كتاب الأم - المجلد الثامن5

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

باب المواريث

قال المزني رحمه الله: وللزوج النصف فإن كان للميت ولد أو ولد ولد وإن سفل فله الربع وللمرأة الربع فإن كان للميت ولد أو ولد ولد وإن سفل فلها الثمن والمرأتان والثلاث والأربع شركاء في الربع إذا لم يكن ولد وفي الثمن إذا كان ولد وللأم الثلث فإن كان للميت ولد أو ولد ولد أو اثنان من الإخوة أو الأخوات فصاعدا فلها السدس إلا في فريضتين إحداهما: زوج وأبوان. والأخرى: امرأة وأبوان فإنه يكون في هاتين الفريضتين للأم ثلث ما يبقى بعد نصيب الزوج أو الزوجة وما بقي فللأب وللبنت النصف وللابنتين فصاعدا الثلثان فإذا استكمل البنات الثلثين فلا شيء لبنات الابن إلا أن يكون للميت ابن ابن فيكون ما بقي له ولمن في درجته أو أقرب إلى الميت منه من بنات الابن ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين فإن لم يكن للميت إلا ابنة واحدة وبنت ابن أو بنات ابن فللابنة النصف ولبنت الابن أو بنات الابن السدس تكملة الثلثين وتسقط بنات ابن الابن إذا كن أسفل منهن إلا أن يكون معهن ابن ابن في درجتهن أو أبعد منهن فيكون ما بقي له ولمن في درجته أو أقرب إلى الميت منه من بنات الابن ممن لم يأخذ من الثلثين شيئا للذكر مثل حظ الأنثيين ويسقط من أسفل من الذكر فإن لم يكن إلا ابنة واحدة وكان مع بنت الابن أو بنات الابن ابن ابن في درجتهن فلا سدس لهن ولكن ما بقي له ولهن للذكر مثل حظ الأنثيين وإن كان مع البنت أو البنات للصلب ابن فلا نصف ولا ثلثين ولكن المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين 
 

صفحة : 3321

 ويسقط جميع ولد الابن وولد الابن بمنزلة ولد الصلب في كل إذا لم يكن ولد صلب وبنو الإخوة لا يحجبون الأم عن الثلث ولا يرثون مع الجد ولواحد الإخوة والأخوات من قبل الأم السدس وللاثنين فصاعدا الثلث ذكرهم وأنثاهم فيه سواء وللأخت للأب والأم والنصف وللأختين فصاعدا الثلثان فإذا استوفى الأخوات للأب والأم الثلثين فلا شيء للأخوات للأب إلا أن يكون معهن أخ فيكون له ولهن ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين فإن لم يكن إلا أخت واحدة لأب وأم وأخت أو أخوات لأب فللأخت للأب والأم النصف وللأخت أو الأخوات للأب السدس تكملة الثلثين وإن كان مع الأخت أو الأخوات للأب أخ لأب فلا سدس لهن ولهن وله ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين وإن كان مع الأخوات للأب والأم أخ للأب والأم فلا نصف ولا ثلثين ولكن المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وتسقط الإخوة والأخوات للأب والإخوة والأخوات للأب بمنزلة الإخوة والأخوات للأب والأم إذا لم يكن أحد من الإخوة والأخوات للأب والأم إلا فريضة وهي زوج وأم وإخوة لأم وإخوة لأب وأم فيكون للزوم النصف وللأم السدس وللإخوة من الأم الثلث ويشاركهم الإخوة للأب والأم في ثلثهم ذكرهم وأنثاهم سواء فإن كان معهم إخوة لأب لم يرثوا وللأخوات مع البنات ما بقي إن بقي شيء وإلا فلا شيء لهن ويسمين بذلك عصبة البنات وللأب مع الولد وولد الابن السدس فريضة وما بقي بعد أهل الفريضة فله وإذا لم يكن ولد ولا ولد ابن فإنما هو عصبة له المال وللجدة والجدتين السدس. قال: وإن قرب بعضهن دون بعض فكانت الأقرب من قبل الأم فهي أولى وإن كانت الأبعد شاركت في السدس وأقرب اللائي من قبل الأب تحجب بعداهن وكذلك تحجب أقرب اللائي من قبل الأم بعداهن. 

ID ' '   فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر 

 على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. 

 ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه 

 والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب 

 الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف 

 ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه 

 أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن 

 ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. 

 

صفحة : 3322


باب أقرب العصبة 
قال المزني رحمه الله: وأقرب العصبة البنون ثم بنو البنين ثم الأب ثم الإخوة للأب والأم إن لم يكن جد فإن كان جد شاركهم في باب الجد ثم الإخوة للأب ثم بنو الإخوة للأب والأم ثم بنو الإخوة للأب فإن لم يكن أحد من الإخوة ولا من بنيهم ولا بني بنيهم وإن سفلوا فالعم للأب والأم ثم العم للأب ثم بنو العم للأب والأم ثم بنو العم للأب فإن لم يكن أحد من العمومة ولا بنيهم ولا بني بنيهم وإن سفلوا فعم الأب للأب والأم فإن لم يكن فعم الأب للأب فإن لم يكن فبنوهم وبنو بنيهم على ما وصفت من العمومة وبنيهم وبني بنيهم فإن لم يكونوا فعم الجد للأب والأم فإن لم يكن فعم الجد للأب فإن لم يكن فبنوهم وبنو بنيهم على ما وصفت في عمومة الأب فإن لم يكونوا فأرفعهم بطنا وكذلك نفعل في العصبة إذا وجد أحد من ولد الميت وإن سفل لم يورث أحد من ولد ابنه وإن قرب وإن وجد أحد من ولد ابنه وإن سفل لم يورث أحد من ولد جده وإن قرب وإن وجد أحد من ولد جده وإن سفل لم يورث أحد من ولد أبي جده وإن قرب وإن كان بعض العصبة أقرب بأب فهو أولى لأب كان أو لأب وأم وإن كانوا في درجة واحدة إلا أن يكون بعضهم لأب وأم فالذي لأب وأم أولى فإذا استوت قرابتهم فهم شركاء في الميراث فإن لم تكن عصبة برحم يرث فالمولى المعتق فإن لم يكن فأقرب عصبة مولاه الذكور فإن لم يكن فبيت المال. 
قال الشافعي والجد لا يرث مع الأب فإن لم يكن أب فالجد بمنزلة الأب إن لم يكن الميت ترك أحدا من ولد أبيه الأدنين أو أحدا من أمهات أبيه وإن عالت الفريضة إلا في فريضتين زوج وأبوين أو امرأة وأبوين فإنه إذا كان فيها مكان الأب جد صار للأم الثلث كاملا وما بقي فللجد بعد نصيب الزوج أو الزوجة وأمهات الأب لا يرثن مع الأب ويرثن مع الجد وكل جد وإن علا فكالجد إذا لم يكن جد دونه في كل حال إلا في حجب أمهات الجد وإن بعدن فالجد يحجب أمهاته وإن بعدن ولا يحجب أمهات من هو أقرب منه اللائي لم يلدنه وإذا كان مع الجد أحد من الإخوة أو الأخوات للأب والأم وليس معهم من له فرض مسمى قاسم أخا أو اختين أو ثلاثا أو أخا وأختا فإن زادوا كان للجد ثلث المال وما بقي لهم وإن كان معهن من له فرض مسمى زوج أو امرأة أو أم أو جدة أو بنات ابن وكان ذلك الفرض المسمى النصف أو أقل من النصف بدأت بأهل الفرائض ثم قاسم الجد ما يبقى أختا أو أختين أو ثلاثا أو أخا وأختا وإن زادوا كان للجد ثلث 
 

صفحة : 3323

 ما يبقى وما بقي فللأخوة والأخوات للذكر مثل حظ الأنثيين وإن كثر الفرض المسمى بأكثر من النصف ولم يجاوز الثلثين قاسم أختا أو أختين فإن زادوا فللجد السدس وإن زادت الفرائض على الثلثين لم يقاسم الجد أخا ولا أختا وكان له السدس وما بقي فللإخوة والأخوات للذكر مثل حظ الأنثيين فإن عالت الفريضة فالسدس للجد والعول يدخل عليه منه ما يدخل على غيره. 
وليس يعال لأحد من الإخوة والأخوات مع الجد إلا في الأكدرية وهي زوج وأم وأخت لأب وأم أو لأب وجد فللزوج النصف وللأم الثلث وللجد السدس وللأخت النصف يعال به ثم يضم الجد سدسه إلى نصف الأخت فيقسمان ذلك للذكر مثل حظ الأنثيين أصلها من ستة وتعول بنصفها وتصح من سبعة وعشرين للزوج تسعة وللأم ستة وللجد ثمانية وللأخت أربعة والإخوة والأخوات للأب والأم يعادون الجد بالإخوة والأخوات للأب ولا يصير في أيدي الذين للأب شيء إلا أن تكون أخت واحدة لأب وأم فيصيبها بعد المقاسمة وأكثر من النصف فيرد ما زاد على الإخوة للأب والإخوة والأخوات للأب بمنزلة الإخوة والأخوات للأب والأم مع الجد إذا لم يكن أحد من الإخوة والأخوات للأب والأم وأكثر ما تعول به الفريضة ثلثاها. 

باب ميراث المرتد 
قال: وميراث المرتد لبيت مال المسلمين ولا يرث المسلم الكافر. واحتج الشافعي في المرتد بأن رسول الله  قال:  لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم  . واحتج على من ورث ورثته المسلمين ماله ولم يورثه منهم فقال: هل رأيت أحدا لا يرث ولده إلا أن يكون قاتلا ويرثه ولده. وإنما أثبت الله المواريث للأبناء من الآباء حيث أثبت المواريث للآباء من الأبناء. قال المزني رحمه الله: قد زعم الشافعي أن نصف العبد إذا كان حرا يرثه أبوه إذا مات ولا يرث هذا النصف من أبيه إذا مات أبوه فلم يورثه من حيث ورث منه والقياس على قوله أنه يرث من حيث يورث. وقال: في المرأة إذا طلقها زوجها ثلاثا مريضا فيها قولان: أحدهما: ترثه. والآخر: لا ترثه. والذي يلزمه أن لا يورث لأنه لا يرثها بإجماع لانقطاع النكاح الذي به يتوارثان فكذلك لا ترثه كما لا يرثها لأن الناس عنده يرثون من حيث يورثون ولا يرثون من حيث لا يورثون. 

ID ' '   وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو 

 ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة 

 

صفحة : 3324


باب ميراث المشتركة 
قال الشافعي رحمه الله: قلنا في المشتركة زوج وأم وأخوين لأم وأخوين لأب وأم للزوج النصف وللأم السدس وللأخوين للأم الثلث ويشركهم بنو الأب والأم لأن الأب لما سقط سقط حكمه وصار كأن لم يكن وصاروا بني أم معا. قال: وقال لي محمد بن الحسن: هل وجدت الرجل مستعملا في حال ثم تأتي حالة أخرى فلا يكون مستعملا قلت: نعم ما قلنا نحن وأنت وخالفنا فيه صاحبك من أن الزوج ينكح المرأة بعد ثلاث تطليقات ثم يطلقها فتحل للزوج قبله ويكون مبتدئا لنكاحها وتكون عنده على ثلاث ولو نكحها بعد طلقة لم تنهدم كما تنهدم الثلاثة لأنه لما كان له معنى في إحلال المرأة هدم الطلاق الذي تقدمه إذا كانت لا تحل إلا به ولما لم يكن له معنى في الواحدة والثنتين وكانت تحل لزوجها بنكاح قبل زوج لم يكن له معنى فنستعمله. قال: إن لنقول بهذا فهل تجد مثله في الفرائض قلت: نعم الأب يموت ابنه وللابن إخوة فلا يرثون مع الأب فإن كان الأب قاتلا ورثوا ولم يرث الأب من قبل أن حكم الأب قد زال ومن زال حكمه فكمن لم يكن. 

باب ميراث ولد الملاعنة 
قال الشافعي رحمه الله: وقلنا وإذا مات ولد الملاعنة وولد الزنا ورثت أمه حقها وإخوته لأمه حقوقهم ونظرنا ما بقي فإن كانت أمه مولاة ولاء عتاقة كان ما بقي ميراثا لموالي أمه وإن كانت عربية أو لا ولاء لها كان ما بقي لجماعة المسلمين. وقال بعض الناس فيها بقولنا إلا في خصلة إذا كانت عربية أو لا ولاء لها فعصبته عصبة أمه واحتجوا برواية لا تثبت وقالوا: كيف لم تجعلوا عصبته عصبة أمه كما جعلتم مواليه موالي أمه قلنا: بالأمر الذي لم نختلف فيه نحن ولا أنتم ثم تركتم فيه قولكم أليس المولاة المعتقة تلد من مملوك. أليس ولدها تبعا لولائها كأنهم أعتقوهم ويعقل عنهم موالي أمهم ويكونون أولياء في التزويج لهم قالوا: نعم. قلنا: فإن كانت عربية أتكون عصبتها عصبة ولدها يعقلون عنهم أو يزوجون البنات منهم قالوا: لا. قلنا: فإذا كان موالي الأم يقومون مقام العصبة في ولد مواليهم وكان الأخوال لا يقومون ذلك المقام في بني أختهم فكيف أنكرت ما قلنا والأصل الذي ذهبنا إليه واحد. 

ID ' '   للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب 

 غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال 

 

صفحة : 3325


باب ميراث المجوس 
قال الشافعي رحمه الله: إذا مات المجوسي وبنته امرأته أو أخته أمه نظرنا إلى أعظم السببين فورثناها به وألقينا الآخر وأعظمهما أثبتهما بكل حال فإذا كانت الأم أختا ورثناها بأنها أم وذلك لأن الأم تثبت في كل حال والأخت قد تزول وهكذا جميع فرائضهم على هذه المسألة. 
وقال: بعض الناس: أورثها من الوجهين معا قلنا: فإذا كان مع أخت وهي أم قال: أحجبها من الثلث بأن معها أختين وأورثها من وجه آخر بأنها أخت. قال: أو ليس إنما حجبها الله تعالى بغيرها لا بنفسها قال: بلى. قلنا: وغيرها خلافها قال: نعم. فإذا نقصتها بنفسها فهذا خلاف ما نقصها الله تعالى به أو رأيت ما إذا كانت أما على الكمال كيف يجوز أن تعطيها ببعضها دون الكمال تعطيها أما كاملة وأختا كاملة وهما بدنان وهذا بدن واحد قال: فقد عطلت أحد الحقين: قلنا: لما لم يكن سبيل إلى استعمالهما معا إلا بخلاف الكتاب والمعقول لم 
باب ذوي الأرحام 
قال المزني رحمه الله: احتجاج الشافعي فيمن يؤول الآية في ذوي الأرحام قال لهم الشافعي: لو كان تأويلها كما زعمتم كنتم قد خالفتموها. قالوا: فما معناها قلنا: توارث الناس بالحلف والنصرة ثم توارثوا بالإسلام والهجرة ثم نسخ الله تبارك وتعالى بقوله:  وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله  على ما فرض الله لا مطلقا ألا ترى أن الزوج يأخذ أكثر مما يأخذ ذوو الأرحام ولا رحم له. أو لا ترى أنكم تعطون ابن العم المال كله دون الخال وأعطيتم مواليه جميع المال دون الأخوال فتركتم الأرحام وأعطيتم من لا رحم له. 

ID ' '   وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع 

 سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ 

 الحديث. 

 وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة 

 أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. 

 هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة 

 القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال 

 تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون 

 

صفحة : 3326


باب الجد يقاسم الإخوة 
قال الشافعي رحمه الله: إذا ورث الجد مع الإخوة للأب والأم أو للأب قاسمهم ما كانت المقاسمة خيرا له من الثلث فإذا كان الثلث خيرا له منها أعطيه وهذا قول زيد وعنه قبلنا أكثر الفرائض وقد روي هذا القول عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم أنهم قالوا فيه مثل قول زيد بن ثابت وهو قول الأكثر من فقهاء البلدان فإن قال قائل: فإنا نزعم أن الجد أب لخصال منها: أن الله تبارك وتعالى: قال:  ملة أبيكم إبراهيم  فأسمى الجد في النسب أبا ولم ينقصه المسلمون من السدس وهذا حكمهم للأب وحجبوا بالجد بني الأم وهكذا حكمهم في الأب فكيف جاز أن تفرقوا بين أحكامه وأحكام الأب فيما سواها قلنا: إنهم لم يجمعوا بين أحكامهما فيها قياسا منهم للجد على الأب لأنه لو كان إنما يرث باسم الأبوة لورث ودونه أب أو كان قاتلا أو مملوكا أو كافرا فالأبوة تلزمه وهو غير وارث وإنما ورثناه بالخبر في بعض المواضع دون بعض لا باسم الأبوة ونحن لا ننقص الجدة من السدس أفترى ذلك قياسا على الأب يحجبون بها الإخوة من الأم بابنة ابن متسفلة أفتحكمون لها بحكم الأب وهذا يبين أن الفرائض تجتمع في بعض الأمور دون بعض وقلنا: أليس إنما يدلي الجد بقرابة أب الميت بأن يقول الجد أنا أبو أب الميت والأخ. أنا ابن أبي الميت فكلاهما يدلي بقرابة أبي الميت. قلنا: أفرأيتم لو كان أبوه الميت في تلك الساعة أيهما كان أولى بميراثه قالوا: يكون لأخيه خمسة أسداس ولجده سدس. قلنا: فإذا كان الأخ أولى بكثرة الميراث ممن يدليان بقرابته فكيف جاز أن يحجب الذي هو أولى بالأب الذي يدليان بقرابته بالذي هو أبعد ولولا الخبر كان القياس أن يعطي الأخ خمسة أسهم والجد سهما كما ورثناهما حين مات ابن الجد وأبو الأخ. 

ID ' '   خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م 

 ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: 

 (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية 

 والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: 

 (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل 

 ولا يكاد يقدر عليه. 

 وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن 

 

صفحة : 3327


كتاب الوصايا مما وضع الشافعي بخطه لا أعلمه سمع منه 
قال الشافعي رحمه الله: فيما يروى عن رسول الله  من قوله:  ما حق امرىء مسلم  يحتمل ما الحزم لامرىء مسلم  يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده  ويحتمل ما المعروف في الأخلاق إلا هذا لا من جهة الفرض. قال: فإذا أوصى الرجل بمثل نصيب ابنه ولا ابن له غيره فله النصف فإن لم يجز الابن فله الثلث ولو قال بمثل نصيب أحد ولدي فله مع الاثنين الثلث ومع الثلاثة الربع حتى يكون كأحدهم ولو كان ولده رجالا ونساء أعطيته نصيب امرأة ولو كانت له ابنة وابنة ابن أعطيته سدسا. ولو قال: مثل نصيب أحد ورثتي أعطيته مثل أقلهم نصيبا. ولو قال: ضعف ما يصيب أحد ولدي أعطيته مثله مرتين. وإن قال: ضعفين فإن كان نصيبه مائة أعطيته ثلثمائة فكنت قد أضعفت المائة التي نصيبه بمنزلة مرة بعد مرة. ولو قال: لفلان نصيب أو حظ أو قليل أو كثير من مالي ما عرفت لكثير حدا ووجدت ربع دينار قليلا تقطع فيه اليد ومائتي درهم كثيرا فيها زكاة وكل ما وقع عليه اسم قليل وقع عليه اسم كثير وقيل للورثة أعطوه ما شئتم ما يقع عليه اسم ما قال الميت. ولو أوصى لرجل بثلث ماله ولآخر بنصفه ولآخر بربعه فلم تجز الورثة قسم الثلث على الحصص وإن أجازوا قسم المال على ثلاثة عشر جزءا لصاحب النصف ستة ولصاحب الثلث أربعة ولصاحب الربع ثلاثة حتى يكونوا سواء في العول ولو أوصى بغلامه لرجل وهو يساوي خمسمائة وبداره لآخر وهي تساوي ألفا وبخمسمائة لآخر والثلث ألف دخل على كل واحد منهم عول نصف وكان للذي له الغلام نصفه وللذي له الدار نصفها وللذي له خمسمائة نصفها. ولو أوصى لوارث وأجنبي فلم يجيزوا فللأجنبي النصف ويسقط الوارث وتجوز الوصية لما في البطن وبما في البطن إذا كان يخرج لأقل من ستة أشهر فإن خرجوا عددا ذكرانا وإناثا فالوصية بينهم سواء وهم لمن أوصى بهم له. ولو أوصى بخدمة عبده أو بغلة داره أو بثمر بستانه والثلث يحتمله جاز ذلك ولو كان أكثر من الثلث فأجاز الورثة في حياته لم يجز ذلك إلا أن يجيزه بعد موته. ولو قال: أعطوه رأسا من رقيقي أعطي ما شاء الوارث معيبا كان أو غير معيب ولو هلكت إلا رأسا كان له إذا حمله الثلث. ولو أوصى له بشاة من ماله قيل للورثة: أعطوه أو اشتروها له صغيرة كانت أو كبيرة ضائنة أو ماعزة. ولو قال: بعيرا أو ثورا لم يكن لهم أن يعطوه ناقة ولا بقرة. ولو قال عشر أينق أو عشر بقرات لم يكن لهم أن يعطوه ذكرا ولو قال: عشرة أجمال أو أثوار لم يكن لهم أو يعطوه 
 

صفحة : 3328

 أنثى فإن قال: عشرة من إبلي أعطوه ما شاؤوا. فإن قال: أعطوه دابة من مالي فمن الخيل أو البغال أو الحمير ذكرا كان أو أنثى صغيرا أو كبيرا أعجف أو سمينا. ولو قال: أعطوه كلبا من كلابي أعطاه الوارث أيها شاء. ولو قال: أعطوه طبلا من طبولي وله طبلان للحرب واللهو أعطاه أيهما شاء فإن لم يصلح الذي للهو إلا للضرب لم يكن لهم أن يعطوه إلا الذي للحرب. ولو قال: عودا من عيداني وله عيدان يضرب بها وعيدان قسي وعصي فالعود الذي يواجه به المتكلم هو الذي يضرب به فإن صلح لغير الضرب جاز بلا وتر وهكذا المزامير. ولو قال: عودا من القسي لم يعط قوس نداف ولا جلاهق وأعطى معمولة أي قوس نبل أو نشاب أو حسبان وتجعل وصيته في الرقاب في المكاتبين ولا يبتدأ منه عتق ولا يجوز في أقل من ثلاث رقاب فإن نقص ضمن حصة من ترك فإن لم يبلغ ثلاث رقاب وبلغ أقل رقبتين يجدهما ثمنا وفضل جعل الرقبتين أكثر ثمنا حتى بعتق رقبتين ولا يفضل شيئا لا يبلغ قيمة رقبة ويجزىء صغيرها وكبيرها. ولو أوصى أن يحج عنه ولم يكن حج حجة الإسلام فإن بلغ ثلثه حجة من بلده أحج عنه من بلده وإن لم يبلغ أحج عنه من حيث بلغ. قال المزني رحمه الله: والذي يشبه قوله أن يحج عنه من رأس مال لأنه في قوله دين عليه. قال الشافعي رحمه الله: ولو قال: أحجوا عني رجلا بمائة درهم وأعطوا ما بقي من ثلثي مالي فلانا وأوصى بثلث ماله لرجل بعينه فللموصى له بالثلث نصف الثلث وللحاج والموصى له بما بقي من الثلث نصف الثلث ويحج عنه رجل بمائة ولو أوصى بأمة لزوجها وهو حر فلم يعلم حتى وضعت له بعد موت سيدها أولادا فإن قبل عتقوا ولم تكن أمهم أم ولد حتى تلد منه بعد قبوله بستة أشهر فأكثر لأن الوطء قبل القبول وطء نكاح ووطء القبول وطء ملك فإن مات قبل أن يقبل أو يرد قام ورثته مقامه فإن قبلوا فإنما ملكوا أمة لأبيهم وأولاد أبيهم الذين ولدت بعد موت سيدها أحرار وأمهم مملوكة وإن ردوا كانوا مماليك وكرهت ما فعلوا. قال المزني: لو مات أبوهم قبل الملك لم يجز أن يملكوا عنه ما لم يملك ومن قوله أهل شوال ثم قبل كانت الزكاة عليه وفي ذلك دليل على أن الملك متقدم ولولا ذلك ما كانت عليه زكاة ما لا يملك. قال: ولو أوصى بجارية ومات ثم وهب للجارية مائة دينار وهي تسوي مائة دينار وهي ثلث مال الميت وولدت ثم قبل الوصية فالجارية له ولا يجوز فيما وهب لها وولدها إلا واحد من قولين الأول: أن يكون ولدها وما وهب لها من ملك الموصى له وإن ردها فإنما أخرجها من ملكه إلى الميت وله ولدها وما وهب لها لأنه حدث في ملكه. والقول 
 

صفحة : 3329

 الثاني: أن ذلك مما يملكه حادثا بقبول الوصية وهذا قول منكر لا نقول به لأن القبول إنما هو على ملك متقدم وليس بملك حادث وقد قيل: تكون له الجارية وثلث ولدها وثلث ما وهب لها. 
قال المزني رحمه الله: هذا قول بعض الكوفيين. قال أبو حنيفة: تكون له الجارية وثلث ولدها. 
وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن: يكون له ثلثا الجارية وثلثا ولدها. قال المزني: وأحب إلي قول الشافعي لأنها وولدها على قبول ملك متقدم. قال المزني: وقد قطع بالقول الثاني إذ الملك متقدم إذا كان كذلك وقام الوارث في القبول مقام أبيه فالجارية له بملك متقدم وولدها وما وهب لها ملك حادث بسبب متقدم. قال المزني: وينبغي في المسألة الأولى أن تكون امرأته أم ولد له وكيف تكون أولادها بقبول الوارث أحرارا على أبيهم ولا تكون أمهم أم ولد لأبيهم وهو يجيز أن يملك الأخ أخاه وفي ذلك دليل على أن لو كان ملكا حادثا لولد الميت لكانوا له مماليك وقد قطع بهذا المعنى الذي قلت في كتاب الزكاة فتفهمه كذلك تجده إن شاء الله تعالى. قال الشافعي ولو أوصى له بثلث شيء بعينه فاستحق ثلثاه كان له الثلث الباقي إن احتمله ثلثه ولو أوصى بثلثه للمساكين نظر إلى ماله فقسم ثلثه في ذلك البلد وكذلك لو أوصى لغازين في سبيل الله فهم الذين من البلد الذي به ماله ولو أوصى له فقبل أو رد قبل موت الموصي كان له قبوله ورده بعد موته وسواء أوصى له بأبيه أو غيره ولو أوصى له بدار كانت له وما ثبت فيها من أبوابها وغيرها دون ما فيها ولو انهدمت في حياة الموصي كانت له إلا ما انهدم منها فصار غير ثابت فيها. قال: ويجوز نكاح المريض. وقال في الإملاء: يلحق الميت من فعل غيره ثلاث حج يؤدي ومال يتصدق به عنه أو دين يقضى ودعاء. أجاز النبي  الحج عن الميت وندب الله تعالى إلى الدعاء وأمر به رسوله عليه الصلاة والسلام فإذا جاز له الحج حيا جاز له ميتا وكذلك ما تطوع به عنه من صدقة. وقال في كتاب آخر: ولو أوصى له ولمن لا يحصي بثلثه فالقياس أنه كأحدهم. 
قال الشافعي رحمه الله: ولو قال ثلثي لقرابتي أو لذوي وأرحمي لأرحامي فسواء من قبل الأم وأقربهم وأبعدهم وأغناهم وأفقرهم سواء لأنهم أعطوا باسم القرابة كما أعطى من شهد القتال باسم الحضور وإن كان من قبيلة من قريش أعطى بقرابته المعروفة عند العامة فينظر إلى القبيلة التي ينسب إليها فيقال: من بني عبد مناف ثم يقال وقد تفترق بنو عبد مناف فمن أيهم قيل: من بني عبد يزيد بن هاشم بن المطلب. فإن قيل: أفيتميز هؤلاء قيل: نعم هم قبائل فإن قيل: 
 

صفحة : 3330

 فمن أيهم قيل: من بني عبيد بن عبد يزيد. فإن قيل: أفيتميز هؤلاء. قيل: نعم بنو السائب بن عبيد بن عبد يزيد. فإن قيل: أفيتميز هؤلاء قيل: نعم بنو شافع وبنو علي وبنو عباس أو عياش - شك المزني - وكل هؤلاء بنو السائب. فإن قيل: أيتميز هؤلاء قيل: نعم كل بطن من هؤلاء يتميز عن صاحبه فإذا كان من آل شافع قيل لقرابته هم آل شافع دون آل علي والعباس لأن كل هؤلاء متميز ظاهر ولو قال: لأقربهم بي رحما أعطى أقربهم بأبيه وأمه سواء وأيهم جمع قرابة الأب والأم كان أقرب ممن انفرد بأب أو أم فإن كان أخ وجد كان للأخ في قول من جعله أولى بولاء الموالي. 

باب ما يكون رجوعا في الوصية 
قال الشافعي وإذا أوصى لرجل بعبد بعينه ثم أوصى به لآخر فهو بينهما نصفان ولو قال: العبد الذي أوصيت به لفلان لفلان أو قد أوصيت بالذي أوصيت به لفلان لفلان كان هذا رجوعا عن الأول إلى الآخر ولو أوصى أن يباع أو دبره أو وهب كان هذا رجوعا ولو أجره أو علمه أو زوجه لم يكن رجوعا ولو كان الموصي به قمحا فخلطه بقمح أو طحنه دقيقا أو دقيقا فصيره عجينا كان أيضا رجوعا ولو أوصى له بمكيلة حنطة مما في بيته ثم خلطها بمثلها لم يكن رجوعا وكانت له المكيلة بحالها. 

ID ' '   العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر 

 كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . 

 صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا 

 يتوقف فيه إلا جاهل غبي. 

 والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه 

 الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن 

 يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما 

 سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. 

 وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله 

 ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت 

 جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت 

 

صفحة : 3331


باب المرض الذي تجوز فيه العطية 
ولا تجوز والمخوف غير المرض قال الشافعي رحمه الله: كل مرض كان الأغلب فيه أن الموت مخوف عليه فعطيته إن مات في حكم الوصايا وإلا فهو كالصحيح ومن المخوف منه إذا كانت حمى بدأت بصاحبها ثم إذا تطاولت فهو مخوف إلا الربع فإنها إذا استمرت بصاحبها ربعا فغير مخوفة وإن كان معها وجع كان مخوفا وذلك مثل البرسام أو الرعاف الدائم أو ذات الجنب أو الخاصرة أو القولنج ونحوه لهو مخوف وإن سهل بطنه يوما أو اثنين وتأتى منه الدم عند الخلاء لم يكن مخوفا فإن استمر به بعد يومين حتى يعجله أو يمنعه النوم أو يكون البطن متحرقا فهو مخوف فإن لم يكن متحرقا ومعه زحير أو تقطيع فهو مخوف وإذا أشكل سئل عنه أهل البصر ومن ساوره الدم حتى تغير عقله أو المرار أو البلغم كان مخوفا فإن استمر به فالج فالأغلب إذا تطاول به أنه غير مخوف والسل غير مخوف والطاعون مخوف حتى يذهب ومن أنفدته الجراح فمخوف فإن لم تصل إلى مقتل ولم تكن في موضع لحم ولم يغلبه لها وجع ولا ضربان ولم يأتكل ويرم فغير مخوف وإذا التحمت الحرب فمخوف فإن كان في أيدي مشركين يقتلون الأسرى فمخوف. وقال في الإملاء: إذا قدم من عليه قصاص غير مخوف ما لم يجرحوا لأنه يمكن أن يتركوا فيحيوا. قال المزني: الأول أشبه بقوله وقد يمكن أن يسلم من التحام الحرب ومن كل مرض مخوف. قال: وإذا ضرب الحامل الطلق فهو مخوف لأنه كالتلف وأشد وجعا والله تعالى أعلم. 

ID ' '   عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها 

 هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت 

 خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها 

 فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر 

 على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. 

 ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه 

 والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب 

 الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف 

 ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه 

 

صفحة : 3332


باب الأوصياء 
قال الشافعي رحمه الله: ولا تجوز الوصية إلا إلى بالغ مسلم حر عدل أو امرأة كذلك فإن تغيرت حاله أخرجت الوصية من يده وضم إليه إذا كان ضعيفا أمين معه فإن أوصى إلى غير ثقة فقد أخطأ على غيره فلا يجوز ذلك ولو أوصى إلى رجلين فمات أحدهما أو تغير أبدل مكانه آخر فإن اختلفا قسم بينهما ما كان ينقسم وجعل في أيديهما نصفين وأمرا بالاحتفاظ بما لا ينقسم وليس للوصي أن يوصي بما أوصى به إليه لأن الميت لم يرض الموصى إليه الآخر. ولو قال: فإن حدث بوصي حدث فقد أوصيت إلى من أوصى إليه لم يجز لأنه إنما أوصى بمال غيره. 
وقال في كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى: إن ذلك جائز إذا قال قد أوصيت إليك بتركة فلان. قال المزني: رحمه الله: وقوله هذا يوافق قول الكوفيين والمدنيين والذي قبله أشبه بقوله. 
قال الشافعي ولا ولاية للوصي في إنكاح بنات الميت. 

