صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/114

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- 106 - صحيحة في البيع والشراء ، وإنما هي استغلال لثقة الناس التي كسبها أولئك المستغلون بحكم مراكزهم الاجتماعية أو المالية لا بحكم الكفاءة والجهد وتثمير المال الحلال و إذا ارتفعنا شيئاً فشيئاً من هذه الهوة الغائرة في قرارة الإجرام فقد نصل إلى الكفاءات القيمة التي تعطى الناس ما ينفعهم ويسرهم ، ولكنها تتقاضاهم جزاء لهم أضعاف حقهم وأضعاف ما يحتاجون إليه لموالاة النفع والسرور فإخراج رواية على اللوحة البيضاء عمل قد ينفع العقول ويدخل السرور على القلوب ، ولكن الدنيا تسرف جد الإسراف حين تشترى نفع الرواية وسرورها بمئات الألوف من الجنيهات ، وهي تضن بعشر معشار هذا على المآثر الإنسانية التي يتصل بها نفع أقوام وسرور أجيال وأقبح من هـذا أن تكون الألوف المؤلفة نصيب الرواية الماجنة العقيمة ولا تحظى ببعض هذا النصيب أجود الروايات وأحفلها بالمعارف والمتع والعظات ، أو يكون الجزاء الوافر حظ الممثل الذي لا يستحي أن يعرض رجولته للفضوليات من المتفرجات، ولا يكتب هذا الحظ لنوابغ الفن وأفذاذ الرجال هناك خلل في الميزان لا نكران له ولا مناص من إصلاحه ، لأن الغبن فيه غبن الأمم ، والبلاء فيه بلاء الهمم ؛ وليس غبن فقير يشكو الفافة ، أو بلاء ضعيف يطلب م الرحمة والإنصاف . PG ولا نطمع أن يجيء اليوم الذي يتساوى فيه العمل والجزاء كل المساواة ، ويبطل . فيه الخلل بطلانا يمنع الحيف ويحقق العدل في كل تقدير ؛ فهذا مستحيل . ولعله غير محمود في عقباه ، لأن الدوافع الحيوية إذا استقامت هذه الاستقامة خيف عليها أن تفقد الاندفاع الصالح والاندفاع الذميم على السواء . لكننا إذا استبعدنا الكمال المطلق فالنقص المطبق أولى منه بالإبعاد ، و بين المثل الأعلى والمثل الأدنى خطوات لا تعيا بها قدرة الإنسان ولا يجمل به أن يقعد عنها مكتوف اليدين مقيــــــد الرجلين ، وحاجة مصر إلى الجهد في هذا الباب أعظم