صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/39

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٣٩ -

هبيرة. لبث ابن هبيرة يشاور فيه العلماء أربعين يوماً حتى ارتضاه وأرسله إلى أبـي جعفر الذي أنفذه إلى أخيه السفاح فأمره بإمضائه، وأمضى السفاح المعاهدة ولكنه لم يحترمها، بعد أن اعترض أبو مسلم على نصموصها وكتب إلى السفاح "إن الطريـق السهل إذا ألقيت فيه الحجارة فسد لا والله لا يصلح طريق فيه ابن هبيرة"1.

وانتهى الأمر بقتل أفراد الحامية المستسلمة، واغتيال ابن هبيرة وباستسلام واســط ثم القضاء على القوات الأموية النظامية، ونهج العباسيون سياسة ترمي إلى استئصال شأفة الأمويين، واستخدام العنت والقسوة ضد أفراد الأسرة التعسة، ولم يتورعـــــوا في ذلك عن استعمال الغدر والخيانة2.

مذبحـة أبي فـطـرس:


من أهم المذابح التي غدر فيها عبد الله بن علي عم الخليفة وقائد القـــــــــــوات العباسية في الشام، بعدد كبير من أفراد الأسرة الأموية، والتي تسمى بمذبحة أبـي فطرس، وذلك بعد أن أمنهم ودعاهم إلى الطعام. ويقال أنه بعد قتلهم غيلة أمر بالبسط ففرشت على جثثهم فأكل عليها، وهو يسمع أنين بعضهم3.

وطارد العباسيون الأمويين في الشام وفي فلسطين والعراق. وبعد مطـاردة الأحياء انتهكوا حرمة الأموات، فنبشت قبور الخلفاء في دمشق بأمر عبد الله بن علي، ونشر تراب جثثهم في الهواء، ولم يستثن إلا قبر عمر بن عبد العزيز. ولم ينج من الأمويين إلا حفيد الخليفة هشام، وهو عبد الرحمن بن معاوية الذي هرب إلى الأندلس، حيث أنشأ دولة أموية جديدة4، كما سنرى فيما بعد - واستصفيت أموال الأمويين وهدمـت قصورهم، وخربت مصانع المياه التي كانوا قد أقاموها حتى لا يبقى لذكرهم أثر.


  1. نفس المصدر السابق، ص ۳۳۸.
  2. نفس المصدر، ص ۳۳۳.
  3. ابن الأثير، الكامل، ج ٤، ص ۳۳۳.
  4. انظر، أخبار مجموعة في فتح الأندلس.