ما يجوز للوصي أن يصنعه في أموال اليتامى 
قال الشافعي رحمه الله: ويخرج الوصي من مال اليتيم كل ما لزمه من زكاة ماله وجنايته وما لا غناء به عنه من نفقته وكسوته بالمعروف وإذا بلغ الحلم ولم يرشد زوجه وإن احتاج إلى خادم ومثله يخدم اشترى له ولا يجمع له امرأتين ولا جاريتين للوطء وإن اتسع ماله لأنه لا ضيق في جارية للوطء فإن أكثر الطلاق لم يزوج وسري والعتق مردود عليه. قال المزني رحمه الله: هذا آخر ما وصفت من هذا الكتاب أنه وضعه بخطه لا أعلم أحدا سمعه منه وسمعته يقول: لو قال أعطوه كذا وكذا من دنانيري أعطي دينارين ولو لم يقل من دنانيري أعطوه ما شاؤوا اثنين. 
قال الشافعي رحمه الله: وإذا أودع رجل وديعة فأراد سفرا فلم يثق بأحد يجعلها عنده فسافر بها برا أو بحرا ضمن وإن دفنها في منزله ولم يعلم بها أحدا يأتمنه على ماله فهلكت ضمن وإذا أودعها غيره وصاحبها حاضر عند سفره ضمن فإن لم يكن حاضرا فأودعها أمينا يودعه ماله لم يضمن وإن تعدى فيها ثم ردها في موضعها فهلكت ضمن لخروجه بالتعدي من الأمانة. ولو أودع عشرة دراهم فأنفق منها درهما ثم رده فيها ضمن الدرهم ولو أودعه دابة وأمره بعلفها وسقيها فأمر من فعل ذلك بها في داره كما يفعل بدوابه لم يضمن وإن بعثها إلى غير داره وهي تسقى في داره ضمن وإن لم يأمره بعلفها ولا بسقيها ولم ينهه فحبسها مدة إذا أتت على مثلها لم تأكل ولم تشرب هلكت ضمن وإن لم تكن كذلك فتلفت لم يضمن وينبغي أن يأتي الحاكم حتى 
 

صفحة : 3333

 يوكل من يقبض منه النفقة عليها ويكون دينا على ربها أو يبيعها فإن أنفق على غير ذلك فهو متطوع ولو أوصى المودع إلى أمين لم يضمن فإن كان غير أمين ضمن فإن انتقل من قرية آهلة إلى غير آهلة ضمن وإن شرط أن لا يخرجها من هذا الموضع فأخرجها من غير ضرورة ضمن فإن كان ضرورة وأخرجها إلى حرز لم يضمن ولو قال المودع: أخرجتها لما غشيتني النار فإن علم أنه قد كان في تلك الناحية نار أو أثر يدل فالقول قوله مع يمينه. ولو قال: دفعتها إلى فلان بأمرك فالقول قول المودع. ولو قال: دفعتها إليك فالقول قول المودع. ولو حولها من خريطة إلى أحرز أو مثل حرزها لم يضمن فإن لم يكن حرزا لها ضمن ولو أكرهه رجل على أخذها لم يضمن ولو شرط أن لا يرقد على صندوق هي فيه فرقد عليه كان قد زاده حرزا. ولو قال: لم تودعني شيئا ثم قال: قد كنت استودعتنيه فهلك ضمن وإن شرط أن يربطها في كمه فأمسكها بيده فتلفت لم يضمن ويده أحرز وإذا هلك وعنده وديعة بعينها فهي لربها وإن كانت بغير عينها مثل دنانير أو ما لا يعرف بعينه حاص رب الوديعة الغرماء ولو ادعى رجلان الوديعة مثل عبد أو بعير فقال هي لأحدكما ولا أدري أيكما هو قيل لهما هل تدعيان شيئا غير هذا بعينه فإن قالا: لا أحلف المودع بالله ما يدري أيهما هو ووقف ذلك لهما جميعا حتى يصطلحا فيه أو يقيم أحدهما بينة وأيهما حلف مع نكول صاحبه كان له. 

ID ' '   أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن 

 ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. 

 وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو 

 ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة 

 للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب 

 غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال 

 وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع 

 سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ 

 الحديث. 

 وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة 

 أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. 

 

صفحة : 3334


مختصر من كتاب قسم الفيء وقسم الغنائم 
قال الشافعي رحمه الله: أصل ما يقوم به الولاة من جمل المال ثلاثة وجوه أحدها: ما أخذ من مال مسلم تطهيرا له فذلك لأهل الصدقات لا لأهل الفيء. والوجهان الآخران ما أخذ من مال مشرك كلاهما مبين في كتاب الله تعالى وسنة رسوله  وفعله فأحدهما الغنيمة. قال تبارك وتعالى:  واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول  الآية. 
والوجه الثاني: هو الفيء قال الله تعالى:  ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى  الآية. قال الشافعي رحمه الله: فالغنيمة والفيء يجتمعان في أن فيهما معا الخمس من جميعهما لمن سماه الله تعالى له في الآيتين معا سواء ثم تفترق الأحكام في الأربعة الأخماس بما بين الله تبارك وتعالى على لسان رسوله  وفي فعله فإنه قسم أربعة أخماس الغنيمة على ما وصفت من قسم الغنيمة وهي الموجف عليها بالخيل والركاب لمن حضر من غني وفقير والفيء هو ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فكانت سنة رسول الله  في قرى عرينة أفاءها الله عليه أربعة أخماسها لرسول الله  خاصة دون المسلمين يضعه حيث أراه الله تعالى. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث اختصم إليه العباس وعلي رضي الله عنهما في أموال النبي : كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب فكانت لرسول الله  خاصة دون المسلمين فكان ينفق منها على أهله نفقة سنة فما فضل جعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله ثم توفى رسول الله  فوليها أبو بكر بمثال ما وليها به رسول الله  ثم وليها عمر بمثل ما وليها به رسول الله  وأبو بكر فوليتكماها على أن تعملا فيها بمثل ذلك فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي أكفيكماها. قال الشافعي وفي ذلك دلالة على أن عمر رضي الله عنه حكى أن أبا بكر وهو أمضيا ما بقي من هذه الأموال التي كانت بيد رسول الله  على ما رأيا رسول الله  يعمل به فيها وأنه لم يكن لهما مما لم يوجف عليه من الفيء ما للنبي  وأنهما فيه أسوة المسلمين وكذلك سيرتهما وسيرة من بعدهما وقد مضى من كان ينفق عليه رسول الله  ولم أعلم أحدا من أهل العلم قال إن ذلك لورثتهم ولا خالف في أن تجعل تلك النفقات حيث كان رسول الله  
 

صفحة : 3335

 يجعل فضول غلات تلك الأموال فيما فيه صلاح للإسلام وأهله. قال رسول الله :  لا يقتسمن ورثتي دينارا ما تركت بعد نفقة أهلي ومؤنة عاملي فهو صدقة  . قال: فما صار في أيدي المسلمين من فيء لم يوجف عليه فخمسه حيث قسمه رسول الله  وأربعة أخماسه على ما سأبينه وكذلك ما أخذ من مشرك من جزية وصلح عن أرضهم أو أخذ من أموالهم إذا اختلفوا في بلاد المسلمين أو مات منهم ميت لا وارث له أو ما أشبه هذا مما أخذه الولاة من المشركين فالخمس فيه ثابت على من قسمه الله له من أهل الخمس الموجف عليه من الغنيمة وهذا هو المسمى في كتاب الله تبارك وتعالى الفيء. وفتح في زمان رسول الله  فتوح من قرى عرينة وعدها الله رسوله قبل فتحها فأمضاها النبي  لمن سماها الله له ولم يحبس منها ما حبس من القرى التي كانت له . ومعنى قول عمر لرسول الله  خاصة يريد ما كان يكون للموجفين وذلك أربعة أخماس فاستدللنا بذلك أن خمس ذلك كخمس ما أوجف عليه لأهله وجملة الفيء ما رده الله على أهل دينه من مال من خالف دينه. 

باب الأنفال 
قال الشافعي رحمه الله: ولا يخرج من رأس الغنيمة قبل الخمس شيء غير السلب للقاتل. قال أبو قتادة رضي الله عنه: خرجنا مع رسول الله  عام حنين قال: فلما التقينا كانت للمسلمين جولة فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين قال: فاستدرت له حتى أتيته من ورائه فضربته على حبل عاتقه ضربة فأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ثم أدركه الموت فأرسلني فلحقت عمر فقال: ما بال الناس قلت: أمر الله ثم إن الناس رجعوا فقال رسول الله :  من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه  . فقمت فقلت: من يشهد لي ثم جلست يقول وأقول ثلاث مرات. فقال :  ما لك يا أبا قتادة  فاقتصصت عليه القصة. فقال رجل من القوم: صدق يا رسول الله وسلب ذلك القتيل عندي فأرضه منه. فقال أبو بكر رضي الله عنه: لاها الله إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله تعالى يقاتل عن الله وعن رسوله فيعطيك سلبه. فقال رسول الله :  صدق فأعطه إياه  فأعطانيه فبعت الدرع وابتعت به مخرفا في بني سلمة فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام. وروي أن شبر بن علقمة قال: بارزت رجلا يوم القادسية فبلغ سلبه 
 

صفحة : 3336

 اثني عشر ألفا فنفلنيه سعد. قال الشافعي رحمه الله: فالذي لا أشك فيه أن يعطى السلب من قتل مشركا مقبلا مقاتلا من أي جهة قتله مبارزا أو غير مبارز وقد أعطى النبي  سلب مرحب من قتله مبارزا وأبو قتادة غير مبارز ولكن المقتولين مقبلان ولقتلهما مقبلين والحرب قائمة مؤنة ليست له إذا انهزموا أو انهزم المقتول. وفي حديث أبي قتادة رضي الله عنه ما دل على أن النبي  قال:  من قتل قتيلا له عليه بينة  يوم حنين بعد ما قتل أبو قتادة الرجل فأعطاه النبي  ذلك حكم عندنا. قال الشافعي ولو ضربه ضربة فقد يديه أو رجليه ثم قتله آخر فإن سلبه للأول وإن ضربه ضربة وهو ممتنع فقتله آخر كان سلبه للآخر ولو قتله اثنان كان سلبه بينهما نصفين. والسلب الذي يكون للقاتل كل ثوب يكون عليه وسلاحه ومنطقته وفرسه إن كان راكبه أو ممسكه وكل ما أخذ من يده. قال الشافعي رحمه الله: والنفل من وجه آخر نفل رسول الله  من غنيمة قبل نجد بعيرا بعيرا. وقال سعيد بن المسيب: كانوا يعطون النفل من الخمس. قال الشافعي رحمه الله: نفلهم النبي  من خمسة كما كان يصنع بسائر ماله فيما فيه صلاح المسلمين وما سوى سهم النبي  من جميع الخمس لمن سماه الله تعالى فينبغي للإمام أن يجتهد إذا كثر العدو واشتدت شوكته وقل من بإزائه من المسلمين فينفل منه اتباعا لسنة رسول الله  وإلا لم يفعل. وقد روي في النفل في البداءة والرجعة الثلث في واحدة والربع في الأخرى. وروى ابن عمر أنه نفل نصف السدس. وهذا يدل على أنه ليس للنفل حد لا يجاوزه الإمام ولكن على الاجتهاد. 

ID ' '   هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة 

 القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال 

 تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون 

 خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م 

 ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: 

 (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية 

 والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: 

 (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل 

 

صفحة : 3337


باب تفريق القسم 
قال الشافعي رحمه الله: كل ما حصل مما غنم من أهل دار الحرب من شيء قل أو كثر من دار أو أرض أو غير ذلك قسم إلا الرجال البالغين فالإمام فيهم مخير بين أن يمن أو يقتل أو يفادي أو يسبي وسبيل ما سبى أو أخذ منهم من شيء على إطلاقهم سبيل الغنيمة. وفادى رسول الله  رجلا برجلين وينبغي للإمام أن يعزل خمس ما حصل بعد ما وصفنا كاملا ويقر أربعة أخماسه لأهلها ثم يحسب من حضر القتال من الرجال المسلمين البالغين ويرضخ من ذلك لمن حضر من أهل الذمة وغير البالغين من المسلمين والنساء فينفلهم شيئا لحضورهم ويرضخ لمن قاتل أكثر من غيره وقد قيل: يرضخ لهم من الجميع ثم يعرف عدد الفرسان والرجالة الذين حضروا القتال فيضرب كما ضرب رسول الله  للفرس سهمين وللفارس سهما وللراجل سهما وليس يملك الفرس شيئا إنما يملكه صاحبه لما تكلف من اتخاذه واحتمل من مؤنته وندب الله تعالى إلى اتخاذه لعدوه ومن حضر بفرسين فأكثر لم يعط إلا لواحد لأنه لا يلقى إلا بواحد ولو أسهم لاثنين لأسهم لأكثر ولا يسهم لراكب دابة غير دابة الخيل وينبغي للإمام أن يتعاهد الخيل فلا يدخل إلا شديدا ولا يدخل حطما ولا قحما ضعيفا ولا ضرعا. قال المزني رحمه الله: القدم الكبير والضرع الصغير ولا أعجف رازحا وإن أغفل فدخل رجل على واحدة منها فقد قيل لا يسهم له لأنه لا يغني غناء الخيل التي يسهم لها ولا أعلمه أسهم فيما مضى على مثل هذه وإنما يسهم للفرس إذا حضر صاحبه شيئا من الحرب فارسا فأما إذا كان فارسا إذا دخل بلاد العدو ثم مات فرسه أو كان فارسا بعد انقطاع الحرب وجمع الغنيمة فلا يضرب له ولو جاز أن يسهم له لأنه ثبت في الديوان حين دخل لكان صاحبه إذا دخل ثبت في الديوان ثم مات قبل الغنيمة أحق أن يسهم له ولو دخل يريد الجهاد فمرض ولم يقاتل أسهم له ولو كان لرجل أجير يريد الجهاد فقد قيل يسهم له وقيل يخير بين أن يسهم له وتطرح الإجارة أو الإجارة ولا يسهم له وقيل: يرضخ له. قال: ولو أفلت إليهم أسير قبل تحرز الغنيمة فقد قيل يسهم له وقيل: لا يسهم له إلا أن يكون قتال فيقاتل فأرى أن يسهم له. ولو دخل تجار فقاتلوا لم أر بأسا أن يسهم لهم وقيل: لا يسهم لهم. ولو جاءهم مدد قبل أن تنقضي الحرب فحضروا منها شيئا قل أو كثر شركوهم في الغنيمة فإن انقضت الحرب ولم يكن للغنيمة مانع لم يشركوهم. ولو أن قائدا فرق جنده في وجهين فغنمت إحدى الفرقتين أو غنم 
 

صفحة : 3338

 العسكر ولم تغنم واحدة منهما شركوهم لأنهم جيش واحد وكلهم رد لصاحبه قد مضت خيل المسلمين فغنموا بأوطاس غنائم كثيرة وأكثر العساكر بحنين فشركوهم وهم مع رسول الله  ولكن لو كان قوم مقيمين ببلادهم فخرجت منهم طائفة فغنموا لم يشركوهم وإن كانوا منهم قريبا لأن السرايا كانت تخرج من المدينة فتغنم فلا يشركهم أهل المدينة ولو أن إماما بعث جيشين على كل واحد منهما قائد وأمر كل واحد منهما أن يتوجه ناحية غير ناحية صاحبه من بلاد عدوهم فغنم أحد الجيشين لم يشركهم الآخرون فإذا اجتمعوا فغنموا مجتمعين فهم كجيش واحد. 

باب تفريق الخمس 
قال الشافعي رحمه الله: قال الله تعالى:  واعلموا أنما غنمتم من شيء  الآية. وروي أن جبير بن مطعم قال: إن رسول الله  لما قسم سهم ذي القربى بين بني هاشم وبني المطلب أتيته أنا وعثمان بن عفان رضي الله عنه فقلنا: يا رسول الله هؤلاء إخواننا من بني هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله منهم أرأيت إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وتركتنا وإنما قرابتنا وقرابتهم واحدة فقال رسول الله :  إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد هكذا وشبك بين أصابعه  . وروى جبير بن مطعم أن رسول الله  لم يعط بني عبد شمس ولا بني نوفل من ذلك شيئا. قال الشافعي فيعطى سهم ذي القربى في ذي القربى حيث كانوا ولا يفضل أحد على أحد حضر القتال أو لم يحضر إلا سهمه في الغنيمة كسهم العامة ولا فقير على غني ويعطى الرجل سهمين والمرأة سهما لأنهم أعطوا باسم القرابة فإن قيل: فقد أعطى  بعضهم مائة وسق وبعضهم أقل. قيل: لأن بعضهم كان ذا ولد فإذا أعطاه حظه وحظ غيره فقد أعطاه أكثر من غيره والدلالة على صحة ما حكيت من التسوية أن كل من لقيت من علماء أصحابنا لم يختلفوا في ذلك وإن باسم القرابة أعطوا وإن حديث جبير بن مطعم أن رسول الله  قسم سهم ذي القربى بين بني هاشم وبني المطلب. قال الشافعي رحمه الله: ويفرق ثلاثة أخماس الخمس على من سمى الله تعالى على اليتامى والمساكين وابن السبيل في بلاد الإسلام يحصون ثم يوزع بينهم لكل صنف منهم سهمه لا يعطى لأحد منهم سهم صاحبه فقد مضى رسول الله  - بأبي هو وأمي - فاختلف أهل العلم عندنا في سهمه فمنهم من قال: يرد 
 

صفحة : 3339

 على أهل السهان الذين ذكرهم الله تعالى معه لأني رأيت المسلمين قالوا فيمن سمى له سهم من الصدقات فلم يوجد رد على من سمى معه وهذا مذهب يحسن. ومنهم من قال: يضعه الإمام حيث رأى على الاجتهاد للإسلام وأهله. ومنهم من قال: يضعه في الكراع والسلاح. والذي اختار أن يضعه الإمام في كل أمر حصن به الإسلام وأهله من سد ثغر أو إعداد كراع أو سلاح أو إعطاء أهل البلاء في الإسلام نفلا عند الحرب وغير الحرب إعدادا للزيادة في تعزيز الإسلام وأهله على ما صنع فيه رسول الله  فإنه أعطى المؤلفة ونفل في الحرب وأعطى عام حنين نفرا من أصحابه من المهاجرين والأنصار أهل حاجة وفضل وأكثرهم أهل حاجة ونرى ذلك كله من سهمه والله أعلم. ومما احتج به الشافعي في ذوي القربى أن روى حديثا عن ابن أبي ليلى قال: لقيت عليا رضي الله عنه فقلت له: بأبي وأمي ما فعل أبو بكر وعمر في حقكم أهل البيت من الخمس فقال علي: أما أبو بكر رحمه الله فلم يكن في زمانه أخماس وما كان فقد أوفاناه وأما عمر فلم يزل يعطيناه حتى جاءه مال السوس والأهواز - أو قال - مال فارس. الشافعي يشك. وقال عمر في حديث مطر أو حديث آخر: إن في المسلمين خلة فإن أحببتم تركتم حقكم فجعلناه في خلة المسلمين حتى يأتينا مال فأوفيكم حقكم منه. 
فقال العباس: لا تطعمه في حقنا. فقلت: يا أبا الفضل ألسنا من أحق من أجاب أمير المؤمنين ورفع خلة المسلمين فتوفى عمر قبل أن يأتيه مال فيقضيناه وقال الحكم في حديث مطر أو الآخر: إن عمر رضي الله عنه قال لكم حقا ولا يبلغ علمي إذ كثر أن يكون لكم كله فإن شئتم أعطيتكم منه بقدر ما أرى لكم فأبينا عليه إلا كله فأبى أن يعطينا كله. قال الشافعي رحمه الله: للمنازع في سهم في القربى: أليس مذهب العلماء في القديم والحديث أن الشيء إذا كان منصوبا في كتاب الله مبينا على لسان نبيه  أو فعله أن عليهم قبوله وقد ثبت سهمهم في آيتين من كتاب الله تعالى وفي فعل رسول الله  بخبر الثقة لا معارض له في إعطاء النبي  غنيا لا دين عليه في إعطائه العباس بن عبد المطلب وهو في كثرة ماله يعول عامة بني المطلب دليل على أنهم استحقوا بالقرابة لا بالحاجة كما أعطى الغنيمة من حضرها لا بالحاجة وكذلك من استحق الميراث بالقرابة لا بالحاجة. وكيف جاز لك أن تريد إبطال اليمين مع الشاهد بأن تقول هي بخلاف ظاهر القرآن وليست مخالفة له ثم تجد سهم ذي القربى منصوصا في آيتين من كتاب الله تعالى ومعهما سنة رسول الله صلى الله 
 

صفحة : 3340

 عليه وسلم فترده أرأيت لو عارضك معارض فأثبت سهم في القربى وأسقط اليتامى والمساكين وابن السبيل ما حجتك عليه إلا كهي عليك. 

تفريق ما أخذ من أربعة أخماس الفيء غير الموجف عليه 
قال الشافعي رحمه الله: وينبغي للوالي أن يحصي جميع من في البلدان من المقاتلة وهم من قد احتلم أو استكمل خمس عشرة سنة من الرجال ويحصي الذرية وهم من دون المحتلم دون خمس عشرة سنة والنساء صغيرهم وكبيرهم ويعرف قدر نفقاتهم وما يحتاجون إليه من مؤناتهم بقدر معاش مثلهم في بلدانهم ثم يعطي المقاتلة في كل عام عطاءهم والذرية والنساء ما يكفيهم لسنتهم في كسوتهم ونفقاتهم طعاما أو قيمته دراهم أو دنانير يعطي المنفوس شيئا ثم يزاد كلما كبر على قدر مؤنته وهذا يستوي لأنهم يعطون الكفاية ويختلف في مبلغ العطاء باختلاف أسعار البلدان وحالات الناس فيها فإن المؤنة في بعض البلدان أثقل منها في بعض ولا أعلم أصحابنا اختلفوا في أن العطاء للمقاتلة حيث كانت إنما يكون من الفيء. وقالوا: لا بأس أن يعطى الرجل لنفسه أكثر من كفايته وذلك أن عمر رضي الله عنه بلغ في العطاء خمسة آلاف وهي أكثر من كفاية الرجل لنفسه. ومنهم من قال: خمسة آلاف بالمدينة ويغزو إذا غزى ولست بأكثر من الكفاية إذا غزا عليها لبعد المغزى. قال الشافعي وهذا كالكفاية على أنه يغزو وإن لم يغزو في كل سنة. قال: ولم يختلف أحد لقيته في أن ليس للمماليك في العطاء حق ولا الأعراب الذين هم أهل الصدقة واختلفوا في التفضيل على السابقة والنسب فمنهم من قال: أسوي بين الناس فإن أبا بكر رضي الله عنه حين قال له عمر أتجعل للذين جاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم وهجروا ديارهم كمن دخل في الإسلام كرها فقال أبو بكر: إنما عملوا لله وإنما أجورهم على الله وإنما الدنيا بلاغ. وسوى علي بن أبي طالب رضي الله عنه بين الناس ولم يفضل. قال الشافعي رحمه الله: وهذا الذي أختاره وأسأل الله التوفيق وذلك أني رأيت الله تعالى قسم المواريث على العدد فسوى فقد تكون الإخوة متفاضلي الغناء عن الميت في الصلة في الحياة والحفظ بعد الموت ورأيت رسول الله  قسم لمن حضر الوقعة من الأربعة الأخماس على العدد فسوى ومنهم من يغني غاية الغناء ويكون الفتوح على يديه ومنهم من يكون محضره إما غير نافع وإما ضارا بالجبن والهزيمة فلما وجدت الكتاب والسنة على التسوية كما وصفت كانت التسوية أولى من التفضيل على النسب أو السابقة ولو وجدت 
 

صفحة : 3341

 الدلالة على التفضيل أرجح بكتاب أو سنة كنت إلى التفضيل بالدلالة مع الهوى أسرع. قال الشافعي وإذا قرب القوم من الجهاد ورخصت أسعارهم أعطوا أقل ما يعطى من بعدت داره وغلا سعره وهذا وإن تفاضل عدد العطية تسوية على معنى ما يلزم كل واحد من الفريقين في الجهاد إذا أراده وعليهم أن يغزوا إذا غزوا ويرى الإمام في إغزائهم رأيه فإن استغنى مجاهده بعدد وكثرة من قربه أغزاهم إلى أقرب المواضع من مجاهدهم. واختلف أصحابنا في إعطاء الذرية ونساء أهل الفيء فمنهم من قال: يعطون وأحسب من حجتهم فإن لم يفعل فمؤنتهم تلزم رجالهم فلم يعطهم الكفاية فيعطيهم كمال الكفاية. ومنهم من قال: إذا أعطوا ولم يقاتلوا فليسوا بذلك أولى من ذرية الأعراب ونسائهم ورجالهم الذين لا يعطون من الفيء. قال الشافعي حدثني سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ما أحد إلا وله في هذا المال حق إلا ما ملكت أيمانكم أعطيه أو منعه. قال الشافعي وهذا الحديث يحتمل معاني منها أن نقول: ليس أحد بمعنى حاجة من الصدقة أو بمعنى أنه من أهل الفيء الذين يغزون إلا وله في مال الفيء أو الصدقة حق وكان هذا أولى معانيه به. فإن قيل: ما دل على هذا قيل: قول رسول الله  في الصدقة:  لا حظ فيها لغني ولا لذي مرة مكتسب  . والذي أحفظ عن أهل العلم أن الأعراب لا يعطون من الفيء. قال: وقد روينا عن ابن عباس رضي الله عنهما أن أهل الفيء كانوا في زمان رسول الله  بمعزل عن الصدقة وأهل الصدقة بمعزل عن أهل الفيء. 
قال الشافعي والعطاء الواجب في الفيء لا يكون إلا لبالغ يطيق مثله القتال. قال ابن عمر رضي الله عنهما: عرضت على رسول الله  عام أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فردني وعرضت عليه يوم الخندق وأن ابن خمس عشرة سنة فأجازني. وقال عمر بن عبد العزيز: هذا فرق بين المقاتلة والذرية. قال الشافعي فإن كملها أعمى لا يقدر على القتال أبدا أو منقوص الخلق لا يقدر على القتال أبدا لم يفرض له فرض المقاتلة وأعطى على كفاية المقام وهو شبيه بالذرية فإن فرض لصحيح ثم زمن خرج من المقاتلة وإن مرض طويلا يرجى أعطي كالمقاتلة. قال: ويخرج العطاء للمقاتلة كل عام في وقت من الأوقات والذرية على ذلك الوقت وإذا صار مال الفيء إلى الوالي ثم مات ميت قبل أن يأخذ عطاءه أعطيه ورثته فإن مات قبل أن يصير إليه مال ذلك العام لم يعطه ورثته. قال: وإن فضل من الفيء شيء بعد ما وصفت من 
 

صفحة : 3342

 إعطاء العطايا وضعه الإمام في إصلاح الحصون والازدياد في السلاح والكراع وكل ما قوي به المسلمون فإن استغنوا عنه وكملت كل مصلحة لهم فرق ما يبقى منه بينهم على قدر ما يستحقون في ذلك المال. قال الشافعي وإن ضاق عن مبلغ العطاء فرقه بينهم بالغا ما بلغ لم يحبس عنهم منه شيء. قال: ويعطى من الفيء رزق الحكام وولاة الأحداث والصلاة لأهل الفيء وكل من قام بأمر أهل الفيء من وال وكاتب وجندي ممن لا غناء لأهل الفيء عنه رزق مثله فإن وجد من يغني غناءه وكان أمينا بأقل لم يزد أحدا على أقل ما يجد لأن منزلة الوالي من رعيته منزلة والي اليتيم من ماله لا يعطى منه عن الغناء لليتيم إلا أقل ما يقدر عليه ومن ولي على أهل الصدقات كل رزقه مما يؤخذ منها لا يعطى من الفيء عليها كما لا يعطى من الصدقات على الفيء. قال: واختلف أصحابنا وغيرهم في قسم الفيء وذهبوا مذاهب لا أحفظ عنهم تفسيرها ولا أحفظ أيهم قال ما أحكي من القول دون من خالفه وسأحكي ما حضرني من معاني كل من قال في الفيء شيئا فمنهم من قال: هذا المال لله تعالى دل على من يعطاه فإذا اجتهد الوالي ففرقه في جميع من سمى له على قدر ما يرى من استحقاقهم بالحاجة إليه وإن فضل بعضهم على بعض في العطاء فذلك تسوية إذا كان ما يعطى كل واحد منهم سد خلته ولا يجوز أن يعطي صنفا منهم ويحرم صنفا. ومنهم من قال: إذا اجتمع المال نظر في مصلحة المسلمين فرأى أن يصرف المال إلى بعض الأصناف دون بعض فإن كان الصنف الذي يصرفه إليه لا يستغني عن شيء مما يصرفه إليه وكان أرفق بجماعة المسلمين صرفه وحرم غيره ويشبه قول الذي يقول هذا أنه إن طلب المال صنفان وكان إذا حرمه أحد الصنفين تماسك ولم يدخل عليه خلة مضرة وإن ساوى بينه وبين الصنف الآخر كانت على الصنف الآخر خلة مضرة أعطاه الذين فيهم الخلة المضرة كله. قال: ثم قال بعض من قال: إذا صرف مال الفيء إلى ناحية فسدها وحرم الأخرى ثم جاء مال آخر أعطاها إياه دون الناحية التي سدها فكأنه ذهب إلى أنه إنما عجل أهل الخلة وأخر غيرهم حتى أوفاهم بعد. قال: ولا أعلم أحدا منهم قال: يعطي من يعطى من الصدقات ولا مجاهدا من الفيء. وقال بعض من أحفظ عنه: وإن أصابت أهل الصدقات سنة فهلكت أموالهم أنفق عليهم من الفيء فإذا استغنوا عنه منعوا الفيء. ومنهم من قال: في مال الصدقات هذا القول يرد بعض مال أهل الصدقات. قال الشافعي رحمه الله: والذي أقول به وأحفظ عمن أرضى ممن سمعت أن لا يؤخر المال إذا اجتمع 
 

صفحة : 3343

 ولكن يقسم فإن كانت نازلة من عدو وجب على المسلمين القيام بها وإن غشيهم عدو في دارهم وجب النفير على جميع من غشيه أهل الفيء وغيرهم. قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا غير واحد من أهل العلم أنه لما قدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه مال أصيب بالعراق فقال له صاحب بيت المال: ألا ندخله بيت المال قال: لا ورب الكعبة لا يأوي تحت سقف بيت حتى أقسمه. فأمر به فوضع في المسجد ووضعت عليه الأنطاع وحرسه رجال من المهاجرين والأنصار فما أصبح غدا معه العباس بن عبد المطلب وعبد الرحمن بن عوف آخذا بيد أحدهما - أو أحدهما آخذ بيده - فلما رأوه كشفوا الأنطاع عن الأموال فرأى منظرا لم ير مثله الذهب فيه والياقوت والزبرجد واللؤلؤ يتلألأ فبكى فقال له أحدهما: إنا والله ما هو بيوم بكاء لكنه والله يوم شكر وسرور. فقال: إني والله ما ذهبت حيث ذهبت ولكن والله ما كثر هذا في قوم قط إلا وقع بأسهم بينهم ثم أقبل على القبلة ورفع يديه إلى السماء وقال: اللهم إني أعوذ بك أن أكون مستدرجا فإني أسمعك تقول:  سنستدرجهم من حيث لا يعلمون  . ثم قال: أين سراقة بن جعشم فأتي به أشعر الذراعين دقيقهما فأعطاه سواري كسرى وقال: البسهما ففعل. فقال: قل الله أكبر فقال: الله أكبر. قال: فقل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة بن جعشم أعرابيا من بني مدلج. وإنما ألبسه إياهما لأن النبي  قال لسراقة ونظر إلى ذراعه:  كأني بك وقد لبست سواري كسرى  ولم يجعل له إلا سواريه وجعل يقلب بعض ذلك بعصا ثم قال إن الذي أدى هذا لأمين فقال قائل: أنا أخبرك أنك أمين الله وهم يؤدون إليك ما أديت إلى الله فإذا رتعت رتعوا. قال: صدقت ثم فرقه. قال الشافعي وأخبرنا الثقة من أهل المدينة قال: أنفق عمر رضي الله عنه على أهل الرمادة في مقامهم حتى وقع مطر فترحلوا فخرج عمر رضي الله عنه راكبا إليهم فرسا ينظر إليهم كيف يترحلون فدمعت عيناه فقال رجل من محارب حصفة: أشهد أنها انحسرت عنك ولست بابن أمية. فقال عمر رضي الله عنه: ويلك ذاك لو كنت أنفق عليهم من مالي أو مال الخطاب إنما أنفق عليهم من مال الله عز وجل. 
قال الشافعي رحمه الله: كل مما صولح عليه المشركون بغير قتال خيل ولا ركاب فسبيله سبيل الفيء على قسمه وما كان من ذلك من أرضين ودور فهي وقف للمسلمين يستغل ويقسم عليهم في كل عام كذلك أبدا. قال: وأحسب ما ترك عمر رضي الله عنه من بلاد أهل الشرك هكذا 
 

