المحن

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
​المحن​ المؤلف أبو العرب التميمي
ملاحظات: محقق:عمر سليمان العقيلي



بسم الله الرحمن الرحيم

رَبِّ يَسِّرْ

وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ تَمِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ التَّمِيمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ عَن مُصعب بن سعد عَن سعيد قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً قَالَ (الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ) يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صَلابَةٌ زِيدَ فِي بَلائِهِ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ خُفِّفَ عَنْهُ وَمَا يَزَالُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى الأَرْضِ وَمَا لَهُ مِنْ خَطِيئَةٍ

وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَزِينٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ وحَدثني بكر بن حَمَّاد قَالَ حَدثنَا معد بن مُبشر هَذَا قَالَ حَدثنَا حَمَّاد ابْن زَيْدِ عَن عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ مُصْعَبٍ بن سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً قَالَ (الْأَنْبِيَاء ثمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ يُبْتَلَى الْعَبْدُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلاؤُهُ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ فَلا يَزَالُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ)

وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ القواريري قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدِ عَن عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً

وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بن حَمَّاد () قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو نَجْدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ لَقِيتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ بِوَاسِطَ الْقصبِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دَفَعَ اللَّهُ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ رَجُلا مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَوْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَيُقَالُ يَا مُسْلِمُ هَذَا فِدَاؤُكَ مِنَ النَّارِ

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَكَرِيَّا الْجَعْفَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا لأَصْحَابِهِ هَلْ تَدْرُونَ مَنْ أَشَدُّ النَّاسِ بَلاءً فِي الدُّنْيَا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ أَشَّدهم بلَاء الْأَنْبِيَاء ثمَّ الصالحون وَإِنَّمَا يُبْلِي اللَّهُ الْعَبْدَ عَلَى قَدْرِ إِيمَانِهِ فَإِنْ كَانَ الإِيمَانُ شَدِيدًا كَانَ الْبَلاءُ عَلَيْهِ أَشَدَّ حَتَّى إِنَّ الْعَبْدَ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدثنَا مُوسَى بن مُعَاوِيَة عَن جرير عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أَي النَّاس أَشد بلَاء قَالَ النَّبِيُّونَ ثمَّ الصالحون

وحَدثني أَحْمد بن () قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أخبرنَا عبد الْوَهَّاب بن الو () عَنْ عُثْمَانَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نُرِيدُ النَّجَفَ فَقُلْتُ هَلْ لَكَ فِي أَخِيكَ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ هُنَا قَالَ نَعَمْ فَانْحَرَفْنَا وَمَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ فَتَحَدَّثْنَا فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِنِّي خَرَجْتُ وَأُمُّهُ حُبْلَى فَمَا رَأَيْتُهُ حَتَّى بَلَغَ مِنَ السِّنِّ مَا تَرَى فَقَالَ وَهْبٌ إِنِّي وَجَدْتُ فِي كُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْمَنْزِلَةَ فِي ذِكْرِ الصَّالِحِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا طَالَتْ بِهِمُ الْعَافِيَةُ حَزِنُوا لِذَلِكَ وَوَجَدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ فَإِذَا أَصَابَهُمُ الشَّيْءُ مِنَ الْبَلاءِ فَرِحُوا بِهِ وَاسْتَبْشَرُوا بِهِ وَقَالُوا عَاتَبَكُمْ رَبُّكُمْ

وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ وَغَيْرُهُ عَنْ سُحْنُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِكُلِّ أُمَّةٍ عَذَابٌ وَعَذَابُ أُمَّتِي السَّيْفُ وَحَدَّثَنِي فُرَاتُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَجَّاجِ رَبَاحُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الآخِرَةِ وَإِنَّمَا عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ وَالْبَلايَا فَإِذَا صَارُوا إِلَى قُبُورِهِمْ () تَمْحِيصًا لِذُنُوبِهِمْ

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَفْصٍ الفلاسي قَالَ حَدثنَا معَاذ ابْن مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبي بردة عَن أَبِيه عَن () أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ وَإِنَّمَا عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْقَتْلُ وَالزَّلازِلُ وَالْبَلايَا

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَيْضًا قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْفَلاسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عِلاقَةَ عَنْ كُرْدُوسٍ الثَّعْلَبِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَنَاءُ أُمَّتِي فِي الطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا الطَّاعُونُ قَالَ وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَفِي كل شَهدا أَوْ قَالَ شَهِيدًا أَوْ قَالَ شَهَادَةٌ

وَأَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ ثَوْرٍ الشَّامِيُّ إِجَازَةً قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْريّ بِإِسْنَادِهِ نَحوه

وَحدثنَا يحيى بن عَمْرو قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ وَحَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدثنَا سَحْنُون عَن ابْن الْقَاسِم قَالَ حَدثنَا عبد الْعَزِيز ابْن يحيى كلهم قَالُوا حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ 2) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ أَنه قَالَ جائنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِي بَنِي مُعَاوِيَةَ وَهِيَ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الأَنْصَارِ فَقَالَ لِي هَلْ تَدْرِي أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِكُمْ هَذَا قُلْتُ نَعَمْ فَأَشَرْتُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْهُ فَقَالَ هَلْ لَكَ فِي الدَّعَوَاتِ الَّتِي دَعَا بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ قُلْتُ نعم قَالَ أَخْبرنِي بهَا فَقلت دَعَا أَن لَا يظْهر عَلَيْكُم عدوا من غَيرهم وَلَا يُهْلِكهُمْ بِالسِّنِينَ فأعطيهما وَدَعَا بِأَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمُنِعَهَا قَالَ صدقت وَلنْ يَزَالُ الْهَرْجُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الأَشْعَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ الْفُرَاتِ عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ طَاوُوس عَن نَافِع عَن خَالِدٍ الْخُزَاعِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْتُ اللَّهَ ثَلاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَة سَأَلته أَن لَا يَمْتَحِنَكُمْ بِعَذَابٍ أَصَابَ بِهِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْكُمْ عَدُوًّا فيستبيح بيضتكم فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَلا يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ فَمَنَعَنِيهَا

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَسد عَن بني بن أَبِي زَائِدَةَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ مسرور عَن عِكْرِمَة قَالَ التقى ابْن عَبَّاس وَكَعب فَقَالَ كَعْب يَا ابْن عَبَّاس إِذا رَأَيْت السيوف قد عريت والدماء قد أهرقت فَاعْلَم أَن حكم الله قد ضيع وانتقم الله لبعضكم من بعض وَإِذا رَأَيْت الوباء قد فشي فَاعْلَم أَن الزِّنَا قد فشي وَإِذا رَأَيْت الْمَطَر قد حبس فَاعْلَم أَن الزَّكَاة قد حبست وَمنع النَّاس مَا عِنْدهم وَمنع الله مَا عِنْده وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سُحْنُونٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَسْلَمَةُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَن عبد الله ابْن عُمَرَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ مُتَابٌ عَلَيْهَا لَا عَذَابَ عَلَيْهَا فِي الآخِرَةِ وَإِنَّمَا عَذَابُهَا الْقَتْلُ وَالْفِتَنُ وَالزَّلازِلُ وَالْبَلايَا

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو أُمَيَّةَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ أَصَابَهُ مِنَ الْجَهْدِ فِي اللَّهِ مَا أَصَابَنِي

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ خِرَاشٍ عَنْ مُحَمَّد بن عمر بن أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزَالُ الْبَلاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِي مَالِهِ وَجَسَدِهِ وَوَلَدِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَة

وَقَالَ مُحَمَّد بن أَحْمد بْنِ تَمِيمٍ وَأَنَا ذَاكِرٌ بَعْدَ هَذَا مَنِ ابْتُلِيَ بِأَنْ قُتِلَ أَوْ حُبِسَ أَوْ ضُرِبَ أَوْ تُهُدِّدَ فِي صَدْرِ هَذِهِ الأُمَّةِ وَخِيَارَهُمْ أَبْدَأُ فِي ذَلِكَ بِمَنْ قُتِلَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ إِلَى عَصْرِنَا هَذَا بِالرِّوَايَةِ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِينَ سَمِعْتُ مِنْهُمْ وَبِاللَّهِ أَسْتَعِينُ وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ

ذِكْرُ مَقْتَلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَيف أُصِيب[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَب حَدثنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ سَعِيدٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَة الْيَعْمرِي إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَامَ خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَذَكَرَ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ دِيكًا نَقَرَنِي نَقْرَتَيْنِ وَمَا أَرَى ذَلِكَ إِلَّا حُضُورَ أَجَلِي

وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَسَدِ بْنِ الْفُرَاتِ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ وَحَدَّثَنِي الْحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ قَالَ عُمَرُ إِنِّي أُوشِكُ أَنْ أُفَارِقَكُمْ إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ دِيكًا نَقَرَنِي فِي بَطْنِي ثَلاثَ نَقَرَاتٍ

قَالَ الْحُصَيْنُ ثُمَّ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ وَلَمْ يَبْقَ عُمَرُ إِلا أَرْبَعَةَ أَيَّام حَتَّى طعن وَكَانَ يغلس فِي الْفجْر فَيقْرَأ فِي الرَّكْعَة الأولى بِيُوسُف (أ) 3 والنحل حَتَّى تَجْتَمِعَ النَّاسُ وَكَانَ يَمُرُّ بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ فَيَقُولُ اسْتَوُوا فَإِذَا لَمْ يَرَ خَلَلا تَقَدَّمَ فَكَبَّرَ فَطُعِنَ فِي مَكَانِهِ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلا ابْنُ عَبَّاسٍ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ أَكَلَنِي الْكَلْبُ أَوْ قَتَلَنِي الْكَلْبُ وَأخذ بيد عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ يُصَلِّي وَصَارَ الْعِلْجُ بِسِكِّينٍ ذَاتِ طَرَفَيْنِ لَا يَمُرُّ بِإِنْسَانٍ يَمِينًا وَشِمَالا إِلا طَعَنَهُ فَأَصَابَ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلا مَاتَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ طَرَحَ عَلَيْهِ بُرْنُسًا لَهُ لِيَأْخُذَهُ فَلَمَّا رَأَى الْعِلْجُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ قَالَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ صَلَاة خَفِيفَة فَأَما من إِلَيْهِ فَقَدْ رَأَى مِنَّا مَا رَأَى وَأَمَّا نَوَاحِي الْمَسْجِدِ فَلا يَدْرُونَ إِلا أَنَّهُمْ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ وَسَمِعُوا سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ فَلَمَّا انْصَرَفُوا قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ انْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي قَالَ فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَاعَةً ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَقَالَ عُمَرُ الصَّنَّاعُ يَعْنِي النَّجَّارَ قَالَ نَعَمْ (قَالَ 5) قَاتَلَهُ اللَّهُ لَقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُ بِهِ مَعْرُوفًا الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ قَتْلِي بِيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي الإِسْلامَ ثُمَّ قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ قَدْ كُنْتَ أَنْتَ وَأَبُوكَ تَسْتَحِبَّانِ أَنْ يَكْثُرَ الْعُلُوجُ فِي الْمَدِينَةِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنْ شِئْتَ فَعَلْنَا يَعْنِي قَتَلْنَا قَالَ كَذَبْتَ أَبَعْدَ مَا تَكَلَّمُوا بِلِسَانِكُمْ وَصَلَّوْا صَلاتَكُمْ وَحَجُّوا حِجَّكُمْ قَالَ فَحُمِلَ إِلَى بَيْتِهِ وَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ قَالَ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ عَلَيْكَ فَأُتِيَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ ثُمَّ أُتِيَ (بِنَبِيذٍ 6) فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ فَعَرَفَ أَنَّهُ الْمَوْتُ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ انْظُرْ مَا عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ قَالَ فَحَسَبَهُ فَوَجَدَهُ سِتَّةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا كَانَ يُعْطِيهَا النَّاسَ قَالَ فَإِنَّ وَفَّى لَهَا مَالُ آلِ عُمَرَ فَأَدِّهَا وَإِلا فَاسْأَلْ فِي بَنِي عَدِيٍّ فَأَدِّهَا فَإِن لم تف فَاسْأَلْ فِي قُرَيْشٍ فَأَدِّهَا وَلا تَعْدُهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ اذْهَبْ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ فَقُلْ لَهَا عُمَرُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلامَ وَلا تَقُلْ لَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنِّي لَسْتُ الْيَوْمَ بِأَمِيرٍ وَتقول يَقُول لَك عمر إئذني لِي فَلأُدْفَنُ مَعَ صَاحِبِيَّ قَالَ فَأَتَيْتُهَا وَهِيَ تَبْكِي فَقُلْتُ لَهَا عُمَرُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلامَ وَيَقُول لَك ائذني لِي فَلأُدْفَنُ مَعَ صَاحِبِيَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ قَالَتْ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَدَّخِرُهُ لِنَفْسِي وَلأُوثِرَنَّهُ عَلَيَّ قَالَ فَرَجَعَ فَقِيلَ لَهُ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ قَدْ جَاءَ قَالَ فَأَقْعِدُونِي قَالَ فَأَسْنَدُوهُ ثُمَّ قَالَ مَا لَدَيْكَ قَالَ أَذِنَتْ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ الْحَمْدُ للَّهِ مَا كَانَ شَيْء أهوَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ الْمُضَّجَعِ قَالَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَدَخَلَ فَتًى شَابٌّ فَقَالَ أبشر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِن لَك قدم فِي الإِسْلامِ وَصُحْبَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ اسْتُخْلِفْتَ فَعَدَلْتَ ثُمَّ الشَّهَادَةَ قَالَ مَه يَا ابْن أخي لَيْتَني وَذَلِكَ كَفَافًا لَا عَلَيَّ وَلا لِي قَالَ فَلَمَّا أَدْبَرَ الْغُلامُ إِذَا هُوَ يَجُرُّ إِزَارَهُ قَالَ عمر عَليّ بِالرجلِ فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ يَا ابْن أَخِي ارْفَعْ إِزَارَكَ فَإِنَّهُ أَتْقَى لِرَبِّكَ وَأَنْقَى لِثَوْبِكَ ثُمَّ قِيلَ لَهُ اسْتَخْلِفْ قَالَ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ هَؤُلاءِ السِّتَّةِ النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ فَذَكَرَ عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَالزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ وَيَدْخُلُ مَعَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ كَهَيْئَةِ التَّعْزِيَةِ لَهُ ثُمَّ قَالَ إِنِ اسْتُخْلِفَ سَعْدٌ فَذَلِكَ وَإلا فَأَيُّكُمُ اسْتُخْلِفَ فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ فَإِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ عَنْ عَجْزٍ وَلَا خِيَانَةٍ ثُمَّ قَالَ أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِتَقْوَى اللَّهِ وَأُوصِيهِ بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَنْ يُقِيمَ لَهُمْ حَقَّهُمْ وَيَحْفَظَ لَهُم حرمتهم وأوصيه بالأنصار {وَالَّذين تبوؤوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ} أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَأَنْ يَتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الأَمْصَارِ خَيْرًا فَإِنَّهُمْ رِدْءُ الإِسْلامِ وَجُبَاةُ الأَمْوَالِ وَغَيْظُ الْعَدُوِّ وَأَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْهُمْ إِلا مَا فَضَلَ رِضًا مِنْهُمْ وَأُوصِيهِ بِالأَعْرَابِ خَيْرًا وَأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ فَيُرَدَّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ وَمَادَّةُ الإِسْلامِ وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذمَّة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُوَفِّي إِلَيْهِمْ بِعَهْدِهِمْ وَأَنْ يُقَاتِلَ مِنْ وَرَائِهِمْ وَلَا يُكَلَّفُوا إِلا طَاقَتَهُمْ

قَالَ زِيَادٌ وَحَدَّثَنِي ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ طَعَنَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عُمَرَ وَهُوَ يُوقِظُ النَّاسَ لِصَلاةِ الصُّبْحِ وَكَانَ إِذَا خَرَجَ أهيب النَّاسَ بِدِرَّتِهِ يَقُولُ الصَّلاةَ الصَّلاةَ قَالَ فَطَعَنَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ ثَلاثَ طَعَنَاتٍ طَعْنَتَيْنِ فَوْقَ سُرَّتِهِ وطعنة تَحت سرته فَكَانَت الَّتِي قَتَلَتْهُ الَّتِي تَحْتَ سُرَّتِهِ ثُمَّ أَغَارَ عَلَى النَّاسِ يَطْعَنُ فِيهِمْ فَطَعَنَ ثَلاثَةَ عَشَرَ إِنْسَانًا فَلَمَّا غُلِبَ عُمَرُ قَالَ مُرُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ يُصَلِّي وَاحْتُمِلَ إِلَى بَيْتِهِ فَمَا عَلِمَ بِهِ عُظْمُ النَّاسِ حَتَّى سَمِعُوا قِرَاءَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ وَرَمَى مُبَاحٌ عَلَيْهِ بُرْنُسًا أَوْ خَمِيصَةً سَوْدَاءَ فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ قَدْ طَرَحَهَا عَلَيْهِ قَتَلَ نَفْسَهُ قَالَ فَلَمَّا فَرَغَ النَّاسُ مِنْ صَلاتِهِمْ وَدَخَلُوا عَلَى عُمَرَ قَالَ مَنْ أَصَابَنِي قَالُوا قَتَلَكَ أَبُو لُؤْلُؤةَ غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ نُهَاوَنْدَ وَكَانَ مَجُوسِيًّا فَقَالَ عُمَرُ الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْهُ مُسْلِمًا صَلَّى يَوْمًا وَاحِدًا صَلاةً يُخَاصِمُنِي بِهَا عِنْدَ اللَّهِ قَالَ ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدُ فَأَنْبَهْنَاهُ لِصَلاةِ الصُّبْحِ وَقَدْ أَسْفَرَ فَقَالَ نَعَمْ وَلا حَظَّ فِي الإِسْلامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ قَالَ ثُمَّ قَالَ ادْعُوا لِي رَجُلا فَلْيَنْظُرْ قَالَ فَدُعِيَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ فَسَقَاهُ النَّبِيذَ فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ دُعِيَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَسَقَاهُ اللَّبَنَ فَخَرَجَ يَصْلِدُ فَقَالَ اعْهَدْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عُمَرُ صَدَقَنِي أَخُو بَنِي مُعَاوِيَةَ وَلَوْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ كَذَبْتُهُ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ مَاتَ مِمَّنْ أَصَابَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ ثَمَانِيَةُ نَفَرٍ مِنْهُمْ كُلَيْبُ بْنُ قَيْسٍ وَبَقِيَ سَبْعَتُهُمْ قَالَ ابْن اسحاق وحَدثني يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ (عَنْ جَدِّهِ 2) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ طُعِنَ عُمَرُ يَوْمَ الأَرْبَعَاءِ لِثَلاثٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ثُمَّ بَقِيَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ كَثِيرٍ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ أَتَاهُ النَّاسُ فَسَمِعَ لَهُمْ هَدَّةً عَلَى الْبَابِ وَهُمْ يَطْلُبُونَ الدُّخُولَ عَلَى عُمَرَ قَالَ فَقَالَ النَّاسُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اسْتَخْلِفْ عَلَيْنَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ فَكَيْفَ بِحُبِّهِ الْمَالِ وَالْخَيْلَةِ قَالَ فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ سَمِعَ لَهُمْ هَدَّةً فَقَالَ مَا شَأْنُ النَّاسِ قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يُرِيدُونَ الدُّخُولَ عَلَيْكَ فَأْذَنْ لَهُمْ فَدَخَلُوا فَقَالُوا اسْتَخْلِفْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ إِذا يَحْمِلُكُمْ عَلَى طَرِيقِهِ مِنَ الْحَقِّ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ أَكْبَبْتُ عَلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا يَمْنَعُكَ مِنْهُ قَالَ أَيْ بُنَيَّ أَحْمِلُهَا حَيًّا وَمَيِّتًا

قَالَ زِيَاد حَدثنَا مُحَمَّد بن عمر اللَّيْثِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن وَيحيى بن حَاطِب وأشياخ قَالُوا رأى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ دِيكًا أَحْمَر نقره ثَلَاث نقرات بَين الثَّنية والسرة فَقَالَت أَسمَاء بِنْتُ عُمَيْسٍ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قُولُوا لَهُ فَلْيُوصِ وَكَانَتْ تَعْبُرُ الرُّؤْيَا فَلا أَدْرِي أُبَلِّغُهُ ذَلِكَ أَمْ لَا فَجَاءَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ الْمَجُوسِيُّ الْكَافِرُ عَبْدُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَقَالَ إِنَّ الْمُغِيرَةَ قَدْ جَعَلَ عَلَيَّ مِنَ الْخَرَاجِ مَا لَا أُطِيقُ حَمْلَهُ قَالَ وَكَمْ جعل عَلَيْك قَالَ كَذَا وَكَذَا قَالَ وَمَا عَمَلك قَالَ أجوف الرحا قَالَ مَا ذَلِكَ عَلَيْكَ بِكَثِيرٍ لَيْسَ بِأَرْضِنَا من يعملها غَيْرك أَلا تصنع لي رَحا قَالَ بلي وَالله لأصنعن لَك رَحا يَسْمَعُهَا أَهْلُ الآفَاقِ فَخَرَجَ عُمَرُ إِلَى الْحَجِّ فَلَمَّا فصل اضْطجع بالمحصب وَجَعَلَ رِدَاءَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ فأعجبه استواءه وَحسنه وَقَالَ بَدَأَ صَغِيرًا فَلَمْ يَزَلْ يَنْمُو وَيَزِيدُ فِيهِ حَتَّى اسْتَوَى فَكَانَ أَحْسَنَ مَا كَانَ ثُمَّ هُوَ يَنْتَقِصُ حَتَّى يَرْجِعَ كَمَا كَانَ وَكَذَلِكَ الْخَلْقُ كُلُّهُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ رَعِيَّتِي قَدْ كَثُرَتْ وَاسْتَشْرَتْ فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ عَاجِزٍ وَلا مُفَرِّطٍ وَلا مُضَيِّعٍ ثُمَّ صَدَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَخَرَجَ عُمَرُ يُوقِظُ النَّاسَ بِدِرَّتِهِ لِصَلاةِ الصُّبْحِ فَلَقِيَهُ الْكَافِرُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ فَطَعَنَهُ ثَلاثَ طَعَنَاتٍ بَيْنَ الثَّنية والسرة وَطعن كليبا فأجيز عَلَيْهِ وَتَصَايَحَ النَّاسُ وَرَمَى رَجُلٌ بُرْنُسًا عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ أَضْغَطَهُ إِلَيْهِ وَحُمِلَ عُمَرُ إِلَى الدَّارِ وَصَلَّى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِالنَّاسِ فَقِيلَ لِعُمَرَ الصَّلاةَ وَدُمُهُ يَثْعَبُ فَقَالَ عُمَرُ لَا حَظَّ فِي الإِسْلامِ لِمَنْ لَا صَلاةَ لَهُ فَصَلَّى وَدَمُهُ يَثْعَبُ ثُمَّ انْصَرَفَ النَّاسُ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَيْسَ بك بَأْس إِنَّا لنرجوا أَن ينسي الله فِي أثرك يَقُولُونَ يُؤَخِّرُ اللَّهُ فِي أَجَلِكَ وَيُؤَخِّرُكَ إِلَى خَيْرٍ وَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَكَانَ يُعْجَبُ بِهِ فَقَالَ اخْرُجْ فَانْظُرْ مَنْ صَاحِبِي فَخرج ثمَّ جَاءَ فَقَالَ أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَاحِبُكَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ الْمَجُوسِيُّ عَبْدُ الْمُغِيرَةِ بْنُ شُعْبَةَ فَكَبَّرَ حَتَّى خَرَجَ صَوْتُهُ مِنَ الْبَابِ ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ للَّهِ الّذي لَمْ يَجْعَلْهُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُحَاجُّنِي بِسَجْدَةٍ سَجَدَهَا للَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ فَقَالَ أَكَانَ هَذَا عَلَى مَلإٍ مِنْكُمْ فَقَالُوا مَعَاذَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَوَدِدْنَا أَنا فَدَيْنَاك بأبنائنا وزدنا فِي عُمْرِكَ مِنْ أَعْمَارِنَا إِنَّهُ لَيْسَ بِكَ بَأْس فَقَالَ وَيحك يَا يرفأ ائْتِنِي () حُلْوٌ فَشَرِبَهُ وَأَلْصَقَ رِدَاءَهُ بِبَطْنِهِ فَلَمَّا وَقَعَ الشَّرَابُ فِي بَطْنِهِ خَرَجَ قَالُوا الْحَمْدُ للَّهِ هَذَا دَمٌ كَانَ فِي جَوْفِكَ اسْتَكَنَ فَأَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ جَوْفِكَ قَالَ يَا يَرْفَأُ وَيْحَكَ اسْقِنِي لَبَنًا فَأَتَاهُ بِقَدَحٍ فِيهِ لَبَنٌ فَشَرِبَهُ فَلَمَّا وَقَعَ فِي بَطْنِهِ خَرَجَ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ عَلِمُوا أَنَّهُ هَالِكٌ فَقَالُوا جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا قَدْ وَلِيتَ فَعَمِلْتَ فِينَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّتِهِ وَسُنَّةِ صَاحِبِكَ لَا تَعْدِلُ عَنْهَا إِلَى غَيْرِهَا فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنَّا أَحْسَنَ الْجَزَاءِ قَالَ أَبِالإِمَارَةِ تَغْبِطُونِي وَاللَّهِ لَوَدِدْت نَجوا مِنْهَا كَفَافًا لَا عَلَيَّ وَلا لِي قُومُوا فَشَاوِرُوا فِي أَمْرِكُمْ ثُمَّ أَمِّرُوا رَجُلا مِنْكُمْ فَمن خالفكم فاضربوا رَأسه يَعْنِي السِّتَّة النَّفر

قَالَ ابْن إِسْحَاق وَقد كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حِينَ طُعِنَ عُمَرُ قيل لَهُ إِنَّ أَبَا لُؤْلُؤَةَ قَدْ كَانَ بِالأَمْسِ هُوَ وَالْهُرْمُزَانُ وَجُفَيْنَةُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا وَكَان يَكُونُ عَلَى خَيْلِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَوَثَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَلَى الْهُرْمُزَانِ فَقَتَلَهُ وَقَتَلَ جُفَيْنَةَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَطَلَبَهُ فَهَرَبَ فَلَمْ يَزَلْ هَارِبًا حَتَّى مَاتَ عُمَرُ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ كَانَ الَّذِي شبه عَلَيْهِمْ فِي جُفَيْنَةَ وَالْهُرْمُزَانِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ قَالَ إِنِّي قَدْ مَرَرْتُ بِهِمْ أَمْسِ وَجُفَيْنَةُ وَالْهُرْمُزَانُ وَأَبُو لُؤْلُؤَةَ جُلُوسٌ يَتَنَاجَوْنَ فَمَرَّتْ بِهِمْ دَابَّةٌ فَفَرَقَتْ مِنْهُمْ فَبَرَزَ مِنْهُمْ سَهْمُ خِنْجَرٍ لَهُ رَأْسَانِ فَإِنْ كَانَ الَّذِي أُصِيبَ بِهِ عُمَرُ هَذِهِ الصِّفَة فَلا أَرَى الْقَوْمَ إِلا قَدْ كَانُوا فِيهِ جَمِيعًا فَنَظَرَ إِلَى الْخِنْجَرِ فَإِذَا هُوَ كَمَا وَصَفَ فَمنْ ثَمَّ اسْتَحَلَّ عُبَيْدُ اللَّهِ مِنَ الْقَوْمِ مَا اسْتَحَلَّ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيِّ قَالَ أُصِيبَ عُمَرُ يَوْمَ الأَرْبَعَاءِ لأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ قَالَ قُتِلَ عُمَرُ () قَالَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ يُقَالُ كَانَتْ وِلايَتُهُ عَشْرَ سِنِينَ وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَم عَن ابْن لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ وَحَدَّثَنِي نُعَيْمٌ عَنِ ابْنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً فَقَالَ سَعِيدُ بن الْمسيب إستكمل سنّ عمر (و) سِنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا قَالَ كَعْبٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِنَّكَ تُقْتَلُ بَعْدَ ثَلاثٍ أَنْشَأَ عُمَرُ يَقُولُ

(تَوَاعَدْنِي كَعْبٌ ثَلاثًا أَعُدُّهَا ... وَأَعْلَمُ أَنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَ لِي كَعْبُ)

(وَمَا بِي لِقَاءُ الْمَوْتِ إِنِّي لَمَيِّتٌ ... وَلَكِنَّمَا بِي الذَّنْبُ يَتْبَعُهُ الذَّنْبُ)

وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن عبد الحكم بِأَن قَيْنًا لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ يُقَالُ لَهُ فَيْرُوزُ وَيُكَنَّى أَبَا لُؤْلُؤَةَ أَصَابَ عُمَرَ فَأَمَرَ عُمَرُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يُنَادِيَ فِي النَّاسِ هَلْ تَعْلَمُونَ قَاتِلِي فَقِيلَ قَتَلَكَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلامُ الْمُغِيرَةِ فَاسْتَهَلَّ عُمَرُ بِحَمْد اللَّهَ أَلا يَكُونَ أَصَابَهُ ذُو حَقٍّ فِي الْفَيْءِ إِنَّمَا اسْتَحَلَّ مِنْهُ لِمَا أَخَذَ مِنْ حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ مُؤَامَرَتِهِ

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ الْفُرَاتِ عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ رَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ عُمَرُ يكْتب إِلَى أمرائه لَا تَجْلُبُوا إِلَيْنَا مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى مِنَ الْعُلُوجِ فَلَمَّا طُعِنَ قَالَ مَنْ أَصَابَنِي قَالُوا غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ لَا تَجْلُبُوا إِلَيْنَا مِنَ الْعُلُوجِ أَحَدًا

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا الْحَفَرِيُّ وَيَحْيَى بْنُ عَوْنٍ قَالا حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا الْحَفَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الصَّمَدِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سَالِمٍ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ بِالْمُحَصَّبِ إِذْ جَاءَ عُمَرُ يَجْمَعُ حَصْبَاءَ فَجَعَلَ رِدَاءَهُ عَلَيْهِ وَاتَّكَأَ ثُمَّ قَامَ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ إِلَى ذَلِكَ الْمَجْلِسِ قَالَتْ عَائِشَةُ فَظَنَنْتُهُ عُمَرَ حَتَّى قَالَ (جَزَى اللَّهُ خَيْرًا مِنْ إِمَامٍ وَبَارَكَتْ ... يَدُ اللَّهِ فِي ذَاكَ الأَدِيمِ الْمُمَزَّقِ)

(قَضَيْتَ أُمُورًا ثمَّ غادرت بعْدهَا ... بوائج فِي أَكْمَامِهَا لَمْ تُفَتَّقِ)

(فَمَنْ يَسْعَ أَوْ يَرْكَبْ جَنَاحَيْ نَعَامَةٍ ... لِيُدْرِكَ مَا قَدَّمْتَ بِالأَمْسِ يُسْبَقِ)

(وَكُنْتَ سَتَرْتَ الدَّيْنَ بِالْعَدْلِ وَالتُّقَى ... كَسَاكَ إِلَهِي حُلَّةً لَمْ تُمَزَّقِ)

قَالَتْ عَائِشَةُ عَلَيَّ بِالرَّجُلِ فَطُلِبَ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ فَقَالَتْ إِنَّا للَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ نَعَى إِلَيْكُمْ صَاحِبَكُمْ وَقَدِمَ عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمَدِينَةَ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ يَا أَيهَا النَّاسُ إِنِّي رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ دِيكًا أَحْمَرَ وَثَبَ عَلَى بَطْنِي وَنَقَرَنِي ثَلاثَ نَقَرَاتٍ وَلا أَرَى ذَلِكَ إِلَّا بِحُضُورِ أَجَلِي وَإِنِّي سَأَلْتُ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ فَأَخْبَرَتْنِي أَنَّهُ يَطْعَنُنِي رَجُلٌ مِنَ الْعَجَمِ ثَلاثَ طَعَنَاتٍ وَقَدْ صَدَقَتْ وَإِن نَاسا من النَّاس يأمرونني أَنْ أَسْتَخْلِفَ وَأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَكُنْ لِيُضِيعَ خِلافَتَهُ وَمَا بَعَثَ بِهِ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ يَعْجَلْ بِي قَدَرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَالْخِلافَةُ بَيْنَ هَؤُلاءِ السِّتَّةِ الَّذِينَ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ شُورَى بَيْنَهُمْ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مَعَهُمُ الْمُتَابِعُ وَلَيْسَ لَهُ فِي الأَمْرِ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ خَيْرًا فَقَدْ أَخَذَ آلُ عُمَرَ مِنْهُ وَإِنْ يَكُ غَيْرَ ذَلِكَ فَحَسْبُ آلِ عُمَرَ وَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَطْعَنُ فِي هَذَا الأَمْرِ أُنَاسٌ مِنَ النَّاس وَأَنا قاتلتهم بِيَدَيَّ عَلَى الإِسْلامِ فَإِنْ فَعَلُوا فَأُولَئِكَ أَعْدَاءُ اللَّهِ الضُّلالُ الْفَجَرَةُ وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُ شَيْئا هُوَ أهم عِنْدِي مِنْ أَمْرِ الْكَلالَةِ وَمَا أَغْلَظَ لِي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ مَا أَغْلَظَ لِي فِيهَا قَدْ طَعَنَ فِيَّ بِإِصْبَعَيْهِ فِي خَاصِرَتِي وَقَالَ يَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ وَإِنِّي إِنْ أَعِشْ أَقْضِ فِيهَا بِقَضِيَّةٍ لَا يَخْتَلِفُ فِيهَا أَحَدٌ مِمَّنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَى أُمَرَاءِ الأَمْصَارِ فَإِنِّي إِنَّمَا بَعَثْتُهُمْ لِيُعَلِّمُوا قَوْمَهُمْ دِينَهُمْ وَمَا بُعِثَ بِهِ نَبِيُّهُمْ وَأَنْ يَقْسِمُوا فِيهِمْ فَيْئَهُمْ فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ أَنْ يَرْفَعُوهُ إِلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَأْكُلُونَ مِنْ شَجَرَتَيْنِ وَمَا أَرَاهُمَا إِلا خَبِيثَتَيْنِ هَذَا الثَّوْمُ وَالْبَصَلُ وَلَقَدْ كُنَّا نَجِدُهَا مِنَ الرَّجُلِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُؤْخَذُ بِيَدِهِ فَيَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَى الْبَقِيعِ أَلا فَمن أكلهما فلينعمهما طَبْخًا ثُمَّ نَزَلَ عَنْ مِنْبَرِهِ فَأَتَاهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الْمُغِيرَةَ بن شُعْبَة عدى عَلَيَّ يَأْخُذُ مِنِّي كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمًا قَالَ فَمَا عَمَلُكَ قَالَ أَصْنَعُ هَذِهِ الأَرْحِيَةَ قَالَ وَكَمْ تُصِيبُ قَالَ أُصِيبُ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمَيْنِ قَالَ مَا هُوَ بِكَثِيرٍ أَنْ تُعْطِيَ أَهْلَكَ نِصْفَ مَا تُصِيبُ يَا أَبَا لُؤْلُؤَةَ أَلا تصنع لي رَحا قَالَ بلَى أصنع لَك رَحا يَتَحَدَّثُ بِهَا أَهْلُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فَقَالَ عُمَرُ تَهَدَّدَنِي الْعِلْجُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ فَلَمَّا قَامَ عُمَرُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْغَدَاةَ وَكَانَ يُقِيمُ الصُّفُوفَ طَعَنَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ ثَلاثَ طَعَنَاتٍ فَقَالَ عُمَرُ مَنْ بِي قَالُوا أَبُو لُؤْلُؤَةَ قَالَ الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ خَصْمِي مَنْ صَلَّى للَّهِ سَجْدَةً قطّ فَلَمَّا حُمِلَ إِلَى بَيْتِهِ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الإِسْلامِ خَيْرًا فَقَدْ كُنْتَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَتَعْمَلُ فِي الأَرْضِ نُصْحًا فَقَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ ثُمَّ اسْتَخْلَفَكَ اللَّهُ فَعَمِلْتَ فِي خِلافَتِهِ الَّذِي يَحِقُّ عَلَيْكَ قَالَ يَا بُنَيَّ أَمَّا الأَمْرَانِ الأَوَّلانِ فالبحرى أَنْ يَكُونَ كَمَا ذَكَرْتَ وَأَمَّا الْخِلافَةُ فَلَيْتَ عُمَرَ أَفْلَتَ مِنْهَا كَفَافًا لَا عَلَيْهِ وَلَا لَهُ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ مِتَّ لَقَدْ كَانَ إِسْلامُكَ لَعِزًّا وَلَقَدْ كَانَتْ خِلافَتُكَ لَنَصْرًا وَلَقَدْ مَلأْتَ الأَرْضَ عَدْلا قَالَ الله تشهد لي بهَا يَا ابْن أَخِي عِنْدَ رَبِّي إِذَا قُمْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ عُمَرُ وَكُلُّكُمْ يَقُولُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَمَا أُبَالِي مَا لَقِيتُ قَالَ فَوَضَعَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ قَالَ ثُمَّ فِي حِجْرِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ يَا بُنَيَّ إِذَا رَأَيْت النَّفس قد بلغت اللهاة فضع ركبتك فِي ظَهْرِي وَشِمَالَكَ تَحْتَ حَنَكِي وَيَمِينَكَ تَحْتَ جَبْهَتِي فَتُغْمِضَ عيْنِي وَلَا تَغْلُ فِي الْكَفَنِ فَإِنْ يَكُنْ رَبِّي عَنِّي رَاضِيًا فَلَنْ يَرْضَى لِي بِكِسْوَةٍ دُونَ ثِيَابِ الْجَنَّةِ وَإِنْ يَكُ رَبِّي عَليّ ساخطا فَإِنَّهُ سبيلي سَرِيعًا وَلا تُوسِعْ لِي فِي قَبْرِي إِلا قدر رجل فَإِن يرض عني رَبِّي فيوسع عَلَيَّ قَبْرِي قَدْرَ مَدَّ بَصَرِي وَإِنْ يَكُ عَلَيَّ سَاخِطًا فَسَيَضِيقَ عَلَيَّ قَبْرِي حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلاعِي وَلا تُزَكُّونِي بَيْنَكُمْ فَإِنَّ رَبِّي أَعْلَمُ بِي مِنْكُمْ وَلا تَبْكِ عَلَيَّ امْرَأَةٌ بَاكِيَةٌ وَلَا محمر وَعَجِّلُوا بِالْمَشْيِ عِنْدَ حَمْلِ النَّعْشِ فَإِمَّا خَيْرًا تُبَلِّغُونِيهِ وَإِمَّا شَرًّا تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ فَلَمَّا دُفِنَ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ وَلَمْ يَكُنْ أَدْرَكَ الصَّلاةَ عَلَيْهِ فَضَرَبَ الْقَبْرَ بِيَدِهِ وَقَالَ أَخُو الإِسْلامِ جَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الإِسْلامِ خَيْرًا فَوَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ فَاتَتْنِي الصَّلاةُ عَلَيْكَ فَمَا فَاتَنِي عَلَيْكَ حُسْنُ الثَّنَاءِ وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ يَقِينًا أَنَّكَ كُنْتَ سَخِيًّا بِالْحَقِّ بَخِيلا بِالْبَاطِلِ تَرْضَى حِينَ الرِّضَا وَتَسْخَطُ حِينَ السَّخَطِ لَيِّنًا حِينَ يَنْفَعُ اللِّينُ شَدِيدًا حِينَ تَنْفَعُ الشِّدَّةُ مَا كُنْتَ عَيَّابًا وَلا مَدَّاحًا تَعِفُّ الطَّرْفَ فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الإِسْلامِ خَيْرًا

قَالَ وَلَمَّا بَلَغَ ابْنَ مَسْعُودٍ مَوْتُهُ كَانَ بِمَسْجِدِ الْكُوفَةِ فَطَرَحَ رِدَاءَهُ وَقَامَ يَبْكِي وَيَقُولُ إِذا ذكر الصالحون فحي هلا بِعُمَرَ لَقَدْ كَانَ فَضل مَا بَيْنَ النُّقْصَانِ وَالزِّيَادَة وَإِذا ذكر الصالحون فحي هلا بِعُمَرَ لَقَدْ كَانَ عُمَرُ إِذَا نَحَرَ الْجَزُورَ أَطْعَمَ ابْنَ السَّبِيلِ كَبِدَهَا وَسَنَامَهَا وَيَكُونُ الْعُنُقُ لآل عمر وَإِذا ذكر الصالحون فحي هلا بِعُمَرَ لَوْ وُضِعَ فِي كِفَّةٍ وَوُضِعَ النَّاسُ فِي كِفَّةٍ لَرَجَحَ بِهِمْ عُمَرُ وَإِذَا ذُكِرَ الصالحون فحي هلا بِعُمَرَ يَا لَيْتَنِي خَادِمٌ لِعُمَرَ وَإِذَا ذُكِرَ الصالحون فحي هلا بعمر

وحَدثني بَكْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِيسٍ مِنْ وَلَدِ عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ الْفِهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَن قَتَادَة عَن مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا وَلا أَرَاهَا إِلا لِحُضُورِ أَجَلِي إِنِّي رَأَيْتُ دِيكًا أَحْمَرَ نَقَرَنِي نَقْرَتَيْنِ فَحَدَّثْتُ بِهِ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ فَخَبَّرَتْنِي أَنَّهُ يَقْتُلُنِي رَجُلٌ مِنَ الأَعَاجِمِ وَأَنَّ رِجَالا يَأْمُرُونِي أَنْ أَسْتَخْلِفَ وَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيُضِيعَ خِلافَتَهُ وَلا نُبُوَّتَهُ الَّتِي بَعَثَ بِهَا نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ

وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ وُضِعَ عُمَرُ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ فَجَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَشَقَّ الصُّفُوفَ حَتَّى قَامَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ قَالَ هُوَ هَذَا قَالُوا نَعَمْ ثَلاثًا فَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ مَا أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِصَحِيفَتِهِ مِنْ هَذَا الْمُسَجَّى بِثَوْبِهِ إِلا أَنْ تَكُونَ صَحِيفَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَحَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ سُحْنُونٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يُحَدِّثُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ أَنَا آخِرُ النَّاسِ عَهْدًا بِهِ دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ يَا بُنَيَّ ضَعْ خَدِّي بِالأَرْضِ فَقَالَ مَا حجْرِي وَالأَرْضُ إِلا سَوَاءٌ فَقَالَ يَا بُنَيَّ ضَعْ خَدِّي بِالأَرْضِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ الثَّالِثَةَ ضَعْ خَدِّي بِالأَرْضِ لَا أُمَّ لَكَ فَوَضَعَ خَدَّهُ بِالأَرْضِ فَقَالَ وَيْلُ عُمَرَ وَيْلٌ لَهُ إِنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَهُ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُ

ذِكْرُ مَقْتَلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ[عدل]

حَدَّثَنَا أَبُو الْعَرَبِ وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي الأَشْهَبِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ أَوَّلُ مَنْ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ حِينَ قُتِلَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَأَخَذَ بِرَأْسِهِ وَكَانَ رَجُلا حَسَنَ الْوَجْهِ طَوِيلَ اللِّحْيَةِ فَهَزَّهُ حَتَّى وَجَفَ فَقَالَ مَهْلا يَا ابْن أَخِي مَا كَانَ أَبُوكَ لِيَقْعُدَ مِنِّي هَذَا الْمَقْعَدَ قَالَ وَجَاءَ رَجُلٌ طِوَالٌ بِيَدِهِ نَصْلٌ فَأَهْوَى إِلَيْهِ بِمِشْقَصٍ كَانَ أَوْ سِلاحٍ أَصَابَهُ بِهِ فَقَالَ صَاحِبُ الْمِشْقَصِ نِيَارُ بْنُ عِيَاضٍ الأَسْلَمِيُّ

وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَيْسِيُّ قَالَ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْبَارِيُّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ اللُّؤْلُؤِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الدَّارِ أَخَذَ عُثْمَانُ الْحَرْبَةَ فَنُودِيَ مِنَ السَّمَاءِ مَهْلا يَا عُثْمَانُ فَرَمَى بِهَا

وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الْبَغْدَادِيُّ وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَحَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ الْعَبْدِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعْدٍ مَوْلَى عُثْمَانَ بن عَفَّان قَالَ دعى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بِسَرَاوِيلَ فَشَدَّهَا عَلَيْهِ وَلَمْ يَلْبَسْهَا قَبْلَ ذَلِكَ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلا إِسْلامٍ وَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ الْبَارِحَةَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَإِنَّهُمْ قَالُوا لِي تُفْطِرُ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ قَالَ فَدَعَا بِمُصْحَفٍ وَنَشَرَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقُتِلَ وَهُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ

وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَسَدِ بْنِ الْفُرَاتِ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَرْبٍ قَالَ قَالَ لِي عُثْمَانُ وَلِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ قُومَا فَاجْلِسَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ قَالَ فَقُمْنَا وَجَلَسْنَا عَلَيْهِ وَفِيهِ غِرَارَتَانِ مَمْلُوءَتَانِ دَرَاهِمُ وَقَدْ بَلَغَتْ عُرَاهُمَا سَقْفَ الْبَيْتِ قَالَ ثُمَّ رَمَوْا شَيْئًا عَلَى الْبَابِ فَدَفَعُوهُ فَوَقَعَ فَدَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ وَقَدْ فَتَحَ الْمُصْحَفَ وَافْتَتَحَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ قَالُوا أَيْ عُدُوَّ اللَّهِ مَا لَكَ وَلِكِتَابِ اللَّهِ قَالَ وَشَتَمُوهُ وَدَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ جَالِسٌ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ فَقَالَ لَوْ كَانَ أَبُوكَ لَمْ يَقْبِضْ عَلَى مَا قَبَضْتَ ثُمَّ وَجَأَ فِي لَبَّتِهِ بِسَهْمٍ فَقَطَرَتْ مِنْ دَمِهِ قَطْرَةٌ عَلَى الْمُصْحَفِ وَدَخَلَ عَلَيْهِ الْمِصْرِيُّ رجلا من تجيب من كِنْدَة سَالَ السَّيْفَ فَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنْ كَلْبٍ يُقَالُ لَهَا نَائِلَةُ بِنْتُ الْفَرَافِصَةِ بْنِ الأَحْوَصِ بْنِ عَمْرٍو الْكَلْبِيَّةُ زَوْجَةُ عُثْمَانَ فَقَبَضَتْ عَلَى السَّيْفِ فَقَطَعَ يَدَهَا وَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى مَاتَ وَنَادَى مُنَادٍ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ قُتِلَ قَالَ أَبُو حَرْبٍ لَمَّا صَاحَ الصَّائِحُ مِنْ وَرَاءِ الدَّارِ أَيَحِلُّ دَمُهُ وَلا يَحِلُّ مَالُهُ قَالَ قُلْتُ لِصَاحِبِي تَعْلَمُ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ قُتِلَ وَاللَّهِ إِنَّ الْقَوْم يُرِيدُونَ المَال قَالَ فرجعنا نعدوا إِلَى بَيْتِ الْمَالِ فَلَمْ نَجِدْ فِيهِ إِلا حلتين قَالَ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ الْعِشَاءِ حَمَلَهُ مَرْوَانُ وَمَوَالٍ لَهُ ثَلاثَةٌ وَخَرَجَتِ ابْنَتُهُ تَبْكِي عَلَيْهِ فَعَرَفَهُ النَّاسُ بِهَا فَجَعَلُوا يَرْمُونَهُ بِالْحِجَارَةِ فَلَمَّا رَأَى مَرْوَانُ ذَلِكَ مَالَ إِلَى حَائِطٍ لِعُثْمَانَ فَدَفَنَهُ فِيهِ فَقَبْرُهُ الْيَوْمَ فِيهِ قَالَ زِيَادٌ قَالَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ فِي حَدِيثِهِ فَبَقِيَ عُثْمَانُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا لَا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَلَا يُدْفَنُ حَتَّى جَاءَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ فَدَفَنَهُ فِي أُنَاسٍ مِنْ قُرْيَشٍ فَزَعَمُوا أَنه حِين أَرَادُوا الصَّلاةَ عَلَيْهِ جَاءَهُمْ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَمَنَعُوهُمْ أَنْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ فَقَالَ أَبُو حُذَيْفَةَ ابْن الْجَدِّ ادْفُنُوهُ فَقَدْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَمَلائِكَتُهُ قَالَ أَخْبَرَنِي هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو عُثْمَانَ عَنْ قَتَادَةَ وَقُتِلَ عُثْمَانُ رَحِمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لثماني عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَكَانَتْ خِلافَةُ عُثْمَانَ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً واثنتين وَعِشْرِينَ يَوْمًا

وَقَالَ زِيَادٌ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُصَيْنِ التَّمِيمِيُّ قَالَ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ سُجِّيَ بِثَوْبِهِ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ قَعَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى بَابِهِ وَمَعَهُ شَيْء كَأَنَّهُ ينْكث فِي الأَرْضِ بِهِ وَنَائِلَةُ بِنْتُ الْفَرَافِصَةِ امْرَأَةُ عُثْمَانَ جَالِسَةٌ فِي الْبَيْتِ تَلْعَنُهُ وَتَقُولُ عَلَيْكَ لعنة الله من ابْن للعشيرة جَمَعْتَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْبَاشَ الْعَرَبِ وَكِلابَ النَّاسِ حَتَّى قَتَلُوهُ عَلَيْكَ لَعْنَةُ اللَّهِ فَلَمَّا أَكْثَرَتْ عَلَيْهِ قَالَ وَعَلَيْكِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا أَنَا إِلَّا فِي شَأْنِكَ أَيَقَعُ عَلَيْكِ السَّهْمُ أَمْ لَا قَالَتْ قَبَّحَكَ اللَّهُ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ بَلَغَنِي أَنَّ الَّذِي أَجْهَزَ عَلَى عُثْمَانَ حِينَ وَجَأَهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ سُودَانُ بْنُ حُمْرَانَ الْمُرَادِيُّ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ عَلاهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهُ قَالَ زِيَادٌ عَنْ عَوَانَةَ كَانَ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ يُحَدِّثُ قَالَ دَخَلُوا عَلَيْهِ يَقْدُمُهُمُ الشِّيعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَأَخَذَ بِلِحْيَةِ عُثْمَانَ وَقَالَ لَهُ يَا نَعْثَلُ مَا أَغْنَى عَنْكَ مُعَاوِيَةُ وَمَا أَغْنَى عَنْكَ فُلانٌ قَالَ الْحَسَنُ فَوَجَأَ عُثْمَانَ فِي أَصْلِ أُذُنِهِ بِمِشْقَصٍ فَوَثَبَ عَلَيْهِ آخَرُ يَعْلُوهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلُوهُ فَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ دَخَلُوا عَلَيْهِ مُسْلِمًا مُحْرِمًا فَقَتَلُوهُ الْعَنُوهُمْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ

قَالَ زِيَادٌ قَالَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ وَبَلَغَنَا أَنَّ عَبْدًا لِعُثْمَانَ أَسْوَدَ قَامَ إِلَى التُّجِيبِيِّ الَّذِي قَتَلَ عُثْمَانَ فَقَتَلَهُ فَأَغْلَقَ الْبَابَ عَلَيْهِمْ ثَلاثَتِهِمْ مَقْتُولِينَ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلامٍ عَن أَبِيه عَن جده عَن اسماعيل ابْن مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيِّ أَنَّ عُثْمَانَ أرسل إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ وَهُوَ مَحْصُورٌ قَالَ إِنَّ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ قَدْ حَصَرُونِي وَهُمْ يُرِيدُونَ قَتْلِي فَمَا تَأْمُرُنِي فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ كُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْمَقْتُولَ وَلا تَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْقَاتِلَ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِحُجَّتِكَ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَة قَالَ وَعِنْده فِي الدَّار سِتّمائَة مُسْتَلْئِمٍ مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَليّ فعزم عَلَيْهِم بِمَالِه مِنَ الْحَقِّ عَلَيْهِمْ لَيَخْرُجُنَّ عَنْهُ وَلَيُخَلّنَّ بَيْنَهُ وَبَين الْقَوْم فَإِن أَرَادوا أَن يقتلوه فليقتلوه فَخَرجُوا وخلوا عَنهُ وعنهم وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ جَاءَ إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ الأَنْصَارُ بِالْبَابِ يَقُولُونَ إِنْ شِئْتَ كُنَّا أَنْصَارَ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ قَالَ لَا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ كُفُّوا

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَارِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عبد الله بن عَامر بن ربيعَة الْعَنزي أَنَّهُ كَانَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَعْزِمُ عَلَى من يرى لنا سمعا وَطَاعَة بِمَا كَفَّ يَدَهُ وَسِلاحَهُ فَإِنَّ أَفْضَلَكُمْ عِنْدَنَا غَدًا مَنْ كَفَّ يَدَهُ وَسِلاحَهُ ثُمَّ قَالَ يَا عبد الله بن عمر قُم فأخرس النَّاسَ فَقَامَ ابْنُ عُمَرَ فَقُمْتُ مَعَهُ وَابْنُ مُطِيعٍ وَابْنُ نُعَيْمٍ وَابْنُ سُرَاقَةَ فَفَتَحْنَا بَابَ الدَّارِ فَأَخَذُوا بِتَلابِيبِ ابْنِ عُمَرَ فَدَفَعُوهُ وَدَخَلُوا الدَّارَ فَقُتِلَ عُثْمَانُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَجَعْتُ إِلَى الدَّارِ فَإِذَا رَجُلٌ لَمْ يُسَمِّهِ جَالِسٌ فِي عُنُقه سهم جَالس مُسْند ظَهره إِلَى سَرِيره وَرَمْلَةُ بِنْتُ شَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ خَلْفَ السَّرِيرِ فَقَالَتْ لِلرَّجُلِ يَا فُلانُ أَمُعِينًا عَلَيْنَا الْيَوْمَ فَقَالَ فِي الْقَسمِ الآنَ أَنْتُمْ

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدثنَا أَشْهَلُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ لابْنِ عُمَرَ مَا تَقُولُ فِي هَؤُلاءِ قَالَ اعْرِضْ عَلَيْهِمْ كِتَابَ اللَّهِ فَإِنْ قَبِلُوهُ فَهُوَ خير لَك وَخير لَهُم وَإِنْ أَبَوْهُ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ وَشَرٌّ لَهُمْ قَالَ فَأقبل عَليّ وَمَعَهُ رجال فَسَارُّوهُ فَسَارَّهُمْ فَقَالُوا ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَعْرِضُ عَلَيْكُمْ كِتَابَ اللَّهِ فَاقْبَلُوهُ فَاصْطَلَحُوا عَلَى خَمْسٍ كَتَبُوهَا وَاشْتَرَطُوا اثْنَتَيْنِ قَالَ فَكَتَبُوا الْمَحْرُومَ يُعْطِي وَالْمَنْفِيَّ يُفْلِتُ وَيَعْدِلُ فِي الْقَسْمِ وَيُوَفِّرُ الْفَيْءَ وَيسْتَعْمل ذَوي الْقُوَّة والرئاسة وَاشْتَرَطُوا أَنْ يَرُدَّ ابْنَ عَامِرٍ عَلَى أَهْلِ مِصْرَ فَإِنَّهُمْ بِهِ رَاضُونَ وَيَسْتَعْمِلَ الأَشْعَرِيَّ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ فَكَتَبُوا بَيْنَهُمْ كِتَابًا وَانْطَلَقُوا فَلا أَدْرِي أَيْنَ بَلَغُوا وَرَجَعُوا وَقَدِ اشْتَدَّ أَمْرُهُمْ فَقَالُوا لَا تُكَلِّمُوا أَحَدًا قَالَ فَقَالَ لَهُمْ أَلا رجل يَأْتِيهم قَالَ فَأَتَاهُم الْمُغيرَة ابْن شُعْبَة قَالَ فَقَالُوا لَا تدنون مِنَّا يَا أَعْوَرُ لَا تُكَلِّمْنَا يَا أَعْوَرُ لَا تَدْنُوَنَّ مِنَّا يَا أَعْوَرُ قَالَ فَأَتَى عُثْمَانَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي جَرَّبْتُ النَّاسَ فَلَمْ أَرَ قَوْمًا أَلَجَّ مِنَ الْعَرَبِ لَوْ أَنَّكَ خَرَجْتَ عَلَيْهِمْ بِكَتِيبَتِكَ فَلَعَلَّهُمْ إِذَا رَأَوْكَ أَنْ يَكُفُّوا قَالَ نَعَمْ فَخَرَجَ عَلَى كَتِيبَتِهِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَاضْطَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أُولَئِكَ وَرَجُلٌ مِنْ هَؤُلاءِ بِسَيْفَيْهِمَا فَقَالَ عُثْمَانُ أَفِي نَزْعِي وَتَأْمِيرِي قَالَ فَنَزَلَ فَلا أَعْلَمُهُ خَرَجَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلا بَعْدَهُ حَتَّى قُتِلَ قَالَ وَقَالَ مُحَمَّد وَفِي الدَّار يَوْمئِذٍ سَبْعمِائة لَوْ أَذِنَ لَهُمْ لَضَرَبُوهُمْ حَتَّى يُخْرِجُوهُمْ مِنْ أَقْطَارِهَا مِنْهُمُ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ وَعَبْدُ اللَّهِ بن الزبير وَفُلَان وَفُلَان

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ هِلالٍ قَالَ حَدَّثَ رجل مِمَّن دخل عَلَى عُثْمَانَ يَوْمَ الدَّارِ قَالَ لَمَّا قَتَلُوهُ فَتَحُوا تَابُوتًا لَهُ فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ جَوْزًا فَجَعَلُوا يَأْكُلُونَ وَيَضْحَكُونَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي لَا يُصِيبُ هَؤُلاءِ خَيْرًا أَبَدًا قَتَلُوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ جَلَسُوا يَأْكُلُونَ جَوْزَهُ وَيَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ

وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَسَدٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ كَثِيرَ بْنَ الصَّلْتِ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ فَقَالَ يَا كَثِيرُ إِنِّي مَقْتُولٌ فَقَالَ بَلْ يُعْلِي اللَّهُ كَعْبَكَ وَيُظَفِّرُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي الْمَنَامِ فَقَالُوا إِنَّكَ تُفْطِرُ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ فَقُتِلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي قَالَ فِيهِ هَذَا لِكَثِيرٍ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَوْطٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ أَنَّ عبد الله بن سَلام كَانَ يحيي يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيُكَبِّرُ فَلَمَّا ثَارَ النَّاسُ لِعُثْمَانَ قَامَ فَقَالَ أَيهَا النَّاسُ اسْتَبِقُوا عُثْمَانَ وَلا تَقْتُلُوهُ فَوَالَّذِي نَفْسُ ابْنِ سَلامٍ بِيَدِهِ مَا قَتَلَتْ أُمَّةٌ قَطُّ نَبِيَّهَا فَيُصْلِحَ اللَّهُ أَمرهم بَينهم حَتَّى يهريقوا دَمًا سبعين ألفا وَمَا قتلت أمة قطّ خليفتها فيصلح الله أَمرهم حَتَّى يهريق دَمًا أَرْبَعِينَ أَلْفًا فَاسْتَبِقُوا عُثْمَانَ وَلا تَقْتُلُوهُ وَلا تَحْمِلُوا الْقُرْآنَ عَلَى أَلْسِنَتِكُمْ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قِيلَ مر عَليّ بن أبي طَالب فَقَالَ يَا ابْن أَبِي طَالِبٍ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أَرْضَ الْعِرَاقِ قَالَ أَتَتْرُكُ مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا أَدْرِي هَلْ يُنْجِيكَ ذَلِكَ أَمْ لَا وَالَّذِي نَفْسُ ابْنِ سَلامٍ بِيَدِهِ لَئِنْ أَتَيْتَ أَرْضَ الْعِرَاقِ لَا تَرْجِعُ إِلَى مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَقِيَ

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي حَاتِمٍ الْبَصْرِيُّ الأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ قَالَ حَدَّثَنَا بُكَيْرُ بْنُ أَيُّوبَ السِّجِسْتَانِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي قِلابَةَ قَالَ دَخَلْتُ فُنْدُقًا بِالشَّامِ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ مَقْطُوعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ أَعْمَى مُنْكَبًّا لِوَجْهِهِ يُنَادِي يَا وَيْلَهُ النَّارَ فَقُلْتُ لَهُ مَا لَك فَقَالَ كُنْتُ فِيمَنْ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ يَوْمَ الدَّارِ وَكُنْتُ فِي سَرْعَانِ مَنْ وَصَلَ إِلَيْهِ فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ صَرَخَتِ امْرَأَتُهُ فَرَفَعْتُ يَدِي فَلَطَمْتُهَا فَنَظَرَ إِلَيَّ عُثْمَانُ فَتَغَرْغَرَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ لِي مَا لَكَ سَلَبَكَ اللَّهُ يَدَيْكَ وَرِجْلَيْكَ وَأَعْمَى بَصَرَكَ وَأَصْلاكَ نَارَ جَهَنَّمَ قَالَ فَخَرَجْتُ هَارِبًا مِنْ دُعَائِهِ فَرَكِبْتُ جَمَلِي حَتَّى أَتَيْتُ مَكَانِي هَذَا فَأَتَانِي آتٍ فَفَعَلَ بِي مَا تَرَى وَوَاللَّه مَا أَدْرِي إنسيا كَانَ أَوْ جِنِّيًّا فَقَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ فِي يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ وَبَصَرِي وَوَاللَّهِ مَا بَقِيَ إِلا النَّارُ قَالَ أَبُو قِلابَةَ فَهَمَمْتُ أَنْ أطأه وَقلت لَهُ بعدا لَك وَسُحْقًا قَالَ وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ وَقَالَ يَا نَعْثَلُ يَعْنِي يَهُودِيًّا كَانَ فِي الْمَدِينَةِ قَالَ لَسْتُ بِنَعْثَلٍ وَلَكِنِّي عَبْدُ اللَّهِ دَعْ لِحْيَتِي فَلَوْ كَانَ أَبُوكَ مَا أَخَذَهَا وَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ بِمِشْقَصٍ فَقَطَعَ بِهِ أَوْدَاجَهُ

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْخَرَّازُ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنْ سِنَانِ بْنِ سَلامَةَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ لما أُجِيز عَلَى عُثْمَانَ دَخَلَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ فَبَكَى حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيَلْحَقُ بِهِ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ

(عُثْمَان عُثْمَان لقِيت الحتفا ... فَأَبْشِرْ بِخَيْرٍ مَا لَهُ مِنْ وَصْفِ)

(الآنَ جا حَقًا يَقِينا وحفا ... قَدْ قُطِعَتْ رِجْلَيَّ وَفِيهَا خُفِّي)

