يصرف كلاماً طويلاً ذكر فيه مقدار الخرج في زمن الفراعنة الأولين وفي أيام يوسف ومصارفه، وذكر أن عمر بن العاص جباها عام الفتح عشرة آلاف ألف دينار، فكتب بذلك إلى عمر، فكتب إليه عمر بن الخطاب يعجزه ويقول جباها الروم عشرين ألف ألف دينار، فلما كان العام المقبل جباها عمر أثنى عشر ألف ألف دينار، فلما وليها عبد الله بن سعيد بن أبي سريح لعثمان جباها أربعة وعشرين ألف ألف. فقال عثمان لعمرو وكان عنده في المدينة: درت بعدك اللقحة يا أبا عبد الله. فقال: أضررتم بالفصيل.

ثم أنحط الخراج إلى ما دون ثلاثة آلاف ألف. إلا في أيام هشام، ثم قصر إلى سنة 254، فلما وليها أحمد بن طولون استقصى العمارة وبالغ فيها فجباها أربعة وعشرين ألف ألف الخ).

5 - ذكر مقبرة مصر وفضائلها وذكر مقطمها.

6 - ذكر ما تختص به مصر دون غيرها من الملبوس والمركوب والمأكول والمشروب (في فصل طويل).

7 - في أسماء الشهور القبطية (وما كانوا يصنعون في كل واحد منها).

هذه أبواب الكتاب وفصوله، وفي كتاب أشياء رواها المؤلف على علاتها ولم يسلك فيها سبيل التحقيق، كالذي جاء به عند الكلام على المواضع المشرفة في مصر، وعجائب مصر، وخبر الأهرام. وفيه أشياء نافعة وجليلة. ولكي نزيد القارئ بياناً نقدم إليه هذه النبذة مما ورد في الكتاب نموذجاً لأسلوبه:

قال: (ذكر ما في مصر من ثغور الرباط والمساجد الشريفة وما فيها من شركة شرف الحرمين وسائر الدنيا. فأما مشاركتها للحرمين وأعمالها - (؟) ولما أمكن الواردين إليها من كل فج عميق المقام بها يوماً لنفاد أزوادهم وأنهم يمتارون من ميرة مصر. وقال بعض المتكلمين: لو أن رجلاً عابداً ترك التصوف وأقبل على العبادة وأن آخر قام له بكفايته وسائر مئونته من كسوة وطعام وشراب لكان شريكه فيما يعمله وأن له أوفر أجرة، وكذلك مصر منزلتها من الحرمين. ومن فضايلها أن الذي بنى الكعبة رجل من قبط يكنى أبا قدم. ومصر فرضة الدنيا ويحمل من حيزها إلى سواحلها وكذلك ساحلها بالقلزم ينقل إلى الحرمين وإلى جدة وإلى عمان وإلى الهند وإلى الصين وصنعاء وعدن والشحر والسند وجزاير البحر، ومن جهة تبنيس ودمياط والغرما فرضة بلدة الروم وأقاصى الفرنحة وقبرص وسائر سواحل الشام والثغور إلى حدود العراق، ومن جهة الإسكندرية فرضة اقريطش وصقلية وبلد الروم والمغرب كله إلى طنجة والسوس ومغرب الشمس، ومن جهة الصعيد فرضة بلد المغرب وبلد البربرو - (؟) والحبشة والحجاز واليمن. وأما ما فيها من ثغور الرباط فمن ذلك: رباط البرلس، ورباط رشيد، ورباط الإسكندرية، ورباط ذات الحمام، ورباط البحيرة، ورباط أخنا، ورباط دمياط، ورباط شطا، ورباط ننفس (؟) ورباط الاستوم، ورباط الفرما، ورباط النفار، ورباط الفرادة، ورباط العريش، ورباط الشحربين وما ينضاف إلى هذه الثغور وجهاتها، ورباط الحيرس من جهة الحبشة والحة (؟) وما يقرب منهم (كذا) ورباط أسوان على النوبة، ورباط الواحات على البربر والسودان ورباط قوص. وقد روينا في أول هذا الكتاب قول الرسول عليه السلام: إن مصر خير أجناد الأرض. فقال له أبو بكر: ولم يا رسول الله؟ قال لأنهم وأزواجهم وأبناؤهم في رباط إلى يوم القيامة وكانت برقة وطرابلس من ثغور مصر إلى أن خرجت في سنة ثلاثمائة فأضيفت إلى رباط المغرب. وأما المساجد الشريفة والمشاهد العظيمة فان بمصر مساجد هي مشاهد والعمل فيها منه في غيرها سوى الحرمين، فمن ذلك مسجد سليمان عليه السلام في الإسكندرية، ومسجد يوسف عليه السلام بمنف، ومسجده بطرا، ومسجده بوادي المقطم. وللخضر مسجدان منها مسجده بالإسكندرية، ومسجده بلبوهة في أسفل الأرض، ومسجد ذي القرنين بالإسكندرية عند النحات. ومنها مسجد الأقدام وهم قوم من أهل المقام قتلوا على موالاة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومسجد عقبة ابن عامر الجهني بسوق وردان، ومسجد مسلمة بن مخلد بسوق وردان، ومسجد الزمام بني على رأس محمد بن أي بكر بناة علامة زمام وجعله مشهداً ورأسه في موضع المنارة، ومسجد - (؟) بني على رأس زيد بن علي بن الحسين بن (- علي) أبي طالب أنفذه هشام بن عبد الملك إلى مصر نصب على هذا المنبر ووقف عنده - (؟) فسرقه أهل مصر. ودفنوه في هذا الموضع، ومسجد درب الكند الذي الزقاق فيه قبر الحسين بن زيد بن حسن بن علي بن أبي طالب أرسله أبو جعفر المنصور بن العباس إلى الأمصار فأخذه أهل مصر فدفنوه في هذا الموضع واتخذوه مسجداً. وبمصر مساجد الصحابة سوى ما ذكرنا الخ).

