صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/109

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ولما كانت هذه هي الفرصة الأخيرة أمام الملك ، فقد أجاب طلبه ، ودعا له ولجماعته بالنصر المؤزر ، وارتفعت أكف الجميع بالدعاء ، وتعالت أصواتهم بالهتاف ، وهم يشيعونهم إلى الأبواب ۱۰۷ - وانطلق الفتى – يا مولاي - بجماعته الصغيرة ،وقلبه يطفح بشراً ، ونفسه واثقة من الغلبة ، فهو يندفع بألف عزم وعزم و يخيل إليه أن في مكنته دك الجبال ، وتبديل الأحوال - . . . وسرى هذا الشعور إلى نفوس رفاقه، فانقلبوا أسوداً هائجة تذود عن العرين المهدد ، فلما ترامى إلى المغيرين نبأ هذه الكوكبة الصغيرة الخارجة لقتالهم هزئوا وسخروا، وأقبلوا عليهم غير مكترثين بهم يحسبونهم صيداً سهلا . ولكن لم تمض دقائق حتى عاموا : أي أبطال يقاتلون . فلقد تصرع منهم عشرات الفرسان في الميدان ، فأفاقوا ، وبدءوا ينظرون إلى خصومهم القلائل نظرة جديدة ، ويحملون عليهم حملة صادقة . . . ولكن الفتى راح يصول ويجول و يصرخ و يهدر ، ويقتل ويجندل ، والغبار ثائر والمعركة فائرة ، حتى أطاح منهم الرءوس وشتت الجموع ، وألقى الرعب في القلوب ، وهو يهدر في ثورة واندفاع ، وكأنما هو غائب عن الوجود . . حتى أقبل الليل