مجلة البيان للبرقوقي/العدد 6/الطبيعة ونواميسها

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 6/الطبيعة ونواميسها

ملاحظات: بتاريخ: 17 - 3 - 1912



مبحث في فلسفة الطبيعة وما ورائها للفاضل صاحب الإمضاء

الطبيعة هي القوة المتسلطة على جميع الكائنات وفي جملتها الإنسان ومصدر الحقائق الطبيعية هو الطبيعة ومصدر الطبيعة واجب الوجود.

والأشياء الطبيعية هي الموجودة في حال ليس للإنسان يد فيها - كالجو والغيوم وسيارات النظام الشمسي والبحر بصخوره والشواطئ الرملية والدلغانية والجبال والأدغال والنبات والحيوان والسمك والطيور.

أما الأشياء الصناعية فهي الطبيعة أصلاً. وإنما دخلت فيها يد الإنسان فركبتها أو جزأتها أو فرقتها - كالبيوت والأثاث والعربات والآلات فإنها تركبت أو تهيأت بصنع الإنسان.

على أن الأشياء الصناعية تدخل تحت حكم الطبيعة عند إطلاقها. مثال ذلك: كأس ملآنة ماء. فالكأس شيء صناعي أي أشياء طبيعية أصلاً قد استحضرت وسلطت عليها الحرارة حتى ذابت فأصبحت زجاجاً. وهذا الزجاج قد جعله الصناع على هيأة كأس. وأما الماء فهو شيء طبيعي جاء من نهر أو بركة أو نبع أو من الميازيب التي يجري فيها المطر النازل على السطوح. فالكأس والماء داخلان تحت كلمة الطبيعة وأحكامها.

والممكن للإنسان أن يغير هيئة بعض الموجودات وأن ينتفع بشيء من القوات الطبيعية ويتقي شيئاً من أضرارها. وغير مستطاع له أن يخلق شيئاً غير موجود فإن ذلك منوط بخالق الأشياء ومبدع طبائعها والإنسان نفسه هو جزء من الطبيعة أو الأشياء الطبيعية وله قوات طبيعية بها يغير بعض الأشياء التي يعرف قواتها وخصائصها فيجعلها صناعية لفائدة الإنسان. وينتج من ذلك أن مزاولة كل صناعة تستلزم معرفة بعض الأسباب الطبيعية ونتائجها. إذن فإتقان الصنائع وترقيتها يتوقفان على زيادة العلم بخصائص الأشياء وقواتها الطبيعية والوقوف على كيفية تحويلها لمنفعة الإنسان.

على أن الأشياء العظمى في الطبيعة وحلقات الأسباب والنتائج المتعلقة بها تجري على رغم إرادة البشر وقواتهم فلا سلطان لهم عليها - كشروق الشمس وغروبها واستهلال القمر وابتداره وامحاقه واختلاف الفصول وتعاقب الحر والبرد والمد والجزر وهبوب الرياح وثوران العواصف والبراكين وحدوث المطر والصحو والنوء والهدوء والتموج والر والتفريخ والنمو والخصب والجدب والرعد والبرق والصواعق والزلازل والأوبئة والبلاء والموت وتكاثر بعض أنواع الحيوان والنبات أو تفرقها أو انقراضها. وكلها قوات طبيعية تلعب بالإنسان لعب الأمل به أو الولد بالأطيار. على أنّا كلما ارتقينا في المعرفة والعلم استطعنا أن نجلب لأنفسنا بعض المنافع وندفع عنها بعض المضار.

وتجري الطبيعة على نواميس ثابتة سنها الباري للحكم على الكائنات فتجري عليها الأشياء الطبيعية قسراً بترتيب واحد ونظام غير متغير فلا يحدث شيء في الطبيعة عرضاً أو مصادفة وإن عجز الإنسان عن تعليله.

أول شيء تعلمه الإنسان عندما عني بدراسة الطبيعة هو أنه فطن إلى بعض الحوادث الطبيعية فرأى أنها تحدث بترتيب ونظام. وأن أسبابها تنتج دائماً نتائج واحدة.