(وَفَضْلُهُ عَلَيَّ يَعْلُو السقفا ... وَاحِدَة لي وَاثْنَتَانِ عرفي)

(خالاق أَوْلادِي يَرِفَّنَّ رَفِّي ... يَرْفَعْنَهُ إِلَى الْجِنَانِ زَفِّي)

(أَي لكم ويل قتلتم سلفي ... ) // بَحر الرجز //

وَحَدَّثَنِي بِسْطَامٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ الْمُصَلِّي قَالَ حَدثنَا سُلَيْمَان ابْن دَاوُدَ بْنِ زِيَادٍ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَن مُحَمَّد ابْن سِيرِين قَالَ لم تعتذر الْخَيل البلق فِي مغاربهم إِلا مُذْ قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِع أَن الْغِفَارِيّ تنَاول عصى عُثْمَانَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَكَسَرَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ فَأَخَذَتْهُ فِي رِجْلِهِ الأَكِلَةُ

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن عبد الْحَكَمِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونَ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ أَقَامَ ثَلاثًا لَا يُدْفَنُ حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَة الَّتِي دفن فِيهَا أَتَاهُ اثنى عَشَرَ رَجُلا مِنْهُمْ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَمَعَهُمْ عَائِشَةُ بِنْتُ عُثْمَانَ تَحْمِلُ حِقًّا فِيهِ مِصْبَاحٌ فَحُمِلَ عَلَى بَابٍ وَإِنَّ رَأْسَهُ لَيَقُولُ طَقْ طَقْ فَأَنْزَلُوهُ لِيَدْفِنُوهُ فَأَتَاهُمْ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَاتِكٍ فَقَالَ لَهُمْ وَاللَّهِ لَئِنْ دَفَنْتُمُوهُ هَهُنَا لأُخْبِرَنَّ النَّاسَ غَدًا فَاحْتَمَلُوهُ حَتَّى أَتَوْا بِهِ حَشَّ كَوْكَبٍ فَوَضَعُوهُ فَتَنَازَعَ الصَّلاةَ عَلَيْهِ حَكِيمٌ وَحُوَيْطِبٌ بِالسِّنِّ فَتَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا فَلَمَّا قَرَّبُوهُ لِيُدْفَنَ صَاحَتْ عَائِشَةُ فَرَفَعَ عَلَيْهَا السَّيْفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَقَالَ لَئِنْ لَمْ تَسْكُتِي لأَضْرِبَنَّ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاكِ فَسَكَتَتْ فَلَمَّا دَفَنُوهُ وَفَرَغُوا مِنْهُ قَالَ لِعَائِشَةَ صِيحِي مَا بدى لَكِ قَالَ مَالِكٌ وَكَانَ عُثْمَانُ يَمُرُّ بِحَشِّ كَوْكَبٍ فَيَقُولُ أَمَا إِنَّهُ سَيُدْفَنُ هَهُنَا رَجُلٌ صَالِحٌ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ فِطْرٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي خَلِيفَةَ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ لما جَاءَ الركب اللَّذين قَتَلُوا عُثْمَانَ أَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى عَلِيٍّ أَنْ رُدَّ هَؤُلاءِ فَانْطَلَقَ وَأَنَا مَعَهُ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَيَّ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الدَّارِ فَأَلْحَمَ الْقِتَالُ فِيهَا وَلم يسْتَطع أَن يدْخل قَالَ فَنزع عمَامَته سَوْدَاءَ عَلَى رَأْسِهِ فَأَلْقَاهَا إِلَيْهِ أَمَانًا لَهُ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ أَنِّي لَمْ أَقْتُلْ وَلم أماليء

وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَسَدِ بْنِ الْفُرَاتِ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَوَانَةَ ابْن الْحَكَمِ قَالَ وَأَقْبَلَ الْمُغِيرَةُ بْنُ الأَخْنَسِ بْنِ شُرَيْقٍ يَعْنِي يَوْمَ الدَّارِ فَقَالَ لِعُثْمَانَ مَا تَقول للَّهِ وَقَدْ خَذَلْنَاكَ أَفَتَأْذَنُ لِي فِي الْقِتَالِ فَأَذِنَ لَهُ كَمَا يَزْعُمُ رُوَاةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَقَاتَلَ وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ

(قَدْ عَلِمَتْ جَارِيَةٌ عُطْبُولٌ ... لَهَا وِشَاحٌ وَلَهَا حُجُولُ)

(لَهَا ابْنُ عَمٍّ وَلَهَا خَلِيلٌ ... أَنِّي بِنَصْلِ السَّيْفِ خَنْشَلِيلُ)

(لَيْثٌ إِذَا مَا أَرْعَشَ الْقَبِيلُ ... لأُمْنَعَنَّ مِنْكُمُ الْخَلِيلُ)

(بِصَارِمٍ لَيْسَ لَهُ فُلُولُ)

فَقَامَ يَوْمَئِذٍ فَجعل كَمَا يزعموا يَكْشِفُ النَّاسَ وَرَجُلٌ فِي الْمَسْجِدِ قَدْ كَانَ ذَلِك الرجل كَمَا زَعَمُوا جَاءَ مِنَ الْبَصْرَةِ فِيمَنْ يَسْعَى عَلَى عُثْمَانَ فَرَأَى فِي مَنَامِهِ كَأَنَّ قَاتِلَ الْمُغِيرَةِ ابْن الأَخْنَسِ فِي النَّارِ فَاعْتَزَلَ وَقَالَ لَا أَكُونُ مِنْ هَذَا الأَمْرِ فِي شَيْءٍ وَقَدْ كَانَ أُرِيَ فِي مَنَامِهِ فِي مَسِيرِهِ إِلَى عُثْمَانَ كَأَنَّ رَجُلا يُوقَدُ نَارًا فَقِيلَ لِمَنْ هَذِهِ قَالَ لِقَاتِلِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الأَخْنَسِ فَلَمَّا رَأَى الْمُغيرَة يكْشف النَّاس غاضه مَا صَنَعَ الْمُغِيرَةُ فَأَخَذَ سَيْفَهُ فَشَدَّ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ الأَخْنَسِ فَقَتَلَهُ ثُمَّ قَالَ مَنْ هَذَا قَالُوا الْمُغِيرَةُ فَذَكَرَ رُؤْيَاهُ وَجَعَلَ يَدْعُو بِالْوَيْلِ وَالْعَوِيلِ فَبَلَغَنَا بَعْدُ أَنَّ الرَّجُلَ أَتَى إِلَى بَنِي الْمُغِيرَةِ بْنِ الأَخْنَسِ فَقَالَ اقْتُلُونِي بِأَبِيكُمْ قَالُوا لَا نَفْعَلُ قَالَ فَبَلَغَنَا أَنَّ الرجل لم يخرج من الْمَدِينَة حَتَّى انْقَطع

وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَسَدٍ عَنْ زِيَادِ عَن ابْن اسحاق قَالَ حَدثنِي يَعْقُوب ابْن عتبَة عَن عقبَة بن الْحَارِث بن أبي بكر بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ فِي النَّظَّارِينَ يَوْمَئِذٍ يَعْنِي يَوْمَ الدَّارِ قَالَ فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ يَعْنِي يَوْمَ الدَّارِ وَكَانَ رَجُلا جَبَّارًا فَقَالَ هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ يَقُولُ ذَلِكَ مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثَة فَخَرَجَ عُبَيْدُ بْنُ رِفَاعَةَ حَتَّى كَمَنَ لَهُ خَلْفَ الْبَابِ فَلَمَّا خَرَجَ صَاحَ بِهِ مِنْ خَلْفِهِ وَخَرَجَ مُبَادِرًا يَشْتَدُّ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ وَخَرَجَ فِي أَثَرِهِ قَالَ وَطَلَبَ الرَّجُلُ وَجَعَلَ يسْأَل عَنهُ فِي سِكَك الْمَدِينَة فَكل مَا سَأَلَ عَنْهُ أَحَدًا قَالَ وَاللَّه مَرَّ يَشْتَدُّ وَخَلْفَهُ رَجُلٌ يَشْتَدُّ بِالسَّيْفِ يَتْبَعُهُ مَا نَدْرِي مَا أَمْرُهُ حَتَّى أَدْرَكَهُ فِي بَعْضِ سِكَكِ الْمَدِينَةِ فَقَتَلَهُ

قَالَ زِيَادٌ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ قُتِلَ يَوْمَ الدَّارِ مَعَ عُثْمَانَ مِنْ بني أَسد ابْن عَبْدِ الْعُزَّى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ وَعَبْدُ اللَّهِ بن عبد الرَّحْمَن ابْن الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ وَمِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي هُبَيْرَة ابْن عَوْفِ بْنِ السَّبَّاقِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ وَمِنْ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلابٍ الْمُغِيرَةُ بْنُ الأَخْنَسِ بْنِ شُرَيْقٍ وَضُرِبَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ عَلَى رَأْسِهِ ضَرْبَةً فَاشْتَدَّ فَلَمْ يَزَلْ مَأْمُومًا حَتَّى مَاتَ وَجُرِحَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ جِرَاحَةً فِي ثَدْيِهِ وَجُرِحَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ حَتَّى ارْتَثَّ

وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ وَغَيْرُهُ عَنْ سُحْنُونٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ رَمَوْا فِي دَارِ عُثْمَانَ بِالنَّبْلِ فَقَتَلُوا رَجُلا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ عُثْمَانُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ دُلَّهُ إِلَيْهِمْ حَتَّى يَعْلَمُوا أَنَّهُمْ قَدْ قَتَلُوا نَفْسًا مُؤْمِنَةً فَسَبُّوا أَبَا هُرَيْرَة فَنزل وَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ طَابَ الضِّرَابُ فَأْذَنْ لَنَا فَقَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنَّمَا تُرَادُ نَفْسِي فَعَلامَ نَقْتُلُ النَّاسَ أَحْتَسِبُ بِنَفْسِي عَنِ النَّاسِ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِسْطَامٍ عَنْ غَيْلانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَبِيبَةَ الْمَكْفُوفُ مُصْعَبُ بْنُ سَعِيدٍ بِمِثْلِهِ

قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ عَنِ الْبَهِيِّ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَ قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلا مِنْ قُرَيْش من الْمُشْرِكِينَ صَبْرًا يَوْمَ بَدْرٍ ثُمَّ قَالَ لَا يُقْتَلُ بَعْدَ الْيَوْمِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ صَبْرًا إِلا رَجُلٌ قَتَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَاقْتُلُوهُ أَلا تَفْعَلُوا تُقْتَلُوا قَتْلَ الشَّاةِ

قَالَ وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوق قَالَ حَدثنِي عَارِم عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَجُلا يُقَالُ لَهُ جَهْجَاهُ مِنْ غِفَارٍ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ وَمَعَهُ عَصَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَأَخذهَا الْغِفَارِيّ فَكَسرهَا عل رُكْبَتَيْهِ فَوَقَعَتِ الأَكِلَةُ فِي رُكْبَتَيْهِ

وَحَدَّثَنَا يَحْيَى عَن أَبِيه عَنْ جَدِّهِ عَنْ سَعِيدِ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ عثمانا رَأَى رُؤْيَا قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي يَا عُثْمَانُ أَفْطِرْ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ فَأَصْبَحَ عُثْمَانُ صَائِمًا فَقُتِلَ مِنْ يَوْمِهِ

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَارِمٌ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ قَالَ لَمَّا أَنَاخُوا بِعُثْمَانَ يُرِيدُونَ قَتْلَهُ قَالَتِ امْرَأَتُهُ إِنْ تَقْتُلُوهُ أَوْ تَدَعُوهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ بِرَكْعَةٍ يَقْرَأُ فِيهَا الْقُرْآنَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَبَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ وفرات قَالُوا حَدثنَا زُهَيْر بن عباد قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ تَمَّامٍ الدِّمَشْقِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ وَصَّافِ بْنِ حِبَّانَ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ دَخَلْتُ جَنَّةَ عَدْنٍ وَأُعْطِيتُ تُفَّاحَةً فَلَمَّا وَقعت فِي يَدِي انْفَلَقَتْ عَنْ حَوْرَاءَ عَيْنَاءَ مَرْضِيَّةٍ كَأَنَّ أَشْفَارَ عَيْنَيْهَا مَقَادِمُ أَجْنِحَةِ النُّسُورِ فَقُلْتُ لِمَنْ أَنْتِ قَالَتْ لِلْخَلِيفَةِ الْمَقْتُولِ مِنْ بَعْدِكَ ظُلْمًا عُثْمَانَ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ سَعِيدِ بن جهمان عَنْ سَفِينَةَ قَالَ وَأَخْبَرَنَا أَسَدٌ عَنْ أَبِي هِلَال عَن الْحسن قَالَ عمل عُثْمَان اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ وَيُقَال اثْنَتَيْ عشرَة سنة إِلَّا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ اخْتُلِفَ فِي سِنِّ عُثْمَانَ فَقِيلَ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ تِسْعِينَ أَوْ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ فِيمَا ذُكِرَ لَنَا عَنْ أَبِي هِلالٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ وَقِيلَ كَانَ ابْنُ سِتٍّ وَثَمَانِينَ قَالَ أَبُو الْعَرَبِ قَالَ الْوَاقِدِيُّ قُتِلَ عُثْمَانُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَنَةً

قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

وَحَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ وَغَيْرُهُ عَنْ سُحْنُونٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ لِلَّذِين حَضَرُوا عُثْمَانَ حِينَ قُتِلَ مَا كَانَ قَوْلُهُ وَهُوَ مُتَشَحِّطٌ فِي دَمِهِ قَالُوا كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ اجْمَعْ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ اللَّهُمَّ اجْمَعْ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ قَالَ ابْنُ سَلام قَالَهَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ وَلَو دعى عَلَيْهِمْ أَلا يَجْتَمِعُوا أَبَدًا مَا اجْتَمَعُوا

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ قَالَ كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى عُثْمَانَ الْمُحَمَّدُونَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الأَنْصَارِيُّ وَكُلُّهُمْ قَدْ ذَاقَ مَا ذَاقَ عُثْمَانُ مِنَ الْقَتْلِ قُتِلَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بِمِصْرَ وَقُتِلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي وَقْعَةِ الْحَرَّةِ وَقُتِلَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ فِي الْحَرَّةِ أَيْضًا فِيمَا أَحسب حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ وَغَيْرُهُ عَنْ سُحْنُونٍ عَن ابْن وهب قَالَ وَأَخْبرنِي يحيي ابْن أَيُّوبَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِي قَيْسٍ قَالَ رَصَدَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَجُلٌ بِخِنْجَرٍ فَلَمَّا جَاءَ عُثْمَانُ لِيَدْخُلَ تَلَقَّاهُ الرَّجُلُ بِالْخِنْجَرِ لِيَضْرِبَهُ ثُمَّ إِنَّهُ دُهِشَ فَقَالَ عُثْمَانُ خُذُوا الرَّجُلَ وَلا يُقْتَلُ فَأُخِذَ ثُمَّ قَالَ مَا تَرَوْنَ فِيهِ قَالُوا اقْتُلْهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ أَنَقْتُلُهُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ وَلِمَ قَالُوا إِنَّهُ أَرَادَ قَتْلَكَ قَالَ وَأَرَادَ قَتْلِي وَلَمْ يُرِدِ اللَّهُ فَتَرَكَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ بِذَلِكَ وَقَالَ الرَّجُلُ ابْن ضَابِئٌ التَّمِيمِيُ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ فَقَتَلَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ ابْنَ ضَابِئٍ بَعْدَ ذَلِكَ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَمَعْبَدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ خَرَجَ غَازِيًا فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ مَعَ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ أَوِ ابْنِ أَبِي سَرْحٍ فَاسْتُشْهِدَ مَعْبَدٌ بِهَا رَحمَه الله

ذِكْرُ قَتْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَخْرُجُ إِلَى الصُّبْحِ وَفِي يَدِهِ دِرَّةٌ يُوقِظُ بِهَا النَّاسَ لِلصُّبْحِ فَخَرَجَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أُصِيبَ فِيهِ فَضَرَبَهُ ابْنُ مُلْجِمٍ فَأُخِذَ فَقَالَ عَلِيٌّ أَطْعِمُوهُ وَاسْقُوهُ وَأَحْسِنُوا إِسَارَهُ فَإِنْ صَحَحْتُ فَأَنَا ولي دمي أعفوا إِنْ شِئْتُ وَإِنْ شِئْتُ اسْتَقَدْتُ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ فِطْرٍ يَعْنِي ابْنَ خَلِيفَةَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ دَعَا عَلِيٌّ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ وَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجِمٍ فِيهِمْ فَرَدَّهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا ثُمَّ بَايَعَهُ ثُمَّ قَالَ أَمَا يُحْبَسُ أَشْقَاهَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُخَضَبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذَا وَأَشَارَ إِلَى لِحْيَتِهِ وَرَأْسِهِ

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بن مَخْلَدٍ الأَصْبَهَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَليّ ابْن هِشَامٍ عَنِ الْجَحَّافِ وَأَبِي حِبَّانَ عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ أَذِنَ عَلِيٌّ بِإِجْلاءِ () مِنَ السَّوَادِ إِلَى الْكُوفَةِ وَكَانَ ابْنُ عَمٍّ () لَهُ ضَيْعَةٌ بِالسَّوَادِ فَأَتَيْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ أَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِيهِ لِيُؤَجِّلَهُ أَيَّامًا حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ ضيعته فوعدني أَن أغدوا إِلَيْهِ فَغَدَوْتُ فَوَجَدْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ أُصِيبَ وَوَجَدْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ يُحَدِّثُهُمْ وَهُوَ يَقُولُ إِنَّ الْقَتْلَةَ كَانَتْ لَيْلَةَ بَدْرٍ وَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بَاتَ يُوقِظُ أَهْلَهُ لِلصَّلاةِ ثُمَّ لَمَّا كَانَ فِي السَّحَرِ خَفَقَ خَفْقَةً فَإِذَا هُوَ يُنَادِي يَا حُسَيْنُ يَا حُسَيْنُ فَقُلْتُ لَبَّيْكَ قَالَ إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّاعَةَ فَشَكَوْتُ إِلَيْهِ مَا لَقِيتُ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ فَقُلْتُ اللَّهُمَّ أَبْدِلْ لِي بِهِمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ لِي مِنْهُمْ وَأَبْدِلْ لَهُمْ مَنْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ مِنِّي قَالَ وَخَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ فَأُصِيبَ فَقَالَ الْحَسَنُ فَعَلَ اللَّهُ وَاللَّهِ بِهِ ذَلِكَ فَعَلَ اللَّهُ وَاللَّهِ بِهِ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ

حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الأَنْدَلُسِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي فَاطِمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي الأَصْبَغُ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أُصِيبَ فِيهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَتَاهُ ابْنُ التَّيَّاحِ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاةِ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ فَتَثَاقَلَ فَعَادَ إِلَيْهِ الثَّانِيَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ الثَّالِثَةَ فَقَامَ عَلِيٌّ يَمْشِي وَهُوَ يَقُولُ

(شدّ حياز يمك لِلْمَوْتِ ... فَإِنَّ الْمَوْتَ لاقِيكَا)

(وَلا تَجْزَعْ مِنَ الْمَوْتِ ... إِذَا حَلَّ بِوَادِيكَا)

قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وحَدثني هَارُون بن نجيع عَنْ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا ضَرَبَهُ ابْنُ مُلْجِمٍ قَالَ فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ الْهُذَلِيَّ يَسْأَلُ جَعْفَر كَمْ كَانَ لِعَلِيٍّ حِينَ هَلَكَ قَالَ قُتِلَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَمَاتَ لَهَا الْحَسَنُ وَقُتِلَ لَهَا الْحُسَيْنُ

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدثنَا الْحجَّاج ابْن نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا فِطْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ قَالَ لَمَّا دَعَا عَلِيٌّ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ أَتَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجِمٍ الْمُرَادِيُّ فَرَدَّهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا ثُمَّ قَالَ أَيْنَ أَشْقَاهَا أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُخَضَّبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذَا لِرَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ ثُمَّ قَالَ (خُذْ حَذَرَكَ لِلْمَوْتِ ... فَإِنَّ الْمَوْتَ آتِيكَا)

(وَلا تَجْزَعْ مِنَ الْقَتْلِ ... إِذَا حَلَّ بِوَادِيكَا)

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ يَعْنِي ابْنَ أُمَيَّةَ الدئلي قَالَ مَرِضَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مَرَضًا شَدِيدًا حَتَّى أَدْنَفَ وَخِفْنَا عَلَيْهِ ثُمَّ إِنَّهُ بَرَأَ فَقُلْنَا لَهُ هَنِيئًا لَكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي عَافَاكَ قَدْ كُنَّا خِفْنَا عَلَيْكَ قَالَ لَا وَلَكِنِّي لَمْ أَخَفْ عَلَى نَفْسِي أَخْبَرَنِي الصَّادِقُ الْمُصَدَّقُ أَنِّي لَا أَمُوتُ حَتَّى أُضْرَبَ عَلَى هَذَا وَأَشَارَ إِلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ الأَيْسَرِ فَتُخَضَّبَ هَذِهِ مِنْهَا بِدَمٍ وَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ وَقَالَ لِي يَقْتُلُكَ أَشْقَى هَذِهِ الأُمَّةِ كَمَا عَقَرَ نَاقَةَ اللَّهِ أَشْقَى بَنِي فُلانٍ مِنْ ثَمُودَ وَقَالَ نَسَبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى فَخِذِهِ الدَّنِيِّ دُونَ ثَمُودَ

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ أَسْلَمَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ عُبَيْدِ بْنِ مُحْسِنٍ أَنَّ عَلِيًّا ضُرِبَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنَ الْعَشْرِ الأُوَلِ مِنْ رَمَضَانَ

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَارِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا هِلالُ بْنُ يَسَافٍ عَنْ خَالِدٍ أَبِي حَفْصٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا قَبْلَ أَنْ يُصَابَ بِأَرْبَعٍ يَقُولُ إِنَّ الشَّقِيَّ آنَ لَهُ أَن يَجِيءُ فَيَضْرِبُ هَذِهِ جَبْهَتَهُ حَتَّى يُخَضِّبَ هَذِهِ بِدَمٍ لِحْيَتَهُ

قَالَ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ قُتِلَ عَلِيٌّ بِالْكُوفَةِ صَبِيحَة الْجُمُعَة لتسعة عشرَة لَيْلَة خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَدُفِنَ بِالْكُوفَةِ عِنْدَ مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ فِي قَصْرِ الإِمَارَةِ وَالَّذِي وَلِيَ قَتْلَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجِمٍ الْمُرَادِيُّ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ أُصِيبَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ غَدَاةَ الْجُمُعَةِ لِتِسْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَمَاتَ لَيْلَةَ الأَحَدِ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَتُوُفِّيَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَيُقَالُ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ وَرَأَيْتُ فِي خُطْبَةٍ لَهُ ابْتَدَأَهَا بِكَلامٍ ثُمَّ قَالَ لَقَدْ نَهَضْتُ فِي الْحَرْبِ وَمَا بلغت الْعشْرين وهأنذا قد أردفت عَلَى السِّتِّينَ

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ كَانَتْ خِلافَتُهُ خَمْسَ سِنِينَ إِلا ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ أَبْنَاءَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً وَقُتِلَ عُثْمَانُ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ أَوْصَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى ابْنِهِ الْحَسَنِ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أُوصِي بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ {بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} ثُمَّ {إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنا أول الْمُسلمين} وَإِنِّي أُوصِيكَ يَا حَسَنُ وَجَمِيعَ أَهْلِي وَوَلَدِي وَمَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي أَنْ تَتَّقُوا اللَّهَ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تفَرقُوا} فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ صَلاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلاةِ وَالصِّيَامِ فَإِنَّ الْمُبِيرَةَ الْحَالِقَةَ فَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ انْظُرُوا ذَوِي أَرْحَامِكُمْ فَصِلُوهُمْ يُهَوِّنِ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحِسَابَ وَوَاللَّه الله فِي الْأَيْتَام لَا تبغون أَفْوَاههم وَلَا يضيعن بحضرتكم وَوَاللَّه اللَّهَ فِي جِيرَانِكُمْ فَإِنَّهَا وَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا زَالَ يُوصِينَا بهم حَتَّى ظننا أَنه سيورثهم وَاللَّهَ اللَّهَ فِي الْقُرْآنِ لَا يَسْبِقَنَّ إِلَى الْعَمَل بِهِ غَيْركُمْ وَوَاللَّه الله فِي الصَّلَاة فَإِنَّهَا عَمُود دينكُمْ وَوَاللَّه اللَّهَ فِي بَيْتِ رَبِّكُمْ فَلَا يخلون مَا بَقِيتُمْ وَوَاللَّه اللَّهَ فِي رَمَضَانَ وَصِيَامِهِ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ لَكُمْ من النَّار وَوَاللَّه اللَّهَ فِي الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ وَاللَّهَ اللَّهَ فِي الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا تُطْفِئُ غَضَبَ رَبِّكُمْ وَاللَّهَ اللَّهَ فِي ذِمَّةِ نَبِيكُم لَا تظلم بَين أظْهركُم وَوَاللَّه اللَّهَ فِي أَصْحَابِ نَبِيِّكُمْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَوْصَى بِهِمْ وَوَاللَّه الله فِي الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين فأشركوهم فِي معايشكم وَوَاللَّه اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَإِنَّ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أُوصِيكُمْ بِالضَّعِيفَيْنِ الْيَتِيمِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَلا تَخَافُنَّ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ يَمْنَعُكُمْ مِمَّنْ أَرَادَكُمْ وَبَغَى عَلَيْكُمْ {وَقُولُوا للنَّاس حسنا} كَمَا أَمر الله تبَارك وَتَعَالَى وَلَا تَتْرُكُوا الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ فَيُوَلَّى الأَمْرَ شِرَارُكُمْ ثُمَّ تَدْعُونَ فَلا يُسْتَجَابُ لَكُمْ عَلَيْكُمْ بِالتَّوَاصِلِ وَالتَّبَاذُلِ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّقَاطُعَ وَالتَّدَابُرَ {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} حَفِظَكُمُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ وَحَفِظَ فِيكُمْ نَبِيَّكُمْ أَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ وَأَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ لَمْ يَنْطِقْ بِشَيْءٍ إِلا بِلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ حَتَّى قُضِيَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَرِضْوَانُهُ عَنْهُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ

وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ سُحْنُونٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ يَوْمًا وَأَخَذَ الْمُصْحَفَ وَعَلَّقَهُ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي سَأَلت مَا فِيهِ فَأَبَوا عَليّ فأعطيني مَا فِيهِ قَالَ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلا ثَلاثًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ يَعْنِي الْحِمْصِيَّ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيِّ قَالَ قَالَتْ أُمُّ الْهَيْثَمِ بِنْتُ عَوْثَانَ الْخَثْعَمِيَّةُ تَرْثِي عَلِيًّا رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ

(أَلا يَا عَيْنُ وَيْحَكِ أَسْعِدِينَا ... أَلا تبْكي أَمِير المؤمنينا)

(رزئنا خَيْرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطَايَا ... وَخيسهَا وَخَيْرَ النَّاصِرِينَا)

(وَمَنْ لَبِسَ النِّعَالَ وَمَنْ حَذَاهَا ... وَمَنْ يَقْرِي الثَّمَانِي وَالْمِئِينَا)

(وَكُلُّ مَنَاقِبِ الْخَيْرَاتِ فِيهِ ... وَحُبُّ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَا)

(وَكُنَّا قَبْلَ مَقْتَلِهِ بِخَيْرٍ ... يُقِيمُ شَرَائِعَ الإِسْلامِ فِينَا)

(يُقِيمُ الْخَيْرَ لَا يَرْتَابُ فِيهِ ... وَيَقْضِي بِالْفَرَائِضِ مُسْتَبِينَا)

(وَلَيْسَ بِكَاتِمٍ عِلْمًا لَدَيْهِ ... وَلَمْ يُخْلَقْ مِنَ الْمُتَحَزِّبِينَا)

(وَيَدْعُو لِلْجَمَاعَةِ مَنْ أَتَاهُ ... وَيَهْتِكُ قَطْعَ أَيْدِي السَّارِقِينَا) (وَغَرُّونَا بِأَنَّهُمُ عُكُوفٌ ... وَلَيْسَ كَذَاكَ فَعَلَ الْعَاكِفِينَا)

(أَفِي شَهْرِ الصِّيَامِ فَجَعْتُمُونَا ... بِخَيْرِ النَّاسِ طُرًّا أَجْمَعِينَا)

(أَلَمْ يَأْتُوهُ إِذْ هَرَبُوا جَمِيعًا ... وَكَانَ لِقَاؤُهُ حِصْنًا حَصِينَا)

(تُبَكِّي أُمُّ كُلْثُومٍ عَلَيْهِ ... بِعَبْرَتِهَا وَقَدْ رَأَتِ الْيَقِينَا)

(تَطُوفُ بِهِ لِحَاجَتِهَا إِلَيْهِ ... فَلَمَّا اسْتَيْأَسَتْ رَفَعَتْ رَنِينَا)

(فَلا تُشْمِتْ مُعَاوِيَةَ بْنَ صَخْرٍ ... فَإِنَّ بَقِيَّةَ الْخُلَفَاءِ فِينَا)

(وَقَدْ أَتَتِ الْمَقَادَةُ عَنْ تَرَاضٍ ... إِلَى ابْنِ نَبِيِّنَا وَإِلَى أَخِينَا)

(وَأَنْ يُعْطَى زِمَامُ الأَمْرِ قَوْمًا ... طَوَالَ الدَّهْرِ غَيْرُهُمُ الأَمِينَا)

(كَأَنَّ النَّاسَ إِذْ فَقَدُوا عَلِيًّا ... نعَامٌ فِي ظَلامٍ قَدْ غشينا)

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْدَانُ بْنُ أَيُّوبَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَنْمَارٌ يَعْنِي ابْنَ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَضَاءُ بْنُ الْجَارُودِ قَالَ حَدثنِي يحيى ابْن سَعِيدٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ ثَعْلَبَةَ الْجُمَانِيِّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْيَوْمَ الثَّانِي وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ مُغْمًى عَلَيْهِ وَأُمُّ كُلْثُومٍ تَبْكِيهِ فَأَفَاقَ وَقَالَ مَا هَذَا الصَّوْتُ قَالُوا أُمُّ كُلْثُومٍ تَبْكِيكَ قَالَ مَا يُبْكِيكِ يَا بُنَيَّةَ قَالَتْ مِمَّا أَرَى بِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ أَمَا إِنَّكِ لَوْ تَرِي مَا أَرَى مَا بَكَيْتِ هَذَا مَوْكِبُ مَلائِكَةِ السَّمَوَاتِ السَّبع تَأْتِي فَوْجًا فَوْجًا يُسَلِّمُونَ عَلَيَّ وَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَمَامَكَ خَيْرٌ لَكَ

وَحَدَّثَنِي فُرَاتُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ قُتِلَ عَلِيٌّ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَقُتِلَ حُسَيْن وَهُوَ ابْن ثَمَان وَخمسين وَمَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرِ بْنُ شُرَحْبِيلَ قَالَ قُتِلَ عَلِيٌّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِتِسْعَ عَشْرَةَ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعِينَ قَالَ وَزَادَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنِ الْحَكَمِ أَنَّ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ

وحَدثني مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْبَجَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّغْشِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ عَنِ الأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ لَمَّا أُصِيبَ عَلِيٌّ كُنَّا عِنْدَهُ لَيْلَةً فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ فَقَالَ مَا يُجْلِسُكُمْ قُلْنَا حُبُّكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ وَالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَالإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى وَالزَّبُورَ عَلَى دَاوُدَ وَالْفُرْقَانَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلا ذَلِكَ قُلْنَا نَعَمْ ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَأَفَاقَ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ وَقُلْنَا نَعَمْ فَقَالَ أَمَا وَالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ لِمُوسَى وَالإِنْجِيلَ لِعِيسَى وَالزَّبُورَ عَلَى دَاوُدَ وَالْفُرْقَانَ عَلَى مُحَمَّدٍ لَا يُحِبُّنِي عَبْدٌ إِلا رَأَى حَيْثُ يَسُرُّهُ وَلا يُبْغِضُنِي إِلا رَأَى حَيْثُ لَا يَسُرُّهُ ارْتَفِعُوا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيَّ أَنِّي أُضْرَبُ فِي تِسْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً تَمْضِي مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا مُوسَى وَأَمُوتُ فِي إِحْدَى وَعِشْرِينَ لَيْلَةً تَمْضِينَ مِنْهُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي رُفِعَ فِيهَا عِيسَى فَقَالَ الأَصْبَغُ فَمَاتَ وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلا هُوَ فِيهَا

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْغَافِرِ الأَنْدَلُسِيُّ وَحَدَّثَنِي زُهَيْر بن عباد الرواسبي عَن حَمَّاد بن عَمْرو عَن زَيْدِ بْنِ رُفَيْعٍ الزُّهْرِيِّ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِمَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يُصِيبُ بَعْدَهُ فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدْعُوَهُ فَيُخْبِرَهُ فَقَالَ جِبْرِيلُ لَا تَدْعُوهُ فَإِنَّهُ بَلاءٌ كُتِبَ عَلَيْهِ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَلِيٍّ يَا أَبَا الْحَسَنِ أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ أَنَّكَ مَقْتُولٌ فَأَرَدْتُ أَنْ أُرَاجِعَ رَبِّي فَأَبَى عَلَيَّ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن نصر حَدثنَا هرون بْنُ عَنْتَرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يُوقِظُ النَّاسَ لِصَلاةِ الْفَجْرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَمَعَهُ دِرَّتُهُ يُنَبِّهُ النَّاسَ بِهَا فَجَاءَهُ ابْنُ مُلْجِمٍ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى هَامَتِهِ فَقتله

ذِكْرُ قَتْلِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُغِيثٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَن حُصَيْن عَن عَمْرو بن جأوان قَالَ لَمَّا الْتَقَى الْفَرِيقَانِ يَوْمَ الْجَمَلِ كَانَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ أَوَّلَ قَتِيلٍ فَانْهَزَمُوا فَانْطَلَقَ الزُّبَيْرُ عَلَى فَرَسٍ يُدْعَى ذُو الْخِمَارِ حَتَّى أَتَى سفوان فَتَلقاهُ النعر الْمُجَاشِعِيُّ فَقَالَ يَا حَوَارِيَّ رَسُولِ اللَّهِ أَيْنَ تَذْهَبُ تَعَالَ فَأَنْتَ فِي ذِمَّتِي وَجَاءَ يَسِيرُ مَعَ النّغرِ قَالَ وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ التَّمِيمِيِّ فَقَالَ لَقَدْ لَقِيَ الزُّبَيْرَ بِسَفْوَانَ قَالَ فَمَا تَأْمَنُ إِنْ كَانَ جَاءَ فَحَمَلَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى ضَرَبَ بَعْضُهُمْ حَوَاجِبَ بَعْضٍ بِالسُّيُوفِ قَالَ إِذَنْ يَلْحَقُ بِنِيَّتِهِ فَسَمِعَهُ عُمَيْرُ بْنُ جُرْمُوزٍ وَفَضَالَةُ بْنُ حَابِسٍ وَرَجُلٌ يُقَالُ لَهُ رُفَيْعٌ فَانْطَلَقُوا حَتَّى لَقَوْهُ مُقْبِلا مَعَ النّغرِ وَهُوَ فِي طَلَبِهِ فَأَتَاهُ عُمَيْرٌ مِنْ خَلْفِهِ فَطَعَنَهُ طَعْنَةً خَفِيفَةً فَحَمَلَ عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ فَلَمَّا اسْتَلْحَقَهُ وَظَنَّ أَنَّهُ قَاتِلُهُ قَالَ يَا فَضَالَةُ يَا رُفَيْعُ فَحَمَلُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ

وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَسَدٍ عَنْ زِيَادٍ عَنْ عَوَانَةَ قَالَ أَمَّا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَرَمَاهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ وَرَجَعَ الزُّبَيْرُ إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى بَلَغَ وَادِي السِّبَاعِ قَالَ وَلَمَّا رَأَى الزُّبَيْرُ ابْنَ جُرْمُوزٍ حَمَلَ عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ جُرْمُوزٍ اللَّهَ اللَّهَ يَا زُبَيْرُ فَكَفَّ عَنْهُ ثُمَّ تَغَفَّلَهُ ابْنُ جُرْمُوزٍ فَقَتَلَهُ بِالْبَصْرَةِ وَأَخَذَ سَيْفَهُ وَجَاءَ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ أَنَا رَسُولُ الأَحْنَفِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ أَنَا قَاتِلُ الزُّبَيْرِ فَأَخَذَ عَلِيٌّ السَّيْفَ فَقَالَ سَيْفٌ وَاللَّهِ طَالَمَا جَلى بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنِ الْحِينَ وَمَصَارِع السُّوءِ

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَالَ عَلِيٌّ لَوْ كَانَ الزُّبَيْرُ عَلَى بَصِيرَةٍ مَا وَلَّى أَبَدًا وَإِنْ كَانَ لَهُوَ الشُّجَاعُ

قَالَ وَبَلَغَنِي أَنَّ عَاتِكَةَ بِنْتَ زيد بن عَمْرو وَكَانَت عِنْد عبد الرَّحْمَن بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَخَلَفَ عَلَيْهَا بَعْدَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ فَقُتِلَ عَنْهَا فَقَالَتْ (غَدَرَ ابْنُ جُرْمُوزٍ بِفَارِسِ نَجْدَةٍ ... يَوْمَ اللِّقَاءِ وَكَانَ غَيْرَ مُعَرِّدِ)

(وَاللَّهِ لَوْ نَبَّهْتَهُ لَوَجَدْتَهُ ... لَا طَائِشًا رَعشَ اللِّسَانِ وَلا الْيَدِ)

(شُلَّتْ يَمِينُكَ إِنْ قَتَلْتَ مُبَارَكًا ... حَلَّتْ عَلَيْكَ عُقُوبَةُ الْمُتَعَمِّدِ)

وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَحَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ مَوَالِي بَنِي تَمِيمٍ أَنَّ عَاتِكَةَ امْرَأَةَ عُمَرَ قَالَتْ فَذَكَرَ هَذِهِ الأَبْيَاتَ

قَالَ وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ قَالَ كُنْتُ بِبَابِ عَلِيٍّ فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ فَقَالَ اسْتَأْذِنْ لِعُمَيْرِ بْنِ جُرْمُوزٍ الْبَصْرِيِّ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ ثُمَّ قَالَ اسْتَأْذِنْ لِعُمَيْرِ بْنِ جُرْمُوزٍ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَقَالَ الثَّالِثَةَ اسْتَأْذِنْ لابْنِ جُرْمُوزٍ قَاتِلِ الزُّبَيْرِ فَفَتَحَ الْبَابَ فَإِذَا عَلِيٌّ جَالِسٌ فَقَالَ وَأَنَا أَسْمَعُ وَصَاحِبِي مَعِي لَيَلِجُ قَاتِلُ ابْنِ صَفِيَّةَ النَّارَ رَافِعًا بِهَا صَوْتَهُ ثَلاثًا ثُمَّ أَغْلَقَ الْبَابَ

قَالَ زِيَادٌ وَحَدَّثَنِي مَنْصُورٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ اسْتَأْذَنَ ابْنُ جُرْمُوزٍ عَلَى عَلِيٍّ فَأَذِنَ لِلنَّاسِ قَبْلَهُ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ فَقَالَ أَتَأْذَنُ لِفُلانٍ وَفُلانٍ وَتَدَعُ أَهْلَ الْبَلاءِ قَالَ قَالَ اسْكتْ بِفِيكَ التُّرَابُ وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} الْآيَة وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الأَنْدَلُسِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا قَالَ وَأَخْبَرَنِي أَبُو زَيْدٍ النُّمَيْرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ الْكِنْدِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ السُّلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لما انْصَرف الزبير يَوْم الْجمل إنصرف وَهُوَ يَقُولُ

(وَلَقَدْ عَلِمْتُ لَوْ أَنَّ عِلْمِي نافعي ... أَنَّ الْحَيَاةَ مِنَ الْوَفَاةِ قَرِيبُ)

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ أَبِي مُوسَى أَوْ أُمِّ مُوسَى شَكَّ أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَيْرَ بْنَ جُرْمُوزٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى عَلِيٍّ فَقَالَ لَيَدْخُلُ قَاتِلُ الزُّبَيْرِ النَّارَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِكُلِّ نَبِيٍّ حوارِي وَحَوَارِيي الزُّبَيْرُ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ قَالَ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ الطَّالْقَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ اسْتَأْذَنَ ابْنُ جُرْمُوزٍ الَّذِي قَتَلَ الزُّبَيْرَ أَوِ اشْتَرَكَ فِي قَتْلِهِ عَلَى عَلِيٍّ فَرَأَى فِي الإِذْنِ جَفْوَةً فَلَمَّا أُدْخِلَ قَالَ أَمَّا فُلانٌ وَفُلانٌ فَتَأْذَنُ لَهُمْ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ زِيَادٍ عَنْ مَنْصُورٍ

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ وَحَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ شَيْخٌ مِنْ وَلَدِ الْمُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ قَالَ الزُّبَيْرُ مَا مِنِّي عُضْوٌ إِلَّا وَقد تَكَلَّمَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا حَتَّى فَرْجُكَ قَالَ نَعَمْ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ عِنْدَ الْمَوْتِ

(أَرَى الْمَوْتَ أَعْدَادَ النُّفُوسِ وَلا أَرَى ... بَعِيدًا غَدًا مَا أَقْرَبُ الْيَوْمِ مِنْ غَدِ)

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ أَخُو يَحْيَى بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ قَالَ الزُّبَيْرُ يُكَنَّى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ وَهُوَ مُنْصَرِفٌ فِي جُمَادَى الأُولَى وَيُقَالُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ

قَالَ وَأَخْبَرَنِي أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ وَلَّى الزُّبَيْرُ يَوْمَ الْجَمَلِ وَأَدْرَكَهُ ابْنُ جُرْمُوزٍ وَرَجُلٌ مِنْ تَمِيمٍ فَقَتَلَهُ وَقُتِلَ الزُّبَيْرُ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ فِيمَا ذَكَرَ أَبُو أُسَامَةَ

عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ

قَالَ أَخْبَرَنَا أَصْبَغُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ رُمِيَ طَلْحَةُ وَهُوَ مُعْتَدِلٌ فِي بَعْضِ الصُّفُوفِ بِسَهْمٍ غَرْبٍ فَقُطِعَ مِنْ رِجْلِهِ عِرْقُ النَّسَا فَنَشَجَ حَتَّى نُزِفَ فَمَاتَ وَيُقَالُ إِنَّهُ كَانَ يَوْمَ قُتِلَ ابْنَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ عَنِ ابْنِ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْخٌ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلْحَةُ شَهِيدٌ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ

وَحَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ الَّتِي وَقَى بِهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شُلَّتْ

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ قُتِلَ طَلْحَةُ يَوْمَ الْجَمَلِ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَقَبْرُهُ بِالْبَصْرَةِ وَقُتِلَ مَعَهُ مُحَمَّدٌ ابْنُهُ وَطَلْحَةُ يَوْمَئِذٍ ابْنُ اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ سنة وَيُقَال ابْن أَربع وَسِتِّينَ

وحَدثني مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ وَحَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ سُحْنُونٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ رُمِيَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بِسَهْمٍ فَقطع لطاه فِي ظَهْرِهِ فَقَالَ لِمَوْلًى لَهُ وَيْلَكَ اجْعَلنِي على هَذِه البغلة فإيت بِي هَذِهِ الدُّورَ حَتَّى أَمُوتَ فِيهَا قَالَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَيْنَ أَذْهَبُ بِكَ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى حَمَلَهُ وَرَدَفَهُ وَأَسْنَدَهُ إِلَى صَدْرِه وَهُوَ يَقُولُ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ لِمَضْيَعَةِ دَمِ شَيْخٍ كَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا مَرَّتَيْنِ فَأَتَى بِهِ دَارَ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ فَمَاتَ فِيهَا فَكَانَ الْحَسَنُ إِذَا ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ لَقَدْ كُنْتَ فِي أَمَانٍ مِنَ اللَّهِ وَاسِعٍ عَلَيْكَ فَمَا جَاءَ بِكَ

وَيُقَالُ إِنَّ الَّذِي رَمَاهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ لَمَّا رَأَى الْهَزِيمَةَ قَالَ لَا أَطْلُبُ أَثَرًا بَعْدَ عَيْنٍ لَا أَطْلُبُ ثَأْرِي بَعْدَ الْيَوْمِ وَأَشْعَرَهُ سَهْمًا

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِسْطَامٍ وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ بن مُسلم عَن أبي جدول الْغَازِي قَالَ شَهِدْتُ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ حِينَ تَوَافَيَا قَالَ فَقَالَ عَلِيٌّ لِلزُّبَيْرِ نَشَدْتُكَ اللَّهَ يَا زُبَيْرُ هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّكَ لَتُقَاتِلَنِّي ظَالِمًا لِي قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ وَمَا ذَكَرْتُ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْقِفِي هَذَا ثُمَّ وَلَّى مُنْصَرِفًا

وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ وَغَيْرُهُ عَنْ سُحْنُونٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِي الْحَارِثُ بْنُ تَيِّهَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْحَارِثِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ ابْنُ طَلْحَةَ فَأَذِنَ لَهُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا وَوَالِدُكَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إخْوَانًا على سرر مُتَقَابلين} قَالَ الْحَارِثُ اللَّهُ أَعْدَلُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ فَمَنْ هُمْ لَا أم لَك فَأمر بِهِ فوجيء فِي عُنُقِهِ فَأُخْرِجَ

وَحَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الصَّلْتِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ صَهْبَانَ وَعَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ أَنَّهُمَا سَمِعَا الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ يَقُولُ لَقَدْ تَلَوت هَذِهِ الآيَةُ {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة} زَمَانًا مَا أُحَدِّثُ نَفْسِي أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهلهَا فَإِذا نَحن المعنون بهَا

قَالَ يَحْيَى بْنُ سَلامٍ بَلَغَنِي عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة} فِي عَلِيٍّ وَعَمَّارٍ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ الَّذِينَ اقْتَتَلُوا يَوْمَ الْجَمَلِ

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْفُرَاتِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى صَاحِبُنَا الرَّازِيُّ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْهَيْثَمِ الْوَاسِطِيِّ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ أَسْلَمَ أَبِي وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ وَكَانَ عَمُّ الزُّبَيْرِ قَدْ أَخَذَهُ فَجَعَلَهُ فِي حُفْرَة قد حفرت لبَعض حَاجَة الْإِنْسَان فيوقد فِيهَا النَّارُ وَيُعَلِّقُهُ فِي دُخَانِهَا فَيَأْبَى الزُّبَيْرُ إِلَّا الأسلام وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ حُذَيْفَةَ كَانَ يَقُول كَيفَ أَنْتُم بقادة تنجوا وَتَهْلِكُ أَتْبَاعُهَا

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الصَّلْتِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ مثله قَالَ وَقَالَ تنجوا الْقَادَةُ بِمَا سَبَقَ لَهَا وَتَهْلِكُ الأَتْبَاعُ بِمَا أَحْدَثُوا

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ سِيَابَةَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ سَابِقُنَا سَابِقٌ وَمُقْتَصِدُنَا نَاجٍ وَظَالِمُنَا مَغْفُورٌ لَهُ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ وَفِي قَتْلِ الزُّبَيْرِ يَقُولُ جَرِيرٌ لِقَاتِلِهِ

(قَالَتْ قُرَيْشٌ مَا أَذَلَّ مُجَاشِعًا ... جَارًا وَأَكْرَمَ ذَا الْقَتِيلِ قَتِيلا)

(قُتِلَ الزُّبَيْرُ وَأَنْتُمْ جِيرَانُهُ ... تَعْسًا لِمَنْ قَتَلَ الزُّبَيْرَ طَوِيلا)

(لَو كنت حرا يَا ابْن قَيْنِ مُجَاشِعٍ ... شَيَّعْتَ ضَيْفَكَ فَرْسَخًا أَوْ مِيلا)

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِلزُّبَيْرِ أَقْتُلُ عَلِيًّا قَالَ كَيْفَ تَقْتُلُهُ قَالَ أُخْبِرُهُ أَنِّي مِنْهُ ثُمَّ أَقْتُلُهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْتُلُهُ مُؤْمِنٌ وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أُسَامَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَسْلَمَ الزُّبَيْرُ وَهُوَ ابْنُ سِتَّة عشر سَنَةً وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ غَزْوَةٍ غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ وَقُتِلَ وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنِي حُجَيْرُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ مَعْرُوفٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوام فِي سنّ وَاحِد

وحَدثني مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الدَّغْشِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ يَوْمَ الْجَمَلِ أَيْنَ الزُّبَيْرُ فَجَعَلْتُ أَتَخَلَّلُ الدَّوَابَّ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِمَا قَدِ اخْتَلَفَتْ أَعْنَاقُ دَابَّتَيْهِمَا وَعَلِيٌّ يَقُولُ لَهُ أَتَذْكُرُ أَتَذْكُرُ فَانْصَرَفَ الزُّبَيْرُ رَاجِعًا فَقَالَ طَلْحَةُ مَا شَأْنُهُ فَأَخْبَرُوهُ فَرَكِبَ يُشَيِّعُهُ فَرَمَاهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَقَتَلَهُ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ وَحَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَحَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ كُنْتُ بِوَاسِطَ الْقصبِ عِنْدَ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ فَقَالَ الآذِنُ هَذَا أَبُو الْعَالِيَةِ عَادِيَةُ الْجُهَنِيُّ فَقَالَ عَبْد الأَعْلَى أَدْخِلُوهُ فَدَخَلَ وَعَلَيْهِ مُقَطَّعَاتٌ فَإِذَا رَجُلٌ ضُرِبَ كَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ فَلَمَّا قَعَدَ قَالَ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ بِيَمِينِكَ قَالَ نَعَمْ خَطَبَنَا يَوْمَ الْجُمُعَة فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس أَلا إِن دمائكم وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا هَلْ بَلَّغْتُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثُمَّ قَالَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ

قَالَ وَكُنَّا نَعُدُّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ جَبَانًا قَالَ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَفِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ فَإِذَا هُوَ يَقُولُ إِنَّ نَعْثَلا هَذَا لَوْ وجدت عَلَيْهِ أعوانا لوطئته حَتَّى أَقْتُلَهُ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ أَقْبَلَ يَمْشِي أَوَّلَ الْكَتِيبَةِ رَاجِلا حَتَّى كَانَ بَيْنَ صفّين طعنه رَجُلٌ فِي رُكْبَتِهِ بِالرُّمْحِ فَانْكَفَأَ الْمِغْفَرُ عَنْهُ فأضر بِهِ فَإِذا رَأس عمار () يَقُول لمولي لَهُ أول لِي كَفَنًا قَالَ الرَّاوِي فَلَمْ أَرَ أَشَدَّ ضَلالا مِنْهُ إِنَّهُ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا سَمِعَ ثُمَّ قَتَلَ عَمَّارًا

وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَنْجَرَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ كُنْتُ بِوَاسِطَ الْقصبِ عِنْدَ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ نَحْوًا مِنْهُ وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ الْكَلِمَةَ وَيُبْدِلُهَا

وَحُدِّثَ عَنْ أَسَدِ بْنِ الْفُرَاتِ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَسْلَمَ قَالَ شَهِدْنَا صِفِّينَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فَوَاللَّهِ إِنَّ النَّاسَ لَفِي سُكْنَاهُمْ وَمَنَازِلِهِمْ الرَّجُلُ يُصْلِحُ سَرْجَهُ وَالرَّجُلُ يُعْلِفُ دَابَّتَهُ قَالَ فَوَاللَّهِ مَا رَاعَنَا إِلا عَمَّارٌ يَصْرُخُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ رَائِحٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الظَّمْآنُ يَرِدُ الْمَاءَ الْجَنَّةُ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ وَأَطْرَافِ العوالي فَأخذ النَّاس فِي السِّلَاح والتهيئ وَالرُّكُوبِ قَالَ ثُمَّ الْتَقَيْنَا حَتَّى صَارَتِ الشَّمْسُ على رؤوسنا فَتَنَازَعْنَا حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ فَقُتِلَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَأَبُو جَهْمٍ وَحُذَيْفَةُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ وَأَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ

وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَنْجَرَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ وَحَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَعْدٍ قَالَ كُنْتُ وَاقِفٍا إِلَى جَنْبِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ التَّمِيمِيِّ بِصِفِّينَ وَالأَحْنَفُ إِلَى جَنْبِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ فَقَالَ عَمَّارٌ حَدَّثَنِي خَلِيلِي أَنَّ آخِرَ زَادِكَ مِنَ الدُّنْيَا ضَيْحَةٌ من لبن قَالَ فَبَيْنَمَا نَحْنُ وُقُوفٌ إِذْ سَطَعَ الْغُبَارُ قَالَ فَجَاءَ أَهْلُ الشَّامِ وَقَامَ السُّقَاةُ يَسْقُونَ النَّاسَ فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ مَعَهَا قَدَحٌ فَنَاوَلَتْهُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ فَشَرِبَ وَأَعْطَى فَضْلَتَهُ الأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ فَشَرِبَهُ الأَحْنَفُ وَنَاوَلَنِي فَضْلَتَهُ فَإِذَا هُوَ لَبَنٌ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ الْجَنَّةُ تَحْتَ الأَسِنَّةِ الْيَوْمَ أَلْقَى الأَحِبَّةَ مُحَمَّدًا وَحِزْبَهُ قَالَ فَحَمَلَ فَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ

قَالَ وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ عَنِ ابْنِ سَنْجَرَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي طَارِقٍ قَالَ وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي أُمُّ عَمَّارٍ حَاضِنَةُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَتِ اشْتَكَى عَمَّارٌ شَكْوَى فَقَالَ لَا وَاللَّهِ لَا أَمُوتُ مَنْ مَرَضِي هَذَا حَدَّثَنِي حَبِيبِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي لَا أَمُوتُ إِلا قَتِيلا وَإِنِّي أُقْتَلُ بَين صِفِّينَ تَقْتُلُنِي الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ مِنْهَا

وَحَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ الْكَرَابِيسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْخٌ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ سَنْجَرَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عمر الحوضي عَن ابْن الْمَاجِشُونِ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَنْ مَوْلاةٍ لِعَمَّارٍ قَالَتِ اشْتَكَى عَمَّارٌ شَكْوَى فَغُشِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ وَنَحْنُ نَبْكِي حَوْلَهُ فَقَالَ مَا يُبْكِيكُمْ أَتَحْسَبُونَ أَنِّي أَمُوتُ عَلَى فِرَاشِي أَخْبَرَنِي حَبِيبِي أَنَّهُ تَقْتُلُنِي الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ وَأَنَّ آخِرَ زَادِي مَذْقَةٌ مِنْ لَبَنٍ وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الْبَغْدَادِيُّ عَنِ الْقَوَارِيرِيِّ حَدَّثَنَا حَمَّاد بن زيد وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْمَاجِشُونُ مِثْلَهُ

قَالَ أَسَدُ بْنُ الْفُرَاتِ عَنْ زِيَادٍ عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ مِنْ صِفِّينَ جَاءَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَأَنْهَضَ النَّاسَ وَنَهَضَ فِي كَتِيبَتِهِ وَنَهَضَ إِلَيْهِ ذُو الْكَلاعِ فَاقْتَتَلا فَقُتِلَ ذُو الْكَلاعِ وَقُتِلَ عَمَّارٌ وانتدب الْكَتِيبَتَانِ ثُمَّ الْتَقَى هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ مَعَ حَوْشَب ذِي ظليم فَقتل هَاشم وَقتل ذِي ظليمٍ وَنَهَضَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ وَهُوَ صَاحِبُ عَلِيٍّ وَنَهَضَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَقتل عبيد اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقُتِلَ عمار وَأَبُو الْهَيْثَم بن التيهَان عِنْدَ سُرَادِقِ مُعَاوِيَةَ

قَالَ الْوَاقِدِيُّ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ مِنْ عَنْسَ حَلِيفُ بَنِي مَخْزُومٍ وَيُكَنَّى أَبَا الْيَقْظَانِ قُتِلَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ وَدُفِنَ بِصِفِّينَ قَالَ وَكَانَ الْتَقَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِكَتِيبَتِهِ

وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ وَحَدَّثَنَا ابْنُ سَنْجَرَ وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ وَحَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ رَأَيْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَوْمَ صِفِّينَ شَيْخًا آدَمَ طَوِيلا وَالْحَرْبَةُ بِيَدِهِ وَأَنَّ يَدَهُ تُرْعَدُ

وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ سَنْجَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ عَلَى قَبْرِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ فَقَالَ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ لَمَّا قُتِلَ عَمَّارٌ دَخَلَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ فُسْطَاطَهُ فَطَرَحَ سلاحه وَشن عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قتل رَحمَه الله

تمّ الْجُزْء الأول بِحَمْد الله وعونه وإحسانه

أول الثَّانِي

ذكر قَتْلَى يَوْم الْجمل الْجُزْءُ الثَّانِي


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ[عدل]

ذِكْرُ قَتْلَى يَوْمِ الْجَمَلِ[عدل]

حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ تَمِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ التَّمِيمِي قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ اللَّيْثِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ ابْنُ هَارُونَ عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا مَيْسَرَةَ عَمْرَو بْنَ شُرَحْبِيلَ وَكَانَ مِنْ أَفَاضِلِ عِبَادِ اللَّهِ قَالَ رَأَيْتُ كَأَنِّي أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ فِيهَا قِبَابًا مَضْرُوبَةً فَقُلْتُ لِمَنْ هَذِهِ الْقِبَابُ فَقِيلَ لِذِي الْكَلاعِ وَحَوْشَبٍ وَكَانَا مِمَّنْ قُتِلَ مَعَ مُعَاوِيَةَ فَقُلْتُ وَأَيْنَ عَمَّارٌ وَأَصْحَابُهُ قَالُوا مَاتُوا قُلْتُ وَكَيْفَ وَقَدْ قَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَقِيلَ إِنَّهُمْ لَقُوهُ فَوَجَدُوهُ وَاسِعَ الْمَغْفِرَةِ قُلْتُ فَمَا فَعَلَ أَهْلُ النَّهْرَوَانِ قَالَ لَقُوا بَرَاحًا

وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَسَدِ بْنِ الْفُرَاتِ عَنْ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ قُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ مِنَ النَّاسِ مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ عبد شمس عبد الرَّحْمَن بن عتاب ابْن أسيد وَمن بني حبيب بن عبد شمس عبد الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كرير وَمن بني عبد الْعُزَّى بن عبد شمس عَليّ بن عدي بْنُ مُحْرِزِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عبد الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحْرِزِ بن حَارِثَة بن ربيعَة بن عبد الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَلِيدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ وَمِنْ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ مُسْلِمُ بْنُ قَرَظَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نَوْفَلٍ وَمِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَعبد الله ابْن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ وَمِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسَافِعِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَمِنْ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلابٍ الأَسْوَدُ بْنُ عَوْفٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَس بن شريق وَمَعْبَدُ بْنُ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو وَمِنْ بَنِي مَخْزُومٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْوَلِيدِ وَمَعْبَدُ بْنُ زُهَيْر بن أبي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَمِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَعُثْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَمِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ سُلَيْمَانُ بْنُ مُطِيعِ بْنِ الْأسود بن حَارِثَة بن نصلة وَالْمِقْدَادُ بْنُ مُطِيعٍ وَمِنْ بَنِي جُمَحَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَهْبِ بْنِ أسيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ وَهْبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْن زَمْعَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ رِيَاحٍ حَلِيفٌ لَهُمْ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَانِئٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ مَوْلَى الْحَارِثِ بْنِ حَاطِبٍ وَهَبَّارُ بْنُ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ وَمُسْلِمُ بْنُ حَسَّانٍ وَعَامِرُ بْنُ خُرَيْمِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ سَعْدِ بن جمح وَتَمِيم ابْن صَلْتٍ حَلِيفٌ لَهُمْ وَمِنْ بَنِي سَهْمٍ حَسَّانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ فَرْوَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْمٍ وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بن لؤَي عَمْرو بن حمير وَعبد الرَّحْمَن بن حمير بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسِ بْنِ عَبْدِ وُدٍّ وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَأَبُو السَّائِبِ مَوْلًى لَهُمْ وَمِنْ بَنِي عَلِيِّ بْنِ مَعِيصٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعِ بْنِ أَنَسِ بْنِ عَبْدِ وَهْبِ بْنِ جَابِرِ بْنِ الصَّلْتِ وَمِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ إِسْرَائِيلُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ وَمِنْ بَنِي مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ عَلِيُّ بْنُ مُضَرِّسٍ وَحَكِيمُ بْنُ مُضَرِّسِ بْنِ حَبِيسِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَبِيبِ بْنِ سُفْيَانَ بن محَارب وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ شَرِيكِ عَن مُحَمَّد ابْن إِسْحَاقَ قَالَ مَرَّ عَلِيٌّ يَوْمَ الْبَصْرَةِ عَلَى الْجَرْحَى وَهُمْ يَئِنُّونَ فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُمْ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ اسْمَعْ مَا يَقُولُ قَالَ اسْكُتْ لَا يَزِيدُكَ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي الْعَنْبَسِ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ سُئِلَ عَلِيٌّ عَنْ أَصْحَابِ الْبَصْرَةِ أَمُشْرِكُونَ هُمْ قَالَ مِنَ الشِّرْكِ فَرُّوا قِيلَ مُنَافِقُونَ هُمْ قَالَ الْمُنَافِقُونَ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلا قِيلَ فَمَا هُمْ قَالَ إِخْوَانُنَا بَغُوا فَنَحْنُ نُقَاتِلُهُمْ عَلَى بَغْيِهِمْ

وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدثنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ سُئِلَ عَلِيٌّ عَنْ قَتْلاهُ وَقَتْلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ يُجَاءُ بِي وَمُعَاوِيَةُ فَأُخَاصِمُهُ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ فَأَيُّنَا فَلَجَ فَلَجَ أَصْحَابَهُ

وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ أَنا أول من يجثوا للخصومة بَين يَدي الله

قَالَ بكر وَحدثنَا أَبُو الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ عَنِ الْمُعَمَّرِ عَنِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ عَلِيٍّ مثله وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَسَدٍ عَنْ زِيَادِ عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ وَقُتِلَ مِنْ صَحَابَةِ عَلِيٍّ يَوْمَ الْجَمَلِ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ وَسَيْحَانُ بْنُ صُوحَانَ وَهِنْدٌ الْجَمَلِيُّ وَهُوَ هِنْدُ بْنُ عَمْرٍو وَعِلْبَاءُ بْنُ الْهَيْثَمِ السَّدُوسِيُّ وَثَلاثَةٌ مِنْ بَنِي مَحْدُوجٍ

