انتقل إلى المحتوى

سرى لك طيف زار من أم عاصم

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

سرى لكَ طيفٌ زارَ من أمِّ عاصمِ

​سرى لكَ طيفٌ زارَ من أمِّ عاصمِ​ المؤلف عروة بن أذينة


سرى لكَ طيفٌ زارَ من أمِّ عاصمِ
فأحبب بهِ من زورِ جافٍ مصارمِ
أَلَّم بنا والركْبُ قد وضعَتْهُمُ
نواجي السُّرى قودٌ بأغبرَ قاتمِ
أناخوا فناموا قد لووا بأكفّهم
أَزِمَّةَ خُوصٍ كالسِّمامِ سَواهِمِ
فبتُّ قريرَ العينِ ألهو بغادةٍ
طويلةِ غصنِ الجيدِ ريّا المعاصمِ
رخيمةِ أعلى الصّوتِ خودٍ كأنّها
غزالٌ يراعي واشجاً بالصّرايمِ
فَيا لَكَ حُسْناً من مُعَرَّسِ راكبٍ
ولذَّتِه لو كنتَ لستَ بحالِمِ
فَطِرْتُ مَروّعاً لا أَرَى غيرَ أَيْنُقٍ
وقَعْنَ بِجَوٍّ بينَ شُعْثِ المقادِمِ
ثَنَى سَيْرَهمْ دَأْبُ السُّرَى فتجدَّلُوا
عن العيسِ إذ ملوا عناقَ القوادمِ
فقلتُ وأَنَّى من عُصَيْمةَ فتيةٌ
أناخوا بخرقٍ لغَّباً كالنّعايمِ
وقد رجمت شهراً يدورُ بها الكرى
ذوابيهم ميلُ الطّلى والعمايمِ
كتمتُ لها الأسرارَ غيرَ مُثيبَةٍ
ولا تصلحُ الأسرارُ إلا بكاتمِ
فلم تجزني إلا البعادَ فليتني
بذلك من مكتومها غيرُ عالمِ
لقد علِمتْ قيسٌ وخِنْدفُ أَننَّا
فَسَلْ كلَّ قومٍ عِلمَهم بالمَواسِمِ
ضربنا معدّاً قاطبينَ على الهدى
بأسيافنا نذري شؤونَ الجماجم
وقُمْنا على الإسلامِ حتى تَبَيَّنَتْ
شرائعُ حقٍّ مستقيمِ الخارمِ
وقدنا الجيادَ المقرباتِ على الوجى
إلى كلِّ حيٍّ كلَّحاً في الشّكايمِ
إذا صَبَّحتْ حَيّاً عليهم ضيافَةٌ
بفرسانهم أعضضنهم بالأباهمِ
على كُلِّ كُردوسٍ يُجالِدُ حازِمٌ
رئيسٌ لمعروفِ الرِّياسةِ حازمِ
فوارسها تدعو كنانةَ فيهمُ
صنادِيدُ نَزَّالُونَ عند المَلاحِمِ
ونُتْبعُ أخراها كتائِبَ مصدقِ
تزيفُ بأولاها حماةُ البوازمِ
مصاليتّ ورَّادونَ في حمسِ الوغى
رَدَى المَوْتِ خَوَّاضُونَ غُبْرَ العَظايمِ
إذا قرعتنا الحادثاتُ سما لنا
بنو الحربِ والكافونَ ثقلَ المغارمِ
نجومٌ أَضاءَتْ في البِلادِ بأهْلِها
وقامَ بها في الحقِّ فَيْءُ المقاسمِ
مُلوكٌ مَناجيبُ الفُحولِ خَضارِمٌ
بُحورٌ وأَبناءُ البُحورِ الخَضارمِ
بنَى لِيَ عِزَّ المكرماتِ مقدَّماً
لنا المجد آباءٌ بُناةُ المكارمِ
لهاميمُ من فرعي كنانةَ مجدهم
تليدٌ له عزُّ الأمورَِ الأقادمِ
غلبْنا على المُلْكِ الذي نحن أهلُه
معدّاً وفضّضنا ملوكَ الأعاجمِ
وأنسابنا معروفةٌ خندفيّةٌ
فأنَّى لها بالشَّتمِ ضرُّ المشاتمِ
سبقنا أضاميمَ الرِّهانِ فقد مضى
لنا السَّبْقُ غايات الذكور الصِّلادم
ونحنُ أَكلْنا الجاهليةَ أَهلَها
غوراً وشذَّبنا مجيرَ اللّطايمِ
وكان لنا المِرْباعُ غَيْرَ تَنَحُّلٍ
وكلّ معدٍّ في جلودِ الأراقمِ
مضرِّينَ بالأعداء من كلِّ معشرٍ
نُهينُ مَعاطِيسَ الأُنوفِ الرَّواغمِ
إذا رامَنا عِرِّيضُ قومٍ بشَغْبَةٍ