فالشمس تشرق على الدوام من جهة واحدة. وتغرب في الجهة الأخرى وتغيرات القمر تتبع بعضها البعض بسلسلة نظامية في أوقات معينة متشابهة وبعض الكواكب لا يغيب تحت أنق أي مكان نعيش فيه. الفصول تجري على نظام قياسي تقريباً. الماء يجري دائماً في الأودية. النار تحرق على الدوام. النبات ينمو من البذرة ويعطي بذراً كجنسه يطلع منه نبات آخر مثله. الحيوانات تتوالد وتنمو فتصل إلى سن البلوغ فتهرم ثم تموت جيلاً بعد جيل في طريق واحدة.

هكذا وصلت إلى عقل الإنسان بالتدريج فكرة نظام الطبيعة وتجلى له ثبوت العلاقة بين السبب والنتيجة في جميع الأشياء الكونية. وكلما تجلت للإنسان سيادة هذا النظام شعر بوضوح الأشياء فأدركها. ثم حكم على الأشياء التي لا يفهمها بأنها تحدث مصادفة أو اتفاقاً.

على أننا كلما تعمقنا في دراسة الطبيعة وأنعمنا البحث زاد هذا النظام جلاء ووضوحاً لدينا. وما كان يظهر أنه يجري على غير سنن نظامي يثبت لدينا أن أمره لم يكن إلا مغلقاً أو ملتبساً علينا نظراً لقصور الفطرة في الإنسان.

ومن هنا لم يبق في عصر المدينة جاهل يعتقد أن شيئاً من الأشياء يحدث اتفاقاً أو أن هناك مصادفات في الأشياء التي ليس لها سبب ظاهر. وإذا قلنا أن هذا الشيء قد حدث اتفاقاً فهم الكل أننا نعني بذلك أننا لا نعلم علته الحقيقية أو سبب حدوثه. فالمصادفة إذاً أو الاتفاق من أحكام الجهل.

فدراسة النواميس الطبيعية واجبة لأن معرفتها ترشدنا إلى العمل وتهدينا إلى حسن التصرف. ومثلنا في ذلك مثل إنسان قصد أن يستوطن بلاداً فوجب عليه العلم بأحوال تلك البلاد وأحكامها وإلا كان جهله بها مجلبة بالطبع لما لا يرضي لنفسه. وهكذا شأن من يحاول أن يعيش بغير لفت إلى نواميس الطبيعة. فإنه يقصر عمره على الأرض. ويقضي حياة غاصة بالاضطراب وتلقى نفسه لجهله ما قدره الجهل من العقاب.

وهذه النواميس تنفذ بالقوة القاهرة التي أودعها الباري الطبيعة فلا تقبل رشوة ولا محاباة ولا تميز الغني على الفقير ولا الأمير على الحقير فكم من ألوف وملايين يعيشون بالشقاء والخبل ويموتون في زهرة العمر مخلفين البلايا لنسلهم من بعدهم بسبب الجهل ودماؤهم على رؤوسهم.

فمن عرض نفسه لعاديات الطبيعة من الحر والبرد والجوع بما يوسوس له الجهل مختاراً في ذلك غير مضطر ولا ملتمس منه نفعاً قريباً معلوما - ومن عدا على البدن بما يؤلمه من ضرب وجلد وتمزيق وإهمال بما يزينه الوهم راضياً في ذلك غير مكره ولا مفيد منه شيئاً - ومن شوه الجسم أو اسقط منه عضواً لازماً مفيداً كائناً ما كان ذلك العضو بما يموه له الطمع أو الخيال الفاسد عامداً في ذلك غير مجبر ولا مفتد سائر البدن بذلك الجزء كمن يقطع اليد الفاسد وقاية لبقية الجسم. ومن اجترأ على حريته الذاتية بالمحو أو الإنقاص والإضعاف بما يبعث عليه الكسل أو القسوة أو دناءة النفس راغباً في ذلك غير مقسور عليه - كل هؤلاء مخالفون لأحكام الطبيعة مناقضون للحكمة الإلهية الأزلية التي هي عين الجمال ومظهر الكمال ومصدر الوجود وعلة البقاء.

