كتاب الأم/كتاب ما اختلف فيه أبو حنيفة وابن أبي ليلى/باب في المكاتب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



باب في المكاتب


[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا كاتب الرجل المكاتب على نفسه فإن أبا حنيفة رحمه الله كان يقول ماله لمولاه إذا لم يشترط المكاتب ذلك وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول المكاتب له المال وإن لم يشترط.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا كاتب الرجل عبده وبيد العبد مال فالمال للسيد؛ لأنه لا مال للعبد إلا أن يشترط المكاتب على السيد ماله فيكون له بالشرط وهذا معنى السنة نصا قال رسول الله : (من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع ولا يعدو المكاتب أن يكون مشتريا لنفسه فرب المكاتب بائع)، وقد جعل له رسول الله المال، أو يكون غير خارج من ملك مولاه فيكون معه كالمعلق فذلك أحرى أن لا يملك على مولاه مالا كان لمولاه قبل الكتابة، والمشتري الذي أعطى ماله في العبد أولى أن يكون مالكا لمال العبد بشراء العبد؛ لأنه لو مات مكانه مات من ماله من المكاتب الذي لو مات لم يلزمه شيء.

وإذا قال المكاتب قد عجزت وكسر مكاتبته ورده مولاه في الرق فإن أبا حنيفة رحمه الله كان يقول ذلك جائز وبهذا يأخذ، وقد بلغنا عن عبد الله بن عمر أنه رد مكاتبا له حين عجز وكسر مكاتبته عند غير قاض، وكان ابن أبي ليلى يقول لا يجوز ذلك إلا عند قاض، وكذلك لو أتى القاضي فقال قد عجزت فإن أبا حنيفة رضي الله عنه كان يرده وبهذا يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول لا أرده حتى يجتمع عليه نجمان قد حلا عليه في يوم خاصم إليه، ثم قال أبو يوسف بعد لا أرده حتى أنظر فإن كان نجمه قريبا، وكان يرجى لم يعجل عليه.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا قال المكاتب قد عجزت عند محل نجم من نجومه فهو كما قال وهو كمن لم يكاتب يبيعه سيده ويصنع به ما شاء كان ذلك عند قاض، أو لم يكن.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا الثقفي وابن علية عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه رد مكاتبا له عجز في الرق.

[قال الشافعي]: أخبرنا سفيان بن عيينة عن شبيب بن غرقدة أنه شهد شريحا رد مكاتبا عجز في الرق.

وإذا تزوج المكاتب، أو وهب هبة، أو أعتق عبدا، أو كفل بكفالة، أو كفل عنه رجل لمولاه بالذي عليه فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول هذا كله باطل لا يجوز وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول نكاحه وكفالته باطل وما تكفل به رجل عنه لمولاه فهو جائز وأما عتقه وهبته فهو موقوف فإن عتق أمضى ذلك وإن رجع مملوكا فذلك كله مردود وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى كيف يجوز عتقه وهبته وكيف تجوز الكفالة عنه لمولاه أرأيت رجلا كفل لرجل عن عبده كفالة أليست باطلا فكذلك مكاتبة وبهذا يأخذ وبلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال لا يجوز أن يكفل الرجل للرجل بمكاتبة عبده؛ لأنه عبده وإنما كفل له بماله وقال أبو حنيفة رحمه الله إذا كان له مال حاضر فقال، أؤديه اليوم، أو غدا فإنه كان يقول يؤجله ثلاثة أيام.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا تزوج المكاتب، أو وهب، أو أعتق، أو كفل عن أحد بكفالة فذلك كله باطل لأن في هذا إتلافا لماله وهو غير مسلط المال أما التزوج فأبطلناه بالعبودية التي فيه أنه لا يكون للعبد أن ينكح إلا بإذن سيده، ولو كفل رجل لرب المكاتب بالكتابة كانت الكفالة باطلة من قبل أنه إنما تكفل له بماله عن ماله.

كتاب الأم - كتاب ما اختلف فيه أبو حنيفة وابن أبي ليلى
كتاب ما اختلف فيه أبو حنيفة وابن أبي ليلى | باب الغصب | باب الاختلاف في العيب | باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها | باب المضاربة | باب السلم | باب الشفعة | باب المزارعة | باب الدعوى والصلح | باب الصدقة والهبة | باب في الوديعة | باب في الرهن | باب الحوالة والكفالة في الدين | باب في الدين | باب في الأيمان | باب الوصايا | باب المواريث | باب في الأوصياء | باب في الشركة والعتق وغيره | باب في المكاتب | باب في العارية وأكل الغلة | باب في الأجير والإجارة | باب القسمة | باب الصلاة | باب صلاة الخوف | باب الزكاة | باب الصيام | باب في الحج | باب الديات | باب السرقة | باب القضاء | باب الفرية | باب النكاح | باب الطلاق | باب الحدود