صفحة:مذكراتي عن الثورة العربية الكبرى.pdf/8

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

وكانت رابطتي بدمشق ضعيفة لأن اخوة والدي لم يكن لهم أبناء ذكور كما أنهم لم يعمروا طويلا، فلم يكن لنا أقارب في دمشق اللهم إلا الذين عرفتهم في الفترات القليلة التي كنت اختلف فيها إلى دمشق، وهم من ناحية بنات عم وعمومتنا فقط.

ومن هذا يستبين أني منذ نشأت لم أعرف لي وطناً خاصاً غير الوطن العربي الشامل الذي عشت تحت أجوائه المختلفة متنقلا كالطير من قطر إلى قطر .

وتحت تأثير هذه النشأة التي أحمد الله عليها نهضت بأعمالي الوطنية سواء في استانبول او باريس خلال دراستي الجامعية.

هذا مع العلم بأن الفكرة الإقليمية الضيقة لم تكن يومئذ معروفة بين مثقفي العرب إطلاقاً، وان كان هذا لم يكن يمنع من أن يزعم زاعم أنه بيروتي أو شامي أو عراقي، على نحو ما نقول اليوم في وطننا السوري: شامي وحمصي و حلبي. أما أنا فلم يكن حنيني إلى دمشق أكثر من حنيني إلى نابلس مثلا أو بعلبك أو خلیل الرحمن.

ومن الغريب أن المرحوم والدي عبد القادر قد اختزل اسمه فدعي في المدرسة الحربية في استانبول باسم قدري، ثم غدا هذا الاسم كنية لنا من بعده، لا نعرف إلا بها. ومن الغريب أيضاً أنني بعد أن عدت إلى دمشق عام ۱۹۱۳ كان عليَّ أن أثبت في السجلات أنني مواطن دمشقي، وكذلك بعد أن أصبحت بلادنا اثر انهاء الحرب مقسمة بمؤامرات المستعمرين، ولكني لم أفعل. وهكذا فبعد أن أخرجت من العراق إرضاءً للإنكليز عام ۱۹٤۱ عقب ثورة رشيد عالي، لم أعثر على أي قيد لي في سجلات النفوس، وأنكى من هذا كله أن زواجي نفسه الذي

-ب-