مجلة البيان للبرقوقي/العدد 2/مطبوعات جديدة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 2/مطبوعات جديدة

ملاحظات: بتاريخ: 23 - 9 - 1911



تاريخ حرب فرنسا مع ألمانيا

أهدى إلينا الفاضل يوسف أفندي توما البستاني نسخة من كتاب بهذا العنوان فتصفحناه فوجدناه أوفى كتاب عربي لتلك الحرب المعروفة بحرب السبعين التي نشبت بين فرنسا وألمانيا سنة 1870 وكان قد وضع تلك المقالات الممتعة الفاضل البحاثة جرجي أفندي يني الطرابلسي صاحب مجلة المباحث ونشرها تباعاً في مباحثه فنهض اليوم يوسف أفندي توما وجمع مفرقها وطبعها على حدة في سفر تبلغ صفحاته نيفاً ومائتين فحبذا لو أقبل عليه محبوا الاطلاع على أسباب تلك الحرب ونتائجها ووقائعها وقيمة الكتاب عشرة غروش مصرية عدا أجرة البريد ويوجد في مكتبة البيان وفي سائر المكاتب.

ديوان القاياتي

يوجد بين ظهرانينا الآن شعراء مجيدون لا يكادون يتخلفون عن أولئك الذين ملأوا الدنيا شهرة والله يعلم أن شهرتهم هذه إنما كانت على الأكثر من ناحية أنهم هم أنفسهم يتكالبون عليها ولا يدعون وسيلة يتوسلون بها إليها وليست الشهرة عند العاقلين دليل الفضل كما أن الخمول ليس دليل التخلف - ومن بين أولئك الشعراء المجيدين الذين لم ينالو من الشهر كفاء استحقاقهم الأديب الكريم السيد حسن القاياتي (بالقاف لا بالغين) أحد خريجي الأزهر والمنقطعين إلى الأدب - وقد أهدى إلينا أخيراً ديوان شعره فنظرنا فيه فوجدنا الشاعر كثير الغوص على المعاني غير غافل مع ذلك عن اللفظ وإلى القراء قطعاً مختلفة من شعره.

من قصيدة وهو في الوصف:

ثم تقدمت في توق ... كواطي صفحة اليماني

أرى نجوم الظلام فيه ... شتى رقاع بطيلسان

ومنها في الترام:

يرمى بأشباحنا إليها ... جم التلوى كافعوان

يسوقه قائد خفي ... كأنه الحب في الجنان

ومنها: مجلسنا مسرق أنيق ... حديثنا فيه ذو افتنان

يضفو علينا بديع نبت ... ككلة رقشت لباني

يخال والطير فيه شاد ... ستور خزٍ على قيان

كأنما الورد في ذبول ... جفون سكرى من الغواني

وفي وصف الساعة:

ومضمرة لهذا الدهر بغضاً ... يزيد على الزمان ولا يبيد

تعدد ساعه حقداً عليه ... كذلك يصنع الحنق الحقود

وما تنفك عن أنات صبٍ ... أقام بصدره وجد شديد

وإن أحشاؤها اضمرن سراً ... يشافهني به وجه ودود

ينم على الذي تخفيه فيها ... كما نمت على الخجل الخدود

ويفضي بالسرائر من حشاها ... لسان ذو براعات حديد

فكانت مثل ذي ود حميد ... يفوز بسره أخٌ حميد

وتقضي الليل تسبيحاً بحمدي ... ترن وكافروا نعم رقود

ومن ثانية في وصف التصوير:

سمت لك بعد النوى صورتي ... كما واصل المولع المولع

بعثيت بها لا تريب الرقيب ... وليست كعهدك بي تجزع

تناجيك وهي صموت اللسان ... بما يشتكيه الحشا الموجع

كذى الحب كتمه جاهدا ... فأظهر تبريحه المدمع

حكتني لديك كما تنظري ... ن مرآة معجبة تلمع

هي الجسم أثأر منه الجفا ... خيالاً مرائيه يسترجع

لقد طلب الدهر مثلي علا ... فأتعبه النادر المبدع

فأطلع من صورتي حاكياً ... وأعجزه خلقي الأرفع

شهدت على ربها أنه ... ليحكي يد الله إذ يبدع

إذا شاء صور طيف الخيال ... على أنه مجفل مفزع

ولو شاء صور سرى الذي ... تكن الضمائر أو تودع وطبٌ بتصوير وحي العيون ... تشكو جوى الحب أو تضرع