صفحة : 3344

 أو شيئا استطاب أنفس من ظهر عليه بخيل وركاب فتركوه كما استطاب رسول الله  أنفس أهل سبي هوازن فتركوا حقوقهم. وفي حديث جرير بن عبد الله عن عمر رضي الله عنه أنه عوضه من حقه وعوض امرأته من حقها بميراثها كالدليل على ما قلت. قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى:  إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا  الآية. قال: وروى الزهري أن رسول الله  عرف عام حنين على كل عشرة عريفا. قال: وجعل رسول الله  للمهاجرين شعارا وللأوس شعارا وللخزرج شعارا. 
قال: وعقد رسول الله  الألوية فعقد للقبائل قبيلة فقبيلة حتى جعل في القبيلة ألوية كل لواء لأهله وكل هذا ليتعارف الناس في الحرب وغيرها فتخف المؤنة عليهم باجتماعهم وعلى الوالي كذلك لأن في تفرقهم إذا أريدوا مؤنة عليهم وعلى واليهم فهكذا أحب للوالي أن يضع ديوانه على القبائل ويستظهر على من غاب عنه ومن جهل ممن حضره من أهل الفضل من قبائلهم. قال الشافعي رحمه الله: وأخبرني غير واحد من أهل العلم والصدق من أهل المدينة ومكة من قبائل قريش وكان بعضهم أحسن اقتصاصا للحديث من بعض وقد زاد بعضهم على بعض أن عمر رضي الله عنه لما دون الديوان قال: أبدأ ببني هاشم. ثم قال: حضرت رسول الله  يعطيهم وبني المطلب فإذا كانت السن في الهاشمي قدمه على المطلبي وإذا كانت في المطلبي قدمه على الهاشمي فوضع الديوان على ذلك وأعطاهم عطاء القبيلة الواحدة ثم استوت له بنو عبد شمس ونوفل في قدم النسب فقال عبد شمس إخوة النبي  لأبيه وأمه دون نوفل فقدمهم ثم دعا ببني نوفل يلونهم ثم استوت له عبد العزى وعبد الدار فقال في بني أسد بن عبد العزى أصهار النبي  وفيهم أنهم من المطيبين وقال بعضهم: هم حلف من الفضول وفيهم كان النبي  وقيل ذكر سابقة فقدمهم على بني عبد الدار يلونهم ثم انفردت له زهر فدعاها تتلو عبد الدار ثم استوت له تيم ومخزوم فقال في تيم: إنهم من حلف الفضول والمطيبين وفيهما كان النبي  وقيل ذكر سابقة وقيل ذكر صهرا فقدمهم على مخزوم ثم دعا مخزوما يلونهم ثم استوت له سهم وجمح وعدي بن كعب فقيل: ابدأ بعدي فقال: بل أقر نفسي حيث كنت فإن الإسلام دخل وأمرنا وأمر بني سهم واحد ولكن انظروا بين جمح وسهم. فقيل: قدم بني جمح ثم دعا بني سهم وكان ديوان عدي وسهم مختلطا كالدعوة الواحدة فلما خلصت 
 

صفحة : 3345

 إليه دعوته كبر تكبيرة عالية ثم قال: الحمد لله الذي أوصل إلي حظي من رسول الله  ثم دعا عامر بن لؤي. قال الشافعي: فقال بعضهم: إن أبا عبيدة بن عبد الله بن الجراح الفهري رضي الله عنه لما رأى من تقدم عليه قال: أكل هؤلاء يدعى أمامي فقال: يا أبا عبيدة اصبر كما صبرت أو كلم قومك فمن قدمك منهم على نفسه لم أمنعه فأما أنا وبنو عدي فنقدمك إن أحببت على أنفسنا. قال: فقدم معاوية بعد بني الحارث بن فهر ففصل بهم بين بني عبد مناف وأسد بن عبد العزى وشجر بين بني سهم وعدي شيء في زمان المهدي فافترقوا فأمر المهدي ببني عدي فقدموا على سهم وجمح لسابقة فيهم. قال: فإذا فرغ من قريش بدئت الأنصار على العرب لمكانهم من الإسلام. قال الشافعي الناس عباد الله فأولاهم أن يكون مقدما أقربهم بخيرة الله تعالى لرسالته ومستودع أمانته وخاتم النبيين وخير خلق رب العالمين محمد . قال الشافعي ومن فرض له الوالي من قبائل العرب رأيت أن يقدم الأقرب فالأقرب منهم برسول الله  فإذا استووا قدم أهل السابقة على غير أهل السابقة ممن هو مثلهم في القرابة. 
مختصر كتاب الصدقات من كتابين قديم وجديد قال الشافعي رحمه الله: فرض الله تبارك وتعالى على أهل دينه المسلمين في أموالهم حقا لغيرهم من أهل دينه المسلمين المحتاجين إليه لا يسعهم حبسه عمن أسروا بدفعه إليه أو ولاته ولا يسع الولاة تركه لأهل الأموال لأنهم أمناء على أخذه لأهله ولم نعلم أن رسول الله  أخرها عاما لا يأخذها فيه. وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لو منعوني عناقا مما أعطوا رسول الله  لقاتلتهم عليها. قال: فإذا أخذت صدقة مسلم دعي له بالأجر والبركة مما قال تعالى:  وصل عليهم  أي ادع لهم. قال: والصدقة هي الزكاة والأغلب على أفواه العامة أن للثمر عشرا وللماشية صدقة وللورق زكاة وقد سمى رسول الله  هذا كله صدقة فما أخذ من مسلم من زكاة مال ناض أو ماشية أو زرع أو زكاة فطر أو خمس ركاز أو صدقة معدن أو غيره مما وجب عليه في ماله بكتاب أو سنة أو إجماع عوام المسلمين فمعناه واحد وقسمه واحد وقسم الفيء خلاف هذا فالفيء ما أخذ من مشرك تقوية لأهل دين الله وله موضع غير هذا الموضع وقسم الصدقات كما قال الله تعالى:  إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله 
 

صفحة : 3346

 وابن السبيل  ثم أكدها وشددها فقال:  فريضة من الله  الآية. وهي سهمان ثمانية لا يصرف منها سهم ولا شيء منه عن أهله ما كان من أهله أحد يستحقه ولا يخرج عن بلد وفيه أهله. 
وقال  لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه:  فإن أجابوك فأعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم  . قال الشافعي وترد حصة من لم يوجد من أهل السهمان على من وجد منهم ويجمع أهل السهمان أنهم أهل حاجة إلى مالهم وأسباب حاجتهم مختلفة وكذلك أسباب استحقاقهم معان مختلفة فإذا اجتمعوا فالفقراء الزمنى الضعاف الذين لا حرفة لهم وأهل الحرفة الضعيفة الذين لا تقع في حرفتهم موقعا من حاجتهم ولا يسألون الناس. وقال: وفي الجديد زمنا كان أولى أو غير زمن سائلا أو متعففا. قال الشافعي والمساكين السؤال ومن لا يسأل ممن له حرفة لا تقع منه موقعا ولا تغنيه ولا عياله. وقال في الجديد: سائلا كان أو غير سائل. قال المزني: أشبه بقوله ما قاله في الجديد لأنه قال: لأن أهل هذين السهمين يستحقونهما بمعنى العدم وقد يكون السائل بين من يقل معطيهم وصالح متعفف بين من يبدونه بعطيتهم. قال الشافعي رحمه الله: فإن كان رجل جلد يعلم الوالي أنه صحيح مكتسب يغني عياله أو لا عيال له يغني نفسه بكسبه لم يعطه فإن قال الجلد: لست مكتسبا لما يغنيني ولا يغني عيالي وله عيال وليس عند الوالي يقين ما قال فالقول قوله واحتج بأن رجلين أتيا النبي  فسألاه من الصدقة فقال:  إن شئتما ولا حظ فيها لغني ولا لذي مرة مكتسب  . 
قال الشافعي رأى عليه الصلاة والسلام صحة وجلدا يشبه الاكتساب فأعلمهما أنه لا يصلح لهما مع الاكتساب ولم يعلم أمكتسبان أم لا. فقال:  إن شئتما  بعد أن أعلمتكما أن لا حظ فيها لغني ولا لمكتسب فعلت. قال: والعاملون عليها من ولاه الوالي قبضها ومن لا غنى للوالي عن معونته عليها وأما الخليفة ووالي الإقليم العظيم الذي لا يلي قبض الصدقة وإن كانا من القائمين بالأمر بأخذها فليسا عندنا ممن له فيها حق لأنهما لا يليان أخذها. وشرب عمر رضي الله عنه لبنا فأعجبه فأخبر أنه من نعم الصدقة فأدخل أصبعه فاستقاءه. قال: ويعطي العامل بقدر غنائه من الصدقة وإن كان موسرا لأنه يأخذه على معنى الإجارة. قال: والمؤلفة قلوبهم في متقدم الأخبار ضربان: ضرب مسلمون أشراف مطاعون يجاهدون مع المسلمين فيقوى المسلمون بهم ولا يرون من نياتهم ما يرون من نيات غيرهم فإذا كانوا هكذا فأرى أن يعطوا من سهم رسول الله  وهو خمس الخمس ما يتألفون به سوى سهامهم مع المسلمين وذلك أن الله 
 

صفحة : 3347

 تعالى جعل هذا السهم خالصا لنبيه  فرده في مصلحة المسلمين. واحتج: بأن النبي  أعطى المؤلفة يوم حنين من الخمس مثل عيينة والأقرع وأصحابهما ولم يعط عباس بن مرداس وكان شريفا عظيم الغناء حتى استعتب فأعطاه النبي . قال الشافعي رحمه الله: لما أراد ما أراد القوم احتمل أن يكون دخل على رسول الله  منه شيء حين رغب عما صنع بالمهاجرين والأنصار فأعطاه على معنى ما أعطاهم واحتمل أن يكون رأى أن يعطيه من ماله حيث رأى أن يعطيه لأنه له  خالصا للتقوية بالعطية ولا نرى أن قد وضع من شرفه فإنه  قد أعطى من خمس الخمس النفل وغير النفل لأنه له وأعطى صفوان بن أمية ولم يسلم ولكنه أعاره أداة فقال فيه عند الهزيمة أحسن مما قال بعض من أسلم من أهل مكة عام الفتح وذلك أن الهزيمة كانت في أصحاب النبي  يوم حنين أول النهار فقال له رجل: غلبت هوازن وقتل محمد  فقال صفوان بن أمية: بفيك الحجر فوالله لرب من قريش أحب إلي من رب من هوازن. ثم أسلم قومه من قريش وكان كأنه لا يشك في إسلامه والله تعالى أعلم. قال الشافعي فإذا كان مثل هذا رأيت أن يعطي من سهوم النبي  وهذا أحب إلي للاقتداء بأمره . ولو قال قائل: كان هذا السهم لرسول الله  فكان له أن يضع سهمه حيث يرى فقد فعل هذا مرة وأعطى من سهمه بخيبر رجالا من المهاجرين والأنصار لأنه ماله يضعه حيث رأى ولا يعطي أحدا اليوم على هذا المعنى من الغنيمة ولم يبلغنا أن أحدا من خلفائه أعطى أحدا بعده ولو قيل ليس للمؤلفة في قسم الغنيمة سهم مع أهل السهمان كان مذهبا والله أعلم. قال: وللمؤلفة في قسم الصدقات سهم والذي أحفظ فيه من متقدم الخبر أن عدي بن حاتم جاء إلى أبي بكر الصديق - أحسبه - بثلاثمائة من الإبل من صدقات قومه فأعطاه أبو بكر منها ثلاثين بعيرا وأمره أن يلحق بخالد بن الوليد بمن أطاعه من قومه فجاءه بزهاء ألف رجل وأبلى بلاء حسنا والذي يكاد يعرف القلب بالاستدلال بالأخبار أنه أعطاه إياها من سهم المؤلفة فإما زاده ترغيبا فيما صنع وإما ليتألف به غيره من قومه ممن لم يثق منه بمثل ما يثق به من عدي بن حاتم. قال المزني: فأرى أن يعطي من سهم المؤلفة قلوبهم في مثل هذا المعنى إن نزلت بالمسلمين نازلة - ولن تنزل إن شاء الله تعالى - وذلك أن يكون العدو بموضع منتاط لا يناله الجيش إلا بمؤنة ويكون بإزاء 
 

صفحة : 3348

 قوم من أهل الصدقات فأعان عليهم أهل الصدقات إما بلية فأرى أن يقووا بسهم سبيل الله من الصدقات وإما أن لا يقاتلوا إلا بأن يعطوا سهم المؤلفة أو ما يكفيهم منه وكذا إذا انتاط العدو وكانوا أقوى عليه من قوم من أهل الفيء يوجهون إليه ببعد ديارهم وثقل مؤناتهم ويضعفون عنه فإن لم يكن مثل ما وصفت مما كان في زمن أبي بكر رضي الله عنه من امتناع أكثر العرب بالصدقة على الردة وغيرها لم أر أن يعطي أحد من سهم المؤلفة ولم يبلغني أن عمر ولا عثمان ولا علي رضي الله عنهم أعطوا أحدا تألفا على الإسلام وقد أغنى الله فله الحمد الإسلام عن أن يتألف عليه رجال. وقال في الجديد: لا يعطى مشرك يتألف على الإسلام لأن الله تعالى خول المسلمين أموال المشركين لا المشركين أموال المسلمين وجعل صدقات المسلمين مردودة فيهم. قال: والرقاب المكاتبون من حيز إنما الصدقات والله أعلم ولا يعتق عبد يبتدأ عتقه فيشتري ويعتق. 
والغارمون صنفان: صنف دانوا في مصلحتهم أو معروف وغير معصية ثم عجزوا عن أداء ذلك في العرض والنقد فيعطون في غرمهم لعجزهم فإن كانت لهم عروض يقضون منها ديونهم فهم أغنياء لا يعطون حتى يبرؤوا من الذين ثم لا يبقى لهم ما يكونون به أغنياء. وصنف دانوا في صلاح ذات بين ومعروف ولهم عروضي تحمل حمالاتهم أو عامتها وإن بيعت أضر ذلك بهم وإن لم يفترقوا فيعطى هؤلاء وتوفر عروضهم كما يعطى أهل الحاجة من الغارمين حتى يقضوا سهمهم. واحتج بأن قبيصة بن المخارق قال: تحملت بحمالة فأتيت رسول الله  فسألته فقال:  نؤديها عنك أو نخرجها عنك إذا قدم نعم الصدقة يا قبيصة المسألة حرمت إلا في ثلاث: رجل تحمل بحمالة فحلت له المسألة حتى يؤديها ثم يمسك ورجل أصابته فاقة أو حاجة حتى شهد أو تكلم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه أن به فاقة أو حاجة فحلت له المسألة حتى يصيب سدادا من عيش أو قواما من عيش ثم يمسك ورجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله فحلت له الصدقة حتى يصيب سدادا من عيش أو قواما من عيش ثم يمسك وما سوى ذلك من المسألة فهو سحت  . قال الشافعي رحمه الله: فبهذا قلت في الغارمين وقول النبي :  تحل له المسألة في الفاقة والحاجة  يعني والله أعلم من سهم الفقراء والمساكين لا الغارمين. وقوله:  حتى يصيب سدادا من عيش  يعني والله أعلم أقل اسم الغنا ولقول النبي :  لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة لغاز في سبيل الله أو لعامل عليها أو لغارم أو لرجل اشتراها بماله أو لرجل له جار مسكين فتصدق على المسكين 
 

صفحة : 3349

 فأهدى المسكين للغني  . فبهذا قلت يعطي الغازي والعامل وإن كانا غنيين والغارم في الحمالة على ما أبان عليه السلام لا عاما. ويقبل قول ابن السبيل إنه عاجز عن البلد لأنه غير قوي حتى تعلم قوته بالمال ومن طلب بأنه يغزو أعطي ومن طلب بأنه غارم أو عبد بأنه مكاتب لم يعط إلا ببينة لأن أصل الناس أنهم غير غارمين حتى يعلم غرمهم والعبيد غير مكاتبين حتى تعلم كتابتهم ومن طلب بأنه من المؤلفة لم يعط إلا بأن يعلم ذلك وما وصفت أنه يستحقه به. وسهم سبيل الله كما وصفت يعطى منه من أراد الغزو من أهل الصدقة فقيرا كان أو غنيا ولا يعطى منه غيرهم إلا أن يحتاج إلى الدفع عنهم فيعطاه من دفع عنهم المشركين لأنه يدفع عن جماعة أهل الإسلام. وابن السبيل عندي ابن السبيل من أهل الصدقة الذي يريد البلد غير بلده لأمر يلزمه. 

باب كيف تفريق الصدقات 
قال الشافعي رحمه الله: ينبغي للساعي أن يأمر بإحصاء أهل السهمان في عمله حتى يكون فراغه من قبض الصدقات بعد تناهي أسمائهم وأنسابهم وحالاتهم وما يحتاجون إليه ويحصي ما صار في يديه من الصدقات فيعزل من سهم العاملين بقدر ما يستحقون بأعمالهم فإن جاوز سهم العاملين رأيت أن يعطيهم سهم العاملين ويزيدهم قدر أجور أعمالهم من سهم النبي  من الفيء والغنيمة ولو أعطاهم ذلك من السهمان ما رأيت ذلك ضيقا. ألا ترى أن مال اليتيم يكون بالموضع فيستأجر عليه إذا خيف ضيعته من يحوطه لان أتى ذلك على كثير منه. قال المزني: هذا أولى بقوله لما احتج به من مال اليتيم. قال الشافعي وتفض جميع السهمان على أهلها كما أصف إن شاء الله تعالى كان الفقراء عشرة والمساكين عشرين والغارمون خمسة وهؤلاء ثلاثة أصناف وكان سهمانهم الثلاثة من جميع المال ثلاثة آلاف فلكل صنف ألف فإن كان الفقراء يغترقون سهمهم كفافا يخرجون به من حد الفقر إلى أدنى الغنى أعطوه وإن كان يخرجهم من حد الفقر إلى أدنى الغنى أقل وقف الوالي ما بقي منه ثم يقسم على المساكين سهمهم هكذا وعلى الغارمين سهمهم هكذا وإذا خرجوا من اسم الفقر والمسكنة فصاروا إلى أدنى اسم الغنى ومن الغرم فبرئت ذممهم وصاروا غير غارمين فليسوا من أهله. قال: ولا وقت فيما يعطى الفقير إلا ما يخرجه من حد الفقر إلى الغنى قل ذلك أو كثر مما تجب فيه الزكاة أو لا تجب لأنه يوم يعطاه لا زكاة فيه عليه وقد يكون غنيا ولا مال له تجب فيه الزكاة وفقيرا بكثرة العيال وله مال تجب فيه الزكاة وإنما الغنى والفقر ما يعرف الناس بقدر حال 
 

صفحة : 3350

 الرجال ويأخذ العاملون عليها بقدر أجورهم في مثل كفايتهم وقيامهم وأمانتهم والمؤنة عليهم فيأخذ لنفسه بهذا المعنى ويعطي العريف ومن يجمع الناس عليه بقدر كفايته وكلفته وذلك خفيف لأنه في بلاده وكذك المؤلفة إذا احتيج إليهم والمكاتب ما بينه وبين أن يعتق وإن دفع إلى سيده كان أحب إلي ويعطي الغازي الحمولة والسلاح والنفقة والكسوة وإن اتسع المال زيدوا الخيل ويعطى ابن السبيل قدر ما يبلغه البلد الذي يريد من نفقته وحمولته إن كان البلد بعيدا أو كان ضعيفا وإن كان البلد قريبا وكان جلدا الأغلب من مثله لو كان غنيا المشي إليها أعطي مؤنته ونفقته بلا حمولة فإن كان يريد أن يذهب ويرجع أعطي ما يكفيه في ذهابه ورجوعه من النفقة فإن كان ذلك يأتي على السهم كله أعطيه كله إن لم يكن معه ابن سبيل غيره وإن كان لا يأتي إلا على سهم سهم من مائة سهم من سهم ابن السبيل لم يزد عليه. قال: ويقسم للعامل بمعنى الكفاية وابن السبيل بمعنى البلاغ لأني لو أعطيت العامل وابن السبيل والغازي بالاسم لم يسقط عن العامل اسم العامل ما لم يعزل ولا عن ابن السبيل اسم ابن السبيل ما دام مجتازا أو يريد الاجتياز ولا عن الغازي ما كان على الشخوص للغزو وأي السهمان فضل عن أهله رد على عدد من عدد من بقي السهمان كان بقي فقراء ومساكين لم يستغنوا وغارمون لم تقض كل ديونهم فيقسم ما بقي على ثلاثة أسهم فإن استغنى الغارمون رد باقي سهمهم على هذين السهمين نصفين حتى تنفد السهمان وإنما ردي ذلك لأن الله تعالى لما جعل هذا المال لا مالك له من الآدميين بعينه يرد إليه كما ترد عطايا الآدميين ووصاياهم لو أوصى بها لرجل فمات الموصى له قبل الموصي كانت وصيته راجعة إلى ورثة الموصي فما كان هذا المال مخالفا للمال يورث ههنا لم يكن أحد أولى به عندنا في قسم الله تعالى وأقرب ممن سمى الله تعالى له هذا المال وهؤلاء من جملة من سمى الله تعالى له هذا المال ولم يبق مسلم محتاج إلا وله حق سواه. أما أهل الفيء فلا يدخلون على أهل الصدقة وأما أهل الصدقة الأخرى فهو مقسوم لهم صدقتهم فلو كثرت لم يدخل عليهم غيرهم وواحد منهم يستحقها فكما كانوا لا يدخل عليهم غيرهم فكذلك لا يدخلون على غيرهم ما كان من غيرهم من يستحق منها شيئا. قال: وإن استغنى أهل عمل ببعض ما قسم لهم وفضل عنهم فضل رأيت أن ينقل الفضل منهم إلى أقرب الناس بهم في الجوار ولو ضاقت السهمان قسمت على الجوار دون النسب وكذلك إن خالطهم عجم غيرهم فهم معهم في القسم على الجوار فإن كانوا أهل بادية عند النجعة يتفرقون مرة ويختلطون 
 

صفحة : 3351

 أخرى فأحب إلي لو قسمها على النسب إذا استوت الحالات وإذا اختلفت الحالات فالجوار أولى من النسب. وإن قال من تصدق: إن لنا فقراء على غير هذا الماء وهم كما وصفت يختلطون في النجعة قسم بين الغائب والحاضر ولو كانوا بالطرف من باديتهم فكانوا ألزم له قسم بينهم وكانت كالدار لهم وهذا إذا كانوا معا أهل نجعة لا دار لهم يقرون بها فأما إن كانت لهم دار يكونون لها ألزم فإني أقسمها على الجوار بالدار. وقال في الجديد: إذا استوى في القرب أهل نسبهم وعدى قسمت على أهل نسبهم دون العدى وإن كان العدى أقرب منهم دارا وكان أهل نسبهم منهم على سفر تقصر فيه الصلاة قسمت على العدى إذا كانت دون ما تقصر فيه الصلاة لأنهم أولى باسم حضرتهم وإن كان أهل نسبهم دون ما تقصر فيه الصلاة والعدى أقرب منهم قسمت على أهل نسبهم لأنهم بالبادية غير خارجين من اسم الجوار وكذلك هم في المنعة حاضرو المسجد الحرام. قال الشافعي وإذا ولي الرجل إخراج زكاة ماله قسمها على قرابته وجيرانه معا فإن ضاقت فآثر قرابته فحسن وأحب إلي أن يوليها غيره لأنه المحاسب عليها والمسؤول عنها وأنه على يقين من نفسه وفي شك من فعل غيره وأقل من يعطى من أهل السهم ثلاثة لأن الله تعالى ذكر كل صنف جماعة فإن أعطى اثنين وهو يجد الثالث ضمن ثلث سهم وإن أخرجه إلى غير بلده لم يبن لي أن عليه إعادة لأنه أعطى أهله بالاسم وإن ترك الجوار وإن أعطى قرابته من السهمان ممن لا تلزمه نفقته كان أحق بها من البعيد منه وذلك أنه يعلم من قرابته أكثر مما يعلم من غيرهم وكذلك خاصته ومن لا تلزمه نفقته من قرابته ما عدا ولده ووالده ولا يعطي ولد الولد صغيرا ولا كبيرا زمنا ولا أخا ولا جدا ولا جدة زمنين ويعطيهم غير زمنى لأنه لا تلزمه نفقتهم إلا زمنى ولا يعطي زوجته لأن نفقتها تلزمه فإن ادانوا أعطاهم من سهم الغارمين وكذلك من سهم ابن السبيل لأنه لا يلزمه قضاء الدين عنهم ولا حملهم إلى بلد أرادوه فلا يكونون أغنياء عن هذا به كما كانوا به أغنياء عن الفقر والمسكنة فأما آل محمد  الذين جعل لهم الخمس عوضا من الصدقة فلا يعطون من الصدقات المفروضات وإن كانوا محتاجين وغارمين وهم أهل الشعب وهم صلبية بني هاشم وبني المطلب ولا تحرم عليهم صدقة التطوع. وروي عن جعفر بن محمد عن أبيه أنه كان يشرب من سقايات بين مكة والمدينة فقلت له: أتشرب من الصدقة فقال: إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة. وقبل النبي  الهدية من صدقة تصدق بها على بريرة وذلك أنها من بريرة تطوع لا صدقة. وإذا كان فيهم غارمون 
 

صفحة : 3352

 لا أموال لهم فقالوا: أعطنا بالغرم والفقر. قيل: لا إنما نعطيكم بأي المعنيين شئتم فإذا أعطيناه باسم الفقر فلغرمائه أن يأخذوا مما في يديه حقوقهم وإذا أعطيناه بمعنى الغرم أحببت أن يتولى دفعه عنه وإلا فجائز كما يعطى المكاتب فإن قيل: ولم لا يعطى بمعنيين قيل: الفقير مسكين والمسكين فقير يجمعهما اسم ويتفرق بهما اسم فلا يجوز أن يعطى إلا بأحد المعنيين ولو جاز ذلك جاز أن يعطى رجل بفقر وغرم وبأنه ابن سبيل وغاز ومؤلف فيعطى بهذه المعاني كلها فالفقير هو المسكين ومعناه أن لا يكون غنيا بحرفة ولا مال فإذا جمعا معا فقسم لصنفين بهما لم يجز إلا أن يفرق بين حاليهما بأن يكون الفقير الذي بدىء به أشدهما فقرا وكذلك هو في اللسان فإن كان فيهم رجل من أهل الفيء ضرب عليه البعث في الغزو ولم يعط فإن قال: لا أغزو وأحتاج أعطي فإن هاجر بدوي واقترض وغزا صار من أهل الفيء وأخذ فيه ولو احتاج وهو في الفيء لم يكن له أن يأخذ من الصدقات حتى يخرج من الفيء ويعود إلى الصدقات فيكون ذلك له وإن لم يكن رقاب ولا مؤلفة ولا غارمون ابتدىء القسم على خمسة أسهم أخماسا على ما وصفت فإن ضاقت الصدقة قسمت على عدد السهمان ويقسم بين كل صنف على قدر استحقاقهم ولا يعطى أحد من أهل سهم وإن اشتدت حاجته وقل ما يصيبه من سهم غيره حتى يستغني ثم يرد فضل إن كان عنه ويقسم فإن اجتمع حق أهل السهمان في بعير أو بقرة أو شاة أو دينار أو درهم أو اجتمع فيه اثنان من أهل السهمان أو أكثر أعطوه ويشرك بينهم فيه ولم يبدل بغيره كما يعطاه من أوصى لهم به وكذلك ما يوزن أو يكال وإذا أعطى الوالي من وصفنا أن عليه أن يعطيه ثم علم أنه غير مستحق نزع ذلك منه إلى أهله فإن فات فلا ضمان عليه لأنه أمين لمن يعطيه وبأخذ منه لا لبعضهم دون بعض لأنه كلف فيه الظاهر وإن تولى ذلك رب المال ففيها قولان أحدهما: أنه يضمن والآخر كالوالي لا يضمن. 
قال المزني: ولم يختلف قوله في الزكاة أن رب المال يضمن. قال الشافعي ويعطي الولاة زكاة الأموال الظاهرة الثمرة والزرع والمعدن والماشية فإن لم يأت الولاة لم يسع أهلها إلا قسمها فإن جاء الولاة بعد ذلك لم يأخذوهم بها وإن ارتابوا بأحد فلا بأس أن يحلفوه بالله لقد قسمها في أهلها وإن أعطوهم زكاة التجارات والفطرة والركاز أجزأهم إن شاء الله وإنما يستحق أهل السهمان سوى العاملين حقهم يوم يكون القسم. 

ID ' '   ولا يكاد يقدر عليه. 

 

صفحة : 3353


باب ميسم الصدقات 
قال الشافعي رحمه الله: ينبغي لوالي الصدقات أن يسم كل ما أخذ منها من بقر أو إبل في أفخاذها ويسم الغنم في أصول آذانها وميسم الغنم ألطف من ميسم الإبل والبقر ويجعل الميسم مكتوبا لله لأن مالكها أداها لله تعالى فكتب لله وميسم الجزية مخالف لميسم الصدقة لأنها أديت صغارا لا أجر لصاحبها فيها وكذلك بلغنا عن عمال عمر رضي الله عنه أنهم كانوا يسمون. وقال أسلم لعمران: في الظهر ناقة عمياء. فقال عمر رضي الله عنه: ندفعها إلى أهل بيت ينتفعون بها يقطرونها بالإبل. قال: قلت كيف تأكل من الأرض قال عمر: أمن نعم الجزية أو من نعم الصدقة قلت: لا بل من نعم الجزية. فقال عمر: أردتم والله أكلها. فقلت: إن عليها ميسم الجزية. قال: فأمر بها عمر فنحرت. قال: فكانت عنده صحاف تسع فلا تكون فاكهة ولا طريفة إلا وجعل منها في تلك الصحاف فيبعث بها إلى أزواج النبي  ويكون الذي يبعث به إلى حفصة رضي الله عنها من آخر ذلك فإن كان فيه نقصان كان في حظها. قال: فجعل في تلك الصحاف من لحم تلك الجزور فبعث به إلى أزواج النبي  وأمر بما بقي من اللحم فصنع فدعا عليه المهاجرين والأنصار. قال: ولا أعلم في الميسم علة إلا أن يكون ما أخذ من الصدقة معلوما فلا يشتريه الذي أعطاه لأنه خرج منه لله كما أمر رسول الله  عمر رضي الله عنه في فرس حمل عليه في سبيل الله فرآه يباع أن لا يشتريه وكما ترك المهاجرون نزول منازلهم بمكة لأنهم تركوها لله تعالى. 

ID ' '   وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن 

 العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر 

 كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . 

 صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا 

 يتوقف فيه إلا جاهل غبي. 

 والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه 

 الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن 

 يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما 

 سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. 

