قدمت قدوم الغيث والحي مجذب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

قدمت قدوم الغيث والحيّ مجذب

​قدمت قدوم الغيث والحيّ مجذب​ المؤلف ابن نباتة المصري


قدمت قدوم الغيث والحيّ مجذب
وعدت كعود البدر والأفق غيهب
وسرت بك الأوطان فالغصن شامخ
دلالاعلى الأنهاروالروض معجب
وطابت بك الأرض التي أنت حلها
وكل مكان ينبت العز طيب
حلفت بأيامِ المشاعر من منىً
وما ضمَّ فيهنّ الصفا والمحصب
لقد طاف بالأركان ركنُ سماحة
يقام به شرعُ السماح وينصب
فلله عينٌ من ثراك تكحلت
بمجتمع الميلين والرفد يدأب
ولما قضيتَ النسك عاودت طيبة
وسعيك مبرورٌ وقصدك منجبُ
فأقسم ما سرّ الحطيم ومكةٌ
بأكثر ما سرّ البقيع ويثرب
تيممتَ منها روضةً نبويةً
جنيتَ بها زهر الرضا وهو مخصب
وطابت نواحي العرب من بيت حمزة
وبات الندى من كف حمزة يسكب
وعجبت لأوطان الشآم فأشرقت
كأنك ما بين المنازل كوكب
اذا زرتَ أرضاً زال محلُ ديارها
وأخرج منها خائفاًُ يترقب
فرؤياك رؤيا للسماح صحيحة
وبابك بابٌ للنجاحِ مجرَّب
لئن حذرَ العافون في الدهر مهلكا
لقد طاب من نعماك للقومِ مطلب
فكل بنانٍ من نداك مفضضُ
وكلّ زمانٍ من صفاك مذهّب
وكل غمام غير جودك مقلع
وكلّ وميض غير برقكَ خلّب
وقد يتجافى الغيثُ عن متطلب
وغيثك قيد الكفّ أو هوَ أقرب
وما سميَ الغيثُ الهتونُ سحابة
سوى أنهُ من خجلةٍ يتسحبُ
نهضت بما لاتحسن السحب حملهُ
وسدت على ما أسسَ الجدّ والأب
وسدت الى أن سرّ اسعدُ في الثرى
بسؤددكَ الوضاح بل سر يعرب
لك الله ما أزكى وأشرف همةًُ
وأوفق ما تأتي وما تتجنب
صرفت اليك القصد عن كل باذل
وقلت امرؤ بالفضل أدرى وأدرب
فرقيتَ نظمي فوق ما كانَ ينبغي
وبلغتَ ظني فوقَ ما كان يحسب
وصححت أخبارَ الندى فرويتها
عواليَ تروي كلّ وقتٍ وتكتب
فان علقت كفي بنعماك عروة
فقد هان من عيشي بيمنك مصعب
بقيت لهذا الدهر تحمل صنعه
و تغفرُ من زلاته حينَ يذنب
فلولاك ما فازت مدائح شاعر
و لا أصبحت أوزانها تتسبب