صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/109

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ١٠۹ -

١ – ۲ – كيف بين شيء من الثبات في الشعب على رغم تقلب آرائه

تصادف في الآراء الشعبية صفتين متباينتين : التقلب والثبات ، فالتقلب يظهر أنه هو القاعدة ، إلا أنه ينطوي تحت هذا التقلب عناصر هي غاية في الثبات ، كما أنه يوجد تحت أمواج البحر المحيط السطحية مياه البحر الساكنة ، و يتجلى لنا جميع ذلك عند النظر الى ما طرأ علينا من التقلب منذ عصر .

حقاً يوجد خلف تقلب الجموع الدائم وغيظها الشديد وحماستها وغضبها العظيم وأحقادها التي أوجبت انقلابات عديدة غرائز محافظة متينة ثابتة ، فقد ظلت أشد الجموع اللاتينية ثورة شديدة المحافظة كثيرة التمسك بالتقاليد ، ولذلك لم تلبث أن أعادت النظم التي حطمتها باسماء جديدة .

ولم يفقـه زعماء الجماعات أنها وإن كانت تأتى بالثورة فعلا إلا أنها محافظة بمشاعرها ، فقد يسهل تحريك روحها بآراء سياسية يومية ، وأما مزاجها النفسي الأساسي فالزمان وحده هو الذي يؤثر فيه .

والعمـل الآتي الذي قامت به الحكومة الانكليزية حديثا يثبت لنا جهل الساسة للروح الشعبية وما ينطوي تحت تقلبها من ثبات وهو : لما تم انتخاب مجلس نواب جديد في انكلترا لم يمنج الحكومة اكثرية كافية لاصلاح مجلس اللوردات ظنت أنها بخوضها معركة انتخابية حامية الوطيس تقدر على جعل الجموع الانكليزية تنتخب نوابا موالين يكفون لتنفيذ برنامجها ، ولكن على رغم ما أتت به من ضغط عنيف لم ينتخب الشعب سوى أعضاء المجلس السابق ، إذ إن الأكثرية التي كانت تستند اليها الحكومة قبل الحل بعد أن كانت ١٢٤ نائبا اصبحت ١٢٦ نائبا ، أي إن ما أتت به الحكومة من مجهود كبير لم يؤد إلا إلى زيادة عضوين مواليين .

وما كان الوزراء بحاجة الى وقوف كبير على علم النفس كى يعلموا تلك النتيجة قبل وقوعها ، وكيف ظنوا أنهم – بعد أن استعملوا في المرة الأولى ما بأيديهم من وسائل ليؤثروا في روح الشعب – يستطيعون في بضعة أشهر أن ينالوا غير النتيجة السابقة ؟ أتاهم ذلك الظن من اطلاعهم على سرعة التقلب في الجموع ناسين أن الثبات هو رائدها في عدد من المواضيع الجوهرية ، ومن هذه المواضيع المبدأ الذي اتخذ