 

صفحة : 3354


باب الاختلاف في المؤلفة 
قال الشافعي رحمه الله: قال بعض الناس: لا مؤلفة فيجعل سهمهم وسهم سبيل الله في الكراع والسلاح في ثغور المسلمين. وقال بعضهم: ابن السبيل من مر يقاسم في البلد الذي به الصدقات. 
وقال أيضا: حيث كانت الحاجة أكثر فهي واسعة كأنه يذهب إلى أنه فوضى بينهم يقسمونه على العدد والحاجة لأن لكل أهل صنف منهم سهما. ومن أصحابنا من قال: إذا تماسك أهل الصدقة وأجدب آخرون نقلت إلى المجدبين إذا كانوا يخاف عليهم الموت كأنه يذهب إلى أن هذا مال من مال الله عز وجل قسمه لأهل السهمان لمعنى صلاح عباد الله على اجتهاد الإمام وأحسبه يقول: وتنقل سهمان أهل الصدقات إلى أهل الفيء إن جهدوا وضاق الفيء وينقل الفيء إلى أهل الصدقات إن جهدوا وضاقت الصدقات على معنى إرادة صلاح عباد الله. قال الشافعي وإنما قلت بخلاف هذا القول لأن الله جل وعز جعل المال قسمين أحدهما في قسم الصدقات التي هي طهرة فسماها الله لثمانية أصناف ووكدها وجاءت سنة رسول الله  بأن يؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم لا فقراء غيرهم ولغيرهم فقراء فلا يجوز فيها عندي والله أعلم أن يكون فيها غير ما قلت من أن لا تنقل عن قوم وفيهم من يستحقها ولا يخرج سهم في سهم منهم إلى غيره وهو يستحقه. وكيف يجوز أن يسمي الله تعالى أصنافا فيكونون موجودين معا فيعطى أحد سهمه وسهم غيره ولو جاز هذا عندي جاز أن يجعل في سهم واحد جميع سهام سبعة ما فرض لهم ويعطى واحد ما لم يفرض له والذي يخالفنا يقول: لو أوصى بثلثه لفقراء بني فلان وغارمي بني فلان رجل آخر وبني سبيل بني فلان رجل آخر إن كل صنف من هؤلاء يعطون من ثلثه وأن ليس لوصي ولا وال أن يعطي الثلث صنفا دون صنف وإن كان أحوج وأفقر من صنف لأن كلا ذو حق بما سمي له وإذا كان هذا عندنا وعند قائل هذا القول فيما أعطي الآدميون أن لا يجوز أن يمضى إلا على ما أعطوا فعطاء الله أولى أن لا يجوز أن يمضي إلا على ما أعطى. قال. وإذا قسم الله الفيء وسن رسول الله  أربعة أخماسه لمن أوجف على الغنيمة للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهم ولم نعلم رسول الله  فضل ذا غناء على من دونه ولم يفضل المسلمون الفارس أعظم الناس غناء على جبان في القسم وكيف جاز لمخالفنا في قسم الصدقات وقد قسمها الله تعالى أبين القسم فيعطي بعضا دون بعض وينقلها عن أهلها المحتاجين إليها إلى غيرهم لأن 
 

صفحة : 3355

 كانوا أحوج منهم أو يشركهم معهم أو ينقلها عن صنف منهم إلى صنف غيره أرأيت لو قال قائل لقوم أهل غزو كثير أوجفوا على عدو: أنتم أغنياء فآخذ ما أوجفتم عليه فأقسمه على أهل الصدقات المحتاجين إذا كان عام سنة لأنهم من عيال الله تعالى هل الحجه عليه إلا أن من قسم الله له بحق فهو أولى به وإن كان من لم يقسم له أحوج منه وهكذا ينبغي أن يقال في أهل الصدقات وهكذا لأهل المواريث لا يعطى أحد منهم سهم غيره ولا يمنع من سهمه لفقر ولا لغنى. وقضى معاذ بن جبل رضي الله عنه: أيما رجل انتقل من مخلاف عشيرته إلى غير مخلاف عشيرته فعشره وصدقته إلى. عشيرته ففي هذا معنيان. أحدهما: أنه جعل صدقته وعشره لأهل مخلاف عشيرته لم يقل لقرابته دون أهل المخلاف. والآخر: أنه رأى أن الصدقة إذا ثبتت لأهل مخلاف عشيرته لم تحول عنهم صدقته وعشره بتحوله عنهم وكانت كما يثبت بدأ. 
فإن قيل: فقد جاء عدي بن حاتم أبا بكر رضي الله عنه بصدقات والزبرقان بن بدر فهما وإن جاءا بها فقد تكون فضلا عن أهلها ويحتمل أن يكون بالمدينة أقرب الناس بهم نسبا ودارا ممن يحتاج إلى سعة من مضر وطيىء من اليمن ويحتمل أن يكون من حولهم ارتدوا فلم يكن لهم فيها حق ويحتمل أن يؤتى بها أبو بكر رضي الله عنه ثم يردها إلى غير أهل المدينة وليس في ذلك خبر عن أبي بكر نصير إليه فإن قيل: فإنه بلغنا أن عمر رضي الله عنه كان يؤتى بنعم من الصدقة فبالمدينة صدقات النخل والزرع والناض والماشية وللمدينة ساكن من المهاجرين والأنصار وحلفاء لهم وأشجع وجهينة ومزينة بها وبأطرافها وغيرهم من قبائل العرب فعيال ساكن المدينة بالمدينة وعيال عشائرهم وجيرانهم وقد يكون عيال ساكني أطرافها بها وعيال جيرانهم وعشائرهم فيؤتون بها وتكون مجمعا لأهل السهمان كما تكون المياه والقرى مجمعا لأهل السهمان من العرب ولعلهم استغنوا فنقلها إلى أقرب الناس بهم وكانوا بالمدينة. فإن قيل: فإن عمر رضي الله عنه كان يحمل على إبل كثيرة إلى الشام والعراق فإنما هي والله أعلم من نعم الجزية لأنه إنما يحمل على ما يحتمل من الإبل وأكثر فرائض الإبل لا تحمل أحدا وقد كان يبعث إلى عمر بنعم الجزية فيبعث فيبتاع بها إبلا جلة فيحمل عليها. وقال: بعض الناس مثل قولنا في أن ما أخذ من مسلم فسبيله سبيل الصدقات وقالوا: والركاز سبيل الصدقات ورووا ما روينا أن رسول الله  قال:  وفي الركاز الخمس  . وقال:  المعادن من الركاز وكل ما أصيب من دفن الجاهلية من شيء فهو ركاز  . ثم عاد لما شدد فيه فأبطله فزعم أنه إذا وجد 
 

صفحة : 3356

 ركازا فواسع له فيما بينه وبين الله تعالى أن يكتمه وللوالي أن يرده عليه بعد ما يأخذه منه أو يدعه له فقد أبطل بهذا القول السنة في أخذه وحق الله في قسمه لمن جعله الله له ولو جاز ذلك جاز في جميع ما أوجبه الله لمن جعله له. قال: فإنا روينا عن الشعبي أن رجلا وجد أربعة أو خمسة آلاف درهم فقال علي رضي الله عنه: لأقضين فيها قضاء بينا أما أربعة أخماس فلك وخمس للمسلمين ثم قال: والخمس مردود عليك. قال الشافعي رحمه الله: فهذا الحديث ينقض بعضه بعضا إذا زعم أن عليا قال: والخمس للمسلمين فكيف يجوز أن يرى للمسلمين في مال رجل شيئا ثم يرده عليه أو يدعه له وهذا عن علي مستنكر وقد رووا عن علي رضي الله عنه بإسناد موصول أنه قال: أربعة أخماسه لك واقسم الخمس في فقراء أهلك. 
فهذا الحديث أشبه بحديث علي رضي الله عنه لعل عليا علمه أمينا وعلم في أهله فقراء من أهل السهمان فأمره أن يقسمه فيهم. قال الشافعي رحمه الله: وهم يخالفون ما رووا عن الشعبي من وجهين أحدهما: أنهم يزعمون أن من كانت له مائتا درهم فليس للوالي أن يعطيه ولا له أن يأخذ شيئا من السهمان المقسومة بين من سمى الله تعالى ولا من الصدقات تطوعا والذين يزعمون أن عليا ترك له خمس ركازه رجل له أربعة آلاف درهم ولعله أن يكون له مال سواها ويزعمون أنه إذا أخذ الوالي منه واجبا في ماله لم يكن له أن يعود عليه ولا على أحد يعوله ويزعمون أن لو وليها هو لم يكن له حبسها ولا دفعها إلى أحد يعوله. قال الشافعي رحمه الله: وإذا كان له أن يكتمها وللوالي أن يردها إليه فليست بواجبة عليه وتركها وأخذها سواء وقد أبطلوا بهذا القول السنة في أن في الركاز الخمس وأبطلوا حق من قسم الله له من أهل السهمان الثمانية فإن قال: لا يصلح هذا إلا في الركاز. قيل: فإن قيل لك لا يصلح في الركاز ويصلح فيما سوى ذلك من صدقة وماشية وعشر زرع وورق فما الحجة عليه إلا كهي عليك والله سبحانه وتعالى أعلم. 

ID ' '   وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله 

 ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت 

 جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت 

 عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها 

 هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت 

 

صفحة : 3357


مختصر في النكاح الجامع من كتاب النكاح 
وما جاء في أمر النبي  وأزواجه قال الشافعي رحمه الله: إن الله تبارك وتعالى لما خص به رسوله  من وحيه وأبان بينه وبين خلقه بما فرض عليهم من طاعته افترض عليه أشياء خففها عن خلقه ليزيده بها إن شاء الله قربة وأباح له أشياء حظرها على خلقه زيادة في كرامته وتبيينا لفضيلته فمن ذلك أن كل من ملك زوجة فليس عليه تخييرها وأمره عليه الصلاة والسلام أن يخير نساءه فاخترنه. فقال تعالى:  لا يحل لك النساء من بعد  قالت عائشة رضي الله عنها: ما مات رسول الله  حتى أحل له النساء. قال: كأنها تعني اللاتي حظرهن عليه. 
قال تعالى:  وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي  الآية. وقال تعالى:  يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن  . فأبانهن به من نساء العالمين وخصه بأن جعله عليه الصلاة والسلام أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم قال: أمهاتهم في معنى دون معنى وذلك أنه لا يحل نكاحهن بحال ولم تحرم بنات لو كن لهن لأن النبي  قد زوج بناته وهن أخوات المؤمنين. 

ID ' '   خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها 

 فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر 

 على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. 

 ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه 

 والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب 

 الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف 

 ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه 

 أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن 

 ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. 

 وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو 

 ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة 

 للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب 

 

صفحة : 3358


الترغيب في النكاح وغيره من الجامع 
ومن كتاب النكاح جديد وقديم ومن الإملاء على مسائل مالك قال الشافعي رحمه الله: وأحب للرجل والمرأة أن يتزوجا إذا تاقت أنفسهما إليه لأن الله تعالى أمر به ورضيه وندب إليه وبلغنا أن النبي  قال:  تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم حتى بالسقط  . وأنه قال:  من أحب فطرتي فليستن بسنتي ومن سنتي النكاح  . ويقال: إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده. قال: ومن لم تتق نفسه إلى ذلك فأحب إلي أن يتخلى لعبادة الله تعالى. قال: وقد ذكر الله تعالى  القواعد من النساء  وذكر عبدا أكرمه فقال:  سيدا وحصورا  والحصور الذي لا يأتي النساء ولم يندبهن إلى النكاح فدل أن المندوب إليه من يحتاج إليه. قال: وإذا أراد أن يتزوج المرأة فليس له أن ينظر إليها حاسرة وينظر إلى وجهها وكفيها وهي متغطية بإذنها وبغير إذنها قال الله تعالى:  ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها  . قال: الوجه والكفان. 

باب ما على الأولياء 

وإنكاح الأب البكر بغير إذنها ووجه النكاح 
والرجل يتزوج أمته ويجعل عتقها صداقها من جامع كتاب النكاح وأحكام القرآن وكتاب النكاح إملاء على مسائل مالك واختلاف الحديث والرسالة قال الشافعي رحمه الله تعالى: فدل كتاب الله عز وجل وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام على أن حقا على الأولياء أن يزوجوا الحرائر البوالغ إذا أردن النكاح ودعون إلى رضا قال الله تعالى:  وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف  . قال: وهذه أبين آية في كتاب الله تعالى دلالة على أن ليس للمرأة أن تتزوج بغير ولي. قال: وقال بعض أهل العلم: نزلت في معقل بن يسار رضي الله عنه وذلك أنه زوج أخته رجلا فطلقها فانقضت عدتها ثم طلب نكاحها وطلبته فقال: زوجتك أختي دون غيرك ثم طلقتها لا أنكحكها أبدا فنزلت هذه الآية. وروت عائشة رضي الله عنها أن النبي  قال:  أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطلثلاثا فإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا - أو قال اختلفوا - فالسلطان ولي من لا ولي له  . قال: وفي ذلك دلالات. 
منها: أن للولي شركا في بضعها لا يتم النكاح إلا به ما لم يعضلها ولا نجد لشركه في بضعها معنى 
 

صفحة : 3359

 إلا فضل نظره لحياطة الموضع أن ينالها من لا يكافئها نسبه وفي ذلك عار عليه وأن العقد بغير ولي باطل لا يجوز بإجازته وأن الإصابة إذا كانت بشبهة ففيها المهر ودرىء الحد. قال: ولا ولاية لوصي لأن عارها لا يلحقه وجمعت الطريق رفقة فيهم امرأة ثيب فولت أمرها رجلا منهم فزوجها فجلد عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناكح والمنكح ورد نكاحهما. وفي قول النبي :  الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها  دلالة على الفرق بين الثيب والبكر في أمرين أحدهما: أن إذن البكر الصمت والتي تخالفها الكلام والآخر أن أمرهما في ولاية أنفسهما مختلف فولاية الثيب أنها أحق من الولي والولي ههنا الأب والله أعلم دون الأولياء. ومثل هذا حديث خنساء زوجها أبوها وهي ثيب فكرهت ذلك فرد رسول الله  نكاحه وفي تركه أن يقول لخنساء  إلا أن تشائي أن تجيزي ما فعل أبوك  دلالة على أنها لو أجازته ما جاز والبكر مخالفة لها لاختلافهما في لفظ النبي  ولو كانا سواء كان لفظ النبي  أنهما أحق بأنفسهما. 
وقالت عائشة رضي الله عنها: تزوجني رسول الله  وأنا ابنة سبع سنين ودخل بي وأنا ابنة تسع وهي لا أمر لها وكذلك إذا بلغت ولو كانت أحق بنفسها أشبه أن لا يجوز ذلك عليها قبل بلوغها كما قلنا في المولود يقتل أبوه يحبس قاتله حتى يبلغ فيقتل أو يعفو. 
قال: والاستئمار للبكر على استطابة النفس قال الله تعالى لنبيه :  وشاورهم في الأمر  لا على أن لأحد رد ما رأى  ولكن لاستطابة أنفسهم وليقتدى بسنته فيهم وقد أمر نعيما أن يؤامر أم بنته. قال المزني رحمه الله: وروى الشافعي عن الحسن عن النبي  قال:  لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل  . ورواه غير الشافعي عن الحسن عن عمران بن حصين عن النبي . واحتج الشافعي بابن عباس أنه قال:  لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل  وأن عمر رد نكاحا لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة فقال:  هذا نكاح السر ولا أجيزه ولو تقدمت فيه لرجمت  . وقال عمر رضي الله عنه:  لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها أو ذي الرأي من أهلها أو السلطان  قال الشافعي والنساء محرمات الفروج فلا يحللن إلا بما بين رسول الله  فبين  وليا وشهودا وإقرار المنكوحة الثيب وصمت البكر  قال: والشهود على العدل حتى يعلم الجرح يوم وقع النكاح. قال: ولو كانت صغيرة ثيب أصيبت بنكاح أو غيره فلا تزوج إلا بإذنها ولا يزوج البكر 
 

صفحة : 3360

 بغير إذنها ولا يزوج الصغيرة إلا أبوها أو جدها بعد موت أبيها. قال: ولو كان المولى عليه يحتاج إلى النكاح زوجه وليه فإن أذن له فجاوز مهر مثلها رد الفضل ولو أذن لعبده فتزوج كان لها الفضل متى عتق وفي إذنه لعبده إذن باكتساب المهر والنفقة إذا وجبت عليه وإن كان مأذونا له في التجارة أعطي مما في يديه ولو ضمن لها السيد مهرها وهو ألف عن العبد لزمه فإن باعها زوجها قبل الدخول بتلك الألف بعينها فالبيع باطل من قبل أن عقدة البيع والفسخ وقعا معا ولو باعها إياه بألف لا بعينها كان البيع جائزا وعليها الثمن والنكاح مفسوخ من قبلها وقبل السيد وله أن يسافر بعبده ويمنعه من الخروج من بيته إلى امرأته وفي مصره إلا في الحين الذي لا خدمة له فيه ولو قالت له أمته: أعتقني على أن أنكحك وصداقي عتقي فأعتقها على ذلك فلها الخيار في أن تنكح أو تدع ويرجع عليها بقيمتها فإن نكحته ورضي بالقيمة التي عليها فلا بأس. قال المزني: ينبغي في قياس قوله أن لا يجيز هذا المهر حتى يعرف قيمة الأمة حين أعتقها فيكون المهر معلوما لأنه لا يجيز المهر غير معلوم. قال المزني: سألت الشافعي رحمه الله عن حديث صفية رضي الله عنها أن النبي  أعتقها وجعل عتقها صداقها. فقال: للنبي  في النكاح أشياء ليست لغيره. 

ID ' '   غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال 

 وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع 

 سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ 

 الحديث. 

 وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة 

 أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. 

 هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة 

 القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال 

 تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون 

 خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م 

 ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: 

 (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية 

 

صفحة : 3361


اجتماع الولاة وأولاهم وتفرقهم 

وترويج المغلوبين علي عقولهم 
والصبيان من الجامع من كتاب ما يحرم الجمع بينه من النكاح القديم وإنكاح أمة المأذون له وغير ذلك قال الشافعي ولا ولاية لأحد مع الأب فإن مات فالجد ثم أبو الجد ثم أبو أبي الجد كذلك لأن كلهم أب في الثيب والبكر سواء ولا ولاية بعدهم لأحد مع الإخوة ثم الأقرب فالأقرب من العصبة. قال المزني: واختلف قوله في الإخوة. فقال في الجديد: من انفرد في درجة بأم كان أولى. وقال في القديم: هما سواء. قال المزني: قد جعل الأخ للأب والأم في الصلاة على الميت أولى من الأخ للأب وجعله في الميراث أولى من الأخ للأب وجعله في كتاب الوصايا الذي وضعه بخطه لا أعلمه سمع منه إذا أوصى لأقربهم به رحما أنه أولى من الأخ للأب. قال المزني: وقياس قوله أنه أولى بإنكاح الأخت من الأخ للأب. قال الشافعي رحمه الله: ولا يزوج المرأة ابنها إلا أن يكون عصبة لها. قال: ولا ولاية بعد النسب إلا للمعتق ثم أقرب الناس بعصبة معتقها فإن استوت الولاة فزوجها بإذنها دون أسنهم وأفضلهم كفؤا جاز وإن كان غير كفؤ لم يثبت إلا باجتماعهم قبل إنكاحه فيكون حقا لهم تركوه. قال: وليس نكاح غير الكفؤ بمحرم فأرده بكل حال إنما هو تقصير عن المزوجة والولاة وليس نقص المهر نقصا في النسب والمهر لها دونهم فهي أولى به منهم ولا ولاية لأحد منهم وثم أولى منه فإن كان أولاهم بها مفقودا أو غائبا بعيدة كانت غيبته أم قريبة زوجها السلطان بعد أن يرضى الخاطب ويحضر أقرب ولاتها وأهل الحزم من أهلها ويقول: هل تنقمون شيئا فإن ذكروه نظر فيه. ولو عضلها الولي زوجها السلطان والعضل أن تدعو إلى مثلها فيمتنع. قال: ووكيل الولي يقوم مقامه فإن زوجها غير كفؤ لم يجز وولي الكافرة كافر ولا يكون المسلم وليا لكافرة لقطع الله الولاية بينهما بالدين إلا على أمته وإنما صار ذلك له لأن النكاح له. تزوج  أم حبيبة وولي عقدة نكاحها ابن سعيد بن العاص وهو مسلم وأبو سفيان حي وكان وكيل النبي  عمرو بن أمية الضمري. قال المزني: ليس هذا حجة في إنكاح الأمة ويشبه أن يكون أراد أن لا معنى لكافر في مسلمة فكان ابن سعيد ووكيله  مسلمين ولم يكن لأبيها معنى في ولاية مسلمة إذا كان كافرا. قال الشافعي فإن كان الولي سفيها أو ضعيفا غير عالم بموضع الحظ 
 

صفحة : 3362

 أو سقيما مؤلما أو به علة تخرجه من الولاية فهو كمن مات فإذا صلح صار وليا ولو قالت: قد أذنت في فلان فأي ولاتي زوجني فهر جائز فأيهم زوجها جاز وإن تشاحوا أقرع بينهم السلطان ولو أذنت لكل واحد أن يزوجها لا في رجل بعينه فزوجها كل واحد رجلا فقد قال :  إذا أنكح الوليان فالأول أحق  . فإن لم تثبت الشهود أيهما أول فالنكاح مفسوخ ولا شيء لها وإن دخل بها أحدهما على هذا كان لها مهر مثلها وهما يقران أنها لا تعلم مثل أن تكون غائبة عن النكاح ولو ادعيا عليها أنها تعلم أحلفت ما تعلم وإن أقرت لأحدهما لزمها ولو زوجها الولي بأمرها من نفسه لم يجز كما لا يجوز أن يشتري من نفسه. قال: ويزوج الأب أو الجد الابنة التي يؤيس من عقلها لأن لها فيه عفافا وغنى وربما كان شفاء وسواء كانت بكرا أو ثيبا ويزوج المغلوب على عقله أبوه إذا كانت به إلى ذلك حاجة وابنه الصغير فإن كان مجنونا أو مخبولا كان النكاح مردودا لأنه لا حاجة به إليه وليس لأب المغلوب على عقله أن يخالع عنه ولا يضرب لامرأته أجل العنين لأنها إن كانت ثيبا فالقول قوله أو بكرا لم يعقل أن يدفعها عن نفسه بالقول أنها تمتنع منه ولا يخالع عن المعتوهة ولا يبرىء زوجها من درهم من مالها فإن هربت وامتنعت فلا نفقة لها ولا إيلاء عليه فيها وقيل له: اتق الله فيها فيء أو طلق فإن قذفها أو انتفى من ولدها قيل له: إن أردت أن تنفي ولدها فالتعن فإذا التعن وقعت الفرقة ونفى عنه الولد فإن أكذب نفسه لحق به الولد ولم يعزر وليس له أن يزوج ابنته الصبية عبدا ولا غير كفؤ ولا مجنونا ولا مخبولا ولا مجذوما ولا أبرص ولا مجبوبا وليس له أن يكره أمته على واحد من هؤلاء بنكاح ولا يزوج أحد أحدا ممن به إحدى هذه العلل ولا من لا يطاق جماعها ولا أمة لأنه ممن لا يخاف العنت. وينكح أمة المرأة وليها بإذنها وأمة العبد المأذون له في التجارة ممنوعة من السيد حتى يقضي دينا إن كان عليه ويحدث له حجرا ثم هي أمته ولو أراد السيد أن يزوجها دون العبد أو العبد دون السيد لم يكن ذلك لواحد منهما ولا ولاية للعبد بحال ولو اجتمعا على تزويجها لم يجز. وقال في باب الخيار من قبل النسب: لو انتسب العبد لها أنه حر فنكحته وقد أذن له سيده ثم علمت أنه عبد أو انتسب إلى نسب وجد دونه وهي فوقه ففيها قولان أحدهما: أن لها الخيار لأنه منكوح بعينه وغرر بشيء وجد دونه. والثاني: أن النكاح مفسوخ كما لو أذنت في رجل بعينه فزوجت غيره. قال المزني رحمه الله: قد قطع أنه لو وجد دون ما انتسب إليه وهو كفؤ لم يكن لها ولا لوليها الخيار وفي ذلك إبطال أن يكون في معنى من أذنت له 
 

صفحة : 3363

 في رجل بعينه فزوجت غيره فقد بطل الفسخ في قياس قوله وثبت لها الخيار. قال الشافعي ولو كانت هي التي غرته بنسب فوجدها دونه ففيها قولان أحدهما: إن شاء فسخ بلا مهر ولا متعة وإن كان بعد الإصابة فلها مهر مثلها ولا نفقة لها في العدة وإن كانت حاملا. والثاني: لا خيار له إن كانت حرة لأن بيده طلاقها ولا يلزمه من العار ما يلزمها. قال المزني رحمه الله: قد جعل له الخيار إذا غرته فوجدها أمة كما جعل لها الخيار إذا غرها فوجدته عبدا فجعل معناهما في الخيار بالغرور واحدا ولم يلتفت إلى أن الطلاق إليه ولا إلى أن لا عار فيها عليه وكما جعل لها الخيار بالغرور في نقص النسب عنها وجعله لها في العبد فقياسهأن يجعل له الخيار بالغرور في نقص النسب عنه كما جعله له في الأمة. 

المرأة لا تلي عقدة النكاح 
قال الشافعي رحمه الله: قال بعض الناس زوجت عائشة ابنة عبد الرحمن بن أبي بكر وهو غائب بالشام فقال عبد الرحمن: أمثلي يفتات عليه في بناته قال: فهذا يدل على أنها زوجتها بغير أمره قيل: فكيف يكون أن عبد الرحمن وكل عائشة لفضل نظرها إن حدث حدث أو رأت في مغيبه لابنته حظا أن تزوجها احتياطا ولم ير أنها تأمر بتزويجها إلا بعد مؤامرته ولكن تواطىء وتكتب إليه فلما فعلت قال هذا: وإن كنت قد فوضت إليك فقد كان ينبغي أن لا تفتاتي علي وقد يجوز أن يقول زوجي أي وكلي من يزوج فوكلت قال: فليس لها هذا في الخبر. قيل: لا ولكن لا يشبه غيره لأنها روت أن النبي  جعل النكاح بغير ولي باطلا أو كان يجوز لها أن تزوج بكرا وأبوها غائب دون إخوتها أو السلطان. قال المزني رحمه الله: معنى تأويله فيما روت عائشة عندي غلط وذلك أنه لا يجوز عنده إنكاح المرأة ووكيلها مثلها فكيف يعقل بأن توكل وهي عنده لا يجوز إنكاحها ولو قال أنه أمر من ينفذ رأي عائشة فأمرته فأنكح خرج كلامه صحيحا لأن التوكيل للأب حينئذ والطاعة لعائشة فيصح وجه الخبر على تأويله الذي يجوز عندي لا أن الوكيل وكيل لعائشة رضي الله عنها ولكنه وكيل له فهذا تأويله. 

ID ' '   والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: 

 (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل 

 ولا يكاد يقدر عليه. 

 

صفحة : 3364


الكلام الذي ينعقد به النكاح والخطبة 

قبل العقد من الجامع 
من كتاب التعريض بالخطبة ومن كتاب ما يحرم الجمع بينه قال الشافعي رحمه الله: أسمى الله تبارك وتعالى النكاح في كتابه باسمين: النكاح والتزويج ودلت السنة على أن الطلاق يقع بما يشبه الطلاق ولم نجد في كتاب ولا سنة إحلال نكاح إلا بنكاح أو تزويج والهبة لرسول الله  مجمع أن ينعقد له بها النكاح بأن تهب نفسها له بلا مهر وفي هذا دلالة على أنه لا يجوز النكاح إلا باسم التزويج أو النكاح والفرج محرم قبل العقد فلا يحل أبدا إلا بأن يقول الولي: قد زوجتكها أو أنكحتكها. ويقول الخاطب: قد قبلت تزويجها أو نكاحها. أو يقول الخاطب: زوجنيها. ويقول الولي: قد زوجتكها. فلا يحتاج في هذا إلى أن يقول الزوج قد قبلت ولو قال: قد ملكتك نكاحها أو نحو ذلك فقبل لم يكن نكاحا وإذا كانت الهبة أو الصدقة تملك بها الأبدان والحرة لا تملك فكيف تجوز الهبة في النكاح فإن قيل: معناها زوجتك قيل فقوله قد أحللتها لك أقرب إلى زوجتكها وهو لا يجيزه. 
قال: وأحب أن يقدم بين يدي خطبته وكل أمر طلبه سوى الخطبة حمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة على رسوله عليه الصلاة والسلام والوصية بتقوى الله ثم يخطب وأحب للولي أن يفعل مثل ذلك وأن يقول ما قال ابن عمر: أنكحتك على ما أمر الله به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. 

ID ' '   وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن 

 العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر 

 كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . 

 صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا 

 يتوقف فيه إلا جاهل غبي. 

 والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه 

 الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن 

 يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما 

 سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. 

 

صفحة : 3365


ما يحل من الحرائر ولا يتسرى العبد 

وغير ذلك من الجامع 
من كتاب النكاح وكتاب ابن أبي ليلي والرجل يقتل أمته ولها زوج قال الشافعي انتهى الله تعالى بالحرائر إلى أربع تحريما لأن يجمع أحد غير النبي  بين أكثر من أربع والآية تدل على أنها على الأحرار بقوله تعالى:  أو ما ملكت أيمانكم  وملك اليمين لا يكون إلا للأحرار الذين يملكون المال والعبد لا يملك المال. قال: فإذا فارق الأربع ثلاثا ثلاثا تزوج مكانهن في عدتهن لأن الله تعالى أحل لمن لا امرأة له أربعا. وقال بعض الناس: لا ينكح أربعا حتى تنقضي عدة الأربع لأني لا أجيز أن يجتمع ماؤه في خمس أو في أختين. قلت: فأنت تزعم لو خلا بهن ولم يصبهن أن عليهن العدة فلم يجتمع فيهن ماؤه فأبح له النكاح وقد فرق الله تعالى بين حكم الرجل والمرأة فجعل إليه الطلاق وعليها العدة فجعلته يعتد معها ثم ناقضت في العدة قال: وأين قلت: إذ جعلت عليه العدة كما جعلتها عليها أفيجتنب ما تجتنب المعتدة من الطيب والخروج من المنزل قال: لا. قلت: فلا جعلته في العدة بمعناها ولا فرقت بما فرق الله تعالى به بينه وبينها وقد جعلهن الله منه أبعد من الأجنبيات لأنهن لا يحللن له إلا بعد نكاح زوج وطلاقه أو موته وعدة تكون بعده والأجنبيات يحللن له من ساعته. قال: ولو قتل المولى أمته أو قتلت نفسها فلا مهر لها وإن باعها حيث لا يقدر عليها فلا مهر لها حتى يدفعها إليه وإن طلب أن يبوئها معه بيتا لم يكن ذلك على السيد. قال: ولو وطىء رجل جارية ابنه فأولدها كان عليه مهرها وقيمتها. قال المزني: قياس قوله أن لا تكون ملكا لأبيه ولا أم ولد بذلك وقد أجاز أن يزوجه أمته فيولدها فإن لم تكن له بأن يولدها من حلال أم ولد بقيمة فكيف بوطء حرام وليس بشريك فيها فيكون في معنى من أعتق شركا له في أمة وهو لا يجعلها أم ولد للشريك إذا أحبلها وهو معسر وهذا من ذلك أبعد. قال: وإن لم يحبلها فعليه عقرها وحرمت على الابن ولا قيمة له بأن حرمت عليه وقد ترضع امرأة الرجل بلبنه جاريته الصغيرة فتحرم عليه ولا قيمة له. قال الشافعي وقال الله تعالى:  والذين هم لفروجهم حافظون  الآية. 
وفي ذلك دليل أن الله تبارك وتعالى أراد الأحرار لأن العبيد لا يملكون. وقال عليه الصلاة والسلام:  من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع  . فدل الكتاب والسنة أن العبد لا يملك مالا بحال وإنما يضاف إليه ماله كما يضاف إلى الفرس سرجه وإلى الراعي غنمه. 

 

صفحة : 3366

 فإن قيل: فقد روي عن ابن عمر رضي الله عنه أن العبد يتسرى قيل: وقد روي خلافه. قال ابن عمر رضي الله عنهما: لا يطأ الرجل إلا وليدة إن شاء باعها وإن شاء وهبها وإن شاء صنع بها ما شاء. قال: ولا يحل أن يتسرى العبد ولا من لم تكمل فيه الحرية بحال ولا يفسخ نكاح حامل من زنا وأحب أن تمسك حتى تضع. وقال رجل للنبي : إن امرأتي لا ترد يد لامس قال:  طلقها  . قال: إني أحبها. قال:  فأمسكها  وضرب عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا وامرأة في زنا وحرص أن يجمع بينهما فأبى الغلام. 

