صفحة:أدباء العرب في الأعصر العباسية.pdf/78

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۷۳ ملاهيه ، وملاهي الامراء الذين نادمهم ، فوصفه وصفاً دقيقاً ، واجاد في بعضه كل الاجادة . واكثر طردياته اراجيز ، فقد ذكر الرواة انه لم يقل في الطرد الا تسعاً و عشرين ارجوزة، واربع قصائد ، فما كان زائداً على ذلك فهو منحول . واراجيزه تعتمد على قافية واحدة. ولغته في وصف الصيد شديدة الاسر كثيرة الغريب كلفته في مدائحة . فهذا الفن و ان يكن من ملاهي الشاعر ، فإن صاحبنا حياه من قوة الإحكام بشيء كثير . ولا يخفى ان الغريب من ميزات الاراجيز ، فلم يشأ ابو نواس ان يجاوز هذا التقليد الموروث ، فسار على خطة رؤية بن العجاج وابيه " . و لكنه وشي شعره بالصناعة الجميلة وحلاه بالمعاني الحضرية الجديدة . و اكثر طردياته في وصف الكلاب ، واقلها في الفهد والبازي و الصقر والفرس والديك الهندي وسواها . واذا نعت الكلب وصف لونه و اذنيه و قوائمه، واظافره وذنبه وقده . ووصف حركاته ونشاطه ، ووثباته عندما يقوده الكلاب . ثم انطلاقه وراء الصيد وغير ذلك حتى يصوره تصويراً دقيقاً متناهياً ويبدأ ارجوزته على الغالب بقوله : « انعت كلياً ، . . . انعت دیکا . » او يستهلها ذاكراً هبوبه في الصباح وايقاظه الكلب للصيد . لم يكن ابونواس زنديقاً ملحداً، وانما كان مستهزئا ، مسرفاً في الخلاعة والمجون، شديد الاتكال على عفو الله . فغير عجيب ان يتزهد في آخر حياته، بعد ان شبعت نفسه من المعاصي ، وبرى الداء جسمه بريا ،فاذا انت قرأت زهدياته لمست فيها ندامة صادقة، وايمانا بالله كبيراً . وقد قال بعضها في شبابه يوم كان راكباً رأسه، مرخياً لعنان شهواته . فكأنه كانت تمر به ساعات، خوف وندم ، فتخرج من صدره أحر التأوهات والزفرات ا العجاج وابنه رواية راجزان شهيران في صدر الاسلام وادرك رواية بني العباس وكانا يكثران من غريب الالفاظ ووحشيها .