صفحة:الأصمعي حياته وآثاره (1955) - عبد الجبار الجومرد.pdf/26

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

يبحثون عن الأعراب الفصحاء ورواة الأدب والأخبار منهم، ليتعرفوا اليهم و يأخذوا ما عنده ، أو يدعونهم الى ضيافتهم في البصرة، ويعقدون لهم المجالس ، ويثيرون معهم المناقشات والجدل لأجل الحصول على الفائدة وهذا ما كان يشجع بعض فصحاء الأعراب ورواتهم على المجيء الى المربد لإعطاء ما عندهم لهؤلاء الراغبين في جمع اللغة والأدب والأخبار، لقاء بعض الفوائد المادية التي هم في اشد الحاجة - أحيانا - اليها وهكذا بقي المربد زمناً طويلاً كمصدر غني لتغذية حركة المسجد في البصرة التي تحدثنا عنها

ثم شعر بعض رجال العلم وقادة النيضة في مسجد البصرة بأن هنالك الكثير من فصحاء الأعراب ورواة الأدب القديم يسكنون البوادي البعيدة عن المربد ، ولم تدفعهم الحاجة الى قصده والمجيء اليه ، فشدوا رواحلهم اليهم ، وتوغلوا في فجاج الجزيرة العربية يقطعوب بواديها شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً للبحث عنهم والالتقاء بهم واخذ ما عندهم من ذلك التراث الثمين قبل ان يتبعثر ويتقلص فيضيع

وقد ظهر في العصر الأول العباسي عدد من هؤلاء الرواد الذين بذلوا شطراً من حياتهم في الاسفار واجتـــــــيز الصحاري اليابسة لأجل الاتصال بالقبائل في منازلها النائية ، لهذه الغاية ، امثال خلف الأحمر وابي عمرو بن العلاء والأصمعي وغيرهم والى هؤلاء وامثالهم يعود الفضل الأكبر في جمع اللغة العربية الصحيحة والشعر والأدب ، وتغذية تلك النهضة التي أنت ثمراتها فيما بعد

واذا كان لكل حركة باعث ومشجع ، فان الذي كان يشجع أولئك العلماء والأدباء على بذل تلك الجهود الجبارة المضنية في جمع ذلك الإنتاج

- ۲۸ -