وَقَالَ عَوَانَةُ وَكَتَبَ عَلِيٌّ إِلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ سَلامٌ عَلَيْكَ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا الْتَقَيْنَا يَوْمًا كَذَا فَأَعْطَاهُمُ اللَّهُ سُنَّةَ الظَّالِمِ وَقُتِلَ مِنَّا بَنُو مَحْدُوجٍ الثَّلاثَةُ وَابْنَا صُوحَانَ وَعِلْبَاءُ وَهِنْدٌ الْجَمَلِيُّ وَثُمَامَةُ بْنُ الْمُثَنَّى فِيمَنْ لَا أَعُدُّ وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ

وَقَالَ أَسَدٌ عَن زِيَاد عَن عوَانَة وَعَن مجَالد عَن عَامِرٍ أَنَّ جُنْدَبَ بْنَ زُهَيْرٍ الأَزْدِيَّ قُتِلَ يَوْمَ صِفِّينَ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ جُنْدَبُ الْخَيْر وَقَالَ عَوَانَةُ زَعَمُوا أَنَّ الأَشْتَرَ قَتَلَ عَبْدَ الرَّحْمَن بن عتاب بن أسيد فَوقف عَلَيْهِ عَليّ بن أبي طَالب وَهُوَ قَتِيلٌ فِي ثَمَانِينَ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ عَليّ لعبد الرَّحْمَن بن عتاب هَذَا يعسوب قُرَيْش جدعت أنفي وشقيت نَفْسِي فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ ابْنُهُ إِنْ كُنْتَ عَنْ هَذَا لَغَنِيًّا قَالَ مَا لِي وَلَكَ يَا حَسَنُ

وَحُدِّثْتُ عَنْ زِيَادٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاق قَالَ مَرَّ عَلِيٌّ أَيْضًا بِمُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ قَتِيلا فَقِيلَ لَهُ هَذَا مُحَمَّدٌ قَتِيلا قَالَ السَّجَّادُ وَكَانَ أَطْوَلَ النَّاسِ سُجُودًا فَتَمَثَّلَ عَلِيٌّ بِهَذَا الْبَيْتِ

(نُفَلِّقُ هَامًا مِنْ رِجَالٍ أَعِزَّةٍ ... عَلَيْنَا وَهُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَأَظْلَمَا)

قَالَ زِيَادٌ قَالَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ بَلَغَنِي أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ طَلْحَةَ السَّجَّادَ قَالَ لِعَائِشَةَ مَا تَرَيْنَ يَا أُمَّاهُ قَالَتْ أَرَى أَنْ تَكُونَ كَخَيْرِ بَنِي آدم قَالَ وَشَرَعَ إِلَيْهِ رَجُلٌ بِالرُّمْحِ يُقَالُ لَهُ مُكَعْبَرٌ الأَسَدِيُّ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ اذْكُرْ حم فَقَتَلَهُ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَمَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ يُقَالُ لَهُ مُكَعْبَرٌ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَتَلَهُ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ

(وَأَشْعَثُ قَوَّامٌ بِآيَاتِ رَبِّهِ ... قَلِيلُ الأَذَى فِيمَا تَرَى الْعَيْنُ مُسْلِمُ)

(شَكَكْتُ بِصَدْرِ الرُّمْحِ جَيْبَ قَمِيصِهِ ... فَمَالَ صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ)

(عل غَيْرِ شَيْءٍ غَيْرَ أَنْ لَيْسَ تَابِعًا ... عَلِيًّا وَمَنْ لَا يَتَّبِعِ الْحَقَّ يُحْطَمِ)

(يُذَكِّرُنِي حَامِيمَ وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ ... فَهَلا تَلا حَامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ)

قَالَ وَقُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنْقِذٍ التَّمِيمِيُّ وَقُتِلَ هِلالُ بْنُ وَكِيعٍ التَّمِيمِيُّ وَكَانَ مَعَ عَائِشَةَ وَابْنُ مُنْقِذٍ مَعَ عَلِيٍّ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ التَّمِيمِيُّ فَأَمَّا كَعْبُ بْنُ سُورٍ فَإِنَّ أَحْمَدَ بْنَ مُعَتِّبٍ حَدَّثَنِي عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْكُوفِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنِ عَن عَمْرِو بْنِ جَأْوَانَ قَالَ رَأَيْتُ كَعْبَ بْنَ سُورٍ مَعَهُ الْمُصْحَفُ يَنْشُرُهُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ يَنْشُدُهُمُ اللَّهَ وَالإِسْلامَ حَتَّى قُتِلَ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ رَجُلا قَالَ لأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَحِمَهُ اللَّهُ رَأَيْتُنِي رَاكِبًا فرسا أركبه وَيَرْكَبُنِي أَحْيَانًا قَالَ لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ لَتُقْتَلَنَّ فِي أَمْرٍ مُلْتَبِسٍ فَقُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِسْطَامٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي وَافد الْبُرْنُسِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ قَتَادَة عَن سمْعَان الْعجلِيّ أَن علْبَاء ابْن الْهَيْثَمِ قُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ وَهُوَ سَيِّدُ رَبِيعَةَ وَقُتِلَ مَعَهُ حَسَّانُ بْنُ مَحْدُوجٍ وَكَانَ سَيِّدَ رَبِيعَةَ أَيْضًا وَكَانَا مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالب رَضِي الله عته

وَمِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ صِفِّينَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّغْشِيُّ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ قُلْتُ لإِبْرَاهِيمَ شَهِدَ عَلْقَمَةُ صِفِّينَ قَالَ نَعَمْ وَقَاتل حَتَّى خَضَّبَ سَيْفَهُ دَمًا وَقُتِلَ أَخُوهُ أُبَيُّ بْنُ قَيْسٍ

وَحَدَّثَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَسَدِ بْنِ الْفُرَات عَن زِيَاد بن عبد الله بن إِسْحَاقَ قَالَ وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ يَعْنِي يَوْمَ صِفِّينَ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَمِنْ بَنِي زُهْرَةَ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَصَالِحُ بْنُ السَّفَّاحِ وَمِنَ الأَنْصَارِ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أَوْسٍ وَمِنْ بَنِي حَنْظَلَةَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ وَمِنْ بَنِي زُرَيْقٍ مُحَمَّدُ بن الْحَارِث وَمن بني النجار بن عَوْفِ () بْنِ مِحْصَنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عُبَيْدٍ وَمن بني عَمْرو ابْن مَالِكٍ حَرَامُ بْنُ عَمْرٍو وَمِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ مَالِكُ بْنُ السِّمْعَانِ يُكَنَّى أَبَا الْهَيْثَمِ وَمِنْ خُزَاعَةَ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنَا بُدَيْلٍ

فَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ فَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَسَدٍ عَنْ زِيَادٍ عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ قَدِمَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْكُوفَةَ فَنَزَلَ فِي دَارِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ وَنَاسٌ مِنْ إِخْوَانِهِ مِنْ هَذَا الْحَيِّ من خُزَاعَة قتكلم عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ فَقَالَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا عُبَيْدَ اللَّهِ أَنْ تَسْفِكَ دَمَكَ فِي هَذِهِ الْفِتْنَةِ ثُمَّ نَهَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ وَحَذَّرَهُ مِمَّا حَذَّرَهُ رَبُّهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بديل إِنِّي أطلب بِدَم أخي الْمَظْلُوم عمر بْنِ بُدَيْلٍ فَقَالَ لَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَنَا أَطْلُبُ بِدَمِ الْخَلِيفَةِ الْمَظْلُومِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ

قَالَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ فَأَخْبَرَنِي حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ مَنْ شَهِدَ صِفِّينَ قَالَ فَرَأَيْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُدَيْلٍ قَتِيلَيْنِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا عَرْضُ الصَّفِّ

قَالَ عَوَانَةُ وَكَانَ أَبُو عَمْرو بن بديل أحد الرؤوس الْأَرْبَعَة الَّذين سعوا على عُثْمَان الدّين جاؤوا مِنْ مِصْرَ فَلَمَّا انْصَرَفُوا عَنْ مَقْتَلِ عُثْمَانَ يُرِيدُونَ مِصْرَ أَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ من الشَّام الجالسيان الْفَارِسِيَّ وَكَانَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ أَنْطَاكِيَةَ أَسْلَمَ فَلَقِيَهُ مَعَ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ قَتَلَ عُثْمَانَ فَقَتَلَهُمْ مِنْهُمْ أَبُو عَمْرِو بْنُ بُدَيْلٍ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ تَمِيمٍ وَأَمَّا حَابِس بن سعد الطَّائِي فنسبه قَتْلَهُ

حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَسَدٍ عَنْ زِيَادٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ طَيِّءٍ قَالَ كَانَ حَابِسُ بْنُ سَعْدٍ رَجُلا قَدْ شَرفَ بِالشَّامِ وَكَانَ يَسْكُنُهَا زَمَنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ فَقَدِمَ وَافِدًا عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ وَيْحَكَ إِنْ أَرْدَنَا أَنْ نَسْتَعْمِلَكَ عَلَى بَعْضِ أَعْمَالِنَا فِي بِلادِكَ فَكَيْفَ أَنْتَ قَاضٍ بَيْنَ النَّاسِ إِن وليناك مَا هُنَاكَ فَقَالَ أَقْْضِي فِيهِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ لَمْ أَجِدْ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْتَهَدْتُ فِيهِ بِرَأْي قَالَ عُمَرُ قَضَى الَّذِي عَلَيْهِ اذْهَبْ فَقَدْ وَلَّيْنَاكَ كَذَا وَكَذَا قَالَ فَوَلِيَ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا وَأَرَدْتُ أَنْ أَعْرِضَهَا عَلَيْكَ قَالَ مَا هِيَ قَالَ رَأَيْتُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ اخْتَلَفَا فَرَأَيْتُ مَعَ هَذَا نَاسًا وَمَعَ هَذَا نَاسًا قَالَ فَمَعَ أَيِّهِمَا كُنْتَ قَالَ مَعَ الْقَمَرِ قَالَ مَعَ الآيَةِ الْمَمْحُوَّةِ لَا وَاللَّهِ لَا تَكُنْ لِي عَلَى عَمَلٍ أَبَدًا فَالْحَقْ بِشَأْنِكَ فَقُتِلَ مَعَ مُعَاوِيَةَ بِصِفِّينَ فَمَرَّ بِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ مُنْعَفِرٌ فِي التُّرَابِ فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ ثُمَّ قَالَ خَدَعُوكَ وَاللَّهِ يَا أَبَا سَعِيدٍ بِدُنْيَاهُمْ عَنْ دِينِكَ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَهَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنَ بُدَيْلٍ الْخُزَاعِيَّ قُتِلُوا يَوْمَ صِفِّينَ وَهُمْ مَعَ عَليّ

وَقَالَ الْوَاقِدِيّ أَبُو عَمْرَةَ الأَنْصَارِيُّ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ وَهُوَ وَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ الَّذِي يَرْوِي عَنْ عُثْمَانَ قَالَ وَأَبُو عَمْرَةَ حَاجِبٌ

قَالَ الْوَاقِدِيُّ قُتِلَ أَبُو عَمْرَةَ بِصِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ

وَحَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ يَحْيَى عَنْ تَمَّامٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ آلافٍ فَمَا خَفَّ فِيهَا ثَلاثُونَ رَجُلا بَلْ عِشْرُونَ

وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنِ التَّمِيمِيِّ عَنْ أَبِي مَخْلَدٍ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُو لِلْخُصُومَةِ بَيْنَ يَدي الله وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحسن الْكُوفِي عَن حجاج ابْن مِنْهَالٍ عَنِ الْمُعَمَّرِ عَنِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي مَخْلَدٍ مِثْلَهُ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ تَمِيمٍ فَأَمَّا أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ فَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِي وَفَاتِهِ

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ نَادَى رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مِنْ أَهْلِ صِفِّينَ أفيكم أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ قَالُوا نَعَمْ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مِنْ خَيْرِ التَّابِعِينَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ثُمَّ ضَرَبَ دَابَّتَهُ وَدَخَلَ فِيهِمْ قَالَ الْوَاقِدِيُّ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ وَقَرَنُ بَطْنٌ مِنْ مُرَادٍ تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ

وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَليّ قَالَا حَدثنَا الدغشي عَن اسماعيل ابْن أَبَانٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى مثله وَنَحْوه

وَحدثنَا أَبُو بَكْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالا حَدَّثَنَا الدَّغْشِيُّ عَنْ أَبِي غَسَّانَ مَالِكِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ شَرِيكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى مِثْلَهُ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا الدَّغْشِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ شمر الْيحصبِي عَن جدته أَن أويس الْقَرَنِيَّ أُصِيبَ مَعَ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّينَ مَعَ الرجالة مستخفيا

وَذكر مُحَمَّد بن سَحْنُون لي فِي كِتَابِ طَبَقَاتِهِ قَالَ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرِ بْنِ حَرْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُسْعَدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَصْوَانَ بْنِ قَرَنَ بْنِ رَدْمَانَ بْنِ نَاجِيَةَ بْنِ مُرَادٍ يُكَنَّى أَبَا عَمْرٍو

وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَائِشَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَمْرٍو الْبَجَلِيِّ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ وُجِدَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ فِي قَتْلَى رِجَالِ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّينَ

وَقَالَ لِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ وَسَأَلْتُ بَقِيَّ بْنَ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْحِمَّانِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُمْ سَمِعُوا قَائِلا لَيْلَةَ صِفِّينَ يَقُولُ أُصِيبَ اللَّيْلَةَ خَيْرُ التَّابِعِينَ فَنَظَرُوا فَإِذَا أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلام عَن أَبِيه عَن جده أَن أويس الْقَرَنِيَّ اسْتُشْهِدَ بِأَذْرَبِيجَانَ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَالْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ يَوْمَئِذٍ عَلَى ذَلِكَ الْجَيْش

ذِكْرُ قَتْلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ[عدل]

حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَسَدِ بْنِ الْفُرَاتِ عَن ابْن إِسْحَاقَ قَالَ بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقَ إِلَى مِصْرَ وَنَزَلَهَا وَرَقَّ أَمْرُ عَلِيٍّ بِمِصْرَ وَلَمَّا تَوَلَّى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ سَارَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ الْكِنْدِيُّ فِيمَنْ مَعَهُ مِنْ شِيعَةِ عُثْمَانَ وَتَفَرَّقَ عَنْ مُحَمَّدٍ النَّاسُ فَتَغَيَّبَ فِي بعض قُرَى مِصْرَ فَدَلَّ عَلَيْهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ فَطَلَبَهُ حَتَّى أَخَذَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ ثُمَّ بَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ قَالَ فَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ يَقُولُ أَوَّلُ رَأْسٍ طِيفَ بِهِ فِي الإِسْلامِ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ عَنِ الطَّاهِرِ عَلِيِّ بْنِ وَهْبٍ قَالَ أَخْبرنِي حَفْص عَن يُوسُف (عَنْ) يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَلِيًّا أَمَّرَ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقَ عَلَى مِصْرَ وَأَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ لَمَّا قَدِمَ أُصِيبَ يَوْمَئِذٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بكر وَمِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ وَفِي غَارَاتِ خَيْلِ مُعَاوِيَة

حَدثنِي سعيد بن شعْبَان الأَنْدَلُسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيِّ عَنْ عَمِّهِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّ هَؤُلاءِ النَّفَرَ مِمَّنْ قُتِلُوا فِيمَا كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَيْفِيٍّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُورٍ الأَزْدِيُّ وَقُتِلَ أَبُو حَسَّانٍ الْبَكْرِيُّ وَاسْمُهُ أَشْرَسُ بْنُ حَسَّانٍ وَكَانَ عَامِلا لِعَلِيٍّ عَلَى الأَنْبَارِ قَتَلَهُ سُفْيَانُ بْنُ عَوْفٍ الأَزْدِيُّ فِي خَيْلٍ أَغَارَتْ عَلَى الأَنْبَارِ لِمُعَاوِيَةَ وَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُوَيْرِيَةَ الأَسْلَمِيُّ وَقُتِلَ أَعْيَنُ بْنُ ضُبَيْعَةَ التَّمِيمِيُّ وَابْنُ كُرْزٍ الْهَمْدَانِيُّ وَكَانَ مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ وَسَيِّدِ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَقَتَلَ بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَقُثَمُ ابْنَيْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَكَانَا حِينَ صِفِّينَ غُلامَيْنِ وَقُتِلَ جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ التَّمِيمِيُّ لَمَّا وَجَّهَهُ عَلِيٌّ إِلَى الْبَصْرَةِ وَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الْحَضْرَمِيُّ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ

وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّاد قَالَ حَدثنَا جَعْفَر بن مُسَافر التَّيْمِيّ قَالَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ سُئِلَ عَلِيٌّ عَنْ قَتْلاهُ وَقَتْلَى مُعَاوِيَةَ قَالَ يُجَاءُ بِي وَبِمُعَاوِيَةَ فَنَخْتَصِمُ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ فَأَيُّنَا فَلَجَ فلج أَصْحَابه

ذِكْرُ مَقْتَلِ حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ[عدل]

قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ وَعُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ بْنُ سَلامٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ قَالَ كَانَ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ رَجُلا مِنْ كِنْدَةَ وَكَانَ عَابِدًا فَلَمْ يُحْدِثْ يَوْمًا قَطُّ إِلا تَوَضَّأَ وَمَا تَوَضَّأَ قَطُّ إِلا صَلَّى وَكَانَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي زَمَانِهِ فَلَمَّا قُتِلَ عَلِيٌّ كَانَتِ الْجَمَاعَةُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَاعْتَزَلَ حُجْرٌ وَنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَزِيَادٌ مَعَهُمْ نَحْوَ أَرْضِ فَارِسَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَا تَصْنَعُونَ نَحْنُ وَحْدَنَا وَالْجَمَاعَةُ عَلَى مُعَاوِيَةَ أَرْسِلُوا لَنَا رَجُلا يَأْخُذُ لَنَا الأَمَانَ مِنْ مُعَاوِيَةَ فَاخْتَارُوا زِيَادًا فَأَرْسَلُوهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَأَخَذَ لَهُمُ الأَمَانَ وَبَايَعَهُ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ فَأَعْجَبَ مُعَاوِيَةَ عَقْلُ زِيَادٍ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ يَا زِيَادُ هَلْ لَكَ فِي شَيْءٍ عَرَفْتَ بِهِ أَنَّكَ أَخِي أُؤَمِّرُكَ عَلَى الْعِرَاقَيْنِ قَالَ نَعَمْ قَالَ مُعَاوِيَةُ حَتَّى نُفِيضَ لَكَ شَهْرًا فَاعْتَرَفَ بِهِ مُعَاوِيَةُ وَأَمَّرَهُ على العراقين قَالَ فَلَمَّا قدم الْكُوفَة دعِي حُجْرَ بْنَ عَدِيٍّ فَقَالَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَيْفَ تَعْلَمُ حُبِّي لِعَلِيٍّ قَالَ شَدِيدٌ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ قَدِ انْسَلَخَ أَجْمَعَ فَصَارَ بُغْضًا فَلا تُكَلِّمْنِي فِي شَيْءٍ أَكْرَهُهُ فَإِنِّي أُحَذِّرُكَ قَالَ فَكَانَ إِذَا جَاءَ أَوَانُ الْعَطَاءِ قَالَ حجر لزياد أخرج الْعَطاء فقد جَاءَ أَوَانه فَكَانَ يُخْرِجُهُ وَلا يُنْكِرُ حُجْرٌ شَيْئًا مِنْ زِيَادٍ إِلا رَدَّهُ عَلَيْهِ قَالَ فَخَرَجَ زِيَادٌ إِلَى الْبَصْرَةِ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْكُوفَةِ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ فَصَنَعَ عَمْرٌو شَيْئًا كَرِهَهُ حُجْرٌ فَنَادَاهُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَرَدَّ عَلَيْهِ مَا صَنَعَ وحصبه هُوَ وَأَصْحَابه فأحضر عَمْرو مَكَانَهُ بريد زِيَاد وَكَتَبَ إِلَيْهِ بِمَا صَنَعَ حُجْرٌ فَلَمَّا قَدِمَ الْبَرِيدُ عَلَى زِيَادٍ نَدِمَ عَمْرٌو وَخَشِيَ أَنْ يَكُونَ مِنْ سَطَوَاتِهِ مَا يَكْرَهُ

قَالَ وَخَرَجَ زِيَادٌ مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَى الْكُوفَةِ فَتَلَقَّاهُ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَقَالَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا تَكْرَهُهُ وَجَعَلَ يُسَكِّنُهُ وَقَالَ زِيَادٌ كَلا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى آتِيَ الْكُوفَة فَأنْظر مَاذَا صنع فَلَمَّا قدمهَا سَأَلَ عَمْرو عَنِ الْبَيِّنَةِ وَسَأَلَ أَهْلَ الْكُوفَةِ فَشَهِدَ شُرَيْحٌ فِي رجال مَعَه أَنه حصب عمروا وَرَدَّ عَلَيْهِ قَالَ فَاجْتَمَعَ حُجْرٌ وَثَلاثَةُ آلافٍ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَلَبِسُوا السِّلاحَ وَجَلَسُوا فِي الْمَسْجِدِ فَخَطَبَ زِيَادٌ النَّاسَ وَقَالَ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ لِيُقِمْ كُلُّ رَجُلٌ مِنْكُمْ إِلَى سَفِيهِهِ فَلْيَأْخُذْهُ قَالَ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَأْتِي بِأَخِيهِ وَابْنِ عَمِّهِ وَقَرِيبِهِ فَيَقُولُ قُمْ يَا فُلانُ حَتَّى بَقِيَ حُجْرٌ فِي ثَلاثِينَ رَجُلا قَالَ فَدَعَاهُ زِيَادٌ فَقَالَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَدْ نَهَيْتُكَ أَنْ تُكَلِّمَنِي فَإِنَّ لَكَ عَهْدَ اللَّهِ أَنْ لَا تُرَابَ بِشَيْءٍ حَتَّى تَأْتِيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَتُكَلِّمَهُ فَرَضِيَ بِذَلِكَ حُجْرٌ وَخَرَجَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَمَعَهُ عِشْرُونَ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِهِ وَرُسُلُ زِيَادٍ حَتَّى نَزَلَ مَنْزِلَ مَرْجِ الْعَذْرَاءِ فَقَالَ حُجْرٌ مَا اسْمُ هَذَا الْمَكَانِ فَقَالُوا هَذَا مرج الْعَذْرَاء قَالَ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ كَبَّرَ فِيهِ قَالَ فَرَكِبَ إِلَيْهِمْ مُعَاوِيَةُ حَتَّى أَتَاهُمْ فِيهِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَسَأَلَ مَنْ أَنْتَ مَنْ أَنْتَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى حُجْرٍ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ كَمْ لَكَ مِنَ السِّنِينَ قَالَ كَذَا قَالَ كَيْفَ أَنْتَ وَالنِّسَاءُ الْيَوْمَ فَأَخْبَرَهُ قَالَ كَيْفَ أَنْتَ وَالطَّعَامُ قَالَ فَأَخْبَرَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رَجُلا أَعْوَرَ مَعَهُ عِشْرُونَ كفنا فَلَمَّا رَآهُ حجر تفائل بِهِ فَقَالَ يقتل نِصْفُهُمْ وَيُتْرَكُ نِصْفُهُمْ قَالَ فَجَعَلَ الرَّسُولُ يَعْرِضُ عَلَيْهِمُ التَّوْبَةَ وَالْبَرَاءَةَ مِنْ عَلِيٍّ قَالَ فَأَبَى عَشَرَةٌ وَتَبَرَّأَ عَشَرَةٌ فَقَتَلَ الَّذِينَ أَبَوْا وَتَرَكَ الَّذين تبروا وحفر لَهُم قُبُور فَجَعَلَ يَقْتُلُهُمْ وَيَقْبُرُهُمْ وَيَدْفِنُهُمْ قَالَ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى حُجْرٍ جَعَلَ حُجْرٌ يَرْعَدُ فَقَالَ لَهُ الَّذِي أَرَادَ قَتْلَهُ مَا لَكَ تَرْعَدُ قَالَ قَبْرٌ مَحْفُورٌ وَكَفَنٌ مَنْشُورٌ وَسَيْفٌ مَشْهُورٌ قَالَ تَبَرَّأْ مِنْ عَلِيٍّ وَتُبْ قَالَ لَا أَتَبَرَّأُ مِنْهُ أَبَدًا قَالَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَدَفَنَهُ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ دَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَقَالَ أَقَتَلْتَ حُجْرَ بْنَ أَدْبَرَ قَالَ قَتْلُ حُجْرٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْتُلَ مَعَهُ مِائَةَ أَلْفٍ قَالَ أَفلا حَبسته فيكفيكه طَوَاعِينُ الشَّامِ قَالَ غَابَ عَنِّي مِثْلُكَ مِنْ قومِي فَيُشِيرُ عَلَيَّ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمَشُورَةِ قَالَ فَلَمَّا حج مُعَاوِيَة وَدخل عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ يَا مُعَاوِيَة قتل حُجْرُ بْنُ أَدْبَرَ وَالأَدْبَرُ هُوَ عَدِيُّ بْنُ عدي وَقتل مَعَ حجر مُحرز بن شهَاب التَّمِيمِيُّ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي شيبَة قَالَ حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن علية عَن ابْن عون عَن نَافِع قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِي السُّوقِ فَنُعِيَ لَهُ حُجْرٌ فَأَطْلَقَ جُفُونَهُ وَقَامَ وَعَلِيهِ النَّحِيبُ

وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ وَغَيْرُهُ عَنْ سُحْنُونِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَ دَخَلَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَتْ مَا حَمَلَكَ عَلَى قَتْلِ أَهْلِ عَذْرَاءَ حُجْرٍ وَأَصْحَابِهِ فَقَالَ يَا أُمَّ الْمُؤمنِينَ إِنِّي رَأَيْت أَن قَتلهمْ صلاحا للْأمة وَأَن بقائهم فَسَادٌ لِلأُمَّةِ فَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ سَيُقْتَلُ بِعَذْرَاءَ أُنَاسٌ تَغْضَبُ لَهُمُ السَّمَاءُ

وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ سُحْنُونٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْقٍ الْغَافِقِيِّ أَنَّ عَلِيَّ بن أَبِي طَالِبٍ سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ سَيُقْتَلُ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ كُلُّهُمْ كَمَثَلِ أَصْحَابِ الأُخْدُودِ قَالَ فَقُتِلَ حُجْرٌ وَأَصْحَابُهُ

وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرَ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَاصِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ مُعَاوِيَةَ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَة فَقَالَت يَا مُعَاوِيَة قتلت حجر وَأَصْحَابَهُ وَفَعَلْتَ الَّذِي فَعَلْتَ أَمَا خَشِيتَ أَنْ أُخَبِّئَ لَكَ رَجُلا يَقْتُلُكَ قَالَ لَا إِنِّي فِي بَيْتِ أَمَانٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الإِيمَانُ قَيْدُ الْفَتْكِ لَا يفتك مُؤمن كَيفَ أَنا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ حَاجَاتِكِ وَأَمْرِكِ قَالَتْ صَالِحٌ قَالَ فَدَعِينِي مِنْ حُجْرٍ حَتَّى نَلْتَقِيَ عِنْدَ رَبِّنَا

وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَصْبَغَ بْنِ الْفَرَجِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى حجر فَأَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ فِي الطَّرِيقِ مَعَ الرَّسُولِ فَقَالَ لِلرَّسُولِ أَعْطِنِي شَرَابِيَ الْيَوْمَ وَغَدًا أَتَطَهَّرُ بِهِ وَلَا أَبْغِي غَدًا مِنْكَ شَرَابًا قَالَ أَخَافُ أَنْ تَمُوتَ عَطَشًا فَيَقُولُ مُعَاوِيَةُ أَنْتَ قَتْلَتَهُ قَالَ فَثنى حجر ودعى اللَّهَ فَأَنْشَأَتْ سَحَابَةٌ فَانْصَبَّتْ مِنَ الْمَاءِ مَا شاؤوا فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ ادْعُ اللَّهَ لَنَا يُخَلِّصُنَا مِنْ مُعَاوِيَةَ فَقَدْ رَأَيْنَا الَّذِي صَنَعْتَ فَقَالَ اللَّهُمَّ خِرْ لَنَا اللَّهُمَّ خِرْ لَنَا ثَلاثًا قَالَ فَقَتَلَهُمْ مُعَاوِيَةُ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا مَخْلَدٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ خَطَبَ زِيَادٌ يَوْمًا فَأَطَالَ الْخُطْبَةَ وَأَخَّرَ الصَّلاةَ فَقَالَ لَهُ حُجْرٌ الصَّلاةَ فَمَضَى فِي خُطْبَتِهِ ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ الصَّلاةَ فَأَقْبَلَ فِي خُطْبَتِهِ فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ وَخَافَ فَوَاتَ الصَّلاةِ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى الْحَصْبَاءِ فَثَارَ وَثَارَ النَّاسُ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ زِيَادٌ نَزَلَ فَصَلَّى ثُمَّ كَتَبَ فِيهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَكَثَّرَ عَلَيْهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ أَنْ شده فِي الْحَدِيد أَو أبْعث بِهِ إِلَيَّ فَأَمَرَ بِهِ مُعَاوِيَةُ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ فَقَالَ حُجْرٌ لِمَنْ حَضَرَهُ مِنْ أَهْلِهِ لَا تُطْلِقُوا عَنِّي حَدِيدًا وَلا تَغْسِلُوا عَنِّي دَمًا فَإِنِّي مُلاقٍ مُعَاوِيَةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الْجَادةِ ثُمَّ قَدِمَ حُجْرٌ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ

ذِكْرُ قَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ وَالْحَارِثِ بْنِ مُرَّةَ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بن شعْبَان قَالَ حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ نَافِعٍ السُّلَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحِزَامِيُّ عَنْ عَمِّهِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحُكُومَةِ مَا كَانَ وَاجْتَمَعَتِ الْخَوَارِجُ بِالنَّهْرَوَانِ فَأَخْرَجَتْ طَائِفَة مِنْهُم النَّاس يسفكون دِمَائِهِمْ وَيَسْتَحِلُّونَ أَمْوَالَهُمْ وَقَتَلُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَبَّابٍ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ مَقْتَلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ ()

قَالَ أَبُو الْعَرَب بْنِ تَمِيمٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَنْجَرَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ قَالَ كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ يُجَالِسُنَا فِي مَسْجِدِ الْجَامِعِ قَالَ لَحِقْتُ بِأَصْحَابِ النَّهْرَوَانِ فَكُنْتُ مِنْهُم ثُمَّ كَرِهْتُ أَمْرَهُمْ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يَقْتُلُونِي فَإِنِّي لأَسِيرُ مَعَ طَائِفَةٍ إِذْ أَتَيْنَا عَلَى قَرْيَة وبيننا وَبَيْنَهَا نَهْرٌ فَخَرَجَ مِنَ الْقَرْيَةِ رَجُلٌ مَذْعُورٌ آخذ ثَوْبه حِينَ رَأَى الْخَيْلَ قَالُوا كُنَّا رَوَّعْنَاكَ قَالَ أَجَلْ قَالُوا لَا رَوْعَ عَلَيْكَ فَقَطَعُوا إِلَيْهِ النَّهر فعرفوه وَلم أعرفهُ فَقَالُوا أَنْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَبَّابٍ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نَعَمْ قَالُوا هَلْ سَمِعْتَ مِنْ أَبِيكَ حَدِيثًا تَحَدَّثَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُحَدِّثُنَا بِهِ قَالَ نَعَمْ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ فِتْنَةً جَائِيَةً الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ عَبْدَ اللَّهِ الْمَقْتُولَ وَلا تَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْقَاتِلَ فَكُنْ قَالَ فَقَرَّبُوهُ فَضَرَبُوا رَأْسَهُ فَرَأَيْتُ دَمَهُ حَيْثُ سَالَ فِي النَّهْرِ حَتَّى انْدَفَقَ فِي الْمَاءِ وَاخْتَلَطَ فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي كَأَنَّهُ الشِّرَاكُ حَتَّى خَفِيَ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ دَعَوْا سُرِّيَّتَهُ الْحُبْلَى فَبَقَرُوا عَمَّا فِي بَطْنِهَا

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا صُبْحُ بْنُ قَاسِمٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فِي قَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خباب نَحوه

وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَسَدِ بْنِ الْفُرَاتِ عَنْ زِيَادٍ عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ إِنَّ عَلِيًّا خَرَجَ مِنَ الْبَصْرَةِ حَتَّى نَزَلَ الأَنْبَارَ يُرِيدُ قِتَالَ مُعَاوِيَةَ فَبَلَغَهُ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْخَوَارِجِ خَرَجُوا مِنَ الْبَصْرَةِ يُرِيدُونَ أَهْلَ النَّهْرِ فَمَرُّوا بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ وَهُوَ فِي بَعْضِ السَّوَادِ فَقَتَلُوهُ وَكَانَ الَّذِي قَتله مسعر بن فدكي ثُمَّ انْتَهَوْا إِلَى أَهْلِ النَّهْرَوَانِ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا فَأَرْسَلَ الْحَارِثَ بْنَ مُرَّةَ الْعَبْدِيَّ فِي جَيش فَقَتَلُوهُ فَلَمَّا بلغ ذَلِك عَلِيًّا قَتْلُهُ سَارَ إِلَيْهِمْ

قَالَ زِيَادٌ حَدَّثَنَا مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ زِيَادِ بن النَّضر الْحَارِثِيّ قَالَ لَمَّا أَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الرَّاسِبِيُّ النَّهْرَوَانَ وَعَسْكَرَ بِهِ أَتَوْا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَبَّابٍ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَجَعَلُوا يَأْتُونَهُ وَاحِدًا وَاحِدًا فَلا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَيْكُمُ السَّلامُ إِذَا لَمْ تَفْعَلُوا قَالُوا إِنَّ هَذَا يَأْمُرُنَا بِضَرْبِكَ هَذَا يَعْنُونَ الْمُصْحَفَ فَقَتَلُوهُ وَقَتَلُوا رَجُلا مِنْ مُزَيْنَةَ وَرَجُلا مِنْ بَنِي شَيْبَانَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَبَّابٍ مَا أَحْيَا الْكِتَابُ فَأَحْيُوهُ وَمَا أَمَاتَ فَأَمِيتُوهُ فَنَزَلُوا فَقَتَلُوهُ وَقَتَلُوا رَجُلا مِنْ مُزَيْنَةَ وَرَجُلا مِنْ بَنِي شَيْبَانَ وَجَبُوا الْخَرَاجَ وَقَالُوا لِدِهْقَانَ بِعْنَا مَا فِي هَذِهِ النَّخْلَةِ قَالَ هِيَ لَكُمْ قَالُوا لَا نَأْخُذُهَا إِلا بِثَمَنٍ قَالَ الدِّهْقَانُ تَقْتُلُونَ عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ لَا يُؤْذِي أَحَدًا إِنَّمَا هُوَ يُصَلِّي وَيَصُومُ وَلا تَأْخُذُونَ هَذِهِ إِلا بِثَمَنٍ لإِنْ أَحْفِرُهَا مِنْ أَصْلِهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْبَلَهُ قَالُوا لَوْلا أَنَّ لَكَ ذِمَّةً لَقَتَلْنَاكَ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا بَعَثَ إِلَيْهِمْ زِيَادَ بْنَ الْمُعْتَمِرِ

ذِكْرُ قَتْلِ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ[عدل]

حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هُذَيْلٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ القَاضِي بِبَغْدَاد قَالَ حَدثنَا عَليّ بن الْمدنِي قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعْتُ عمار الدُّهْنِيَّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَوَّلُ رَأْسٍ حُمِلَ رَأْسُ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ إِلَى مُعَاوِيَةَ

قَالَ سُفْيَانُ أَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُؤْتَى بِهِ قَالَ فَلُدِغَ قَالَ فَكَأَنَّهُمْ خَافُوا أَنْ يَتَّهِمَهُمْ فَأتوا بِرَأْسِهِ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ قُتِلَ سَنَةَ إِحْدَى وَخمسين وَلم يذكر سَبَب قَتله

ذِكْرُ مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ[عدل]

قَالَ مُحَمَّدٌ وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سُحْنُونٍ حَدَّثَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ قَالا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ بَعْضِ مَشْيَخَتِهِ قَالَ لَمَّا مَاتَ مُعَاوِيَةُ وَجَاءَتْ وَفَاتُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَكَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَأَرْسَلَ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَدَعَاهُمَا إِلَى الْبَيْعَةِ لِيَزِيدَ فَقَالَا بِالْغَدَاةِ إِن شَاءَ الله على رُؤُوس النَّاسِ ثُمَّ خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ فَدَعَا الْحُسَيْنُ بِرَوَاحِلِهِ فَتَوَجَّهَ نَحْوَ مَكَّةَ عَلَى الْمَنْهَجِ الأَكْبَرِ وَرَكِبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِرْذَوْنًا لَهُ وَأَخَذَ طَرِيقَ الْفَرْعِ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ وَمَرَّ الْحُسَيْنُ حَتَّى أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ وَهُوَ عَلَى بِئْرٍ لَهُ فَنَزَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ لِلْحُسَيْنِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سَقَانِي اللَّهُ بَعْدَكَ مَاءً طيبا أَيْن تُرِيدُ قَالَ الْعرَاق قَالَ سُبْحَانَ الله وَلم قَالَ مَاتَ مُعَاوِيَة وجائني أَكْثَرُ مِنْ حِمْلِ صُحُفٍ قَالَ أُقْسِمُ عَلَيْكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَوَاللَّهِ مَا حَفِظُوا أَبَاكَ وَكَانَ خَيْرًا مِنْكَ لَا تَفْعَلْ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَتَلُوكَ لَا تَبْقَى حُرْمَةٌ بَعْدَكَ إِلا اسْتُحِلَّتْ وَلا () بَعْدَكَ إِنْ قُتِلْتَ فَخَرَجَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ هُوَ وَابْنُ الزُّبْيِر

قَالَ وَقَدِمَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فِي رَمَضَانَ أَمِيرًا عَلَى الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَعَلَى الْمَوْسِمِ وَعَزَلَ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ فَلَمَّا اسْتَوْلَى عَلَى الْمِنْبَرِ رَعَفَ فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ مُسْتَقْبِلُهُ دَمُهُ جَاءَ بِالدَّمِ فَتَلَقَّاهُ بِعِمَامَتِهِ فَقَالَ مَهْ عَمَّ النَّاسَ وَاللَّهِ ثُمَّ قَامَ يَخْطُبُ فناولوه عَصا لَهُ شُعْبَتَانِ فَقَالَ شُعِّبَ النَّاسُ وَاللَّهِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فَقَدِمَهَا قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ فَقَالَ النَّاسُ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَوْ تَقَدَّمْتَ فَصَلَّيْتَ بِالنَّاسِ قَالَ فَإِنَّهُ لَيَهُمُّ بذلك إِذْ جَاءَ الْمُؤَذّن فَأَقَامَ الصَّلاةَ فَتَقَدَّمَ عَمْرٌو فَكَبَّرَ فَقِيلَ لِلْحُسَيْنِ اخْرُجْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِذْ أَبَيْتَ أَنْ تَتَقَدَّمَ فَقَالَ الصَّلاةُ فِي الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ فَصَلَّى ثمَّ خرج فَلَمَّا انْصَرف عَمْرو وبلغه أَنَّ حُسَيْنًا خَرَجَ فَقَالَ ارْكَبُوا كُلَّ بَعِيرٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ فَاطْلُبُوهُ قَالَ فَكَانَ النَّاسُ يَعْجَبُونَ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا قَالَ فَطَلَبُوهُ فَلَمْ يُدْرِكُوهُ قَالَ وَأَرْسَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ابْنَيْهِ عَوْنًا وَمُحَمَّدًا بِرَدِّ الْحُسَيْنِ وَأَبَى الْحُسَيْنُ أَنْ يَرْجِعَ وَخَرَجَ بِابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ مَعَهُ وَرَجَعَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَأَبَى أَنْ يَأْتِيَهُ وَامْتَنَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِرِجَالٍ مَعَهُ مِنْ قُرَيْشٍ وَمِنْ غَيْرِهِمْ قَالَ فَبَعَثَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ جَيْشًا مِنَ الْمَدِينَةِ يُقَاتِلُونَ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَمْرَو بْنَ الزُّبَيْرِ أَخَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَضَرَبَ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ الْبَعْثَ إِلَى مَكَّةَ وَهُمْ كَارُهوَن لِلْخُرُوجِ فَقَالَ إِمَّا تَأْتُونِي بِبَدَلٍ وَإِمَّا تَخْرُجُوا قَالَ فَجَاءَ الْحَارِث بن مَالك بن البرصاء بِرَجُل اسْتَأْجرهُ بِخَمْسِمِائَة دِرْهَمٍ إِلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ وَقَالَ قَدْ جِئْتُكِ بِرَجُلٍ بَدَلِي قَالَ فَبَعَثَهُمْ إِلَى مَكَّةَ فَقَاتَلُوا ابْنَ الزُّبَيْرِ فَانْهَزَمَ عَمْرُو بْنُ الزُّبَيْرِ وَأَسَرَهُ أَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَحَبَسَهُ فِي السِّجْنِ عِنْدَهُ قَالَ وَقَدْ كَانَ بَعَثَ الْحُسَيْن بن عَليّ رَحمَه الله مُسْلِمَ بْنَ عَقِيلٍ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْكُوفَةِ يُبَايِعُهُمْ لَهُ وَكَانَ عَلَى الْكُوفَةِ حِينَ مَاتَ مُعَاوِيَةُ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ لابْنُ بنت رَسُول الله أحب إِلَيْنَا مِنَ ابْنِ بِنْتِ بَحْدَلٍ قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ يَزِيدَ فَأَرَادَ أَنْ يَعْزِلَهُ فَقَالَ لأَهْلِ الشَّامِ أَشِيرُوا عَلَيَّ مَنْ أَسْتَعْمِلُ عَلَى الْكُوفَةِ فَقَالُوا أترضى بِمَا رَضِي بِهِ مُعَاوِيَةَ قَالَ نَعَمْ قَالُوا فَإِنَّ الصَّكَّ بِإِمَارَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ عَلَى الْعِرَاقَيْنِ قَدْ كُتِبَ فِي الدِّيوَانِ فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْكُوفَةِ فَقَدِمَ الْكُوفَةَ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ الْحُسَيْنُ قَالَ وَبَايَعَ مُسْلِمَ بْنَ عَقِيلٍ أَكْثَرُ مِنْ ثَلاثِينَ أَلْفًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَخَرَجُوا مَعَهُ يُرِيدُونَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ فَجَعَلُوا كُلَّمَا انْتَهَوْا إِلَى زُقَاقٍ انْسَلَّ مِنْهُمْ نَاسٌ حَتَّى بَقِيَ فِي شِرْذِمَةٍ قَلِيلَةٍ فَجَعَلَ النَّاسُ يَرْجُمُونَهُ بِالآجُرِّ مِنْ فَوْقِ الْبُيُوتِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ دَخَلَ دَارَ هَانِئِ بْنِ عُرْوَةَ الْمُرَادِيِّ وَكَانَ لَهُ فِيهِمْ رَأيا فَقَالَ لَهُ هَانِئُ بْنُ عُرْوَةَ إِنَّ لِي مِنَ ابْنِ زِيَادٍ مَكَانًا وَسَوْفَ أَتَمَارَضُ لَهُ فَإِذَا جَاءَ يَعُودُنِي فَاضْرِبْ عُنُقَهُ قَالَ فَقِيلَ لابْنِ زِيَادٍ إِنَّ هَانِئَ بْنَ عُرْوَةَ شَاكٍ يقيء الدَّم قَالَ وَشرب الْمغرَة فَجعل يقيؤها قَالَ وَجَاء ابْن زِيَاد يعودهُ وَقَالَ هَانِيء إِذَا قُلْتُ لَكُمُ اسْقُونِي فَاخْرُجْ إِلَيْهِ فَاضْرِبْ عُنُقه فَقَالَ اسقوني فأبطؤوا عَلَيْهِ فَقَالَ وَيْحَكُمُ اسْقُونِي وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ نَفْسِي قَالَ فَخَرَجَ ابْنُ زِيَادٍ وَلَمْ يَصْنَعِ من الآخر شَيْئا وَكَانَ أَشْجَع النَّاس وَلَكِن إخْوَته كَبْوَةٌ فَقِيلَ لابْنِ زِيَادٍ إِنَّ فِي الْبَيْتِ رَجُلا مُسْتَجِيرًا قَالَ فَأَرْسَلَ ابْنُ زِيَادٍ إِلَى هَانِئٍ فَدَعَاهُ فَقَالَ إِنِّي شَاكٍ لَا أَسْتَطِيعُ فَقَالَ ائْتُونِي بِهِ وَإِنْ كَانَ شَاكِيًا قَالَ فَأَسْرَجَ لَهُ دَابَّتَهُ قَالَ فَرَكِبَ وَمَعَهُ عَصًا وَكَانَ أَعْرَجَ فَجَعَلَ يَسِيرُ قَلِيلا ثُمَّ يَقِفُ وَيَقُولُ مَا لِي أَذْهَبُ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ فَمَا زَالَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى ابْنِ زِيَادٍ فَقَالَ لَهُ ابْنُ زِيَادٍ يَا هَذَا أَمَا كَانَتْ يَدُ زِيَادٍ عِنْدَكَ بَيْضَاءَ قَالَ بَلَى قَالَ وَيَدِي قَالَ بلَى قَالَ هَانِيء يَا هَنَاهْ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ عِنْدِي يَدٌ وَقَدْ أَمَّنْتُكَ عَلَى مَالِكَ وَنَفْسِكَ فَاخْرُجْ فَتَنَاوَلَ ابْن زِيَاد الْعَصَا الَّتِي كَانَت بيد هَانِيء فَضَرَبَ بِهَا وَجْهَهُ حَتَّى كَسَرَ وَجْهَهُ ثُمَّ قَدَّمَهُ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَأَرْسَلَ إِلَى مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ بِسَيْفِهِ فَمَا زَالَ يُنَاوِشُهُمْ وَيُقَاتِلُهُمْ حَتَّى جُرِحَ فَأُسِرَ فَلَمَّا أُسِرَ الرَّجُلُ لَغَبَ فَقَالَ اسْقُونِي مَاءً وَمَعَهُ رَجُلٌ مِنْ آلِ أَبِي مُعَيْطٍ وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ يُقَال لَهُ شمر ابْن ذِي الجوشن فَقَالَ لَهُ شِمْرٌ لَا نَسْقِيكَ إِلا مِنَ النِّيلِ فَقَالَ الْمُعَيْطِيُّ وَاللَّهِ لَا نَسْقِيهِ إِلا مِنَ الْفُرَاتِ قَالَ فَأَمَر غُلامًا لَهُ فَأَتَاهُ بِإِبْرِيقِ مَاءٍ وَقَدَحٍ مِنْ قَوَارِيرَ وَمِنْدِيلٍ قَالَ فَسَقَاهُ قتمضمض وَخَرَجَ الدَّمُ فَمَا زَالَ يَمُجُّ الدَّمَ وَلا يَسِيغُ شَيْئًا حَتَّى قَالَ أَخِّرُوهُ عَنِّي قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحَ دَعَا بِهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ وَهُوَ عَلَى قَصْرٍ لَهُ فَقَدَّمَهُ لِيَضْرِبَ عُنُقَهُ فَقَالَ دَعْنِي حَتَّى أُوْصِيَ فَنَظَرَ فِي وُجُوهِ النَّاسِ فَقَالَ لِعُمَرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أبي وَقاص مَا أرى هَهُنَا أحد غَيْرَكَ مِنْ قُرَيْشٍ فَادْنُ مِنِّي حَتَّى أُكَلِّمَكَ قَالَ فَدَنا فَقَالَ هَلْ لَكَ أَنْ تَكُونَ سَيِّدَ قُرَيْشٍ مَا كَانَتْ قُرَيْشٌ ايتِ حُسَيْنًا وَمَنْ مَعَهُ وَهُمْ تِسْعُونَ إِنْسَانًا بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ فِي الطَّرِيقِ فَارْدُدْهُمْ وَاكْتُبْ إِلَيْهِمْ بِمَا أَصَابَنِي قَالَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَأَلْقَاهُ فَقَالَ عُمَرُ أَتَدْرِي مَا قَالَ فَقَالَ اكْتُمْ عَلَى ابْنِ عَمِّكَ فَقَالَ هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَيُّ شَيْءٍ هُوَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَنَّ حُسَيْنًا قَدْ أَقْبَلَ وَمَعَهُ تِسْعُونَ إِنْسَانًا بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ لَا يُقَاتِلُهُ أَحَدٌ غَيْرَكَ إِذْ دَلَلْتَ عَلَيْهِ قَالَ فَبَعَثَ جَيْشًا مَعَهُ قَالَ وَقَدْ جَاءَ الْحُسَيْنَ الْخَبَرُ وَهُوَ بِشَرَافَ فَهَمَّ أَنْ يَرْجِعَ وَمَعَهُ خَمْسَةٌ مِنْ بَنِي عَقِيلٍ فَقَالُوا لَهُ أَتَرْجِعُ وَقَدْ قُتِلَ أَخُونَا وَقَدْ جَاءَكَ مِنَ الْكُتُبِ مَا تَثِقُ بِهِ قَالَ فَقَالَ الْحُسَيْنُ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ وَاللَّهِ مَا لِي عَنْ هَؤُلاءِ صَبْرٌ يَعْنِي بَنِي عَقِيلٍ قَالَ فَلَقِيَهُ الْجَيْشُ على خيولهم بوادي السبَاع وَقد فَرد وَأَصْحَابه فلقوهم وَلَيْسَ مَعَهم مَاء فَقَالُوا يَا ابْن بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ اسْقِنَا قَالَ فَأَخْرَجَ لِكُلِّ فرس صَحْفَة مِنْ مَاءٍ فَسَقَاهُمْ قَدْرَ مَا يُمْسِكُ رَمَقَ أحدهم ثمَّ قَالُوا سر بِنَا يَا ابْن بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا زَالُوا يَرْجُونَهُ وَأَخَذُوا بِهِ عَلَى النَّجَبِ حَتَّى نَزَلُوا بِكَرْبَلاءَ فَقَالَ الْحُسَيْنُ رَحِمَهُ اللَّهُ مَا اسْمُ هَذِهِ الأَرْضِ قَالُوا كَرْبَلاءُ قَالَ هَذَا كَرْبٌ وَبَلاءٌ قَالَ فَنَزَلُوا وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمَاءِ رَبْوَةٌ فَأَرَادَ الْحُسَيْنُ وَأَصْحَابه المَاء فحالوا بَينهم وَبَينه وَقَالَ شمر بن ذِي الجوشن لَا تشْربُوا أبدا حَتَّى تشْربُوا من الْحَمِيم فَقَالَ ابْن عَبَّاس للحسين بن عَليّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَنَحْنُ عَلَى الْحَقِّ فَنُقَاتِلُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَرَكِبَ فَرَسُه وَحَمَلَ بَعْضَ أَصْحَابه على الْخُيُول ثمَّ حملُوا عَلَيْهِم فكشفوهم عَنِ الْمَاءِ ثُمَّ شَرِبُوا وَاسْتَقَوْا ثُمَّ بَعَثَ عبيد الله بن زِيَاد عمر ابْن سَعْدٍ يُقَاتِلُهُمْ فَقَالَ الْحُسَيْنُ يَا عُمَرُ اخْتَرْ مِنِّي ثَلاثَ خِصَالٍ إِمَّا أَنْ تَتْرُكَنِي كَمَا جِئْتُ فَإِنْ أَبَيْتَ هَذِهِ فَأُخْرَى تُسَيِّرُونِي إِلَى يَزِيدَ فَأَضَعُ يَدِي فِي يَدِهِ فَيَحْكُمُ فِيَّ بِمَا رَأَى فَإِنْ أَبَيْتَ هَذِهِ فَسَيِّرُونِي إِلَى التُّرْكِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى أَمُوتَ فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ بِذَلِكَ فَهَمَّ أَنْ يُسَيِّرَهُ إِلَى يزِيد فَقَالَ لَهُ الْفَاسِق شمر بن ذِي الجوشن أَمْكَنَكَ اللَّهُ مِنْ عَدُوِّكَ وَتُسَيِّرُهُ لَا إِلا أَنْ يَنْزِلَ عَلَى حُكْمِكَ قَالَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ لَا إِلا أَنْ تَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ ابْنِ زِيَادٍ فَقَالَ الْحُسَيْنُ أَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ ابْنِ الْفَاعِلَةِ لَا وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ قَالَ وَأَبْطَأَ عُمَرُ عَنْ قِتَالِهِ فَأَرْسَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَاد إِلَى شمر بن ذِي الجوشن فَقَالَ إِنْ تَقَدَّمَ عُمَرُ فَقَاتِلْ وَإِلا فَاقْتُلْهُ وَكُنْ أَنْتَ مَكَانَهُ قَالَ وَكَانَ مَعَ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَرِيبٌ مِنْ ثَلاثِينَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقَالُوا يَعْرِضُ عَلَيْكُمُ ابْنُ بِنْتِ رَسُول الله ثَلَاث خِصَال فَلَا تقبلُوا مِنْهَا شَيْئًا فَتَحَوَّلُوا مَعَ الْحُسَيْنِ فَقَاتِلُوا مَعَهُ قَالَ وَرَأَى رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ عَبْدَ الله بن الْحُسَيْن بْنِ عَلِيٍّ عَلَى فَرَسٍ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ أَجْمَلَ خَلْقِ اللَّهِ فَقَالَ الْكُوفِيُّ لأَقْتُلَنَّ هَذَا الْفَتَى فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَيْحَكَ مَا تَصْنَعُ بِهَذَا دَعْهُ فَأَبَى فَحَمَلَ عَلَيْهِ فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ قَالَ وَلَمَّا أَصَابَتْهُ الضَّرْبَةُ قَالَ يَا عَمَّاهُ فَأَجَابَهُ الْحُسَيْن لَبَّيْكَ صَوْتٌ قَلَّ نَاصِرُهُ وَكَثُرَ وَاتِرُهُ وَحَمَلَ الْحُسَيْنُ عَلَى قَاتِلِهِ فَضَرَبَهُ فَقَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ أُخْرَى فَقَتَلَهُ ثُمَّ اقْتَتَلُوا

تَسْمِيَةُ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ[عدل]

الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ وَعُثْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَلِيٍّ وَجَعْفَرُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَظُنُّهُ قَالَ وَعَبَّاسُ بْنُ عَلِيٍّ وَأُمُّهُمْ أُمُّ الْبَنِينَ بِنْتُ حِزَامٍ الْكَلْبِيَّةُ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ لأُمِّ وَلَدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنٍ وَخَمْسَةٌ مِنْ بَنِي عَقِيلٍ وَابْنَانِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عون وَمُحَمّد وَثَلَاثَة من بني هَاشم وستا مِنْ نِسَائِهِمْ وَفِيهِمْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَليّ وَهِي أكبرهم وَفِيهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ عَنْ أَبِي مَهْدِيٍّ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ قُتِلَ الْحُسَيْنُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَعَهُ سِتَّةَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مَا عَلَى الأَرْضِ لَهُمْ شَبِيهٌ

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ أُدْخِلْنَا عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَنَحْنُ اثْنَا عَشَرَ غُلامًا مُغَلَّلِينَ فِي الْجَوَامِعِ وَعَلَيْنَا قُمُصٌ فَقَالَ يَزِيدُ أَحْرَزْتُمْ أَنْفُسَكُمْ لِعَبِيدِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ بِخُرُوجِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ حِينَ خَرَجَ وَلا بِقَتْلِهِ حِينَ قُتِلَ قَالَ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} {لكَي لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} قَالَ فَغَضِبَ يَزِيدُ وَجَعَلَ يَعْبَثُ بِلِحْيَتِهِ ثُمَّ قَالَ {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُم وَيَعْفُو عَن كثير} يَا أَهْلَ الشَّامِ مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلاءِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ لَا تَتَّخِذْ مِنْ كَلْبِ سُوءٍ جَرْوًا فَقَالَ لَهُ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اصْنَعْ بِهِمْ مَا كَانَ يَصْنَعُ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ رَآهُمْ بِهَذِهِ الْحَيْنَةِ فَقَالَت فَاطِمَة بنت الْحُسَيْن يَا يزِيد أبنات رَسُولِ اللَّهِ سَبَايَا قَالَ فَبَكَى حَتَّى كَادَتْ نَفْسُهُ تَخْرُجُ وَبَكَى أَهْلُ الدَّارِ حَتَّى عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ ثُمَّ قَالَ خَلُّوا عَنْهُمْ وَاذْهَبُوا بِهِمْ إِلَى الْحَمَّامِ فَاغْسِلُوهُمْ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِمُ الْقِبَابَ فَفَعَلُوا وَأَمَالَ عَلَيْهِمُ الْمَطْبَخَ وَكَسَاهُمْ وَأَخْرَجَ لَهُمْ جَوَائِزَ كَثِيرَةً ثُمَّ قَالَ لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ نَسَبٌ مَا قَتَلَهُمْ يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ قَالَ لَمَّا حَضَرَ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ إِلَى عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ فَنَظَرَ إِلَيْهِ وَكَانَ قَدْ أَنْبَتَ فَقَالَ إِنَّه لم ينْبت ونجى بهَا

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدثنَا عُثْمَان بن يحيى الفرفساني قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ يَعْنِي ابْنَ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَمَعَهُ سِتَّةَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مَا فِي الأَرْضِ مِثْلُهُمْ

قَالَ مُحَمَّدٌ وَبَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ قُتِلَ مَعَ الْحُسَيْنِ الْحُرُّ بْنُ يَزِيدَ بْنِ نَاجِيَةَ بْنِ قَعْنَبِ بْنِ عَتَّابٍ التَّمِيمِيُّ وَكَانَ فِي خَيْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ حَيْثُ لَقُوا الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَلَمَّا سَأَلَهُمُ الْحُسَيْنُ مَا سَأَلَ وَأَبَوْا إِلا قَتْلَهُ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ الْحُرُّ فَقَاتَلَ مَعَهُ حَتَّى قُتِلَ وَفِيهِ يَقُولُ جَعْفَرُ بْنُ عَفَّانَ الطَّائِيُّ

(وَلَمْ يَكُ فِيهِمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ... سِوَى الْحُرِّ التَّمِيمِيِّ الرَّشِيدِ)

(فَوَاحُزْنَاهُ إِنَّ بني عَليّ ... وفاطم قد أبيروا بالحديد) // الْبَحْر الوافر //

وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَقُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَوْمَ السَّبْتِ نَهَارَ عَاشُورَاءَ سَنَةَ سِتِّينَ

وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُرَيْقٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حَنْبَل مثله وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ قُتِلَ الْحُسَيْنُ بِنَهْرِ كَرْبَلاءَ يَوْمَ عَاشُورَاء فِي الْمحرم سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ سَنَةً

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيِّ أَنَّ الْحُسَيْنَ قُتِلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ

وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ قُتِلَ الْحُسَيْن فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ قَتَلَهُ الْفَاسِقُ سِنَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ الأَشْجَعِيُّ وَجَاءَ بِرَأْسِهِ خَوْلِيُّ بْنُ يَزِيدَ الأَصْبَحِيُّ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق قَالَ حَدثنَا الْحجَّاج ابْن نُصَيْرٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا سَمِعَتِ الْجِنَّ تَنُوحُ عَلَى الْحُسَيْنِ

حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ سَمِعْتُ الْجِنَّ تَنُوحُ عَلَى الْحُسَيْنِ

وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ عَبَّادٍ الرُّوَاسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الصَّنْعَانِيُّ عَنْ حَرَامِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ أُتِيَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَأُلْقِيَ بَيْنَ يَدَيْ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَجَعَلَ يَضْرِبُ وَجْهَهُ بِقَضِيبٍ وَيُدْخِلُهُ فِي فَمِهِ وَعَيْنَيْهِ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَرقم إرفع قَضِيبَكَ عَنْ مَكَانِهِ فَقَالَ يَزِيدُ وَلِمَ قَالَ إِنِّي رَأَيْتُ فَمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَانَهُ فَقَالَ يَزِيدُ إِنَّكَ شَيْخٌ قَدْ خَرِفْتَ فَاقْتَحَمَ زَيْدٌ عَنِ السَّرِيرِ وَكَانَ جَالِسا عَلَيْهِ مَعَ يزِيد فَقَالَ الْعجب مِنْ هَذَا فَاشْهَدْ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجْلِسُهُ عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهُ وَصَالِحَ الْمُؤْمِنِينَ فَكَيْفَ حَفِظْتَ وَدِيعَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حَرَامُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ بِالْعِرَاقِ فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مُعَاذٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهُمْ حَضَرُوا ذَلِكَ حِينَ قَالَهُ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ لِيَزِيدَ

وَحَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ جَابِرِ بن سَاقِط قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْحُسَيْنُ سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد ابْن سَنْجَرَ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ أَخْبَرَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اضْطَجَعَ ذَاتَ يَوْمٍ لِلنَّوْمِ فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ خاثر ثمَّ اضْطجع فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ خَاثِرٌ دُونَ مَا رَأَيْتُ بِهِ الْمَرَّةَ الأُولَى ثُمَّ اضْطَجَعَ فَاسْتَيْقَظَ وَفِي يَدِهِ تُرْبَةٌ حَمْرَاءُ يُقَلِّبُهَا فَقُلْتُ مَا هَذِهِ التُّرْبَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ أَنَّ هَذَا يُقْتَلُ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ لِحُسَيْنٍ فَقُلْتُ لِجِبْرِيلَ أَرِنِي تُرْبَةَ الأَرْضِ الَّتِي يُقْتَلُ فِيهَا فَهَذِهِ تُرْبَتُهَا وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلامٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي قَالَ حَدثنِي الْهَيْثَم الْبكاء قَالَ نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَاطِمَةُ فِي الْحُجْرَةِ أَوْ قَالَ خَرَجَتْ فَاطِمَةُ إِلَى الْحُجْرَةِ وَمَعَهَا حُسَيْنٌ يَوْمَئِذٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ شقّ عَلَيْهِ بكاؤه فسرحته فحبى أَوْ مَشَى حَتَّى بَلَغَ بَابَ الْبَيْتِ فَخَشِيَتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِمَا فَاسْتَدْنَتْ فَأَخَذَتْهُ فَسَكَتَ فَرَجَعَتْ بِهِ إِلَى مَكَانِهَا فَبَكَى فَسَرَّحَتْهُ فَسَكَتَ حَتَّى بلغ الْبَاب فاستدنت حَتَّى أَخَذته فَسكت فَخرجت بِهِ إِلَى مَكَانِهَا فَبَكَى فَسَرَّحَتْهُ حَتَّى بَلَغَ الْبَاب فاستدنت فَأَخَذته فَفعل ذَلِكَ مِرَارًا فَسَبَقَهَا مَرَّةً مِنْ ذَلِكَ فَدَخَلَ فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَهُ فِي حِجْرِهِ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ أَتُحِبُّ ابْنَكَ يَا مُحَمَّدُ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَمَا إِنَّ أمتك ستقتله ثمَّ قَالَ بِجَنَاحَيْهِ إِلَى أَرْضِ كَرْبَلاءَ فَقَالَ بِأَرْضٍ هَذِهِ تُرْبَتُهَا ثُمَّ صَعِدَ جِبْرِيلُ وَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبَيْتِ وَهُوَ حَامِلٌ حُسَيْنًا عَلَى عُنُقِهِ وَبِيَدِهِ الْقَبْضَةُ وَهُوَ يَبْكِي فَقَالَتْ فَاطِمَةُ مَا يُبْكِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ابْنِي تَقْتُلُهُ أُمَّتِي بِأَرْضٍ هَذِهِ تُرْبَتُهَا أَخْبَرَنِي بِهِ جِبْرِيلُ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَامر ابْن عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِين إِذْ دَخَلَتْ صَارِخَةً تَصْرُخُ فَقَالَتْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ قَالَتْ قَدْ فَعَلُوهَا اللَّهُمَّ امْلأْ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا ثُمَّ وَقَعَتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَيَّانُ بْنُ هِلالٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ عَمَّارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِصْفَ النَّهَارِ قَالَ وَقَالَ حَمَّادٌ وَهُوَ قَائِلٌ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ أَشْعَثَ أَغْبَرَ وَفِي يَدِهِ قَارُورَةٌ فِيهَا دَمٌ قُلْتُ بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا قَالَ هَذَا دَمُ الْحُسَيْنِ وَأَصْحَابِهِ لم أزل التقطه مُنْذُ الْيَوْمِ فَأُحْصِيَ ذَلِكَ الْيَوْمُ فَوَجَدْنَاهُ قُتِلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ رَحِمَهُ اللَّهُ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ فَذَكَرَ مِثْلَهُ

وَحَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنْجَرَ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنِ ابْنِ ضَمْرَةَ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ

وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّمْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ غُفَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ وَشَّاحٍ عَنِ الْبَصْرِيِّ بْنِ يَحْيَى عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَهُوَ فِي الْقُبَّةِ فَقَالَ لِي اسْتَدِرْ مِنْ وَرَاءِ السِّجْفِ فَاسْتَدَرْتُ فَقَالَ أَتَدْرِي مَا حَدَثَ فِي الأَرْضِ يَوْمَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ لَمْ يُقْلَبْ حَجَرٌ وَلَمْ يُكْشَفْ إِنَاءٌ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلا أَصَابُوا تَحْتَهُ دَمًا عَبِيطًا فَقَالَ لِي إِنِّي وَإِيَّاكَ غَرِيبَانِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِيَّاكَ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ أَحَدٍ

حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَاصِم عَن ابْن جريح عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ لَمْ يُرْفَعْ حَجَرٌ بِالشَّامِ إِلا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي قَتْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَيْرَةَ النَّخَعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَرٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ الْقُرَشِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ لِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ أَيُّ وَاحِدٍ أَنْتَ إِنْ أَخْبَرْتَنِي بِالْعَلامَةِ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا عَليّ بن أبي طَالب فَقلت نَعَمْ لَمْ تُرْفَعْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ حَصَاةٌ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلا وَتَحْتَهَا دَمٌ عَبِيطٌ فَقَالَ لِي عَبْدُ الْمَلِكِ إِنِّي وَإِيَّاكَ فِي هَذَا لَغَرِيبَانِ

وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ الْهَاشِمِيُّ قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَكَانَ قَدِمَ الْمَغْرِبَ وَكَانَ ثِقَةً عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّمَا حَدَثَتْ هَذِهِ الْحُمْرَةُ الَّتِي فِي السَّمَاءِ حِينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ

قَالَ بَكْرٌ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ فَقَالَ نَحْنُ نَرْوِي ذَلِكَ فِي قَتْلِ عُثْمَانَ

وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا بُهْلُولٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا دَاوُدُ قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم نَائِم فِي بَيت بعض نِسَائِهِ إِذا أَقْبَلَ الْحُسَيْنُ يَحْبُو لِيَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَتْهُ وَنَحَّتْهُ ثُمَّ إِنَّهَا غَفِلَتْ عَنْهُ فَأَقْبَلَ حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْكِي فَبَكَتِ الْمَرْأَةُ لِبُكَائِهِ وَقَالَتْ بِأَبِي وَأُمِّي مَا يُبْكِيكَ قَالَ يُبْكِينِي أَنَّ جِبْرِيلَ عَرَضَ عَلَيَّ التُّرْبَةَ الَّتِي يُسْفَكُ عَلَيْهَا دَمُ ابْنِي هَذَا فَاشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ يَسْفِكُ دَمَهُ وحَدثني عمر قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ عَنْ قُرَّةَ عَنْ أَبِي رَجَاء أَن رجلا قدم من بلجهيم قَالَ أَبُو الْعَرَب بلجهيم فَخِذٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ قَالَ لَا تَسْبُوا أَهْلَ هَذَا الْبَيْتِ فَإِنَّ جَارًا لِي قَالَ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِالْفَاسِقِ ابْنِ الْفَاسِقِ يَعْنِي الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ حِينَ قُتِلَ فَرَمَاهُ اللَّهُ بِكَوْكَبَيْنِ فِي عَيْنَيْهِ فَذَهَبَ بَصَرُهُ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي عَمِّي أَيُّوبُ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قُتِلَ وَعَلَيْهِ جُبَّةُ خَزٍّ دَكْنَاءُ وَعِمَامَةُ خَزٍّ دَكْنَاءُ صَابِغٌ بِسَوَادٍ

وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ الْفِهْرِيِّ مِنْ وَلَدِ عُقْبَةَ بْنِ نَافِع عَن سعد بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ غَزِيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ كَانَ لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُشْرِفَةٌ فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ لِقَاءَ جِبْرِيلَ لَقِيَهُ فِيهَا قَالَ فَرَقَاهَا مَرَّةً مِنْ ذَلِكَ وَأَمَرَ عَائِشَةَ أَنْ لَا يَطْلُعَ إِلَيْهَا أَحَدٌ قَالَ وَكَانَ رَأْسُ الدَّرَجَةِ فِي حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَدَخَلَ حُسَيْنُ بن عَليّ فرقا وَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى غَشِيَهُمَا قَالَ جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا قَالَ ابْنِي فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَهُ عَلَى فَخِذِهِ فَقَالَ جِبْرِيل سيقتل تقتله أمتك قَالَ قَالَ أُمَّتِي قَالَ نَعَمْ وَإِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِالأَرْضِ الَّتِي يُقَتْلُ فِيهَا فَأَشَارَ جِبْرِيلُ بِيَدِهِ إِلَى الطَّفِّ بِالْعِرَاقِ فَأَخَذَ تُرْبَةً حَمْرَاءَ فَأَرَاهُ إِيَّاهَا

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ التَّمِيمِيُّ فَأَمَّا وَفَاةُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَكَيْفَ جُرِحَ وَكَيْفَ سُمَّ فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الأَنْدَلُسِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَالِحٍ الْعَكِّيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْعِجْلِيِّ قَالا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَقَامَ فَدَخَلَ فِي الْمَخْرَجِ ثُمَّ خَرَجَ وَقَالَ لقد لفظت طَائِفَة من كَبِدِي لقليها بِهَذَا الْعُودِ وَلَقَدْ سُقِيتُ السُّمَّ مِرَارًا وَمَا سُقِيتُ مَرَّةً أَشَدَّ مِنْ هَذِهِ قَالَ وَجَعَلَ يَقُولُ لِذَلِكَ الرَّجُلِ سَلْنِي قَبْلَ أَنْ لَا تَسْأَلَنِي قَالَ مَا أَسْأَلُكَ شَيْئًا يُعَافِيكَ اللَّهُ قَالَ فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ عُدْنَا إِلَيْهِ من غَد وَقد أَخذ فِي السُّوق فَجَاءَ الْحُسَيْنُ فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ أَيْ أَخِي مَنْ صَاحِبُكَ قَالَ تُرِيدُ قَتْلَهُ قَالَ نعم لَئِنْ كَانَ صَاحِبِي الَّذِي أَظُنُّ للَّهُ أَشَدُّ نقمة وَإِن لم يكنه مَا أحب أَن يقتل بِي بَرِيئًا

وَحدثنَا يَحْيَى بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ لَمَّا بَايَعُوا الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا قَلِيلا حَتَّى طُعِنَ طَعْنَةً أَشْوَتْهُ فَازْدَادَ لَهُمْ بُغْضًا وَازْدَادَ مِنْهُمْ ذُعْرًا فَحِينَئِذٍ كَاتَبَ الْحَسَنُ مُعَاوِيَةَ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ قَوْلُهُ أَشْوَتْهُ يَعْنِي أَخْطَأَتْ مَقَاتِلَهُ وَقَدْ جَاءَ فِي الحَدِيث إِن الذُّنُوب جراحات فَمِنْهَا شواء وَمِنْهَا مقتلة فالشواء مَا أَخطَأ المقتل كَذَاك فَسَّرَهُ لِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلامٍ

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ ابْنِ نَجِيحٍ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَليّ ابْن فَاطِمَة حج خَمْسَة وَعِشْرِينَ حَجَّةً وَقَاسَمَ رَبَّهُ مَالَهُ مَرَّتَيْنِ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ حَجَّ الْحُسَيْن بْنُ عَلِيٍّ خَمْسًا وَعِشْرِينَ حَجَّةً مَاشِيًا

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْعَثِ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ الْعَلاءِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ بْنِ دِعَامَةَ أَنَّ الْحَسَنَ بن عَليّ سمته امْرَأَته جعدة بِنْتُ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ

وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ التِّرْمِذِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ نُمَيْرٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ سُقِيَا سُمًّا

قَالَ أَبُو الْعَرَب وَقد سما عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ فِي رِوَايَتِهِ الَّذِي سَقَاهُمَا

وَمِمَّنْ قَتَلَهُ الْخَوَارِجُ الْحَرُورِيَّةَ وَغَيْرَهُمْ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحِزَامِيُّ عَنْ عَمِّهِ الضَّحَّاكِ أَنَّ بَعْضَ الْحَرُورِيَّةِ قَتَلُوا أَعْيَنَ بن ضبيعة التَّمِيمِي وَكَانَ وَجهه عَليّ على الْبَصْرَةِ فَقَتَلُوهُ عَلَى فِرَاشِهِ وَعَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ التَّمِيمِيُّ قَتَلَهُ شَبِيبٌ الْحَرُورِيُّ وَكَانَ وَالِيًا عَلَى النَّاسِ وَكَانَ شَرِيفًا فَكَادَهُ شَبِيبٌ وَطَلَبَهُ مَعَ الصُّبْحِ ثُمَّ طَرَقَ عَسْكَرَهُ فِي اللَّيْلِ فَقَتَلَهُ وَزُهْرَةُ بْنُ حَوِيَّةَ التَّمِيمِيُّ كَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الْقَادِسِيَّةَ وَقَتَلَ الْجَالِينُوسَ عَاشَ حَتَّى قَتَلَهُ شَبِيبُ بن يزِيد وَقُتِلَ نُعَيْمُ بْنُ قَعْقَاعِ بْنِ مَعْبَدٍ التَّمِيمِيُّ وقعقاع مِمَّن قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ وَقَتَلَ قَطَرِيُّ بْنُ الْفُجَاءَةِ مُرَّةَ بْنَ عَمْرٍو التَّمِيمِيَّ فَأَمَّا جُهْمَانُ الْمُحَدِّثُ فَقَدْ قَتَلَتْهُ الأَزَارِقَةُ

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ عَنِ ابْنِ سَنْجَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا حَشْرَجُ بْنُ نُبَاتَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُهْمَانَ أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ سَأَلَهُ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُهْمَانَ قَالَ مَا فَعَلَ أَبُوكَ قَالَ قَتَلَتْهُ الأَزَارِقَةُ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الأَزَارِقَةَ

ذكر قتل ثرملة وَأبي بن قيس بن أَخِي عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ وَعُبَادَةَ بْنِ قرضٍ[عدل]

اخبرني عبد الله بن الْوَلِيد بْنِ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ مُدْرِكٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ وَمُطَرِّفٌ الْوَاسِطِيُّ قَالَ دَعَا الْحَجَّاجُ رَجُلا مِنَ السِّجْنِ لِيَقْتُلَهُ يُقَالُ لَهُ ثُرْمُلَةُ فَأُخْرِجَ مُكَبَّلا وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ وَعِمَامَةٌ وَمِطْرَفُ وَهُوَ يَخْطِرُ فِي مِشْيَتِهِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ قَالَ اصْبِرْ يَا ثُرْمُلَةُ قَالَ نَعَمْ أَصْبِرُ يَا حَجَّاجُ

(أَصْبِرُ مِنْ عُودٍ بِجَنْبَيْهِ الْجَلَبْ ... قَدْ أَثَّرَ الْبِطَانُ فِيهِ وَالْحَقَبْ) قَالَ فَأَمَرَ بِهِ أَنْ تُضْرَبَ عُنُقُهُ فَأَقْبَلَ يَقُولُ

(حَسْبُكَ مَنْ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ حَبَّةً ... وَهُوَ ذُو عَفْوٍ كَرِيمٌ وَمُفْضِلُ) وَضُرِبَتْ عُنُقُهُ

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ قَيْسٍ قُتِلَ مَعَ عَلِيٍّ بِصِفِّينَ

حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ الْمدنِي قَالَ حَدثنَا عَليّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ عَمِّي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قِيلَ ثُمَّ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ثُمَّ رَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَقَالَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ فَقَتَلَهُ

حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ عَنِ ابْنِ سَنْجَرَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ السَّعْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ قرضٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّهُ جَاءَ مِنْ غَزَاةٍ فَلَمَّا قَرُبَ مِنَ الأَهْوَازِ سَمِعَ أَذَانًا فَأَتَى إِلَيْهِ فَقَالُوا مَا جَاءَ بِكَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ قَالَ أَلَسْتُمْ إِخْوَتِي قَالُوا أَنْتَ أَخُو الشَّيْطَانِ وَاللَّهِ لَنَقْتُلَنَّكَ فَقَالَ أَلا تَرْضَوْنَ مِنِّي مَا رَضِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي أَتَيْتُهُ وَأَنَا كَافِرٌ وَشَهِدْتُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخَلَّى عَنِّي قَالَ فَقَتَلُوهُ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ أَحْسَبُهُمْ مِنَ الْخَوَارِجِ مِنْ أَهْلِ النَّهْرَوَانِ الَّذِينَ قَتَلُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ

ذكر قتل عُمَيْر بن هَانِيء الْعَنْسِيِّ وَهَمْدَانَ مُؤَذِّنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ[عدل]

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ معَاذ عَن الْهَيْثَم بن عمرَان أَن عُمَيْر بن هَانِيء الْعَنْسِيَّ قَتَلَهُ الصَّقْرُ بْنُ حَبِيبٍ الْمُزَنِيُّ بِدَارَيَا

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ دَاوُدَ يَعْنِي ابْنَ يَحْيَى عَنِ الدَّغْشِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ طَرِيفٍ عَنْ أَصْبَغَ بْنِ لُبَابَةَ التَّمِيمِيِّ قَالَ أَخَذَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ هَمْدَانَ مُؤَذِّنَ عَلِيٍّ فَقَالَ ابْرَأْ مِنْ عَلِيٍّ فَقَالَ لَا أَبْرَأُ مِمَّنْ أَدَّبَنِي صَغِيرًا وَعَلمنِي كَبِيرا فَقتله

وحَدثني مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الدَّغْشِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ عَنِ الأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ إِلا أَنَّهُ قَالَ لَا أَبْرَأُ مِمَّنْ عَلَّمَنِي صَغِيرًا وَأَدَّبَنِي كَبِيرًا

ذِكْرُ مَنْ قُتِلَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَوُجُوهِ النَّاسِ يَوْمَ الْحَرَّةِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ شَعْبَانَ بْنِ قُرَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ قَالَ سَعِيدٌ وَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ الله ابْن عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحِزَامِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الْوَاقِدِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَخْزُومِيُّ وَقُدَامَةُ عَنْ مُوسَى الْحِمْيَرِيِّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهَرَوِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الأَنْصَارِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ زَيْدٍ وَابْنُ أَبِي زِيَادٍ وَأَبُو مَعْشَرٍ وَالضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ وَابْنُ أَبِي حَبِيبٍ فَكُلٌّ قَدْ حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ مُطَابَقَةً وَبَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ وَغَيْرُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ سَمَّيْتُ كُلٌّ قَدْ حَدَّثَنِي أَيْضًا وَزَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَكَتَبْتُ كُلَّ مَا حَدَّثُونِي قَالُوا أَوَّلُ مَا هَاجَ أَمْرُ الْحَرَّةِ أَنَّ ابْنَ مِينَا وَكَانَ عَامِلا عَلَى صَوَافِي الْمَدِينَةِ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَبِالْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ صَوَافٍ كَثِيرَةٌ كَانَ مُعَاوِيَةُ يَجِدُ بِالْمَدِينَةِ وَأَعْرَاضِهَا أَلْفَ وَسْقٍ وَخَمْسِينَ أَلْفَ وَسْقٍ تَمْرًا وَيَحْصِدُ مِائَةَ أَلْفِ وَسْقٍ حِنْطَةً فَلَمَّا وَلِيَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَزَلَ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنِ الْمَدِينَةِ وَكَانَ مُعَاوِيَةُ اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهَا وَوَلَّى عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى الْمَدِينَة وَأَن ابْن مينا أقبل بشرح لَهُ مِنَ الْحَرِيرَةِ يُرِيدُ الأَمْوَالَ الَّتِي كَانَتْ لمعاوية فَلم يزل يسوفه وَلا يَصْرِفُهُ عَنْهُ أَحَدٌ حَتَّى انْتَهَى إِلَى بلحارث بن الْخَزْرَج فَنقبَ النَّقِيب فِيهِمْ فَقَالُوا لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيْكَ هَذَا حدثٌ وضرر علينا فَمَكَثُوا على ذَلِك شهرا يَغْدُو ابْنُ مِينَا وَيَرُوحُ بِعُمَّالِهِ فَمَرَّةً يَعْمَلُ فِيهِ وَمَرَّةً يَأْبُونَ عَلَيْهِ وَمَرَّةً لَا يَجِدُ أَحَدًا يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ فَيَعْمَلَ حَتَّى يُمْسِيَ وَمَرَّةً أُخْرَى يَجْتَمِعُونَ فَلا يَضْرِبُ بِمِعْوَلٍ وَلا بِمِسْحَاةٍ حَتَّى يُمْسِيَ فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَلَّمَ الأَمِيرَ عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَأَعْلَمَهُ بِمَا لَقِيَ مِنْهُمْ فَأَرْسَلَ الأَمِيرُ إِلَى ثَلاثَةِ نَفَرٍ مِنْ بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله ابْن زيد وَزُهَيْر بْنِ أَبِي مَسْعُودٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فَأَجَابُوا إِلَى أَنْ يَمُرُّوا بِهِ حَيْثُ أَرَادَ فَدَعَا ابْنَ مِينَا بِعُمَّالِهِ فَعَمِلَ شَيْئًا ثُمَّ تَدَاعَوْا فَمَشَى الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَأَخْبَرَهُ بِمَا أجابوا إِلَيْهِ وَقَالَ أَرَاك عجلت على الْقَوْم فغدى ابْنَ مِينَا بِعُمَّالِهِ فَعَمِلَ شَيْئًا ثُمَّ تَدَاعَوْا فَمَشَى الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عبد الْقَارِي وَعبد الرَّحْمَن بن الْأسود ابْن عَبْدِ يَغُوثَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ إِلَى هَؤُلاءِ النَّفَرِ فَشَرَّدُوهُمْ وَقَالُوا لَا تَدَعُوهُ يُنَقِّبُ فِي حَقِّكُمْ إِلا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْكُمْ فَلَمَّا كَانَ الْغَد غدى ابْنُ مِينَا فِي أَعْوَانِهِ فَذَادُوهُمْ عَنِ الْعَمَلِ فَرَجَعَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ فَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ فَغَضب وَقَالَ اجْمَعْ لَهُم من قدرت عَلَيْهِ مِنْ مَوَالِيكُمْ وَبَعَثَ مَعَهُ بَعْضَ مَنْ عِنْدَهُ مِنْ جُنْدِهِ وَقَالَ مُرُوا بِهِ وَلَوْ عَلَى بُطُونِهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَدَعُهُمْ حَتَّى يَحِلَّ بهم عِقَابه فغدى ابْن مينا بِمن مَعَه وغدت الْأَنْصَار وردفتهم قُرَيْشٌ فَذَبُّوهُمْ حَتَّى تَفَاقَمَ الأَمْرُ فَرَجَعَ وَلَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا

قَالَ الْوَاقِدِيُّ فَحَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَشَرَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَنَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَكَلَّمُوهُ فِيمَا عَمِلَ ابْنُ مِينَا وَمَا جَمَعَ عَلَيْهِمْ فَوَجَدُوهُ هُوَ الَّذِي قَوَّاهُ عَلَى ذَلِكَ وَأَغْلَظَ لَهُمْ وَأَغْلَظُوا لَهُ فَقَالَ لأكتبن إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ بسورائكم وَمَا تُخْفُونَ عَلَيْهِ مِنَ الأَضْغَانِ الْقَدِيمَةِ وَالأَحْقَادِ الَّتِي لَا تَبْلَى فِي صُدُورِكُمْ فَافْتَرَقُوا عَلَى مَوْجِدَةٍ مِنْهُمْ وَاجْتَمَعُوا عَلَى مَنْعِ ابْنِ مِينَا وَكَفَّ ابْنُ مِينَا عَنِ الْعَمَلِ وَكَتَبَ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ بِخَبَرِهُمْ إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَلَمَّا قَدِمَ كِتَابُ عُثْمَانَ عَلَى يَزِيدَ وَقَدْ شَنَّعَ فِيهِ تَشْنِيعًا كَثِيرًا مِنَ الْقَوْلِ غَضِبَ يَزِيدُ غَضَبًا شَدِيدًا فَكَتَبَ يَزِيدُ كِتَابًا يَأْمُرُهُ أَنْ يَقْرَأَهُ عَلَيْهِمْ فَقَدِمَ الْكِتَابُ وَعُثْمَانُ خَائِفٌ مِنْهُمْ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ فَإِذَا فِيهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي لَبِسْتُكُمْ حَتَّى أَخْلَقْتُكُمْ وَرَقَّعْتُكُمْ حَتَّى أَخْلَقْتُكُمْ ورفعتكم على رَأْسِي ووضعتكم على بَطْني وَوَاللَّه لَئِن تَرث بِكُمْ لأَضَعَنَّكُمْ تَحْتَ رِجْلَيَّ ثُمَّ لأَطَأَنَّكُمْ وَطْأَةً أقل فِيهَا عددكم وأترككم أَحَادِيث لشبح كَأَحَادِيثِ عَادٍ وَثَمُودَ وَايْمُ اللَّهِ مَا أَرَى أَنْ يَأْتِيَنِي مِنْكُمْ أَقَلُّ مِنْ خِلافِكُمْ وَلا يَأْتِيكُمْ مِنِّي أَقَلُّ مِنْ عُقُوبَتِي إِيَّاكُمْ وَلا أَفْلح من نَدم فَلَمَّا قريء هَذَا الْكِتَابُ تَكَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي جَهْمٍ وَمَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الأَشْجَعِيُّ كَلامًا قَبِيحًا فَلَمَّا عَلِمَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ مِنْ بَعْثَةِ الْجُيُوشِ إِلَيْهِمْ وَأَجْمَعُوا عَلَى خِلافِهِمْ إِيَّاهُ اخْتَلَفُوا فِي الرِّئَاسَةِ وَأَيِّهِمْ يَقُومُ بِهَذَا الأَمْرِ وَيُسْنَدُ إِلَيْهِ فَاخْتَلَفَتْ قُرَيْشٌ بَيْنَهَا فَقَالَ قَائِلٌ ابْنُ مُطِيعٍ وَقَالَ قَائِلٌ إِبْرَاهِيمُ بْنُ نُعَيْمٍ وَقَالَ قَائِلٌ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ

قَالَ الْوَاقِدِيُّ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ أَسْنَدُوا أَمْرَهُمْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ جَعَلُوا أَمْرَهُمْ يَوْمَئِذٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ ثُمَّ اجْتَمَعُوا وَتَشَاوَرُوا أَنْ يُخْرِجُوا بَنِي أُمَيَّةَ مِنَ الْمَدِينَةِ فَأَخْرَجُوا آلَ مَرْوَانَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَلَمْ يُحَرِّكُوا أَحَدًا مِنْ آلِ عُثْمَانَ

قَالَ الْحِزَامِيُّ فَحَدَّثَنِي الْوَاقِدِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ لَمَّا اجْتَمَعَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَلَى بَعْثِهِ الْجُيُوشِ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ مَنْ رَجُلٌ لَهُ عَزْمٌ وَطَاعَةٌ فَأَجْمَعُوا عَلَى مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ الْمُرِّيِّ فَبَعَثَ إِلَيْهِ وَكَانَ عَاملا لَهُ على فلسطين فَبعث بِالْجُيُوشِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَقَالَ لَهُ إِذَا قَدِمْتَ الْمَدِينَةَ فَمَنْ عَاقَكَ عَنْ دُخُولِهَا أَوْ نَصَبَ لَكَ حَرْبًا فَالسَّيْفَ السَّيْفَ لَا تُبْقِ مِنْهُمْ وَأْجِهْز عَلَى جَرِيحِهِمْ وَاقْتُلْ مُدْبِرَهُمْ وَإِيَّاكَ أَنْ تبقي عَلَيْهِم وَأَن لم يوسوا لَكَ فَامْضِ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ امْضِ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ

قَالَ وَلَمَّا أَيْقَنَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِالْجَيْشِ تَشَاوَرُوا فِي الْخَنْدَقِ وَقَالُوا قَدْ خَنْدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَنْدَقُوا وَشَكُّوا الْمَدِينَةَ بِالْبُنْيَانِ مِنْ كُلِّ نَوَاحِيهَا وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ من بَايعنَا فليبايعنا على الْمَوْت قَالَ صَالح بن أبي حسان فَانْظُر إِلَيْهِم نبايعهم عَلَى الْمَوْتِ

قَالَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُعْمَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَنْظَلَةَ وَمُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَإِبْرَاهِيم بن نعيم بن النَّحَّامَ يَغْدُونَ إِلَى الْمَسْجِدِ فِي الدُّرُوعِ وَيَرُوحُونَ مظاهريها وَقَالَ فَلَقِيتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ وَقَدْ كَانَ بَصَرُهُ ذَهَبَ فَاسْتَرْجَعَ وَقَالَ سَتَذْهَبُ هَذِهِ الْوَقِيعَةُ بِخِيَارِ النَّاسِ فَلا يَبْقَى مِنْهُمْ إِلا الْغَبَرَاتُ يَعْنِي الْحَرَّةَ

قَالَ الْحِزَامِيُّ فَحَدَّثَنِي الْوَاقِدِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ يَزِيدُ بْنُ هُرْمُزَ فِي مَوضِع ذناب إِلَى مَوضِع النعم مَعَه الموَالِي وَهُوَ أَمِيرُهُمْ وَمَعَهُ رَايَتُهُمْ قَدْ صَفَّ أَصْحَابُهُ كَرَادِيسَ بَعْضَهُمْ خَلْفَ بَعْضٍ إِلَى رَأْسِ الثَّنِيَّةِ فَأَقْبَلَ كرْدُوس لأهل الشَّام نحوهم فألفوا نَاحيَة نَاجِية خشيَة من النبل وَالْحِجَارَة وَكَانَ مَعَهم خَمْسمِائَة رَامٍ فَنَحُّوهُمْ فَلَمْ يَكُونُوا يُطِيقُونَ تِلْكَ النَّاحِيَةَ فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَهُمُ الْخَبَرُ بِأَنَّ الْقَوْمَ قَدْ دَخَلُوا نَاحِيَةَ بَنِي حَارِثَةَ فَنَادَى مُنَادِيهِمْ وَهُوَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مَسْرُوقٌ فَقَالَ يَخْرُجُ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ أُكَلِّمُهُ فَخَرَجَ يَزِيدُ بْنُ هُرْمُزَ فَقَالَ لَهُ عَلامَ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ مَا لَكُمْ قُوَّةٌ بِمَنْ مَعَهُ قَدْ دَخَلَ فِي خَنْدَقِكُمْ وَصَارَ أَصْحَابُنَا فِي جَوْفِ مَدِينَتِكُمْ فَمَا بَقَاؤُكُمْ فَاقْبَلْ مِنِّي الأَمَانَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَمِيثَاقِهِ لَكَ وَلأَصْحَابِكَ وَتَنَحَّوْا نَاحِيَةً وَاذْهَبُوا حَيْثُ شِئْتُمْ فَأَبَى يَزِيدُ وَأَصْحَابُهُ أَنْ يَقْبَلُوا ذَلِكَ وَكَسَرَهُمْ مَا أَخْبَرَهُمُ الشَّامِيُّ فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذا بِأَهْل الشَّام قد جاؤوهم مِنْ قِبَلِ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ قَدْ عَبَرُوا الْخَنْدَقَ فَانْفَضَّ النَّاسُ وَاخْتَلَفُوا وَافْتَرَقُوا وَقُتِلَ وُجُوهُ النَّاسِ وَدَخَلَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَسْجِدَ وَهُمْ عَلَى حَالِهِمْ تِلْكَ وَرَأَى مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَمْرًا هَائِلا يَعْنِي قَبْلَ دُخُولهَا فَقَالَ لمروان أقرّ مَا قلت فِي فَخرج مَرْوَان حَتَّى جَاءَ بني حَارِثَة فَكلم رجلا مِنْهُم ورغبة فِي الصَّنِيعَةِ وَقَالَ افْتَحْ لَنَا طَرِيقًا فَإِنِّي كَاتِبٌ بِذَلِكَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَيَفْعَلُ بِكَ وَيَفْعَلُ فَفَتَحَ لَهُمْ طَرِيقًا مِنْ قِبَلِهِمْ فَاقْتَحَمَتْهَا الْخَيْلُ فَجَاءَ الْخَبَرُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ فَأَقْبَلَ وَكَانَ مِنْ نَاحِيَةِ الصُّورِيِّ وَأَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ وَكَانَ مِنْ نَاحِيَةِ ذِنَابَ وَأَقْبَلَ ابْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَكَانَ مِنْ نَاحِيَةِ بُطْحَانَ فَاجْتَمَعُوا جَمِيعًا فَاقْتَحَمَ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الشَّامِ وَاقْتَتَلُوا حَتَّى عَايَنُوا الْمَوْتَ وَكَثَّرَهُمُ الْقَوْمُ وقلوا وَتَفَرَّقُوا فَقتلُوا فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ

قَالَ فَحَدَّثَنِي الْحِزَامِيُّ عَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَقَعْتُ مَعَ قَوْمٍ مُسْتَمِيتِينَ عِنْدَ مَسْجِدِ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَاتَلَ مُسَيْلِمَةَ وَمَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ قَارِظٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ نعيم بن النحام وهم يُقَاتلُون وَيَقُولُونَ للنَّاس أَيْنَ الْفِرَارُ وَاللَّهِ لَئِنْ يُقْتَلُ الرَّجُلُ مُقْبِلا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يُقْتَلَ مُدْبِرًا

قَالَ فَاقْتَتَلَ النَّاسُ سَاعَةً وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ يَصِيحُونَ عَلَى قَتْلاهُمْ حَتَّى جَاءَنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَجَعَلَ مُسْلِمٌ يَقُولُ مَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا وَمَنْ جَاءَ بِأَسِيرٍ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا وَجَعَلَ يُغْرِي قوما لَا دين لَهُم فَقَتَلُونَا إِلَّا قَلِيل وَقَتَلُوا مَا لَا يُحْصَى وَلا يُعَدُّ فَانْتَهَبُوا الْمَدِينَة ثَلَاثًا

قَالَ وَحَدَّثَنِي الْحِزَامِيُّ عَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ لَبِسَ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ دِرْعَيْنِ فَلَمَّا هُزِمَ الْقَوْمُ طَرَحَهُمَا جَمِيعًا ثُمَّ جَعَلَ يُقَاتِلُ وَهُوَ حَاسِرٌ حَتَّى قَتَلُوهُ رَحِمَهُ اللَّهُ ضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّام بِالسَّيْفِ فَقطع مَنْكِبه حَتَّى بدى سَحْرُهُ فَوَقَعَ مَيِّتًا

قَالَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّار بن عمَارَة عَن مُحَمَّد بن أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ لَقَدْ صَلَّى عَمْرٌو يَوْمَئِذٍ وَإِنَّ جِرَاحَهُ لَتَثْعَبُ دَمًا وَمَا قُتِلَ إِلا طَعْنًا بِالرِّمَاحِ وَلَمَّا انْصَرَفَ مِنْ صَلاتِهِ أَقْبَلَ يُقَاتِلُ فَكَانَ يُحْمَلُ عَلَى الْكُرْدُوسِ فَيَفُضُّ جَمَاعَتَهُمْ وَكَانَ فَارِسًا فَقَالَ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ قَدْ أَحْرَقَنَا هَذَا وَنَحْنُ نَخْشَى أَنْ يَنْجُوَ عَلَى فَرَسِهِ فَاحْمِلُوا عَلَيْهِ حَمْلَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ لَا يَفْلِتُ مِنْ بَعْضِكُمْ قَالَ فَحَمَلُوا عَلَيْهِ حَمْلَةً وَاحِدَةً حَتَّى نَظَمُوهُ بِالرِّمَاحِ فَلَقَدْ مَالَ مَيِّتًا وَرَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ كَانَ اعْتَنَقَهُ حَتَّى وَقَعَا جَمِيعًا فَلَمَّا قُتِلَ انْهَزَمَ مَنْ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ فِي كُلِّ وَجْهَةٍ وَدَخَلَ قَوْمٌ الْمَدِينَة فجالت خيلهم فِيهَا يقتلُون وينتهبون

قَالَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَقْبَلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَقَدْ تَفَرَّقَ النَّاسُ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ يَا فَتَى أَيْنَ تُرِيدُ قَدْ قُتِلَ النَّاسُ فَتَعَالَ أُرْدِفُكَ وَرَائِي أُخَلِّصُكَ قَالَ الْفَتَى وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا ذَلِك وَرَدِفَ وَرَاءَهُ فَبَيْنَمَا هُوَ يُحَدِّثُهُ إِذْ رَأَى الْفَتَى رَايَةً مَنْصُوبَةً قَرِيبًا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَل مَعهَا أنَاس قِيَامٌ فَقَالَ يَا أَخَا أَهْلِ الشَّام قَدْ أَحْسَنت وأجملت وَإِنِّي وَالله لَا أقتل أَمَانًا وَإِنِّي أَرَى رَجُلا وَاحِدًا يُقَاتِلُ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ فَتَرَامَى الْفَتَى عَنِ الْفَرَسِ فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ قُتِلَ

قَالَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ بَنِي زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَعَلُوا مِثْلَ ذَلِكَ يَوْمَئِذٍ

قَالَ حَدَّثَنِي الْحِزَامِيُّ عَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ بَنِي زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مِثْلَهُ

عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ قَالَ خَرَجْتُ يَوْمَئِذٍ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ صَاحِبِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْخَيْل تمسح فِي كُلِّ جِهَةٍ قَتْلا وَنَهْبًا فَقِيلَ لَهُ لَوْ عَلِمَ الْقَوْمُ بِاسْمِكَ وَصُحْبَتِكَ مَا قَتَلُوكَ فألا أَعْلَمْتَهُمْ بِمَكَانِكَ فَقَالَ واللَّهِ لَا أَقْبَلُ لَهُمْ أَمَانًا وَلا أَبْرَحُ حَتَّى أُقْتَلَ لَا أَفْلَحَ من نَدم وَكَانَ رجلا أبيضا طُوَالا أَصْلَعَ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَضْرِبَ صَلَعَتَكَ وَهُوَ حَاسِرٌ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ ذَلِكَ شَرٌّ لَكَ وَخَيْرٌ لِي قَالَ فَضَرَبَهُ بِفَأْسٍ فِي يَدِهِ مِنْ حَدِيدٍ فَرَأَيْتُ نُورًا سَاطِعًا خَارِجًا مِنْ رَأْسِهِ صَاعِدًا فِي السَّمَاءِ وَسَقَطَ مَيِّتًا وَكَانَ يَوْمَئِذٍ صَائِمًا رَحِمَهُ اللَّهُ

قَالَ الْحِزَامِيُّ وَحَدَّثَنِي الْوَاقِدِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَنْظَلَةَ يَوْمَئِذٍ وَحَانَتِ الظُّهْرُ فَقَالَ لِمَوْلاهُ احْمِ ظَهْرِي حَتَّى أُصَلِّيَ فَصَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا مُتَّكِئًا فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَالَ مَوْلاهُ مَا بَقِيَ أَحَدٌ فَعَلامَ تُقِيمُ وَلِوَاؤُهُ قَائِم مَا حول خَمْسَةٌ قَالَ وَيْحَكَ إِنَّمَا خَرَجْنَا عَلَى أَنْ نَمُوتَ قَالَ فَلَمْ يَلْبَثْ حَتَّى قُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقُتِلَ أَصْحَابُ اللِّوَاءِ وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يُقَاتِلُ فَجَعَلَ الْفَاسِق مُسلم بن عقبَة يطوف على فرس لَهُ فِي الْقَتْلَى وَمَعَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَمَرَّ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ وَهُوَ مَادٌّ إِصْبَعَهُ السَّبَّابَةَ فَقَالَ مَرْوَانُ أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ نصبتها مَيتا لطال مَا نَصَبْتَهَا حَيًّا دَاعِيًا وَمَرَّ عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ وَيَدُهُ عَلَى فَرْجِهِ فَقَالَ أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ حَفِظْتَهُ فِي الْمَمَاتِ لَقَدْ حَفِظْتَهُ حَيًّا وَمَرَّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَهُوَ عَلَى وَجْهِهِ وَاضِعًا جَبْهَتَهُ بِالأَرْضِ فَقَالَ أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ كُنْتَ عَلَى وَجهك بعد الْمَمَات لطال مَا افْتَرَشْتَهُ حَيًّا سَاجِدًا للَّهِ فَقَالَ مُسْلِمٌ وَاللَّهِ مَا أَرَى هَؤُلاءِ إِلا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَا يسمع هَذَا مِنْك أحد من أهل الشَّام فَيُكَرْكِرَهُمْ عَنِ الطَّاعَةِ فَقَالَ مَرْوَانُ إِنَّهُمْ بَدَّلُوا وغيروا قَالَ وَمر عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَبَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرُ السُّجُودِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ مَرْوَانُ عَرَفَهُ وَكره أَن يعرف بِهِ فحز رَأْسَهُ فَقَالَ لَهُ مُسْلِمٌ مَنْ هَذَا قَالَ بَعْضُ هَذِهِ الْمَوَالِي وَجَاوَزَهُ فَقَالَ مُسْلِمٌ كَلا وَبَيْتِ اللَّهِ لَقَدْ نَكَبْتَ عَنْهُ لِشَيْءٍ فَقَالَ مَرْوَانُ هَذَا صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ ذَلِكَ أَحْرَى نَاكِثُ طَاعَةٍ حُزُّوا رَأْسَهُ

قَالَ وَحَدَّثَنِي الْحِزَامِيُّ عَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ يَوْمَ الْحَرَّةِ لَهُ غِنَاءٌ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ وَقَفُوا عَلَى الْخَنْدَقِ فَاقْتَتَلُوا عَلَيْهِ قِتَالا شَدِيدًا فَوَقَعَ فِي الْخَنْدَقِ وَرَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَتَزَاحَفَا وَتَضَارَبَا حَتَّى قُتِلَ الشَّامِيُّ واقتحم عَلَيْهِ آخَرُ فَقَتَلَهُ أَيْضًا فَكَثُرُوا عَلَيْهِ وَتَنَاوَلَ أَصْحَابُهُ بِيَدِهِ حَتَّى ارْتَفَع وَكَانَ عَظِيمَ النِّكَايَةِ فَقَالَ إِنِّي لَا أَعْرِفُ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ فَأَرُونِيهِ قَالُوا هُوَ وَاقِفٌ عَلَى تِلْكَ الْكَوْمَةِ فَخرج يعدو وَكَأَنَّهُ سَبُعٌ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْهُ أَوْ قَرُبَ يُخَالِطُهُ فَطَنَ لَهُ فَضُرِبَ دُونَهُ حَتَّى قُتِلَ

قَالَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ عَن الْحصين بن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ أَوَّلُ دَارٍ مِنْ دُورِ الْمَدِينَةِ انْتُهِبَتْ وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ دَارُ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ فَمَا تَرَكُوا مِنْ حُلِيٍّ وَلا أَثَاثٍ وَلا فِرَاشٍ إِلا نَفَضَ صُوفِهِ حَتَّى الدَّجَاجُ وَالْحَمَامُ كَانُوا يَذْبَحُونَهَا وَلَقَدْ دُخِلَ دَار مُحَمَّد بن مسلمة فتطايح النِّسَاءُ فَأَقْبَلَ زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ نَحْوَ الصُّفُوفِ فَوَجَدَ عَشَرَةً يَنْتَهِبُونَ وَقَاتَلَهُمْ وَمَعُه وَاحِدٌ أَوِ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِهِ حَتَّى قَتَلُوا الشَّامِيِّينَ وَخَلَّصُوا مَا أَخَذُوا مِنْهَا وَمَا كَانَ مِنْ خَيْرِ مَتَاعِهِمْ أَلْقَوْهُ فِي بِئْرٍ لَا مَاءَ فِيهَا وَكَنَسُوا عَلَيْهَا التُّرَابَ ثُمَّ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى قُتِلَ زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الأَنْصَارِ وُجِدُوا كُلُّهُمْ صَرْعَى عَلَى بَابه وَفِي زيد بن مُحَمَّد بن مسلمة أَرْبَعَة عشر ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ مِنْهَا أَرْبَعٌ فِي وَجْهِهِ

وَحَدَّثَنِي الْحِزَامِيُّ عَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ لَزِمْتُ بَيْتِي فَلَمْ أَخْرُجْ فَدَخَلَ عَلَيَّ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالُوا أَيُّهَا الشَّيْخُ أَخْرِجْ مَا عِنْدَكَ فَقُلْتُ مَا عِنْدِيْ شَيْءٌ فَنَتَفُوا لِحْيَتِي وَضَرَبُونِي ضَرَبَاتٍ ثُمَّ أَخَذُوا مَا وَجَدُوا فِي الْبَيْتِ حَتَّى الصُّوفَ وَحَتَّى زَوْجَ حَمَامٍ كَانَ لَنَا

قَالَ الْوَاقِدِيُّ لَمَّا قُتِلَ أَهْلُ الْحَرَّةِ كَانَ عَسْكَرُ مُسْلِمِ بْنِ عقبَة فِي الجرف فَأمر فَحُوِّلَ إِلَى عَرْصَةِ الْبَقْلِ وَأَمَرَ بِالأُسَارَى فَجِيءَ بهم ثمَّ دَعَا معقل بن سِنَان الْأَشْجَعِيّ وَمُحَمّد بن أبي الجهم بن حُذَيْفَة وَيزِيد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الأَسْوَدِ بن الْمطلب بن أَسد بن عبد الْعُزَّى وَكَانَ عَلَيْهِم حنقا فَقَالَ أَتُبَايِعُونَ لعبد الله بن يَزِيدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَلِمَنِ اسْتَخْلَفَ بَعْدَهُ عَلَى أَنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَنْفُسَكُمْ خَوَلٌ لَهُ يَقْضِي مَا شَاءَ فِيهَا فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ إِنَّمَا نَحْنُ نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَنَا مَا لَهُمْ وَعَلَيْنَا مَا عَلَيْهِمْ فَقَالَ مُسْلِمٌ وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّكَ وَاللَّهِ لَا تَشْرَبُ الْبَارِدَ أَبَدًا فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ

فَأَمَّا مَقْتَلُ مَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ الأَشْجَعِيِّ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ فَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ نَافِع قَالَ حَدثنَا الجزامي قَالَ سَعِيدٌ وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْملك بن حبيب عَن أَبِيه وحَدثني الْحِزَامِيُّ عَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَان الْأَشْجَعِيّ قَالَ حضرت مُسلما أرسل إِلَى مَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ الأَشْجَعِيِّ وَكَانَ مَعْقِلٌ حَمَلَ لِوَاءَ قَوْمِهِ يَوْمَ الْفَتْحِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ مَعْقِلٌ قَدْ بَعَثَهُ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ لِبَيْعَةِ يَزِيدَ فِي وَفْدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَاجْتَمَعَ مَعْقِلٌ وَمُسْلِمٌ هُنَالِكَ فَكَانَ مِنْ مَعْقِلٍ بَعْضُ الصَّلَفِ على يزِيد فِيمَا بَينه وَبَين مُسلم من اسْتِرَاحَةٌ وَطَمَأْنِينَةٌ إِلَيْهِ فَحَقَدَ عَلَيْهِ فَلَمَّا أُتِيَ بِمَعْقِلٍ مَأْسُورًا عَرَفَهُ فَقَالَ لَهُ أَعَطِشْتَ يَا مَعْقِلُ قَالَ نَعَمْ أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ قَالَ خُوضُوا لَهُ شَرْبَةً مِنْ سَوِيقِ اللَّوْزِ فَلَمَّا شَرِبَهَا قَالَ أَرَوِيتَ قَالَ نَعَمْ أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ قَالَ أَمَا وَاللَّهِ لَا تَشْتَهِيهَا قَدِّمْهُ يَا مفرح فَاضْرب عُنُقَهُ ثُمَّ قَالَ اجْلِسْ وَقَالَ لِنَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقٍ قُمْ فَاضْرِبْ عُنَقُه ثُمَّ قَالَ أَمَا وَاللَّهِ مَا كُنْتُ لأَدَعَكَ بَعْدَ كَلامٍ سَمِعْتُهُ مِنْكَ تَطْعَنُ بِهِ عَلَى إِمَامِكَ وَقُتِلَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي جَهْمٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ وُجُوهِ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ وَخِيَارِ النَّاسِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَأَبْنَائِهِمْ

قَالَ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ فِي كِتَابِ الطَّبَقَاتِ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الأَشْجَعِيُّ شَهِدَ الْفَتْحَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ شَابًّا طَوِيلا وَقُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ صَبْرًا فَقَالَ الشَّاعِرُ

(أَلا تِلْكُمُ الأَنْصَارُ تَنْعَى سَرَاتَهَا ... وَأَشْجَعُ تَبْكِي مَعْقِلَ بْنَ سِنَانِ)

ذِكْرُ عِدَّةِ مَنْ أُصِيبَ يَوْمَ الْحَرَّةِ وَفَضَائِلِهِمْ رَحِمهم الله[عدل]

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ نَافِع قَالَ حَدثنَا الخزامي قَالَ سَعِيدٌ وَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْملك عَن أَبِيه عَن الخزامي عَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ كَمْ بَلَغَ الْقَتْلُ يَوْمَ الْحَرَّةِ قَالَ أَمَّا مِنْ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ وَمُهَاجِرَةِ الْعَرَب ووجوه النَّاس فسبعمائة وَسَائِرُ ذَلِكَ عَشَرَةُ آلافٍ وَأُصِيبَ بِهَا نِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ بِالْقَتْلِ

قَالَ الزُّهْرِيُّ وَكَانَ قُدُومُ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ لِثَلاثٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِّتِينَ فَانْتَهَبُوا الْمَدِينَةَ ثَلاثًا حَتَّى رَأَوْا هِلالَ الْمُحَرَّمِ ثُمَّ أَمْسَكُوا بَعْدَ أَنْ لَمْ يُبْقُوا أَحَدًا بِهِ طَوْقٌ

وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَحَدَّثَنِي الطَّلْحِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ قُتِلَ يَوْمَ الْحرَّة ثَمَانُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم لم يَبْقَ بَعْدَ ذَلِكَ بَدْرِيٌّ

وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ شَعْبَانَ عَنْ وَهْبِ بْنِ نَافِعٍ عَنِ الْحِزَامِيِّ عَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ الأَسْلَمِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فِي سَفَرٍ مِنْ أَسْفَارِهِ فَلَمَّا مَرَّ بِحَرَّةِ زُهْرَةَ وَقَفَ فَاسْتَرْجَعَ فَقَالُوا مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ يُقْتَلُ فِي هَذِهِ الْحَرَّةِ خِيَارُ أُمَّتِي بَعْدَ أَصْحَابِي

قَالَ الْوَاقِدِيّ عَن خَالِد بن إلْيَاس عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ وَقَفَ بِحَرَّةِ زُهْرَةَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ قَالَ وَجَدْتُ فِي كِتَابِ يَهُودَ الَّذِي لَمْ يُبَدَّلْ وَلَمْ يُغَيَّرْ أَنَّهَا تَكُونُ هَهُنَا مَقْتَلَةُ قَوْمٍ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاضِعِي سُيُوفِهِمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ حَتَّى يَأْتُوا الرَّحْمَنَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فيقفون بَين يَدَيْهِ وَيَقُولُونَ قتلنَا فِيك

قَالَ وحَدثني الْحزَامِي عَن الْوَاقِدِيّ عَن إِبْرَاهِيم عَن عَمْرو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحصين قَالَ عندنَا قُبُور قَتْلَى من قَتْلَى الْحرَّة فَقل مَا حركت الأفاح مِنْهَا ريح الْمسك

قَالَ وحَدثني الْحِزَامِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَنْظَلَةَ فِي مَنَامِي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ مَعَهُ لِوَاؤُهُ فَقلت يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَمَا قُتِلْتَ قَالَ بَلَى وَلَقِيتُ رَبِّي فَأَدْخَلَنِي الْجَنَّةَ فَأَنَا أَسْرَحُ فِي ثِمَارِهَا حَيْثُ شِئْتُ فَقُلْتُ فَأَصْحَابُكَ مَا صَنَعَ بِهِمْ قَالَ هُمْ حَوْلَ لِوَائِي هَذَا الَّذِي تَرَى لَمْ يُحَلَّ عَقْدُهُ بَعْدُ

وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ شَعْبَانَ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَحَدَّثَنِي ابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْهُذَلِيِّ عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ كَانَ النَّاسُ يَلْبَسُونَ الْمَصْبُوغَ مِنَ الثِّيَابِ قَبْلَ الْحَرَّةِ فَلَمَّا قُتِلَ النَّاسُ بِالْحَرَّةِ اسْتَحْيُوا أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ

قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَحَدَّثَنِي ابْن الْمَاجشون عَن مُوسَى بن مُحَمَّد التَّمِيمِي عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَقَدْ مَكَثَ النَّوْحُ فِي الدّور على أهل الْحرَّة سنة مَا يهدؤون

تَسْمِيَةُ مَنْ قُتِلَ بِالْحَرَّةِ مِنْ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ وَغَيْرِهِمْ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عُثْمَانَ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الْمُتَوَكِّلِ الْعُمَانِيِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْوَاقِدِيِّ قَالَ قَرَأْتُ كِتَابَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ تَسْمِيَةَ مَنْ قُتِلَ بِالْحَرَّةِ وَأَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ أَنَّ الْكِتَابَ كِتَابَ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ مَوْلَى آلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ

مِنْ بَنِي هَاشِمٍ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الله بن نَوْفَل بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب وجعفر بن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّةِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ وَهُمْ أَرْبَعَةٌ قَالَ الْوَاقِدِيُّ نَظُنُّ أَنَّهُمُ اعْتَرَضُوا وَلَمْ يُنَصِّبُوا لِلْقِتَالِ إِلا وَاحِدًا الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ

وَمِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَأَبُو كِنَانَةَ مَوْلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَهُمَا اثْنَانِ وَمن بني يزِيد بن أُخْتِ النَّمِرِ سُلَيْمَانُ بْنُ يَزِيدَ وَعَمْرُو بْنُ يَزِيدَ وَالْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ وَالسَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ

وَمِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ يَحْيَى بن نَافِع بن عُمَيْر بن عبد بن يزِيد بْنُ هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمٍ وَجَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن مَالك بن بُحَيْنَة

وَمِنْ حُلَفَائِهِمْ مِنْ بَنِي شَيْبَانَ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّادِ بْنِ شَيْبَانَ وَصَفْوَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَيْبَانَ وَالأَسْوَدُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ شَيْبَانَ وَمَعْبَدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ شَيْبَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ جَرِيرٍ وَسُلَيْمُ بْنُ عَطِيَّةَ بْنِ حَاتِمٍ وَسَالِمٌ وَمَوَالِي بَنِي سُلَيْمٍ وَهُمْ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلا

وَمِنْ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ داؤد بن داؤد بْنِ سَهْلِ بْنِ قُرَظَةَ بْنِ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ حَلِيفٌ لَهُمْ

مِنْ بني مَازِن بن مَنْصُور إثنان

وَمن بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَهْبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ الْمطلب بن أَسد بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ وَابْنٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ بْنِ أبي حُبَيْش بن الْمطلب وعدي بن ذُؤَيْب بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَسَدٍ شَكَّ فِيهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ حَلِيفٌ لَهُمْ وَأُسَامَةُ بْنُ جُنَادَةَ شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُمْ وَهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلا

وَمِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسَافِعِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسَافِعِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَوَهْبُ بْنُ عَامِرِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سِتَّةٌ

وَمِنْ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلابٍ الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَأَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ وَعِيَاضُ بْنُ حَسَنِ بْنِ عَوْفٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الأَسْوَدِ بْنِ عَوْفٍ وَفُلانُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ وَالصَّلْتُ بْنُ مَخْرَمَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الأَسْوَدِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَنَوْفَلُ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ وَإِسْمَاعِيلُ بن وهب بن الْأسود بن يَغُوث وَعمر بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعِمْرَانُ بْنُ عبد الرَّحْمَن بْنِ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقاص وَمُحَمّد بن الْعَلَاء بْنِ حَارِثَةَ الثَّقَفِيُّ حَلِيفٌ لَهُمْ شَكَّ فِيهِ وَعتبَة بن الْجلاس بن الْعَلَاء بْنِ حَارِثَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو عُثْمَانَ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ وَحُرَيْثُ بْنُ عُمَارَةَ أَخُو مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لأُمِّهِ وَحُسَيْنُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْحَضْرَمِيُّ حَلِيفٌ لَهُمْ وَهُمْ عِشْرُونَ رَجُلا

وَمِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ يَعْقُوبُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَوْسِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ وابراهيم بن قارظ وَمَالك بن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ وَمُؤْمِنُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الطُّفَيْلِ وَغَضْبَانُ بْنُ غَطَفَانَ أَخُو ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ لأُمِّهِ وَمَعْقِلُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ خَالِدِ بْنِ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ وَمِنْ مَوَالِيهِمْ عَمَّارُ بْنُ صُهَيْبِ بْنِ مُصْعَبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ وَخَالِدُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ صُهَيْبٍ وَهُمْ تِسْعَةٌ

وَمِنْ بَنِي مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَخْزُومٍ

وَمِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَمْرو بن سعيد بن زيد بْنِ نُفَيْلٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن سعيد بن زيد وَابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْمُؤَمَّلِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ مُطِيعٍ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُطِيعِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ حَارِثَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ بْنِ نَضْلَةَ ابْن عَوْفِ بْنِ عُبَيْدٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ وَحُذَيْفَةُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ بْنِ غَانِمِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عويج وَمِنْ أَعْدَادِهِمْ مِنْ بَنِي الْبُكَيْرِ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ الشّرورِيُّ وَإِيَاسٌ وَأُنَاسٌ مِنْ بَنِي الشّرورِيِّ وَهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلا

وَمِنْ بَنِي سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصِ بْنِ كَعْب بن لؤَي دؤيب بْنُ عِمَامَةَ وَفُلانُ بْنُ عِمَامَةَ بْنِ الأَخْنَسِ بْنِ حُذَافَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حِبْرَانَ ابْن الأَعْرَجِ بْنِ خُزَيْمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَعِيدِ بن سهم وَأسد وَمن حلفائهم مناع ابْن خَلِفَةَ وَمَضَاءُ بْنُ مَنَّاعٍ وَهُمْ سِتَّةٌ

وَمِنْ بَنِي جُمَحَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَطَّابِ بْنِ مَعْمَرِ بْنِ حَبِيبٍ وَالْخَطَّابُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ مَعْمَرِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحَ وَمِنْ أَعْدَادِهِمْ عَمْرُو بْنُ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ وَلُوطُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ الصَّلْتِ وَهُمْ سِتَّةٌ

وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلٍ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرو بن سهل بن عَمْرو بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ نَصْرٍ وَرَبِيعَةُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَمْرٍو وَعُمَرُ ابْن عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَاطِبٍ وَسَلِيطُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ هَاشِمٍ وَهِشَامُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَزَمْعَةُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ هِشَامِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ الْحُصَيْنِ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْخِيَارُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْخِيَارِ وَأَبُو سُلَيْمَانَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْخِيَارِ وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلا

وَمِنْ بَنِي أَبِي سَرْحِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ حُذَيْفَةَ بن نصر بن مَالك ابْن حِسْلٍ سُلَيْمَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُوَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ وَأَبُو عَمْرِو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ فَضَالَةَ وَأَبُو قَيْسِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عريد ابْنُ أُخْتٍ لَهُمْ

وَمِنْ بَنِي مُعَيْصِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ فَضَالَةُ بْنُ خَالِدِ بْنِ تَالِيَةَ وَالْحَارِثُ بْنُ خَالِدِ بْنِ تَالِيَةَ وَمُسْلِمُ بْنُ خَالِدِ بْنِ تَالِيَةَ وَفُلانُ بْنُ خَالِدِ بْنِ تالية

وَمن بني حُجْرِ بْنِ مُعَيْصٍ فُلانُ بْنُ الطُّفَيْلِ بْنِ يزِيد بن مَالك وعياض ابْن أَبِي سَلامِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ وَهْبٍ وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن نَافِع ابْن أنس بن عبيد بْنِ جَابِرِ بْنِ وَهْبٍ وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلا

وَمِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ وَمُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ هَؤُلاءِ مَوَالِي عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ

وَمِنْ بَنِي قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ وَهُوَ الْخُلُجُ زُفَرُ بْنُ سُوَيْدٍ وَعَقِيلُ بْنُ زُفَرَ بْنِ سُوَيْدٍ وَفُلانُ بْنُ مَالِكِ بْنِ سُوَيْدٍ وَرَبِيعَة بن زِيَاد وَابْنه والْعَلَاء بْنُ سَلَمَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَزِيَادُ بن أبي هنهتة وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلا وَمِنْ بَنِي مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ ثُمَّ مِنْ آلِ بَنِي نَهْشَلٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَهْشَلٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَهْشَلٍ وَقَطَنُ بْنُ نَهْشَلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَبِيبٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ نَضْلَةَ بْنِ وَهْبٍ

وَمِنْ آلِ رَبَاحِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْمُعْتَرِفِ سَعِيدُ بْنُ رَبَاحٍ وَأَبَانُ بْنُ حَسَّانِ بْنِ رَبَاحٍ وَعَمْرُو بْنُ الْمُعْتَرِفِ وَالْوَلِيدُ بْنُ عِصْمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حِجْرَانَ بن عَمْرو بن حبيب وَحَكِيم بن نَافِع ومضرس بن خُنَيْس وَهُوَ كَثِيرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَبِيبٍ وَأَبُو عَمْرِو بْنُ سِنَانِ بْنِ مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ وَهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلا فَجَمِيعُ مَنْ يُحْصَى مِمَّنْ قُتِلَ مِنْ قُرَيْشٍ مِائَةُ رَجُلٍ وَتِسْعَةٌ وَخَمْسُونَ رَجُلا

وَمِنَ الأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ سَلِيطُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَسَعْدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَيَحْيَى بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابت وَزيد بن زيد بْنُ ثَابِتٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حزم وأقاربه وهم سِتَّة الثَّلَاثَة أَوْلَاد عُثْمَان وَعبد الْملك ابْنا مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَحِزَامُ بْنُ زَيْدِ بْنِ لَوْعَانَ وَخَالِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ والْعَلَاء بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ نُعْمَانَ بْنِ أَبِي يَسَافِ بْنِ نَضْلَةَ وَعَمْرُو بْنُ الْمُعَلَّى بْنِ عَمْرٍو وَمَالِكُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَيْسِ بْنِ عبد العزى بْنِ غَزِيَّةَ بْنِ عَمْرٍو وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَهْلِ بن ثَعْلَبَة ابْن الْحَارِثِ بْنِ زَيْدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي وَرْدِ بْنِ قَيْسٍ وَعَمْرُو بْنُ فُلانَ بْنِ قَيْسِ بْنِ فِهْرِ بْنِ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدٍ وَمُعَاذُ بْنُ الْحَارِثِ الْقَارِي صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالأَرْقَمُ بْنُ وَهْبٍ

وَمِنْ بَنِي عَبْدٍ خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ وَزَيْدُ بْنُ أَبِي عَمْرِو بْنِ عَمْرِو بْنِ مِحْصَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاذٍ قَتْلا بِالسُّوقِ وَهُمْ سِتَّةَ عَشَرَ رَجُلا

وَمِنْ عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ زَيْدُ بْنُ أَبِي عَمْرِو بْنِ عَمْرِو بْنِ مِحْصَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عتِيك وَعمر بْنُ سَعْدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ ويَحْيَى بْنُ عُمَرَ حَلِيفٌ لَهُمْ وَهُمْ ثَلاثَةُ رِجَالٍ

وَمن عمر وبن مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ مُحَمَّدُ بْنُ أُبَيِّ بْنِ كَعْب وعائذ ابْن مُحَمَّدِ بْنِ أَنَسٍ وَأَنَسُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَعمر بْنُ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ قَيْسٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ الأَسْوَدِ وَعَمْرُو بْنُ عُمَيْرِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ نُبَيْطٍ وَعْبُد الْمَلِكِ بْنُ نُبَيْطِ بْنِ جَابِرٍ وَعُمَارَةُ بن عقبَة بن كريز وهم إِحْدَى عَشَرَ رَجُلا

وَمِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ تَيْمِ اللَّهِ عَمْرُو بْنُ تَمِيمِ بْنِ غَزِيَّةَ وَثَابِتُ ابْن تَمِيمٍ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي جُبَّةَ بْنِ غَزِيَّةَ وَفَرْوَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَزِيَّةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ وَبِشْرُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَامِتٍ وَالْحَارِثُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ أُوَيْسِ بْنِ الْمُعَلَّى وَالْحَارِثُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ الْمُعَلَّى وَعَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي قَيْسٍ وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلا

وَمن بني غَنْمِ بْنِ تَيْمِ اللَّهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسِ بْنِ أَبِي صِرْمَةَ وَخَالِدُ بْنُ سَوَّارِ بْنِ غَزِيَّةَ وَعَلِيُّ بْنُ رِفَاعَة وَعَمْرو بن عبد الله ابْن الْحَارِثِ بْنِ سُرَاقَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَيَحْيَى بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وهم سِتَّة

وَمن بني دبيان بْنِ تَيْمِ اللَّهِ سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ رَجُلٌ فَجَمِيع من قتل من بني النجار اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ رَجُلا

وَمِنَ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خُبَيْبِ بْنِ إِسَافِ بْنِ عُبَيْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ إِسَافٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَنَسِ بْنِ السَّكَنِ وَسَعْدُ بْنُ كُلَيْبِ بْنِ إِسَافٍ وَهُمْ أَرْبَعَةٌ

وَمِنْ بَنِي كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ الْحَارِثِ عَبْدُ الله بن مُحَمَّد وَسليمَان ابْن مُحَمَّدٍ وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي فَضَالَةَ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي فَضَالَةَ بْنِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَأَبُو مَعْبَدِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ سِمَاكٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُصَيْنِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعِ بْنِ سُرَاقَةَ وَالسَّائِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعِ بْنِ سُرَاقَةَ وَهُمْ تِسْعَةٌ

وَمِنْ بَنِي مَغَالَةَ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَزْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ وَعُتْبَةُ بْنُ الأَشْعَثِ بْنِ كَعْبٍ وَهُمْ ثَلاثَةٌ

وَمِنْ بَنِي الأَبْجَرِ رَهْطِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عِكْرِمَةُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ

وَمِنْ بَنِي عَوْفٍ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحبلِيِّ عَبْد اللَّهِ بْن وَدِيعَة بْن بِلَال وَعَمْرو بْن عَبْد اللَّهِ بْن الحكم

وَمِنْ بَنِي سَالِمٍ رَهَطِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ نَوْفَلُ بْنُ مُحَمَّدِ بن عبَادَة ابْن نَضْلَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَسَعْدُ بْنُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَثَابِتُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُنَيْسٍ عَدِيدٌ لَهُمْ قُتِلَ مِنْ بَنِي عَوْفٍ سِتَّةٌ

وَمِنْ بَنِي سَلَمَةَ مُعَاذُ بْنُ خَلَفٍ وَأَيُّوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ وَعَمْرُو بْنُ جُبَيْرِ بْنِ خَشْرَمٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ ربعي وهم أَرْبَعَة

وَمن بني سَواد من بني سَلمَة يزِيد بن أبي الْيُسْر ونعمان ابْن يَزِيدَ بْنِ أَبِي الْيُسْرِ وَيَحْيَى بْنُ صَيْفِيِّ بْنِ الأَسْوَدِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْمُنْذِرِ وَوَهْبُ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وهم خَمْسَة وَمِنْ بَنِي زُرَيْقٍ فَرْوَةُ بْنُ أَبِي عُبَادَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُثْمَانَ وَابْنُهُ عُثْمَانُ بْنُ فَرْوَةَ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عُبَادَةَ وَمَسْعُودُ بْنُ أَبِي عُبَادَةَ وَسَعْدُ بْنُ عُثْمَانَ وَسَلَمَةُ بْنُ قَيْسِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ خَالِدٍ وَعَامِرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَمْرُو بْنُ خَلْدَةَ وَالْحَارِثُ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ وَمَالِكُ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَلْدَةَ بْنِ رَافِعِ بن مَالك والْعَلَاء بن نيار وَعبد الله ابْن نِيَارٍ وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلا

وَمِنْ بَنِي الأَوْسِ بْنِ عَبْدِ الأَشْهَلِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ خَلِيفَةَ وَثَعْلَبَةُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَابْنُ أَبِي جُبَيْرِ بْنِ الضَّحَّاكِ وَبَكْرُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الضَّحَّاكِ وَجُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي جُبَيْرَةَ بْنِ الْحُصَيْنِ وَمَحْمُودُ بْنُ أَبِي جبيرَة وَعقبَة ابْن جُبَيْرَةَ وَالضَّحَّاكُ بْنُ جُبَيْرَةَ وَحَزْمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ وَهُمْ تِسْعَةُ رِجَالٍ

وَمِنْ بني امريء الْقَيْسِ عَمْرُو بْنُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَامِرِ بْنِ زَيْدِ بْنِ بُكَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَشَيْبَةُ بْنُ الْمُعَلَّى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ

وَمن بني زعوراء بن عبد الْأَشْهَل عَبَّاسُ بْنُ سِلْكَانَ بْنِ سَلامَةَ وَسِلْكَانُ أَبُو نَائِلَةَ قَاتِلُ كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ وَأَسَدُ بْنُ نَافِع ابْن يَزِيدَ وَمُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمٍ وجعفر بن معَاذ بن يزِيد وجعفر ابْن يَزِيدَ وَسِلْكَانُ بْنُ سَلامَةَ وَسَلامَةُ بْنُ عَبَّادِ بن سلكان بن سَلامَة وَزيد ابْن مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ صَاحِبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَمِنْ آلِ الْيَمَانِ بْنِ قَيْسٍ حُلَفَاءِ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ سَعْدُ بْنُ حَسِيلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ حَسِيلٍ وَمَسْعُودُ بْنُ سَعْدٍ وَعُبَادَةُ بْنُ سَعْدٍ وَأَبُو جُبَيْرِ بْنُ سَعْدِ بْنِ حَسِيلٍ وَجَمِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سعد بن الْيَمَان وَمرَّة والأشعث ابْنَا قَيْسِ بْنِ عُبَادَةَ وَرِفَاعَةُ بْنُ أَنَسٍ وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلا

وَمِنْ بَنِي حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ وَجَعْفَرُ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ مُحَيِّصَةَ وَسَاعِدَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسِيدِ بْنِ سَاعِدَةَ وَكِنَانَةُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُوَيْسٍ وَسَهْلُ بْنُ أَبِي أُمَامَةَ حَلِيفٌ لَهُمْ وَهُمْ خَمْسَةٌ

وَمِنْ بَنِي ظَفْرٍ عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الخطيم وَمُحَمّد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمْلَةَ أَبُو نَمْلَةَ لَهُ صُحْبَةٌ وَهُمْ ثَلاثَةٌ

وَمِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ يَحْيَى بْنُ مُجَمِّعِ بْنِ حَارِثَة وَعبد الله ابْن مُجَمِّعِ بْنِ حَارِثَةَ وَعِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ حَارِثَةَ وَعُكَّاشَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَعَمْرُو بْنُ سُوَيْدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ سَاعِدَةَ وَأَبُو فُلانَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ وَهُمْ سِتَّةٌ

وَمْنِ بَنِي ثَعْلَبَةَ حَبِيبُ بْنُ خَوَّاتِ بن جُبَير وَعمر بن خَوات بن ابْن جُبَير رجلَانِ

وَمن بني جحجبا عِيَاض بن عمر بن تليل وَعمْرَان بن عمر بْنِ تليلٍ وَعَلِيَّةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ تليلٍ أَرْبَعَة وَمِنْ بَنِي الْعَجْلانِ عُمَارَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ سَلَمَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ سَلَمَةَ وَعُمَارَةُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ وَعَامِرُ بْنُ معمر وَعَاصِم بن عدي وَعمارَة بْنُ رِفَاعَةَ وَجَعْفَرُ بْنُ شَرِيكِ بْنِ عُمَرَ وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ وَهُمْ سَبْعَةٌ

وَمِنْ بَنِي مُعَاوِيَة بن مَالك من بني هنيثة مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكِ بْنِ كُلَيْبٍ جُرِحَ فَمَاتَ وَعُتْبَةُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مَالِكٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ عتِيك وَسعد بن أبي داؤود وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ صَاحِبُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ أُمِّ عُمَارَةَ وَهُوَ قَاتِلُ ابْنِ مُسَيْلِمَةَ وَهُوَ أَخُو حبيب الَّذِي قطعه مُسَيْلمَة أعضي على أَن يُشْرك فَأبى وَجبير بن عبد الله وَعبد بن الْحَارِث بن كَعْب وَعَمْرو بْنِ عُبَيْدِ بْنِ جَرِيرٍ وَعُبَيْدُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ جَرِيرٍ وَحَكِيمُ بْنُ مُجَاهِدٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ وَهُمْ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلا

وَمِنَ الْعَرَبِ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الأَشْجَعِيُّ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَامِلُ لِوَاءِ أَشْجَعَ يَوْمَ الْفَتْحِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُتِلَ صَبْرًا بِالسَّيْفِ بِالْعَقِيقِ

وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ بن مَالك قَالَ قتل يَوْم الْحرَّة سَبْعمِائة رَجُلٍ مِنْ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ وَكَانَ مِنْهُمْ ثَلاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَقَرَأْتُ عَنِ الْوَاقِدِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْملك عَن أسيد ابْن أَبِي أُسَيْدٍ مَوْلَى بَنِي سَاعِدَةَ قَالَ قِيلَ لأَبِي أَسِيدٍ السَّاعِدِيِّ أَيْنَ كُنْتَ يَوْمَ الْحَرَّةِ قَالَ فِي بَيْتِي قَالَ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ وَلم تَخْرُجْ إِلَى الْحَرَّةِ قَالَ أَحْبَبْتُ السَّلامَةَ وَكَرِهْتُ الْمَوْتَ وَمَعَ ذَلِكَ لأُخْبِرَنَّكَ عَجَبًا دَخَلَ عَلَيْنَا رَجُلٌ مِن أَهْلِ الشَّامِ وَالْمَدِينَةُ تُنْتَهَبُ فَمَا تَرَكَ فِي بَيْتِي شَيْئًا إِلا أَخَذَهُ حَتَّى أَخذ يعقوبا من هَذِه اليعاقب كَانَ لِصَبِيٍّ لَنَا فَاحْتَمَلَهُ وَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَبْكِي عَلَى طَائِرِهِ فَقُلْتُ لِلشَّامِيِّ لَوْ رَدَدْتَ عَلَى الصَّبِيِّ طَائِرَهُ فَنَالَ مِنِّي حَتَّى إِذَا خِفْتُ أَن يقتلني فَقلت لِأَن أَكْسَرَهُ أَنَا صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ كُنْتَ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَكْتَ ابْنَ حَنْظَلَةَ يَخْرُجُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَلا يشق العصى هُوَ وَلا أَصْحَابُهُ فَسَكَتُّ عَنْهُ فَجَعَلَ يَقُولُ وَاللَّهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَكَ قَالَ فَصَرَفَهُ اللَّهُ عَنِّي

قَالَ الْوَاقِدِيُّ فَحَدَّثَنِي ابْنُ أبي سُبْرَة عَن إِسْحَق بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِهِ تِسْعُ جِرَاحَاتٍ كُلُّهَا قَدْ خَلَصَتْ إِلَى مَقْتَلٍ فَقَالَ هَلْ أَنْتَ مُحْسِنٌ وَمُجْمِلٌ فِينَا فِي شَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ فَأَتَيْتُ مَنْزِلا لِرَاعٍ فَأَخَذْتُ لَهُ إِنَاءً مِنْ مَاءٍ فَجِئْتُهُ بِهِ وَبِهِ رَمَقٌ فَقَالَ سَقَاكَ اللَّهُ فَشَرِبَ فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَخْرُجُ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ مَوْضِعًا ثُمَّ قَالَ أَخِّرْ ذَلِكَ اللَّهُمَّ هَذَا فِيك ثمَّ طفى فَعُرِفَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْمَعَاوِيُّ وُلِدَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ شَعْبَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَهْيَبَ النَّاس عِنْد النَّاس حَتَّى كَانَت الْحرَّة فاجتريء عَلَيْهِمْ

وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ ابْنِ شَعْبَانَ قَالَ مُعَاذُ بْنُ الْحَارِثِ الْقَارِي أَحَدُ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ وَيُكَنَّى أَبَا الْحَارِثِ قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ

قَالَ الْوَاقِدِيُّ أَبُو نَمْلَةَ اسْمُهُ عَمَّارُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ زُرَارَةَ مِنْ بَنِي ظَفْرٍ مِنَ الأَوْسِ مِمَّنْ أَدْرَكَ يَوْمَ الْحَرَّةِ وَقُتِلَ لَهُ يَوْمَئِذٍ ابْنَانِ عَبْدُ اللَّهِ وَمُحَمَّدٌ

وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي نَمْلَةَ وَأَفْلَحُ مَوْلَى أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ قَالَ وَبَشِيرُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ وَأَيُّوبُ بْنُ بَشِيرٍ مِنَ الأَنْصَارِ جُرِحَ بِالْحَرَّةِ جِرَاحَاتٍ كَثِيرَة

ذِكْرُ مَا هَمَّ بِهِ الْحَجَّاجُ مِنْ قَتْلِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ فِيمَا أَحْسِبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْعَابِدِ قَالَ بَلَغَ الْحَجَّاجَ أَنَّ الْحَسَن تَكَلَّمَ فِيهِ وَفِي عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ فَقَالَ وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّهُ وَدَعَا بِالسَّيْفِ وَالنِّطْعِ قَالَ وَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَسَنَ فَاسْتَخْفَى فِي مَنْزِلِ صَدِيقٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَكَانَ لَا بَأْسَ بِهِ ثُمَّ ذَهَبَ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى مَنْزِلِ حَبِيبٍ فَدَخَلَ أَعْوَانُ الْحَجَّاجِ مَنْزِلَ حَبِيبٍ فَأْعَمَاهُمُ اللَّهُ عَنِ الْحَسَنِ أَنْ يَرَوْهُ

ذِكْرُ مَقْتَلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَمَنْ قُتِلَ فِي حَرْبِهِ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ وَوُجُوهِهِمْ عَلَى الاخْتِصَارِ مِنَّا لِذَلِكَ وَتَرْكِ التَّطْوِيلِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ قَالا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ قَالَ لَمَّا مَاتَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ سَارَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ حَتَّى جَاءَ مَكَّةَ فَدَعَاهُمْ إِلَى الطَّاعَةِ وَابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ فَلَمْ يُجِيبُوهُ وَقَاتَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ الْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَرَجُلانِ مِنْ إِخْوَتِهِ وَمُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَكَانَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ قَدْ نَصَبَ الْمَجَانِيقَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ وَعَلَى قعيقعان فَلم يكد أَحَدٌ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ فَأَسْنَدَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَلْوَاحًا مِنَ السَّاجِ عَلَى الْبَيْتِ وَأَلْقَى عَلَيْهَا الْفُرُشَ وَالْقَطَائِفَ فَكَانَ إِذَا وَقَعَ عَلَيْهَا الْحَجَرَ نَبَا عَنِ الْبَيْتِ وَكَانُوا يَطُوفُونَ تَحْتَ تِلْكَ الأَلْوَاحِ فَإِذَا سَمِعُوا صَوْتَ الْحَجَرِ حِينَ يَقَعُ عَلَى الْفُرُشِ وَالقْطَائِفِ كَبَّرُوا وَكَانَ طُولُ الْكَعْبَةِ يَوْمَئِذٍ فِي السَّمَاءِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ ضَرَبَ فُسْطَاطًا فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَكُلَّمَا جُرِحَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ أدخلهُ ذَلِك الْفسْطَاط قَالَ فجَاء رجل من أهل الشَّام وَفِي طرف سِنَان رمحه نَار فأشعلها فِي الْفسْطَاط وَكَانَ يَوْمًا شَدِيدَ الرِّيحِ فَوَقَعَتِ النَّارُ عَلَى الْكَعْبَةِ فَاحْتَرَقَ الْبَيْتُ وَالسَّقْفُ وَانْصَدَعَ الرُّكْنُ وَأُحْرِقَتِ الأستار وتساقطت إِلَى الأَرْضِ قَالَ ثُمَّ أَقَامَ أَهْلُ الشَّامِ أَيَّامًا بَعْدَ حَرِيقِ الْكَعْبَةِ

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ حَجَّاجٌ حَدَّثَنِي أَبُو مَعْشَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي بَعْضُ المشيخة اللَّذين حَضَرُوا قِتَالَ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ غَلَبَ حُصَيْنُ بن نمير على مَكَّة إِلا الْحِجْرَ قَالَ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَجَالِسٌ مَعَهُ وَمَعَهُ نفر من القريشيين عبد الله بن مُطِيع وَالْمُخْتَار ابْن أَبِي عُبَيْدٍ وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَالْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ فَقَالَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ وَهَبَّتْ رُوَيْحَةٌ وَاللَّهِ إِنِّي لأَرَى فِي هَذِهِ الرُّوَيْحَةِ النَّصْرَ فَاحْمِلُوا فَحَمَلُوا عَلَيْهِمْ حَتَّى أَخْرَجُوهُمْ مِنْ مَكَّةَ وَقَتَلَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ رَجُلا وَقَتَل ابْنُ الزُّبَيْرِ رَجُلا وَقَتَلَ ابْنُ مُطِيعٍ رَجُلا وَكَانَ بَيْنَ مَوْتِ يَزِيدَ وَبَيْنَ حَرِيقِ الْكَعْبَةِ إِحْدَى عشر لَيْلَةً أُحْرِقَتِ الْكَعْبَةُ قَبْلَ مَوْتِ يَزِيدَ بِإِحْدَى عشر لَيْلَة فَمَال حُصَيْن وَأْصَحابُهُ إِلَى الشَّامِ رِسْلا حَتَّى قَدِمُوا الشَّامَ فَلَمَّا قَدِمُوا وَجَدُوا مُعَاوِيَةَ بْنَ يَزِيدَ قَدْ مَاتَ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ أَحَدًا وَقَالَ لَا أَتَحَمَّلُهَا لَكُمْ حَيًّا وَمَيِّتًا

قَالَ وَبَايَعَ أَهْلُ الشَّامِ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ بَعْدَ أَنْ كَانُوا بَايَعُوا ابْنَ الزُّبَيْرِ إِلا أَهْلَ الأُرْدُنِّ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُبَايِعُوا ابْنَ الزُّبَيْرِ وَكَانَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ قد اسْتخْلف عَلَى أَهْلِ الشَّامِ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ الْمُحَارِبِيَّ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ لِلضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ أَرَضِيتَ أَنْ تَكُونَ مُؤَيِّدًا لابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَنْتَ أَكْبَرُ قُرَيْشٍ وَسَيِّدُهَا تَعَالَ نُبَايِعْكَ فَخَرَجَ بِهِ إِلَى مَرْجِ رَاهِطٍ فَلَمَّا دَعَاهُ لِلْبَيْعَةِ اقْتَتَلُوا فَقَتَلُوا الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ وَبُويِعَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ إِنَّا وَاللَّهِ مَا نتخوف عَلَيْك أحدا إِلَّا خَالِد ابْن يزِيد وَإنَّك إِنْ تَزَوَّجْتَ أُمَّهُ كَسَرْتَهُ وَأُمُّهُ ابْنَةُ أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَتَزَوَّجَهَا مَرْوَانُ فَأَقَامَ بِالشَّامِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى مِصْرَ فَقَالَ لِخَالِدٍ أَعِرْنِي سِلاحًا إِنْ كَانَ عِنْدَكَ قَالَ فَأَعَارَهُ سِلاحًا وَخَرَجَ إِلَى مِصْرَ فَقَاتَلَ أَهْلَ مِصْرَ وَسَبَى نَاسًا فَافْتَدَوْا مِنْهُ ثمَّ قدم الشَّام قَالَ لَهُ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ رُدَّ عَلَيَّ سِلاحِي فَأَبَى عَلَيْهِ فَأَلَحَّ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ وَكَانَ فَاحِشا يَا ابْن كَذَا يَا أَهْلَ الشَّامِ إِنَّ أُمَّ هَذَا كَذَا فَجَاءَ ابْنُهَا إِلَى أُمِّهِ فَقَالَ هَذَا مَا صنعت بِي يسبني على رُؤُوس أَهْلِ الشَّامِ وَقَالَ إِنَّ هَذَا ابْنُ كَذَا فَلبث مَرْوَان لَيَال بَعْدَمَا قَالَ لِخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ مَا قَالَ ثُمَّ جَاءَ إِلَى أُمِّ خَالِدٍ فَرَقَدَ عِنْدَهَا فَأمرت جواريها فطرحن عَلَيْهِ الشوارك ثمَّ غطته حَتَّى قتلته ثُمَّ خَرَجْنَ يَصِحْنُ وَيُشَقِّقْنَ ثِيَابَهُنَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَامَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَبَايَعَ لِنَفْسِهِ وَوَعَدَ عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ أَنْ يَسْتَخْلِفَهُ فَبَايَعَهُ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ أَرَادَ السَّيْرَ إِلَى الْعِرَاقِ وَكَتَبُوا إِلَيْهِ أَنْ سِرْ إِلَيْنَا لَمَّا مَنَعَ ابْنُ الزبير رُؤَسَائِهِمْ أَنْ يُعْطِيَهُمُ الْمَالَ فَلَمَّا خَرَجَ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنْ دِمْشَقَ أَغْلَقَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ بَابَ دِمَشْقَ فَقِيلَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ مَا تَصْنَعُ أَتَذْهَبُ إِلَى الْعِرَاقِ وَتَدَعُ دِمَشْقَ أَهْلُ الشَّامِ أَشَدُّ عَلَيْكَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَرَجَعَ مَكَانَهُ فَحَاصَرَ دِمَشْقَ حَتَّى صَالَحَ عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ وَكَانَ بَيْتُ الْمَالِ فِي يَدِ عَمْرِو بن سعيد فَأرْسل إِلَيْهِ عبد الْملك أَنْ أَخْرِجَ لِلْحَرَسِ أَرْزَاقَهُمْ فَقَالَ إِنْ كَانَ لَكَ حَرَسٌ فَإِنَّ لَنَا حَرَسًا فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ أَخْرِجْ لِحَرَسِكَ أَرْزَاقَهُمْ أَيْضًا حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمًا مِنَ الأَيَّامِ أَرْسَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ نِصْفَ النَّهَارِ أَنْ إئتني أَبَا أُمَيَّةَ أُدَبِّرُ مَعَكَ أَمْرًا قَالَ فَخَرَجَ لِيَأْتِيَهُ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ أَبَا أُمَيَّةَ لَا تَذْهَبْ إِلَيْهِ فَإِنِّي أَتَخَوَّفُ عَلْيَك مِنْهُ فَقَالَ أَبُو خَنَّانَ وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُ نَائِمًا مَا أَيْقَظَنِي قَالَتْ فَوَاللَّهِ إِنِّي أَتَخَوَّفُ عَلَيْكَ مِنْهُ وَإِنِّي لأجد ريح دم مسفوح قَالَت فَمَا زَالَتْ بِهِ حَتَّى ضَرَبَهَا بِقَائِمِ سَيْفِهِ فَشَجَّهَا فَتَرَكَتْهُ وَمَعَهُ أَرْبَعَةُ آلافِ رَجُلٍ مِنْ أبطال الشَّام اللَّذين لَا يُقْدَرُ عَلَى مِثْلِهِمْ مُسَلَّحِينَ فَأَحْدَقُوا بِحِصْنِ دمشق وفيهَا عبد الْملك ثمَّ قَالُوا لعَمْرو إِن رَابَك شَيْء فأسمعنا قَالَ فَدخل وَجَعَلُوا يَصِيحُونَ أَبَا أُمَيَّةَ أَسْمِعْنَا صَوْتَكَ وَكَانَ مَعَهُ غُلامٌ شُجَاعٌ فَقَالَ لَهُ اذْهَبْ إِلَى النَّاسِ فَقُلْ لَهُمْ لَيْسَ عَلَيَّ بَأْسٌ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ أَمَكْرًا عِنْدَ الْمَوْتِ أَبَا أُمَيَّةَ خُذُوهُ فَأَخَذُوهُ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ أَقْسَمَ لَيَجْعَلَنَّ فِي عُنُقِكَ جَامِعَةً قَالَ فَطَرَحَ فِي رَقَبَتِهِ جَامِعَةً ثُمَّ نَتَرَهُ إِلَى الأَرْضِ نَتْرَةً فَكُسِرَتْ ثَنِيَّتُهُ قَالَ فَجعل عَبْدُ الْمَلِكِ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ عَمْرٌو وَلا عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَظْمٌ انْكَسَرَ قَالَ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلاةِ الظُّهْرِ فَقَالُوا الصَّلاةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الصَّلاةَ فَقَالَ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ اقْتُلْهُ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ مِنَ الصَّلاةِ فَلَمَّا أَرَادَ عَبْدُ الْعَزِيزِ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَهُ قَالَ لَهُ عَمْرٌو نَاشَدْتُكَ بِمَسْكِ الرَّحِمِ أَنْ تَقْتُلَنِي بَيْنَهُمْ يَا عَبْدَ الْعَزِيزِ فَتَرَكَهُ فَجَاءَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَرَآهُ جَالِسًا فَقَالَ لِمَ لَمْ تقتله لعنك الله وَلعن أما وَلدتك فَقَالَ لَهُ إِنَّهُ أنْشدَ بِمَسْكِ الرَّحِمِ فَأَمَرَ رَجُلا عِنْدَهُ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الزُّوَيْزِعِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ ثُمَّ أَدْرَجَهُ فِي بِسَاطٍ ثُمَّ أَدْخَلَهُ تَحْتَ السَّرِيرِ قَالَ فَدَخَلَ قُبَيْصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ الْخُزَاعِيُّ فَقَالَ كَيْفَ رَأْيُكَ فِي عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ قَالَ وَأَبْصَرَ قُبَيْصَةُ رِجْلَ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ فَقَالَ اضْرِبْ عُنُقَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَمُوَفَّقٌ فَقَالَ قُبَيْصَةُ اطْرَحْ رَأْسَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَيْهِمْ وانشر الدَّرَاهِم عَلَيْهِم يتشاغلون بِهَا قَالَ فَفَعَلَ فَلَمَّا قَرَّتِ الْبَيْعَةُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى مُصْعَبِ بْنِ الزبير فَجعل يستنفر أهل الشَّام فيبطون عَنْهُ فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ سَلِّطْنِي عَلَيْهِمْ فَوَاللَّهِ لأُخْرِجَنَّهُمْ قَالَ فَاذْهَبْ فَقَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَيْهِمْ قَالَ فَكَانَ لَا يَمُرُّ عَلَى بَابِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ تَخَلَّفَ عَنِ الْخُرُوجِ إِلا حَرَّقَ عَلَيْهِ بَيْتَهُ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَهْلُ الشَّامِ خَرَجُوا فَأَصَابَهُمْ فِي ذَلِكَ غَلاءٌ مِنَ الأَسْعَارِ وَشِدَّةٌ مِنَ الْحَالِ

قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ وَسَارَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِأَهْلِ الشَّامِ وَمَعَهُ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ حَتَّى انْتَهَى أَهْلُ الشَّامِ إِلَى الْكُوفَة وَخرج مُصعب بن الزبير بِأَهْل الْبَصْرَة والكوفة فَالْتَقوا بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ كَتَبَ إِلَى نَاسٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ يَدْعُوهُمْ إِلَى نَفْسِهِ وَيَجْعَلُ لَهُمْ أَمْوالا وَأَشْيَاءَ وَكَتَبَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ الأَشْتَرِ يَجْعَلُ لَهُ مِثْلَ مَا يَجْعَلُ لأَصْحَابِهِ على أَن يخلعوا مصعبا بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِمُصْعَبٍ إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ كَتَبَ إِلَيَّ هَذَا الْكِتَابَ وَقَدْ كَتَبَ إِلَى أَصْحَابِي فُلانَ وَفُلانَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَادعوا بِهِمُ السَّاعَةَ فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ قَالَ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ حَتَّى يَسْتَبِينَ لِي أَمْرُهُمْ قَالَ أُخْرَى قَالَ مَا هِيَ قَالَ احْبِسْهُمْ فِي الْحَبْسِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ ذَلِكَ قَالَ مَا كُنْتُ لأَحْبِسَهُمْ فِي السِّجْنِ قَالَ عَلَيْكَ السَّلامُ لَا تَرَانِي وَاللَّهِ بَعْدَ مَجْلِسِكَ هَذَا أَبَدًا قَالَ فَمَا هُوَ إِلا أَنِ الْتَقَوْا فَحَوَّلُوا أَتْرِسَتَهُمْ ومالوا إِلَى عبد الْملك وَبَقِي مصب فِي شرذمة قَليلَة قَالَ فَجَاءَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ ظَبْيَانَ فَقَالَ أَيْنَ النَّاس أَيهَا الْأَمِير فَقَالَ عذركم يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ فَرَفَعَ عُبَيْدُ اللَّهِ السَّيْفَ لِيَضْرِبَ مُصْعَبًا فَبَادَرَهُ مُصْعَبٌ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى الْبَيْضَةِ وَنَشَبَ سَيْفَهُ فِي الْبَيْضَةِ قَالَ فَجَعَلَ مُصْعَبٌ يَلْغَبُ السَّيْفَ بِيَدِهِ فَلا يَنْتَزِعُ مِنَ الْبَيْضَة فخلى غُلَاما لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ ظَبْيَانَ فَضَرَبَ مُصْعَبًا بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ ثُمَّ جَاءَ عُبَيْدُ اللَّهِ بِرَأْسِهِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يَدَّعِي أَنَّهُ قَتَلَهُ فَطَرَحَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ وَقَالَ

(نُطِيعُ مُلُوكَ الأَرْضِ مَا أَقْسَطُوا لَنَا ... وَلَيْسَ عَلَيْنَا قَتْلُهُمْ بِمُحَرَّمِ)

قَالَ وَوَقَعَ عبد الْملك سَاجِدا قَالَ فتحامل عبد اللَّهِ عَلَى رَكَائِبِهِ لِيَضْرِبَ عَبْدَ الْمَلِكِ بِالسَّيْفِ فَرَفَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ رَأْسَهُ وَقَالَ أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا منتك لألحقنك بِرَأْسِهِ قَالَ فَلَمَّا بَايَعَهُ النَّاسُ وَدَخَلَ الْكُوفَةَ قَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي أَسْلُخُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ اخْرُجْ إِلَيْهِ قَالَ فَخَرَجَ الْحَجَّاجُ فِي أَلْفٍ وَخَمْسمِائة رَجُلٍ حَتَّى نَزَلَ الطَّائِفَ وَجَعَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُرْسِلُ إِلَيْهِ الْجُيُوشَ رِسْلا حَتَّى تَتَامَّ مِنَ النَّاسِ إِلَيْهِ قَدْرُ مَا يَظُنُّ أَنَّهُ يَقْوَى عَلَى قَتْلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ فَسَارَ الْحَجَّاجُ مِنَ الطَّائِفِ حَتَّى نَزَلَ منى فحج بِالنَّاسِ سنة اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ مَحْصُورٌ ثُمَّ نَصَبَ الْحَجَّاجُ المجنيق عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ وَنَوَاحِي مَكَّةَ كُلِّهَا فَرَمَى أَهْلَ مَكَّةَ بِالْحِجَارَةِ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي صَبِيحَتِهَا جَمَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْقُرَشِيِّينَ فَقَالَ مَا تَرَوْنَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَخْزُومٌ مِنْ آلِ رَبِيعَةَ وَاللَّهِ لَقَدْ قَاتَلْنَا مَعَكَ حَتَّى مَا نَجِدُ مُقَاتِلا وَالله لَئِن شتونا مَعَك مَا تُرِيدُ عَلَى أَنْ نَمُوتَ مَعَكَ وَإِنَّمَا هُوَ أَحَدُ خَصْلَتَيْنِ إِمَّا أَنْ تَأْذَنَ لَنَا فَنَأْخُذَ الأَمَانَ لأَنْفُسِنَا وَلَكَ وَإِمَّا أَنْ تَأْذَنَ لَنَا فَنَخْرُجَ قَالَ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ كُنْتُ عَاهَدْتُ الله أَن لَا يباعني أَحَدٌ فَأُقِيلَهُ بَيْعَتَهُ إِلا ابْنَ صَفْوَانَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ صَفْوَانَ إِنَّا لَنُقَاتِلُ مَعَكَ وَمَا وَفَيْتَ بِمَا قُلْتَ وَلَكِنَّ الْحَفِيظَةَ تَمْنَعُنِي أَنْ أنزع عَنْك فِي مِثْلَ هَذِهِ الْحَالَةِ حَتَّى أَمُوتَ مَعَكَ قَالَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ اكْتُبْ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ كَيْفَ أَكْتُبُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَاللَّهِ لَا يَقْبَلُ هَذَا أَبَدًا أَوْ أَكْتُبُ لِعَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ من عبد الله بن الزبير فوَاللَّه لِأَن تَقَعُ الْخَضْرَاءُ عَلَى الْغَبْرَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ جَالِسٌ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكَ أُسْوَة قَالَ من هُوَ قَالَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ خَلَعَ نَفْسَهُ وَبَايَعَ مُعَاوِيَةَ قَالَ فَرَفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رِجْلَهُ فَضَرَبَ عُرْوَة حَتَّى أَلْقَاهُ عَن السرير ثُمَّ قَالَ يَا عُرْوَةُ قَلْبِي إِذًا مِثْلُ قَلْبِكَ وَاللَّهِ لَوْ فَعَلْتُ مَا تَقُولُ مَا عِشْتُ إِلا قَلِيلا وَمَا ضَرْبَهُ سَيْفٌ إِلا مِثْلُ مَا ضَرَبَهُ سَوْطٌ لَا أَقْبَلُ شَيْئًا مِمَّا تَقُولُونَ قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحَ دَخَلَ عَلَيْهِ بعض نِسَائِهِ وَهِي أم هَاشم بنت مظنون بن يسَار الْفَزارِيَّةُ فَقَالَ لَهَا اصْنَعِي لَنَا طَعَامًا قَالَ فَصَنَعَتْ لَهُ كَبِدًا وَسَنَامًا قَالَ فَأَخَذَ مِنْهَا لُقْمَةً فَلاكَهَا سَاعَةً فَلَمْ يَسِغْهَا فَرَمَى بِهَا وَقَالَ اسْقُونِي لَبَنًا فَأُتِيَ بِلَبَنٍ فَشِرَب ثُمَّ قَالَ صُبُّوا لِي غُسْلا قَالَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ تَحَنَّطَ ثُمَّ تَقَلَّدَ سَيْفَهُ ثُمَّ خَرَجَ فَدَخَلَ عَلَى أُمِّهِ وَهِيَ عَمْيَاءُ قَدْ بَلَغَتْ مِائَةَ سَنَةٍ فَقَالَ يَا أُمَّاهُ مَا تَرَيْنَ قَدْ خذلني النَّاس وخذلني بني أَبِي فَقَالَتْ لَا يَتَلاعَبَنَّ بِكَ صِبْيَانُ مَكَّةَ وَبني أُمَيَّةَ عِشْ كَرِيمًا وَمِتْ كَرِيمًا فَخَرَجَ فَأَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ وَمَعَهُ نَفَرٌ يَسِيرٌ فَجَعَلَ يُقَاتِلُهُمْ فَيَهْزِمُهُمْ وَيَقُولُ وَيْلُ أُمِّهِ قُبْحًا لَهُمْ لَوْ كَانَ لَهُ رِجَالٌ قَالَ فَجَعَلَ الْحَجَّاجُ يُنَادِيهِ مِنْ فَوْقُ قَدْ كَانَ لَكَ رِجَالٌ وَلَكِنْ ضَيَّعْتَهُمْ قَالَ ثُمَّ جَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى الأَبْوَابِ وَيَقُولُ مَنْ هَؤُلاءِ وَيَحْمِلُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُخْرِجَهُمْ مِنَ الْمَسْجِدِ ثُمَّ إِنَّ رَجُلا أَسْوَدَ من أهل الشَّام يُقَال لَهُ خلبوب قَالَ لأَصْحَابِهِ أَلا تَسْتَطِيعُونَ أَن تَأْخُذُوا ابْن الزبير إِذا ولى بِأَيْدِيكُمْ قَالَ فَحَمَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ

(وَلَسْنَا عَلَى الأَعْقَابِ تَدْمَى كُلُومُنَا ... وَلَكِنْ على أقدامنا تقطر الدما)

قَالَ فَأَتَاهُ خلبوب ليَأْخُذ بِيَدِهِ يُرِيدُ أَنْ يَحْتَضِنَهُ قَالَ فَضَرَبَ ابْنُ الزبير يَدَيْهِ كلتيهما فقطعهما قَالَ فَقَالَ خلبوب حس قَالَ ابْن الزبير إصبر خلبوب قَالَ فَجَاءَ حَجَرٌ مِنْ حِجَارَةِ الْمِنْجَنِيقِ وَهُوَ يَمْشِي فَأَصَابَ قَفَاهُ فَسَقَطَ فَمَا دَرَى أَهْلُ الشَّام أَنه هُوَ حَتَّى سمعُوا جَارِيَة تبْكي وآأمير الْمُؤْمِنِينَاهْ فَحَزُّوا رَأْسَهُ فَذَهَبُوا بِهِ إِلَى الْحَجَّاجِ وَقُتِلَ مَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ وَعُمَارَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ

قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ فَحَدثني رجل أَن الْحجَّاج بعث برؤوسهم إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَصَبُوهَا لِلنَّاسِ وَجَعَلُوا يُقَرِّبُونَ رَأْسَ ابْنِ صَفْوَانَ إِلَى رَأْسِ ابْنِ الزُّبَيْرِ كَأَنَّهُ يسارره ويلعبون بذلك ثمَّ بعثوا برؤوسهم إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَقُتِلَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فَمَضَى بِهِ الْحَجَّاجُ عَلَى ثَنِيَّةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عِنْدَ الْمَقَابِرِ فَخَرَجَتْ أَسْمَاءُ إِلَى الْحَجَّاجِ فَقَالَتْ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَدْفِنَهُ فَقَدْ قَضَيْتَ شَأْنَكَ مِنْهُ قَالَ لَا ثُمَّ قَالَ لَهَا مَا ظَنُّكِ بِرَجُلٍ قَتَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَتْ حَسِيبُهُ اللَّهُ قَالَ فَلَمَّا مَنَعَهَا أَنْ تَدْفِنَهُ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَخْرُجُ مِنْ ثَقِيفٍ رَجُلانِ الْكَذَّابُ وَالْمُبِيرُ فَأَمَّا الْكَذَّابُ فَهُوَ الْمُخْتَارُ وَأَمَّا الْمُبِيرُ فَأَنْتَ

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بن الْعَوام يكنى أَبُو بَكْرٍ وُلِدَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِعِشْرِينَ شَهْرًا وَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَان سِنِينَ وَأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَقُتِلَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَلَاث وَسبعين وَهُوَ ابْن اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً وَصُلِبَ بِمَكَّةَ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ يَحْيَى بْنِ سَلامٍ عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ لَمَّا جِيءَ بِرَأْسِ الْمُخْتَارِ وُضِعَ بَيْنَ يَدَيِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَنَكَثَ فِيهِ بِالْقَضِيبِ ثُمَّ قَالَ كل حَدِيث حَدثنَا بِهِ كَعْبٌ وَجَدْنَاهُ حَقًّا غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ يَقْتُلُكَ غُلامٌ مِنْ ثَقِيفٍ وَقَدْ قَتَلْتُهُ وَلا يَشْعُر أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ قَدْ خُبِّئَ لَهُ يَعْنِي الْحجَّاج

وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَزِينٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَة عَن مَنْصُور عَن أمه قَالَت دَخَلَ ابْنُ عُمَرَ الْمَسْجِدَ فَقِيلَ لَهُ هَذِهِ أَسْمَاءُ وَهِيَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهَا اصْبِرِي إِنَّ هَذِهِ الْجُثَّةَ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ إِنَّمَا الْعَمَل مَعَ الْأَرْوَاح قَالَت وَكَيْفَ لَا أَصْبِرُ وَقَدْ أُهْدِيَ رَأْسُ يَحْيَى ابْن زَكَرِيَّا إِلَى بَغِيٍّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ

فَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ أَنَّ أَسْمَاءَ قَلَّ مَا عاشت بعد ابْنهَا عبد الله ابْن الزُّبَيْرِ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ حَنْظَلَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَلَمَةَ ابْن فَيْرُوزَ قَالَ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَتَى إِلَى الْحِجْرِ فَقَالَ دَعُونِي أَنَامُ فَإِنِّي سَهِرْتُ الْبَارِحَةَ فَنَامَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ حَتَّى سَمِعْنَا غَطِيطَهُ فَقُلْنَا مَا يَهَوِّلُ هَذَا شَيْءٌ ثُمَّ قَامَ فَأَصَابَهُ حَجَرٌ

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى وَحَبِيبٌ عَنْ سُحْنُونٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ غَزِيَّةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ لَمَّا سَمِعَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بِقَتْلِ أَخِيهِ قَالَ لَقَدْ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَقُولُ مَنْ أَنْكَرَ الْبلَاء فَإِنِّي لَا أنكرهُ

ذِكْرُ قَتْلِ عُمَرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَذِكْرُ قَتْلِ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ[عدل]

حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ تَمِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ التَّمِيمِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ قَالا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلامٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ أَنَّ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لِرَسُولِهِ إِذَا جِئْتَ مَكَّةَ فَدَفَعْتَ كِتَابِي إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَأْتِ الْمَهْدِيَّ يَعْنِي ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَاقْرَأْ عَلَيْهِ السَّلامَ وَقُلْ لَهُ يَقُولُ لَكَ أَبُو إِسْحَاقَ إِنِّي أُحِبُّكَ وَأُحِبُّ أَهْلَ بَيْتِكَ قَالَ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ كَذَبْتَ وَكَذَبَ أَبُو إِسْحَاقَ كَيْفَ يُحِبُّنِي وَيُحِبُّ أَهْلَ بَيْتِي وَهُوَ يُجْلِسُ عُمَرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَلَى وَسَائِدِهِ وَقَدْ قَتَلَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ رَسُولُهُ أَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحَنَفِيَّةِ قَالَ فَقَالَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ لأبي عمْرَة صَاحب حرسه اسْتَأْجر لي نَوَائِحًا يَبْكِينَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى بَابِ عُمَر بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ فَفَعَلَ ذَلِكَ الحرسي قَالَ فَلَمَّا بَكَيْنَ قَالَ عُمَرُ لابْنِهِ حَفْصٍ ائْتِ الأَمِيرَ فَقُلْ لَهُ مَا بَالُ النَّوَائِحِ يَبْكِينَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَى بَابِ دَارِي قَالَ فَأَتَاهُ ابْنُهُ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ فَقَالَ لَهُ الْمُخْتَارُ لأَنَّهُ أَهْلٌ أَنْ يُبْكَى عَلَيْهِ قَالَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ إِنَّهُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ دَعَا أَبَا عَمْرَةَ صَاحِبَ حَرَسِهِ فَقَالَ اذْهَبْ إِلَى عُمَرَ ابْن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَأْتِنِي بِرَأْسِهِ قَالَ فَأَتَاهُ فَقَالَ قُمْ إِلَيَّ أَبَا حَفْصٍ فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ وَهُوَ مُلْتَحِفٌ فَجَلَّلَهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ وَجِيءَ بِرَأْسِهِ إِلَى الْمُخْتَارِ وَحَفْصٌ جَالِسٌ عِنْدَهُ عَلَى الْكُرْسِيِّ فَقَالَ هَلْ تَعْرِفُ هَذَا قَالَ نَعَمْ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ أُتِحُّب أَنْ أُلْحِقَكَ بِهِ قَالَ وَمَا خَيْرٌ فِي الْحَيَاةِ بَعْدَهُ فَضَرَبَ رَأْسَهُ أَيْضًا فَقَتَلَهُ

قَالَ أَبُو معشر وَلما ولي يزِيد بن مُعَاوِيَة ولى عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ الْعِرَاقَ فَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ فِي الْكُوفَةِ حَتَّى قُتِلَ الْحُسَيْنُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَصْرَةِ فَكَانَ بِهَا حَتَّى مَاتَ يَزِيدُ وَحُرِّقَتِ الْكَعْبَةُ وَرَجَعَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ إِلَى الشَّامِ وَبُويِعَ لِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَأَرْسَلَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ مَدَدًا إِلَى ابْنِ زِيَادٍ وَأَرْسَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ إِلَى الْكُوفَةِ أَمِيرًا ثُمَّ أَرْسَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ إِلَى الْمَدِينَةِ فَسَارَ عُبَيْدُ الله بن زِيَاد إِلَى الْمُخْتَار فَالْتَقوا بجازر فَاقْتَتِلُوا فَقَتَلَ الْمُخْتَارُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ وَمن مَعَه حُصَيْن بن نمير وَذُو الْكَلاعِ وَعَامَّةَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِمَّنْ شَهِدَ الْحرَّة من رؤوسهم

قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ فَحَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى خَمْسِينَ رَأْسًا بَعَثَ بِهَا الْمُخْتَارُ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِيهِمْ رَأْسُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ وَذِي الْكَلاعِ فَلَمَّا قُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ ارْتَضَى أَهْلُ الْبَصْرَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ فَأَمَّرُوهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَبَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَامِلا عَلَى الْبَصْرَةِ ثُمَّ بَعَثَ حَمْزَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ بَعْدَهُ ثُمَّ بَعَثَ مُصْعَبًا فَقَتَلَ الْمُخْتَارَ وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مَا حَدَّثَنِي كَعْبٌ إِلا صَدَّقْتُهُ فِيهِ قَالَ لِي تَقْتُلُ ابْنَ معيقيب وَقد قَتَلْتُهُ وَقَتَلَ مُصْعَبٌ أَصْحَابَ الْمُخْتَارِ قَتَلَ مِنْهُمْ ثَمَانِيَةَ آلافٍ صَبْرًا وَكَانَ خَلَعَ طَاعَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ وَنَافَقَ بِالْكُوفَةِ فَحَارَبَهُ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ مِنَ الْبَصْرَةِ فَقَتَلَهُ وَدَخَلَ الْكُوفَةَ ثُمَّ حَجَّ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِينَ فَقَدِمَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ

قَالَ وَدَخَلَتْ حَيَّةٌ فِي رَأْسِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ لَمَّا وُضِعَ بِرَحْبَةِ الْكُوفَةِ

حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ عُمَيْر قَالَ كُنَّا بالرحبة فَأتي برؤوس وَرَأْسِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَقَالُوا انْفَلَتَتِ الْحَيَّة فانفرجوا لَهَا فَأَقْبَلت تشم الرؤوس حَتَّى دَخَلَتْ فِي رَأْسِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ ثُمَّ خَرَجَتْ ثُمَّ دَخَلَتْ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ

قَالَ بَكْرٌ حَدَّثَنِي بِهِ أَبُو الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ بِإِسْنَادٍ مِثْلِهِ

ذِكْرُ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ مَرْجِ رَاهِطٍ مِثْلُ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ وَغَيْرِهِ[عدل]

وَحَدَّثَنَا عَنْ أَبِيهِ أَبُو الْعَرَبِ قَالَ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ وَابْنُ أُسَامَةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أبي معشر أَن عَمْرو بْنَ سَعِيدٍ عَمِلَ عَلَى الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ وَكَانَ الضَّحَّاكُ عَامِلا لابْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى الشَّامِ فَأقبل عَمْرو وَالضَّحَّاكُ بِمَرْجِ رَاهِطٍ

قَالَ وَقَدْ سَمِعَ رَبِيعَةُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنِي بِذَلِكَ عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ عَنِ ابْنِ سَنْجَرَ فِي إِسْنَادٍ لَهُ قَالَ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سُحْنُونٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ لَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ قَالَ النَّاسُ تَقَعُ بِهَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ رَبِيعَةَ بْنِ عَمْرٍو الْحَرَشِيِّ وَيَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ الْحَرَشِيِّ وَعَسرد السُّلَمِيِّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فَأَخْبَرَنِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ رَبِيعَةَ بْنَ عَمْرٍو الْحَرَشِيَّ وَيَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ الْحَرَشِيِّ وَعَسرد السُّلَمِيِّ () قَالَ الشَّيْبَانِيُّ أَمَّا رَبِيعَةُ فَقُتِلَ بِرَاهِطٍ وَأَمَّا عسرد السُّلَمِيُّ فَسَلِمَ وَأَمَّا يَزِيدُ بْنُ الأَسْوَدِ فَلَحِقَ بِالسَّاحِلِ

قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ حَمْزَةَ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ أَنَّ رَبِيعَةَ الْحَرَشِيَّ قُتِلَ بِرَاهِطٍ

قَالَ وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ أَنَّ الْهَيْثَمَ حَدَّثَهُمْ أَنَّهُ سَمِعَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ يَوْمَ رَاهِطٍ خَلِيفَةً لِمَرْوَانَ عَلَى دِمَشْقَ وَكَانَ مَرْوَانُ يُقَاتِلُ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ بِمَرْجِ رَاهِطٍ فَجَاءَهُ رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ الْجُذَامِيُّ فَبَشَّرَهُ بِقَتْلِ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ وَقَتْلِ هَمَّامِ بْنِ قَبِيصَةَ وَقَتْلِ ابْنِ بَدْرٍ السُّلَمِيِّ

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُحْنُونٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ قُتِلَ سَنَةَ سبع وَسِتِّينَ مَعَ الْمُصْعَبِ أَيَّامَ الْمُخْتَارِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ

ذِكْرُ قَتْلِ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدَ وَالْمُسَيَّبِ بْنِ نَجَبَةَ[عدل]

قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ وَسَعِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُحْنُونٍ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدَ الْخُزَاعِيَّ وَالْمُسَيَّبَ بْنَ نَجَبَةَ قتلتهما مُقَدِّمَةَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَكَانَ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ شَرِيكُ بْنُ ذِي الْكَلاعِ فَقَتَلَ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدَ وَالْمُسَيَّبَ بْنَ نَجَبَةَ وَإِنَّمَا خَرَجَا مَعَ جَمَاعَةٍ يَطْلُبُونَ دَمَ الْحُسَيْنِ قَالَ وَسَمِعَ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدَ يُكَنَّى أَبَا الْمطرف بَقِي بِالْكُوفَةِ وابتنى بهَا دَارا فِي خُزَاعَة وَقتل بِعَين الوردة

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ البرقي قَالَ قتل النُّعْمَان بن بشير غَلَبَة وَأمرُوا بِحِمْصَ لابْنِ الزُّبَيْرِ

قَالَ وَبَلَغِني عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ قَتَلَهُ أَهْلُ حِمْصَ بَعْدَ مَرْجِ رَاهِطٍ مَوْضِعٍ كَانَتْ فِيهِ وَقْعَةٌ بَيْنَ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ الْفِهْرِيِّ وَبَيْنَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ حِينَ خَالَفَ الضَّحَّاكُ على مَرْوَان

ذِكْرُ مَنْ قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ[عدل]

قَالَ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ () قَالا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ أَنَّ ابْنَ الأَشْعَثِ لَمَّا انْهَزَمَ تَحَصَّنَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي قَلْعَةٍ بِأَرْضِ فَارِسَ مِنْهُمُ الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَيَّاشٍ وَعَمْرُو بْنُ مُوسَى التَّمِيمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي نَاسٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَأَتَى بِهِمُ الْحَجَّاجُ يَوْمَئِذٍ وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلا مِنْ وُجُوهِ النَّاسِ عَامَّتُهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ فَكَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يُخْبِرُهُ بِخَبَرِهِمْ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ يَأْمُرُهُ بِضَرْبِ أَعْنَاقِهِمْ قَالَ فَأَبْرَزَهُمْ فَأَمَرَ بِضَرْبِ رِقَابِهِمْ وَإِنَّمَا كَانُوا نزلُوا بِالأَمَانِ وَقَتَلَ الْحَجَّاجُ الْهِلَقْامَ بْنَ نُعَيْمِ بْنِ الْقَعْقَاعِ وَجَدُّهُ مِمَّنْ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ فِي أَيَّامِ خَرَجَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالْقَانِيُّ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أَبِي الرّبيع أَنه قَالَ قَاتل الْحجَّاج فِي الْجَمَاجِمَ حَتَّى قُتِلَ

وَحَدَّثَنِي عَنْ مُغِيثٍ عَنِ الْكُوفِيِّ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكٍ التَّمِيمِيُّ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ وَكَانَ يُطْعِمُهُ الْجَمْرَ بِالرَّمَادِ حَتَّى قَتَلَهُ وَمَا رُئِيَ رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ قَطُّ وَكَانَ يَقُولُ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَظْلِمُنِي فَأَرْحَمُهُ

ذِكْرُ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ الْجَمَاجِمِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِثْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَغَيْرِهِ[عدل]

قَالَ الْوَاقِدِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى الأَنْصَارِيُّ من أحد بني جحجبا بْنِ كُلْفَةَ يُكَنَّى أَبَا عِيسَى رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ قُتِلَ بِدُجَيْلٍ وَدُجَيْلٌ نَهْرٌ وَقُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ بِدُجَيْلٍ

وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُرَيْقٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى قُتِلا بِالْجَمَاجِمِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ

وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجَمَاجِمِ أَرَادَ الْقُرَّاء أَن يؤمروا عَلَيْهِم أَبَا الْبَخْتَرِيَّ فَقَالَ أَنَا رَجُلٌ مِنَ الْمَوَالِي فَأَمَّرُوا رجلا من الْعَرَب فَأمروا جهم بن زحر بن قيس

وَحَدَّثَنِي سَعِيدٌ عَنْ زُرَيْقٍ عَنِ ابْنِ حَنْبَلٍ أَن أَبَا البخْترِي هُوَ سعيد ابْن أبي عمرَان وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَلاءِ الْحِمْصِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ أَبُو الْجَوْزَاءِ قُتِلَ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ فِي الْجَمَاجِمِ وَعُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ الْغَافِرِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ

وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُغِيثٍ الْكُوفِيُّ قَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ الطَّائِيُّ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ تَابِعِيٌّ

وَأَخْبَرَنِي () عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي الْحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ قَالَ رَآنِي طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ وَأَنَا أَضْحَكُ قَالَ فَبَكَى وَقَالَ هَذَا لَمْ يَشْهَدِ الْجَمَاجِمَ قَالَ وَالْجَمَاجِمُ وَقْعَةٌ كَانَتْ بَيْنَ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ وَبَيْنَ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَيْهِ وَكَانُوا خَمْسمِائَة فَقُتِلُوا رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَمِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيُّ مِثْلُهُمْ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ أَمَّا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فَقَتَلَهُ الْحَجَّاجُ وَأما إِبْرَاهِيم التَّمِيمِي فَمَاتَ فِي حَبْسِ الْحَجَّاجِ وَأَمَّا الشَّعْبِيُّ فَأَتَى بِهِ الْحَجَّاجُ مَكْتُوفًا أَسِيرًا فَخَلَّى سَبِيلَهُ وَقَتَلَ الْحَجَّاجُ عمر بن مُوسَى بن عبيد الله بن معمر والهلقام بن نعيم بن الْقَعْقَاع بْنِ مَعْبَدِ بْنِ زُرَارَةَ وَكَانَ وَالِدُهُ نُعَيْمُ بْنُ مَعْبَدٍ قَدْ قَتَلَهُ بِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ وَإِنَّمَا قُتِلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ فِي الْمُؤَكَّدِ كَانُوا شَرَّدُوا بِأَنْفُسِهِمْ فَقَاتَلُوا حَتَّى قُتِلُوا

وَذَكَرَ بَعْضُ الرُّوَاةِ أَنَّ الْحَجَّاجَ أَسَرَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الأَشْعَثِ ثَلاثَةَ آلافٍ ونيف فَقُتِلُوا جَمِيعًا إِلا عِدَّةً يَسِيرَةً

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بن عبد اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبَانِ بْنِ ثَعْلَبٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا الْبَخْتَرِيَّ الطَّائِيَّ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ يَوَمَ الْجَمَاجِمِ

تَمَّ بِحَمْدِ اللَّهِ وعونه وإحسانه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآلِهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زيد قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَالْتَفَتَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ لَهُ يَا مُحَمَّدُ سَأَلْتُكَ بِاللَّهِ أَنْتَ سَمِعْتَ أَبَاكَ أَبَا ذَرٍّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى يَوْم الْقِيَامَة باليهودي أوالنصراني وَيُؤْتَى بِالْعَبْدِ الْمُذْنِبِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَبْدِي هَذَا فِدَاؤُكَ مِنَ النَّارِ فَوَضَعَ مُحَمَّدٌ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَقَالَ سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي بِهِمَا وَإِلا فَصُمَّتَا فَخَرَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَاجِدًا للَّهِ شُكْرًا لِهَذَا الْحَدِيثِ

