صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/122

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

أما إن أردتها سعادة العمر أو سعادة في كل شيء لا نظير له ولا انقطاع لهـا فتلك هي الاستحالة التي لا تنفرد بها السعادة ، ولا فرق بين تعذرها وتعذر كل مطلوب على تلك الشريطة فليست السعادة بوهم ، وليست الكسوة بوهم ، وليست اللقمة السائغة بوهم ، ولكن اللقمة السائغة مع رخصها وخجل بعض الناس من المقابلة بينها و بين السعادة تساوى السعادة الكبرى في استحالتها إذا أنت خرجت بها من عالم المعهود وارتفعت بها إلى عالم الأحلام المأمول . -1121 لأن الاستحالة من طبيعة الأحـلام ، وما من حلم يتحقق إلا بطلت تسميته بالحلم وانتقل إلى المحسوسات والمدركات . فالسعادة طبقات وأصناف والصنف الرخيص منها موجود وموفور ومبـذول ، والطبقة القريبة منها على متناول الباع الطويل والباع القصير . فإذا قيل : إن أصنافاً منها لا تبذل ولا تتوافر ، فكذلك الصنف الغـالي من

( كل شيء ، حتى العدس والقطن والورق والتفاح و إذا قيل : إن الطبقات العالية منها لا تنال أو لا تنال في كل حين ، ولا ينالها كل إنسان ، فكذلك كل طبقة رفيعة من كل ساعة وكل ثمرة وكل موجود . هناك لحظات سعيدة في الحياة . فهناك إذن سعادة لا مراء . . ولكن ليس في الدنيا أناس سعداء ، لأن السعادة الملازمة للانسان في كل حالة م وكل مطلب هي المثل الأعلى ، وهى الحلم ، وهي الغاية التي لا تدرك ، والبغيـة التي لا تنال . وما هي السعادة بعد هذا ؟ هل هي من عالم السكينة أو من عالم الحركة ؟ وهل السعيد من لا يتحرك ، أو السعيد من لا يسكن ؟