من كتاب قديم وكتاب جديد وكتاب التعريض 
قال الشافعي رحمه الله: وينكح العبد اثنتين واحتج في ذلك بعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما. وقال عمر: يطلق تطليقتين وتعتد الأمة حيضتين والتي لا تحيض شهرين أو شهرا ونصفا. وقال ابن عمر: إذا طلق العبد امرأته اثنتين حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره وعدة الحرة ثلاث حيض والأمة حيضتان. وسأل نفيع عثمان وزيدا فقال: طلقت امرأة لي حرة تطليقتين فقالا: حرمت عليك حرمت عليك. قال الشافعي وبهذا كله أقول وإن تزوج عبد بغير إذن سيده فالنكاح فاسد وعليه مهر مثلها إذا عتق فإن أذن له فنكح نكاحا فاسدا ففيها قولان. أحدهما: أنه كإذنه له بالتجارة فيعطي من مال إن كان له وإلا فمتى عتق. والآخر: كالضمان عنه فيلزمه أن يبيعه فيه إلا أن يفديه. 

ID ' '   وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله 

 ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت 

 جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت 

 عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها 

 هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت 

 خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها 

 فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر 

 على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. 

 ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه 

 والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب 

 

صفحة : 3367


باب ما يحرم وما يحل من نكاح الحرائر 

ومن الإماء والجمع بينهن وغير ذلك من الجامع من كتاب ما يحرم الجمع بينه 

ومن النكاح القديم ومن الإملاء ومن الرضاع 
قال الشافعي رحمه الله: أصل مما يحرم به النساء ضربان أحدهما: بأنساب والآخر بأسباب من حادث نكاح أو رضاع وما حرم من النسب حرم من الرضاع وحرم الله تعالى الجمع بين الأختين ونهى رسول الله  أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها ونهى عمر رضي الله عنه عن الأم وابنتها من ملك اليمين. وقال ابن عمر: وعدت أن عمر كان في ذلك أشد مما هو ونهت عن ذلك عائشة وقال عثمان في جمع الأختين: أما أنا فلا أحب أن أصنع ذلك. فقال رجل من أصحاب النبي :  لو كان إلي من الأمر شيء ثم وجدت رجلا يفعل ذلك لجعلته نكالا. قال الزهري: أراه علي بن أبي طالب. قال الشافعي فإذا تزوج امرأة ثم تزوج عليها أختها أو عمتها أو خالتها وإن بعدت فنكاحها مفسوخ دخل أو لم يدخل ونكاح الأولى ثابت وتحل كل واحدة منهما على الانفراد وإن نكحهما معا فالنكاح مفسوخ وإن تزوج امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها لم تحل له أمها لأنها مبهمة وحلت له ابنتها لأنها من الربائب وإن دخل بها لم تحل له أمها ولا ابنتها أبدا وإن وطىء أمته لم تحل له أمها ولا ابنتها أبدا ولا يطأ أختها ولا عمتها ولا خالتها حتى يحرمها فإن وطىء أختها قبل ذلك اجتنب التي وطىء آخرا أحببت أن يجتنب الولي حتى يستبرىء الآخرة فإذا اجتمع النكاح وملك اليمين في أختين أو أمة وعمتها أو خالتها فالنكاح ثابت لا يفسخه ملك اليمين كان قبل أو بعد وحرم بملك اليمين لأن النكاح يثبت حقوقا له وعليه. ولو نكحهما معا انفسخ نكاحهما ولو اشتراهما معا ثبت ملكهما ولا ينكح أخت امرأته ويشتريها على امرأته ولا يملك امرأته غيره ويملك أمته غيره فهذا من الفرق بينهما ولا بأس أن يجمع الرجل بين المرأة وزوجة أبيها وبين امرأة الرجل وابنة امرأته إذا كانت من غيرها لأنه لا نسب بينهن. 

ID ' '   الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف 

 ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه 

 أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن 

 ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. 

 

صفحة : 3368


ما جاء في الزنا لا يحرم الحلال 

من الجامع ومن اليمين مع الشاهد 
قال الشافعي رحمه الله: الزنا لا يحرم الحلال وقاله ابن عباس. قال الشافعي لأن الحرام ضد الحلال فلا يقاس شيء على ضده. قال لي قائل يقول: لو قبلت امرأته ابنه بشهوة حرمت على زوجها أبدا لم قلت لا يحرم الحرام الحلال قلت: من قبل أن الله تعالى إنما حرم أمهات نسائكم ونحوها بالنكاح فلم يجز أن يقاس الحرام بالحلال. فقال أجد جماعا وجماعا قلت: جماعا حمدت به وجماعا رجمت به وأحدهما نعمة وجعله الله نسبا وصهرا وأوجب حقوقا وجعلك محرما به لأم امرأتك ولابنتها تسافر بهما وجعل الزنا نقمة في الدنيا بالحد وفي الآخرة بالنار إلا أن يعفو أفتقيس الحرام الذي هو نقمة على الحلال الذي هو نعمة وقلت له: فلو قال لك قائل: وجدت المطلقة ثلاثا تحل بجماع زوج فأحلها بالزنا لأنه جماع كجماع كما حرمت به الحلال لأنه جماع وجماع قال: إذا تخطىء لأن الله تعالى أحلها بإصابة زوج. قيل: وكذلك ما حرم الله تعالى في كتابه بنكاح زوج وإصابة زوج. قال: أفيكون شيء يحرمه الحلال ولا يحرمه الحرام فأقول به. 
قلت: نعم ينكح أربعا فيحرم عليه أن ينكح من النساء خامسة أفيحرم عليه إذا زنى بأربع شيء من النساء قال: لا يمنعه الحرام مما يمنعه الحلال. قال: وقد ترتد فتحرم على زوجها قلت: نعم وعلى جميع الخلق وأقتلها وأجعل مالها فيئا قال: فقد أوجدتك الحرام يحرم الحلال. 
قلت: أما في مثل ما اختلفنا فيه من أمر النساء فلا. قال المزني رحمه الله: تركت ذلك لكثرته وأنه ليس بشيء. 

ID ' '   وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو 

 ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة 

 للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب 

 غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال 

 وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع 

 سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ 

 الحديث. 

 وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة 

 

صفحة : 3369


نكاح حرائر أهل الكتاب وإمائهم وإماء المسلمين 
من الجامع ومن كتاب ما يحرم الجمع بينه وغير ذلك قال الشافعي رحمه الله: وأهل الكتاب الذين يحل نكاح حرائرهم اليهود والنصارى دون المجوس والصابئون والسامرة من اليهود والنصارى إلا أن يعلم أنهم يخالفونهم في أصل ما يحلون من الكتاب ويحرمون فيحرمون كالمجوس وإن كانوا يجامعونهم عليه ويتأولون فيختلفون فلا يحرمون فإذا نكحها فهي كالمسلمة فيما لها وعليها إلا أنهما لا يتوارثان والحد في قذفها التعزير ويجبرها على الغسل من الحيض والجنابة والتنظيف بالاستحداد وأخذ الأظفار ويمنعها من الكنيسة والخروج إلى الأعياد كما يمنع المسلمة من إتيان المساجد ويمنعها من شرب الخمر وأكل الخنزير إذا كان يتقذر به ومن أكل ما يحل إذا تأذى بريحه وإن ارتدت إلى مجوسية أو إلى غير دين أهل الكتاب فإن رجعت إلى الإسلام أو إلى دين أهل الكتاب قبل انقضاء العدة فهما على النكاح وإن انقضت قبل أن ترجع فقد انقطعت العصمة لأنه يصلح أن يبتدئ. 

باب الاستطاعة للحرائر وغير الاستطاعة 
قال الله تعالى:  ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات  وفي ذلك دليل أنه أراد الأحرار لأن الملك لهم لا يحل من الإماء إلا مسلمة ولا تحل حتى يجتمع شرطان: أن لا يجد طول حرة ويخاف العنت إن لم ينكحها - والعنت الزنا - واحتج بأن جابر بن عبد الله قال: من وجد صداق امرأة فلا يتزوج أمة. قال طاوس: لا يحل نكاح الحر الأمة وهو يجد صداق الحرة. وقال عمرو بن دينار: لا يحل نكاح الإماء اليوم لأنه يجد طولا إلى الحرة. قال الشافعي فإن عقد نكاح حرة وأمة معا يثبت نكاح الحرة وينفسخ نكاح الأمة وقيل: ينفسخان معا. وقال في القديم: نكاح الحرة جائز وكذلك لو تزوج معها أخته من الرضاع كأنها لم تكن. قال المزني رحمه الله: هذا أقيس وأصح في أصل قوله لأن النكاح يقوم بنفسه ولا يفسد بغيره فهي في معنى من تزوجها وقسطا معها من خمر بدينار فالنكاح وحده ثابت والقسط الخمر والمهر فاسدان ولو تزوجها ثم أيسر لم يفسده ما بعده. وحاجتي من لا يفسخ نكاح إماء غير المسلمات فقال: لما أحل الله بينهما ولا نفقة لها لأنها مانعة له نفسها بالردة وإن ارتدت من نصرانية إلى يهودية أو من يهودية إلى نصرانية لم تحرم. قول الله تعالى: نكاح الحرة المسلمة دل على نكاح الأمة. قلت: قد حرم الله تعالى الميتة واستثنى إحلالها للمضطر فهل 
 

صفحة : 3370

 تحل لغير مضطر واستثنى من تحريم المشركات إحلال حرائر أهل الكتاب فهل يجوز حرائر غير أهل الكتاب فلا تحل إماؤهم وإماؤهم غير حرائرهم. واشترط في إماء المسلمين فلا يجوز له إلا بالشرط. وفلت له: لم لا أحللت الأم كالربيبة وحرمتها بالدخول كالربيبة قال: لأن الأم مبهمة والشرط في الربيبة. قلت: فهكذا قلنا في التحريم في المشركات والشرط في التحليل في الحرائر وإماء المؤمنات. قال: والعبد كالحر في أن لا يحل له نكاح أمة كتابية وأي صنف حل نكاح حرائرهم حل وطء إمائهم بالملك وما حرم نكاح حرائرهم حرم وطء إمائهم بالملك ولا أكره نكاح نساء أهل الحرب إلا لئلا يفتن عن دينه أو يسترق ولده. 
من كتاب التعريض بالخطبة وغير ذلك قال الشافعي رحمه الله: كتاب الله تعالى يدل على أن التعريض في العدة جائز بما وقع عليه اسم التعريض وقد ذكر القسم بعضه والتعريض كثير وهو خلاف التصريح وهو تعريض الرجل للمرأة بما يدلها به على إرادة خطبتها بغير تصريح وتجيبه بمثل ذلك والقرآن كالدليل إذ أباح التعريض والتعريض عند أهل العلم جائز سرا وعلانية على أن السر الذي نهي عنه هو الجماع قال امرؤ القيس:  ألا زعـمـت بـسـبـاسة الـقــوم أنـــنـــي 
   كـبـرت وأن لا يحـسـن الـسـر أمـثـالـي 
 كذبت لقـد أصـبـى عـن الـمـرء عـرسـه 
   وأمنع عرسـي أن يزنـي بـهـا الـخـالـي 

ID ' '   أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. 

 هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة 

 القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال 

 تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون 

 خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م 

 ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: 

 (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية 

 والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: 

 (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل 

 ولا يكاد يقدر عليه. 

 

صفحة : 3371


باب النهي أن يخطب الرجل علي خطبة أخيه 
قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أن النبي  قال:  لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه  . وقال عليه الصلاة والسلام لفاطمة بنت قيس:  إذا حللت فآذنيني  . قالت: فلما حللت أخبرته أن معاوية وأبا جهم خطباني فقال:  أما معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه انكحي أسامة  . فدلت خطبته على خطبتهما أنها خلاف الذي نهى عنه أن يخطب على خطبة أخيه إذا كانت قد أذنت فيه فكان هذا فسادا عليه وفي الفساد ما يشبه الإضرار والله أعلم. وفاطمة لم تكن أخبرته أنها أذنت في أحدهما. 

باب نكاح المشرك ومن أسلم وعنده أكثر 
من أربع من هذا ومن كتاب التعريض بالخطبة قال الشافعي أخبرنا الثقة أحسبه إسماعيل بن إبراهيم عن معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: أسلم غيلان بن سلمة وعنده عشر نسوة فقال له النبي :  أمسك أربعا وفارق سائرهن  . وروي أن النبي  قال لرجل يقال له الديلمي - أو ابن الديلمي - أسلم وعنده أختان:  اختر أيتهما شئت وفارق الأخرى  . وقال لنوفل بن معاوية وعنده خمس:  فارق واحدة وأمسك أربعا  قال: فعمدت إلى أقدمهن ففارقتها. قال الشافعي رحمه الله: وبهذا أقول ولا أبالي أكن في عقدة واحدة أو في عقد متفرقة إذا كان من يمسك منهن يجوز أن يبتدئ نكاحها في الإسلام ما لم تنقض العدة قبل اجتماع إسلامهما لأن أبا سفيان وحكيم بن حزام أسلما قبل ثم أسلمت امرأتاهما فاستقرت كل واحدة منهما عند زوجها بالنكاح الأول وأسلمت امرأة صفوان وامرأة عكرمة ثم أسلما فاستقرتا بالنكاح الأول وذلك قبل انقضاء العدة. قال الشافعي فإن أسلم وقد نكح أما وابنتها معا فدخل بهما لم تحل له واحدة منهما أبدا ولو لم يكن دخل بهما قلنا: أمسك أيتهما شئت وفارق الأخرى. وقال في موضع آخر: يمسك الابنة ويفارق الأم. قال المزني: هذا أولى بقوله عندي وكذا قال في كتاب التعريض بالخطبة وقال أولا كانت الأم أو آخرا. قال الشافعي ولو أسلم وعنده أربع زوجات إماء فإن لم يكن معسرا يخاف العنت أو فيهن حرة انفسخ نكاح الإماء وإن كان لا يجد ما يتزوج به حرة ويخاف العنت ولا حرة فيهن اختار واحدة وانفسخ نكاح البواقي 
 

صفحة : 3372

 ولو أسلم بعضهن بعده فسواء وينتظر إسلام البواقي فمن اجتمع إسلامه وإسلام الزوج قبل مضي العدة كان له الخيار فيهن ولو أسلم الإماء معه وعتقن وتخلفت حرة وقف نكاح الإماء فإن أسلمت الحرة انفسخ نكاح الإماء ولو اختار منهن واحدة ولم تسلم الحرة ثبتت ولو عتقن قبل أن يسلمن كن كمن ابتدىء نكاحه وهن حرائر. قال: ولو كان عبد عن إماء وحرائر مسلمات أو كتابيات ولم يخترن فراقه أمسك اثنتين ولو عتقن قبل إسلامه فاخترن فراقه كان ذلك لهن لأنه لهن بعد إسلامه وعددهن عدد الحرائر فيحصين من حين اخترن فراقه فإن اجتمع إسلامه وإسلامهن في العدة فعددهن عدد حرائر من يوم اخترن فراقه وإلا فعددهن عدد حرائر من يوم أسلم متقدم الإسلام منهما لأن الفسخ من يومئذ وإن لم يخترن فراقه ولا المقام معه خيرن إذا اجتمع إسلامه وإسلامهن معا وإن لم يتقدم إسلامهن قبل إسلامه فاخترن فراقه أو المقام معه ثم أسلمن خيرن حين يسلمن لأنهن اخترن ولا خيار لهن ولو اجتمع إسلامهن وإسلامه وهن إماء ثم أعتقن من ساعتهن ثم اخترن فراقه لم يكن ذلك لهن إذ أتى عليهن أقل أوقات الدنيا وإسلامهن وإسلامه مجتمع وكذلك لو كان عتقه وهن معا. قال المزني رحمه الله: ليس هذا عندي بشيء قد قطع في كتابين بأن لها الخيار لو أصابها فادعت الجهالة. وقال في موضع آخر: إن على السلطان أن يؤجلها أكثر مقامها فكم يمر بها من أوقات الدنيا من حين أعتقت إلى أن جاءت إلى السلطان وقد يبعد ذلك ويقرب إلى أن يفهم عنها ما تقول ثم إلى انقضاء أجل مقامها ذلك على قدر ما يرى فكيف يبطل خيار إماء يعتقن إذا أتى عليهن أقل أوقات الدنيا وإسلامهن وإسلام الزوج مجتمع. قال المزني: ولو كان كذلك لما قدرن إذا أعتقن تحت عبد أن يخترن بحال لأنهن لا يقدرن يخترن إلا بحروف وكل حرف منها في وقت غير وقت الآخر وفي ذلك إبطال الخيار. قال الشافعي ولو اجتمع إسلامه وإسلام حرتين في العدة ثم عتق ثم أسلمت اثنتان في العدة لم يكن له أن يمسك إلا اثنتين من أي الأربع شاء لا يثبت له بعقد العبودية إلا اثنتان وينكح تمام أربع إن شاء ولو أسلم وأسلم معه أربع فقال: قد فسخت نكاحهن سئل فإن أراد طلاقا فهو ما أراد وإن أراد حله بلا طلاق لم يكن طلاقا وأحلف ولو كن خمسا فأسلمت واحدة في العدة فقال: قد اخترت حبسها حتى قال ذلك لأربع ثبت نكاحهن باختياره وانفسخ نكاح البواقي ولو قال كلما أسلمت واحدة منكن فقد اخترت فسخ نكاحها لم يكن هذا شيئا إلا أن يريد طلاقا فإن اختار إمساك أربع فقد انفسخ نكاح من زاد عليهن. قال المزني رحمه 
 

صفحة : 3373

 الله: القياس عندي على قوله أنه إذا أسلم وعنده أكثر من أربع وأسلمن معه فقذف واحدة منهن أو ظاهر أو آلى كان ذلك موقوفا فإن اختارها كان عليه فيها ما عليه في الزوجات وإن فسخ نكاحها سقط عنه الظهار والإيلاء وجلد بقذفها. قال الشافعي رحمه الله: ولو أسلمن معه فقال: لا أختار حبس حتى يختار وأنفق عليهن من ماله لأنه مانع لهن بعقد متقدم ولا يطلق عليه السلطان كما يطلق على المولى فإن امتنع مع الحبس عزر وحبس حتى يختار وإن مات أمرناهن أن يعتددن الآخر من أربعة أشهر وعشر أو من ثلاث حيض ويوقف لهن الميراث حتى يصطلحن فيه ولو أسلم وعنده وثنية ثم تزوج أختها أو أربعا سواها في عدتها فالنكاح مفسوخ. قال المزني: أشبه بقوله إن النكاح موقوف كما جعل نكاح من لم تسلم موقوفا فإن أسلمت في العدة علم أنها لم تزل امرأته وإن انقضت قبل أن تسلم علم أنه لا امرأة له فيصح نكاح الأربع لأنه عقدهن ولا امرأة له. قال الشافعي ولو أسلمت قبله ثم أسلم في العدة أو لم يسلم حتى انقضت فلها نفقة العدة في الوجهينجميعا لأنها محبوسة عليه متى شاء أن يسلم كانا على النكاح ولو كان هو المسلم لم يكن لها نفقة في أيام كفرها لأنها المانعة لنفسها منه ولو اختلفا فالقول قوله مع يمينه ولو أسلم قبل الدخول فلها نصف المهر إن كان حلالا ونصف مهر مثلها إن كان حراما ومتعة إن لم يكن فرض لها لأن فسخ النكاح من قبله وإن كانت هي أسلمت قبله فلا شيء لها من صداق لا غيره لأن الفسخ من قبلها. قال: ولو أسلما معا فهما على النكاح وإن قال: أسلم أحدنا قبل صاحبه فالنكاح مفسوخ ولا نصف مهر حتى يعلم فإن تداعيا فالقول قولها مع يمينها لأن العقد ثابت فلا يبطل نصف المهر إلا بأن تسلم قبله. وإن قالت: أسلم أحدنا قبل الآخر وقال هو معا فالقول قوله مع يمينه ولا تصدق على فسخ النكاح وفيها قول آخر أن النكاح مفسوخ حتى يتصادقا. قال المزني: أشبه بقوله أن لا ينفسخ النكاح بقولها كما لم ينفسخ نصف المهر بقوله. قال المزني: وقد قال لو كان دخل بها فقالت: انقضت عدتي قبل إسلامك وقال: بل بعد فلا تصدق على فسخ ما ثبت له من النكاح. قال: ولو كانت عنده امرأة نكحها في الشرك بمتعة أو على خيار انفسخ نكاحها لأنه لم ينكحها على الأبد. 
قال الشافعي رحمه الله: واحتججت على من يبطل الأواخر بقول النبي  لابن الديلمي وعنده أختان:  اختر أيتهما شئت وفارق الأخرى  . وبما قال لنوفل بن معاوية 
 

صفحة : 3374

 وتخييره غيلان فلو كان الأواخر حراما ما خيره رسول الله  وقلت له أحسن حالة أن يعقدوه بشهادة أهل الأوثان. قلت: ويروى أنهم كانوا ينكحون في العدة وبغير شهود. قال: أجل. قلت: وهذا كله فاسد في الإسلام قال: أجل. قلت: فلما لم يسأل النبي  عن العقد كان عفوا لفوته كما حكم الله ورسوله  بعفو الربا إذا فات بقبضه ورد ما بقي لأن الإسلام أدركه كما رد ما جاوز أربعا لأن الإسلام أدركهن معه والعقد كلها لو ابتدأت في الإسلام فاسدة فكيف نظرت إلى فسادها مرة ولم تنظر أخرى فرجع بعض أصحابهم وقال محمد بن الحسن: ما علمت أحدا احتج بأحسن مما احتججت به ولقد خالفت أصحابي فيه منذ زمان وما ينبغي أن يدخل على حديث النبي  القياس. 

باب ارتداد أحل الزوجين أو هما ومن شرك إلى شرك 
من كتاب جامع الخطبة ومن كتاب المرتد ومن كتاب ما يحرم الجمع بينه قال الشافعي رحمه الله: وإذا ارتدا أو أحدهما منعا الوطء فإن انقضت العدة قبل اجتماع إسلامهما انفسخ النكاح ولها مهر مثلها إن أصابها في الردة فإن اجتمع إسلامهما قبل انقضاء العدة فهما على النكاح ولو هرب مرتدا ثم رجع بعد انقضاء العدة مسلما وادعى أنه أسلم قبلها فأنكرت فالقول قولها مع يمينها. قال: ولو لم يدخل بها فارتدت فلا مهر لها لأن الفسخ من قبلها وإن ارتد فلها نصف المهر لأن الفسخ من قبله ولو كانت تحته نصرانية فتمجست أو تزندقت فكالمسلمة ترتد. وقال: في كتاب المرتد حتى ترجع إلى الذي حلت به من يهودية أو نصرانية ومن دان دين اليهود والنصارى من العرب أو العجم غير بني إسرائيل في فسخ النكاح وما يحرم منه أو يحل كأهل الأوثان. وقال في كتاب ما يحرم الجمع بينه: من ارتد من يهودية إلى نصرانية أو نصرانية إلى يهودية حل نكاحها لأنها لو كانت من أهل الدين الذي خرجت إليه حل نكاحها. وقال في كتاب الجزية: لا ينكح من ارتد عن أصل دين آبائه لأنهم بدلوا بغيره الإسلام فخالفوا حالهم عما أذن بأخذ الجزية منهم عليه وأبيح من طعامهم ونسائهم. 

ID ' '   وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن 

 العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر 

 كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . 

 

صفحة : 3375


باب طلاق الشرك 
قال الشافعي رحمه الله: وإذا أثبت رسول الله  نكاح الشرك وأقر أهله عليه في الإسلام لم يجز - والله أعلم - إلا أن يثبت طلاق الشرك لأن الطلاق يثبت بثبوت النكاح ويسقط بسقوطه فإن أسلما وقد طلقها في الشرك ثلاثا لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ولو تزوجها غيره في الشرك حلت له ولمسلم لو طلقها ثلاثا. 

باب عقدة نكاح أهل الذمة من الجامع من ثلاثة كتب 
قال الشافعي رحمه الله: وعقلة كماح أهل الذمة ومهورهم كأهل الحرب فإن نكح نصراني وثنية أو مجوسية أو نكح وثني نصرانية أو مجوسية لم أفسح منه شيئا إذا أسلموا. قال: ولا تحل ذبيحة من ولد من وثني ونصرانية ولا من نصراني ووثنية ولا يحل نكاح ابنتهما لأنها ليست كتابية خالصة. وقال: وفي كتاب آخر إن كان أبوها نصرانيا حلت وإن كان وثنيا لم تحل لأنها ترجع إلى النسب وليست كالصغيرة يسلم أحد أبويها لأن الإسلام لا يشركه الشرك والشرك يشركه الشرك. 
قال: ولو تحاكموا إلينا وجب أن نحكم بينهم كان الزوج الجائي أو الزوجة فإن لم يكن حكم مضى لم نزوجهم إلا بولي وشهود مسلمين فلو لم يكن لها قريب زوجها الحاكم لأن تزويجه حكم عليها فإذا تحاكموا إلينا بعد النكاح فإن كان مما يجوز ابتداؤه في الإسلام أجزناه لأن عقده قد مضى في الشرك وكذلك ما قبضت من مهر حرام ولو قبضت نصفه في الشرك حراما ثم أسلما 
ID ' '   صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا 

 يتوقف فيه إلا جاهل غبي. 

 والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه 

 الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن 

 يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما 

 سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. 

 وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله 

 ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت 

 جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت 

 عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها 

 

صفحة : 3376


باب إتيان الحائض ووطء اثنتين قبل الغسل من هذا 
ومن كتاب عشرة النساء قال الشافعي رحمه الله: أمر الله تبارك وتعالى باعتزال الحيض فاستدللنا بالسنة على ما أراد فقلنا: تشد إزارها على أسفلها ويباشرها فوق إزارها حتى يطهرن حتى ينقطع الدم وترى الطهر فإذا تطهرن - يعني والله أعلم - الطهارة التي تحل بها الصلاة الغسل أو التيمم. قال: وفي تحريمها لأذى المحيض كالدلالة على تحريم الدبر لأن أذاه لا ينقطع وإن وطىء في الدم استغفر الله تعالى ولا يعود وإن كان له إماء فلا بأس أن يأتيهن معا قبل أن يغتسل ولو توضأ كان أحب إلي وأحب لو غسل فرجه قبل إتيان التي بعدها ولو كن حرائر فحللنه فكذلك. 

إتيان النساء في أدبارهن من أحكام القران 
ومن كتاب عشرة النساء قال الشافعي رحمه الله: ذهب بعض أصحابنا في إتيان النساء في أدبارهن إلى إحلاله وآخرون إلى تحريمه. وروي عن جابر بن عبد الله من حديث ثابت أن اليهود كانت تقول: من أتى امرأته في قبلها من دبرها جاء ولده أحول فأنزل الله تعالى:  نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم  . وروي عن النبي  أن رجلا سأله عن ذلك فقال النبي :  في أي الخربتين أو في أي الخرزتين أو في أي الخصفتين أمن دبرها في قبلها فنعم أم من دبرها في دبرها فلا إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن  . قال الشافعي فلست أرخص فيه بل أنهى عنه فأما التلذذ بغير إيلاج بين الأليتين فلا بأس وإن أصابها في الدبر لم يحصنها وينهاه الإمام فإن عاد عزره فإن كان في زنا حده وإن كان غاصبا أغرمه المهر وأفسد حجه. 

ID ' '   هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت 

 خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها 

 فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر 

 على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. 

 ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه 

 والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب 

 

صفحة : 3377


باب الشغار وما دخل فيه من أحكام القرآن 
قال الشافعي رحمه الله: وإذا أنكح الرجل ابنته أو المرأة تلي أمرها الرجل على أن ينكحه الرجل ابنته أو المرأة تلي أمرها على أن صداق كل واحدة منهما بضع الأخرى ولم يسم لكل واحدة منهما صداقا فهذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله  وهو مفسوخ ولو سمى لهما أو لأحدهما صداقا فليس بالشغار المنهي عنه والنكاح ثابت والمهر فاسد ولكل واحدة منهما مهر مثلها ونصف مهر إن طلقت قبل الدخول فإن قيل: فقد ثبت النكاح بلا مهر. قيل: لأن الله تعالى أجازه في كتابه فأجزناه والنساء محرمات الفروج إلا بما أحلهن الله به فلما نهى عليه الصلاة والسلام عن نكاح الشغار لم أحل محرما بمحرم وبهذا قلنا في نكاح المتعة والمحرم. قال: وقلت لبعض الناس: أجزت نكاح الشغار ولم يختلف فيه عن النبي  ورددت نكاح المتعة وقد اختلف فيها عن النبي  وهذا تحكم أرأيت إن عورضت فقيل لك نهى النبي  أن تنكح المرأة على خالتها أو على عمتها وهذا اختيار فأجزه. فقال: لا يجوز لأن عقده منهي عنه. قيل: وكذلك عقد الشغار منهي عنه. قال المزني رحمه الله: معنى قول الشافعي نهي النبي  عن الشغار إنما نهي عن النكاح نفسه لا عن الصداق ولو كان عن الصداق لكان النكاح ثابتا ولها مهر مثلها. 

ID ' '   الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف 

 ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه 

 أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن 

 ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. 

 وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو 

 ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة 

 للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب 

 غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال 

 وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع 

 سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ 

 

صفحة : 3378


نكاح المتعة والمحلل من الجامع 
من كتاب النكاح والطلاق ومن الإملاء على مسائل مالك ومن اختلاف الحديث قال الشافعي رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبد الله والحسن بن محمد بن علي عن أبيهما عن علي رضي الله عنه أن النبي  نهى يوم خيبر عن نكاح المتعة وأكل لحوم الحمر الأهلية. قال: وإن كان حديث عبد العزيز بن عمر عن الربيع بن سبرة ثابتا فهو مبين أن النبي  أحل نكاح المتعة ثم قال:  هي حرام إلى يوم القيامة  . 
قال: وفي القرآن والسنة دليل على تحريم المتعة قال الله تعالى:  إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن  فلم يحرمهن الله على الأزواج إلا بالطلاق. وقال تعالى:  فإمساك بمعروف أو تسريح  . وقال تعالى:  وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج  فجعل إلى الأزواج فرقة من عقدوا عليه النكاح مع أحكام ما بين الأزواج فكان بينا - والله أعلم - أن نكاح المتعة منسوخ بالقرآن والسنة لأنه إلى مدة ثم نجده ينفسخ بلا إحداث طلاق فيه ولا فيه أحكام الأزواج. 

باب نكاح المحرم 
قال الشافعي رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن نافع عن نبيه بن وهب عن أبان بن عثمان عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي  قال:  لا ينكح المحرم ولا ينكح  . 
وقال بعض الناس: روينا أن النبي  نكح ميمونة رضي الله عنها وهو محرم. 
قلت: رواية عثمان ثابتة وبزيد بن الأصم ابن أختها وسليمان بن يسار عتيقها أو ابن عتيقها يقولان نكحها وهو حلال وثالث وهو سعيد بن المسيب وينفرد عليك حديث عثمان الثابت. 
وقلت: أليس أعطيتني أنه إذا اختلفت الرواية عن النبي  نظرت فيما فعل أصحابه من بعده فأخذت به وتركت الذي يخالفه قال: بلى. قلت: فعمر بن الخطاب ويزيد بن ثابت يردان نكاح المحرم وقال ابن عمر: لا ينكح المحرم ولا ينكح. ولا أعلم لهما مخالفا فلم لا قلت به قال الشافعي فإن كان المحرم حاجا فحتى يرمي ويحلق ويطوف بالبيت يوم النحر أو بعده وإن كان معتمرا فحتى يطوف بالبيت ويسعى ويحلق فإن نكح قبل ذلك فمفسوخ والرجعة والشهادة على النكاح ليسا بنكاح. 

ID ' '   الحديث. 

 وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة 

 

صفحة : 3379


العيب في المنكوحة 
من كتاب نكاح الجديد ومن النكاح القديم ومن النكاح والطلاق إملاء على مسائل مالك وغير ذلك قال الشافعي رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها وذلك لزوجها غرم على وليها وقال أبو الشعثاء: أربع لا يجزن في النكاح إلا أن تسمى: الجنون والجذام والبرص والقرن. قال الشافعي القرن المانع للجماع لأنها في غير معنى النساء. قال: فإن اختار فراقها قبل المسيس فلا نصف مهر ولا متعة وإن اختار فراقها بعد المسيس فصدقته أنه لم يعلم فله ذلك ولها مهر مثلها بالمسيس ولا نفقة عليه في عدتها ولا سكنى ولا يرجع بالمهر عليها ولا على وليها لأن النبي  قال في التي نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها ولم يرده به عليها وهي التي غرته فهو في النكاح الصحيح الذي للزوج فيه الخيار أولى أن يكون للمرأة وإذا كان لها لم يجز أن يغرمه وليها. وقضى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في التي نكحت في عدتها أن لها المهر. 
قال: وما جعلت له فيه الخيار في عقد النكاح ثم حدث بها فله الخيار لأن ذلك المعنى قائم فيها لحقه في ذلك وحق الولد. قال المزني رحمه الله: وكذلك ما فسخ عقد نكاح الأمة من الطول إذا حدث بعد النكاح فسخه لأنه المعنى الذي يفسخ به النكاح. قال الشافعي وكذلك هي فيه فإن اختارت فراقه قبل المسيس فلا مهر ولا متعة فإن لم تعلم حتى أصابها فاختارت فراقه فلها المهر مع الفراق والذي يكون به مثل الرتق بها أن يكون مجبوبا فأخيرها مكانها وأيهما تركه أو وطىء بعد العلم فلا خيار له. وقال في القديم: إن حدث به فلها الفسخ وليس له. قال المزني: أولى بقوله إنهما سواء في الحديث كما كانا فيه سواء قبل الحديث. قال: والجذام والبرص فيما زعم أهل العلم بالطب يعدي ولا تكاد نفس أحد تطيب أن يجامع من هو به ولا نفس امرأة بذلك منه وأما الولد فقلما يسلم فإن سلم أدرك ذلك نسله نسأل الله تعالى العافية. والجنون والخبل لا يكون معهما تأدية لحق زوج ولا زوجة بعقل ولا امتناع من محرم وقد يكون من مثله القتل ولوليها منعها من نكاح المجنون كما يمنعها من غير كفء فإن قيل: فهل من حكم بينهما فيه الخيار أو الفرقة قيل: نعم المولى يمتنع من الجماع بيمين لو كانت على غير مأثم كانت طاعة الله 
 

صفحة : 3380

 أن لا يحنث فأرخص له في الحنث بكفارة اليمين فإن لم يفعل وجب عليه الطلاق والعلم محيط بأن الضرر بمباشرة الأجذم والأبرص والمجنون والمخبول أكثر منها بترك مباشرة المولى ما لم يحنث ولو تزوجها على أنها مسلمة فإذا هي كتابية كان له فسخ النكاح بلا نصف مهر ولو تزوجها على أنها كتابية فإذا هي مسلمة لم يكن له فسخ النكاح لأنها خير من كتابية. قال المزني رحمه الله: هذا يدل على أن من اشترى أمة على أنها نصرانية فأصابها مسلمة فليس للمشتري أن يردها وإذا اشتراها على أنها مسلمة فوجدها نصرانية فله أن يردها. 

باب الأمة تغر من نفسها 
من الجامع من كتاب النكاح الجديد ومن التعريض بالخطبة ومن نكاح القديم ومن النكاح والطلاق إملاء على مسائل مالك قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا وكل بتزويج أمته فذكرت والوكيل أو أحدهما أنها حرة فتزوجها ثم علم فله الخيار فإن اختار فراقها قبل الدخول فلا نصف مهر ولا متعة وإن أصابها فلها مهر مثلها كان أكثر مما سمي أو أقل لأن فراقها فسخ ولا يرجع به فإن كانت ولدت فهم أحرار وعليه قيمتهم يوم سقطوا وذلك أول ما كان حكمهم حكم أنفسهم لسيد الأمة ولا يرجع بها على الذي غره إلا بعد أن يغرمها فإن كان الزوج عبدا فولده أحرار لأنه تزوج على أنهم أحرار ولا مهر لها عليه حتى يعتق. قال المزني: وقيمة الولد في معناه وهذا يدل على أن لا غرم على من شهد على رجل بقتل خطأ أو بعتق حتى يغرم للمشهود له. قال الشافعي رحمه الله: وإن كانت هي الغارة رجع عليها به إذا أعتقت إلا أن تكون مكاتبة فيرجع عليها في كتابتها لأنها كالجناية فإن عجزت فحتى تعتق فإن ضر بها أحد فألقت جنينا ففيه ما في جنين الحرة. قال المزني رحمه الله: قد جعل الشافعي جنين المكاتبة كجنين الحرة إذا تزوجها على أنها حرة. 

ID ' '   أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. 

 هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة 

 القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال 

 تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون 

 خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م 

 ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: 

 

صفحة : 3381


الأمة تعتق وزوجها عبد 
من كتاب تديم ومن إملاء وكتاب نكاح وطلاق إملاء على مسائل مالك قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا مالك عن ربيعة عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها أن بريرة أعتقت فخيرها رسول الله . قال: وفي ذلك دليل على أن ليس بيعها طلاقها إذ خيرها رسول الله  بعد بيعها في زوجها. وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان عبدا. وعن ابن عباس أنه كان عبدا يقال له مغيث كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته. فقال النبي  للعباس رضي الله عنه: يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثا. فقال لها النبي :  لو راجعته فإنما هو أبو ولدك  فقالت: يا رسول الله بأمرك. 
قال:  إنما أنا شفيع  قالت: فلا حاجة لي فيه. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال كان عبدا. قال الشافعي رحمه الله: ولا يشبه العبد الحر لأن العبد لا يملك نفسه ولأن للسيد إخراجه عنها ومنعه منها ولا نفقة عليه لولدها ولا ولاية ولا ميراث بينهما فلهذا - والله أعلم - كان لها الخيار إذا أعتقت ما لم يصبها زوجها بعد العتق ولا أعلم في تأقيت الخيار شيئا يتبع إلا قول حفصة زوج النبي  ما لم يمسها. قال: فإن أصابها فادعت الجهالة ففيها قولان أحدهما: أن لا خيار لها والآخر لها الخيار وهذا أحب إلينا. قلت أنا: وقد قطع بأن لها الخيار في كتابين ولا معنى فيها لقولين. قال الشافعي فإن اختارت فراقه ولم يمسها فلا صداق لها فإن أقامت معه فالصداق للسيد لأنه وجب بالعقد ولو كانت في عدة طلقة فلها الفسخ وإن تزوجها بعد ذلك فهي على واحدة وعلى السلطان أن لا يؤجلها أكثر من مقامها فإن كانت صبية فحتى نبلغ ولا خيار لأمة حتى تكمل فيها الحرية ولو أعتق قبل الخيار فلا خيار لها. 

ID ' '   (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية 

 والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: 

 (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل 

 ولا يكاد يقدر عليه. 

 وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن 

 

صفحة : 3382


أجل العنين والخصي غير المجبوب والخنثى 
من الجامع من كتاب قديم ومن كتاب التعريض بالخطبة قال الشافعي رحمه الله تعالى: أخبرنا سفيان بن عيينة عن معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن عمر رضي الله عنه أنه أجل العنين سنة. قال: ولا أحفظ عمن لقيته خلافا في ذلك فإن جامع وإلا فرق بينهما وإن قطع من ذكره فبقي منه ما يقع موقع الجماع أو كان خنثى يبول من حيث يبول الرجال أو كان يصيب غيرها ولا يصيبها فسألت فرقته أجلته سنة من يوم ترافعا إلينا. قال: فإن أصابها مرة واحدة فهي امرأته ولا تكون إصابتها إلا بأن يغيب الحشفة أو ما بقي من الذكر في الفرج فإن لم يصبها خيرها السلطان فإن شاءت فراقه فسخ نكاحها بغير طلاق لأنه إليها دونه فإن أقامت معه فهو ترك لحقها فإن فارقها بعد ذلك ثم راجعها في العدة ثم سألت أن يؤجل لم يكن ذلك لها. قال المزني: وكيف يكون عليها عدة ولم تكن إصابة وأصل قوله: لو استمتع رجل بامرأة وقالت لم يصبني وطلق فلها نصف المهر ولا عدة عليها قال الشافعي ولو قالت لم يصبني وقال قد أصبتها فالقول قوله لأنها تريد فسخ نكاحها وعليه اليمين فإن نكل وحلفت فرق بينهما وإن كانت بكرا أريها أربعا من النساء عدولا وذلك دليل على صدقها فإن شاء أحلفها ثم فرق بينهما فإن نكلت وحلف أقام معها وذلك أن العذرة قد تعود فيما يزعم أهل الخبرة بها إذا لم يبالغ في الإصابة. قال الشافعي وللمرأة الخيار في المجبوب وغير المجبوب من ساعتها لأن المجبوب لا يجامع أبدا والخصي ناقص عن الرجال وإن كان له ذكر إلا أن تكون علمت فلا خيار لها وإن لم يجامعها الصبي أجل قال المزني: معناه عندي صبي قد بلغ أن يجامع مثله. قال الشافعي فإن كان خنثى يبول من حيث يبول الرجل فهو رجل يتزوج امرأة وإن كانت هي تبول من حيث تبول المرأة فهي امرأة تتزوج رجلا وإن كان مشكلا لم يزوج وقيل له أنت أعلم بنفسك فأيهما شئت أنكحناك عليه ثم لا يكون لك غيره أبدا. قال المزني: فبأيهما تزوج وهو مشكل كان لصاحبه الخيار لنقصه قياسا على قوله في الخصي له الذكر إن لها فيه الخيار لنقصه. 

ID ' '   العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر 

 كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . 

 صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا 

 

صفحة : 3383


الإحصان الذي به يرجم من زنى 
من كتاب التعريض بالخطبة وغير ذلك قال الشافعي رحمه الله تعالى: فإذا أصاب الحر البالغ أو أصيبت الحرة البالغة فهو إحصان في الشرك وغيره لأن النبي  رجم يهوديين زنيا فلو كان المشرك لا يكون محصنا كما قال بعض الناس لما رجم  غير محصن. 
صداق مختصر من الجامع من كتاب الصداق ومن كتاب النكاح ومن كتاب اختلاف مالك والشافعي قال الشافعي رحمه الله تعالى: ذكر الله الصداق والأجر في كتابه وهو المهر قال الله تعالى:  لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة  فدل على أن عقدة النكاح بالكلام وأن ترك الصداق لا يفسدها فلو عقد بمجهول أو بحرام ثبت النكاح ولها مهر مثلها. وفي قوله تعالى:  وآتيتم إحداهن قنطارا  دليل على أن لا وقت للصداق يحرم به لتركه النهي عن التكثير وتركه حد القليل. وقال :  أدوا العلائق  . قيل: يا رسول الله وما العلائق قال:  ما تراضى به الأهلون  . قال: ولا يقع اسم علق إلى على ما له قيمة وإن قلت مثل الفلس وما أشبهه. وقال  لرجل:  التمس ولو خاتما من حديد  . 
فالتمس فلم يجد شيئا فقال:  هل معك شيء من القرآن.  قال: نعم سورة كذا وسورة كذا. 
فقال:  قد زوجتكها بما معك من القرآن  . وبلغنا أن النبي  قال:  من استحل بدرهم فقد استحل  . وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: في ثلاث قبضات زبيب مهر. وقال ابن المسيب: لو أصدقها سوطا جاز. وقال ربيعة: درهم. قال: قلت وأقل. 
قال: ونصف درهم قال: قلت له فأقل قال: نعم وحبة حنطة أو قبضة حنطة. قال الشافعي فما جاز أن يكون ثمنا لشيء أو مبيعا بشيء أو أجرة لشيء جاز إذا كانت المرأة مالكة لأمرها. 

ID ' '   يتوقف فيه إلا جاهل غبي. 

 والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه 

 الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن 

 يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما 

 

صفحة : 3384


الجعل والإجارة 
من الجامع من كتاب الصداق وكتاب النكاح من أحكام القرآن ومن كتاب النكاح القديم قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا أنكح  بالقرآن فلو نكحها على أن يعلمها قرآنا أو يأتيها بعبدها الآبق فعلمها أو جاءها بالآبق ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف أجر التعليم. قال المزني: وبنصف أجر المجيء بالآبق فإن لم يعلمها أو لم يأتها بالآبق رجعت عليه بنصف مهر مثلها لأنه ليس له أن يخلو بها يعلمها. قال المزني وكذا لو قال: نكحت على خياطة ثوب بعينه فهلك الثوب فلها مهر مثلها وهذا أصح من قوله: لو مات رجعت في 
صداق ما يزيد ببدنه وينقص 
من الجامع وغير ذلك من كتاب الصداق ونكاح القديم ومن اختلاف الحديث ومن مسائل شتى قال الشافعي رحمه الله: وكل ما أصدقها فملكته بالعقدة وضمنته بالدفع فلها زيادته وعليها نقصانه فإن أصدقها أمة أو عبدا صغيرين فكبرا أو أعميين فأبصرا ثم طلقها قبل الدخول فعليها نصف قيمتهما يوم قبضهما إلا أن تشاء دفعهما زائدين فلا يكون له إلا ذلك إلا أن تكون الزيادة غيرتهما بأن يكونا كبرا كبرا بعيدا فالصغير يصلح لما لا يصلح له الكبير فيكون له نصف قيمتهما وإن كانا ناقصين فله نصف قيمتهما إلا أن يشاء أن يأخذهما ناقصين فليس لها منعه إلا أن يكونا يصلحان لما لا يصلح له الصغير في نحو ذلك وهذا كله ما لم يقض له القاضي بنصفه فتكون هي حينئذ ضامنة لما أصابه في يديها فإن طلقها والنخل مطلعة فأراد أخذ نصفها بالطلع لم يكن له ذلك وكانت كالجارية الحبلى والشاة الماخص ومخالفة لهما في أن أن الإطلاع لا يكون مغيرا للنخل عن حالها فإن شاءت أن تدفع إليه نصفها فليس له إلا ذلك وكذلك كل شجر إلا أن يرقل الشجر فيصير قحاما فلا يلزمه وليس لها ترك الثمرة على أن تستجنيها ثم تدفع إليه نصف الشجر لا يكون حقه معجلا فتؤخره إلا أن يشاء ولو أراد أن يؤخرها إلى أن تجد الثمرة لم يكن ذلك عليها وذلك أن النخل والشجر يزيدان إلى الجداد وأنه لما طلقها وفيها الزيادة كان محولا دونها وكانت هي المالكة دونه وحقه في قيمته. قال المزني: ليس هذا عندي بشيء لأنه يجيز بيع النخل قد أبرت فيكون ثمرها للبائع حتى يستجنيها والنخل للمشتري معجلة ولو كانت مؤخرة ما 
 

صفحة : 3385

 جاز بيع عين مؤخرة فلما جازت معجلة والثمر فيها جاز رد نصفها للزوج معجلا والثمر فيها وكان رد النصف في ذلك أحق بالجواز من الشراء فإن جاز ذلك في الشراء جاز في الرد. قال الشافعي وكذلك الأرض تزرعها أو تغرسها أو تحرثها. قال المزني: الزرع مضر بالأرض منقص لها وإن كان لحصاده غاية فله الخيار في قبول نصف الأرض منتقصة أو القيمة والزرع لها وليس ثمر النخل مضرا بها فله نصف النخل والثمر لها وأما الغراس فليس بشبيه لهما لأن لهما غاية يفارقان فيها مكانهما من جداد وحصاد وليس كذلك الغراس لأنه ثابت في الأرض فله نصف قيمتها وأما الحرث فزيادة لها فليس عليها أن تعطيه نصف ما زاد في ملكها إلا أن تشاء وهذا عندي أشبه بقوله وبالله التوفيق. قال الشافعي ولو ولدت الأمة في يديه أو نتجت الماشية فنقصت عن حالها كان الولد لها دونه لأنه حدث في ملكها فإن شاءت أخذت أنصافها ناقصة وإن شاءت أخذت أنصاف قيمتها يوم أصدقها. قال المزني: هذا قياس قوله في أول باب ما جاء في الصداق في كتاب الأم وهو خطأ على أصله. قال الشافعي فإن أصدقها عرضا بعينه أو عبدا فهلك قبل أن يدفعه فلها قيمته يوم وقع النكاح فإن طلبته فمنعها فهو غاصب وعليه أكثر ما كان قيمة. قال المزني: قد قال في كتاب الخلع لو أصدقها دارا فاحترقت قبل أن تقبضها كان لها الخيار في أن ترجع بمهر مثلها أو تكون لها العرصة بحصتها من المهر. وقال فيه أيضا: لو خلعها على عبد بعينه فمات قبل أن يقبضه رجع عليها بمهر مثلها كما يرجع لو اشتراه منها فمات رجع بالثمن الذي قبضت. قال المزني: هذا أشبه بأصله لأنه يجعل بدل النكاح وبدل الخلع في معنى بدل البيع المستهلك فإذا بطل البيع قبل أن يقبض وقد قبض البدل واستهلك رجع بقيمة المستهلك وكذلك النكاح والخلع إذا بطل بدلهما رجع بقيمتهما وهو مهر المثل كالبيع المستهلك. 
قال: ولو جعل ثمر النخل في قوارير وجعل عليها صقرا من صقر نخلها كان لها أخذه ونزعه من القوارير فإذا كان إذا نزع فسد ولم يبق منه شيء ينتفع به كان لها الخيار في أن تأخذه أو تأخذ منه مثله ومثل صقره إن كان له مثل أو قيمته إن لم يكن له مثل ولو ربه برب من عنده كان لها الخيار في أن تأخذه وتنزع ما عليه من الرب أو تأخذ مثل التمر إذا كان إذا خرج من الرب لا يبقى يابسا بقاء التمر الذي لم يصبه الرب أو يتغير طعمه. قال: وكل ما أصيب في يديه بفعله أو غيره فهو كالغاصب فيه إلا أن تكون أمة فيطأها فتلد منه قبل الدخول ويقول: كنت أراها لا تملك إلا نصفها حتى أدخل فيقوم الولد عليه يوم سقط ويلحق به ولها مهرها وإن شاءت أن 
 

صفحة : 3386

 تسترقها فهي لها وإن شاءت أخذت قيمتها منه أكثر ما كانت قيمة ولا تكون أم ولد له وإنما جعلت لها الخيار لأن الولادة تغيرها عن حالها يوم أصدقها. قال المزني: وقد قال ولو آصدقها عبدا فأصابت به عيبا فردته أن لها مهر مثلها وهذا بقوله أولى. قال المزني: وإذا لم يختلف قوله أن لها الرد كالرد في البيع بالعيب فلا يجوز أخذ قيمة ما ردت في البيع وإنما ترجع إلى ما دفعت فإن كان فائتا فقيمته وكذلك البضع عنده كالمبيع الفائت ومما يؤكد ذلك أيضا قوله في الخلع: لو خلعها بعبد فأصاب به عيبا أنه يرده ويرجع بمهر مثلها فسوى في ذلك بينه وبينها وهذا بقوله أولى. قال الشافعي ولو أصدقها شقصا من دار ففيه الشفعة بمهر مثلها لأن التزويج في عامة حكمه كالبيع واختلف قوله في الرجل يتزوجها بعبد يساوي ألفا على أن زادته ألفا ومهر مثلها يبلغ ألفا فأبطله في أحد القولين وأجازه في الآخر وجعل ما أصاب قدر المهر من العبد مهرا وما أصاب قدر الألف من العبد مبيعا. قال المزني: أشبه عندي بقوله أن لا يجيزه لأنه لا يجيز البيع إذا كان في عقده كراء ولا الكتابة إذا كان في عقدها بيع ولو أصدقها عبدا فدبرته ثم طلقها قبل الدخول لم يرجع في نصفه لأن الرجوع لا يكون إلا بإخراجها إياه من ملكها. قال المزني: قد أجاز الرجوع في كتاب التدبير بغير إخراج له من ملكه وهو بقوله أولى. قال المزني: إذا كان التدبير وصية له برقبته فهو كما لو أوصى لغيره برقبته مع أن رد نصفه إليه إخراج من الملك. قال الشافعي ولو تزوجها على عبد فوجد حرا فعليه قيمته. قال المزني: هذا غلط وهو يقول لو تزوجها بشيء فاستحق رجعت إلى مهر مثلها ولم تكن لها قيمته لأنها لم تملكه فهي من ملك قيمة الحر أبعد. قال الشافعي وإذا شاهد الزوج الولي والمرأة أن المهر كذا ويعلن أكثر منه فاختلف قوله في ذلك فقال في موضع السر وقال في غيره العلانية وهذا أولى عندي لأنه إنما ينظر إلى العقود وما قبلها وعد. قال الشافعي وإن عقد عليه النكاح بعشرين يوم الخميس ثم عقد عليه يوم الجمعة بثلاثين وطلبتهما معا فهما لها لأنهما نكاحان. قال المزني رحمه الله: للزوج أن يقول كان الفراق في النكاح الثاني قبل الدخول فلا يلزمه إلا مهر ونصف في قياس قوله. قال الشافعي ولو أصدق أربع نسوة ألفا قسمت على قدر مهورهن كما لو اشترى أربعة أعبد في صفقة فيكون الثمن مقسوما على قدر قيمتهم. قال المزني رحمه الله: نظيرهن أن يشتري من أربع نسوة من كل واحدة عبدا بثمن واحد فتجهل كل واحدة منهن ثمن عبدها كما جهلت كل واحدة منهن مهر نفسها وفساد المهر بقوله أولى. قال الشافعي رحمه الله: ولو أصدق عن ابنه 
 

صفحة : 3387

 ودفع الصداق من ماله ثم طلق فللابن النصف كما لو وهبه له فقبضه ولو تزوج المولى عليه بغير أمر وليه لم يكن له أن يجيز النكاح وإن أصابها فلا صداق لها ولا شيء تستحل به إذا كنت لا 
باب التفويض 
من الجامع من كتاب الصداق ومن النكاح القديم ومن الإملاء على مسائل مالك. 
قال الشافعي رحمه الله تعالى: التفويض الذي من تزوج به عرف أنه تفويض أن يتزوج الرجل المرأة الثيب المالكة لأمرها برضاها ويقول لها: أتزوجك بغير مهر فالنكاح في هذا ثابت فإن أصابها فلها مهر مثلها وإن لم يصبها حتى طلقها فلها المتعة. وقال في القديم: بدلا من العقدة ولا وقت فيها واستحسن بقدر ثلاثين درهما أو ما رأى الولي بقدر الزوجين فإن مات قبل أن يسمي مهرا أو ماتت فسواء. وقد روي عن النبي  - بأبي هو وأمي - أنه قضى في بروع بنت واشق ونكحت بغير مهر فمات زوجها فقضى لها بمهر نسائها وبالميراث فإن كان يثبت فلا حجة في قول أحد دون النبي  يقال مرة عن معقل بن يسار ومرة عن معقل بن سنان ومرة عن بعض بني أشجع وإن لم يثبت فلا مهر ولها الميراث وهو قول علي وزيد وابن عمر. قال: ومتى طلبت المهر فلا يلزمه إلا أن يفرضه السلطان لها أو يفرضه هو لها بعد علمها بصداق مثلها فإن فرضه فلم ترضه حتى فارقها لم يكن إلا ما اجتمعا عليه فيكون كما لو كان في العقدة وقد يدخل في التفويض وليس بالتفويض المعروف وهو مخالف لما قبله وهو أن تقول له: أتزوجك على أن تفرض لي ما شئت أنت أو شئت أنا فهذا كالصداق الفاسد فلها مهر مثلها. قال المزني رحمه الله: هذا بالتفويض أشبه. 

ID ' '   سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. 

 وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله 

 ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت 

 جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت 

 عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها 

 هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت 

 خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها 

 فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر 

 

صفحة : 3388


تفسير مهر مثلها 
من الجامع من كتاب الصداق وكتاب الإملاء على مسائل مالك قال الشافعي رحمه الله: ومتى قلت لها مهر نسائها فإنما أعني نساء عصبتها وليس أمها من نسائها وأعني نساء بلدها ومهر من هو في مثل سنها وعقلها وحمقها وجمالها وقبحها ويسرها وعسرها وأدبها وصراحتها وبكرا كانت أو ثيبا. لأن المهور بذلك تختلف وأجعله نقدا كله لأن الحكم بالقيمة لا يكون بدين فإن لم يكن لها نسب فمهر أقرب الناس منها شبها فيما وصفت وإن كان نساؤها إذا نكحن في عشائرهن خففن خففت في عشيرتها. 

الاختلاف في المهر 
من كتاب الصداق قال الشافعي رحمه الله: وإذا اختلف الزوجان في المهر قبل الدخول أو بعده تحالفا ولها مهر مثلها وبدأت بالرجل وهكذا الزوج وأبو الصبية البكر وورثة الزوجين أو أحدهما والقول قول المرأة ما قبضت مهرها لأنه حق من الحقوق فلا يزول إلا بإقرار الذي له الحق ومن إليه الحق فإن قالت المرأة: الذي قبضت هدية.. وقال: بل هو مهر فقد أقرب بمال وادعت ملكه فالقول قوله. 
قال: ويبرأ بدفع المهر إلى أبي البكر صغيرة كانت أو كبيرة التي يلي أبوها بضعها ومالها. 

ID ' '   على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. 

 ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه 

 والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب 

 الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف 

 ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه 

 أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن 

 ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. 

 وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو 

 ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة 

 للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب 

 غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال 

 

صفحة : 3389


الشرط في المهر 
من كتاب الصداق ومن كتاب الطلاق ومن الإملاء على مسائل مالك قال الشافعي رحمه الله: وإذا عقد النكاح بألف على أن لأبيها ألفا فالمهر فاسد لأن الألف ليس بمهر لها ولا يحق له باشتراطه إياه ولو نكح امرأة على ألف وعلى أن يعطي أباها ألفا كان جائزا ولها منعه وأخذها منه لأنها هبة لم تقبض أو وكالة ولو أصدقها ألفا على أن لها أن تخرج أو على أن لا يخرجها من بلدها أو على أن لا ينكح عليها أو لا يتسرى أو شرطت عليه منع ماله أن يفعله فلها مهر مثلها في ذلك كله فإن كان قد زادها على مهر مثلها وزادها الشرط أبطلت الشرط ولم أجعل لها الزيادة لفساد عقد المهر بالشرط ألا ترى لو اشترى عبدا بمائة دينار وزق خمر فمات العبد في يد المشتري ورضي البائع أن يأخذ المائة ويبطل الزق الخمر لم يكن له ذلك لأنه الثمن انعقد بما لا يجوز فبطل وكانت له قيمة العبد ولو أصدقها دارا واشترط له أو لهما الخيار فيها كان المهر فاسدا. قال: ولو ضمن نفقتها أبو الزوج عشر سنين في كل سنة كذا لم يجز ضمان ما لم يجب وأنه مرة أقل ومرة أكثر وكذلك لو قال: ضمنت لك ما داينت به فلانا أو ما وجب لك عليه لأنه ضمن ما لم يكن وما يجهل. 

ID ' '   وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع 

 سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ 

 الحديث. 

 وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة 

 أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. 

 هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة 

 القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال 

 تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون 

 خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م 

 ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: 

 (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية 

 والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: 

 

صفحة : 3390


عفو المهر وغير ذلك 
من الجامع ومن كتاب الصداق ومن الإملاء على مسائل مالك قال الشافعي رحمه الله: قال الله تعالى:  فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح  . قال: والذي بيده عقدة النكاح الزوج وذلك أنه إنما يعفو من ملك فجعل لها مما وجب لها من نصف المهر أن تعفو وجعل له أن يعفو بأن يتم لها الصداق. وبلغنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن الذي بيده عقدة النكاح الزوج وهو قول شريح وسعيد بن جبير وروي عن ابن المسيب وهو قول مجاهد. قال الشافعي رحمه الله: فأما أبو البكر وأبو المحجور عليه فلا يجوز عفوهما كما لا تجوز لهما هبة أموالهما وأي الزوجين عفا عما في يديه فله الرجوع قبل الدفع أو الرد والتمام أفضل. قال: ولو وهبت له صداقها ثم طلقها قبل أن يمسها ففيها قولان أحدهما: يرجع عليها بنصفه. والآخر: لا يرجع عليها بشيء ملكه. قال المزني رحمه الله: وقال في كتاب القديم: لا يرجع إذا قبضته فوهبته له أو لم تقبضه لأن هبتها له إبراء ليس كاستهلاكها إياه لو وهبته لغيره فبأي شيء يرجع عليها فيما صار إليه قال: وكذلك إن أعطاها نصفه ثم وهبت له النصف الآخر ثم طلقها لم يرجع بشيء ولا أعلم قولا غير هذا إلا أن يقول قائل هبتها له كهبتها لغيره والأول عندنا أحسن والله أعلم ولكل وجه. قال المزني: والأحسن أولى به من الذي ليس بأحسن والقياس عندي على قوله ما قال في كتاب الإملاء إذا وهبت له النصف أن يرجع عليها بنصف ما بقي. قال الشافعي رحمه الله: وإن خالعته بشيء مما عليه من المهر فما بقي فعليه نصفه. قال المزني: هذا أشبه بقوله لأن النصف مشاع فيما قبضت وبقي. قال: فأما في الصداق غير المسمى أو الفاسد فالبراءة في ذلك باطلة لأنها أبرأته مما لا تعلم. قال: ولو قبضت الفاسد ثم ردته عليه كانت البراءة باطلة ولها مهر مثلها إلا أن يكون بعد معرفة المهر أو يعطيها ما تستيقن أنه أقل وتحلله مما بين كذا إلى كذا أو يعطيها أكثر ويحللها مما بين كذا إلى كذا. 

ID ' '   (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل 

 ولا يكاد يقدر عليه. 

 وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن 

 العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر 

 

صفحة : 3391


باب الحكم في الدخول وإغلاق الباب وإرخاء الستر 
من الجامع ومن كتاب عشرة النساء ومن كتاب الطلاق القديم قال الشافعي رحمه الله: وليس له الدخول بها حتى يعطيها المال فإن كان كله دينا فله الدخول بها وتؤخر يوما ونحوه لتصلح أمرها ولا يجاوز بها ثلاثا إلا أن تكون صغيرة لا تحتمل الجماع فيمنعه أهلها حتى تحتمل والصداق كالدين سواء وليس عليه دفع صداقها ولا نفقتها حتى تكون في الحال التي يجامع مثلها ويخلى بينها وبينه وإن كانت بالغة فقال: لا أدفع حتى تدخلوها. وقالوا: لا ندخلها حتى تدفع. فأيهما تطوع أجبرت الآخر فإن امتنعوا معا أجبرت أهلها على وقت يدخلونها فيه وأخذت الصداق من زوجها فإذا دخلت دفعته إليها وجعلت لها النفقة إذا قالوا: ندفعها إليه إذا دفع الصداق إلينا وإن كانت نضوا أجبرت على الدخول إلا أن يكون من مرض لا يجامع فيه مثلها فتمهل وإن أفضاها فلم تلتئم فعليه ديتها ولها المهر كاملا ولها منعه أن يصيبها حتى تبرأ البرء الذي إن عاد لم ينكأها ولم يزد في جرحها والقول في ذلك قولها فإن دخلت عليه فلم يمسها حتى طلقها فلها نصف المهر لقوله الله تعالى:  وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم  . فإن احتج محتج بالأثر عن عمر رضي الله عنه في إغلاق الباب وإرخاء الستر أنه يوجب المهر فمن قول عمر ما ذنبهن لو جاء بالعجز من قبلكم فأخبر أنه يجب إذا خلت بينه وبين نفسها كوجوب الثمن بالقبض وإن لم يغلق بابا ولم يرخ سترا. قال: وسواء طال مقامه معها أو قصر لا يجب المهر والعدة إلا بالمسيس نفسه. قال المزني رحمه الله: قد جاء عن ابن مسعود وابن عباس معنى ما قال الشافعي وهو ظاهر القرآن. 

ID ' '   كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . 

 صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا 

 يتوقف فيه إلا جاهل غبي. 

 والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه 

 الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن 

 يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما 

 سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. 

 

صفحة : 3392


باب المتعة 
من كتاب الطلاق قديم وجديد قال الشافعي رحمه الله: جعل الله المتعة للمطلقات. وقال ابن عمر: لكل مطلقة متعة إلا التي فرض لها ولم يدخل بها فحسبها نصف المهر. قال: فالمتعة على كل زوج طلق ولكل زوجة إذا كان الفراق من قبله أو يتم به مثل أن يطلق أو يخالع أو يملك أو يفارق وإذا كان الفراق من قبله فلا متعة لها ولا مهر أيضا لأنها ليست بمطلقة وكذلك إذا كانت أمة فباعها سيدها من زوجها فهو أفسد النكاح ببيعه إياها منه فأما الملاعنة فإن ذلك منه ومنها ولأنه إن شاء أمسكها فهي كالمطلقة وأما امرأة العنين فلو شاءت أقامت معه ولها عندي متعة والله أعلم. قال المزني رحمه الله: هذا عندي غلط عليه وقياس قوله لا حق لها لأن الفراق من قبلها دونه. 