التعليل العلمي

إن المبدأ المتخذ أساساً لكل علم من العلوم هو: أن العلل المتشابهة معلولاتها متشابهة. وهذه الحقيقة مبنية على اختبار نام.

أما علة الشيء فهي سببه المسبب عن شيء آخر وهذا عن آخر قبله وهلم جراً حتى ينتهي إلى علة العلل. وكلما تقهقرنا في سلسلة الأسباب والنتائج زدنا التعليل كمالاً. فكل تعليل ناقص لأن معرفتنا بالأسباب قاصرة: ولكنا إنما نبحث عن الحد الذي نكتفي به. أو يمكننا الوصول إليه.

وليست العلة والناموس واحداً وإنما يطلق عليها تسامحاً. والفرق بينهما كالفرق بين الشريعة وعدم الامتثال لها.

والفرق بين الناموس الطبيعي والناموس البشري هو أن الأول ترتيب طبيعي لا يخل البتة. ولا يعد ناموساً طبيعياً إلا ما قام عليه البرهان. أيده العقل. وأثبته الامتحان. وأما الثاني فهو عبارة عن أوامر ونواه مفروضة على أصحاب مشيئة واختيار. إن شاؤا أطاعوا وإن شاؤا عصوا. فمن أطاع لم تؤيدها طاعته ومن عصى لم تبطلها مخالفته.

ثم أن الأول يشمل جميع الأشياء الطبيعية وفي جملتها الإنسان وما يتعلق به. وأما الثاني فمقصور على الناس وأعمالهم.

وتعرف النواميس الطبيعية بواسطة ثلاثة أمور: وهي الملاحظة والامتحان والتعقل - من باب علمي.

أما الملاحظة العلمية فهي الرصد الدقيق. أو المراقبة الكاملة النافية للزعم والوهم والاستنتاج الباطل.

وأما الامتحان العلمي فهو التجربة الدقيقة التي تجري على شروط مفروضة محققة.

وأما التعقل العلمي فهو إدراك الحقائق بطريقتي الاستقراء والاستنتاج وإثباتها بهاتين الطريقتين يقال له التعليل العلمي.

أما الاستقراء فهو تقصي الجزئيات للاستدلال منها على الكليات فتوضع قواعد عامة مبنية على ملاحظات أفراد متعددة في أماكن شتى وظروف مختلفة.

مثال ذلك: إذا لاحظنا أن حجر المغناطيس يجذب قطعة من الحديد متى أدنيت منه وامتحنا ذلك في كثير من قطع الحديد وضعنا هذه القاعدة: أن المغنطيس يجذب الحديد.

وأما الاستنتاج فهو الاستدلال من الكليات على الجزئيات: مثال ذلك: إذا قربنا قطعة حديد من حجر فجذبها حكمنا بالاستنتاج أنه حجر مغنطيس.

الرأي والحقيقة

الرأي الفرضي أو الوضعي - ويقال له التقديري أو المحتمل - هو ما يقدر في الأذهان من الظنون لما ينتهي إليه الأمر الطبيعي، إذا استطعنا أن نتبعه إلى نهايته، أو إلى درجة نحو تلك النهاية.

وقيمة الرأي الوضعي تتوقف على كفايته للتعليل عن كل ظاهر الأمر الطبيعي تحت الفحص. فإن قام رأي يعلل ذلك عول عليه إلى أن يظهر فساده أو يقوم رأي أكمل منه، أو مثبت بالبرهان القاطع، فيؤخذ به ويهمل الأول فالتمسك برأي محتمل يعين على التعليل أفضل من عدمه، لأنه يدل على طريق الحقيقة بقدر الإمكان وقد يكون مديناً لظهورها.