الْجُزْءُ الثَّالِثُ مِنْ كِتَابِ الْمِحَنِ وَذِكْرُ سَبَبِ قَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنْ قُتِلَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَذِكْرُ مَنِ امْتُحِنَ وَمَنْ ضُرِبَ وَمَنْ حُبِسَ مِنْ عُلَمَاءِ النَّاسِ وَأَشْرَافِهِمْ وَخِيَارِهِمْ تَأْلِيفُ أَبِي الْعَرَبِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ التَّمِيمِيِّ[عدل]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ لَمَّا قَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَمَرَ بِخَشَبَةٍ فَصَلَبَهُ عَلَيْهَا فَلَمَّا صُلِبَ أَقْبَلَتْ أُمُّهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى الْخَشَبَةِ فَعَانَقَتْهَا وَجَلَسَتْ تَبْكِي وَتقول واغوثاه ياالله مَا أَعْظَمَ مَا نَزَلَ بِنَا بَعْدَكَ يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ تُدْرِكُ مَا نَزَلَ بَعْدَكَ بِأَصْهَارِكَ وَأَرْحَامِكَ وَأَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ لَرَأَيْتَ عَظِيمًا اللَّهُمَّ فَبَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَظِيمِ مَا نَزَلَ بِنَا فَأَخْبَرُوا بِمَقَالَتِهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَبَكَى حَتَّى كَادَتْ نَفْسُهُ تَفِيضُ ثُمَّ قَالَ لابْنِهِ سَالِمٍ قُدْنِي إِلَيْهَا وَكَانَ قَدْ كَبِرَتْ سِنُّهُ وَكَانَ يَرْعَشُ مِنَ الْكِبَرِ وَكَانَ قَدْ عَمَّرَ فَقَادَهُ ابْنُهُ سَالِمٌ إِلَيْهَا فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الْخَشَبَةِ نَظَرَ إِلَيْهِ مَصْلُوبًا فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ قَدْ كُنْتُ نَهَيْتَكَ عَنْ مِثْلِ هَذَا يَا أَبَا خبيب يَا أخي فَلم تَنْتَهِ معما إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَنْبَغِي لِمُؤْمِنٍ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ قَالَ لَا يُعَرِّضُ نَفْسَهُ لِمَنْ لَا يَقْوَى عَلَيْهِ فَذَلِكَ ذُلُّ نَفْسِهِ وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيَقْتُلُنِي أَمِيرٌ جَائِرٌ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمُوتَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَتَى شَقِيٌّ مِنْ أَشْقِيَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ فَبَلَّغَ ذَلِكَ إِلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ فأبلغ مِنْهُ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ كُلَّ مَبْلَغٍ وَقَالَ أَسْرِجُوا لِي فَرَكِبَ إِلَى خَشَبَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَأَصَابَ أُمَّهُ عِنْدَهَا وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَابْنه سَالم فَقَالَ الْحَجَّاجُ يَا أَسْمَاءُ إِنَّ ابْنَكِ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ الْعَرَبِ وَإِنَّهُ سَابَقَنِي إِلَى أَمْرٍ وَإِنَّهُ سَبَقَنِي إِلَيْهِ فَوَضَعْتُهُ فِي مَكَانٍ مِثْلِهِ وَلَوْ نَالَ الَّذِي نِلْتُ لَكُنْتُ أَنَا مَكَانَهُ فَهَذَا أَجَلُّ مِنَ الْبُكَاءِ وَلَيْسَ مِثْلُهُ يُبْكَى عَلَيْهِ وَأَمَّا مَا بَلَغَنِي عَنْ ذِكْرِكِ مَا حَلَّ بِآلِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْهَارِهِ وَأَرْحَامِهِ فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِك إِلَّا من سمى إِلَى مَا سمى إِلَيْهِ ابْنُكِ فَلا بُدَّ لَنَا مِنْ أَنْ نُقَارِعَهُ فَإِمَّا لَنَا وَإِمَّا عَلَيْنَا فَلا نَأْسَفُ عَلَى أَمْرٍ فَعَلَهُ اللَّهُ بِنَا فَإِنَّهُ يَحْكُمُ فِي خَلْقِهِ بِمَا يَشَاءُ فَقَالَ لَهَا ابْنُ عُمَرَ قُومِي وَاقْبَلِي مِنْهُ فَقَامَتْ وَلَمْ تُكَلِّمْهُ وَانْصَرَفَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَدَعَا الْحَجَّاجُ بِرِجَالِهِ فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ عِنْدَ خَشَبَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ لَيَقْتُلُنِي أَمِيرٌ جَائِرٌ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ أَمُوتَ بِالسَّيْفِ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ كَشَفَ لَنَا مَا هُوَ عَلَيْهِ وَهُوَ ابْنُ خَلِيفَةِ وَصَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَافُ إِنْ خَرَجْنَا عَنْهُ أَنْ يَسْتَحِلَّ مِنَّا مَا اسْتَحَلَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَعُلَمَاءُ الْعِرَاقِ قَالُوا الرَّأْي فَمَا تَرَى قَالَ نَقْتُلُهُ قَالُوا أَيُّهَا الأَمِيرُ اجْعَلْ لِقَتْلِهِ سَبَبًا تَحْتَجُّ بِهِ عَلَى النَّاسِ قَالَ ائْتُونِي بِهِ فَأَتَوْهُ بِهِ فَأَتَى ابْنُ عُمَرَ وَمَعَهُ ابْنُهُ سَالِمٌ فَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ اجْلِسْ يَا شَيْخُ فَجَلَسَ ثُمَّ قَالَ الْحَجَّاجُ ائْتُونِي بِرَجُلٍ مِنَ السِّجْنِ فَأَتَوْهُ بِهِ ثُمَّ قَالَ هَاتُوا السَّيْفَ فَأَتَوْهُ بِهِ ثُمَّ قَالَ يَا سَالِمُ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ خُذْ هَذَا السَّيْفَ فَاضْرِبْ عُنُقَ هَذَا وَإِنَّمَا أَرَادَ الْحَجَّاجُ أَنْ يَقُولَ ابْنُ عُمَرَ لِابْنِهِ لَا تَفْعَلْ فَيَقُولَ أَنَا إِمَامٌ أَمَرْتُ بِأَمْرٍ وَتَنْهَى أَنْتَ عَنْهُ ثُمَّ يَقُولُ خُذُوهُ فَعَرَفَ ابْنُ عُمَرَ مَا أَرَادَ فَأَمْسَكَ فَأَخَذَ سَالِمٌ السَّيْفَ فَهَزَّهُ ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَى الرَّجُلِ الأَسِيرِ فَقَالَ لَهُ مُدَّ عُنُقَكَ فَمَدَّ الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ سَالِمٌ يَا رَجُلُ أَزَنَيْتَ بَعْدَ إِحْصَانٍ قَالَ الرَّجُلُ لَا مَا فَعَلْتُ قَالَ لَهُ فَرَجَعْتَ عَنِ الإِسْلامِ قَالَ الرَّجُلُ لَا مَا فَعَلْتُ قَالَ لَهُ سَالِمٌ أَقَتَلْتَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ قَالَ الرَّجُلُ لَا مَا فَعَلْتُ قَالَ سَالِمٌ يَا حَجَّاجُ سَمِعْتُ أَبِي وَهُوَ يَسْمَعُ مَا أَقُولُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لامْرِئٍ مُؤْمِنٍ يُقْتَلُ إِلا عَنْ ثَلاثِ خِصَالٍ يَزْنِي بَعْدَ إِحْصَانٍ أَوْ يَرْتَدُّ عَنِ الإِسْلامِ أَوْ يَقْتُلُ نَفْسًا مُؤْمِنَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ فَلَيْسَ فِي هَذَا الرجل شَيْئا مِنْ هَذَا فَلِمَ تَقْتُلُهُ قَالَ الْحَجَّاجُ اضْرِبْ عُنُقَهُ كَمَا أَقُولُ لَكَ فَقَالَ سَالِمٌ لِلرَّجُلِ مُدَّ عُنُقَكَ فَمَدَّ الرَّجُلُ عُنُقَهُ فَقَالَ لَهُ سَالِمٌ يَا أَخِي أَصَلَّيْتَ الْغَدَاةَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَالَ الرَّجُلُ نَعَمْ قَدْ صَلَّيْتُ قَالَ سَالِمٌ يَا حَجَّاجُ سَمِعْتُ أَبِي وَهُوَ يَسْمَعُ مَا أَقُولُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ كَانَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ حَتَّى تَتَوَارَى بِالْحِجَابِ يَا حَجَّاجُ كَيْفَ تَقْتُلُ رَجُلا وَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ قَالَ الْحَجَّاجُ يَا سَالِمُ ضَعِ السَّيْفَ مِنْ يَدِكَ فَدَعَا رَجُلا شَقِيًّا مِنْ أَشْقِيَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ فَقَالَ لَهُ اضْرِبْ عُنُقَ هَذَا فَضَرَبَ عُنُقَهُ فَقَتَلَهُ فَقَالَ الْحَجَّاجُ لِسَالِمٍ اسْحَبْهُ حَتَّى تُخْرِجَهُ فَأَخَذَ سَالِمٌ بِرِجْلِ الْقَتِيلِ يَجُرُّهُ وَهُوَ يَقُولُ يَا أَخِي سَحْبُكَ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ قَتْلِكَ وَأَنَا شَاهِدٌ لَكَ غَدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّكَ مَظْلُومٌ فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَهُوَ يَحْمَدُ اللَّهَ حَتَّى خَرَجَ فَنَادَى يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ائْتُونِي بِسَالِمٍ ابْنِي فَأَتَوْهُ بِهِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ يَا سَالِمُ ادْنُ مِنِّي حَتَّى أُقَبِّلَكَ يَا بُنَيَّ إِنَّمَا سَمَّيْتُكَ سَالِمًا لِتَسْلَمَ فَاسْلَمْ من الدُّنْيَا يَا بُنَيَّ تَغْنَمْ ثُمَّ قَالَ يَا بُنَيَّ قُدْنِي فَقَادَهُ إِلَى دَارِهِ فَقَالَ الْحَجَّاجُ هَذَا أَعْظَمُ مِمَّا كَانَ مِنَّا إِنَّمَا عَمَدْنَا إِلَى جَبَلِ الإِسْلامِ وَحَاجِبِ مُحَمَّدٍ وَمَنْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ الْخلَافَة فَلم يَقْبَلْهَا وَمَنْ حَجَّ أَرْبَعِينَ حَجَّةً وَمَنْ سَمَّتْهُ قُرَيْشٌ حَمَامَةَ الْبَيْتِ وَقَدْرُهُ فِي الْعَرَبِ مَا قَدْ عَلِمْتُمْ وَحُبُّ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ لأَبِيهِ فَلَسْتُ أَرَى لَهُ بَعْدَ مَا حَضَرَ عِنْدِي مِنْ أَمْرِ هَذَا الْقَتِيلِ أَنْ أَدَعَهُ بَعْدِي فِي هَذِهِ الْبِلادِ فَقِيلَ لَهُ أَيُّهَا الأَمِيرُ اقْتُلْهُ قِتْلَةً تُبَرِّئُ نَفْسَكَ مِنْهُ عِنْدَ الْعَامَّةِ لِكَيْ لَا يشْتَمل علينا فِي الْفِتْنَةُ فَبَعَثَ الْحَجَّاجُ إِلَى غُلامٍ لَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُهَجِّرُ إِلَى الْجُمُعَةِ فِي وَقْتِ الضُّحَى فَأَمَرَ الْحَجَّاجُ غُلامَهُ أَنْ يركب فرسا جِسَامًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَطْحَنَهُ بِالْفَرَسِ وَيَقْتُلَهُ فَرَكِبَ الْغُلامُ الْفرس فَنظر إِلَى ابْن عمر وَهُوَ ساير يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَحَمَلَ عَلَيْهِ بِالْفَرَسِ حَتَّى إِذَا بلغ إِلَيْهِ صدمه فأقلبه وَرَضَّهُ رَضًّا فَبَادَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَقَالُوا يَا غُلامُ أَهْلَكْتَ الْمُسْلِمِينَ فِي عِلْمِهِمْ فَطَلَبَكَ اللَّهُ بِهِ وَأَقَامَ الْحَجَّاجُ يَنْتَظِرُ مَوْتَهُ فَأَبْطَأَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَمَدَ إِلَى زُجٍّ فسمه سُمًّا نَاقِعًا وَجَعَلَهُ فِي عَصًا وَدَفَعَهُ إِلَى بَعْضِ رِجَالِهِ وَقَالَ لَهُ امْضِ إِلَى ابْنِ عُمَر فَأَقْرِهِ سَلامِي وَقُلْ لَهُ يَقُولُ لَكَ الأَمِيرُ مَا فَعَلْتَ فِي عِلَّتِكَ وَاحْذَرْ أَنْ تُمِسَّ بِهَذَا الزُّجِّ شَيْئًا حَتَّى تَدْخُلَ إِلَيْهِ فَقَدْ تَرَكْتُ بِرَأْسِهِ نَارًا فَإِذَا سَلَّمْتَ عَلَيْهِ وَبَلَّغْتَ كَلامِي فَضَعِ السِّنَّ عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ وَاتَّكِئْ عَلَيْهِ حَتَّى يَدْخُلَ فَإِنْ قَالَ لَكَ أَهْلَكْتَنِي فَقُلْ لَهُ مَا عَلِمْتُ أَنَّ رِجْلَكَ هَهُنَا فَدَخَلَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ فَأَقْرَأَهُ سَلامَهُ وَجَعَلَ الزُّجَّ عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ حَتَّى دَخَلَ فِي رِجْلِهِ فَجَرَحَهُ جُرْحًا قَبِيحًا فَقَالَ لَهُ ابْنُ عمر يَا رجل خَفِ اللَّهَ فَقَدْ وَاللَّهِ أَهْلَكْتَنِي فَقَالَ الرَّجُلُ مَا عَلِمْتُ أَبْقَاكَ اللَّهُ أَنَّ رِجْلَكَ هَهُنَا ثُمَّ خَرَجَ عَنْهُ فَاشْتَعَلَ جَسَدُ ابْنِ عُمَر سُمًّا فَأَقَامَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ قَالَ حَدثنَا صَاحب بن مُحَمَّدٍ الْخُرَاسانِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمِيُّ قَالَ قِيلَ لأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ حِينَ أَصَابَهُ الزُّجُّ مِمَّنْ سَمِعْتَهُ قَالَ سَمِعْتُهُ مِنَ الْمُحَارِبِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ أَصَابَ ابْنَ عُمَرَ الزُّجُّ فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ يَعُودُهُ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ أَنْتَ قَتَلْتَنِي حَمَلْتَ السِّلاحَ فِي حَرَمِ اللَّهِ قَالَ قُلْتُ لأَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ سَمِعْتَهُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ نَعَمْ


فَأَمَّا سَبَبُ قَتْلِ كُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ النَّخَعِيِّ[عدل]

فَإِنَّ فِتْنَةَ ابْنِ الأَشْعَثِ لَمَّا هَاجَتْ فِي أَخذ مُضر بْنِ نَاجِيَةَ الْكُوفِيِّ لَبِسَ كُمَيْلٌ ثِيَابَهُ وَكَانَ أُقْعِدَ فَجَاءَ صَحِيحًا لَيْسَ بِهِ إِقْعَادٌ حَتَّى صعد الْمِنْبَر مَعَ مُضر بْنِ نَاجِيَةَ فَسَبَّ وَلَعَنَ وَحَرَّضَ وَكَانَ خَطِيبًا شَرِيفًا وَحَرَّضَ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ ثُمَّ قَالَ قد عرفت الْغدر إِن شَرّ شَيْئَيْنِ فِي قُرَيْش وَثَقِيف الْحكمَيْنِ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ وَالْحَكَمُ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ فَبَلَغَتْ خُطْبَتُهُ قَالَ فَلَمَّا ظَفَرَ الْحَجَّاجُ أُتِيَ بِكُمَيْلٍ فَقَالَ أَدْنُوهُ مِنِّي فَأُدْنِيَ مِنْهُ فَقَالَ يَا عَبْدَ النَّخَعِ أَمُقْعَدُ الْجَمَاعَةِ صَحِيحٌ فِي الْفِتْنَةِ لَطَمْتَ عَيْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بن عَفَّان فعفى عَنْك مُعَاوِيَة وأوصل إِلَيْك عطاؤك ثمَّ عَفا عَنْك يزِيد ثمَّ عفى عَنْكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ ثُمَّ قَعَدْتَ فَعَفَوْتُ عَنْكَ فَلَمَّا جَاءَ أَعْرَابِيٌّ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ نَهِضْتَ إِلَى مِنْبِر الْمُسْلِمِينَ لَيْسَ بك إِقْعَادٌ فَزَعَمْتَ أَنَّ شَرَّ شَيْئَيْنِ فِي قُرَيْشٍ وَثَقِيف الْحكمَيْنِ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ وَالْحَكَمُ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى يَزِيدَ بْنِ هُبَيْرَةَ الْمُحَارِبِيِّ وَهُوَ عَلَى أَهْلِ دِمَشْقَ الَّذِينَ كَانُوا بِالْعِرَاقِ فَقَالَ هَذَا أَحَدُ قَتَلَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَدَّمَهُ يَزِيدُ بْنُ هُبَيْرَةَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ

ذكر قتل ماهان أَبُو صَالِحٍ وَصَلْبِهِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمدَانِي قَالَ حَدثنِي أبي عَن المجالد قَالَ أَرْسَلَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ إِلَى أَبِي صَالِحٍ مَاهَانَ الْمُسَبِّحِ فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ بَلَغَنِي عَنْكَ صَلاحٌ وَخَيْرٌ وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُوَلِّيَكَ الْقَضَاء قَالَ لَهُ أَنا قَالَ نعم وَأَنَا لَا أُحْسِنُ أَعُدُّ عَشَرَةً قَالَ يَا مُرَائِي عَلَيَّ تَتَبَالَهُ قَالَ وَالْفُرَاتُ قَدْ مُدَّ فَعدى مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ يَجْنَحُ حَتَّى وَقَفَ عَلَى جُرْفِ الْفُرَاتِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ مُرَائِيًا كَمَا زَعَمَ الْحَجَّاجُ فَغَرِّقْنِي قَالَ فَرمى بِنَفسِهِ فَقَامَ عَلَى مَتْنِ الْمَاءِ فَلَمْ تَغِبْ قَدَمَاهُ قَالَ فَوَاللَّه مَا نَهْنَهَهَ ذَلِكَ أَنْ أَخَذَهُ فَصَلَبَهُ عَلَى بَابِهِ فَقَالَ لِي عَمَّارٌ الدُّهْنِيُّ حَيْثُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَهُوَ مَصْلُوبٌ فَقَالَ لِي يَا عمار لَا تَنْظُرُ إِلَيَّ فِي النَّاظِرَةِ الْحَقْ بِأَهْلِكَ لَا تلزمك الْحُجَّةَ فَتَنْزِلُ بِكَ اللَّعْنَةُ قَالَ ابْنُ مُجَالِدٍ هُوَ مَصْلُوبٌ وَلا يَتْرُكُ النَّصِيحَةَ وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ قَالا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ قَالَ بَلَغِني عَنِ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ شَهِدْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ حِينَ قَطَعَ مَاهَانَ فَقَالَ تَنَح يَا ابْن أَخِي لَا تَسْأَلْ عَنْ هَذَا الْمَقَامِ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ يَقُولُ سَمِعت عمار الدُّهْنِيَّ يَقُولُ لَمَّا صُلِبَ مَاهَانُ وَقَفْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ مِثْلُكَ يَقِفُ هَذَا الْمَوْقِفَ قَالَ وَقَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ صَلَبَهُ الْحَجَّاجُ عَلَى بَابِهِ

ذِكْرُ قَتْلِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الأَسْلَمِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ حَجَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَنَا مَعَهُ فَجَاءَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَيْلا وَهُوَ فِي خَوفه فَدخل منزلي فَقَالَ هَل تخَالف عَلَى صَاحِبِكَ فَقُلْتُ لَا بَلْ آمَنُ

حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحسن الْمَعْرُوف بِأبي كَعْب فَقَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حُسَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الطَّنَافِسِيُّ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَلِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ وَاسِطٍ قَالَ دَعَانِي خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِير على مَكَّة فَقَالَ يَا ابْن وَاسِط انْطَلِقْ بِهَذَا الرَّجُلِ إِلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ فَإِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ بَعَثَ إِلَيَّ أَنْ أَبْعَثَ بِهِ إِلَيْهِ قَالَ خَرَجَ إِلَيَّ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَهُوَ أَحْسَنُ النَّاسِ وَجْهًا وأفصحهم لِسَانا وَفْرَةٌ وَطَيّ شَحْمَة أُذُنُيْهِ لَمْ أَرَ فِي مِثْلِ هَيْئَتِهِ وَتَشْمِيرِهِ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ زَمَانِنَا قَالَ فَأَخَذْتُهُ وَوَثَّقْتُهُ فِي الْحَدِيدِ قَالَ وَانْطَلَقْتُ بِهِ حَتَّى نزلت مَاء لبني أَسد فَقَالَ يَا ابْن وَاسِطٍ بِهَذَا الْمَاءِ جَمَاعَةٌ مِنْ قَوْمِي فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُطْلِقَ عَنِّي هَذَا الْحَدِيدَ فَعَلْتَ فَأَخَذْتُهُ فَأَطْلَقْتُ عَنْهُ حَدِيدَهُ فَانْطَلَقَ فَقَالَ لَكَ اللَّهُ عَلَيَّ أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فَانْطَلَقَ فَجَعَلْتُ أَدْعُو اللَّهَ أَقُولُ اللَّهُمَّ لَا يَرْجِعُ إِلَيَّ وَيْحَكِ يَا نَفْسُ تَذْهَبِينَ بِخَيْرِ النَّاسِ إِلَى أشر النَّاسِ فَوَاللَّهِ مَا لَبِثَ إِلا قَلِيلا حَتَّى عَادَ فَتَرَكْتُهُ مُطْلَقًا مِنْ حَدِيدِهِ حَتَّى دَنَوْنَا قَرِيبًا مِنْ وَاسِطٍ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى الْخَضْرَاءِ قَالَ يَا ابْن وَاسِطٍ مَا هَذِهِ الْخَضْرَاءُ قَالَ قُلْتُ قُبَّةُ الْحجَّاج فَاسْتَرْجع وَقَالَ مَا أَظُنُّ الْمَوْتَ إِلا قَدْ أَتَى قُلْتُ أَوْ يَدْفَعُ اللَّهُ قَالَ فَأَدْخَلْتُهُ عَلَى الْحَجَّاجِ وَقَدْ أَوْثَقْتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْحَدِيدِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ اسْتَوَى جَالِسًا وَكَانَ مُتَّكِئًا وَقَالَ أَيُّهَا عَدُوَّ اللَّهِ خَرَجْتَ عَلَيْنَا مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَشْعَثِ قَالَ سَعِيدٌ مَا فَعَلْتُ وَلَكِنْ أَتَيْتُ بَيْتَ اللَّهِ الْحَرَامَ الَّذِي مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا فَأُخِذْتُ وَأَنَا مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ قَالَ الْحَجَّاجُ مَا اسْمُكَ قَالَ اسْمِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ الشَّقِيُّ بْنُ كُسَيْرٍ قَالَ سَعِيدٌ أُمِّي أَعْلَمُ بِاسْمِي قَالَ الْحَجَّاجُ شَقِيتَ وَشَقِيَتْ أُمُّكَ قَالَ سَعِيدٌ الْغَيْبُ يَعْلَمُهُ غَيْرُكَ قَالَ الْحَجَّاجُ لأُورِدَنَّكَ حِيَاضَ الْمَوْتِ قَالَ سَعِيدٌ أَصَابَتْ أُمِّي اسْمِي حَقًّا قَالَ الْحَجَّاجُ لأُبْدِلَنَّكَ بِالدُّنْيَا نَارًا تَلَظَّى قَالَ سَعِيدٌ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ ذَلِكَ بِيَدِكَ لاتَّخَذْتُكَ إِلَهًا لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ قَالَ الْحَجَّاجُ يَا سَعِيدُ مَا عِلْمُكَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَبِيٌّ خَتَمَ اللَّهُ بِهِ الرُّسُلَ وَصَدَقَ بِهِ الْوَحِيُّ إِمَامُ الْهُدَى وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ قَالَ الْحَجَّاجُ يَا سَعِيدُ مَا قَوْلُكَ فِي الْخُلَفَاءِ قَالَ سَعِيدٌ إِنَّمَا اسْتَحْفَظْت أَمْرَ بَنِي وَخَيْرُهُمْ أَرْضَاهُمْ لِخَالِقِهِ قَالَ الْحَجَّاجُ يَا سَعِيدُ أَيُّ رَجُلٍ أَنَا قَالَ سَعِيدٌ يَا حَجَّاجُ يَوْمَ الْقِيَامَة يختبر أَيُّ رَجُلٍ أَنْتَ إِذَا وَقَفْتَ بَيْنَ يَدَيْهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ثُمَّ سُئِلْتَ عَنْ عَمَلِكَ قَالَ الْحَجَّاجُ فَأَيُّ رَجُلٍ أَنْتَ قَالَ سَعِيدٌ فَأَنَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ أَطَّلِعَ عَلَى غيبه قَالَ الْحجَّاج يَا سعيد مَالك لَمْ تَضْحَكْ قَطُّ قَالَ وَكَيْفَ يَضْحَكُ رَجُلٌ مَخْلُوقٌ مِنْ طِينٍ وَالطِّينُ تَأْكُلُهُ النَّارُ وَلا يَدْرِي إِلَى مَا يَصِيرُ إِلَى جَنَّةٍ أَوْ إِلَى نَارٍ فَإِنْ كَانَ مَصِيرُهُ إِلَى الْجَنَّةِ فَقَدْ فَازَ وَإِنْ كَانَ مَصِيرُهُ إِلَى النَّارِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُحَاسَبُ قَالَ الْحَجَّاجُ يَا سَعِيدُ أَمَا رَأَيْتَ لَهْوًا قَطُّ قَالَ سَعِيدٌ مَا أَعْلَمُهُ فَدَعَا الْحَجَّاجُ بِالْعُودِ وَالنَّايِ فَضَرَبَ بَيْنَ يَدَيْهِ بهما فَلَمَّا سمع الناي بَكَى بُكَاءً شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ يَا حَجَّاجُ وَاللَّهِ لَا شَبِعَ بَطْنِي أَبَدًا مَا بَقِيتُ وَلا أَزَالُ هَكَذَا لِمَا رَأَيْتُ فِي مَجْلِسِكَ هَذَا أَمَّا هَذِهِ النَّافِخَةُ فَذَكَّرَتْنِي قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَات وَمن فِي الأَرْض} {وكل أَتَوْهُ داخرين} وَأَمَّا هَذِهِ الأَوْتَارُ فَقُطِعَتْ مِنْ نَفْسٍ ثُمَّ هِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُ مَعَكَ وَأَمَّا هَذِهِ الْخَشَبَةُ فَنَبَاتُ أَرْضٍ قُطِعَتْ مِنْ غَيْرِ الْحَقِّ ذَكَّرْتَنِي يَا حَجَّاجُ بُكَاءً طَوِيلا قَالَ الْحَجَّاجُ يَا سَعِيدُ مَا قَوْلُكَ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَفِي الْجَنَّةِ هُوَ أَمْ فِي النَّارِ قَالَ سَعِيدٌ لَوْ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ وَفِيهَا أَهْلُهَا وَالنَّارَ وَفِيهَا أَهْلُهَا لَعَلِمْتُ يَا حَجَّاجُ فَمَا سُؤَالُكَ عَنْ عِلْمِ الْغَيْبِ يَا حَجَّاجُ وَقْد حُجِبَ عَنْكَ وَقَدِ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ بِالإِيمَانِ قَالَ الْحَجَّاجُ الْوَيْلُ لَكَ مِنِّي يَا سعيد قَالَ سَعِيدٌ الْوَيْلُ لِمَنْ أُبْعِدَ عَنِ الْجَنَّةِ وَأُدْخِلَ النَّارَ قَالَ الْحَجَّاجُ إِنِّي قَاتِلُكَ قَالَ سَعِيدٌ إِذًا أُخَاصِمُكَ قَالَ الْحَجَّاجُ أَخْصِمُكَ قَالَ سَعِيدٌ هَيْهَاتَ يَا حَجَّاجُ الْقَضَاءُ يَوْمَئِذٍ إِلَى غَيْرِكَ قَدْ فَرَغَ اللَّهُ مِنْ () وَكَتَبَ أَجَلِي وَمُنْقَطَعَ أَمْرِي قَالَ فَأَمَرَ بِهِ لِلْقَتْلِ فَقَالَ سَعِيدٌ أَسْتَوْدِعُكَ هَذِهِ الشَّهَادَةَ يَا حَجَّاجُ فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله استودعك هَذِهِ الشَّهَادَةَ حَتَّى أَلْقَاكَ فَأُخَاصِمُكَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَأَمَرَ بِهِ الْحَجَّاجُ إِلَى الْقَتْلِ فَجَعَلَ يَضْحَكُ قَالُوا أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ قَدْ ضَحِكَ قَالَ رُدُّوهُ مَا أَضْحَكَكَ يَا سَعِيدُ قَالَ يَا حَجَّاجُ ضَحِكْتُ مِنَ الْعَجَبِ قَالَ وَمَا ذَلِكَ الْعَجَبُ قَالَ عَجِبْتُ مِنْ تَجَرُّئِكَ عَلَى اللَّهِ وَحِلْمِهِ عَنْكَ فَإِنْ تَكُنْ عَافِيَةٌ فَمِنَ اللَّهِ وَإِيَّاهُ أَسْأَلُ تَمَامَ الْعَافِيَةِ وَأَمَّا أَنْتَ يَا حَجَّاجُ فَلا بَرَاءَةَ لَكَ وَلا عُذْرَ لَوْ طَالَتْ حَيَاتِي لَكَانَ مَصِيرِي يَوْمًا إِلَى الْفَنَاءِ فَاذْكُرْ يَا حَجَّاجُ يَوْمَ الأَبَدِ وَالدَّهْرَ الْفَانِي الَّذِي لَا يَنْجُو مِنْهُ أَحَدٌ سَالِمًا قَالَ فَأَمَرَ بِهِ لِيُقْتَلَ قَالَ سَعِيدٌ {إِنِّي وجهت وَجْهي للَّذي فطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض حَنِيفا وَمَا أَنا من الْمُشْركين} قَالَ الْحَجَّاجُ حَوِّلُوا وَجْهَهُ عَنِ الْقِبْلَةِ قَالَ سَعِيدٌ {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ الله وَاسع عليم} قَالَ الْحَجَّاجُ يَا غُلامُ قُمْ إِلَيْهِ فَاضْرِبْ بِهِ الأَرْضَ ضَرْبَةً ثُمَّ اعْلُ عَلَى صَدْرِهِ لِتَذْبَحَهُ فَلَمَّا وُضِعَ السَّيْفُ عَلَى حَلْقِهِ قَالَ سَعِيدٌ بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ اللَّهِ وَمِلَّةِ رَسُولِهِ

قَالَ وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ أَخْبرنِي بواب الْحجَّاج قَالَ رَأَيْت رَأس سعيد بن جُبَير بَعْدَمَا وَقع إِلَى الأَرْضِ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ

قَالَ وَأَخْبَرَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَغْدَادِيُّ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ بِأَنْطَاكِيَةَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دكوان وَغَيْرُهُ مِمَّنْ لَا أَتَّهِمُ أَنَّ الْحَجَّاجَ بَعَثَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَأَصَابَهُ الرَّسُولُ بِمَكَّةَ فَلَمَّا سَارَ بِهِ الرَّسُولُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ رَآهُ الرَّسُولُ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْلَمُ أَنِّي إِنَّمَا أَذْهَبُ بِكَ إِلَى الْقَتْلِ فَاذْهَبْ أَيَّ الطَّرِيقِ شِئْتَ فَقَالَ سَعِيدٌ إِنَّهُ سَيَبْلُغُ الْحَجَّاجَ أَنَّكَ أَخَذْتَنِي فَإِنْ خَلَّيْتَ عَنِّي خِفْتُ أَنْ يَقْتُلَكَ وَلَكِنْ أَذْهَبُ إِلَيْهِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ مَا اسْمُكَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ كَذَبْتَ أَنْتَ شَقِيُّ بْنُ كُسَيْرٍ قَالَ أُمِّي سَمَّتْنِي قَالَ شَقِيتَ وَشَقِيَتْ أُمُّكَ قَالَ الْغَيْبُ يَعْلَمُهُ غَيْرُكَ قَالَ أَمَا وَاللَّهِ لأُبْدِلَنَّكَ بِالدُّنْيَا نَارًا تَلَظَّى قَالَ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ ذَلِكَ إِلَيْكَ مَا اتَّخَذْتُ إِلَهًا غَيْرَكَ قَالَ مَا تَقول فِي رَسُول الله النَّبِي الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خَيْرُ الْبَاقِينَ وَخَيْرُ الْمَاضِينَ قَالَ مَا تَقُولُ فِي أَبِي بَكْرٍ قَالَ {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} أَعَزَّ اللَّهُ بِهِ الدِّينَ وَجَمَّعَ بِهِ بَعْدَ الْفُرْقَةِ قَالَ مَا تَقُولُ فِي عُمَرَ قَالَ الْفَارُوقُ وَخِيرَةُ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ قَالَ مَا تَقُولُ فِي عُثْمَانَ قَالَ الْمُجَهِّزُ جَيْشَ الْعُسْرَةِ الْمُشْتَرِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ قَالَ مَا تَقُولُ فِي عَلِيٍّ قَالَ من أَوَّلهمْ إِسْلامًا وَأَقْدَمِهِمْ هِجْرَةً وَأَعْظَمِهِمْ فَضْلا زَوَّجَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبَّ بَنَاتِهِ إِلَيْهِ قَالَ مَا تَقُولُ فِي مُعَاوِيَةَ قَالَ كَاتِبُ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ مَا تَقُولُ فِي عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ إِنْ يَكُنْ مُحْسِنًا فَأَتَمَّ اللَّهُ إِحْسَانَهُ وَإِنْ يَكُنْ مُسِيئًا فَلَنْ يُعْجِزَ اللَّهَ قَالَ مَا تَقُولُ فِي الْخُلَفَاءِ مُنْذُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا قَالَ سَيُجْزَوْنَ بِأَعْمَالِهِمْ فَمَسْرُورٌ ومبثور لَسْتُ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ قَالَ مَا تَقُولُ فِيَّ قَالَ أَنْتَ وَنَفْسُكَ أَعْلَمُ قَالَ بُثَّ فِي علمك قَالَ إِذا أسؤك وَلا أَسُرُّكَ قَالَ فَبُثَّ قَالَ قَدْ ظَهَرَ مِنْكَ جَوْرٌ فِي حُكْمِ اللَّهِ وَجُرْأَةٌ عَلَى مَعَاصِي اللَّهِ قَالَ ذُمَّهُمْ أَوِ امْدَحْهُمْ قَالَ إِنَّمَا اسْتَحْفَظْتُ أَمْرَ نَفْسِي قَالَ فَأَيُّ رَجُلٍ أَنا قَالَ يَوْم الْقِيَامَة تختبر قَالَ فَأَيُّهُمْ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ أَرْضَاهُمْ لِخَالِقِهِ قَالَ وَأَيُّهُمْ أَرْضَاهُمْ لِخَالِقِهِ قَالَ أَتْبَعُهُمْ لأَمْرِهِ وَأَعْلَمُهُمْ بِطَاعَتِهِ قَالَ وَاللَّهِ لأُقَطِّعَنَّكَ أَعْضَاءً قَالَ إِذًا تُفْسِدُ عَلَيَّ دُنْيَايَ وَأُفْسِدُ عَلَيْكَ آخِرَتَكَ وَالْقِصَاصُ أَمَامَكَ قَالَ كَيْفَ تَرَى مَا نَجْمَعُ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الأَمْوَالِ قَالَ لَمْ أَرَ مِنْهَا شَيْئا قَالَ فَأمر بالأموال فنشرت بَين يَدَيْهِ قَالَ إِنْ حَمَلْتَها حَتَّى تَشْتَرِيَ لِصَاحِبِكَ الأَمَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَهَذَا صَالِحٌ وَإِلا فَقَدْ أَوْقَرْتَ ظَهْرَكَ وَاشْتَدَّ حسابه قَالَ كَيفَ ترَاهُ لَا يَنْفَعُ إِلا طَيِّبٌ قَالَ أَوَلَيْسَ هُوَ بِطَيِّبٍ قَالَ بِرَأْيِكَ جَمَعْتَهُ قَالَ أَتُحِبُّ أَنَّهُ لَكَ قَالَ لَا أُحِبُّ إِلا مَا يُحِبُّ اللَّهُ قَالَ الْوَيْلُ لَكَ قَالَ الْوَيْلُ لِمَنْ زُحْزِحَ عَنِ الْجَنَّةِ وَأُدْخِلَ النَّارَ قَالَ كَيْفَ تَرَى مَا نَعُدُّ مِنْ هَذِهِ الْمَعَازِفِ وَالْمَزَامِيرِ وَالطُّبُولِ فَضُرِبَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَقْبَلَ سَعِيدٌ يَبْكِي وَقَالَ تَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَشَدَّ خِلافًا مِنْكَ ضُرِبَتْ بَيْنَ يَدَيْكَ الْمَعَازِفُ وَالطُّبُولُ فَأَقْبَلْتَ تَبْكِي قَالَ يَا حَجَّاجُ وَكَيْفَ لَا نَبْكِي مِنْ شَيْءٍ لَهُ نَظائِرُ مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَة مِنْهَا نَفْخَةُ الصَّعْقَةِ قَالَ اذْهَبُوا بِهِ فَاقْتُلُوهُ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُكَ يَا حَجَّاجُ أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَسْتَحْفِظُكَهُمَا حَتَّى أَلْقَاكَ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ تَبَسَّمَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فَقَالَ رُدُّوهُ فَلَمَّا رَدُّوهُ قَالَ مِمَّ ضَحِكْتَ قَالَ تَعَجَّبْتُ مِنْ جُرْأَتِكَ عَلَى اللَّهِ وَحِلْمِ اللَّهِ عَنْكَ قَالَ اسْحَبُوهُ فَلَمَّا سَحَبُوهُ قَالَ {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ للَّذي فطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض حَنِيفا وَمَا أَنا من الْمُشْركين} قَالَ اصْرِفُوا وَجْهَهُ عَنِ الْقِبْلَةِ قَالَ {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عليم} قَالَ كُبُّوهُ لِوَجْهِه عَدُوَّ اللَّهِ مَا أَنْزَعَهُ لآيِ الْقُرْآنِ فَقَالَ {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نخرجكم تَارَة أُخْرَى} فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ فَقَالَ اللَّهُمَّ قَاصِمَ الْجَبَابِرَةِ اقْصِمِ الْحَجَّاجَ فَمَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيَّامًا حَتَّى وَقَعَ فِي جَوْفِهِ الدُّودُ وَأَصَابَهُ الكزاز

وَأَخْبرنِي بْنُ مُغِيثٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ قَالَ قُتِلَ سعيد بن جُبَير ابْنُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ كُوفِيٌّ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ مَوْلًى لِبَنِي أَسَدٍ وَرَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ لَيْلَةً يَقْرَأُ فِيهَا قِرَاءَةَ زَيْدٍ وَلَيْلَةً يَقْرَأُ فِيها بِقِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ

قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ نَافِع عَن حَبِيبٍ عَنْ غَزْوَانَ الْبَجَلِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُقَاتِلٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ عَنْ عَوْنٍ أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ لَمَّا ذُكِرَ عِنْدَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَرْسَل إِلَيْهِ قَائِدًا مِنْ أَجْلِ أَهْلِ الشَّامِ من خَاصَّة أَصْحَابه يُسمى المتلمس ابْن الْأَحْوَص الثَّقَفِيّ وَمَعَهُ عشرُون رجلا من ثِقَات أَصْحَابه فَأتوا الْبيعَة فَبَيْنَمَا هُمْ يَطْلُبُونَهُ إِذَا هَمَّ بِرَاهِبٍ فِي صومعته فَأَتَوْهُ فَسَأَلُوهُ عَنْهُ فَقَالَ الرَّاهِبُ صِفُوهُ لِي فَوَصَفُوهُ فَدَلَّهُمْ عَلَيْهِ فانْطَلَقُوا فَوَجَدُوهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَصَفَ لَهُمُ الرَّاهِبُ سَاجِدًا يَبْكِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ فَدَنَوْا مِنْهُ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَأَتَمَّ صَلاتَهُ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِمُ السَّلامَ فَقَالُوا إِنَّا رُسُلُ الْحَجَّاجِ إِلَيْكَ فَأَجِبْهُ قَالَ وَلا بُدَّ مِنَ الإِجَابَةِ قَالُوا لَا بُدَّ فَحَمِدَ اللَّهَ كَثِيرًا وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى نَبِيِّهِ ثُمَّ قَامَ فَمَشَى مَعَهُمْ حَتَّى انْتَهَى إِلَى دَيْرِ الرَّاهِبِ فَقَالَ الرَّاهِبُ يَا مَعْشَرَ الْفُرْسَانِ أَصَبْتُمْ صَاحِبَكُمْ قَالُوا نَعَمْ يَا رَاهِبُ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَكَ فَقَالَ لَهُمُ الرَّاهِبُ اصْعَدُوا الدَّيْرَ فَإِن اللبؤة والأسد يأويان حَوْلَ الدَّيْرِ فَأَبَى سَعِيدٌ مِنْ دُخُولِ الدَّيْرِ قَالُوا مَا نرَاك يَا سعيد إِلَّا أَن تُرِيدُ الْهَرَبَ مِنَّا فَقَالَ لَا وَلَكِنْ لَا أَدْخُلُ مَنْزِلَ مُشْرِكٍ أَبَدًا قَالُوا فَإِنَّا لَا نَدَعُكَ فَإِنَّ السِّبَاعَ تَقْتُلُكَ قَالَ سَعِيدٌ لَا ضَيْرَ عَلَيْكُمْ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَصْرِفُهَا عَنِّي ويجعلها حرسا حَولي يحرسوني مِنْ كُلِّ سُوءٍ قَالُوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ أَنْتَ قَالَ لَا وَلَكِنِّي عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِ اللَّهِ خاطئ مذنب قَالَ الراهب فليعطي مَا أَثِق بِهِ قَالَ سعيد إِنِّي أعطي عَلَى اللَّهِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا شَرِيكَ لَهُ لَا أَبْرَحُ مِنْ مَكَانِي حَتَّى أُصْبِحَ إِنْ شَاءَ الله فَرَضِيَ بِذَلِكَ الرَّاهِبُ وَقَالَ لَهُمُ اصْعَدُوا وَأَوْتِرُوا الْقِسِيَّ لِتَمْنَعُوا السِّبَاعَ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ الصَّالِحِ فَإِنَّهُ كَرِهَ الدُّخُولَ عَلَيَّ لِمَكَانِكُمْ فَلَمَّا دَخَلُوا الدَّيْرَ وَأَوْتَرُوا الْقِسِيَّ إِذَا هُمْ بِلَبْوَةٍ قَدْ أَقْبَلَتْ حَتَّى دَنَتْ مِنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَتَحَاكَّتْ بِهِ وَتَمَسَّحَتْ وَرَبَضَتْ قَرِيبًا مِنْهُ وَأَقْبَلَ الأَسَدُ فَصَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ وَرَبَضَ قَرِيبًا مِنْهُ فَلَمَّا رَأَى الرَّاهِبُ ذَلِكَ نَزَلَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْ شَرَائِعِ دِينِهِ وَعَنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ففسر لَهُ ذَلِك فَأسلم الراهب وَحَسُنَ إِسْلامُهُ وَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ وَيُقَبِّلُونَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَيَأْخُذُونَ مِنَ التُّرَابِ الَّذِي وَطِئَهُ مِنَ الأَرْضِ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَيَقُولُونَ يَا سَعِيدُ قَدْ حَلَفْنَا بِالطَّلاقِ وَالْعِتَاقِ إِنْ نَحْنُ عَايَنَّاكَ لَا نَدْخُلُ إِلَى الْحَجَّاجِ إِلا بِشَخْصِكَ فَمُرْنَا بِمَا شِئْتَ فَقَالَ لَهُمُ امْضُوا لأَمْرِكُمْ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَمْرِ الْخَالِقِ وَلا رَادَّ لِقَضَائِهِ قَالَ فَسَارُوا بِهِ حَتَّى بَلَغُوا وَاسِطَ فَقَالَ سَعِيدٌ يَا مْعَشَرَ الإِخْوَةِ قَدْ تَحَرَّمْتُ بِكُمْ وَصُحْبَتِكُمْ وَلَسْتُ أَشُكُّ فِي أَنَّ أَجَلِي قَدْ حَضَرَ وَأَنَّ مُدَّتِي قَدِ انْقَضَتْ فَدَعُونِي اللَّيْلَةَ آخُذُ أُهْبَةَ الْمَوْتِ وَأَسْتَعِدُّ لِمُنْكَرَ وَنَكِيرَ وَأَذْكُرُ عَذَابَ الْقَبْرِ وَمَا يحثى عَليّ من التُّرَاب فَإِذَا أَصْبَحْتُمْ فَالْمِيعَادُ بَيْنِي وَبَيْنِكُمُ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُرِيدُونَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ لَا نُرِيدُ أَثَرًا بَعْدَ عَيْنٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُعْطِيكُمْ مَا أَعْطَى الرَّاهِبَ وَيْحَكُمْ أَمَا لَكُمْ عِبْرَةٌ بِالأَسَدِ كَيْفَ تَحَاكَّتْ بِهِ وَكَيْفَ حَرَسَتْهُ إِلَى الصَّبَاحِ وَقَالَ بَعضهم هُوَ عَليّ أَنا أدفعه إِلَيْك إنْشَاء اللَّهُ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَى سَعِيدٍ قَدْ دَمِعَتْ عَيْنَاهُ وَشَعِثَ رَأْسَهُ وَاغْبَرَّ لَوْنُهُ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يَضْحَكْ مُنْذُ لَقُوهُ وَصَحِبُوهُ وَقَالُوا بِجَمَاعَتِهِمْ يَا خَيْرَ أَهْلِ الأَرْضِ لَيْتَ إِنَّا لَمْ نَتَّبِعْكَ وَلَمْ نَسْرَحْ إِلَيْكَ الْوَيْلَ لَنَا وَيْلا طَوِيلا كَيْفَ ابْتُلِينَا بِكَ فَاعْذُرْنَا عِنْدَ خَالِقِكَ عِنْدَ الْحَشْرِ الأَكْبَرِ فَإِنَّهُ الْقَاضِي الأَكْبَرُ وَالْعدْل الَّذِي لَا يَجُورُ قَالَ سَعِيدٌ مَا أَعْذَرَنِي لَكُمْ وَأَرْضَانِي بِمَا سَبَقَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ الْبُكَاءِ وَالْمُحَادَثَةِ وَالْكَلامِ فِيمَا بَيْنَهُمْ قَالُوا بِاللَّهِ يَا سَعِيدُ أَلا زَوَّدْتَنَا مِنْ كَلامِكَ فَإِنَّا لَا نَلْقَى مِثْلَكَ أَبَدًا فَفَعَلَ ذَلِكَ سَعِيدٌ فَخَلَّوْا سَبِيلَهُ فَغَسَلَ رَأْسَهُ وَمِدْرَعَتَهُ وَكِسَاءَهُ وَحَنَّطَ نَفْسَهُ فَلَمَّا اشْتَدَّ عَمُودُ الصُّبْحِ جَاءَهُمْ سَعِيدٌ فَقَرَعَ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَقَالُوا صَاحِبُنَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ فَنَزَلُوا فَبَكَوْا مَعَهُ طَوِيلا ثُمَّ قَامَ الْمُتَلَمِّسُ الثَّقِفِيُّ وَآخَرُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلا على الْحجَّاج فَقَالَ أتيتماني بِسَعِيد ابْن جُبَيْرٍ قَالا نَعَمْ وَعَايَنَّا مِنْهُ الْعَجَبَ فَأَصْرَفَ وَجْهَهُ عَنْهُمَا وَقَالَ أَدْخِلاهُ عَلَيَّ فَخَرَجَ الْمُتَلَمِّسُ فَقَالَ أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ يَا سَعِيدُ وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ قَالَ فَدَخَلُوا بِهِ عَلَى الْحَجَّاجِ فَقَالَ مَا اسْمُكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَير قَالَ بَلْ أَنْتَ شَقِيُّ بْنُ كُسَيْرٍ قَالَ لأُبْدِلَنَّكَ نَارًا تَلَظَّى قَالَ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ ذَلِكَ إِلَيْكَ لاتَّخَذْتُكَ إِلَهًا قَالَ فَمَا قَوْلُكَ فِي مُحَمَّدٍ قَالَ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ وَإِمَامُ الْهُدَى قَالَ مَا تَقُولُ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَفِي الْجَنَّةِ هُوَ أَمْ فِي النَّارِ قَالَ لَوْ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ أَهْلَهَا عَرَفْتُ مَنْ فِيهَا قَالَ مَا تَقُولُ فِي الْخُلَفَاءِ قَالَ لَسْتُ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ قَالَ فَأَيُّهُمْ أَعْجَبُ إِلَيْكَ قَالَ أَرْضَاهُمْ لِلْخَالِقِ قَالَ فَأَيُّهُمْ أَرْضَى لِلْخَالِقِ قَالَ ذَلِكَ عِنْدَ الَّذِي يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ قَالَ أَبَيْتُ أَنْ تَصْدُقَنِي قَالَ بَلْ لَمْ أُحِبَّ أَنْ أَكْذِبَ قَالَ هَلْ رَأَيْتَ يَا سَعِيدُ مَا جَمَعْنَا لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ لَا قَالَ فَأَمَرَ بِاللُّؤْلُؤِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالْيَاقُوتِ فَنَثَرَ بَيْنَ يَدَيْ سَعِيدٍ فَقَالَ سَعِيدٌ إِنْ كُنْتَ جَمَعْتَ هَذَا لتفتدي بِهِ من قرع يَوْم الْقِيَامَة فَصَالح وَإِلَّا فقرعة وَاحِدَةٌ تُذْهِلُ كُلَّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَلا خَيْرَ فِي شَيْءٍ مِمَّا جَمَعْتَ لِلدُّنْيَا إِلا مَا زَكَا وَطَابَ ثُمَّ أَمَرَ بِالْعُودِ وَالنَّايِ فَلَمَّا ضرب الْعود وَنُفِخَ فِي النَّايِ بَكَى سَعِيدٌ فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ هُوَ اللَّهْوُ قَالَ بَلْ هُوَ الْحُزْنُ أما النفخة فقد ذَكرتني يَوْم عَظِيم {يَوْم ينْفخ فِي الصُّور} إِلَى آخِرِ الآيَةِ وَأَمَّا الْعُودُ فَشَجَرَةٌ قُطِعَتْ بِغَيْر حق وَأما هَذِه الأَوْتَارُ فَأَمْعَاءُ شَاةٍ تُبْعَثُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ الْحَجَّاجُ الْوَيْلُ لَكَ يَا سَعِيدُ قَالَ سَعِيدٌ الْوَيْلُ لِمَنْ زُحْزِحَ عَنِ الْجَنَّةِ وَأُدْخِلَ النَّارِ قَالَ الْحَجَّاجُ أَتُرِيدُ أَنْ أَعْفُوَ عَنْكَ قَالَ إِنْ كَانَ الْعَفْوُ فَمِنَ اللَّهِ وَأَمَّا أَنْتَ فَلا بَرَاءَةَ لَكَ وَلا عُذْرَ قَالَ اقْتُلُوهُ قَالَ سَعِيدٌ {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض حَنِيفا وَمَا أَنا من الْمُشْركين} قَالَ شُدُّوا بِهِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ قَالَ سَعِيدٌ {فأينما توَلّوا فثم وَجه الله} قَالَ أَكِبُّوهُ لِوَجْهِهِ قَالَ سَعِيدٌ {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وفيهَا نعيدكم وَمِنْهَا نخرجكم تَارَة أُخْرَى} قَالَ فَأَمَر بِنِطْعٍ فَبُسِطَ وَقَالَ اذْبَحُوهُ قَالَ سَعِيدٌ إِنِّي أُشْهِدُكَ يَا حَجَّاجُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَخُذْهَا مِنِّي تَلْقَانِي بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ فَذُبِحَ عَلَى النِّطْعِ وَدَعَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رَحمَه الله مَنْ قَبْلِ أَنْ يُذْبَحَ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَا تُسَلِّطْهُ عَلَى أَحَدٍ يَقْتُلُهُ بَعْدِي فَلَمْ يَقْتُلْ بعده أحدا وَبَلغنِي أَنه عَاشَ سِتَّة عشر لَيْلَة وَوَقعت الْأكلَة فِي بَطْنه فَدَعَا بالطبيب لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ دَعَا بِلَحْمٍ منتن فَعُلِّقَ فِي خَيْطٍ أَسْوَدَ فَسَرَّحَهُ فِي حَلْقِهِ ثُمَّ تَرَكَهُ سَاعَةً ثُمَّ اسْتَخْرَجَهُ وَقَدْ لَزِقَ بِهِ الدُّودُ فَعَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَاجٍ وَبَلَغَنَا انه كَانَ يُنَادي فِي بَقِيَّة حَيَاته مَالِي وَلِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ كُلَّمَا أَرَدْتُ النَّوْمَ أَخَذَ بِرِجْلَيَّ وَبَلَغَهُ أَنَّهُ كَانَ دَعَا عَلَيْهِ بِالزَّمْهَرِيرِ قَالَ فَكَانُوا يَجْعَلُونَ حَوْلَهُ الْكَوَانِينَ قَدْ مُلِئَتْ جَمْرًا مَعَ مَا كَانَ قَدْ دَثَّرُوهُ فَمَا زَالَ فِي عَذَابِهِ ذَلِكَ فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِ الْحسن فَأَتَاهُ فَاعْتَذر إِلَيْهِ وشكى مَا نَزَلَ بِهِ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ قَدْ نَهَيْتُكَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى لَا تَتَعَرَّضْ لِلصَّالِحِينَ وَلا تَكُنْ مِنْهُمْ إِلا بِسَبِيلِ خَيْرٍ فَأَبَيْتَ ولججت ليقضي الله أمرا كَانَ مَفْعُولا قد انْتَهَى بِكَ الْكِتَابُ أَجَلُهُ ثُمَّ مَاتَ

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ دَاوُدَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ قَالَ الْحَجَّاجُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ لأُعَذِّبَنَّكَ عَذَابًا شَدِيدًا فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ وَالله لقد عبدت الله عبَادَة لأَنْتَ فِي عَيْنَيَّ أَصْغَرُ مِنَ الذُّبَابِ وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا أُوذِيَ نَبِيٌّ وَلا صِدِّيقٌ فِي اللَّهِ إِلا أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُ أَلَمًا يَجِدُهُ

وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ مَوْلًى لِبَنِي وَالِبَةَ مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ أَسْوَدَ وَكَانَ كَاتِبًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ثُمَّ كَتَبَ لأَبِي بُرْدَةَ وَهُوَ عَلَى الْقَضَاءِ وَبَيْتِ الْمَالِ وَخَرَجَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ فَلَمَّا انْهَزَمَ ابْنُ الأَشْعَثِ مِنْ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ هَرَبَ سَعِيدٌ إِلَى مَكَّةَ فَأَخَذَهُ خَالِدُ بْنُ عبد الله الْقَسْرِيِّ وَكَانَ وَالِي عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى مَكَّةَ فَبَعَثَ بِهِ إِلَى الْحَجَّاجِ قَالَ فَحَدَّثَنِي أَبُو الْخَطَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ زَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الصَّهْبَاءِ قَالَ قَالَ الْحَجَّاجُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ اخْتَرْ أَيَّ قتلة شِئْت قَالَ بل أَنْت اختر لِنَفْسِكَ فَإِنَّ الْقِصَاصَ أَمَامَكَ وَقَالَ لَهُ أَلَمْ أَقْدُمِ الْكُوفَةَ وَبِهَا الْعَرَبُ فَجَعَلْتُكَ إِمَامًا قَالَ بَلَى قَالَ أَلَمْ أُوَلِّكَ الْقَضَاءَ فَضَجَّ النَّاسُ وَقَالُوا لَا يَصْلُحُ الْقَضَاءُ إِلا لِعَرَبِيٍّ فَاسْتَقْضَيْتُ أَبَا بُرْدَةَ وَأَمَرْتُهُ أَنْ لَا يَقْطَعَ أَمْرًا دُونك قَالَ بلَى قَالَ أَو مَا جعلتك فِي سماري قَالَ بلَى قَالَ أَو مَا أَعطيتك من المَال كَذَا وَكَذَا تفرقه فِي ذَوِي الْحَاجَةِ لَمْ أَسْأَلْكَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ قَالَ بَلَى قَالَ فَمَا أَخْرَجَكَ قَالَ بَيْعَةٌ كَانَتْ لابْنِ الأَشْعَثِ فِي عُنُقِي قَالَ فَغَضِبَ الْحَجَّاجُ وَقَالَ بَيْعَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ الْمَلِكِ قَبْلُ فِي عُنُقِكَ وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ وَقَتَلَهُ الْحجَّاج وَهُوَ ابْن تسع وَأَرْبَعِينَ سَنَةً () قَالَ سَعِيدٌ لِلْقَتَّالِ سَأَلْتُكَ بِاللَّهِ لَا تَقْتُلْنِي حَتَّى أَتَكَلَّمَ بِكَلِمَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ تَكَلَّمْ بِمَا شِئْتَ فَقَالَ سَعِيدٌ اللَّهُمَّ مَا عَادَانِي إِلا فِيكَ وَلا أَبْغَضَنِي إِلا مِنْ أَجْلِكَ اللَّهُمَّ لَا تُحِلَّ لَهُ دَمِي وَلا تُمْهِلْهُ بَعْدِي فَقُدِّمَ فَذُبِحَ فَمَا قُتِلَ حَتَّى ضَرَبَ الْحَجَّاجَ الزَّمْهَرِيرُ فِي بَطْنِهِ فَصَاحُوا خَلُّوا سَبِيلَ الرَّجُلِ فَخَرَجَ النَّاسُ فَأَصَابُوهُ قَتِيلا فَأَخْبَرُوا الْحَجَّاجَ فَنَادَى دَثِّرُونِي فَمَا انْتَفَعَ بِشَيْءٍ قَالَ مَا أَرَى الدِّثَارَ يَنْفَعُنِي شَيْئًا عَلَيَّ بِالنَّارِ فَأَتَوْهُ بِالْكَوَانِينِ فَجَعَلُوا النَّارَ حَوْلَهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ حَتَّى احْتَرَقَتْ ثِيَابُهُ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَصِيحُ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ فَتَجَرَّدَ وَأَقْبَلَ يَصْطَلِي حَتَّى تَفَطَّرَ جَسَدُهُ وَلَمْ يَنْفَعْهُ شَيْئًا فَلَمَّا عَظُمَ الْبَلاءُ عَلَيْهِ قَالَ ائْتُونِي بِالْحَسَنِ فَأَتَوْهُ بِهِ فَصَاحَ الْحَجَّاجُ يَا أَبَا سَعِيدٍ أَدْرِكْنِي مَالِي ولسعيد فَقَالَ لَهُ الْحسن مَا لسَعِيد وَمَالك يَا حَجَّاجُ لَوْ تَرَكْتَ سَعِيدًا لَتَرَكَكَ اللَّهُ أَمَا نَهَيْتُكَ يَا حَجَّاجُ أَنْ لَا تَتَعَرَّضَ لأَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ فَلَمَّا نَظَرَ الْحَسَنُ إِلَى مَا نَزَلَ بِهِ مِنَ الْعَذَابِ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ ثُمَّ صَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ ثُمَّ أَقْبَل يَبْكِي عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ يَا أَبَا سَعِيدٍ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ أَسْتَغِيثُ بِكَ وَأَنْتَ تَبْكِي عَلَى نَفْسِكَ فَقَالَ الْحَسَنُ أَمَّا أَنْتَ يَا حَجَّاجُ فَقَدْ عُجِّلَ لَكَ مَا صَنَعْتَ وَأَمَّا أَنَا فَلا أَدْرِي مَا يُصْنَعُ بِي فِي أَمْرِي أَيُؤَخِّرُنِي فِيمَنْ يُؤَخِّرُ ثُمَّ يُعَجِّلُ بِي ثُمَّ خَرَجَ عَنْهُ الْحَسَنُ مَغْمُومًا مَكْرُوبًا خَائِفًا وَجِلا عَلَى نَفْسِهِ عَلَى مَا يَصِيرُ إِلَيْهِ وَقَدْ نَزَلَ بِهِ عَظِيمٌ فَأَقَامَ الْحَجَّاجُ مُعَذَّبًا لَا يَكَادُ يَمُوت وَلَا يحيى خَمْسَة عشر لَيْلَةً وَقَالَ الْحَجَّاجُ رُدُّوا عَلَيَّ الْحَسَنَ فَرَدُّوهُ قَالَ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَقَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَغَارَتْ عَيْنَاهُ مِنَ السَّهَرِ وَقَدِ احْتَرَقَتْ ثِيَابُهُ وَتَشَقَّقَ جِلْدُهُ مِنْ حَرِّ النَّارِ وَحَوْلَهُ تِسْعَةُ كَوَانِينَ وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يُفَارِقُ الزَّمْهَرِيرُ جَوْفَهُ قَالَ فَكَلَّمَنِي وَقَدْ ضَعُفَ وَبَحَّ صَوْتُهُ فَأَنْشَأَ وَهُوَ يَقُولُ يَا إِلَهِي إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ إِنَّكَ لَا تَرْحَمُنِي فَارْحَمْنِي ثُمَّ قَالَ يَا حَسَنُ لَا أَسْأَلُكَ أَنْ تَسْأَلَهُ أَنْ يُفَرِّجَ عَنِّي وَلَكِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَسْأَلَهُ أَنْ يَقْبِضَ رُوحِي وَلا يُطَوِّلَ عَذَابِي فَيَفْعَلَ بِي مَا يَشَاءُ فَبَكَى الْحَسَنُ بُكَاءً شَدِيدًا وَاسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ أَنْ يَسْأَلَهُ فِيهِ فَأَذِنَ اللَّهُ بِقَبْضِ رُوحِهِ فَقُبِضَ وَالْحَسَنُ وَاقِفٌ فَقَالَ الْحَسَنُ لأَهْلِهِ خُذُوا فِي جَهَازِهِ وَقَعَدَ الْحَسَنُ عَلَى بَابِهِ يَنْتَظِرُ جَنَازَتَهُ وَأَبَى الْعَابِدُونَ أَنْ يَأْتِيَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلا يَحْضُرُوا لَهُ جِنَازَةً لِمَا كَانَ أَنْزَلَ بِهِمْ وَمَا كَانَ فَعَلَ بِالْعَابِدِينَ فَأَقَامَ عِنْدَهُ الْحَسَنُ يَنْتَظِرُ جِنَازَتَهُ فَلَمْ يَحْضُرْهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْعِرَاقِ غَيْرُهُ فَلَمَّا مَضَوْا بِالْجِنَازَةِ مَضَى مَعَهُمُ الْحَسَنُ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَأَقَامَ عِنْدَ جِنَازَتِهِ حَتَّى وَارَاهُ بِالتُّرَابِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَتَى النَّاسُ إِلَى دَارِ الْحَسَنِ وَقَالُوا يَا أَبَا سَعِيدٌ رَجُلٌ رَمَى الْبَيْتَ وَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَقَتَلَ ابْنَ عُمَرَ وَقَتَلَ الْعَابِدِينَ وَآخِرُ مَنْ قَتَلَ رَأْسُ الزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فَكَيْفَ رَضِيتَ أَنْ تَحْضُرَ جِنَازَتَهُ فَيَقُولَ الْمُلُوكُ لَوْ لَمْ يَكُنِ الَّذِي فَعَلَهُ الْحَجَّاجُ لَيْسَ للَّهِ رضى مَا حَضَرَ الْحَسَنُ جِنَازَتَهُ وَلا صَلَّى عَلَيْهِ فَقَدْ أَهْلَكْتَ الْعَابِدِينَ آخِرَ الدَّهْرِ وَأَحْلَلْتَهُمْ لِمُلُوكِ الأَرْض فَمَا حملك على مَا صنعت فَقَالَ لَهُمُ الْحَسَنُ إِنِّي أَدْرَكْتُ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثلثمِائة رَجُلٍ مِنْهُمْ سَبْعُونَ بَدْرِيًّا كُلُّهُمْ يَأْمُرُونَ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَى بَارِّ هَذِهِ الأُمَّةِ وَفَاجِرِهَا فَإِنْ كَانَ مُحْسِنًا دَعَوْنَا اللَّهَ لَهُ بِالزِّيَادَةِ وَإِنْ كَانَ مسيئا دَعونَا الله لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ هَكَذَا أَمَرُوا وَلَسْتُ مُجَاوِزًا أَمْرَهُمْ فَانْصَرَفَ النَّاسُ عَنْهُ وَاسْتَرَاحَ النَّاسُ مِنَ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ وَكَفَى اللَّهُ أَمْرَهُ فَكَانَ فِيمَا ابْتُلِيَ بِهِ الْحَجَّاجُ أَنْ كَفَّ اللَّهُ الأَذَى عَنْ عُلَمَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ وَعُبَّادِهَا

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وحَدثني مُحَمَّدُ بْنُ سُحْنُونٍ أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ لما قبر كَانَ على قَبره حراسا يَحْرُسُونَهُ فَلَمَّا أَنْ ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ بَعْضُهُ إِذَا هُمْ بِحَرَكَةٍ فِي قَبْرِهِ وَحِسِّ جَرِّ السَّلاسِلِ وَصَلْصَلَتِهَا وَقَائِلٌ يَقُولُ أُعَذَّبُ وَأَنَا أَقَرْأُ الْقُرْآنَ وَلَمَّا أَنْ كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ سَمِعُوا فِي قَبْرِهِ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي سمعُوا اللَّيْلَة الأولى فَلَمَّا أَصْبحُوا () قَالَ إِذَا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ آتِيكُمْ حَتَّى أَسْمَعَ مَا أُسْمِعْتُمْ قَالَ فَأَتَاهُمْ فَإِذَا الْحَرَكَةُ وَالْحِسُّ كَمَا ذكرُوا وكما سمعُوا قبل ذَلِك فَأقبل الظَّالِم وَهُوَ يَقُول ذَلِك يَا عَدُوَّ اللَّهِ بِتَقْصِيرِكَ وَتَفْرِيطِكَ فِي طَاعَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَكَانَ صَاحِبَ الشُّرْطَةِ هَذَا مِنَ الْعُتَاةِ أَيْضًا

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ تَمِيمٍ وَقَرَأْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ بِخَطِّ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ وَأَنَا أَعْرِفُ خَطَّهُ أَنَّ الْحَجَّاجَ لَمَّا قَتَلَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ سَالَ مِنْ دَمِهِ شَيْءٌ كَثِيرٌ اسْتَنْكَرَهُ الْحَجَّاجُ وَهَالَهُ لِكَثْرَتِهِ فَدَعَا الْبَيَادُوقَ وَكَانَ مُتَطَبِّبًا فَقَالَ إِنِّي أَنْكَرْتُ كَثْرَةَ دَمِهِ فَمِمَّ ذَلِكَ قَالَ الصِّدْقُ يُنْجِينِي قَالَ نَعَمْ قَالَ قتلته وَنَفسه مجتمعة غير هايب لِمَا فَعَلْتَ بِهِ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ قَتَلْتَ قَتَلْتَهُ وَهُوَ مفترق النَّفس هايب لَك قيقل دَمُهُ لِذَلِكَ وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ لَا يُقَدِّمُ أَحَدًا عَلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي عِلْمِهِ وَكَانَ بِهِ معجبا

وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الدَّقَّاقُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ قَالَ سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ وَيحكم أخليفة أحدكُم فِي أَهله أَمْ رَسُولُهُ إِلَيْهِمْ يُرِيدُ بِالْخَلِيفَةِ عَبْدَ الْمَلِكِ بن مَرْوَان وبالرسول مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ قَالا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الطَّالْقَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنِ الرَّبِيعِ شَكَّ عَلِيٌّ أَنَّ الْحَجَّاجَ قَالَ فِي كَلامِهِ وَيْحَكُمْ أَخَلِيفَةُ أَحَدِكُمْ فِي أَهْلِهِ أَكْرَمُ عَلَيْهِ أَمْ رَسُولُهُ فِي حَاجَتِهِ قَالَ قُلْتُ للَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أُصَلِّيَ خَلْفَكَ أَبَدًا وَلَئِنْ وَجَدْتُ قَوْمًا يُقَاتِلُونَكَ لأُقَاتِلَنَّكَ قَالَ فَقَاتَلَ يَوْمَ الْجَمَاجِمِ حَتَّى قُتِلَ