الوليمة والنثر 
من كتاب الطلاق إملاء على مسائل مالك قال الشافعي رحمه الله: الوليمة التي تعرف وليمة العرس وكل دعوة على إملاك أو نفاس أو ختان أو حادث سرور فدعي إليها رجل فاسم الوليمة يقع عليها ولا أرخص في تركها ومن تركها لم يبن لي أنه عاص كما يبين لي في وليمة العرس لأني لا أعلم أن النبي  ترك الوليمة على عرس ولا أعلمه أولم على غيره وأولم على صفية رضي الله عنها في سفر بسويق وتمر وقال لعبد الرحمن:  أولم ولو بشاة  . قال: وإن كان المدعو صائما أجاب الدعوة وبرك وانصرف وليس بحتم أن يأكل وأحب لو فعل وقد دعي ابن عمر رضي الله عنهما فجلس ووضع الطعام فمد يده وقال: خذوا بسم الله ثم قبض يده وقال: إني صائما. قال: فإن كان فيها المعصية من المكر أو الخمر أو ما أشبهه من المعاصي الظاهرة نهاهم فإن نحوا ذلك عنه وإلا لم أحب له أن يجلس فإن علم ذلك عندهم لم أحب له أن يجيب فإن رأى صورا ذات أرواح لم يدخل إن كانت منصوبة وإن كانت توطأ فلا بأس فإن كان صور الشجر فلا بأس وأحب أن يجيب أخاه. وبلغنا أن النبي  قال:  لو أهدي إلي ذراع لقبلت ولو دعيت إلى كراع لأجبت  . قال: في نثر الجوز واللوز والسكر في العرس: لو ترك كان أحب إلي لأنه يؤخذ بخلسة ونهبة ولا يبين أنه حرام إلا أنه قد يغلب بعضهم بعضا فيأخذ من غيره أحب إلى صاحبه. 

 

صفحة : 3393

 من الجامع ومن كتاب عشرة النساء ومن كتاب نشوز المرأة على الرجل ومن كتاب الطلاق من أحكام القران ومن الإملاء قال الشافعي رحمه الله تعالى: قال الله تبارك وتعالى:  ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف  . قال الشافعي وجماع المعروف بين الزوجين كف المكروه وإعفاء صاحب الحق من المؤنة في. طلبه لا بإظهار الكراهية في تأديته فأيهما مطل بتأخيره فمطل الغني ظلم. وتوفي  عن تسع وكان يقسم لثمان ووهبت سودة يومها لعائشة رضي الله عنهن. قال الشافعي وبهذا نقول ويجبر على القسم فأما الجماع موضع تلذذ ولا يجبر أحد عليه. قال الله تعالى:  ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة  . قال بعض أهل التفسير: لن تستطيعوا أن تعدلوا بما في القلوب لأن الله تعالى يجاوزه  فلا تميلوا  لا تتبعوا أهواءكم أفعالكم فإذا كان الفعل والقول مع الهواء فذلك كل الميل. وبلغنا أن النبي  كان يقسم فيقول:  اللهم هذا قسمي فيما أملك وأنت أعلم فيما لا أملك  يعني والله أعلم فيما لا أملك: قلبه. قال: وبلغنا أنه كان يطاف به محمولا في مرضه على نسائه حتى حللنه. 
قال: وعماد القسم الليل لأنه سكن فقال:  أزواجا لتسكنوا إليها  فإن كان عند الرجل حرائر مسلمات وذميات فهن في القسم سواء. قال: ويقسم للحرة ليلتين وللأمة ليلة إذا خلى المولى بينه وبينها في ليلتها ويومها وللأمه أن تحلله من قسمها دون المولى ولا يجامع المرأة في غير يومها ولا يدخل في الليل على التي لم يقسم لها. قال: ولا بأس أن يدخل عليها بالنهار في حاجة ويعودها في مرضها في ليلة غيرها فإذا ثقلت فلا بأس أن يقيم عندها حتى تخف أو تموت ثم يوفي من بقي من نسائه مثل ما أقام عندها وإن أراد أن يقسم ليلتين ليلتين أو ثلاثا ثلاثا كان ذلك له وأكره مجاوزة الثلاث. ويقسم للمريضة والرتقاء والحائض والنفساء وللتي آلى أو ظاهر منها ولا يقربها حتى يكفر لأن في مبيته سكنى وإلفا وإن أحب أن يلزم منزلا يأتينه فيه كان ذلك له عليهن فأيتهن امتنعت سقط حقها وكذلك الممتنعة بالجنون. قال: وإن سافرت بإذنه فلا قسم لها ولا نفقة إلا أن يكون هو أشخصها فيلزمه كل ذلك لها وعلى ولي المجنون أن يطوف به على نسائه أو يأتيه بهن وإن عمد أن يجور به أثم فإن خرج من عند واحدة في الليل أو أخرجه سلطان كان عليه أن يوفيها ما بقي من ليلتها وليس للإماء قسم ولا يعطلن وإذا ظهر الإضرار منه بامرأته أسكناها إلى جنب من نثق به وليس له أن يسكن امرأتين في بيت إلا أن تشاءا وله 
 

صفحة : 3394

 منعها من شهود جنازة أمها وأبيها وولدها وما أحب ذلك له. 

باب الحال التي يختلف فيها حال النساء 
قال الشافعي رحمه الله تعالى: في قول النبي  لأم سلمة رضي الله عنها:  إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن وإن شئت ثلثت عندك ودرت  دليل على أن الرجل إذا تزوج البكر أن عليه أن يقيم عندها سبعا والثيب ثلاثا ولا يحتسب عليه بها نساؤه اللاتي عنده قبلها. وقال أنس بن مالك: للبكر سبع وللثيب ثلاث. قال: ولا أحب أن يتخلف عن صلاة مكتوبة ولا شهود جنازة ولا بر كان يفعله ولا إجابة دعوة. 

القسم للنساء إذا حضر سفر 
من الجامع من كتاب الطلاق ومن أحكام القرآن ومن نشوز الرجل على المرأة قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا عمي محمد بن علي بن شافع أحسبه عن الزهري - شك المزني - عن عبيد الله عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان النبي  إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها. قال الشافعي رحمه الله: وكذلك إذا أراد أن يخرج باثنتين أو أكثر أقرع وإن خرج بواحدة بغير قرعة كان عليه أن يقسم لمن بقي بقدر مغيبه مع التي خرج بها ولو أراد السفر لنقلة لم يكن له أن ينتقل بواحدة إلا أوفى البواقي مثل مقامه معها ولو خرج بها مسافرا بقرعة ثم أزمع المقام لنقلة احتسب عليها مقامه بعد 
ID ' '   وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله 

 ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت 

 جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت 

 عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها 

 هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت 

 خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها 

 فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر 

 على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. 

 ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه 

 والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب 

 

صفحة : 3395


باب نشوز المرأة على الرجل 
من الجامع من كتاب نشوز الرجل على المرأة ومن كتاب الطلاق ومن أحكام القرآن قال الشافعي رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى:  واللاتي تخافون نشوزهن  الآية. قال: وفي ذلك دلالة على اختلاف حال المرأة فيما تعاقب فيه وتعاقب عليه فإذا رأى منها دلالة على الخوف من فعل أو قول وعظها فإن أبدت نشوزا هجرها فإن أقامت عليه ضربها وقد يحتمل  تخافون نشوزهن  إذا نشزن فخفتم لجاجتهن في النشوز أن يكون لكم جمع العظة والهجر والضرب. وقال عليه السلام:  لا تضربوا إماء الله  . قال: فأتاه عمر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله ذئر النساء على أزواجهن فأذن في ضربهن فأطاف بآل محمد نساء كثير كلهن يشتكين أزواجهن. فقال :  لقد أطاف بآل محمد سبعون امرأة كلهن يشتكين أزواجهن فلا تجدون أولئك خياركم  . ويحتمل أن يكون قوله عليه السلام قبل نزول الآية بضربهن ثم أذن فجعل لهن الضرب فأخبر أن الاختيار ترك الضرب. 

باب الحكم في الشقاق بين الزوجين 
من الجامع من كتاب الطلاق ومن أحكام القرآن ومن نشوز الرجل على المرأة قال الشافعي رحمه الله: فلما أمر الله تعالى فيما خفنا الشقاق بينهما بالحكمين دل ذلك على أن حكمهما غير حكم الأزواج فإذا اشتبه حالاهما فلم يفعل الرجل الصلح ولا الفرقة ولا المرأة تأدية الحق ولا الفدية وصارا من القول والفعل إلى ما لا يحل لهما ولا يحسن وتماديا بعث الإمام حكما من أهله وحكما من أهلها مأمونين برضا الزوجين وتوكيلهما إياهما بأن يجمعا أو يفرقا إذا رأيا ذلك واحتج بقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها. ثم قال للحكمين: هل تدريان ما عليكما عليكما أن تجمعا إن رأيتما أن تجمعا وأن تفرقا إن رأيتما أن تفرقا. فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله بما علي فيه ولي فقال الرجل: أما الفرقة فلا. فقال علي: كذبت والله حتى تقر بمثل الذي أقرت به فدل أن ذلك ليس للحاكم إلا برضا الزوجين ولو كان ذلك لبعث بغير رضاهما. قال: ولو فوضا مع الخلع والفرقة إلى الحكمين الأخذ لكل واحد منهما من صاحبه كان على الحكمين الاجتهاد فيما يريانه أنه صلاح لهما بعد معرفة اختلافهما ولو غاب أحد الزوجين ولم يفسخ الوكالة أمضى الحكمان رأيهما وأيهما غلب على عقله لم يمض الحكمان بينهما شيئا حتى يفيق ثم يحدث الوكالة وعلى السلطان إن لم يرضيا 
 

صفحة : 3396

 حكمين أن يأخذ لكل واحد منهما من صاحبه ما يلزم ويؤدب أيهما رأى أدبه إن امتنع بقدر ما يجب عليه. وقال في كتاب الطلاق من أحكام القرآن: ولو قال قائل نجبرهما على الحكمين كان مذهبا. قال المزني رحمه الله: هذا ظاهر الآية والقياس ما قال علي رضي الله عنه لأن الله تعالى جعل الطلاق للأزواج فلا يكون إلا لهم. قال الشافعي رحمه الله: ولو استكرهها على شيء أخذه منها على أن طلقها وأقامت على ذلك بينة رد ما أخذه ولزمه ما طلق وكانت له الرجعة. 

كتاب الخلع 
باب الوجه الذي تحل به الفدية من الجامع من الكتاب والسنة وغير ذلك قال الشافعي رحمه الله تعالى: قال الله:  ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا  الآية. 
وخرج النبي  إلى صلاة الصبح فوجد حبيبة بنت سهيل عند بابه فقال: من هذه فقالت: أنا حبيبة بنت سهل لا أنا ولا ثابت لزوجها فلما جاء ثابت قال له :  هذه حبيبة تذكر ما شاء الله أن تذكر  فقالت حبيبة: يا رسول الله كل ما أعطاني عندي. فقال عليه الصلاة والسلام:  خذ منها  فأخذ منها وجلست في أهلها. قال الشافعي رحمه الله: وجملة ذلك أن تكون المرأة المانعة ما يجب عليها له المفتدية تخرج من أن لا تؤدي حقه أو كراهية له فتحل الفدية للزوج وهذه مخالفة للحال التي تشتبه فيها حال الزوجين خوف الشقاق. قال: ولو خرج في بعض ما تمنعه من الحق إلى أدبها بالضرب أجزت ذلك له لأن النبي  قد أذن لثابت بأخذ الفدية من حبيبة وقد نالها بضرب ولم يقل لا يأخذ منها إلا في قبل عدتها كما أمر المطلق غيره. وروي عن ابن عباس أن الخلع ليس بطلاق. 
وعن عثمان قال: هي تطليقة إلا أن تكون سميت شيئا. قال المزني رحمه الله: وقطع في باب الكلام الذي يقع به الطلاق أن الخلع طلاق فلا يقع إلا بما يقع به الطلاق أو ما يشبهه من إرادة الطلاق فإن سمي عمدا أو نوى عددا فهو ما نوى. قال المزني رحمه الله: وإذا كان الفراق عن تراض ولاه يكون إلا بالزوج والعقد صحيح ليس في أصله علة فالقياس عندي أنه طلاق ومما يؤكد لك قول الشافعي رحمه الله فإن قيل: فإذا كان ذلك طلاقا فاجعل له الرجعة. قيل له: لما أخذ من المطلقة عوضا وكان من ملك عوض شيء خرج من ملكه لم يكن له رجعة فيما ملك 
 

صفحة : 3397

 عليه فكذلك المختلعة. قال الشافعي رحمه الله: وإذا حل له أن يأكل ما طابت به نفسا على غير فراق حل له أن يأكل ما طابت به نفسا ويأخذ ما الفراق به. وقال في كتاب الإملاء على مسائل مالك: ولو خلعها تطليقة بدينار على أن له الرجعة فالطلاق لازم له وله الرجعة والدينار مردود ولا يملكه والرجعة معا ولا أجيز عليه من الطلاق إلا ما أوقعه. قال المزني رحمه الله: ليس هذا قياس أصله لأنه يجعل النكاح والخلع بالبدل المجهول والشرط الفاسد سواء ويجعل لها في النكاح مهر مثلها وله عليها في الخلع مهر مثلها ومن قوله: لو خلعها بمائة على أنها متى طلبتها فهي لها وله الرجعة عليها أن الخلع ثابت والشرط والمال باطل وعليها مهر مثلها. قال المزني رحمه الله: ومن قوله لو خلع محجورا عليها بمال إن المال يبطل وله الرجعة وإن أراد يكون بائنا كما لو طلقها تطليقة بائنا لم تكن بائنا وكان له الرجعة. قال المزني رحمه الله تعالى: وكذلك إذا طلقها بدينار على أن له الرجعة لا يبطله الشرط. قال الشافعي رحمه الله: ولا يلحق المختلعة طلاق وإن كانت في العدة وهو قول ابن عباس وابن الزبير. وقال بعض الناس: يلحقها الطلاق في العدة واحتج ببعض التابعين واحتج الشافعي عليه من القرآن والإجماع بما يدل على أن الطلاق لا يلحقها بما ذكر الله بين الزوجين من اللعان والظهار والإيلاء والميراث والعدة بوفاة الزوج فدلت خمس آيات من كتاب الله تعالى على أنها ليست بزوجة وإنما جعل الله الطلاق يقع على الزوجة فخالف القرآن والأثر والقياس ثم قوله في ذلك متناقض فزعم إن قال لها: أنت خلية أو برية أو بتة ينوي الطلاق أنه لا يلحقها طلاق فإن قال: كل امرأة لي طالق لا ينويها ولا غيرها طلق نساؤه دونها ولو قال لها: أنت طالق طلقت فكيف يطلق غير امرأته. 
من الطلاق ومن إباحة الطالق ومما سمعت منه لفظا قال الشافعي رحمه الله: ولو قال لها: أنت طالق ثلاثا في كل سنة واحدة فوقعت عليها تطليقة ثم نكحها بعد انقضاء العدة فجاءت سنة وهي تحته لم يقع بها طلاق لأنها قد خلت منه وصارت في حال لو أوقع عليها الطلاق لم يقع وإنما صارت عنده بنكاح جديد فلا يقع فيه طلاق نكاح غيره قال المزني رحمه الله: هذا أشبه بأصله من قوله تطلق كلما جاءت سنة وهي تحته طلقت حتى ينقضي طلاق ذلك الملك. قال المزني رحمه الله: ولا يخلو قوله: أنت طالق في كل سنة من أحد ثلاثة معان: إما أن يريد في هذا النكاح الذي عقدت فيه الطلاق فقد بطل وحدث غيره فكيف يلزمه وإما أن يريد في غير ملكي فهذا لا يذهب إليه أحد يعقل وليس 
 

صفحة : 3398

 بشيء وإما أن يريد في نكاح يحدث فقوله لا طلاقي قبل النكاح فهذا طلاق قبل النكاح. فتفهم يرحمك الله. 

باب الطلاق قبل النكاح 
من الإملاء على مسائل ابن القاسم ومن مسائل شتى سمعتها لفظا قال الشافعي رحمه الله: ولو قال: كل امرأة أتزوجها طالق أو امرأة بعينها أو لعبد إن ملكتك حر فتزوج أو ملك لم يلزمه شيء لأن الكلام الذي له الحكم كان وهو غير مالك فبطل. قال المزني رحمه الله: ولو قال لامرأة لا يملكها أنت طالق الساعة لم تطلق فهي بعد مدة أبعد فإذا لم يعمل القوي فالضعيف أولى أن لا يعمل. قال المزني رحمه الله: وأجمعوا أنه لا سبيل إلى طلاق من لم يملك للسنة المجمع عليها فهي من أن تطلق ببدعة أو على صفة أبعد. 

باب مخاطبة المرأة بما يلزمها من الخلع وما لا يلزمها 
من النكاح والطلاق إملاء على مسائل مالك وابن القاسم قال الشافعي رحمه الله: ولو قالت له امرأته: إن طلقتني ثلاثا فلك علي مائة درهم فهو كقول الرجل بعني ثوبك هذا بمائة درهم فإن طلقها ثلاثا فله المائة. ولو قالت له: اخلعني أو بتني أو أبني أو ابرأ مني أو بارئني ولك علي ألف درهم وهي تريد الطلاق وطلقها فله ما سمت له. ولو قالت: اخلعني على ألف كانت له ألف ما لم يتناكرا فإن قالت على ألف ضمنها لك غيري أو على ألف فلس وأنكر تحالفا وكان له عليها مهر مثلها. ولو قالت له: طلقني ولك علي ألف درهم فقال: أنت طالق على الألف إن شئت فلها المشيئة وقت الخيار وإن أعطته إياها في وقت الخيار لزمه الطلاق وسواء هرب الزوج أو غاب حتى مضى وقت الخيار أو أبطأت هي بالألف. ولو قال: أنت طالق إن أعطيتني ألف درهم فأعطته إياها زائدة فعليه طلقة لأنها أعطته ألف درهم وزيادة ولو أعطته إياها رديئة فإن كانت فضة يقع عليها اسم دراهم طلقت وكان عليها بدلها فإن لم يقع عليها اسم دراهم لم تطلق. ولو قال: متى ما أعطيتني ألفا فأنت طالق فذلك لها وليس له أن يمتنع من أخذها ولا لها إذا أعطته أن ترجع فيها. ولو قالت له: طلقني ثلاثا ولك ألف درهم فطلقها واحدة فله ثلث الألف وإن طلقها ثلاثا فله الألف ولو لم يكن بقي عليها إلا طلقة فطلقها واحدة كانت له الألف لأنها قامت مقام الثلاث في أنها تحرمها حتى تنكح زوجا غيره. قال المزني رحمه الله: وقياس قوله ما حرمها إلا الأوليان مع الثلاثة كما 
 

صفحة : 3399

 لم يسكره في قوله إلا القدحان مع الثالث وكما لم يعم الأعور المفقوءة عينه الباقية إلا الفقء الأول مع الفقء الآخر وأنه ليس على الفاقىء الأخير عنده إلا نصف الدية فكذلك يلزمه أن يقول لم يحرمها عليه حتى تنكح زوجا غيره إلا الأوليان مع الثالثة فليس عليها إلا ثلث الألف بالطلقة الثالثة في معنى قوله. قال الشافعي رحمه الله: ولو قالت له: طلقني واحدة بألف فطلقها ثلاثا كان له الألف وكان متطوعا بالاثنتين ولو بقيت له عليها طلقة فقالت: طلقني ثلاثا بألف واحدة أحرم بها عليك واثنتين إن نكحتني بعد زوج فله مهر مثلها إذا طلقها كما قالت ولو خلعها على أن تكفل ولده عشر سنين فجائزان اشتراطا إذا مضى الحولان نفقته بعدهما في كل شهر كذا قمحا وكذا زيتا فإن كفي وإلا رجعت عليه بما يكفيه وإن مات رجع عليها بما بقي. ولو قال: أمرك بيدك فطلقي نفسك إن ضمنت لي ألف درهم فضمنتها في وقت الخيار لزمها ولا يلزمها في غير وقت الخيار كما لو جعل أمرها إليها لم يجز إلا في وقت الخيار. ولو قال: إن أعطيتني عبدا فأنت طالق فأعطته أي عبد ما كان فهي طالق ولا يملك العبد وإنما يقع في هذا الموضع بما يقع له الحنث. قال المزني رحمه الله: ليس هذا قياس قوله لأن هذا في معنى العوض وقد قال في هذا الباب: متى أو متى ما أعطيتني ألف درهم فأنت طالق فذلك لها وليس له أن يمتنع من أخذها ولا لها أن ترجع إن أعطته فيها والعبد والدرهم عندي سواء غير أن العبد مجهول فيكون له عليها مهر مثلها وقد قال: لو قال لها إن أعطيتني شاة ميتة أو خنزيرا أو زق خمر فأنت طالق ففعلت طلقت ويرجع عليها بمهر مثلها ولو خلعها بعبد بعينه ثم أصاب به عيبا رده وكان له عليها مهر مثلها ولو قال: أنت طالق وعليك ألف درهم فهي طالق ولا شيء عليها وهذا مثل قوله: أنت طالق وعليك حجة. ولو تصادقا أنها سألته الطلاق فطلقها على ذلك كان الطلاق بائنا ولو خلعها على ثوب على أنه مروي فإذا هو هروي فرده كان له عليها مهر مثلها والخلع فيما وصفت كالبيع المستهلك ولو خلعها على أن ترضع ولده وقتا معلوما فمات المولود فإنه يرجع بمهر مثلها لأن المرأة تدر على المولود ولا تدر على غيره ويقبل ثديها ولا قبل غيره ويترأمها فتستمريه ولا يستمري غيرها ولا يترأمه ولا تطيب نفسا له. ولو قال له أبو امرأته: طلقها وأنت بريء من صداقها فطلقها طلقت ومهرها عليه ولا يرجع على الأب بشيء لأنه لم يضمن له شيئا وله عليها الرجعة ولو أخذ منها ألفا على أن يطلقها إلى شهر فطلقها فالطلاق ثابت ولها الألف وعليها مهر مثلها. ولو قالتا: طلقنا بألف ثم ارتدتا فطلقهما بعد الردة وقف الطلاق فإن 
 

صفحة : 3400

 رجعتا في العدة لزمهما والعدة من يوم الطلاق وإن لم ترجعا حتى انقضت العدة لم يلزمهما شيء ولو قال لهما: أنتما طالقتان إن شئتما بألف لم يطلقا ولا واحدة منهما حتى يشاءا معا في وقت الخيار ولو كانت إحداهما محجورا عليها وقع الطلاق عليهما وطلاق غير المحجور عليها بائن وعليها مهر مثلها ولا شيء على الأخرى ويملك رجعتها. قال المزني رحمه الله تعالى: هذا عندي يقضي على فساد تجويزه مهر أربع في عقدة بألف لأنه لا فرق بين مهر أربع في عقدة بألف وخلع أربع في عقدة بألف فإذا أفسده في إحداهما للجهل بما يصيب كل واحدة منهن فسد في الأخرى ولكل واحدة منهن وعليها مهر مثلها. قال الشافعي رحمه الله: ولو قال له أجنبي: طلق فلانة على أن لك علي ألف درهم ففعل فالألف له لازمة. ولا يجوز ما اختلعت به الأمة إلا بإذن سيدها ولا المكاتبة ولو أذن لها سيدها لأنه ليس بمال للسيد فيجوز إذنه فيه ولا لها فيجوز ما صنعت في مالها وطلاقهما بذلك بائن فإذا أعتقتا اتبع كل واحدة بمهر مثلها كما لا أحكم على المفلس حتى يوسر وإذا أجزت طلاق السفيه بلا شيء كان ما أخذ عليه جعلا أولى ولوليه أن يلي على ما أخذ بالخلع لأنه ماله وما أخذ العبد بالخلع فهو لسيده فإن استهلكا ما أخذا رجع الولي والسيد على المختلعة من قبل أنه حق لزمها فدفعته إلى ما لا يجوز لها دفعه إليه ولو اختلفا فهو كاختلاف المتبايعين فإن قالت: خلعتني بألف وقال: بألفين أو قالت على أن تطلقني ثلاثا فطلقتني واحدة تحالفا وله صداق مثلها ولا يرد الطلاق ولا يلزمه منه إلا ما قر به. 
قال الشافعي رحمه الله: ولو قال: طلقتك بألف. وقالت: بل على غير شيء. فهو مقر بطلاق لا يملك فيه الرجعة فيلزمه وهو مدعي ما لا يملكه بدعواه ويجوز التوكيل في الخلع حرا كان أو عبدا أو محجورا عليه أو ذميا فإن خلع عنها بما لا يجوز فالطلاق لا يرد وهو كشيء اشتراه لها فقبضته واستهلكته فعليها قيمته ولا شيء على الوكيل إلا أن يكون ضمن ذلك له قال المزني رحمه الله: ليس هذا عندي بشيء والخلع عنده كالبيع في أكثر معانيه وإذا باع الوكيل ما وكله به صاحبه بما لا يجوز من الثمن بطل البيع فكذلك لما طلقها عليه بما لا يجوز من البدل بطل الطلاق عنه كما بطل البيع عنه. قال الشافعي رحمه الله: ولو وكل من يخالعها بمائة فخالعها بخمسين فلا طلاق عليه كما لو قال: أنت طالق بمائة فأعطته خمسين. قال المزني رحمه الله: وهذا بيان لما قلت في المسألة قبلها. 
من كتاب نشوز الرجل على المرأة 
 

صفحة : 3401

 قال الشافعي رحمه الله: ويجوز الخلع في المرض كما يجوز البيع فإن كان الزوج هو المريض فخالعها بأقل من مهرها ثم مات فجائز لأن له أن يطلقها من غير شيء فإن كنت هي المريضة فخالعته بأكثر من مهر مثلها ثم ماتت من مرضها جاز له مهر مثلها وكان الفضل وصية يحاص أهل الوصايا بها في ثلثها ولو كان خلعها بعبد يساوي مائة ومهر مثلها خمسون فهو بالخيار إن شاء أخذ نصف العبد ونصف مهر مثلها أو يرد ويرجع بمهر مثلها كما لو اشتراه فاستحق نصفه. قال المزني رحمه الله: ليس هذا عندي بشيء ولكن له من العبد مهر مثلها وما بقي من العبد بعد مهر مثلها وصية له إن خرج من الثلث فإن لم يخرج ما بقي من العبد من الثلث ولم يكن لها غيره فهو بالخيار إن شاء قبل وصيته وهو الثلث من نصف العبد وكان ما بقي للورثة وإن شاء رد العبد وأخذ مهر مثلها لأنه إذا صار في العبد شرك لغيره فهو عيب يكون فيه الخيار. 

باب خلع المشركين 
من كتاب نشوز الرجل على المرأة قال الشافعي رحمه الله: إن اختلعت الذمية بخمر أو بخنزير فدفعته ثم ترافعا إلينا أجزنا الخلع والقبض ولو لم تكن دفعته جعلتا له عليها مهر مثلها وهكذا أهل الحرب إلا أنا لا نحكم عليهم حتى يجتمعوا على الرضا ونحكم على الذميين إذا جاءانا أو أحدهما. والله الموفق. 

ID ' '   الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف 

 ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه 

 أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن 

 ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. 

 وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو 

 ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة 

 للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب 

 غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال 

 وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع 

 سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ 

 

صفحة : 3402


كتاب الطلاق 
باب إباحة الطلاق ووجهه وتفريعه من الجامع من كتاب أحكام القرآن ومن إباحة الطلاق ومن جماع عشرة النساء وغير ذلك قال الشافعي رحمه الله: قال الله تعالى:  إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن  وقد قرئت  لقبل عدتهن  . قال: والمعنى واحد. وطلق ابن عمر رضي الله عنهما امرأته وهي حائض في زمان النبي  قال عمر: فسألت النبي  عن ذلك فقال:  مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسكها بعد وإن شاء طلق فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء  . قال: وقد روى هذا الحديث سالم بن عبد الله ويونس بن جبير عن ابن عمر يخالفون نافعا في شيء منه قالوا كلهم عن ابن عمر إن النبي  قال:  مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق  ولم يقولوا ثم تحيض ثم تطهر. قال: وفي ذلك دليل على أن الطلاق يقع على الحائض لأن النبي  لم يأمر بالمراجعة إلا من لزمه الطلاق. قال: وأحب أن يطلق واحدة لتكون له الرجعة للمدخول بها وخاطبا لغير المدخول بها ولا يحرم عليه أن يطلقها ثلاثا لأن الله تعالى أباح الطلاق فليس بمحظور وعلم النبي  ابن عمر موضع الطلاق فلو كان في عدده محظور ومباح لعلمه إياه  إن شاء الله. وطلق العجلاني بين يدي رسول الله  ثلاثا فلم ينكره عليه وسأل النبي  ركانة لما طلق امرأته البتة ما أردت ولم ينهه أن يزيد أكثر من واحدة. قال الشافعي رحمه الله: ولو طلقها طاهرا بعد جماع أحببت أن يرتجعها ثم يمهل ليطلق كما أمر وإن كانت في طهر بعد جماع فإنها تعتد به. قال الشافعي رحمه الله: ولو لم يدخل بها أو دخل بها وكانت حاملا أو لا تحيض من صغر أو كبر فقال: أنت طالق ثلاثا للسنة أو البدعة طلقت مكانها لأنها لا سنة في طلاقها ولا بدعة وإن كانت تحيض فقال لها: أنت طالق ثلاثا للسنة فإن كانت طاهرا من غير جماع طلقت ثلاثا معا وإن كانت مجامعة أو حائضا أو نفساء وقع عليها الطلاق حين تطهر من الحيض أو النفاس وحين تطهر المجامعة من أول حيض بعد قوله وقبل الغسل وإن قال: نويت أن تقع في كل طهر طلقة وقعن معا في الحكم وعلى ما نوى فيما بينه وبين الله ولو كان قال: في كل قرء واحدة فإن كانت طاهرا حبلى وقعت الأولى ولم تقع الثنتان إن 
 

صفحة : 3403

 كانت تحيض على الحبل أو لا تحيض حتى تلد ثم تطهر فإن لم يحدث لها رجعة حتى تلد بانت بانقضاء العدة ولم يقع عليها غير الأولى. ولو قال لامرأته: أنت طالق ثلاثا بعضهن للسنة وبعضهن للبدعة وقعت اثنتان في أي الحالين كانت والأخرى إذا صارت في الحال الأخرى. قلت: أنا أشبه بمذهبه عندي أن قوله بعضهن يحتمل واحدة فلا يقع غيرها أو اثنتين فلا يقع غيرهما أو من كل واحدة بعضها فيقع بذلك ثلاث فلما كان الشك كان القول قوله مع يمينه ما أراد ببعضهن في الحال الأولى إلا واحدة وبعضهن الباقي في الحال الثانية فالأقل يقين وما زاد شك وهو لا يستعمل الحكم بالشك في الطلاق. قال: ولو قال: أنت طالق أعدل أو أحسن أو أكمل أو ما أشبهه سألته عن نيته فإن لم ينو شيئا وقع الطلاق للسنة ولو قال: أقبح أو أسمج أو أفحش أو ما أشبهه سألته عن نيته فإن لم ينو شيئا وقع للبدعة ولو قال: أنت طالق واحدة حسنة قبيحة أو جميلة فاحشة طلقت حين تكلم ولو قال: أنت طالق إذا قدم فلان للسنة فقدم فلان فهي طالق للسنة ولو قال أنت طالق لفلان أو لرضا فلان طلقت مكانه ولو قال: إن لم تكوني حاملا فأنت طالق وقف عنها حتى تمر لها دلالة على البراءة من الحمل ولو قالت له طلقني فقال: كل امرأة لي طالق طلقت امرأته التي سألته إلا أن يكون عزلها بنيته. 