مثال ذلك: أنه منذ 17 سنة كان الماء معدوداً عنصراً بسيطاً، كما أن الزئبق معدود اليوم بسيطاً. أما اليوم فقد عرف أن الماء مركب من عنصرين، وهما الأكسجين والهيدروجين، وأن هذين الغازين قد اتحدا بدرجة عظيمة من الضغط والبرودة حتى صار مزيجهما مائعاً. وكل من هذين العنصرين مركب من جواهر كجوهر الزئبق لا تتجزأ إلى أبسط منها.

ولا يبعد في المستقبل أن يحل الزئبق ممتحن بحاثة فيظهر فساد هذا الرأي الوضعي ويحل الزئبق إلى عناصر أبسط. وهذا هو الفرق بين الرأي والحقيقة. وعليه فالحقيقة ضالة العاقل ينشدها أنى كانت.

الطبيعة والخالق

يميل العقل البشري إلى الوقوف على بعض الآراء في أصل العالمين. وهذا ظاهر من أن لكل أمة على وجه الأرض رأياً في أصل هذا العالم وعلة كونه وأسلوب تكوينه.

فلقدماء الفرس والهنود والمصريين والصينيين في آراء شتى يرمون بها إلى اكتشاف ذلك السر العظيم وأكثرها على غاية الغرابة.

أما اليونان فقال فريق منهم أن ليس في الوجود سوى الجواهر الفردة والفضاء الفارغ. ولكن عجز ديموقراطيس ولكريشوس عن إثبات صحة ذلك بالحجة القاطعة والبرهان الدامغ. ونشأت أفكار كثيرة عن البيضة الأولى. ولكننا نتعجب ممن لا يسلم بأن تلك البيضة صنع خالق قدير حكيم أزلي سرمدي.

حكي أن أمير أهدى إلى خطيبته بيضة كبيرة من الحديد فنظرت إليها بازدراء ودفعتها على الأرض فانفتحت عن آح من الفضة ومح من الذهب وفي المح تاج ذهب وخاتم ماس. وما هذه بالنسبة إلى تلك البيضة العظيمة التي بعض ما فيها نجوم السماء التي لا تحصى وكل أحياء الكون وجواهره!!

وهنا نستميح القارئ في بسط حديث مختصر بين مناظرين أحدهما مؤمن والآخر لا أدري - كمثال لما يقع من الجدل في هذه المسألة العظيمة.

م - أتنكر أن لا نهر الأوله ينبوع؟

ل - وأي صبيان المكاتب لا يعرف ذلك؟ نعم إن من الأنهر مالا يمكن الجزم بتعيين ينبوعه كنهر النيل. ولكن الجغرافيين قرروا أخيراً أنه في جبال القمر وأصله آخرون إلى ما وراء ذلك.

م - إذاً أنت تعرف أن لا مسبب بلا سبب ولا أثر بلا مؤثر. أليس كذلك؟

ل - ذلك من أولي البديهيات إذ لا بد لكل معلول من علة. وإن كان التوصل إلى العلة من أصعب المطالب.

م - أصبت فقد كنت أظنك تقول كداود هيوم أنه لا ارتباط بين المعلول والعلة وليس بينهما سوى التوالي كما بين النهار والليل.

ل - إن هيوماً مخطئ في ذلك. فإن الليل والنهار متواليان لعلة ليست أحدهما. فليس بينهما ارتباط العلة بالمعلول كما بين انطلاق المدفع وهزيمه.

م - أظنك لا تقول بأن المعلول والعلة واحدة. فانطلاق المدفع وهزيمه أمران مختلفان في الذات. أما هما كذلك؟

ل - بلى.

م - فانتبه يا صاحبي فأني أراعي هذا المبدأ في شأن تلك البيضة العجيبة.

ل - لا أرى مكاناً لمراعاته في شأنها.

