صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/53

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وكان أشهر القائلين بأن الإله غير مطلق من شوائب الخيال وجدناهم أنفسهم مثلاً من الأمثلة التي تثبت تلك الظاهرة وتكررها ، فكان فلاسفة الألمان يقولون بالإرادة كأنها هي الصفة الغالبة في نواميس الكون ويقرون للحكومة بالحق ولا يدينونها بالواجب الإرادة أناساً من فلاسفة الإنجليز ، وليس من مجرد المصادفات كما قلنا في كتابنا « الله » أن تبدأ هذه النزعة الفلسفية في البلاد الإنجليزية التي يقال عنها إن وظيفة الملك فيها وظيفة اسمية وإن حامل التاج هناك لا يتعرض لسياسة حكومته إلا بمقدار ما يدعوه رعاياه ، وليس من محض المصادفات أن يكون البادئ بها هو جون ستيوارت ميل صاحب المراجع المعتمدة في مباحث الحكومة النيابية ومباحث الحرية والدستور وصاحب الوظيفة التي تخلى عنها حين آلت إدارتها إلى سيطرة الحكومة البريطانية 16 C کیا والثابت على كل حال من تواريخ العقائد والشرائع والأنظمة الحكومية أن الناس لم يطلبوا قط نظاماً لحكوماتهم أعلى وأرفع من نظام الكون كله كما يعتقدونه ، وهذه الحقيقة تنطبق على المسلم تنطبق على غيره ، مع فارق واحد فيه كل العبرة وكل الدلالة ، فالمعهود في الأمر أن تترقى عقيدتها تبعاً لارتقاء آرائها عن الحكم والحكومة وارتقاء فهمها للنظام والسياسة ، ولم يكن هذا شأن المسلم الذي دان بالعقيدة الإسلامية قبل أربعة عشر قرناً في بلاد لم تعرف الحرية في مبادئ الحكومة وقواعد الدساتير ، فإن آراءه عن الحق والنظام ا