صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/116

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

عن الحملات من هذه العقوبات ما يلائم الجريمة ويلائم البيئة التي تقع فيها ، وقد نافق من ساسة الأوربيين من يزعم أنه لم ياجأ في بلاد الحضارة فضلا البلاد الهمجية إلى أقسى هذه العقوبات باسم التأديبية أو باسم القصاص من جنس العمل، وقد صدر الحكم على قاتل كليبر بقطع اليد والجلوس على الخازوق والإحراق ، وقد أمر كرومر نفسه بإحراق عصابة من اللصوص كانت تختفى بين القصب وتمتنع فيه عن الشرطة ، ولم يكن بالحاكم الذي ينفذ حكم الآية حاجة إلى نفاق كهذا النفاق ، لأنه مفوض في الاختيار بين أقسى العقاب وبين أهونه وبين ترك العقاب جملة إذا تاب المجرمون توبة نصوحاً لندمهم وارعوائهم عن الإجرام لا لخوفهم من الجزاء ا . وقلنا في ختام باب العقوبات من كتابنا الفلسفة القرآنية : إننا « ننتهى من ذلك كله إلى نتيجتين يقل فيهما الخلاف حتى بين المسلمين وغير المسلمين ، وهما أن قواعد العقوبات الإسلامية قامت عليها شئون جماعات من البشر آلاف السنين وهي لا تعاني كل ما تعانيه الجماعات المحدثة من الجرائم والآفات ، وأن قواعد العقوبات المحدثة لم تكن تصلح للتطبيق قبل ألف سنة وكانت تنافى مقتضيات العصر في ذلك الحين ، ولكن القواعد القرآنية بما فيها من الحيطة والضمان ومباحات التصرف الملائم للزمان والمكان قد صاحت للتطبيق قبل ألف سنة ، وتصلح في هذه الأيام ، وبعد هذه الأيام وينبغي أن يكون الاجتهاد جائزاً في كل عصر بل فريضة (