م - أنعم النظر ترَهُ. فأين ينبوع تلك البيضة، أو ما مصدرها، أو علتها وعلة كل ما فيها من الخصائص فأنت تقول أن ينبوع كل ذلك أو علته هو الطبيعة أم كل شيء. فأسألك أن تعلمني ما الطبيعة، ومن أين أتت. وكيف أتت. ومتى أتت؟ وقبل كل ذلك قل لي ما هي؟

ل - إن تحديد الطبيعة من أعسر الأمور. ولكني أقول مع برنيت أخرج إلى ما تحت السماء وأصغ إلى تعليم الطبيعة أو مع بوب ما معناه:

شيم الطبيعة لا تنفك عاملة ... والجوهر الفرد يبغى مثله أبدا

هذا إلى ذاك مجذوب وذاك إلى ... هذا كذلك كان الكون واتحدا

م - لا اعتراض لي على بلاغة هذا الشاعر المجيد لكن ما أوردته يا صاح من قوله ليس فيه ما يبين حقيقة الطبيعة فأنت تذهب إلى أن الطبيعة قد باضت تلك البيضة وأنقفتها، فنشأ عنها كل ما في العالمين على اختلاف حقائقه وصوره. وأنا لا استطيع التسليم بذلك ما لم أعرف الطبيعة وماهيتها، أتظن أنها ملك؟

ل - لا بمعنى ملك عندك.

م - أروح هي؟

ل - لا أقول أنها روح.

م - أغول هي إذاً أم عنقاء؟

ل - أرجو اعتزال المزح في مثل هذه المسألة الهامة.

م - ولكنني أريد أن تعلمني سبيل الحقيقة لأنهج منهج الحد. فأني لم أقرأ في كتب اللادريين مقالاً في شيء مجهول العلة إلا وفيه أن علته الطبيعة وأن الطبيعة أم كل شيء فأولاد الطبيعة فيها لا تحصى كالرمال التي على شواطئ البحار ومع هذا فقد عجزوا عن الإتيان بتعريف لها.

ل - أرى الطبيعة تكبر عن أن تحد وأنها تشتمل على السماوات والأرض والنواميس.

م - أفلا ترى الطبيعة موجوداً غير منظور وعاملاً مستقلاً عن الجواهر الفردة؟

ل - نعم فإن الفيلسوف ستورث مل قال: ليست الطبيعة كل محدث بل ما يحدث من غير اختيار الإنسان وقوته العاقلة. أفليس ذلك قريباً من حد الطبيعة؟

م - هذا يقتضي أن السماء والأرض والأزهار والرياض وسمك البحار من الطبيعة.

ل - لا ريب في ذلك.

م - ولكن على قولك أن كل الأشياء حتى البيضة الأولى قد أخذت قواها من الطبيعة. فما الفرق بين الطبيعة والبيضة الهيدروجينية أخبرني بذلك وحسبي.

ل - يصعب أن نفرق بين الأمرين وليس في وسعي أن أرسم خطاً فاصلاً بينهما.

م - إنك لا تستطيع أن تفرق بينهما فهما واحد. فليس لك أن تجعل أحدهما على للآخر.

ل - نعم. لكنني سأفكر في الأمر قليلاً لعلي أهتدي إلى حل هذا الإشكال.

م - لك أن تفرض ما شئت في العالمين. مصدراً لتلك البيضة أما أنا فأقول: لا بد من إله خلقها واعتنى بها وانشأ منها سائر المخلوقات المشاركة لها في المادة. والنشؤ نفسه دليل قاطع عل إثبات الإله الأزلي القدير الحكيم.

ل - ولكنني لا أسلم بإلهك ولا بخالقيته ولا بعنايته.

م - بل لزمك أن تسلم بإلهي أو بمن يكون مثله إذا أطرحت الغرض ولم تتعلم عن الحق الواضح. لأن البيضة التي تؤمن اعتباطاً بوجودها تستدعي موجداً عاقلاً. فإن الساعة التي ترى آلاتها تدور أمامك تنطق بأفصح بيان بأن يداً عاقلة صنعتها. وإن قلت أن البيضة واجبة الوجود جعلتها إلهاً فألّهت العالمين. وإلا فلابد من مبدع ومعتن فدعك من التكلف يا صاح ولا تستح من الحق أن ترجع إليه.

ل - لقد ضيقت عليّ كثيراً. فأعترف لك أنك أعظم مما كنت أظن وأرجح رأياً مما كنت أخال.