وما لا يقع إلا بالنية والطلاق من الجامع من كتاب الرجعة ومن كتاب النكاح 

ومن إملاء مسائل مالك وغير ذلك 
قال الشافعي رحمه الله: ذكر الله تعالى الطلاق في كتابه بثلاثة أسماء: الطلاق والفراق والسراح فإن قال: أنت طالق أو قد طلقتك أو فارقتك أو سرحتك لزمه ولم ينو في الحكم وينوي فيما بينه وبين الله تعالى لأنه قد يريد طلاقا من وثاق كما لو قال لعبده: أنت حر يريد حر النفس ولا يسع امرأته وعبده أن يقبلا منه وسواء كان ذلك عند غضب أو مسألة طلاق أو رضا وقد يكون السبب ويحدث كلام على غير السبب فإن قال: قد فارقتك سائرا إلى المسجد أو سرحتك إلى أهلك أو قد طلقتك من وثاقك أو ما أشبه هذا لم يكن طلاقا فإن قيل: قد يكون هذا طلاقا تقدم فأتبعه كلاما يخرج به منه قيل: قد يقول لا إله إلا الله فيكون مؤمنا يبين آخر الكلام عن أوله ولو أفرد  لا إله  كان كافرا. ولو قال: أنت خلية أو بائن أو بريئة أو بتة أو حرام أو ما أشبهه فإن قال: قلته ولم أنو طلاقا وأنوي به الساعة طلاقا لم يكن طلاقا حتى يبتدئه ونيته الطلاق وما أراد من عدد. قال: ولو قال لها: أنت حرة يريد الطلاق ولأمته أنت طالق يريد 
 

صفحة : 3404

 العتق لزمه ذلك ولو قال لها: أنت طالق واحدة بائنا كانت واحدة يملك الرجعة لأن الله تعالى حكم في الواحدة والثنتين بالرجعة كما لو قال لعبده: أنت حر ولا ولاء لي عليك كان حرا والولاء له. جعل عليه الصلاة والسلام الولاء لمن أعتق كما جعل الله الرجعة لمن طلق واحدة أو اثنتين. 
وطلق ركانة امرأته البتة فأحلفه النبي  ما أراد إلا واحدة وردها عليه وطلق المطلب بن حنطب امرأته البتة فقال عمر رضي الله عنه: أمسك عليك امرأتك فإن الواحدة تبت. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لرجل قال لامرأته حبلك على غاربك: ما أردت وقال شريح: أما الطلاق فسنة فأمضوه وأما البتة فبدعة فدينوه. قال: ويحتمل طلاق البتة يقينا ويحتمل الإبتات الذي ليس بعده شيء ويحتمل واحدة مبينة منه حتى يرتجعها فلما احتملت معاني جعلت إلى قائلها ولو كتب بطلاقها فلا يكون طلاقا إلا بأن ينويه كما لا يكون ما خالف الصريح طلاقا إلا بأن ينويه فإذا كتب إذا جاءك كتابي فحتى يأتيها فإن كتب أما بعد فأنت طالق طلقت من حين كتب وإن شهد عليه أن هذا خطه لم يلزمه حتى يقر به. 
ولو قال لامرأته: اختاري أو أمرك بيدك فطلقت نفسها فقال: ما أردت طلاقا لم يكن طلاقا إلا بأن يريده ولو أراد طلاقا فقالت: قد اخترت نفسي سئلت فإن أرادت طلاقا فهو طلاق وإن لم ترده فليس بطلاق ولا أعلم خلافا أنها إن طقت نفسها قبل أن يتفرقا من المجلس وتحدث قطعا لذلك أن الطلاق يقع عليها فيجوز أن يقال لهذا الموضع إجماع. وقال في الإملاء على مسائل مالك: وإن ملك أمرها غيرها فهذه وكالة متى أوقع الطلاق وقع ومتى شاء الزوج رجع وقال فيه: وسواء قالت طلقتك أو طلقت نفسي إذا أرادت طلاقا ولو جعل لها أن تطلق نفسها ثلاثا فطلقت واحدة فإن لها ذلك ولو طلق بلسانه واستثنى بقلبه لزمه الطلاق ولم يكن الاستثناء إلا بلسانه ولو قال: أنت علي حرام يريد تحريمها بلا طلاق فعليه كفارة يمين لأن النبي  حرم جاريته فأمر بكفارة يمين. قال الشافعي رحمه الله: لأنهما تحريم فرجين حلين بما لم يحرما به. ولو قال: كل ما أملك علي حرام يعني امرأته وجواريه وماله كفر عن المرأة والجواري كفارة واحدة ولم يكفر عن ماله. وقال في الإملاء: وإن نوى إصابة قلنا أصب وكفر ولو قال كالميتة والدم فهو كالحرام. فأما ما لا يشبه الطلاق مثل قوله: بارك الله فيك أو اسقيني أو أطعميني أو ارويني أو زوديني وما أشبه ذلك فليس بطلاق وإن نواه ولو أجزت النية بما لا يشبه الطلاق أجزت أن يطلق في نفسه. ولو قال للتي لم يدخل بها: أنت طالق ثلاثا للسنة وقعن معا 
 

صفحة : 3405

 ولو قال لها: أنت طالق أنت طالق أنت طالق وقعت الأولى وبانت بلا عدة. والله سبحانه وتعالى أعلم. 

الطلاق بالوقت وطلاق المكره وغيره 
قال الشافعي رحمه الله تعالى عليه: وأي أجل طلق إليه لم يلزمه قبل وقته ولو قال: في شهر كذا أو في غرة هلال كذا طلقت في المغيب من الليلة التي يرى فيها هلاك ذلك الشهر ولو قال: إذا رأيت هلال شهر كذا حنث إذا رآه غيره إلا أن يكون أراد رؤية نفسه ولو قال: إذا مضت سنة وقد مضى من الهلال خمس لم تطلق حتى تمضي خمس وعشرون ليلة من يوم تكلم وأحد عشر شهرا بالأهلة وخمس بعدها. ولو قال لها: أنت طالق الشهر الماضي طلقت مكانها وإيقاعه الطلاق الآن في وقت مضى محال ولو قال: عنيت أنها مطلقة من غيري لم يقبل منه إلا أن يعلم أنها كانت في ذلك الوقت مطلقة من غيره فالقول قوله مع يمينه في نحو ذلك ولو قال لها: أنت طالق إذا طلقتك فإذا طلقها وقعت عليها واحدة بابتدائه الطلاق والأخرى بالحنث. قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولو كان قال: أنت طالق كلما وقع عليك طلاقي وطلقها واحدة طلقت ثلاثا. وإن كانت غير مدخول بها طلقت بالأولى وحدها. قال الشافعي وكذلك لو خالعها بطلقة مدخولا بها. قال المزني رحمه الله تعالى: ألطف الشافعي في وقت إيقاع الطلاق فلم يوقع إلا واحدة ولو قال: أنت طالق إذا لم أطلقك أو متى ما لم أطلقك فسكت مدة يمكنه فيها الطلاق طلقت ولو كان قال: أنت طالق إن لم أطلقك لم يحنث حتى نعلم أنه لا يطلقها بموته أو بموتها. قال المزني رحمه الله تعالى: فرق الشافعي بين  إذا  و  إن  فألزم في  إذا  إذا لم يفعله من ساعته ولم يلزمه في  إن  إلا بموته أو بموتها ولو قال لها: أنت طالق إذا قدم فلان فقدم به ميتا أو مكرها لم تطلق ولو قال: إذا رأيته فرآه في تلك الحال حنث ولو حلف لا تأخذ مالك علي فأجبره السلطان فأخذ منه المال حنث ولو قال: لا أعطيك لم يحنث ولو قال: إن كلمته فأنت طالق فكلمته حيث يسمع حنث وإن لم يسمع لم يحنث وإن كلمته ميتا أو حيث لا يسمع لم يحنث وإن كلمته مكرهة لم يحنث وإن كلمته سكرانة حنث ولو قال لمدخول بها: أنت طالق أنت طالق أنت طالق وقعت الأولى وسئل ما نوى في الثنتين بعدها فإن أراد تبيين الأولى فهي واحدة وما أراد ون قال لم أرد طلاقا لم يدين في الأولى ودين في الثنتين ولو قال لها: أنت طالق وطالق وطالق وقعت الأولى والثانية بالواو لأنها استئناف لكلام في الظاهر ودين في الثالثة فإن 
 

صفحة : 3406

 أراد بها طلاقا فهو طلاق وإن أراد بها تكريرا فليس بطلاق وكذلك أنت طالق ثم طالق ثم طالق وكذلك طالق بل طالق بل طالق. قال المزني رحمه الله: وفي كتاب الإملاء وإن أدخل  ثم  أو واوا في كلمتين فإن لم تكن له نية فظاهرها استئناف وهي ثلاث. قال المزني رحمه الله: والظاهر في الحكم أولى والباطن فيما بينه وبين الله تعالى. قال الشافعي رحمه الله: ولو قال: أنت طالق طلاقا فهي واحدة كقوله طلاقا حسنا وكل مكره ومغلوب على عقله فلا يلحقه الطلاق خلا السكران من خمر أو نبيذ فإن المعصية بشرب الخمر لا تسقط عنه فرضا ولا طلاقا والمغلوب على عقله من غير معصية مثاب فكيف يقاس من عليه العقاب على من له الثواب وقد قال بعض أهل الحجاز: لا يلزمه طلاق فيلزمه إذا لم يجز عليه تحريم الطلاق أن يقول: ولا عليه قضاء الصلاة كما لا يكون على المغلوب على عقله قضاء صلاة. 

باب الطلاق بالحساب والاستثناء من الجامع من كتابين 
قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولو قال لها: أنت طالق واحدة في اثنتين فإن نوى مقرونة باثنتين فهي ثلاث وإن نوى الحساب فهي اثنتان وإن لم ينو شيئا فواحدة. وإن قال: أنت طالق واحدة لا تقع عليك فهي واحدة وإن قال: واحدة قبلها واحدة كانت تطليقتين وإن قال: رأسك أو شعرك أو يدك أو رجلك أو جزء من أجزائك طالق فهي طالق لا يقع على بعضها دون بعض ولو قال: أنت طالق بعض تطليقة كانت تطليقة والطلاق لا يتبعض ولو قال: نصفي تطليقة فهي واحدة ولو قال لأربع نسوة: قد أوقعت بينكن تطليقة كانت كل واحدة منهن طالقا واحدة وكذلك تطليقتين وثلاثا وأربعا إلا أن يريد قسم كل واحدة فيطلقن ثلاثا ثلاثا. ولو قال: أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين فهي واحدة ولو قال: أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا فهي ثلاث إنما يجوز الاستثناء إذا بقي شيئا فإذا لم يبق شيئا فمحال.. ولو قال: كلما ولدت ولدا فأنت طالق واحدة فولدت ثلاثا في بطن طلقت بالأول واحدة وبالثاني أخرى وانقضت عدتها بالثالث ولو قال: إن شاء الله لم يقع والاستثناء في الطلاق والعتق والنذور كهو في الأيمان. 

ID ' '   الحديث. 

 وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة 

 أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. 

 هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة 

 

صفحة : 3407


باب طلاق المريض 
من كتاب الرجعة ومن العدة ومن الإملاء على مسائل مالك واختلاف الحديث قال الشافعي رحمه الله تعالى: وطلاق المريض والصحيح سواء فإن طلق مريض ثلاثا فلم يصح حتى مات فاختلف أصحابنا. قال المزني: فذكر حكم عثمان بتوريثها من عبد الرحمن في مرضه وقول ابن الزبير لو كنت أنا لم أر أن ترث المبتوتة. قال المزني: وقد قال الشافعي رحمه الله تعالى في كتاب العدة: إن القول بأن لا ترث المبتوتة قول يصح وقد ذهب إليه بعض أهل الآثار وقال: كيف ترثه امرأة لا يرثها وليست له بزوجة. قال المزني فقلت أنا: هذا أصح وأقيس لقوله. قال المزني: وقال في كتاب النكاح والطلاق إملاء على مسائل مالك: إن مذهب ابن الزبير أصحهما وقال فيه: لو أقر في مرضه أنه طلقها في صحته ثلاثا لم ترثه وحكم الطلاق في الإيقاع والإقرار في القياس عندي سواء. وقال في كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى: لا ترث المبتوتة. قال المزني: وقد احتج الشافعي رحمه الله على من قال: إذا ادعيا ولدا فمات ورثه كل واحد منهما نصف ابن وإن ماتا ورثهما كمال أب. فقال الشافعي: الناس يرثون من يورثون فألزمهم تناقض قولهم إذا لم يجعلوا الابن منهما كهما منه في الميراث فكذلك إنما ترث الزوجة الزوج من حيث يرثها فإذا ارتفع المعنى الذي يرثها به لم ترثه وهذا أصح في القياس وكذا قال عبد الرحمن بن عوف ما قررت من كتاب الله ولا من سنة رسوله وتبعه ابن الزبير. 

ID ' '   القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال 

 تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون 

 خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م 

 ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: 

 (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية 

 والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: 

 (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل 

 ولا يكاد يقدر عليه. 

 وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن 

 العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر 

 

صفحة : 3408


باب الشك في الطلاق 
قال الشافعي رحمه الله تعالى: لما قال رسول الله   إن الشيطان لعنه الله يأتي أحدكم فينفخ بين أليتيه فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يشم ريحا  علمنا أنه لم يزل يقين طهارة إلا بيقين حدث فكذلك من استيقن نكاحا ثم شك في الطلاق لم يزل اليقين إلا باليقين. 
قال: ولو قال: حنثت بالطلاق أو في العتق وقف عن نسائه ورقيقه حتى يبين ويحلف للذي يدعي فإن مات قبل ذلك أقرع بينهم فإن خرج السهم على الرقيق عتقوا من رأس المال وإن وقعت على النساء لم يطلقن ولم يعتق الرقيق والورع أن يدعن ميراثه. ولو قال: إحداكما طالق ثلاثا منع منهما وأخذ بنفقتهما حين يبين فإن قال: لم أرد هذه بالطلاق كان إقرارا منه للأخرى ولو قال: أخطأت بل هي هذه طلقتا معا بإقراره فإن ماتتا أو إحداهما قبل أن يبين وقفنا له من كل واحدة منهما ميراث زوج وإذا قال لإحداهما: هذه التي طلقت رددنا على أهلها ما وقفنا له وأحلفناه لورثة الأخرى ولو كان هو الميت وقفنا لهما ميراث امرأة حتى يصطلحا فإن ماتت واحدة قبله. ثم مات بعدها فقال وارثه طلق الأولى ورثت الأخرى بلا يمين وإن قال طلق الحية ففيها قولان أحدهما: أنه يقوم مقام الميت فيحلف أن الحية هي التي طلق ثلاثا ويأخذ ميراثه من الميتة قبله وقد يعلم ذلك بخبره أو بخبر غيره ممن يصدقه. والقول الثاني: أنه يوقف له ميراث زوج من الميتة قبله وللحية ميراث امرأة منه حتى يصطلحا. 

ID ' '   كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . 

 صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا 

 يتوقف فيه إلا جاهل غبي. 

 والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه 

 الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن 

 يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما 

 سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. 

 وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله 

 ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت 

 جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت 

 

صفحة : 3409


باب ما يهدم الرجل من الطالق من كتابين 
قال الشافعي رحمه الله: لما كانت الطلقة الثالثة توجب التحريم كانت إصابة زوج غيره توجب التحليل ولما لم يكن في الطلقة ولا في الطلقتين ما يوجب التحريم لم يكن لإصابة زوج غيره معنى يوجب التحليل فنكاحه وتركه سواء. ورجع محمد بن الحسن إلى هذا واحتج الشافعي رحمه الله بعمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلا سأله عمن طلق امرأته اثنتين فانقضت عدتها فتزوجت غيره فطلقها أو مات عنها وتزوجها الأول قال عمر: هي عنده على ما بقي من الطلاق. 

من كتاب الرجعة من الطلاق ومن أحكام القرآن ومن كتاب العدد ومن 

القديم 
قال الشافعي قال الله تعالى في المطلقات:  فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف  وقال تعالى:  فإذا بلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن  . فدل سياق الكلام على افتراق البلوغين فأحدهما مقاربة بلوغ الأجل فله إمساكها أو تركها فتسرح بالطلاق المتقدم والعرب تقول إذا قاربت البلد تريده قد بلغت كما تقول إذا بلغته والبلوغ الآخر انقضاء الأجل. قال: وللعبد من الرجعة بعد الواحدة ما للحر بعد الثنتين كانت تحته حرة أو أمة والقول فيما يمكن فيه انقضاء العدة قولها وهي محرمة عليه تحريم المبتوتة حتى تراجع. وطلق عبد الله بن عمر امرأته وكانت طريقه إلى المسجد على مسكنها فكان يسلك الطريق الأخرى كراهية أن يستأذن عليها حتى راجعها. وقال عطاء: لا يحل له منها شيء أراد ارتجاعها أو لم يرده ما لم يراجعها. وقال عطاء وعبد الكريم: لا يراها فضلا. قال: ولما لم يكن نكاح ولا طلاق إلا بكلام فلا تكون الرجعة إلا بكلام والكلام بها أن يقول: قد راجعتها أو ارتجعتها أو رددتها إلي فإن جامعها ينوي الرجعة أو لا ينويها فهو جماع شبهة ويعزران إن كانا عالمين ولها صداق مثلها وعليها العدة ولو كانت اعتدت بحيضتين ثم أصابها ثم تكلم بالرجعة قبل أن تحيض الثالثة فهي رجعة وإن كانت بعدها فليست برجعة وقد انقضت من يوم طلقها العدة ولا تحل لغيره حتى تنقضي عدتها من يوم مسها ولو أشهد على رجعتها ولم تعلم بذلك وانقضت عدتها وتزوجت فنكاحها مفسوخ ولها مهر مثلها إن كان مسها الآخر وهي زوجة الأول. قال عليه الصلاة والسلام:  إذا أنكح الوليان فالأول أحق  . وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في هذه 
 

صفحة : 3410

 المسألة: هي امرأة الأول دخل بها أو لم يدخل. قال الشافعي رحمه الله: وإن لم يقم بينة لم يفسخ نكاح الآخر ولو ارتجع بغير بينة وأقرت بذلك فهي رجعة وكان ينبغي أن يشهد ولو قال: قد راجعتك قبل انقضاء عدتك وقالت بعد فالقول قولها مع يمينها ولو خلا بها ثم طلقها وقال: قد أصبتك وقالت لم يصبني فلا رجعة ولو قالت أصابني وأنكر فعليها العدة بإقرارها ولا رجعة له عليها بإقراره وسواء طال مقامه أو لم يطل لا تجب العدة وكمال المهر إلا بالمسيس نفسه ولو قال: ارتجعتك اليوم وقالت انقضت عدتي قبل رجعتك صدقتها إلا أن تقر بعد ذلك فتكون كمن جحد حقا ثم أقر به. قال المزني رحمه الله: إن لم يقرا جميعا ولا أحدهما بانقضاء العدة حتى ارتجع الزوج وصارت امرأته فليس لها عندي نقض ما ثبت عليها له. قال الشافعي رحمه الله: ولو ارتدت بعد طلاقه فارتجعها مرتدة في العدة لم تكن رجعة لأنها تحليل في حال التحريم. 
قال المزني رحمه الله: فيها نظر وأشبه بقوله عندي أن تكون رجعة موقوفة فإن جمعهما الإسلام قبل انقضاء العدة علمنا أنه رجعة وإن لم يجمعهما الإسلام قبل انقضاء العدة علمنا أنه لا رجعة لأن الفسخ من حين ارتدت كما نقول في الطلاق إذا طلقها مرتدة أو وثنية فجمعهما الإسلام قبل انقضاء العدة علمنا أن الطلاق كان واقعا وكانت العدة من حين وقع الطلاق وإن لم يجمعهما الإسلام في العدة بطل الطلاق وكانت العدة من حين أسلم متقدم الإسلام. 

ID ' '   عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها 

 هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت 

 خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها 

 فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر 

 على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. 

 ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه 

 والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب 

 الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف 

 ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه 

 أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن 

 ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. 

 

صفحة : 3411


باب المطلقة ثلاثا 
قال الشافعي رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى في المطلقة الطلقة الثالثة:  فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره  . وشكت المرأة التي طلقها رفاعة ثلاثا زوجها بعده إلى النبي  فقالت: إنما معه مثل هدبة الثوب فقال:  أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك  . قال الشافعي رحمه الله: فإذا أصابها بنكاح صحيح فغيب الحشفة في فرجها فقد ذاقا العسيلة وسواء قوي الجماع وضعيفه لا يدخله إلا بيده أو بيدها أو كان ذلك من صبي مراهق أو مجبوب بقي له قدر ما يغيبه تغييب غير الخصي وسواء كل زوج وزوجة ولو أصابها صائمة أو محرمة أساء وقد أحلها ولو أصاب الذمية زوج ذمي بنكاح صحيح أحلها لمسلم لأنه زوج ورجم النبي  يهوديين زنيا ولا يرجم إلا محصنا. قال: ولو كانت الإصابة بعد ردة أحدهما ثم رجع المرتد منهما لم تحلها الإصابة لأنها محرمة في تلك الحال. قال المزني: لا معنى لرجوع المرتد منهما عنده فيصح النكاح بينهما إلا في التي قد أحلتها إصابته إياها للزوج قبله فإن كانت غير مدخول بها فقد انفسخ النكاح في قوله ولها مهر مثلها بالإصابة وإن كانت مدخولا بها فقد أحلها إصابته إياها قبل الردة فكيف لا يحلها فتفهم. قال الشافعي رحمه الله: ولو ذكرت أنها نكحت نكاحا صحيحا وأصيبت ولا نعلم حلت له وإن وقع في قلبه أنها كاذبة فالورع أن لا يفعل. 

ID ' '   وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو 

 ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة 

 للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب 

 غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال 

 وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع 

 سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ 

 الحديث. 

 وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة 

 أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. 

 هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة 

 

صفحة : 3412


باب الإيلاء 
مختصر من الجامع من كتاب الإيلاء قديم وجديد والإملاء وما دخل فيه من الأمالي على مسائل مالك ومن مسائل ابن القاسم من إباحة الطلاق وغير ذلك قال الشافعي رحمه الله: قال الله تعالى:  للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر  الآية. 
ففي ذلك دلالة والله أعلم على أن لا سبيل على المولي لامرأته حتى يمضي أربعة أشهر كما لو ابتاع بيعا أو ضمن شيئا إلى أربعة أشهر لم يكن عليه سبيل حتى يمضي الأجل. وقال سليمان بن يسار: أدركت بضعة عشر من أصحاب النبي  كلهم يوقف المولي. وكان علي وعثمان وعائشة وابن عمر وسليمان بن يسار يوقفون المولي. قال: والمولي من حلف بيمين يلزمه بها كفارة ومن أوجب على نفسه شيئا يجب عليه إذا أوجبه فأوجبه على نفسه إن جامع امرأته فهو في معنى المولي ولا يلزمه الإيلاء حتى يصرح بأحد أسماء الجماع التي هي صريحة وذلك قوله: والله لا أنيكك ولا أغيب ذكري في فرجك أو لا أدخله في فرجك أو لا أجامعك أو يقول إن كانت عذراء: والله لا أفتضك أو ما في مثل هذا المعنى فهو مول في الحكم. وقال في القديم: لو قال: والله لا أطؤك أو لا أمسك أو لا أجامعك فهذا كله باب واحد كلما كان للجماع اسم كنى به عن نفس الجماع فهو واحد وهو مول في الحكم. قلنا: ما لم ينوه في لا أمسك في الحكم في القديم ونواه في الجديد وأجمع قوله فيهما بحلفه لا أجامعك أنه مول وإن احتمل أجامعك ببدني وهذا أشبه بمعاني العلم والله أعلم. قال الشافعي رحمه الله: ولو قال: والله لا أباشرك أو لا أباضعك أو لا أمسك أو ما أشبه هذا فإن أراد جماعا فهو مول وإن لم يرده فغير مول في الحكم. ولو قال: والله لا أجامعك في دبرك فهو محسن ولو قال: والله لا يجمع رأسي ورأسك شيء أو لأسوأنك أو لتطولن غيبتي عنك أو ما أشبه هذا فلا يكون بذلك موليا إلا أن يريد جماعا. ولو قال: والله ليطولن تركي لجماعك فإن عنى أكثر من أربعة أشهر فهو مول. ولو قال: والله لا أقربك خمسة أشهر ثم قال: إذا مضت خمسة أشهر فوالله لا أقربك سنة فوقف في الأولى فطلق ثم ارتجع فإذا مضت أربعة أشهر بعد رجعته وبعد خمسة أشهر وقف فإن كانت رجعته في وقت لم يبق عليه فيه من السنة إلا أربعة أشهر أو أقل لم يوقف لأني أجعل له أربعة أشهر من يوم يحل له الفرج. وإن قال: إن قربتك فعلي صوم هذا الشهر كله لم يكن موليا كما لو قال: فعلي صوم يوم أمس ولو أصابها وقد بقي عليه من الشهر شيء كانت عليه كفارة أو 
 

صفحة : 3413

 صوم ما بقي. ولو قال: إن قربتك فأنت طالق ثلاثا وقف فإن فاء وغابت الحشفة طلقت ثلاثا فإذا أخرجه ثم أدخله بعد فعليه مهر مثلها وإن أبى أن يفيء طلق عليه واحدة. فإن راجع فله أربعة أشهر من يوم راجع ثم هكذا حتى ينقضي طلاق ذلك الملك ثلاثا. ولو قال: أنت علي حرام يريد تحريمها بلا طلاق أو اليمين بتحريمها فليس بمول لأن التحريم شيء حكم فيه بكفارة إذ لم يقع به طلاق كما لا يكون الإيلاء والظهار طلاقا وإن أريد بهما طلاق لأنه حكم فيهما بكفارة ولو قال: إن قربتك فغلامي حر عن ظهاري إن تظاهرت لم يكن موليا حتى يظاهر ولو قال: إن قربتك فلله علي أن أعتق فلانا عن ظهاري وهو متظاهر لم يكن موليا وليس عليه أن يعتق فلانا عن ظهاره وعليه فيه كفارة يمين. قال المزني رحمه الله: أشبه بقوله أن لا يكون عليه كفارة ألا ترى أنه يقول لو قال: لله علي أن أصوم يوم الخميس عن اليوم الذي علي لم يكن عليه صوم يوم الخميس لأنه لم ينذر فيه بشيء يلزمه وإن صوم يوم لازم فأي يوم صامه أجزأ عنه ولم يجعل للنذر في ذلك معنى يلزمه به كفارة فتفهم. قال الشافعي: ولو آلى ثم قال لأخرى: قد أشركتك معها في الإيلاء لم تكن شريكتها لأن اليمين لزمته للأولى واليمين لا يشترك فيها ولو قال: إن قربتك فأنت زانية فليس بمول وإن قربها فليس بقاذف إلا بقذف صريح ولو قال: لا أصيبك سنة إلا مرة لم يكن موليا فإن وطىء وقد بقي عليه من السنة أكثر من أربعة أشهر فهو مول وإن كان أقل من ذلك فليس بمول. ولو قال: إن أصبتك فوالله لا أصبتك لم يكن موليا حتى يصيبها فيكون موليا ولو قال: والله لا أقربك إلى يوم القيامة أو حتى يخرج الدجال أو حتى ينزل عيسى ابن مريم أو حتى يقدم فلان أو يموت أو تموتي أو تفطمي ابنك فإن مضت أربعة أشهر قبل أن يكون شيء مما حلف عليه كان موليا. وقال في موضع آخر: حتى تفطمي ولدك لم يكن موليا لأنها قد تفطمه قبل أربعة أشهر إلا أن يريد أكثر من أربعة أشهر. قال المزني رحمه الله: هذا أولى بقوله لأن أصله أن كل يمين منعت الجماع بكل حال أكثر من أربعة أشهر إلا بأن يحنث فهو مول. وقوله: حتى يشاء فلان فليس بمول حتى يموت فلان. قال المزني: وهذا مثل قوله: حتى يقدم فلان أو يموت سواء في القياس وكذلك حتى تفطمي ولدك إذا أمكن الفطام في أربعة أشهر. ولو قال: حتى تحبلي فليس بمول. قال المزني رحمه الله: هذا مثل قوله حتى يقدم فلان أو يشاء فلان لأنه قد يقدم ويشاء قبل أربعة أشهر فلا يكون موليا. قال المزني رحمة الله عليه: وأما قوله حتى تموتي فهو مول بكل حال كقوله حتى أموت أنا وهو كقوله: والله لا أطؤك أبدا 
 

صفحة : 3414

 فهو مول من حين حلف. قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولو قال: والله لا أقربك إن شئت فشاءت في المجلس فهو مول قال: والإيلاء في الغضب والرضا سواء لما تكون اليمين في الغضب والرضا سواء وقد أنزل الله تعالى الإيلاء مطلقا ولو قال: والله لا أقربك حتى أخرجك من هذا البلد لم يكن موليا لأنه قد يقدر على أن يخرجها قبل انقضاء الأربعة الأشهر ولا يجبر على إخراجها. 

باب الإيلاء من نسوة 
قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولو قال لأربع نسوة له: والله لا أقربنكم فهو مول منهن كلهن يوقف لكل واحدة منهن فإذا أصاب واحدة أو ثنتين خرجنا من حكم الإيلاء ويوقف للباقيتين حتى يفيء أو يطلق ولا حنث عليه حتى يصيب الأربع اللائي حلف عليهن كلهن ولو طلق منهن ثلاثاان موليان الباقية لأنه لو جامعها واللائي طلق حنث ولو ماتت إحداهن سقط عنه الإيلاء لأنه يجامع البواقي ولا يحنث. قال المزني: أصل قوله أن كل. يمين منعت الجماع بكل حال فهو بها مول وقد زعم أنه مول من الرابعة الباقية ولو وطئها وحدها ما حنث فكيف يكون منها موليا ثم بين ذلك بقوله: لو ماتت إحداهن سقط عنه الإيلاء والقياس أنه لا إيلاء عليه حتى يطأ ثلاثا يكون موليا من الرابعة لأنه لا يقدر أن يطأها إلا حنث وهذا بقوله أولى. قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولو كان قال: والله لا أقرب واحدة منكن وهو يريدهن كلهن فهو مول يوقف لهن فأي واحدة ما أصاب منهن خرج من الإيلاء في البواقي لأنه حنث بإصابة الواحدة فإذا حنث مرة لم يعد الحنث بإيلاء ثانية. 

ID ' '   القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال 

 تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون 

 خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م 

 ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: 

 (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية 

 والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: 

 (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل 

 ولا يكاد يقدر عليه. 

 

صفحة : 3415


باب على من يجب التأقيت في الإيلاء 
ومن يسقط عنه قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولا تعرض للمولي ولا لامرأته حتى تطلب الوقف بعد أربعة أشهر فإما أن يفيء وإما أن يطلق ولو عفت ذلك ثم طلبته كان ذلك لها لأنها تركت ما لم يجب لها في حال دون حال وليس ذلك لسيد الأمة ولا لولي معتوهة ومن حلف على أربعة أشهر فلا إيلاء عليه لأنها تنقضي وهو خارج من اليمين ولو حلف طلاق امرأته لا يقرب امرأة له أخرى ثم بانت منه ثم نكحها فهو مول. قال المزني رحمه الله: وقال في موضع آخر: لو آلى منها ثم طلقها فانقضت عدتها ثم نكحها نكاحا جديدا سقط عنه حكم الإيلاء وإنما يسقط عنه حكم الإيلاء لأنها صارت في حال لو طلقها لم يقع طلاقه عليها ولو جاز أن تبين امرأة المولي حتى تصير أملك لنفسها منه ثم ينكحها فيعود حكم الإيلاء جاز هذا بعد ثلاث وزوج غيره لأن اليمين قائمة بعينها في امرأة بعينها يكفر إن أصابها كما كانت قائمة قبل التزويج وهكذا الظهار مثل الإيلاء. ولو آلى من امرأته الأمة ثم اشتراها فخرجت من ملكه ثم تزوجها أو العبد من حرة ثم اشترته فتزوجته لم يعد الإيلاء لانفساخ النكاح. قال المزني رحمه الله: هذا كله أشبه بأصله لأن كل نكاح أو ملك حدث لم يعمل فيه إلا قول وإيلاء وظهار يحدث فالقياس أن كل حكم يكون في ملك إذا زال ذلك الملك زال ما فيه من الحكم فإذا زال نكاحه فبانت منه امرأته زال حكم الإيلاء عنه في معناه. قال الشافعي والإيلاء يمين لوقت فالحر والعبد فيها سواء ألا ترى أن أجل العبد وأجل الحر العنين سنة ولو قالت: قد انقضت الأربعة الأشهر وقال: لم تنقض فالقول قوله مع يمينه وعليها البينة ولو آلى من مطلقة يملك رجعتها كان موليا من حين يرتجعها ولو لم يملك رجعتها لم يكن موليا والإيلاء من كل زوجة حرة وأمة ومسلمة وذمية سواء. 
على مسائل ابن القاسم والإملاء على مسائل مالك قال الشافعي رحمه الله تعالى: إذا مضت الأربعة الأشهر للمولي وقف وقيل له: إن فئت وإلا فطلق والفيئة الجماع إلا من عذر فيفيء باللسان ما كان العذر قائما فيخرج بذلك من الضرار ولو جامع في الأربعة الأشهر خرج من حكم الإيلاء وكفر عن يمينه ولو قال: أجلني في الجماع لم أؤجله أكثر من يوم فإن جامع خرج من حكم الإيلاء وعليه الحنث في يمينه ولا يبين أن أؤجله