صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/41

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٤١ -

وحاول في هذه الفترة أن يتصل بالعلويين، فأرسل رسالتين من نسخة واحدة إلـى الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وعبد الله الحسن بن علي بن أبي طالب يدعو كل واحد منهما إلى القدوم إليـه "ليصرف الدعوة إليه ويأخذ بيعة أهل خراسان له" ولقد كان جواب جعفر بن محمد إحراق الرسالة وأنكر معرفته بابن سلمة. أما عبد الله فقد شاور جعفر الصادق فحذره الصادق من نتيجة الانقياد وراء الخلال قائلاً له: "ومتى كان أهل خراسان شيعة لك؟، أأنت بعثت أبا مسلم إلى خراسان، أأنت أمرته بلبس السواد؟". ولكن عبــد الله استاء من كلام جعفر واعتبره حسداً منه1.

أما الدوافع التي دفعت الخلال للقيام بهذا العمل فمن ذلك خوفه بعد مقتل إبراهيم الإمام من انتقاص الأمر وفساده.

ولقد فشلت محاولة الخلال. وأخيراً عرف أحد كبار أتباع أبي مسلم بوجود الخليفة الجديد فذهب إليه ومعه عدد من زعماء الخراسانية والقواد وبـايـعـوا أبا العباس، وسلموا عليه بالخلافة، وعزوه في إبراهيم الإمام. واضطر أبو سلمة إلـى الذهاب ومبايعة أبي العباس2.

وفي يوم الجمعة ١٢ ربيع الأول، خرج أبو العباس إلى دار الإمارة، ومنهـا ذهب إلى المسجد الجامع بالكوفة حيث أخذ البيعة له، وبعد الخطبة والصلاة صعد المنبر وخطب قائلاً: "الحمد لله الذي اصطفى الإسلام لنفسه وكرّمه وشرّفه وعظّمـــــه واختاره لنا فأيده بنا وجعلنا أهله، وكهفه وحصنه، والقوام به، والذابين عنـــــــــــــه، والناصرين له، فألزمنا كلمة التقوى وجعلنا أحق بها وأهلها، وختمنا برحم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابته… جعله من أنفسنا عزيزاً عليه ماعنتنـا حريصاً علينـــــــا بالمؤمنين رؤفاً رحيماً، ووضعنا من الإسلام وأمله بالموضع الرفيع وأنزل بذلك على


  1. المسعودي، مروع الذهب، ج ٤، ص ۹۷ – ٩۸.
  2. انظر الطبري، تاريخ الرسل والملوك، ج ۷، ص ٤۲۳ – ٤٢٤، ابن الأثير، ج ٤، ص ٣٢٣ - ٣٢٤.