سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم/إسلام أبي قحافة عثمان بن عامر التيمي والد أبي بكر الصديق
ذهب أبو بكر رضي الله عنه وجاء بأبيه عثمان ويُكنى بأبي قحافة يقوده وقد كف بصره فلما رآه ﷺ قال: هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه؟ فقال أبو بكر: هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي أنت إليه، فأجلسه بين يدي رسول الله فمسح رسول الله صدره وقال: «أسلم تسلم»، فأسلم وهنأ رسول الله ﷺ أبا بكر بإسلام أبيه، ويلاحظ أن إسلام أبي قحافة تأخر إلى فتح مكة فلم يسلم إلا بعد عشرين سنة أي بعد أن أسلمت قريش، قال المسعودي: «توفي أبو قحافة في خلافة عمر بن الخطاب وهو ابن تسع وتسعين سنة وذلك في سنة 13 هجرية وهي السنة التي استخلف فيها عمر بن الخطاب» وهو أول من ورث خليفة في الإسلام.
أقام رسول الله ﷺ بمكة بعد فتحها ثمانية عشر يوما - كما اعتمده البخاري - يقصر الصلاة في مدة إقامته بها لأنه كان يترقب المسير إلى حرب هوازن لسماعه بتجهزهم لمحاربته.
ولما فتح رسول الله ﷺ مكة أشار إلى الأصنام فسقطت لوجهها، فقال راشد بن حفص:
قالت هلم إلى الحديث فقلت لا ** يأبى عليك الله والإسلام
لو ما شهدت محمدا وقبيله ** بالفتح حين تكسر الأصنام
لرأيت نور الله أضحى ساطعا ** والشرك يغشى وجهه الإظلام
وكان راشد هذا سادن صنم بني سليم الذي يدعى سواعا، قال له رسول الله ﷺ «ما اسمك؟» قال: غاوي بن ظالم، فقال: «أنت راشد بن عبد الله».
وبعد فتح مكة ترك العرب عبادة الأصنام واعتنقوا الإسلام وحاربوا مع رسول الله لنشر دينه فكان ذلك انتصارا عظيما وفتحا مبينا، وقد حرَّمَ الإسلام الصور والرهبنة وساوى بين الناس ورفع شأن المرأة ومنحها حقوقا كانت محرومة منها وقضى على الفسق والفجور وحرَّم وأد الأولاد وحروب الجاهلية والأخذ بالثأر وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير والميسر والربا والرشوة مما كان شائعا في الجاهلية ونشر العدل بين الناس وأمَّنهم على أرواحهم وأموالهم واحترم حرمة المنازل وأوجب احترام الوالدين وحماية الأرامل والأيتام وفرض الزكاة وحضَّ على الرفق بالحيوان إلى غير ذلك مما هو مفصَّل في كتب الشريعة.