صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/57

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.

لا يُكره احداً ان يذهب مذهبه وان لكل من رعاياه ان يتبع الرأي الذي يراه1.

واختلف الاحبار المسيحيون في هذه الآونة واختصموا. واتصل خلافهم بالقساوسة والرهبان والافراد. فاضطر قسطنطين الكبير ان يتدخل في الامر لانه كان حبر الدولة الاعظم ورأسها فمِن واجبه ان يحافظ على الامن وحرية العبادة ثم انه كان يعطف على النصرانية ويعترف بفضل اله النصارى كما اشرنا. وكان قد سبق له مثل هذا عند ظهور الدوناتية في افريقية. ولكن الانشقاق الذي ادى إلى تدخله الشخصي هذه المرة كان اشد خطراً بما لا يقاس مما حدث في ولاية افريقية. فانه حادث هدد السلم في الولايات الشرقية. وتفصيل الامر ان آريوس Arius احد قساوسة مصر وراعي كنيسة بوكاليس فيها قال بخلق الابن وخلق الروح القدس فانكر بذلك الوهية المسيح واثار عاصفة هوجاء من الانتقاد والاحتجاج شملت العالم المسيحي بكامله. ولسنا نعلم الشيء الكثير عن آريوس هذا. نجهل محل ولادته وتاريخها كما نجهل تفاصيل فلسفته الدينية. وقد ضاعت رسائله ولم يبق منها الا مقتطفات يسيرة جاءَت في بعض الردود عليه ولا سيما ما كتبه القديس اثناسيوس الكبير. ولولا تعلق المؤرخ يوسيبيوس به لما حفظت رسائل قسطنطين عنه. وقد يكون لما اورده القديس أمبروسيوس اهمية خاصة لانه اطلع فيما يظهر على تقارير الاسقف هوسيوس الذي انتدب للتحقيق في قضية آريوس قبيل انعقاد المجمع المسكوني الأول.

وهال قسطنطين امر هذا الانشقاق. وكان يجلُّ اسقفاً اسبانياً يدعى هوسيوس وهو الذي سبق ذكره. وكان هذا شيخاً جليلًا محترماً. فأستدعاه قسطنطين اليه وانفذه الى الاسكندرية ليتصل بحبرها الكسندروس

  1. Eusebius, Vita Constantini, II, 48–60.
٥٦