قَالَ وَحَدَّثَنِي ابْنُ أُسَامَةَ وَعمر عَن عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِأَسَانِيدَ اخْتَصَرْتُهَا عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ كَانَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ مُؤْمِنًا بِالطَّاغُوتِ كَافِرًا بِالرَّحْمَنِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِيهِ الشَّيْخُ الْكَافِرُ

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالْقَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ قَالَ شَهِدْتُ الْحَجَّاجَ حِينَ أُتِيَ بِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ الشَّقِيُّ بْنُ كُسَيْرٍ قَالَ لَا بَلْ أَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِذًا أَنَا كَمَا سَمَّتْنِي أُمِّي إِنِّي أَعُوذُ مِنْكَ بِمَا عَاذَتْ بِهِ مَرْيَمُ قَالَ وَمَاذَا عَاذَتْ بِهِ مَرْيَمُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ قَالَ قَالَتْ {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تقيا} قَالَ اضْرِبُوا عُنُقَهُ قَالَ دَعْنِي أُصَلِّي رَكَعْتَيْنِ قَالَ وَلُّوهُ قِبْلَةَ النَّصَارَى فَقَالَ سَعِيدٌ {فَأَيْنَمَا توَلّوا فثم وَجه الله}

وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْخٌ لَنَا قَالَ أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ قَالَ قُتِلَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً

قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قُتِلَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَوْبَانَ قَالَ أَخْبَرَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُنْقِذٌ حَاجِبُ الْحَجَّاجِ أَنَّ الْحَجَّاجَ لَمَّا قُتِلَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ مَكَثَ ثَلاثَ لَيَالٍ لَا يَنَامُ يَقُولُ مَا لِي وَلِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ

ذِكْرُ قَتْلِ أَبِي فِرَاسٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ[عدل]

قَالَ بَلَغَنِي عَنْ بِشْرِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ السُّلَمِيُّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا قَالَ رَأَيْتُ عبد الله بن نَافِع بن غَالب بَايع عبد الرَّحْمَن بن الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ

قَالَ الْمُحَارِبِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ رَوَى عَنْهُ قَتَادَةُ

وَبَلَغَنِي عَنِ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا رَوَاهُ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ بَكْرٍ السَّعْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُرَجَّى بْنُ وَدَاعٍ الرَّاسِبِيُّ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ الْحُدَانِيُّ لَمَّا بَرَزَ الْعَدُوُّ قَالَ عَلَى مَا أُسَامِرُ الدُّنْيَا فَوَاللَّهِ مَا فِيهَا للبيب خير وَوَاللَّه لَوْلا مَحَبَّتِي لِمُبَاشَرَةِ السَّهَرِ بِصَفْحَةِ وَجْهِي وَافْتِرَاشِ الْجَبْهَةِ لَكَ يَا سَيِّدِي وَالْمُرَاوَحَةِ بَيْنَ الأَعْضَاءِ وَالْكَرَادِيسِ فِي ظُلَمِ اللَّيْلِ رَجَاءَ ثَوَابِكَ وَحُلُولِ رِضْوَانِكَ لَقَدْ كُنْتُ مُتَمَنِّيًا لِفِرَاقِ الدُّنْيَا وَأَهْلِهَا قَالَ ثُمَّ كَسَر جَفْنَ سَيْفِهِ ثُمَّ تَقَدَّمَ فقاتل حَتَّى قتل فَحمل من المعركة وَإِن بِهِ لرمق فَمَاتَ دُونَ الْعَسْكَرِ فَلَمَّا دُفِنَ أَصَابُوا مِنْ قَبْرِهِ رَائِحَةَ الْمِسْكِ قَالَ فَرَآهُ مِنْ إِخْوَانِهِ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ فَقَالَ يَا أَبَا فِرَاسٍ مَا صنعت قَالَ خير الصنع قَالَ إِلَى م صِرْتَ قَالَ إِلَى الْجَنَّةِ قَالَ بِمَ قَالَ بِحُسْنِ الْيَقِينِ وَطُوِل التَّهَجُّدِ وَظَمَإِ الْهَوَاجِرِ قَالَ فَمَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ الَّتِي وَجَدْتُ مِنْ قَبْرِكَ قَالَ تِلْكَ رَائِحَةُ التِّلاوَةِ وَالظَّمَإِ بِالْهَوَاجِرِ قَالَ قُلْتُ كَيْفَ قَالَ بِكُلِّ خَيْرٍ قُلْتُ أوصني قَالَ اكْتسب لنَفسك خيرا أَلا تَخْرُجْ عَنْكَ اللَّيَالِي عُطُلا فَإِنِّي رَأَيْتُ الأَبْرَارَ نَالُوا الْبِرَّ بِالْبِرِّ

وَبَلَغَنِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَوَارِيِّ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ الْحَوَارِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو سَلمَة قَالَ لَمَّا قَتَلَهُ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ غَالِبٍ الْحجَّاج وَفرغ من دَمه وَجَدُوا مِنْ تُرَابِ قَبْرِهِ رِيحًا مِنْ كُلِّ طِيبٍ

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَفْصٍ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ فُتِنَ النَّاسُ بِقَبْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ كَانَ يُوجَدُ مِنْهُ رِيحُ الْمِسْكِ

ذِكْرُ قَتْلِ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ الْبَاهِلِيِّ وَذِكْرُ قَتْلِ غَيْرِهِ مِنْ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ[عدل]

قَالَ الْوَاقِدِيُّ سَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ الْبَاهِلِيُّ قُتِلَ بِبَلَنْجَرَ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فِي وَلايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ

قَالَ الْوَاقِدِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ وَهُوَ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَتَلَهُ غِلْمَانُهُ بِأَمْر ابْنه لأمواله بِشِعْبِ وَبْذَا وَكَانَ ابْنُهُ سَفِيهًا شَاطِرًا قَتَلَهُ لِلْمِيرَاثِ ثُمَّ وَثَبَ غِلْمَانُهُ فَقَتَلُوهُ أَيْضًا وَكَانَ قَتْلُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي آخِرِ خِلافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ

قَالَ وَبَلَغَنِي عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَتَلَ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ لَيَالِيَ خَرَجُوا بِالشَّامِ وَكَانَ مَعَ ابْنِ أُخْتٍ لَهُ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ

وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُغِيثٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الله بن صَالح الْكُوفِي قَالَ حَدثنِي ثِقَة يروي عَنهُ سُفْيَان قَالَ إِن سَالم الْأَفْطَس لما ولي بَنو الْعَبَّاس أرْسلُوا إِلَيْهِ فَأَخْرَجُوهُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَضَرَبُوا عُنُقَهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَكَانَ حُكْمُهُ فِي بَنِي أُمَيَّةَ

قَالَ وَبَلَغَنِي أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ الأُمَوِيَّ وَكَانَ بِمَكَّة وَكَانَ نبيلا عَالما فَقتله داؤد بْنَ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ مَعَ مَنْ قَتَلَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ أَيَّامَ ظُهُورِ وَلَدِ الْعَبَّاسِ وَإِمْرَتِهِمْ

ذِكْرُ قَتْلِ أُمِّ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ[عدل]

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَنْجَرَ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الله بن جَمِيع قَالَ حَدثنِي جدي عَن أم ورقة بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الأَنْصَارِيِّ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُهَا وَيُسَمِّيهَا الشَّهِيدَةَ وَكَانَتْ قَدْ جَمَعَتِ الْقُرْآنَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ غَزَا بدر قَالَتْ لَهُ ائْذَنْ لِي أَخْرُجُ مَعَك أُدَاوِي جَرْحَاكُمْ وَأُمَرِّضُ مَرْضَاكُمْ لَعَلَّ اللَّهَ يُهْدِي لِي شَهَادَة قَالَ إِن الله سيهدي لَكَ شَهَادَةً وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمِّيهَا الشَّهِيدَةَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا وَكَانَ لَهَا مُؤَذِّنٌ وَكَانَتْ تَؤُمُّ أَهْلَ دَارِهَا حَتَّى غَمَّتْهَا جَارِيَةٌ لَهَا وَغُلامٌ وَقد كَانَت ذبرتهما فقتلاها فِي إِمَارَة عمر فَقيل لَهُ إِن أم ورقة قَتلهَا غلامها وجاريتها وأنهما هربا وَأمر بطلبهما فأدركا فَأُتِيَ بِهِمَا فَصَلَبَهُمَا وَكَانَا أَوَّلَ مَصْلُوبَيْنِ بِالْمَدِينَةِ وَقَالَ عُمَرُ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ انْطَلِقُوا بِنَا نَزُورُ الشَّهِيدَةَ

ذِكْرُ قَتْلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ وَحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَقَتْلِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَابْنِهِ يَحْيَى[عدل]

قَالَ الْوَاقِدِيُّ قُتِلَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ قَالَ وَبَلَغَنِي أَنَّ يَحْيَى بْنَ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ قُتِلَ بِالْجَوْزَجَانِ

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ قَالَ الشَّاعِرُ

(اذْكُرُوا مَصْرَعَ الْحُسَيْنِ وَزَيْدًا ... وَقَتِيلا بِجَانِبِ الْمِهْرَاسِ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِهْرَاسُ نَقْبٌ يَكُونُ فِي الْجَبَل والقتيل بِجَانِب الْجَبَل الْمِهْرَاسِ يُرِيدُ حَمْزَةَ

وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ الزُّبَيْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي دُرَيْدُ بْنُ عِمَامَةَ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ لَمَّا خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ لَزِمَ مَالِكٌ بَيْتَهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ حَتَّى قُتِلَ مُحَمَّدٌ

قَالَ عِيسَى قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنِي ابْن أبي أَوْس قَالَ لَمَّا خَرَجَ حُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْمَقْتُولُ بِفَخٍّ أَغْلَقَ مَالِكٌ بَابَهُ وَلَزِمَ مَنْزِلَهُ فَجَاءَهُ قَوْمٌ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ حُسَيْنٍ فَدَقُّوا عَلَيْهِ الْبَابَ فَاطَّلَعَ مِنْ كُوَّةٍ فَقَالَ لَهُمْ مَا تُرِيدُونَ قَالُوا إِنَّ صَاحِبَنَا قُتِلَ وَهُوَ شَهِيدٌ أَفَتَرَى أَنْ نَغْسِلَهُ وَنُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ قُتِلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ شَهِيدٌ فَغُسِلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ فَرَدَّهُمْ وَأَجَافَ بَابَ الْكُوَّةِ قَالَ فَرَضُوا بِذَلِكَ

قَالَ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُولُ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ كُنْتُ أُكْثِرُ الضَّحِكَ فَمَا قَطَعَهُ إِلا قَتْلُ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ

ذكر من قَتله الْأزَارِقَة والخوارج[عدل]

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُحْنُونٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُهْمَانَ أَنَّ وَالِدَهُ جُهْمَانَ قَتَلَهُ الأَزَارِقَةُ وَأَنَّ أَبَا أُمَامَةَ سَأَلَهُ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُهْمَانَ قَالَ مَا فَعَلَ وَالِدُكَ قَالَ قَتَلَهُ الأَزَارِقَةُ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يتحدث عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ قَالَ خَرَجَ خَوَارِجُ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَتَلُوهُ يَعْنِي أَبَا الأَحْوَصِ

ذِكْرُ مَقْتَلِ صِلَةَ بْنِ أَشْيَمَ وَقُرَّةَ بْنِ إِيَاسٍ[عدل]

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْكُوفِيِّ قَالَ كَانَ صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ الْعَدوي وَهُوَ زوج معَاذَة العدوية مصري تَابِعِيّ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ قُتِلَ فِي بَعْضِ وَقَائِعِ الْهِنْدِ هُوَ وَابْنُهُ فَجَاءَ النِّسَاءُ إِلَى امْرَأَتِهِ يُعَزِّينَهَا فَقَالَتْ إِنْ كُنْتُنَّ جِئْتُنَّ تُهَنِّئْنَنِي وَإِلا فَارْجِعْنَ

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مِسْكِينٍ وَحَبِيبُ بْنُ نَصْرٍ عَنْ سُحْنُونٍ عَنِ ابْنِ وهب قَالَ وَأَخْبرنِي أَيْضا الْحَارِث بن نَبهَان عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَبَّاسٍ عَنْ عَبْدِ الله بن رَبَاح عَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ فَضْلُ قَتِيلِ الْحَرُورِيَّةِ عَلَى قَتِيلِ الْمُشْرِكِينَ ثَمَانِيَةَ أَنْوَارٍ لِقَتِيلِ الْمُشْرِكِينَ نُورَانِ وَلِقَتِيلِ الْحَرُورِيَّةِ عَشَرَةُ أَنْوَارٍ وَبَلَغَنِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنِ الْمُحَارِبِيِّ قَالَ قُرَّةُ بْنُ إِيَاسِ بْنِ زِيَادٍ الْمُزَنِيُّ لَهُ صُحْبَةٌ

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَنْبَسَةَ قَالا حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أبي قُرَّة قَالَ جَاءَ مَعَ عبد الرَّحْمَن بن عُبَيْس بن كريز نَحوا من عشْرين ألفا فَقتل أبي قُرَّةُ فَحَمَلْتُ عَلَى قَاتِلِهِ فَقَتَلْتُهُ وَكَانَتِ الْحَرُورِيَّةُ فِي خَمْسمِائَة وَقتل نَافِع بن الأَزْرَقِ وَابْنُ عُبَيْسٍ

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ دَخَلَ شَرِيكُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي عَلَى الْمَهْدِيِّ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ بِالْخِلافَةِ فَأَعْرض عَنهُ ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِ الثَّانِيَةَ فَقَالَ لَا سَلَّمَ اللَّهُ عَلَى الأَبْعَدِ قَالَ وَلِمَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلِشَيْءٍ جَنَيْتُهُ أَمْ لأَمْرٍ أَحْدَثْتُهُ قَالَ فَقَالَ السَّيْفَ وَالنِّطْعَ قَالَ وَلِمَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَجُوزُ قَتْلِي إِلا عَنْ عِلْمٍ تُعْلِمُنِي بِذَنْبِي قَالَ رَأَيْتُ فِي مَنَامِي كَأَنَّكَ تَطَأُ بِسَاطِي وَأَنْتَ مُعْرِضٌ عَنِّي فَقَصَصْتُ رُؤْيَايَ عَلَى مَنْ عَبَرَهَا فَقَالَ يُظْهِرُ لَكَ طَاعَةً وَيُضْمِرُ مَعْصِيَةً فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا رُؤْيَاكَ بِرُؤْيَا الْخَلِيلِ إِبْرَاهِيمَ وَلا مُعَبِّرُك بِيُوسُفَ الصِّدِّيقِ عَلَيْهُمَا السَّلامُ أَفَبِالأَحْلامِ الْكَاذِبَةِ تَضْرِبُ أَعْنَاقَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ فَاسْتَحْيَا الْمَهْدِيُّ وَتَطَامَنَ ثُمَّ قَالَ اخْرُجْ عَنِّي فَتَبِعَهُ سَلْمُ بْنُ سَعْدٍ فَقَالَ لَهُ مَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ لَكَ نَظِيرٌ قَالَ فَقَالَ لَهُ شَرِيكٌ مُتَعَجِّبًا رَأَيْتُ أَعْجَبَ مِنْ هَذَا يَضْرِبُ أَعْنَاقَ الْمُؤْمِنِينَ بِالأَحْلامِ الْكَاذِبَةِ

ذِكْرُ قَتْلِ سُمَيٍّ وَسُمَيٌّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ابْن الْمُغيرَة المَخْزُومِي[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ بَلَغَنِي عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ اسحاق القَاضِي عَن عَليّ بن الْمدنِي قَالَ قَالَ سُفْيَانُ أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَسَأَلْتُ عَنْ سمي قَالُوا خرج إِلَى الْغَزْوِ قِيلَ لِسُفْيَانَ كَانَ سُمَيٌّ قُتِلَ قَالَ زَعَمَوُا أَنَّ الْخَوَارِجَ قَتَلُوهُ

ذِكْرُ مَنْ قُتِلَ بِقُدَيْدٍ لَمَّا قَتَلَهُمْ أَبُو حَمْزَةَ الشَّارِيُّ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْحِزَامِيُّ قَالَ سَعِيدٌ وَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحِزَامِيِّ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ عَنْ هَاشِمِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ بْنِ كَيْسَانَ مَوْلَى خُزَاعَةَ أَنَّ الْحَرُورِيَّةَ خَرَجُوا مِنْ مَكَّةَ يُرِيدُونَ الشَّامَ حَتَّى نَزَلُوا أَمَجَ وَنَزَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْجُحْفَةَ وَقَدَّمُوا طَوَالِعَهُمْ ثُمَّ رَحَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَنَزَلُوا فِي الْقِبْلَةِ مِنْ قُدَيْدٍ فَبَاتُوا عَلَى غَيْرِ تَعْبِئَةٍ وَلا اسْتِعْدَادٍ فَصَبَّحَهُمُ الْحَرُورِيَّةُ يَوْمَ الْخَمِيسِ صَلاةَ الصُّبْحِ لِسَبْعِ لَيَالٍ مَضِينَ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ فَشَنُّوا عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ وَأَكْثَرُهُمْ نِيَامٌ فَثَارَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْهُمُ الْمُقَاتِلُ وَمِنْهُمُ الْهَارِبُ وَثَبَتَ بَنُو عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ شَيْئًا ثُمَّ انْهَزَمُوا وَانْهَزَمَ النَّاسُ فَلَمْ تَزَلِ الْحَرُورِيَّةُ تَقْتُلُهُمْ حَتَّى بَلَغُوا الْمُشَلَّلَ ثُمَّ رَجَعُوا فَعَسْكَرُوا بِقُدَيْدٍ وَأَمَرُوا بالحرثى وَالأَسْلابِ فَجُمِعَ كُلُّهُ وَاسْتَعْمَلُوا عَلَيْهِمْ أَبَا يَحْيَى بْنَ عُبَيْدِ بْنِ كَيْسَانَ مَوْلَى بَنِي كَعْبٍ قَالَ فَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَمِيرُ الْقَوْمِ وَأُصِيبَ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ إِلا الشَّرِيدُ

قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْمُطَّلِبِ بن السَّائِب عَن أَبِي وَدَاعَةَ أَنَّ النَّاسَ يَوْمَ قُدَيْدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ تَعْبِئَةٌ وَلا زَاحَفُوا لَهُمْ قِتَالٌ وَلَقْد جَاءَهُمُ الْحَرُورِيَّةُ وَهُمْ غَافِلُونَ وَبَعْضُهُمْ نِيَامٌ فَمَا شَعَرُوا حَتَّى أَوْقَعُوا بِهِمْ فَوَضَعُوا السِّلاحَ فِيهِمْ وَانْهَزَمَ النَّاسُ وَثَبَتَ بَعْضُهُمْ فَقُتِلُوا قَتْلا ذَرِيعًا فَمَا نَجَا مِنْ ذَلِكَ الْجَيْشِ إِلا الْقَلِيلُ

قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَلَقْد بَلَغَنَا أَنَّ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَانَ يَعْجِنُ عَجِينًا لَهُ فَمَا شَعَرَ حَتَّى أَتَاهُ رَجُلٌ مِنَ الْحَرُورِيَّةِ مِنْ خَلْفِهِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ بِالسَّيْفِ فَأَلْقَى رَأْسَهُ فِي الْعَجِينِ

وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ مَوْلًى لِعُكَّاشَةَ قَالَ مَرَرْتُ يَوْمَئِذٍ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ عُبَيْدَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ فَوَجَدْتُهُ نَائِمًا فَأَيْقَظْتُهُ وَقُلْتُ النَّاسُ يُقْتَلُونَ وَأَنْتَ نَائِمٌ فَتَوَضَّأَ وَتَقَلَّدَ سَيْفًا وَأَخَذَ آخَرَ فِي يَده وَمضى مَعَه عُمَرُ بْنُ عَتِيقٍ حَتَّى اقْتَحَمَا عَلَى الْقَوْمِ فِي الْحَدِيقَةِ وَبِهَا كَانَ الْقِتَالُ فَقُتِلَ النَّاسُ وانهزموا قَالَ فَأخذت طَرِيقا سَيَالَةَ فَوَافَيْتُ الْمَدِينَةَ عَلَى رِجْلَيَّ ثَلاثَ لَيَالٍ قَالَ وَكَانَ رِجَالٌ فِي بَيْتٍ بِقُدَيْدٍ وَكَانَ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَاقْتَحَمَ عَلَيْهِمُ الْحَرُورِيَّةُ فَجَالُوا فِي الْبَيْتِ ثُمَّ صَعِدُوا إِلَى ظَاهِرِ سَطْحٍ فَانْخَرَقَ بِبَعْضِهِمْ وَأُدْرِكَ يَوْمَئِذٍ عُمَرُ فَقُتِلَ وَبِهِ سُمِّيَ أَخُوهُ عُمَرُ الَّذِي كَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ

قَالَ عُمَرُ وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عُرْوَةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَغَيْرُهُ عَنْ مشائخنا قَالُوا بلغنَا أَنه كَانَ يَوْمُ قُدَيْدٍ وَانْهَزَمَ النَّاسُ صَاحَ صَائِحٌ الْحَرُورِيَّةِ مَنْ كَانَ هَهُنَا آمِنٌ إِلا مَنْ كَانَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ فَلَجَأَ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ وبوجهه جرح شَدِيد فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْجَمَاعَةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَشَأْنُكَ بِهِ فَأَخْرَجُوهُ مِنَ الْجَمَاعَةِ فَقَتَلُوهُ فَأَقْبَلَ عَلَى الرَّجُلِ قَوْمُهُ فَلامُوهُ بِمَا فَعَلَ

قَالَ الْحِزَامِيُّ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ ضَحَّاكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ قُدَيْدٍ كَانَ حَمْزَةُ بْنُ مُصْعَبٍ وَابْنه عمَارَة بن حَمْزَة يزحمونه عَلَى حَوْضِ قُدَيْدٍ فَسَمِعُوا رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ خَلْدَةَ وَهُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي أَرَانِي ذُلَّ قُرَيْشٍ فَقَالَ لَهُ حَمْزَةُ يَا بُنَيَّ أَلا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ هَذَا فَقَالَ لَهُ عُمَارَةُ وَاللَّهِ يَا أَبَتَاهُ لأُبَرِّأَنَّهُ فَأَقْبَلَ نَحْوَهُ فَلَمْ يَشْعُرِ الأَنْصَارِيُّ حَتَّى ضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ ضَرْبَةً طَرَحَ رَأْسَهُ فِي الْحَوْضِ ثُمَّ شَدَّ عَلَى الْحَرُورِيَّةِ فَقَاتَلَهُمْ وَهُوَ يَقُولُ (لَمْ يَبْقَ إِلا حَسَبِي وَدِينِي ... وَصَارِمٌ تَلْتَذُّهُ يَمِينِي) فَلَمْ يَزَلْ يُقَاتِلُهُمْ حَتَّى قُتِلَ

قَالَ الْحِزَامِيُّ وَحَدَّثَنِي قُدَامَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَشْجَعِيُّ عَنْ عبيد الله بن المشدود قَالَ كنت أَنا وشاب مَعَيِ بِقُدَيْدٍ وَقَدْ ضَرَبَنِي رَجُلٌ مِنَ الْحَرُورِيَّةِ ضَرْبَة أشلت يَدِي إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ جَمِيلٌ فَارِسِيٌّ كَانَ قَيِّمًا لِبَعْضِ أَهْلِ الأَمْوَالِ هُنَاكَ مُتَقَلِّدًا سَيْفه فَقَالَ لَهُ ضع سَيْفك قَالَ الْفَارِسِيُّ لَا أَفْعَلُ فَقَالَ الْحَرُورِيُّ لَكَ الأَمَانُ فَلَمَّا أَمَّنَهُ وَضَعَ سَيْفَهُ فَغَدَرَ بِهِ الْحَرُورِيُّ فقنعه بِالسَّيْفِ حَتَّى شَقَّ رَأْسَهُ

قَالَ وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الضَّحَّاكِ قَالَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ بِخَبَرِ قُدَيْدٍ رَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ جَاءَ مُنْهَزِمًا فَجَعَلَ النَّاسُ لَا يَسْأَلُونَهُ عَنْ رَجُلٍ إِلا قَالَ قُتِل فَقَالَ إِنْسَان وَالله مَا يعقل هَذَا وَمَا يَدْرِي مَا يَقُولُ قَالَ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الْهُذَلِيُّ فَقَالَ إِنِّي وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لقد رَأَيْت أَبَاك متشحطا فِي دَمِهِ قَالَ فَكَانَ مَنْ حَفِظَ لَنَا مِمَّنْ قُتِلَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَعَ عَبْدِ الْعَزِيز بن عبد الله ثَمَانمِائَة وَسَبْعَة وَسَبْعُونَ رجلا وَمن صلبية قُرَيْشٍ مِائَتَانِ وَعَشَرَةٌ وَمِنْ حُلَفَائِهِمْ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَمِنْ مَوَالِي قُرَيْشٍ مِائَتَانِ وَوَاحِدٌ وَعِشْرُونَ وَمن الْأَنْصَار من صلبيها مِائَةٌ وَاثْنَا عَشَرَ وَمِنْ حُلَفَائِهِمْ سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ وَمن مواليهم أَرْبَعَة وَثَلَاثُونَ وَمن صلبية الْعَرَبِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَمِنْ مَوَالِيهَا خَمْسَةٌ وَثَلاثُونَ قَالَ وَأَتَى الْخَبَرُ أهل الْمَدِينَة يَوْم السبت لإحدى عشر لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ صَفَرٍ

قَالَ الْحِزَامِيُّ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّد بن طَلْحَة بن طَوِيل التَّمِيمِي قَالَ لَمَّا دَخَلَ فَلُّ قُدَيْدٍ إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَ نَعْيُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَوَّلَ مَنْ نُعِيَ فَبَكَى عَلَيْهِ أَهْلُهُ وَأَقْبَلَ النِّسَاءُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى امْتَلأَتِ الدَّارُ مِنَ النِّسَاءِ

قَالَ مُحَمَّدٌ فَكُلَّمَا قَدِمَ قَادِمٌ مِنْ فَلِّ قُدَيْدٍ نُعِيَ لِهَذِهِ أَبُوهَا وَلِهَذِهِ أَخُوهَا وَلِهَذِهِ زَوْجُهَا أَوْ وَلَدُهَا أَوْ قَرِيبُهَا وَجَعَلْنَ يَتَسَلَّلْنَ إِلَى دُورِهِنَّ حَتَّى رَأَيْتُ دَارَنَا مَا فِيهِ امْرَأَة إِلَّا نساؤنا مَا مَعَهُنَّ غَيْرُهُنَّ قَالَ لِي مُحَمَّدٌ وَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَرْأَةَ يَوْمَئِذٍ تَبْكِي وَحْدَهَا مَا تَجِدُ أَحَدًا يَبْكِي مَعَهَا مِنْ كَثْرَةِ مِنْ قُتِلَ بِقديد لَيْسَ بِالْمَدِينَةِ أَحَدٌ إِلا وَقَدْ قُتِلَ لَهُ حَمِيمٌ

قَالَ الْحزَامِي وحَدثني المصعب بن عُثْمَان بن مُصعب بن عُرْوَة بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ لَمَّا جَاءَ نَعْيُ مِنْ قُتِلَ بِقُدَيْدٍ نُعِيَ إِلَى أُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ عكاشة بن مُصعب ابْن الزُّبَيْرِ خَالُهَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ فَبَكَتْ عَلَيْهِ فِي دَارِهِ وَأَقَامَتْ عَلَيْهِ النَّائِحَةَ فَبَيْنَا هِيَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَاهَا نَعْيُ عَمِّهَا وَابْنِ عَمِّهَا حَمْزَةَ بْنِ مُصْعَبٍ وَعُمَارَةَ بْنِ حَمْزَةَ وَكَانَا قُتِلا يَوْمَئِذٍ فَخرجت فِي ستر إِلَى دارهما فأقامت عَلَيْهَا النَّائِحَةَ فَبَيْنَا هِيَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَاهَا نَعْيُ أَخِيهَا مُصْعَبِ بْنِ عُكَّاشَةَ فَخَرَجَتْ إِلَى دَارِهِ أَيْضًا وَأَقَامَتْ عَلَيْهِ الْمَنَاحَةَ فَبَيْنَا هِيَ كَذَلِكَ إِذا أَتَى نَعْيُ زَوْجِهَا قَرِينِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ فَرَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا فَبَكَتْ عَلَيْهِ وَأَقَامَتْ عَلَيْهِ الْمَنَاحَةَ

قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحِزَامِيُّ وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ التَّيْمِيُّ قَالَ قَدِمَتِ الْحَرُورِيَّةُ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِثَلاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ مِنْ صَفَرَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ فَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ وَلَمْ يَكُنْ قِتَالٌ قَالَ وَأَقْبَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّد بن عَطِيَّة السَّعْدِيّ بِالْجَيْشِ مِنَ الشَّامِ حَتَّى قَتَلَ أَبَا حَمْزَةَ وَأَصْحَابَهُ بِكُلِّ بَلَدٍ حَتَّى انْتَهَى إِلَى صَنْعَاءَ فَأَتَاهُ كِتَابُ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ يَأْمُرُهُ فِيهِ أَنْ يُوَافِيَ الْمَوْسِمَ يَحُجُّ بِالنَّاسِ قَالَ وَبَلَغَنَا أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ صَنْعَاءَ وَمِنْ حَضْرَمَوْتَ فِي سَبْعَةِ رَكْبٍ يُرِيدُ الْمَوْسِمَ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى صَنْعَاءَ وَعَلَى جَيْشِهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ بِالْجُرْفِ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ فَعَرَضَ لَهُ ابْنُ عُصَيْفٍ الْمُرَادِيُّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ فَقَتَلَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ قَالَ فَلَمَّا بَلَغَ الْخَبُر عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ رَجَعَ مِنْ صَنْعَاءَ بِمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْجُنُودِ إِلَى الجرف فأنهبهم وَقتل رِجَالهمْ وَالنِّسَاء وَالذَّرَارِي وَالصِّبْيَانَ وَالدَّوَابَّ وَالْكِلابَ حَتَّى جَعَلَ يَقْتُلُ فِيمَا بَلَغَنَا الدَّجَاجَ وَتَرَكَهَا قَفْرًا لَيْسَ فِيهَا رَاع وَلا مُجِيبٌ وَذَلِكَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ

وَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ وَقُتِلَ ذَكْوَانُ مَوْلَى عَائِشَةَ قَالَ الْوَاقِدِيُّ حَسِبْتُهُ بِالْحَرَّةِ

ذِكْرُ قَتْلِ حَفْصِ بْنِ الْوَلِيدِ وَشُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ وَغَيْرِهِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ مُحَمَّدُ بْنُ تَمِيمٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ يَحْيَى أَنَّ حَفْصَ بْنَ الْوَلِيدِ الْحَضْرَمِيَّ قَتَلَهُ الْحُوَيْرِثُ ابْن سُهَيْلٍ

قَالَ فَأَمَّا مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ الصَّنْعَانِيُّ فَفُقِدَ بِالْبَصْرَةِ وَلا نَدْرِي كَيْفَ كَانَ مَوْتُهُ حَدَّثَنِي ذَلِكَ بَعْضُ مَنْ أَثِقُ بِهِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْكُوفِيِّ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ

قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَقُتِلَ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئ بسجستان مَعَ عبيد الله ابْن أبي بكرَة

ذِكْرُ مَنْ صُلِبَ بَعْدَ الْقَتْلِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ صَلَبَهُ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ بِمَكَّةَ وَصَلَبَ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ وصلب أَحْمد بن نصر فِي المحنة

وَذكر يَحْيَى بْنُ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ دَخَلْتُ بَغْدَادَ وَأَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ مَصْلُوبٌ وَقَدْ جُعِلَ رَأْسُهُ عَلَى خَشَبَةٍ فِي رَحْبَةٍ كَبِيرَةٍ عِنْدَ دَارِهِ وَكَانَ يخضب بِالْحِنَّاءِ وَسمع علما كَبِيرا وحديثا وَكَانَت جثته بسرمن رأى فَلَمَّا خرج جَعْفَر الْمُتَوَكِّلِ إِلَى الْمُصَلَّى لِيُصَلِّيَ فِي الْمُصَلَّى وَمَرَّ بجثته على الْخَشَبَة أَمر أَن تبِعت جثته إِلَى أَهله فَلَمَّا جاؤوا بِجُثَّتِهِ أَنْزَلُوا الرَّأْسَ ثُمَّ صَيَّرُوهُ مَعَ الْجُثَّةِ ثُمَّ غَسَلُوهُ وَنَدَفُوا الْقُطْنَ وَجَعَلُوهُ تَحْتَهُ وَفَوْقَهُ وَجَعَلُوا الْعِظَامَ مَعَ الرَّأْسِ ثُمَّ دَفَنُوهُ بِالْقُطْنِ فَحَضَرَ جِنَازَتَهُ نَاسٌ كَثِيرٌ وَخَرَجُوا بِهِ إِلَى مَوْضِعٍ وَاسِعٍ مِنْ كَثْرَةِ الْخَلْقِ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ قَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِ بَغْدَادَ لَمَّا صَلَّيْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ سَبْعِ سِنِينَ يُرِيدُ مِنْ قَتْلِهِ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ كُنْتُ مِمَّنْ صَلَّى عَلَيْهِ

وَحَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ الْفَارِسِيُّ قَالَ سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيَّ يَقُولُ رَأَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ نَصْرٍ الَّذِي كَانَ قَتَلَهُ الْوَاثِقُ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ أَوَّلُ مَا فَعَلَ بِي رَبِّي أَنْ غَفَرَ لِكُلِّ مَنْ كَرِهَ قَتْلِي

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَسَمِعْتُ مُوسَى بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ إِنَّ أَحْمَدَ بْنَ نَصْرٍ قَالَ لِلْوَاثِقِ مَا أَنْتَ وَالْعِلْمُ إِنَّمَا أَنْتَ نُطْفَةُ سَكْرَانَ فِي رَحِمِ قَيْنَةَ فَحِينَئِذٍ أَمَرَ الْوَاثِقُ بِقَتْلِهِ

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ عُمَرَ يَقُولُ فِي أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ الشَّهِيدُ قَالَ وَإِنَّمَا قُتِلَ عَلَى الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ إِن قلب الْمُؤمن بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ فَقِيلَ لَهُ أفأنت تَقول ذَلِك قَالَ نعم فَقتل وَأقَام عَلَى الْخَشَبَةِ دَهْرًا طَوِيلا حَتَّى وَلِيَ جَعْفَرٌ الْمُتَوَكِّلُ وَأَنْزَلَهُ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ

وَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ أَبَا عِمْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ الْفَارِسِيُّ قَالَ سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيَّ قَالَ أَقَامَتِ الْبِدْعَةُ أَيَّامَ الْمَأْمُونِ كُلَّهَا ثُمَّ أَيَّامَ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُعْتَصِمِ ثُمَّ أَيَّامَ الْوَاثِقِ قَالَ وَكَانَ الْوَاثِقُ عَجْرَفِيًّا قَالَ فَكَبِرَ عَلَيْهَا الصَّغِيرُ وَشَابَ عَلَيْهَا الْكَبِيرُ فَلَمَّا وَلِيَ جَعْفَرٌ الْمُتَوَكِّلُ أَظْهَرَ السُّنَّةَ وَنَفَى كُلَّ بِدْعَةٍ وَانْجَلَى عَنِ النَّاسِ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الذُّلِّ وَضِيقِ الْمَجَالِسِ فَصَرَفَ اللَّهُ ذَلِكَ كَلَّهُ بِهِ فَكَانَ يَبْعَثُ إِلَى الْآفَاق فيؤتا إِلَيْهِ بِالْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ فَخَرَّجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِثَلَاثِينَ حَدِيثًا فِي تَثْبِيتِ الْقَدَرِ وَثَلاثِينَ حَدِيثًا فِي الرُّؤْيَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ السُّنَنِ فَتَعَلَّمَهَا النَّاسُ حَتَّى كثرت السّنَن وفشت ونمت وطغيت الْبِدْعَةُ وَذَلَّتْ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ


وَمِمَّا رُوِيَ فِيمَنْ صُلِبَ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ قَالَ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سُفْيَانَ يَقُولُ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ صَلَبَهُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ قَالَ هُوَ أَخُو أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بن عَليّ ابْن الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَصُلِبَ مَاهَانُ أَبُو صَالِحٍ الْمُسَبِّحُ صَلَبَهُ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ وَصَلَبَ ابْنَ ضَابِئٍ التَّمِيمِيَّ وَصَلَبَ ابْنُ هُبَيْرَةَ صَالِحَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَبَلَغَنِي عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ قَاضِي بَغْدَادَ ذَكَرَ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلامٍ أَنَّ بَنِي تَمِيمٍ قَالُوا لابْنِ هُبَيْرَةَ حِينَ صَلَبَ صَالِحَ بن عبد الرَّحْمَن أقبرنا صَالح أَيِ ائْذَنْ لَنَا فِي دَفْنِهِ قَالَ قَدْ فعلت

ذِكْرُ مَنْ قُتِلَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ[عدل]

قَالَ مُحَمَّد بن أَحْمد بْنُ تَمِيمٍ قَالَ الْوَاقِدِيُّ كَعْبُ بْنُ سُورٍ الأَزْدِيُّ وَلاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ بعد أبي مَرْيَم الْحَنَفِيّ وَقتل كَعْب يَوْم الْجمل وَكَانَ خرج يجول بَين الصَّفَّيْنِ وَمَعَهُ مُصْحَفٌ يَدْعُوهُمْ إِلَى مَا فِيهِ فَجَاءَهُ سَهْمُ غَرْبٍ فَقَتَلَهُ

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْكُوفِيِّ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ جَأْوَانَ حَدِيثُ الْوَاقِدِيِّ فِي قَتْلِ كَعْبِ بْنِ سُورٍ

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَإِخْوَتِهِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ الأَشْعَرِيَّ يَقُولُ دَخَّنَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بِالْكِبْرِيتِ حَتَّى قَتَلُوهُ فِي الْمِحْنَةِ وَأَخَذُوا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَأَدْخَلُوا الْكِبْرِيتَ تَحْتَ ثِيَابِهِ وَأَقْعَدُوا عَلَى جَانِبِ ثِيَابِهِ قَوْمًا فَأَخَذَتِ النَّارُ فِي ثِيَابِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَتَنَحَّوْا عَنْهُ فَهَرَبَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله فَدخل دَار امْرَأَة قَالَت لَهُ ادْخُلْ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ الْمِحْنَةُ أَكْثَرُ مِنَ الْقَرَابَةِ يَعْنِي الْمَذْهَبَ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ أَوْ غَيْرُهُ أَن الْقَاسِم بن عبد الله بن الْحَكَمِ عُلِّقَ وَدُخِّنَ تَحْتَهُ حَتَّى مَاتَ وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَيَّامِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي دَاوُدَ

وَقَالَ قَاسِمُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَضَرْتُ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ الْكَبِيرَ أَخَا مُحَمَّدٍ وَقَدِ امْتُحِنَ فَضُرِبَ بِالسَّوْطِ فِي مَسْجِدِ مِصْرَ أَقَلَّ مِنْ ثَلاثِينَ فِي غلالَةٍ تَوَلَّى ذَلِكَ مِنْهُ الأَصَمُّ وَابْنُ أبي دَاوُد يَوْمئِذٍ قَاضِيا أَيَّامَ الْمَأْمُونِ وَفَرَّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ فَلَمْ يَلْبَثُوا حَتَّى عَادُوا وَقَدْ بَيَّضَ الله بِنور السّنة وُجُوههم وَولي جَعْفَر المتَوَكل وأطفأ شعلة الْبِدْعَة ومحى مِنْ أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ مَا كُتِبَ عَلَيْهَا

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ تَمِيمٍ كَانَ قَدْ كَتَبَ الْوَاثِقُ عَلَى بَابِ بَيْتِ مَكَّةَ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ الْقُرْآنُ مَخْلُوق فمحى ذَلِكَ كُلُّهُ جَعْفَرٌ الْمُتَوَكِّلُ

ذِكْرُ مَنْ سُقِيَ السُّمَّ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ[عدل]

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ تَمِيمٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ الْقَاضِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالح التِّرْمِذِيّ عَن ابْن نُمَيْرٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ سُقِيَ السُّمَّ وَقَدْ سُقِيَ الَّذِي سَقَاهُ وَسُقِيَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الَّذِي سَقَى الْحسن السم امْرَأَته وَهِي جعدة بِنْتُ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ وَسُقِيَ السُّمَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ

وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ وَكَانَ مَلِكُ الرُّومِ قَدْ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ سُقِيَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَأْسَ الأَسَاقِفَةِ وَكَتَبَ إِلَيْهِ يُعْلِمُهُ حَالَهُ عِنْدَهُ وَمَا يُوجِبُهُ مِنَ الْحَقِّ لِمِثْلِهِ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَطَاعَةِ اللَّهِ وَيَقُولُ بَلَغَنِي أَنَّكَ سُقِيتَ وَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ رَأْسَ الأساقفة وأطبهم ليعالجك مِمَّا بِكَ فَقَدِمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ انْظُرْ إِلَى مِجَسَّةِ عُرُوقِي فَقَالَ سُقِيتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ فَمَاذَا عِنْدَكَ قَالَ أَسْقِيكَ حَتَّى أُخْرِجَ ذَلِكَ مِنْ عُرُوقِكَ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَوْ كَانَ رُوحُ الْحَيَاةِ فِي يَدَيْكَ مَا أَمْكَنْتُكَ مِنْ ذَلِكَ ارْجِعْ إِلَى صَاحِبِكَ فَلا حَاجَةَ لِي فِي عِلاجِكَ وَدَعَا الَّذِي اتَّهَمَهُ فَأَقَرَّ لَهُ فَقَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ قَالَ خُدِعْتُ وَغُرِّرْتُ قَالَ عُمَرُ خُدِعَ خَلُّوهُ وَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ بِشَيْءٍ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَبَلَغَنِي أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ النُّعْمَانَ بْنَ ثَابِتٍ وَجَّهَ فِي طَلَبِهِ أَبُو جَعْفرٍ الْمَنْصُورُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَقَدْ سَمَّ لَهُ لَبَنًا فَلَمَّا جَلَسَ عِنْدَهُ أُتِيَ بِاللَّبَنِ فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُورُ اشْرَبْ فَقَالَ لَهُ النُّعْمَان إِنِّي شيخ معي وَهَذَا وَلَيْسَ مِثْلِي يَشْرَبُ اللَّبَنَ فَقَالَ بَلَى فَاشْرَبْهُ فَشَرِبَهُ ثُمَّ قَامَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ بِلا إِذْنٍ فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُورُ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ قَالَ لَهُ النُّعْمَانُ إِلَى حَيْثُ سَيَّرْتَنِي قَالَ وَخَرَجَ فَمَاتَ مِنْ تِلْكَ الشَّرْبَةِ

وَبَلَغَنِي عَنْ عبد الْملك بن حبيب وَأَحْسبهُ يُوسُفَ بْنَ يَحْيَى الْمَقَامِيَّ أَخْبَرَنِي عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ وَحَدَّثَنِي الْحِزَامِيُّ عَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدِّمَشْقِيِّ أَنَّ طَبِيبًا نَصْرَانِيًّا بِالشَّامِ سَقَى سُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى شَرْبَةً فَمَاتَ مِنْهَا وَكَانَ سُلَيْمَانُ كَبِيرًا مِنْ فُقَهَاءِ الشَّامِ وَذَلِكَ بِعَهْدِ هِشَامِ بْنِ عبد الْملك بن مَرْوَان فَأرْسل مُسلما إِلَى غُلامِ سُلَيْمَانَ فَقَالَ لَهُ أَتَعْرِفُ هَذِهِ الْقَارُورَةَ الَّتِي أَخَذَ الطَّبِيبُ الدَّوَاءَ مِنْهَا قَالَ نَعَمْ فَأَتَى هِشَامٌ بِهِ وَبِمَا فِي بَيْتِهِ فَعَرَفَ الْغُلامُ الْقَارُورَةَ بِعَيْنِهَا فَقَالَ هِشَامٌ لِلطَّبِيبِ إشرب مثلهَا مِثْلَمَا سَقَيْتَهُ قَالَ بَلْ أَشْرَبُ مِنْ هَذِهِ قَالَ هِشَامٌ لَا وَاللَّهِ إِلا مِنْ هَذِهِ فَشَرِبَ مِنْهَا فَمَاتَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَكَانَ الطَّبِيبُ قَدِ اتُّهِمَّ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا سَقَاهُ لِيَقْتُلَهُ لِفَضْلِ سُلَيْمَانَ بن مُوسَى ومكانه من الإِسْلامِ وَكَانَ الطَّبِيبُ نَصْرَانِيًّا فَلِذَلِكَ أَمَرَهُ هِشَامٌ لِيَشْرَبَ مِنْ حَيْثُ سَقَاهُ لِتُهْمَتِهِ لَهُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا سَقَاهُ سُمًّا أَوْ مَا يُشْبِهُهُ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَقَدْ رَأَيْتُ فِي كِتَابِ أَحْمد بن يزِيد عَن البهلول ابْن صَالِحٍ عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ قَالَ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ شَابَّةٌ فَقَالَتْ لَهُ يَا أَبَا هَاشِمٍ إِنِّي قَدْ سَقَيْتُكَ السُّمَّ غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ أَرَهُ ضَرَّكَ فَبِمَ كَانَ ذَلِكَ قَالَ وَلِمَ فَعَلْتِ ذَلِكَ قَالَتْ إِنِّي جَارِيَةٌ شَابَّةٌ وَأَنْتَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ وَأَنَا أُحِبُّ مَا تُحِبُّ النِّسَاءُ قَالَ إِنِّي كُنْتُ إِذَا أَكَلْتُ وشربت قُلْتُ بِسْمِ اللَّهِ خَيْرِ الأَسْمَاءِ بِسْمِ اللَّهِ رَبِّ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ

قَالَ مُحَمَّدٌ وَقَدْ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ بِإِسْنَادٍ لَا أَحْفَظُهُ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ سُمَّ فَسَمَّى اللَّهَ وَاقْتَحَمَهُ فَلَمْ يَضُرَّهُ

ذِكْرُ قَتْلِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ وَهُدْبَةَ بن الخشرم[عدل]

حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هُذَيْلٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ قَالَ سَالم بن أبي الْجَعْد قتل مَعَ نايل بْنِ أَبِي قَيْسٍ الْجُذَامِيِّ

وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَزَعَم أَنَّ ابْنَ مُسْهِرٍ حَدَّثَهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ الَّذِي رَوَى عَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ قُتِلَ يَوْمَ نَهْرِ أَبِي فُطْرُسٍ أَيَّامَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ هُدْبَةَ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ لما قدم هدبة بن الخشرم الْعَدوي ليقْتل وَمَعَهُ أَبَوَاهُ جعلا يَبْكِيَانِ قَالَ

(أبليان الْيَوْم صبرا مِنْكُمَا ... إِن حزنا فيكما بَادٍ بِشَرّْ)

(لَا أَرَى ذَا الْمَوْتَ إِلا هَيِّنًا ... إِنَّ بَعْدَ الْمَوْتِ دَارَ الْمُسَتَقَرّْ)

(اصْبِرَا الْيَوْمَ فَإِنِّي صَابِرٌ ... كُلُّ حَيٍّ لِفَنَاءٍ وَقَدَرْ) // بَحر الرمل //

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ يَحْيَى بْنِ سَلامٍ عَنِ الصَّلْتِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ أَنَّ نَفَرًا سِتَّةً دَخَلُوا بَيْتَ الْمَالِ فأعطوا صدقَات أَمْوَالهم وَأخذُوا برواتبهم وَدَخَلُوا الْمَسْجِدَ فَوَجَدُوا الأَمِيرَ قَدْ صَلَّى الْعَصْرَ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَصَلَّى بِهِمُ الْعَصْرَ فَأُخِذَ وَانْطَلق بِهِ إِلَى جرف عِنْدَ الْبَيْتِ بَيْتِ الْمَالِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ فَطَارَ دَمُهُ إِلَى السَّمَاءِ وَكَانَ يَوْمُئِذٍ شَدِيدَ الرِّيحِ لَا يُرَى لِدَمِهِ أَثَرٌ فِي الأَرْضِ فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الرَّحْبَةِ فَأَخْبَرْتُهُ بقتل الرجل بِمَا صنع فَقَالَ قَتَلُوهُ بَعْدَمَا أَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ مَا أَسَاءَ مُنْذُ أَحْسَنَ هَلَكَ وَاللَّهِ هَؤُلاءِ قَالَ وَكَانَ حَمْزَةُ بْنُ جُنْدُبٍ قَدْ سَمَّى فِي حَدِيثِهِ قَاتِلَ الرَّجُلِ

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُغِيثٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ بَلَغَ الْحسن بن عَليّ أَن زيادا كَانَ يَتَتَبَّعُ شِيعَةَ عَلِيٍّ ثُمَّ يَقْتُلُهُمْ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَا تَقْتُلْ زِيَادًا وَأَمِتْهُ حَتْفَ أَنْفِهِ فَإِنَّهُ كَانَ يُقَالُ إِنَّ فِي الْقَتْلِ كَفَّارَةً

ذِكْرُ قَتْلِ الْمَرْأَةِ الْبَلْجَاءِ وَصَبْرِهَا[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ يحيى بن نضر عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الضَّرِيرُ قَالَ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ الْعَبْسِيُّ قَالَ لَمَّا أَمَرَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ بِالْبَلْجَاءِ أَنْ يُمَثَّلَ بِهَا جَاءَ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ مِنْهَا وَمَعَهُمُ الْحَدِيدُ وَالْحِبَالُ فَقَالَتْ إِلَيْكُمْ أَتَكَلَّمُ بِكَلِمَاتٍ يَحْفَظُهُنَّ عَنِّي مَنْ سَمِعَ بِهِنَّ قَالَ فَحَمِدَتِ اللَّهَ وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَتْ هَذَا آخِرُ يَوْمِي مِنَ الدُّنْيَا وَهُوَ غَيْرُ مَأْسُوفٍ عَلَيْهِ وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ أَوَّلَ أَيَّامِي مِنَ الآخِرَةِ وَهُوَ الْيَوْمُ الْمَرْغُوبُ فِيهِ ثُمَّ قَالَتْ وَاللَّهِ إِنَّ عِلْمِي بِفَنَائِهَا هُوَ الَّذِي زَهَّدَنِي فِي الْبَقَاءِ فِيهَا وَسَهَّلَ عَلَيَّ جَمِيعَ بَلْوَائِهَا فَمَا أُحِبُّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرَ اللَّهُ وَلا تَأْخِيرَ مَا عَجَّلَ اللَّهُ ثُمَّ قَامَتْ فَمُثِّلَ بِهَا حَتَّى مَاتَتْ

قَالَ أَبُو عَمْرٍو الضَّرِيرُ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حُمْرَانَ قَالَ قِيلَ لَهَا قَدْ أُمِرَ بِقَطْعِ يَدَيْكِ وَرِجْلَيْكِ وَسَمْلِ عَيْنَيْكِ فَقَالَتِ الْحَمْدُ للَّهِ عَلَى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَعَلَى الْعَافِيَةِ وَعَلَى الْبَلاءِ قَالَت كنت أومل فِي اللَّهِ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا قَالَ فَلَمَّا قطعت جعل الدَّم لَا يرقى فحسمت بِالنَّارِ فَقَالَتْ حَيَاةٌ كَرِيمَةٌ وَمِيتَةٌ طَيِّبَةٌ لأَنِّي نلْت مَا أملت يَا نَفسِي مِنْ جَزِيلِ ثَوَابِ اللَّهِ لَقَدْ نِلْتِ سُرُورًا دَائِمًا لَا يَضُرُّكِ مَعَهُ كَدَرُ عَيْشٍ وَلا مُلاحَاةُ الرِّجَالِ فِي الدَّارِ الْفَانِيَةِ ثُمَّ اضْطَرَبَتْ حَتَّى مَاتَت وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ خَالِدِ بْنِ خِدَاشِ بْنِ عَجْلانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَالِمُ بن عمر قَالَ صَلَّى سَالِمٌ الْهِلالِيُّ عَلَى جِنَازَةٍ ثُمَّ جَلَسَ فِي ظِلِّ قَصْرٍ أَوْ قَبْرٍ فَقَالَ لأَصْحَابِهِ أَلا كُلُّ مَيِّتَةٍ عَلَى الْفِرَاشِ فَهِيَ ظَنُونٌ ثُمَّ قَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا حَالُ أختكم البلجاء قَالُوا وَمَا كَانَ حَالِهَا قَالَ قَطَعَ ابْنُ زِيَادٍ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا وَسَمَلَ عَيْنَيْهَا فَمَا قَالَتْ حَسَّ فَقِيلَ لَهَا ذَلِكَ فَقَالَتْ شَغَلَنِي هَوْلُ الْمَطْلَعِ عَنْ أَلَمِ حَدِيدِكُمْ هَذَا

وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ عَن عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قَرِيبٍ أَبُو سَعِيدٍ الأَصْمَعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ أَدْرَكَ ذَاكَ قَالَ لَمَّا أُوِتَي بِهَا ابْنُ زِيَادٍ يَعْنِي الْبَلْجَاءَ أَمَرَ بِهَا فَقُطِعَتْ يَدَاهَا وَرِجْلاهَا فَمَا نَبَسَتْ بِكَلِمَةٍ قَالَ فَأُتِيَ بِنَارٍ لِتُكْوَى بِهَا فَلَمَّا رَأَتِ النَّارَ صَرَخَتْ فَقِيلَ لَهَا قُطِعَتْ يَدَاكِ وَرِجْلاكِ فَلَمْ تَنْطِقِي بِشَيْءٍ فَلَمَّا رَأَيْتِ النَّارَ صَرَخْتِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُدْنَى مِنْكِ فَقَالَتْ لَيْسَ مِنْ نَارِكُمْ صَرَخَتْ وَلَا على دنياكم أسفت وَلَكِنِّي ذَكَرْتُ بِهَا النَّارَ الْكُبْرَى فَكَانَ الَّذِي رَأَيْتُمْ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَأُمِرَ بِهَا فَسُمِلَتْ عَيَنْاهَا فَقَالَتِ اللَّهُمَّ قَدْ طَالَ فِي الدُّنْيَا حُزْنِي فَأَقِرَّ فِي الآخِرَةِ عَيْنِي قَالَ ثُمَّ خَمَدَتْ

وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْمُحَبَّرِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ يَقُولُ لَمَّا مُثِّلَ بِالْبَلْجَاءِ جَعَلَتْ تعزي نَفسهَا بِالْقُرْآنِ تَقول تَقول {وَمَا صبرك إِلَّا بِاللَّه} {وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهو خير للصابرين} ثُمَّ قَالَتْ لَئِنْ كُنْتُ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِي إِنَّ هَذَا لَقِليلٌ فِي جَنْبِ مَا أَطْلُبُ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ قَالَ فَمَا تَكَلَّمَتْ بِغَيْرِهَا حَتَّى مَاتَتْ رَحِمَهَا اللَّهُ

ذِكْرُ قَتْلِ إِسْحَاقَ بْنِ الأَشْعَثِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الْبَهْرَانِيُّ عَنِ ابْنِ جُنَادَةَ عَنْ جُنَادَةَ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَدِمَ عَبْدُ الْمَلِكِ حِمْصَ فَأَمَرَ بإِسْحَاقَ بْنِ الأَشْعَثِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ صَبْرًا فَتَكَلَّمَ أَهْلُ حِمْصَ وَذَكَرَ قِصَّةً طَوِيلَةً

ذِكْرُ قَتْلِ عِمْرَانَ بْنِ عَمَّارٍ الضُّبَعِيِّ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ بَلَغَنِي عَنْ حَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَن عَبْدِ الرَّحْمَنِ صَاحِبِ السِّقَايَةِ قَالَ دَعَا الْحَجَّاجُ أَنَسًا فَلَمْ يُكَلِّفْهُ مَا كَلَّفَ غَيْرَ أَنَّهُ سَبَّهُ فَسَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ إِنَّا للَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ دَعَانِي فَقُلْتُ لَمْ أنكث بَيْعَتِي فَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ نَجَا مِنْهُ كَمَا نجا عبد الرَّحْمَن ودعا وَجِيء بعمران بن عمار الضبعِي وَكَانَ مذكرا قَالَ رُبَّمَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا حَتَّى يبكي فَقتله قَالَ أبي وَجِيء بِأبي سوار فَقَالَ مَا تَقول قَالَ مُنَافِق قَالَ وَالله مَا عَنَّا غَيْرَهُ

وَبَلَغَنِي عَنْ عَبَّاسٍ الدُّورِيِّ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ عِمْرَانُ بْنُ عَمَّارٍ الضبعِي قَتله الْحجَّاج

قَالَ البُخَارِيّ روى عَنهُ قَتَادَة

ذكر سَبَب قتل ابْن ضابيء التَّمِيمِيِّ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا أَلْقَى السِّلاحَ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَأَلْقَوْا بِأَيْدِيهِمْ مُسْتَسْلِمِينَ لأَمْرِ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ بَعْدَ أَنْ نَادَى فِيهِمْ مَنْ أَلْقَى السِّلاحَ وَألقى بِيَدِهِ فَهُوَ آمن الْتفت ابْن ضابيء التَّمِيمِي إِلَى ابْنه فَقَالَ لَهُ يَا بُنَيَّ أَتَاكُمْ أَمِير ذكر أَقْصِدُ إِلَيْهِ لأوطيء لَكَ عِنْدَهُ فَدَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ مَعَ ابْنِهِ فَقَالَ أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ إِنِّي كُنْتُ آتِي من قبلك من الْأُمَرَاء فأوسعهم بحديثي ويجدوا عِنْدِي مَا لَا يجدوه عِنْدَ غَيْرِي وَإِنِّي قَدْ أَوْدَى أَمْرِي وَكَبِرَتْ سني ورق عظمي عَن رؤيتك وإتيانك وَأُنْسِكَ إِلا أَنَّ ابْنِي هَذَا قَدْ خَرَّجْتُهُ وَعَلَّمْتُهُ وَأَنْهَيْتُ إِلَيْهِ كُلَّ مَا عِنْدِي وَلَكَ فِيهِ أَنِيسٌ فَأْمُرْ آذِنَكَ أَنْ يُسَهِّلَ حِجَابَهُ وَاصْفَحْ عَنْ إِسَاءَتِي قَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ قَدْ عَفَوْتُ عَنْ إِسَاءَتِكَ وَقَبِلْتُ مِنْكَ ابْنَكَ عَلَيَّ بالآذن يَعْنِي الْحَاجِبَ فَقَالَ لَهُ اعْرِفِ الشَّابَّ وَأَدْخِلْهُ عَلَيَّ مَتى جَاءَ فشكره ابْن ضابيء وَولى مَعَ ابْنه منصرفا فَقَالَ عَنْبَسَة بن سعيد ابْن الْعَاصِ هَذَا ابْن ضابيء التَّمِيمِيُّ الْمُعِينُ عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ يَوْمَ الدَّارِ فَقَالَ الْحَجَّاجُ رُدُّوهُ فَرَدُّوهُ فَقَالَ لَهُ أَنْت ابْن ضابيء قَالَ نعم قَالَ أَنْت الْقَائِل يَوْم الدَّار

(هَمَمْتُ وَلَمْ أَفْعَلْ وَكِدْتُ وَلَيْتَنِي ... تَرَكْتُ عَلَى عُثْمَانَ تَبْكِي حَلائِلُهُ)

قَالَ تُقُوِّلَ وَاللَّهِ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ قَالَ وَاللَّهِ لأُلْحِقَنَّكَ بِهِ اضربوا عُنُقه فَضربُوا عُنُقه وصلبه وَعفى عَن ابْنه

قَتْلُ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ وَوَالِدِ أَبِي مُسْهِرٍ[عدل]

بَلَغَنَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ يَعْنِي الْهَاشِمِي قتل يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُصَلِّي وَقَتْلُ وَالِدِ أَبِي مُسْهِرٍ

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمْشَقِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْهَيْثَمِ بْنِ عِمْرَانَ قَالَ كُنْتُ أَجْلِسُ إِلَى جَانِبِ يُونُسَ بْنِ حَلْبَسٍ وَهُوَ أَعْمَى فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا الشَّهَادَةَ قَالَ فَقُتِلَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَدخل عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ دِمَشْقَ

قَتْلُ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْخَيْرِ[عدل]

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ خَالِدٍ أَنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ أَنَّ رَبِيعَةَ بْنَ يَزِيدَ قُتِلَ مَعَ كُلْثُومِ بْنِ عِيَاضِ فِي مَخْرَجِهِ إِلَى الْمَغْرِبِ قَتَلَهُ الْبَرْبَرُ فِي خِلافَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَأَخْبَرَنِي الْقَاضِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُحْنُونٍ بْنِ سَعِيدٍ فِي طَبَقَاتِهِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ حُصَيْنِ بْنِ وَبْرَةَ مِنْ طَيِّءٍ قُتِلَ يَوْمَ النَّهْرِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ مَعَ ابْنِ وَهْبٍ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُحْنُونٍ وَقَالَ آخَرُونَ شُرَيْحُ بن هَانِيء الْحَارِثِيّ قتل مَعَ ابْن أَبِي بَكْرَةَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْسَجَةَ الْفَهْمِيُّ قُتِلَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ بِالْبَصْرَةِ يَوْمَ الزَّاوِيَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ قَالَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى أَنْصَارِيٌّ قُتِلَ بِدُجَيْلٍ وَأَبُو الْكَنُودِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ قُتِلَ مَعَ الْمُخْتَارِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فُقِدَ لَيْلَةَ دُجَيْلٍ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ وَأَبُو البخْترِي الطَّائِي اسْمُهُ سَعِيدُ بْنُ فَيْرُوزَ يُقَالَ إِنَّ أَبَا عِمْرَانَ مَوْلاهُمْ قُتِلَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ بِدَيْرِ الْجَمَاجِمِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ سَعِيدٍ فُقِدَ لَيْلَةَ دُجَيْلٍ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ

قَالَ أَبُو الْعَرَب () مُحَمَّد بن سَحْنُون وَقَالَ الْهَيْثَمِ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ اسْمُهُ سَعِيدُ بْنُ فَيْرُوزَ مَوْلًى لِبَنِي نَبْهَانَ قُتِلَ يَوْمَ دُجَيْلٍ وَإِبْرَاهِيمُ بن يزِيد التَّيْمِيّ من بني تيم الرَّبَابِ يُكَنَّى أَبَا أَسْمَاءَ مَاتَ فِي حَبْسِ الْحَجَّاجِ سَنَةَ ثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ

قَالَ وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي دَاوُدَ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بن معِين يَقُول ابراهيم بن مَيْمُون وَهُوَ الصَّائِغُ خُرَاسَانِيٌّ

قَالَ أَبُو دَاوُدَ سَمِعْتُ يَحْيَى بن معِين يَقُول قتل ابراهيم الصايغ رَجُلٌ لَمْ يُحْسِنِ الْقَتْلَ بَقِيَ يَوْمَهُ ذَلِكَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ قَتَلَهُ أَبُو مُسْلِمٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ لَمَّا أَرَادُوا قَتْلَ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ قَالَ دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ الْعَمَلُ الَّذِي عَمِلْتُهُ لَكَ غَيْرَ رِضًا فَاجْعَلْ هَذَا الْقَتْلَ كَفَّارَةً قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ الصَّائِغُ إِذَا رَفَعَ الْمِطْرَقَةَ فَيَسْمَعُ النِّدَاءَ تَرَكَهَا وَوَرَدَ الصَّلاةَ

قَالَ أَبُو دَاوُد وَقَالَ ابْنُ عَنْبَسَةَ مَا فِعْلُ الثَّوْرِيِّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا فَعَلَ يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغَ يَعْنِي أَنَّهُ هرب

ذِكْرُ قَتْلِ عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ الْفِهْرِيِّ الْمُسْتَجَابِ وَغَيْرِهِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَلَمَّا اسْتَعْمَلَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عُقْبَةَ بْنَ نَافِعٍ الْفِهْرِيَّ عَلَى إِفْرِيقِيَّةَ دَخَلَهَا وَفَتَحَهَا وَبَنَى مَدِينَةَ الْقَيْرَوَانِ وَجَامِعَهَا وَخَرَجَ إِلَى الْمَغْرِبِ وَفَتَحَ كَثِيرًا مِنْ مدنها وحصونها وبالمغرب كسيلة بن لهزم الأوربي أَمِيرُ الْبَرْبَرِ أَخَذَهُ وَامْتَهَنَهُ وَقَدْ كَانَ كُسَيْلَةُ أَسْلَمَ وَدَخَلَ فِي عَسْكَرِهِ وَحَقَدَ عَلَى عُقْبَةَ مَا صَنَعَ بِهِ فَلَمَّا كَرَّ عُقْبَةُ رَاجِعًا إِلَى الْقَيْرَوَانِ وَصَارَ بِنَاحِيَةِ الزَّابِ فَرَّقَ كَثِيرًا من جموعه وعساكره وَنظر كسلية إِلَى قِلَّةِ مَنْ مَعَهُ وَكَثْرَةِ قَبِيلَةِ كُسَيْلَةَ وهم طوع لَهُ ففتك بعقبة وَمَنْ مَعَهُ فَقَتَلَ عُقْبَةَ وَكَثِيرًا مِمَّنْ مَعَهُ بِقُرْبِ مَدِينَةِ تَهُوذَةَ وَكَانَ مَعَهُ أَبُو الْمُهَاجِرِ دِينَارٍ مَوْلَى مَسْلَمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ الأَنْصَارِيِّ وَقَدْ كَانَ عُقْبَةُ عَزَلَهُ عَنْ إِفْرِيقِيَّةَ وَقَيَّدُه وَغَزَا بِهِ إِلَى الْمَغْرِبِ لِشَيْءٍ عَتَبَ عَلَيْهِ فِيهِ فَقُتِلَ أَبُو الْمُهَاجِرِ وَهُوَ مُوَثَّقٌ فِي الْحَدِيدِ وَجَمَاعَةٌ مَعَهُ وَكَانَ عُقْبَةُ مَعْرُوفًا بِإِجَابَةِ الدَّعْوَةِ مَشْهُورًا بِهَا وَيُقَالُ لَهُ عُقْبَةُ الْمُسْتَجَابُ وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقُتِلَ زُهَيْرُ بْنُ قَيْسٍ الْبَلَوِيُّ وَهُوَ الَّذِي قَامَ بِالنَّاسِ بَعْدَ قَتْلِ عُقْبَةَ قَتَلَهُ الرُّومُ بِحَيِّزِ بَرْقَةَ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَدُفِنُوا هُنَاكَ وَقُبُورُهُمْ تُعْرَفُ إِلَى الْيَوْمِ بقبور الشُّهَدَاء يمر عَلَيْهَا الْحجَّاج وَقتل بالمغرب فِي بَعْضِ حُرُوبِهَا كُلْثُومُ بْنُ عِيَاضٍ قَتَلَهُ البربر وَقتل القَاضِي عبد الرَّحْمَن بن عقبَة الْغِفَارِيُّ قَتَلَتْهُ الْبَرْبَرُ وَهُمْ أَصْحَابُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْهَوَّارِيِّ الصَّفَرِيِّ وَقُتِلَ الْقَاضِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كُرَيْبٍ الْمَعَافِرِيُّ قَتَلَتْهُ الْبَرْبَرُ أَغَارُوا عَلَى سَرْحِ الْقَيْرَوَانِ فَقَتَلُوا النَّاسَ بِهَا وَخَرَجَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ فَقتل فِي وَادي بِقُرْبِ الْقَيْرَوَانِ وَالْوَادِي يُعْرَفُ إِلَى الْيَوْمِ بِوَادِي ابْن كريب لقَتله فِيهِ وَقُتِلَ بِالْمَغْرِبِ فِي بَعْضِ حُرُوبِ الْبَرْبَرِ حَبِيبُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ الْفِهْرِيُّ مِنْ وَلَدِ عُقْبَةَ وَقتل سُلَيْمَان بْن عِيسَى بْن أَبِي المُهَاجر وَقتل أَبُو أُميَّة الْقرشِي وَقُتِلَ ثَعْلَبَةُ بْنُ نُعَيْمٍ اللَّخْمِيُّ وَقُتِلَ يَزِيدُ الْيَحْصِبِيُّ جَدُّ الْفَقِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَسَّانَ الْيَحْصِبِيِّ وَقُتِلَ الأَغْلَبُ بْنُ سَالِمٍ التَّمِيمِيُّ قَتَلَهُ بَعْضُ الثُّوَّارِ وَقُتِلَ عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ الأَزْدِيُّ الْمُهَلَّبِيُّ قَتَلَهُ يَعْقُوبُ بْنُ لَيْثٍ يُلَقَّبُ أَبَا نَادِمٍ وَهُوَ أباضي قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَكَانَ سَبَبُ قَتْلِ عَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ الْفَارِسِيِّ الْمُحَدِّثِ أَنَّ أَهْلَ مَدِينَةِ تُونُسَ ثَارُوا عَلَى الأَمِيرِ زِيَادَةِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الأَغْلَبِ التَّمِيمِيِّ سَنَةَ تِسْعٍ وَمِائَتَيْنِ فَوَجَّهَ جَيْشًا إِلَيْهَا وَفَتَحَهَا وَدَخَل إِلَيْهَا بِالسَّيْفِ فَدَخَلَ عَلَى عَبَّاسٍ الْمُحَدِّثِ بِالسَّيْفِ فَقَامَ فِي وُجُوهِهِمْ فَقُتِلَ وَطِيفَ بِرَأْسِهِ الْقَيْرَوَانَ وَفِي أُذُنِهِ كِتَابٌ فِيهِ اسْمُهُ وَكَانَ مِنَ الْفُضَلاءِ الْعُبَّادِ وَالْعُلَمَاءِ الْحُفَّاظِ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ رَأَى عَلَى بَعْضِ كُتُبِهِ دَرَسْتُهُ أَلْفَ مَرَّةٍ

وَأَخْبَرَنِي صَبْرَةُ مَوْلَى تَمِيمِ بْنِ تَمَّامٍ أَنَّهُ رَأَى كَلْبًا أَبْيَضَ وَاقِفًا عِنْدَ جُثَّةِ عَبَّاسٍ الْفَارِسِيِّ يَمْنَعُ الْكِلابَ أَنْ تدنوا مِنْهُ

قَالَ وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ بْنُ تَمَّامٍ قَالَ كُنْتُ أَرَى نُورًا كَالْقِنْدِيلِ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ عَلَى جُثَّةِ عَبَّاسٍ الْفَارِسِيِّ كُلَّ لَيْلَةٍ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَقُتِلَ فِي تِلْكَ الْحَرْبِ مُوسَى السبخي الْفَقِيهُ قَالَ وَقُتِلَ فِي حَرْبِ تُونُسَ مَعَ سُلَيْمٍ الْقَوْبَعُ تَمِيمُ بْنُ تَمِيمِ بْنِ تَمَّامٍ التَّمِيمِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَتَيْنِ قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَلَمَّا عَزَلَ الأَمِيرُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الأَغْلَبِ الْقَاضِيَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ طَالِبٍ التَّمِيمِيَّ عَنْ قَضَاءِ إِفْرِيقِيَّةَ حَبَسَهُ وَسَمَّ لَهُ لَبَنًا وَسَقَاهُ لَهُ وَمَنَعَهُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِي الْحَبْسِ حَتَّى مَاتَ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ وَدُفِنَ بِمَدِينَةِ رقادَةَ وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ أَحْمَدُ وَكَانَ مَحْبُوسًا مَعَهُ ثُمَّ انْطَلَقَ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَبَعَثَ الأَمِيرُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْأَغْلَب فِي أخي شقيقي مُحَمَّد ويكنا أَبَا الْعَبَّاس فذبحه بِيَدِهِ فِي طشت فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ

قَالَ وَقَتَلَ عَمْرَو بْنَ شَجَرَةَ بْنِ عِيسَى قَاضِيَ مَدِينَةِ تُونُسَ أَيْضًا

قَالَ وَخَرَجَ إِبْرَاهِيمُ بن أبي سجمان قَاضِي مَدِينَةِ قَسْطِيلِيَةَ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِهَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُرِيدُونَ تَشْيِيعَهُ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ قوم من البربر لصوص فَقتلُوا هُنَاكَ كُلُّهُمْ

قَالَ وَخَرَجَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بطريقة وَكَانَ من أَصْحَاب مُحَمَّدِ بْنِ سُحْنُونٍ لِبَعْضِ بَادِيَتِهِ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ قَوْمٌ مِنَ اللُّصُوصِ فَقَتَلُوهُ وَكَانَ مِنَ الْحُفَّاظِ لِلْمَسَائِلِ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَشَهِدَ قَوْمٌ مِنَ المشارقة على عروس الْمُؤَذّن بِمَسْجِد ابْن عِيَاض الْفَقِيه لِأَنَّهُ أذن سحرًا وَلَمْ يَقُلْ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ وَكَانَتْ شَهَادَتهم عِنْد القَاضِي إِسْحَاق بن أبي الْمنْهَال فَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى الأَمِيرِ فَأَمَر صَاحِبَ الْمَدِينَةِ مُوسَى بن أَحْمد فَضَربهُ بالسياط وتل لِسَانِهِ وَقَتْلِهِ بِالرِّمَاحِ فَضُرِبَ وَقُطِعَ لِسَانُهُ وَعُلِّقَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَطِيفَ بِهِ عَلَى حِمَارٍ بِالْقَيْرَوَانِ ثُمَّ قُتِلَ بِالرِّمَاحِ وَصُلِبَ وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَكُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى أَبِي عَيَّاشٍ الْفَقِيهِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى نَسْمَعُ مِنْهُ عَنْ سُحْنُونٍ وَغَيْرِهِ فَلَمَّا كَانَ شَهْرُ رَمَضَانَ سَأَلَنِي أَنْ أُصَلِّيَ بِهِ بَعْضَ الأَشْفَاعِ فَصَلَّيْتُ بِهِ لياليا ثمَّ غبت عَنهُ لَيْلَة فَلَمَّا اسْتَبْطَانِي قَدَّمَ عَرُوسًا هَذَا الْمُؤَذِّنَ فَصَلَّى بِهِ مَكَانِي ثُمَّ أَتَيْتُ إِلَى أَبِي عَيَّاشٍ فَسَأَلَنِي عَنْ غَيْبَتِي وَقَالَ إِنِّي قَدَّمْتُ الْبَارِحَةَ عروس الْمُؤَذِّنَ فَصَلَّى بِنَا الأَشْفَاعَ ثُمَّ نِمْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي فَقَالَ لِي يَا أَبَا عَيَّاشٍ إِنَّ مُؤَذِّنَكَ عَرُوسًا هَذَا هُوَ عَرُوسٌ فِي الْجَنَّةِ غَدًا ثُمَّ أَصْبَحْتُ وَأَخْبَرْتُهُ بِرُؤْيَايَ هَذِهِ وَسَرَّنِي ذَلِكَ رَحِمَهُ اللَّهُ

قَالَ وَشَهِدَ بَعْضُ مَشَارِقَةِ مَدِينَةِ سُوسَةَ الْمرَابط عَلَى الرَّجُلِ الصَّالِحِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمَعْرُوفِ بِالسَّنْجَرِيِّ وَعَلَى حَسَنِ بْنِ مُفَرِّجٍ الْمُوَثِّقِ بِأَنَّهُمَا يَقَعَانِ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فَضُرِبَا بِالسَّوْطِ وَقُتِلا بِالرِّمَاحِ بِالْمَهْدِيَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَمِائَتَيْنِ وَصُلِبَا

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَقد كَانَ قتل قبل هَذَا أَبَا بكر بن هُذَيْل وابراهيم بن مُحَمَّد الضَّبِّيّ وَكَانَا مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ وَمِمَّنْ يَصْحَبُ سَعِيدُ بْنُ الْحَدَّادِ الْفَقِيهُ وَتَوَلَّى قَتْلَهُمَا صَاحِبُ الْمَدِينَةِ حَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خِنْزِيرٍ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ فِي شَهْرِ صَفَرَ وَهُوَ إِذْ ذَاك من عُمَّال الشِّيعَة

تمّ الْجُزْء الثَّالِث وَالْحَمْد لله

- 

الْجُزْءِ الرَّابِعِ


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ[عدل]

حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ تَمِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ الْقَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارك قَالَ حَدثنَا مَالك بن مغول عَنْ طَلْحَةَ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ إِنَّ أَهْلَ الْبَلاءِ فِي الدُّنْيَا إِذَا لَبِثُوا عَلَى بَلائِهِمْ فِي الآخِرَةِ إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَتَمَنَّى أَنَّ جِلْدَهُ كَانَ قُرِضَ بِالْمَقَارِيضِ قَالَ وَحَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَهْلٍ وَعِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ سُحْنُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا أَغْبِطُ أَحَدًا لَمْ يُصِبْهُ فِي هَذَا الأَمْرِ بَلاءٌ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِسْطَامٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أحب قوما ابْتَلَاهُم فَمن رَضِي فَلهُ الرضى وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمد بْنُ تَمِيمٍ مَعْنَى قَوْلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَنْ رَضِي فَلهُ الرضى أَرَادَ أجر الصابر قَالَ الله تَعَالَى {إِنَّمَا يُوفى الصَّابِرُونَ أجرهم بِغَيْر حِسَاب}

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي الضَّحَّاكِ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ وَدَّ أَهْلُ الْبَلاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَرَوْنَ الثَّوَابَ أَنَّ جُلُودَهُمْ قُرِضَتْ بِالْمَقَارِيضِ

قَالَ وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الْحُبَابِ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَة يَقُولُ قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ

قَالَ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ الطَّالْقَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُبْتَلَى بِالْبَلاءِ حَتَّى يَمْشِيَ فِي النَّاس فِي الدُّنْيَا وَلَا خطية عَلَيْهِ

وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زُرَيْقٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ أَبِي هِلالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ مَا كَرُمَ عَبْدٌ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلا ازْدَادَ الْبَلاءُ عَلَيْهِ شدَّة قَالَ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يُحَدِّثُ عَنْ كُرْدُوسٍ الثَّعْلَبِيِّ وَكَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ قَالَ إِنَّ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْكُتُبِ أَنَّ اللَّهَ لَيَبْتَلِيَ الْعَبْدَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَسْمَعَ تَضَرُّعَهُ

قَالَ وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ قَالَ قَالَ الأَوْزَاعِيُّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدًا سَلَّطَ عَلَيْهِ مَنْ يَظْلِمُهُ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِسْطَامٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ وَهْبٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَمَّتِهِ قَالَ دَخَلَ أَبِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَحْمُومٌ وَسِقَاءٌ مُعَلَّقٌ يَقْطُرُ عَلَيْهِ مِنْ حَرِّ الْحُمَّى قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ فَأَذْهَبَ عَنْكَ هَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ بَلاءً الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ

وَحَدَّثَنِي ابْنُ بِسْطَامٍ عَنْ رَبِيعٍ الْمُؤَذِّنِ عَنْ أَسَدِ بْنِ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ عَنْ ضِرَارِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا أَو أَرَادَ أَنْ يُصَافِيَهُ صَبَّ الْبَلاءَ عَلَيْهِ صَبًّا وَثَجَّهُ عَلَيْهِ ثَجًّا قَالَ وَتُنْصَبُ الْمَوَازِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُؤْتَى بِأَهْلِ الْبَلاءِ وَيُؤْتَى بِأَهْلِ الصَّلاةِ فَيُوَفَّى أهل الصَّلَاة أُجُورهم بِالْمَوَازِينِ وَيُؤْتى بِأَهْل الصَّدَقَة فَيُوَفَّوْنَ أُجُورَهُمْ بِالْمَوَازِينِ وَيُؤْتَى بِأَهْلِ الْحَجِّ فَيُوَفُّونَ أُجُورَهُمْ بِالْمَوَازِينِ وَيُؤْتَى بِأَهْلِ الْبَلاءِ فَلا يُنْصَبُ لَهُمْ مِيزَانٌ وَلا يُنْشَرُ لَهُمْ دِيوَانٌ فَيُصَبُّ عَلَيْهِمُ الأَجْرُ صَبًّا بِغَيْرِ حِسَابٍ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {إِنَّمَا يُوفى الصَّابِرُونَ أجرهم بِغَيْر حِسَاب} حَتَّى يَتَمَنَّى أَهْلُ الْعَافِيَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا تقْرض أَجْسَادهم بِالْمَقَارِيضِ مِمَّا يذهب بِهِ أَهْلُ الْبَلاءِ مِنَ الْفَضْلِ

وَحَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَهْلٍ صَاحِبُ مَظَالِمِ سُحْنُونٍ وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَعِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ سُحْنُونٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَوْلا شَيْءٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ شَيْءٍ يُصَابُ بِهِ الْعَبْدُ إِلا كَفَّرَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى يلقى الله وَلَيْسَت لَهُ خطية

وَحَدَّثَنِي حَبِيبٌ صَاحِبُ مَظَالِمِ سُحْنُونٍ وَابْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَابْنُ مِسْكِينٍ عَنْ سُحْنُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَشَدُّ النَّاسِ بَلاءً فَقَالَ الأَنْبِيَاءُ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ الصَّالِحُونَ لَقَدْ كَانَ أَحَدُهُمْ يُبْتَلَى بِالْفَقْرِ حَتَّى مَا يجد إِلَّا العباءة ويبتلى بالقمل حَتَّى يقْتله ولأحدهم أَشَدَّ فَرَحًا بِالْبَلاءِ مِنْ أَحَدِكُمْ بِالْعَطَاءِ

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ عَن أنعم بن نَهْشَلٍ الْقُرَشِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ إِنَّهُ قَالَ أَشَدُّ النَّاسِ بَلاءً فِي الدُّنْيَا نَبِيٌّ أَوْ صَفِيٌّ

قَالَ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول إِذا أَحْزَن اللَّهُ عَبْدًا وَأَلْصَقَ بِهِ الْبَلاءَ فَإِنَّ اللَّهَ يُرِيدُ أَنْ يُصَافِيَهُ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ السُّوسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ مَا كَرُمَ عَبْدٌ على الله خاطرا إِلا ازْدَادَ الْبَلاءُ عَلَيْهِ شِدَّةً

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ وَأَنَا أَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ خِيَارِ هَذِهِ الأُمَّةِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ وَأَشْرَافِ النَّاسِ بِأَنْ حُبِسَ أَوْ ضُرِبَ أَوْ تُهُدِّدَ أَوِ امْتُحِنَ لِيَكُونَ ذَلِكَ عَزَاءٌ لِمَنِ ابْتُلِي بِمِثْلِ مَا ابْتُلِيَ الصَّالِحُونَ مِنْ صَدْرِ هَذِهِ الأُمَّةِ وَأَذْكُرُ كُلَّ رَجُلٍ مَنْ ضُرِبَ مِنْهُمْ وَمَنْ ضَرَبَهُ وَكَيْفَ كَانَ سَبَبُ ضَرْبِهِ وَمْن حُبِسَ وَكَيْفَ كَانَ حَبْسُهُ وَمَنْ نَفَتْهُ وُلاةُ الْجَوْرِ مِنْهُمْ وَمَنْ تَوَارَى مِنْهُمْ وَمَنْ مَاتَ مُتَوَارِيًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِهِمْ وَأَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ أَهْلَ الْعِلْمِ دُونَ غَيْرِهِمْ عَلَى مَا بَلَغَنِي مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ وَحَضَرِني مِنْ فَهْمِهِ بِالرِّوَايَةِ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلا تَوْفِيقَ إِلا بِاللَّهِ

ذِكْرُ سَبَبِ ضَرْبِ أَبِي بَكْرَةَ وَشِبْلِ بْنِ مَعْبَدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ[عدل]

قَالَ يُوسُفُ بْنُ يَحْيَى الأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ لَمَّا جُلِدَ أَبُو بَكْرَةَ أَمَرَتْ أُمُّه بِشَاةٍ فَذُبِحَتْ ثُمَّ جَعَلَتْ جِلْدَهَا عَلَى ظَهْرِهِ قَالَ إِبْرَاهِيم فَكَانَ أبي يَقُول مَا ذالك إِلا مِنْ ضَرْبٍ شَدِيدٍ

وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْفَرَجِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً

قَالَ وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ بَحْرٍ السَّقَّاءِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بن الْمسيب أَن الرَّهْط اللَّذين شَهِدُوا عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَبُو بَكْرَةَ وَشِبْلُ بْنُ مَعْبَدٍ الْبَجَلِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ وَزِيَادٌ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ فَلَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ قيل لَهُم أَشَهِدْتُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمْضَى أَبُو بَكْرَةَ الشَّهَادَةَ وَشِبْلُ بْنُ مَعْبَدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ وَأَبَى زِيَادٌ أَنْ يُمْضِيَ الشَّهَادَةَ قَالَ رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَبِيحًا فَقَالَ لَهُمْ عُمَرُ مَنْ رَجَعَ عَنْ شَهَادَتِهِ أَجَزْنَا شَهَادَتَهُ فِي الْمُسْلِمِينَ فَرَجَعَ شِبْلُ بْنُ مَعْبَدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ وَأَبَى أَبُو بَكْرَةَ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ شَهَادَتِهِ

قَالَ وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ وَحَدَّثَنِي أَسَدُ بْنُ مُوسَى وَغَيْرُهُ عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ يَشْهَدُ عَلَى فُلانَ بْنِ فُلانَ فَتَغَيَّرَ لَوْنُ عُمَرَ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَشَهِدَ عَلَيْهِ فَتَغَيَّرَ لِذَلِكَ لَوْنُ عُمَرَ حَتَّى عَرَفْنَاهُ فِيهِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَشَهِدَ فَانْكَسَرَ لِذَلِكَ انْكِسَارًا شَدِيدًا ثُمَّ جَاءَ الرَّابِعُ شَابٌّ يَخْطِرُ بِيَدَيْهِ فَرَفَعَ عُمَرُ رَأْسَهُ فصاح بِهِ مَا عنْدك يَا شلح الْعُقَابِ قَالَ فَصَاحَ أَبُو عُثْمَانَ صَيْحَةً يُشَبِّهُ بِهَا صَيْحَةَ عُمَرَ فَوَاللَّهِ لَقَدْ كِدْتُ يُغْشَى عَلَيَّ فَقَالَ الْفَتَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رَأَيْتُ أَمْرًا سَيِّئًا رَأَيْتُ أَمْرًا قَبِيحًا فَقَالَ عُمَرُ الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي لَمْ يُشَمِّتِ الشَّيْطَانَ بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ عُمَرُ بِأُولَئِكَ الثَّلاثَةِ الَّذِينَ شَهِدُوا فَجُلِدُوا

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الثَّلاثَةُ الَّذِينَ جُلِدُوا أَبُو بَكْرَةَ وَشِبْلُ بْنُ مَعْبَدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ

ذِكْرُ سَبَبِ ضَرْبِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَسَدِ بْنِ الْفُرَاتِ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ قَالَ مَنْ رَأَى مِنْكُمُ الْهِلالَ وَذَلِكَ فِي فِطْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ الْقَوْمُ مَا رَأَيْنَا فَقَالَ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَدْ رَأَيْتُ فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ بِعَيْنِكَ هَذِهِ الْعَوْرَاءِ رَأَيْتَهُ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ تُعَيِّرُنِي بِعَيْنِي الْعَوْرَاءِ وَقَدْ فُقِئَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَنْتَ تَرْعَى الْبُهْمَ عَلَى أُمِّكَ بِتِهَامَةَ ثُمَّ أَصْبَحَ هَاشِمٌ مُفْطِرًا فِي دَارِهِ ثُمَّ غَدَّى النَّاسَ عِنْدَهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَضَرَبَهُ وَحَرَّقَ دَارَهُ فَخَرَجَتْ أُمُّ الْحَكَمِ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَكَانَتْ فِيمَا بَلَغَنَا مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ وَنَافِعُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ حَتَّى قَدِمَا الْمَدِينَةَ فَذَكَرَا لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مَا صَنَعَ سَعِيدٌ بِهَاشِمٍ فَأَتَى سَعْدٌ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ لَكُمْ سَعِيدٌ بِهَاشِمٍ تَضْرِبُوهُ كَمَا ضَرَبَهُ وَلَكُمْ دَارُ سَعِيدٍ تَحْرِقُونَهَا كَمَا حَرَقَ دَارَكُمْ فَخَرَجَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلامٌ حَتَّى أَشْعَلَ النَّارَ فِي بَابِ دَارِ سعيد بِالْمَدِينَةِ فَأرْسلت عَائِشَة إِلَى سعيد تَطْلُبُ إِلَيْهِ أَمَا كَفَّ فَكَفَّ

ذِكْرُ مَا نَزَلَ بِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ عَمْرو بن مرّة عَن أبي البحتري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَة {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى خَتَمَهَا فَقَالَ إِنَّكَ وَأَصْحَابُكَ خَيْرٌ وَالنَّاسُ خَيْرٌ وَلا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ قَالَ فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ كَذَبْتَ وَعِنْدَهُ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَهُمَا قاعدان مَعَه فَقَالَ لَهُ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ لَو شَاءَ هَذَانِ يحدثانك وَلَكِن هَذَا مَخَافَة أَن تنزعه عَن عرافة قَوْمِهِ وَهَذَا يَخْشَى أَنْ تَنْزِعَهُ عَنِ الصَّدَقَةِ فَسَكَتَا فَرَفَعَ مَرْوَانُ الدِّرَّةَ لِيَضْرِبَهُ فَلَمَّا رَأَيَا ذَلِكَ قَالا صَدَقَ

قَالَ وَبَلَغَنِي عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ مَحْلُوقَ اللِّحْيَةِ قَالَ هَذَا مَا لَقِيتُ مِنْ ظَلَمَةِ أَهْلِ الشَّامِ دَخَلُوا عَلَيَّ زَمَانَ الْحَرَّةِ فَأَخَذُوا مَا كَانَ فِي الْبَيْتِ مِنْ مَتَاعٍ ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى طَائِفَةٍ أُخْرَى فَلَمْ يَجِدُوا فِي الْبَيْتِ شَيْئًا فَقَالُوا أَضْجِعُوا الشَّيْخَ فَأَضْجَعُونِي فَجَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَأْخُذ من لحيتي خصْلَة فَإِنَّمَا أَتْرُكُهَا حَتَّى أُوَافِيَ بِهَا رَبِّي وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ 1 قَالَ حَدَّثَنَا الْحِزَامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحِزَامِيِّ عَنْ الْوَاقِدِيِّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ لَزِمْتُ بَيْتِي فَلَمْ أَخْرُجْ يَعْنِي إِلَى الْحَرَّةِ قَالَ فَدَخَلَ عَلَيَّ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالُوا أَيُّهَا الشَّيْخُ أَخْرِجْ مَا عِنْدَكَ فَقُلْتُ مَا عِنْدِي مِنْ مَالٍ قَالَ فَنَتَفُوا لِحْيَتِي وَضَرَبُونِي ضَرَبَاتٍ ثُمَّ أَخَذُوا مَا وَجَدُوا فِي الْبَيْتِ حَتَّى الصُّوفَ وَحَتَّى زَوْجَ حَمَامٍ كَانَ لَنَا

ذِكْرُ ضَرْبِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ[عدل]

قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا سُحْنُونٌ وَالْحَارِثُ وَأَبُو الطَّاهِرِ عَنِ ابْن وهب قَالَ وحَدثني مَالك أَن تَمِيم الدَّارِيَّ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَعْنِي أَدْعُو وَأَقْرَأُ وَأَقُصُّ وَأُذَكِّرُ النَّاسَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ لَا فَأَعَادَ عَلَيْهِ قَالَ أَنْتَ تُرِيدُ تَقُولُ أَنَا تَمِيمٌ الدَّارِيُّ فَاعْرِفُونِي ثُمَّ ضَرَبَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْقَصَصِ وَجَدَهُ يَقُصُّ بَعْدَ الْمَغْرِبِ

وَأَمَّا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فَإِنَّهُ ضُرِبَ مَرَّتَيْنِ عَلَى الْبَيْعَةِ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَعِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُحْنُونٍ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا كَانَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَسِتِّينَ مِنَ التَّارِيخِ وَلَّى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الْمَدِينَةِ جَابِرَ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيَّ فَضَرَبَ ابْنَ الْمُسَيِّبِ سِتِّينَ سَوْطًا عَلَى بَيْعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَلُومُهُ وَيَقُولُ مَا لَنَا وَلِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ثَوَّرْتَهُ عَلَيْنَا يضْرب بِعُذْر سَبَبُ ضَرْبِهِ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ

قَالَ سَعِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَخَبْرَنَا دَاوُدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ غَالِبٍ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ وَحَدَّثَنِي أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بن يحيى عَن طَالب بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَضَرْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَقَدْ كَتَبَ إِلَيْهِ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَخِي الْخَاصِّ دُونَ النَّاسِ إِنَّ النَّاسَ قَدْ دُعُوا إِلَى بَيْعَةِ ابْنِ أَخِيكَ فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَدْخُلَ فِيمَا دَخَلَ النَّاسُ فِيهِ فِيمَا يَرْجُو فِيهِ الاسْتِقَامَةَ وَإِصْلاحَ ذَاتِ الْبَيْنِ أَوْ حَدَثَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَدَثٌ أَنْ يَكُونَ عَلَى النَّاسِ خَلَفًا مَكَانَهُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ لإِمَامِ الْمُسْلِمِينَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ فَمِيتَتُهُ مِيتَةُ جَاهِلِيَّةٍ فَافْعَلْ

قَالَ غَالب فَدفع الْكتاب مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِهِ صَاحِبُ الْمَدِينَةِ فَلَمَّا قَرَأَهُ قَالَ كَذَبَ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلا هُوَ مَا هُوَ بِأَخِي الْخَاصِّ دُونَ النَّاسِ وَإِنَّهُ الْيَوْمَ لَعَدُوِّي دُونَ الْبَشَرِ أَلَيْسَ هُوَ الَّذِي بَعَثَ الْحَجَّاجَ إِلَى الْبَيْتِ فَنَصَبَ عَلَيْهِ الْمِنْجَنِيقَ وَأَحْرَقَهُ بِالنَّارِ وَلَمْ تَحِلَّ مَكَّةُ لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَانِي إِلَى أَنْ أُبَايِعَ ابْنَهُ يُرِيدُ أَنْ يَجْعَلَهَا هِرَقْلِيَّةً إِلا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ نُبَايِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ وَإِنَّمَا السُّنَّةُ فِي هَذِه الْأمة أَن تخْتَار أَرْضَى مَنْ نَقْدِرُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ فَنُبَايِعُ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ نُبَايِعَ ابْنَكَ فَاخْلَعْهَا مِنْ عُنُقِكَ وَاعْتَزِلِ هَذَا الأَمْرَ فَإِنَّ هَهُنَا وَاللَّهِ مَنْ هُوَ أَوْلَى بهَا مِنْك وَمن ابْنك هَهُنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ذُو الْجَنَاحَيْنِ وَأَبْنَاءُ الْمُهَاجِرِينَ قَالَ فَلَمَّا قَدِمَ الْكِتَابُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَقَرَأَهُ اشْتَدَّ عَلَيْهِ وَقَالَ هَذَا يُفْسِدُ عَلَيَّ أَهْلَ الْحِجَازِ وَالنَّاسَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ كِتَابًا آخَرَ يَقُولُ فِيهِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ قُدْوَةٌ لأَنَّهُ خَتَنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَاتِبُهُ وَهُوَ مِنَ الصَّحَابَةِ قَدْ بَايَعَ لابْنِهِ فَلَمَّا قَرَأَ سَعِيدٌ الْكِتَابَ قَالَ كَذَبَ وَاللَّهِ مَا مُعَاوِيَةُ بِقُدْوَةٍ فِي هَذَا وَكفى بِمُعَاوِيَة ابْنه وَمَا أَحْدَثَ فِي الإِسْلامِ قَتَلَةُ أَهْلِ الْحَرَّةِ وأباح الْمَدِينَةَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ لَا أُبَايِعُهُ وَاللَّهِ قَالَ فَكَتَبَ بِهِ صَاحِبُ الْمَدِينَةِ قَالَ فَاشْتَدَّ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَكَتَبَ إِلَى صَاحِبِ الْمَدِينَةِ أَنِ اجْمَعْ أَبْنَاءَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ عَلَى بَابِكَ فَارْضَ مِنْهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْكَ وَلا تَحْبِسْهُ فَإِنَّ النَّاس إِذا نظرُوا إِلَيْك وَقَدْ دَخَلَ قَالُوا قَدْ بَايَعَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فَسَارِعُوا إِلَى الْبَيْعَةِ وَإِنْ هُوَ أَبَى فَأَخْرِجْهُ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَأَلْبِسْهُ ثِيَابًا مِنْ شَعَرٍ وَاضْرِبْهُ مِائَةَ سَوْطٍ وَاحْلِقْ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْوَالِي رَسُولا وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ غَالِبٌ وَأَنَا عِنْدَهُ قَدْ لَزِمْتُهُ سَنِينَ وَقَدْ كَانَ آخِرُ زَمَانِهِ كَفَّ عَنِ الْحَدِيثِ فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ أَجِبِ الأَمِيرَ فَإِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ فَبَعَثَ ابْنَ عَمٍّ لَهُ فَقَالَ اذْهَبْ إِلَى دَارِ الإِمَارَةِ وَانْظُرْ مَا حَالُ النَّاسِ قَالَ فَجَاءَ ابْنُ عَمِّهِ فَوَقَفَ عَلَى الْبَابِ فَإِذَا أَبْنَاءُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ قَدْ وَقَفُوا عَلَى الْبَابِ فَأَعْلَمَهُ بِجَمَاعَتِهِمْ فَقَالَ كَذَبَ وَاللَّهِ ابْنُ مَرْوَانَ أَيُرِيدُ أَنْ أَدْخُلَ فَيَبْتَدِئَ بِي مَنْ بِالْبَابِ فَأَعْلَمَ الرَّسُولُ الْوَالِي فَبَسَطَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَأَمَرَ بِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَجَرَّدَهُ وَأَلْبَسَهُ ثِيَابًا مِنَ الشَّعَرِ فَقَالَ لَهُ وَيْحَكَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ ظَهْرَ الْمُؤْمِنِ حِمَى لَا يَحِلُّ أَنْ يُجَرَّدَ إِلا فِي أَرْبَعَة أَشْيَاء أما فِي زنا أَوْ قَذْفٍ أَوْ خَمْرٍ أَوْ دَمٍ فَاقْضِ مَا أَنْت قَاض إِنَّمَا تقض هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَيُقْتَصُّ مِنْكَ بِكُلِّ سَوْطٍ سَوْطًا من نَار لَو أَن سَوْطًا مِنْهَا وُضِعَ عَلَى الدُّنْيَا لَذَابَتْ فَضَرَبَهُ يَوْمَئِذٍ مِائَةَ سَوْطٍ ثُمَّ حَلَقَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ ثُمَّ أَوْقَفَهُ عَلَى كَرٍّ مِنْ تِلْكَ الْكِرَارِ الَّتِي يُبَاعُ فِيهَا الْقَمْحُ بِالْمَدِينَةِ مِنْ بُكْرَةٍ إِلَى اللَّيْلِ

قَالَ غَالِبٌ أَتَى سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ آتٍ فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنِّي رَأَيْتُ عِنْدَ وَجَهِ السَّحَرِ كَأَنَّ مُوسَى قَاتِلٌ فِرْعَوْنَ فَقَالَ لَهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُصَّ عَلَيْهِ رُؤْيَا قَالَ خَيْرٌ لنا وَشر على عدونا أَيهمْ الْغَالِب يَا ابْن أَخِي قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ غَلَبَ فِرْعَوْنَ قَالَ فَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ هَلَكَ ابْنُ مَرْوَانَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ فَأُعْلِمَ صَاحِبُ الْمَدِينَةِ فَخَرَجَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ يَا ابْن أَبِي حَبِيبٍ تَتَمَنَّى مَوْتَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَقْتُلَكَ اللَّهُ قَبْلَهُ قَالَ سَعِيدٌ وَيْحَكَ سَيَجِيئُكَ خَبَرُهُ إِلَى تِسْعَةِ أَيَّامٍ قَالَ فَمَا مَكَثُوا إِلا تِسْعَةَ أَيَّامٍ حَتَّى أَتَى رَاكِبٌ بِمَوْتِهِ وَاسْتِخْلافِ الْوَلِيدِ ابْنِهِ

قَالَ وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَقِيِّ بْنِ مخلد قَالَ حَدثنَا أَصْحَابنَا قَالُوا لَمَّا ضَرَبَ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَالِي عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى الْبَيْعَةِ دَعَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ ضَرَبْتَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَلِمَ قَالَ لأَنُّه أَبَى الْبَيْعَةَ قَالَ وَاللَّهِ مَا أَحْسَنْتَ لَا أَنْتَ قَتَلْتَهُ فَأُرِحْتَ مِنْهُ وَلا أَنْتَ تَرَكْتَهُ فَأَخْمَلْتَهُ وَلَكِنَّكَ ضَرَبْتَهُ فَشَهَرْتَهُ وَأَشْهَرْتَ ثِيَابَهُ وَاللَّهِ لَا تَلِي لي على عمل أبدا قَالَ وَحدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ وَحَدَّثَنِي أَيْضًا سَعِيدُ بْنُ سُفْيَانَ قَالا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ شُعْبَةُ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مَطْرُوحٍ أَيْضًا قَالَ حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بن الْفرج قَالَ حَدثنَا ضمام بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَعَافِرِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ لَمَّا كَانَتْ بَيْعَةُ سُلَيْمَانَ مَعَ بَيْعَةِ الْوَلِيدِ كَرِهَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنْ يُبَايِعَ بَيْعَتَيْنِ لِحَدِيثٍ بَلَغَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَتَبَ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيُّ وَهُوَ عَامِلُ الْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يُعْلِمُهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ كَرِهَ أَنْ يُبَايِعَ لَهُمَا جَمِيعًا فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمَا كَانَ مِنْ حَاجَتِكَ إِلَى رَفْعِ مِثْلِ هَذَا عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَمَا كُنَّا نَخَافُ مِنْهُ شَيْئًا فَأَمَّا إِذْ ظَهَرَ وَانْتَشَرَ فِي النَّاسِ فَادْعُهُ إِلَى مَا دَخَلَ فِيهِ مَنْ دَخَلَ فِي هَذِهِ الْبَيْعَةِ فَإِنْ أَبَى فَاجْلِدْهُ مِائَةَ سَوْطٍ وَاحْلِقْ رَأْسَهُ ولحيته ولبسه ثِيَابًا مِنْ شَعَرٍ وَأَوْقِفْهُ عَلَى النَّاسِ فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ لِكَيْمَا لَا يَجْتَرِئُ عَلَيْنَا غَيْرُهُ

قَالَ فَلَمَّا عَلِمَ بِذَلِكَ بَعْضُ مَنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ قُرَيْشٍ سَأَلُوا الْوَالِيَ أَنْ لَا يَعْجَلَ عَلَيْهِ حَتَّى يُخَوِّفُوهُ بِالْقَتْلِ فَعَسَى أَنْ يُجِيبَ فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ مَوْلَى كَانَ فِي الْحَرَسِ فَقَالُوا لَهُ اذْهَبْ إِلَى ابْنِ الْمُسَيِّبِ فَخَوِّفْهُ بِالْقَتْلِ وَأخْبرهُ بِأَنَّهُ مَقْتُولٌ لَعَّلَ ذَلِكَ يُخِيفُهُ حَتَّى يَدْخُلَ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَجَاءَهُ مَوْلاهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي فَبَكَى الْمَوْلَى وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ كَئِيبًا حَزِينًا فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ مَا يُبْكِيكَ وَيْحَكَ فَقَالَ لَهُ أَبْكِي مِمَّا يُرَادُ بِكَ جَاءَ كِتَابٌ فِيكَ إِنْ لَمْ تُبَايِعْ قُتِلْتَ فَحِينَئِذٍ تَطَهَّرُ وَتَلْبَسُ ثِيَابًا طَاهِرَةً وَتَفْرَغُ مِنْ عَهْدِكَ فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ وَيْحَكَ قَدْ وَجَدْتَنِي أُصَلِّي فِي مَسْجِدِي أَفَتَرَانِي كُنْتُ أُصَلِّي وَلَسْتُ بطاهر وَثِيَابِي غَيْرُ طَاهِرَةٍ فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْعَهْدِ فَإِنِّي إِذًا أَضَلُّ مِمَّنْ أَرْسَلَكَ إِنْ كُنْتُ بِتُّ لَيْلَةً وَلَمْ أَفْرُغْ مِنْ عَهْدِي فَإِذا شَاءُوا فليفعلوا مَا بدى لَهُمْ فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ أُبَايِعُ بَيْعَتَيْنِ فِي الإِسْلامِ بَعْدَ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا كَانَت بيعتان فِي الْإِسْلَام فَاقْتُلُوا الحديثة مِنْهُمَا فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى الْوَالِي دَعَاهُ فَأَبَى أَنْ يُجِيبَ فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُلْبَسَ ثِيَابًا مِنْ شَعَرٍ وَأَمَرَهُ بِالتَّجْرِيدِ فَجُلِدَ مِائَةَ سَوْطٍ وَحُلِقَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ ثُمَّ وُقِفَ لِلنَّاسِ فَقَالَ سَعِيدٌ أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلا هَذَا مَا نَزَعْتُ ثِيَابِي وَلا أَجَبْتُ إِلَى ذَلِكَ وَلَكِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّهُ الْقَتْلُ وَرَجَوْتُ أَنْ يُكْرِمَنِي اللَّهُ بِذَلِكَ

قَالَ أَصْبَغُ وَسَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ يُحَدِّثُ بِنَحْوِ ذَلِكَ إِلا حَدِيثَ الْبَيْعَةِ وَإِلا أَنَّهُ قَالَ وَلا لَبِسْتُ هَذِهِ الثِّيَابَ وَلَكِنِّي ظَنَنْتُ إِنَّمَا هِيَ الْميتَة فَأَرَدْت أَن أواري بِهِ عَوْرَتِي

قَالَ أَصْبَغُ وَسَمِعْتُ أَنَّهُ طِيفَ بِهِ مَحْلُوقَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ حَتَّى إِنْ كَانَتِ الدَّارُ بِالْمَدِينَةِ لتغلق كَرَاهِيَة النّظر إِعْظَامًا لَهُ وَتَحَسُّرًا عَلَيْهِ وَمَا سُمِعَ فِيهَا إِلَّا الْبكاء ووقف عَلَى النَّاسِ فَلَقَدْ خَرَجَتْ يَوْمَئِذٍ الأَبْكَارُ مِنْ خُدُورهنَّ وَالنِّسَاء المتحجبات من بُيُوتهنَّ وَمَا سمع يَوْمئِذٍ بِالْمَدِينَةِ إِلا نَائِحَةٌ أَوْ هَاتِفٌ بِذِكْرِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ شَيْخِ الإِسْلامِ وَرَئِيسِ الْفُقَهَاءِ وَالتَّابِعِينَ فِي الْعلم وَالرِّوَايَة وَالْفِقْه وَالْعِبَادَة والصراحة وَالزُّهْدِ وَالْوَرَعِ وَالْقَصْدِ وَالْبَصَرِ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ وَالأَقْضِيَةِ وَلَقَد كَانَ يُسَمَّى رَاوِيَةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَسَمِعَ أقضية عُمَرَ وَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَالِسُونَهُ لِفَضْلِهِ وَعِلْمِهِ وَيُقَالُ إِنَّ الرَّجُلَ تَعَلَّمَ مِنْهُمْ بِمُجَالَسَتِهِمْ إِيَّاهُ يَنْزِلُ الأَمْرُ وَيَذْكُرُونَهُ فَيَقُولُ هَذَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَذَا وَكَذَا وَيَقُولُ هَذَا حَضَرْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ قَضَيَا بِكَذَا وَكَذَا وَيَقُولُ هَذَا كَانَ كَذَا وَكَذَا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِذَا سُئِلَ عَنِ الشَّيْءِ يَقُولُ سَلُوا ذَلِكَ الرَّجُلَ فَإِنَّهُ قَدِيمًا جَالَسَ الصَّالِحِينَ يَعْنِي سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ

قَالَ وَسَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ يُحَدِّثُ بِهَذَا قَالَ أَصْبَغُ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُرْسِلُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ يَسْأَلُهُ عَنْ أَقْضِيَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَسَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ وُلِدَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ لِسَنَتَيْنِ مَضَيَتَا مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ وَمَاتَ عُمَرُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ابْنُ ثَمَانٍ قَدْ عَقِلَ وَسَمِعَ مِنْ عُمَرَ

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بن عبد الْحَكَمِ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ امْرَأَةً مَرَّتْ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ حِينَ ضُرِبَ وَقَدْ وُقِفَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ مَقَامِ الْخِزْيِ فَقَالَ سَعِيدٌ وَيْحَكِ الْفِرَارُ مِنْ مَقَامِ الخزي أوقفني هَذَا الْموقف

قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَسَدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَسَّانٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَاجِشُونُ عَنِ الْمُطَّلِبِ شَيْخٍ لَهُ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَمَرَّ بِهِ رَسُولٌ لِبَنِي مَرْوَانَ فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ كَيْفَ تَرَكْتَ بَنِي مَرْوَانَ قَالَ بِخَيْرٍ قَالَ سَعِيدٌ بل تَركتهم يجيعون النَّاس ويشبعون الْكلاب فَأخذ بتلبيبته فَتَعْتَعَهُ فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا إِنَّهُ شَيْخٌ فَمَا زِلْنَا حَتَّى تَرَكَهُ فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ رَحِمَكَ اللَّهُ إِنَّكَ لَا تَزَالُ تَصْنَعُ بِنَفْسِكَ مِثْلَ هَذَا فَقَالَ اسْكُتْ يَا أَحْمَقُ إِن الله لم يكن ليخذلني مَا تَعَلَّقْتُ بِحُقُوقِهِ

وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَفَّانَ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ الْخُزَاعِيِّ قَالَ أَرَى نَفْسَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ كَانَتْ أَهْوَنَ عَلَيْهِ فِي ذَاتِ اللَّهِ مِنْ نَفْسِ ذُبَابٍ

قَالَ وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ قَدِمَ بَعْضُ الأُمَرَاءِ الْمَدِينَةَ وَالِيًا عَلَيْهَا فَأَتَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسَمَّى الَّذِينَ أَتَوْهُ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ وَلَمْ يَأْتِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ وَاللَّهِ لأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فَضَاقَ بِنَا الْمَجْلِسُ حَتَّى قُمْنَا فَأَتَيْنَا سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَجَلَسْتُ وَذَكَرْتُ مَا قَالَ وَقُلْتُ قُم نخرج إِلَى الْعمرَة فَقَالَ مَا حضرني فِي ذَلِكَ نِيَّةٌ وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَيَّ مَا نَوَيْتُ قُلْتُ فَتَصِيرُ إِلَى بَعْضِ مَنَازِلِ إِخْوَانِكَ فَقَالَ مَا أَصْنَعُ بِهَذَا الْمُنَادِي الَّذِي يُنَادِي كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ وَاللَّهِ لَا نَادَى إِلا أَتَيْتُهُ قُلْتُ فَتَحَوَّلْ عَنْ مَجْلِسِكَ هَذَا إِلَى بَعْضِ هَذَا الْمَسْجِدِ فَإِنَّكَ إِنْ طلبت إِنَّمَا تطلب فِي مَجْلِسِكَ قَالَ وَلِمَ أَدَعُ مَجْلِسًا قَدْ عودني الله فِيهِ الْخَيْر قلت أَي أَخِي أَمَا تَخَافُ قَالَ أَمَا مَا ذَكَرْتَ أَي أخي فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَعْلَمُ أَنِّي مَا أَخَافُ شَيْئًا غَيْرَهُ وَلَكِنْ أَقُولُ مَا أَقُول أوسطه وَآخره حمدا لله وَثَنَاءٌ عَلَيْهِ وَصَلاةٌ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْأَلُ اللَّهُ أَنْ يُنْسِيَهُ ذِكْرِي قَالَ فَمَكَثَ ذَلِكَ الأَمِيرُ عَلَى الْمَدِينَةِ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ عُزِلَ عَنْهَا فَخَرَجَ إِلَى الشَّام قَالَ فينما هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى مَنَازِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَغُلَام لَهُ يوصيه إِذْ قَالَ إمسك واسوأتا مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَالم بن عبد الله إِنِّي حَلَفْتُ أَنْ أَقْتُلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَاللَّهِ مَا ذَكَرْتُهُ فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ وَلا نَهَارٍ حَتَّى سَاعَتِي هَذِهِ فَقَالَ لَهُ غُلامُهُ أَيْ مَوْلايَ مَا أَرَادَ اللَّهُ بِكَ خَيْرًا مِمَّا أَرَدْتَهُ لِنَفْسِكَ

قَالَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبيد () قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حَدثنَا مُصعب بن عُثْمَان أَن اللَّذين شَهِدُوا لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ حِينَ أَرَادَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْفَاسِقُ قَتْلَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ شَهِدُوا أَنَّهُ مَجْنُونٌ فَخَلَّى سَبِيلَهُ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ كَانَ هَذَا لَمَّا دَخَلَ الْفَاسِقُ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ فِي وَقْعَةِ الْحَرَّةِ وَقَتَلَ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ فِي خِلافَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَجُمَّةٌ لَهُ شَهْبَاءُ قد شعثتها السِّيَاطُ حِينَ ضَرَبَهُ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ

قَالَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّثُ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عبد الرَّحْمَن وَعِكْرَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ دَخَلا عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَهُوَ فِي السِّجْنِ وَقَدْ كَانَ ضُرِبَ ضَرْبًا شَدِيدًا فَقَالا لَهُ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّا نَخَافُ عَلَى دَمِكَ فَقَالَ يَا إِخْوَتِي أترياني أَلْعَبُ بِدِينِي كَمَا لَعِبْتُمَا بِدِينِكُمَا

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ لَمَّا بَعَثَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ الْمُرِّيَّ عَلَى الْمَدِينَةِ لَيَالِيَ الْحَرَّةِ أَمَرَهُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَلا يُخَالِفَهُ فَأَتَى سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَهُوَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ بَايِعٍ فَقَالَ لَهُ سعيد بن الْمسيب هَلُمَّ بالمصحف أُبَايِعُكَ عَلَى مَا فِيهِ فَقَالَ لَهُ بَايِعْ عَلَى أَنَّكَ عَبْدٌ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ بل أُبَايِعك على مَا فِي الْمُصْحَفِ وَإِنِّي حُرٌّ مُسْلِمٌ قَالَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ اضْرِبُوا عُنُقَهُ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ مَا تَصْنَعُ فَإِنِّي رَأَيْتُهُ صَرِيعًا عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا كُنْتُ لأُكَلِّمَهُ أَبَدًا

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَأْمُرُهُمْ بِالْبَيْعَةِ لِلْوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَبَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ هَذِهِ الْهِرَقْلِيَّةُ وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوًا مِنْ حَدِيثِ ضَرْبِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ الأَوَّلِ

ذِكْرُ ضَرْبِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَتَخْرِيقِ ثِيَابِ عَمْرٍو[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَسَدِ بْنِ الْفُرَاتِ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ عُمَرَ بِمِنًى إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّنِي استبقت أَنا وَمُحَمّد بن عَمْرو بن الْعَاصِ فسبقته فَعدى عَلَيَّ فَضَرَبَنِي بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ يَقُولُ خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْكَرِيمَيْنِ فَجِئْتُ أَبَاهُ أَسْتَأْذِنُهُ فِيمَا صَنَعَ بِي فَحَبَسَنِي أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَخَرَجْتُ فِي حَاجِّ الْمُسْلِمِينَ فَجِئْتُ إِلَيْكَ لِتَأْخُذَ مَظْلَمَتِي فَقَالَ أَعْجِلْ عَلَيَّ بِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَابْنِهِ قَالَ فَأُوتِيَ بِهِمَا قَالَ عُمَرُ وَيْحَكَ مَا بَيِّنَتُكَ عَلَى مَا تَقُولُ قَالَ الْجُنْدُ كُلُّهُمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ وَافَى الْحَاجَّ مِنْهُمْ فَسَأَلَ النَّاسَ فَأَخْبَرُوهُ ذَلِكَ فَدَعَا بِمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو فَجُرِّدَ مِنْ ثِيَابِهِ ثُمَّ أَمْكَنَ الْمِصْرِيَّ مِنَ السَّوْطِ ثُمَّ قَالَ لَهُ اضْرِبْ فَضَرَبَ الْمِصْرِيُّ وَعُمَرُ يَقُولُ خُذْهَا وَأَنْتَ ابْنُ اللَّئِيمَيْنِ حَتَّى تَرَكَهُ قَالَ وَنَحْنُ وَاللَّهِ مَا نَشْتَهِي أَنْ يَزِيدَهُ حَتَّى نَزَعَ عَنْهُ وَقَالَ عُمَرُ أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ ضَرَبْتَهُ مَا أَمْسَكْتُ يَدَكَ عَنْهُ مَا ضَرَبْتَ ثُمَّ قَالَ عَلَيَّ بِعَمْرٍو فَأُوتِيَ بِهِ شَيْخٌ أَصْلَعُ فَمُزِّقَتْ ثِيَابُهُ وَنَحْنُ وَاللَّهِ نَشْتَهِي أَنْ يُوجِعَهُ ضَرْبًا ثُمَّ قَالَ اضْرِبْ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ حَبَسَنِي وَلَمْ يَضْرِبْنِي قَالَ أَمَا وَاللَّهِ لَوْ ضَرَبْتَهُ مَا أَمْسَكْتُ يَدَكَ عَنْهُ مَا ضربت قل عَمْرو أما قد فعلت هَذَا لَا نعلم لَكَ قَالَ أَجَلْ فَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ وَاللَّهِ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنْ تُرِيدُونَ إِلا أَنْ تَرِدُوا النَّاسَ خَوَلا مَا مَثَلُهُمْ وَمَثَلُكُمْ إِلا كَقَوْمٍ اصْطَحَبُوا فِي سَفَرٍ فَقَالُوا لِرَجُلٍ تَقَدَّمَ فأمنا فِي صَلَاتنَا وَأقسم علينا فيئنا أفأساءوا بِذَلِكَ أَمْ أَحْسَنُوا

ذِكْرُ ضَرْبِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ قَرَأْتُ فِي كِتَابٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ أُخِذَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَضُرِبَ وَحُمِلَ عَلَى بَعِيرٍ وَحُوِّلَ وَجْهُهُ إِلَى ذَنَبِ الْبَعِيرِ وَنُودِيَ عَلَيْهِ هَذَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي يَكْذِبُ وَيَزْعُمُ أَنَّ الْخِلافَةَ تَكُونُ فِي وَلَدِهِ فَقَالَ عَلِيٌّ زَعَمُوا أَنِّي أَكْذِبُ وَاللَّهِ لَتَكُونَنَّ الْخِلافَةُ فِي وَلَدِي ثُمَّ لَا تُنْزَعُ مِنْهُمْ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَيْهِمْ عَبِيدٌ لَهُمْ صِغَارُ الأَعْيُنِ حُمْرُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهَمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ

قَالَ مُحَمَّدٌ وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ يُصَلِّي فِي كُلِّ يَوْمٍ أَلْفَ رَكْعَةٍ وَبَلَغَنِي أَنَّ الْحَجَّاجَ سَجَنَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ بِخُرَاسَانَ ثُمَّ () فَقتل

وَأَمَّا سَبَبُ ضَرْبِ الْمُسَيَّبِ بْنِ نَجَبَةَ الْفَزَارِيِّ[عدل]

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَعْبَانَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيِّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ دَعَا عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعَدَةَ الْفَزَارِيَّ فَبَعَثَهُ وَألف وَسَبْعمائة رَجُلٍ وَقَالَ لَهُ سِرْ فِي هَذَا الْجَيْشِ وَقَالَ لَهُ سِرْ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى تِيمَاءَ وَصدق مِمَّن مَرَرْتَ بِهِ مِنَ الْعَرَبِ وَجَدِّدْ بَيْعَتَهُمْ فَمَنْ أَبَى فَجَرِّدْ فِيهِمُ السَّيْفَ فَإِذَا بَلَغْتَ تِيمَاءَ فعج بصدور الْجَبَل إِلَى مَكَّة وَالْمَدينَة وَأَرْض الْحجاز وسر فِيمَن أَطَاعَكَ مِنْهُمْ بِالْعَدْلِ

قَالَ وَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا رَحمَه الله فدعى مُسَيَّبَ بْنَ نَجَبَةَ الْفَزَارِيَّ وَقَالَ لَهُ يَا مُسَيَّبُ إِنَّكَ مِمَّنْ أَثِقُ بِصَلاحِهِ وَمُنَاصَحَتِهِ وَبَأْسِهِ وَنَجْدَتِهِ فَإِنَّ بَعْثًا قَدْ خَرَجَ مِنَ الشَّامِ يُرِيدُ أَنْ يَجْتَازَ وَقَدْ وُجِّهُوا نَحْوَ تِيمَاءَ وَهُمْ نَحْوُ أَلْفِ رَجُلٍ وَأَنَا أَبْعَثُ مَعَكَ الفين من شبيبة ذَوي قُوَّةٍ وَنَجْدَةٍ فَسِرْ بِهِمْ حَتَّى تَلْقَى هَذَا الْبَعْث فَأَيْنَ مَا لَقِيتَهُ فَوَاقِعْهُ لأَنَّنَا كَثْرَةٌ وَبَلَغَ الْمُسَيَّبُ تِيمَاءَ فَلَمَّا رَأَى ابْنُ مَسْعَدَةَ الْمُسَيَّبَ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْهِ عَبَّأَ مَنْ مَرَّ بِهِ وَصَفَّ أَصْحَابَهُ وَجَاءَ الْمُسَيَّبُ حَتَّى وَاجَهَهُ فَصَفَّ أَصْحَابَهُ وَعَبَّأَهُمْ وَاقْتَتَلُوا وَذَلِكَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ قِتَالا شَدِيدًا ثُمَّ إِنَّ الْمُسَيَّبَ حَمَلَ وَهُوَ فِي الْقَلْبِ فَرَأَى ابْنَ مَسْعَدَةَ فَجَلَّلَهُ بِالسَّيْفِ وَحَمَلَ أَصْحَابُهُ من الْمَيْمَنَةِ وَالْمَيْسَرَةِ فَهَزَمُوهُمْ وَضَرَبَ الْمُسَيَّبُ ابْنَ مَسْعَدَةَ ثَلاثَ ضَرَبَاتٍ كُلَّهَا لَا يُرِيدُ أَنْ يُصِيبَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا مَقْتَلَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ الْمُسَيَّبُ النجَاة النجَاة فَانْهَزَمَ ابْنُ مَسْعَدَةَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى دَخَلَ آخِرُهُمُ الْحِصْنَ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى الشَّامِ وَأَحَاطَ الْمُسَيَّبُ بِالْحِصْنِ فَحَصَرَ ابْنَ مَسْعَدَةَ وَأَصْحَابَهُ ثَلاثًا ثُمَّ أَمَرَ بِحَطَبٍ ثُمَّ أَلْهَبَ فِيهِ النَّارَ حَتَّى احْتَرَقَ وَدَخَّنَ عَلَيْهِمْ فَأَحَسُّوا بِالْهَلاكِ وَأَشْرَفُوا فَنَادُوا يَا مُسَيَّبُ إِنَّمَا نَحْنُ قَوْمُكَ لَيْسَ فِي هَذَا الْحِصْنِ فِي كُلِّ عَشَرَةٍ مِنَّا رَجُلٌ مِنْ غَيْرِنَا فَلْتُمْسِكْ رَحِمَنَا فَلَمَّا سَمِعَ مَقَالَةَ الْقَوْمِ رَقَّ لَهُمْ وَكَرِهَ هَلاكَهُمْ فَقَالَ لابْنِ أَخِيهِ الْقَعْقَاعِ ادْنُ مِنْهُمْ فَاسْأَلْهُمْ مَا فَعَلَ ابْنُ مَسْعَدَةَ فَدَنَا مِنْهُمْ وَقَالَ مَا فَعَلَ ابْنُ مَسْعَدَةَ قَالُوا هُوَ جَرِيحٌ وَلا نَرَى هَذَا الدُّخَانَ إِلا قَاتِلَهُ وَقَاتِلَنَا فَأَتَى الْقَعْقَاعُ النَّارَ فَأَطْفَأَهَا فَسَكَنَ عَنْهُمُ الدُّخَانَ وَدَعَا الْمُسَيَّبُ أَصْحَابَهُ مِنَ الْغَدِ فَقَالَ لَهُمْ يَا قَوْمُ إِنَّ عُيُونِي قَدْ جَاءَتْنِي تُحَدِّثُنِي أَن جندا قد تصل فَنَرَى أَنْ نَنْظُرَ فِي مَكَانٍ نَكُونُ فِيهِ حَتَّى نَنْظُرَ أَحَقٌّ مَا بَلَغَنَا مِنْ أَمْرِ هَذَا الْجُنْدِ قَالُوا فَرَأْيُكَ رَاشِدