صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/61

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٥٩

وكاد يفسد التدبير كله، فما كاد يسمع باسم الأميرة حتى تمثلت له القصة كلها، وحتى ثارت كوامن أشجانه جميعاً. لولا أن تلطف حور مع الملك حتى ينفذ رياضته، وتلطف المشير مع رسول الأميرة لتؤجل الزيارة إلى أن يتم للمليك الشفاء

ولما خرج الملك من القصر دوت الساحة كلها بالهتاف الحار والدعاء الخالص، وارتجت جوانب المدينة بالحركة، وانطلقت الألسنة بالحديث. وكان يوما مشهوداً في حياة المملكة، وظل الهتاف يدوى والملك في الطريق

ولما قرب من الغابة هجمت عليه الذكريات، وخفت صوت الجماهير في أذنه، وارتفع صوت واحد محبب جميل، يتسلل إلى أذنه، كأنما ينبعث من سماء بعيدة، ومن وراء الغيب السحيق : — نعم. هي أغنامي. وأنا أرعاها لأن والدي عجوزان… إن لنا كوخاً على حافة الغابة… وظل هذا النغم المستسر العميق يتردد على سمع الملك كلما خطا خطوة وهو غائب عن الوجود، وأساريره تنفرج كما يحلم الطفل حلما وضيئا فيبسم في النوم الهنىء حتى إذا كان في مهبط الحلم الأول انتفض كالمباغت المفجوء، وانفرجت شفتاه ينادي في لهفة واجفة :