صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/107

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ۱۰۷ –

اذاً فلكل طبقة من طبقات الشعب - عمالا كانوا أم قضاة أم ساسة - آراء خاصة ، وهذه الآراء هي مقياس لما يأتى به أفراد تلك الطبقة من الأحكام ، فالأمور في نظر هؤلاء الأفراد تكون صوابا أو خطأ حسبما تكون ملائمة أو غير ملائمة لآراء الزمرة التي ينتمون اليها ، واذا قبل أحد رأى زمرته فبلا جدال ، وإن لم يقبله لا يستطيع أن يعيش فيها .

ويؤدي التطور الحديث نحو الاشتراكية والنقابية الى زيادة عدد الزمر ولا سيما التي تدير بها الدولة احتكاراتها ، وما بين هذه الزمر من تحاسد فذوجةوة ، ولتلك الجفوة لا يبدو من الزمر المذكورة سوى العداوة والإهانة ، ولما لم تكن ذات تضامن يربط بعضها ببعض فإن الحلال مصالح الحكومة يزيد يوما فيوما ، وهذا هو الاسباب العميقة العويصة في تقهقر احتكارات الحكومة ، وقد ذكرت ذلك في کتاب سابق فأثبت أن في احتكار الدولة لأى مشروع بلية على ماليتها .

وتباين الآراء بين زمر الموظفين التي هي بالحقيقة سيدة البلاد لفائها يبدو للجمهور قليلا ، وأما آراء زير العمال فهي بالعكس ذات ضجيج يجعلها ظاهرة منظورة، وقد أخذت احتمادها على الطبقات الأخرى تصبح عاملا قويا في التطور السياسي الحديث .

وتتصور زمر العمال بتلقين زعمائها أنها وحدها هي التي أوجدت الثروة منكرة شأن رأس المال والذكاء ، وقد أصبحت أممية قائلة بمبدإ نزع السلاح ، فَعَدَّ العمالُ لذلك زمر الحرف وطنهم الحقيقي غير ناظرين الى الأمم الموجودة فيها تلك الزمر .

١ – تأثير العادة .

تشتق قوة المجتمعات والأفراد من العادة ، فالمادة تُغنى عن التأمل في أي حال يبدو لينظر فيه ، والبيئة والعدوى والتربية تُثًبِّت العادة في الانسان والقوانين تؤيدها ، ولا تكون القوانين قوة إلَّا إذا دعت عادةٌ موجودةٌ قبل سنها .

واذ قد بحثت عن العادة آنفاً فانني اكتفى الآن بالعبارة السابقة ، وسندرس في الفصل الآتى صفات آراء الجموع وقيمتها وتأثيرها .