صفحة:أدباء العرب في الأعصر العباسية.pdf/59

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

اذواقهم ، فما يتركون محرماً الا اتفقوا على اتيانه غير متورعين ولا مستحيين. واشهر اصدقائه الخلماء في بغداد : داود بن رزين الواسطي ، والحسين بن الضحاك الاشقر الخليع ، والفضل الرقاشي ، وعمرو الوراق والحسين الخياط ، وعنان جارية الناطني ، و اسماعيل القراطيسي ، ورزين الكاتب اخو دعبل . وربما تولى احدهم دعوة رفاقه ، لهم مجلساً في بيته أو في غير بيته ، فيكونون في ضيافته . وقد تكون هذه الدعوات بان يقول كل واحد منهم شعراً يصف به ما عنده من اسباب اللهو والملذات، فمن افتن فيها أكثر من غيره قبلوا دعوته وصاروا اليه . فهذه الحياة الماجنة المسرفة كانت تدفع شاعرنا الى التبذير في نفقاته و هو مشهور بسخانه ، فلم تكفه عطايا الرشيد على جزالتها . فكان يشكو ويتذمر حتى اضطر الى ان يقصده مر ويمدح الخصيب اميرها ، ولولا حاجته لما ترك بغداد وما فيها من اصحاب وملاه وحانات . في مصر انتجع الشاعر مصر صفر اليدين متألما من كساد سوقه . وفي ذلك يقول : إني لأمل يا خصيب على يدك اليسارة آخر الدهر وكذاك نعم السوق أنت لمن كسدت عليه تجارة الشعر ومدح الخصيب بعدة قصائد جياد ، فاحسن الخصيب صلته ، واخذ ابو نواس ينادمه على الشراب ويلهو و اياه، و يعبثان معاً حتى اصبحت للشاعر دالة عليه، ويسرت ه روال ع ، فتفرغ للهو والمجون فعله في بغداد • على ان عطايا الخصيب لم تكن لتغني ابا نواس او تنسيه ملاهي بغداد و قصر الخليفة العباسي . فنوابغ الشعراء لم يكن لهم غير دار السلام حاضرة تستثير قرائحهم ، و تذكي عبقريتهم ، وتشبع مطامعهم . ولعل الخصيب ضاق ذرعاً برغائب الشاعر فان بعض الرواة يتحدثون بأنه بعد ان أعطاه ثلاث جوائز كل جائزة بالف دينار قال له : « ارتحل فما لك مقام عندنا . » ويؤيد هذه الرواية ما تعلمه من ان ابا تواس ترك الخصيب غير راض عنه وعن عطاياه . فكان اذاسئل : « كم وهب لك الخصيب مع مدائحك فيه ، وقصدك من العراق اليه ؟ » قال : « لا والله، لم يهب لي الا مائة دينار ، 0