صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/163

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۲ - على قلوب كثير من معاصريه وخلفائه : حقا إن اللا أدرية المتطرفة هي في الواقع لا نشك الا قليلا ، قال لوك « من يشك في أمور حياته العادية التي لا تؤيدها الادلة والبراهين لا بد من هلاكه في وقت قصير ، لأنه بذلك لايجرؤ على الاغتذاء بطعام ولا بشراب . وأضيف الى هـذا قائلا ان المجتمع لا يعيش بتحليل آرائه ومعتقداته تحليلاً انتقاديا ، وليس شأن المعتقد سوى كفاية المجتمع مؤونة مثل ذلك التحليل . وبما أن العلماء يضطرون إلى التسليم بكثير من القضايا العلمية كما يسلمون بالمعتقدات فاننا لا نعجب مما يبدو عليهم أحيانا من السذاجة كما يبدو على الجهلة الأميين ، فالعالم قلما يكون أسنى من الجاهل في الأمور التي ليست من دائرة اختصاصه ، وبهذه الملاحظات ندرك السبب في كون أفاضل العلماء يؤمنون بأشد الأوهام خطلاً .

. ۲ – تكوين الاوهام العلمية يتعذر تكر ير جميع التجارب ، ولذلك يبقى مبدأ نفوذ العالم وتأثيره مرشدنا الاساسي كما ذكرت آنها ، فالناس يؤمنون بالعالم الذي اكتسب مقامه العلمي نفوذاً كبيراً فيظنون أنه لا يأتى بمزاعم مختلة يتعرض فيها للتكذيب حقا إن العالم لا يخبر بشي يراه غير صحيح ، غير أن الوهم قد يتطرق اليه بتأثير التلقين – حتى في الأمور المضبوطة – فيظن الأضاليل التي أملته عليه مخيلته حقائق، وأكبر كبر دليل على ذلك حكاية أشعة ( 8 ) التي كان اشهر علماء الطبيعة يقيسون انحرافها مع أنه ثبت بعد ذلك أنه لا أساس لتلك الأشعة . وقد اسهبت في بيان هذه الموضوع لأننى باظهاري الخطأ في مباحث علم الطبيعة - التي يتوخى العلماء الضبط والدقة في درسها .. أوضح السهولة التي تستحوذ بها الأوهام على النفوس إزاء حوادث لا تنالها يد التحقيق الا قليلا ، و إنى أختار أمثلة تشاهد في العلماء وحدهم لأثبت أنه بتأثير النفوذ والتلقين والعدوى يحدث في جميع الناس ومنهم اولو المدارك السامية معتقدات وآراء مختلة تلك الأمثلة المؤثرة الضلال الذي وقع فيه أعضاء المجمع العلمي منذ أربعين ومن