هذا وليس على الكتاب تعليقات للقراء إلا تعليقة واحدة على أسماء الشهور القبطية قال كاتبها: (قوله أشهر الأعجمية القبطية المراد هذه الشهر على الأبراج الفلكية الاثني عشر برج، لأن كل برج من هذه الأبراج سموه باسمه في لغتهم فأول الأبراج وهو الحمل سموه توت، وثانيه الثور سموه بابه، وثالثه جوزا سموه هتور، ورابعه سرطان سموه كيهك، الخامس أسد سموه طوبا، والسادس السنبلة سموه امشير، 7 ميزان سموه برمهات، 8 الثامن عقرب سموه برمودة، 9 قوس سموه بينس، العاشر الجدي سموه بؤنه، الحادي عشر دلو سموه آبيب 12 حوت سموه مسري).

وكأن هذا الفصل الأخير (مطلب في أسماء الشهور القبطية) ملحق بالكتاب وإن جاء قبله بجملة فيها معنى الختام قال: وقالوا في مصر كلاما محفوظاً: طينها عجب، ونيلها ذهب، ورجالها قصب، ونسائها رطب، وهي لمن غلب. وقالوا في الكوفة: اقرأ الناس للقرآن لا يجاوز تراقيهم. وقالوا في أهل البصرة نعم وردن معاً وصدرن شتاً. وقالوا في أهل الشام أطوع الناس لمخلوق وأعصاهم لخالق وأجرئهم على أمر لا يدرون ما هو. وقالوا في أهل الحجاز: أجرأهم على فتنة وأعجزهم عنها. وقالوا في أهل الموصل كناسة بين قريتين. وقالوا في أهل واسط منزل بين كنيفين. وذكروا الحديث المسند: (إن مصر يساق إليها أوائل الناس أعماراً). والبلدان فيها الطوال الأعمار وفيها القصار. إن طول الأعمار في سر وحمير، وجو اليمامة ووادي فرغانه. وقد جعل لمصر نصيب من ذلك في طوال الأعمار بمربوط وقرا بالحفار. وقد ذكرنا لمصر من الفضائل ما أغنى وكفى، ووصفنا الحكماء الذين كانوا بها وأنها معدن الحكمة التي انتشرت في أيدي الناس، يوجد في الدنيا بلد زينه أهله زينة مصر في أبنيتها ونهرها وإتقان أمرها وبالله التوفيق.

وإن في الكتاب كثيراً من العبارات المضطربة. وفيه كلمات ليست بالواضحة وإن فيه كثيراً من الأخبار التي لم تصح، ترد غالباً عندما يتكلم عن تاريخ مصر القديم. كقوله:

(ذكر من كان بمصر من عيون الفرسان والشدة: عوج ابن عنق قتله موسى عليه السلام وجره الناس على النيل فمروا عليه شهراً، قال: وكان طول سرير عوج بن عنق ثمانمائة ذراع وعرضه أربعمائة ذراع، وكانت عصاة (هكذا) موسى عشرة أذرع، وضربه موسى فأصاب كعبه فخر على نيل مصر فحسره الناس فمشوا على صلبه وأضلاعه سنة وقيل شهراً الخ).

وقوله:

(ومن الفراعنة الذين جربوا الدنيا وغلبوا على مصر بختنصر وهو من قرية من قرى بابل يقال لها نفد، ودخل مصر في ستمائة ألف فارس وراجل، راكباً على أسد ورد، متقلداً سيفاً طوله عشرة أشبار وعرضه شبر، أخضر النصل كالسلق، يتحدر منه شبه ماء السدر، وغمد من ذهب مرصع بالجواهر والياقوت الأحمر مكتوب عليه:

وأنت إن لم ترجُ أو تتقي ... كالميت محمولاً على نعشه

لا تنحس السر فتصلى به ... فقلَّ من يسلم من نحسه

وأَخْمَد السر فان هجمته ... وأحذرلأعدائك من حبسه

للبحر أقراش لها صولة ... فأحذر لأعدائك من قرشه

إذا طغى بالكلى شحم الكلى ... أدخل رأس الكبش في كرشه

وناطح الكبش له ساعة ... يأخذهالناطحمن كبشه

وكم نجىّ من يدي أعدائه (كذا) ... وميت مات على فرشه

من يفتح القفل بمفتاحه ... نجا من التهمة في فشه

ونابش الموتىله ساعة ... يأخذهإبليس من نبشه

لله في قدرته خاتم ... تجري المقادير على نقشه

وهذا ختام المخطوط:

(وهذا جملة ما أودعناه هذا الكتاب باختصار بغير إسناد ولم أثبت فيه شيئاً إلا وقد رويته واختصرته ليقرب على من أراد وبالله التوفيق، ولو لم يكن لمصر فضل إلا أن العزيز عليه السلام إمامها. والوزير أيده الله ملكها وعاملها ومدبرها لكان فضلاً عظيماً وبالله أستعين. تم الكتاب بحمد الله وعونه وحسن توفيقه).

دمشق

علي الطنطاوي