صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/147

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- - - ولما كان العقل غير مشترك في تكوين المعتقدات فانه لأحد السرعة التصديق في المؤمن، ولا يتخيل المؤمن أنه يعتقد الاشياء من غير برهان بدليل أنه يستشهد بالبرامين على الدوام ، غير أن هذه البراهين التي يقنع بها تدل على ما فيه من سذاجة متناهية وسرعة تصديق متأصلة . ويتجلى لنا هذا الامر . مطالعة الكتب التي بحثت عن الوسائل التي استعان رسائل علم بها القضاة المنعونون في الماضي بالجهابذة لكشف السحرة . فانها تدل اللاهوت على الهوة العميقة بين الدليل الذي يتطلبه العلماء والدليل الذي يقنع به المؤمنون المقذوف بهم في دائرة المعتقد ، ولا فائدة ایراد کثیر الأمثلة على ذلك ، فانها كلها تشابه ما حدث في الدعوى التي اقيمت على الكاتب ( البانو ) ا ا الايطالي ، فقد استشهد على أنه تعلم « سبع المهن الحرة » من سبعة عفاريت من الجن بأكتشاف زجاجة علاج مركب من سبعة أدوية مختلفة في بيته ، ومع مركونه في الرابعة عشرة من عمره فقد أوشك القضاء أن يحكم عليه بالحرق حيا لو لم يمت فجأة بفضل حماته من العفاريت ! ، حينئذ اكتفى القضاة بنبش قبره وحرقه ميتا في أحد الميادين العامة وقد قدر حرق السحرة في عهد لويس الرابع عشر، ولكن ما من أحد كان ينكر قدرتهم ، وقد كشفت قضية الساحرة ( قوارين ) أن أكابر ذلك الوقت - ومنهم المارشال ( دولكسنبرغ ) وأسقف ( لانغر ) الذي كان واعظ الملكة الأول - كانوا يعوذون بقدرة السحر ، والى هذه القدرة طلب المطران ( سيميان دوجورج ) أن تعطيه حبل روح القدس الازرق ! وما يقصه العرافون والرمالون في الزمن الحاضر من اتصالهم بعالم الشياطين يثبت لنا أنه لم يذهب شيء من بساطة الإنسان وسرعة تصديقه ، ومن اغرب ما علمناه أن أحد الوزراء المعروفين بعداوتهم للاكليروس لا يخرج من بيته الا حاملا حبل مشنوق وأن احد سفرائنا لا يأكل على خوان عليه ثلاثة عشر مدعواً ، فهل وثنية أمثال هذين ا القطبين أرقى ، المعتقدات الدينية التي يحاربونها بما أوتوا من قوة و لا شك لا . و يشعر المؤمنون في كل وقت بضرورة ايجاد براهين يدعمون بها ايمانهم كي بهدوا