يكاد يمثل في صورتي ... خفوق فؤادي كما يسمع

ويجلو عليك ندوب الفؤاد ... ونار حشاي التي تلذع

ويجلوك ماثلة في الضمير ... يحنو على شخصك الموضع

ومنها في وصف آلة التصوير

وحاكية من صنيع الفرنج ... ة أبدع في صنعها المبدع

أظل إذا زرتها ساكناً ... لديها وقوف الذي يخضع

وتقبل مني طويل الخشوع ... قبول صلاة الذي يخشع

أهابت بظلي فلبى الدعاء ... مطيعاً كما يؤمر الطيع

يقيم بأحشائها كالجنين ... إذا حان مولده يوضع

ومن ثانية في وصف الفنوغراف:

إيه رفيقي والرفيق مساعد ... في الصدر هم قد أقام وخيما

فأذن لمسمعه الغناء تداوه ... إن شئت أن يحي بأن تترنما

أشتاقها فكأن فيها مغرما ... ذهبت حشاشته يطارح مغرما

ومنها:

تصغي إلى قول المحدث مثل من ... يصغى لسر جليسه متفهماً

وتصونه في القلب نقشاً لا كمن ... يلفي بسر خدينه متبرماً

فمتى ترد يكن الحديث مسيرا ... ومتى ترد يكن الحديث مكتما

ليست تعاب إذا حكتك بكذبة ... أويكذب الرسل الكرام على السما

نقل الهواء لها الغناء فأقبلت ... تقرى المسامع منه درا نظما

كالنحل يجني النور غضاً يانعاً ... فيرده أريا يلذك مطعما

تقريك صوتاً لست تبصر ربه ... كالمنشد المطراب حين تلثما

تتلوها تلك الصحائف إبرة ... هي غادرتها كالكتاب منمنما

فعل الوليد إذا تقري لوحه ... أوحى بأصبعه إليه ليحكما

ومن أخرى في وصف التليفون: رب بشرى قد ساقها لقلوب ... مقفرات من السرور يباب

فكان كالريح إذ تحمل الطل ... ع إلى عاطل من الثمار العذاب

قرب الموقف الذي أنت فيه ... للمكان القصي كل اقتراب

فغدا كالهوى يضم قلوب إلا ... حباب ضماعلي نوى الأحباب

ومن ثانية في وصف راقصة

والردف منها ناهد ... مثل الكثيب الملبد

يزيد أحياناً وتن ... هاه عن التزيد

تقلب الأمواج ب ... ين رائح ومغتدى

يتبعها في رقصها ... خفق فؤادي الموقد

فنفسي مردداً ... كرقصها المردد

وجمر قلبي موقداً ... كخدها المورد

رفيقة المس فهل ... تكحل عين أرمد

تلقى الثرى بأخمص ... ما قر بل لم يكد

فهل تدوس منصلاً ... عضب الشبا لم يغمد

وفي وصف الطيران والطيارات

ولو كنت لاثام لم أحتمل ... صنيعه ما طار من جنده

شهدت له طيرة أوشكت ... تريني المجرة من ورده

تعالى فأية نفس هناك ... عثايا المباراة لم تفده

ترى كل قلب يطيل الخفو ... ق كأيدي المصفق في حمده

ألا ليت شعري ماذا ابتغي ... من النجم أو شاء من عنده

رآنا نصوغ عقود الثنا - ء فود الدراري في عقده

هذا ما وقع عليه النظر بعض ما عثر به الاختيار من ديوان السيد القاياتي فنحتث المتأديين على اقتنائه وثمنه خمسة قروش مصرية ويباع في مكتبة البيان.