تذبذبَ عن مرادةِ مجدٍ قماقمِ
ونحنُ على الإسلامِ ضاربَ جمعُنا
فأُعطِيَ فُلْجاً كلُّ جَمْعٍ مُصادمِ
ونحن ولاةُ الأمْرِ ما بعدَ أَمْرِنا
مقالٌ ولا مَغْدًى لخصمٍ مُخاصِمِ
ورثنا رسولَ الله إرثَ نبوَّةٍ
ومِخْلافَ مُلكٍ تالدٍ غيرِ رايمِ
وعلياءَ من بيتِ النبيِّ تكنَّفَتْ
مناسِبُها حَوْماتِ أَنسابِ هاشمِ
وملكاً خضمّاً سلَّ بالحقِّ سيفهُ
على الناسِ حتى حازَ نقشَ الدراهمِ
وقامَ بدينِ اللَّه يتلُو كتابَهُ
على النَّاسِ مرسلٌ جدُّ قايمِ
ففينا النَّدَى والباعُ والحِلْمُ والنُّهَى
وصولاتُ أيدٍ بادراتِ الجرايمِ
وعزٌّ كنانيٌّ يقودُ خطامهُ
معداً ولم يطمع به حبلُ خاطمِ
لنا مُقْرَمٌ سامٍ يَهُدُّ هَديرُهُ
مُساماتٍ صِيدِ المُقْرَباتِ الصَّلاقِمِ
وما زالَ مِنا للأمورِ مُدَبِّرٌ
يقودُ الملوكَ ملكهُ بالخزايمِ
وراعٍ لأعقابِ العشيرةِ حافظٍ
يجُودُ بمعروفٍ كثيرٍ لسايمِ
لعمركَ ما زلنا فروعَ دعامةٍ
لنا فضلها المعروفُ فوقَ الدعايمِ
وإنِّي لطَلاَّعُ النِّجادِ فَوارِدٌ
على الحزمِ قوَّامٌ كرامُ المقومِ
عطوفٌ على المولى وإن ساءَ نصرهُ
كسوبُ خلالِ الحمدِ عفُّ المطاعمِ
أبيٌّ إذا سيمَ الظّلامةَ باسلٌ
عزيزٌ إذا أعيت وجوهُ المظالمِ
ونحنُ أُناسٌ أهلُ عِزٍّ وثروةٍ
ودُفَّاعُ رَجْلٍ كالدَّبا المُتَراكِمِ
مجالسُ فتيانٍ كِرامٍ أَعِزَّةٍ
ونادي كهولٍ كالنسورِ القشاعمِ
إذا فزعوا يوماً لروعٍ توهّست
جيادهمُ بالمعلمينَ الخلاجمِ
صَبَحناهُمُ حَرَّ الأسِنَّةِ بالقَنا
ضُحىً ثم وقعُ المُرهفَاتِ الصَّوارِمِ
فكانوا خلى حربٍ لنا التهمتهم
ونحن بنو عصلِ الحروبِ الكواهمِ
وجارٍ منعناهُ فقـرَّ جنابهُ
ونامَ وما جارُ الذَّليلِ بنائمِ
وكنّا لهُ ترساً من الخوفِ يتَّقي
بنا شَوكَة الأعداءِ أَهلِ النَّقائمِ
ومولى ثمالٍ كلُّ حقٍّ يربُّهُ
على ماله حتّى تلادِ الكرائمِ
ومعتَركٍ بالشَّرِّ ينظُرُ نَظْرةً
ولا تنطقُ الأبطالُ غيرَ غماغمِ
به قد شهدناه وفزنا بذكره
وجِئنا بأسلابٍ لهُ وغَنائِمِ
وأصيَدَ ذِي تاجٍ غَلَلْنا يمينَهُ
إلى الجِيدِ في يومٍ من الحربِ جَاحِمِ
فحثَّ حيثُ الخيلِ يرجمُ عدوهُ
به حثَّ مشبوبٍ من النَّقعِ هاجمِ
وضيفٍ سرى أرغى هدوّاً بعيرهُ
لِيُقْرَى فَعَجَّلْنا القِرَى غيرَ عاتِمِ
وكانت لنا دونَ العيالِ ذخيرةً
نُخَصُّ بِها حتَّى غَدا غيرَ لائِمِ
وداعٍ لمعروفٍ فزعنا لصوته
بلبّيكَ في وجهٍ لهُ غيرِ واجمِ
فخَيَّرْتُهُ مالاً طَريفاً وتالِداً
يصونُ بهِ عِرْضاً لهُ غيرَ نادمِ
وذي شَنَآنٍ طافَ بي فانْتَهزَتُهُ
بنابٍ حَديدٍ حينَ يَضْغمُ كالمِ
فكيفَ يُسامِي ماجِداً ذا حَفِيظَةٍ
جمحاً على درءِ الألدِّ المراجمِ
لئيمٌ ربا والُّلؤمُ في بطنِ أمِّهِ
وقلّدهُ في المهدِ قبلَ التمائمِ
أنا ابنُ حماةِ العالمينَ وراثةً
وأعظمهم جرثومةً في الجراثيمِ
وأمنعهم داراً وأكثرهم حصىً
وأدفَعُهُم عن جارِه للمَظالِمِ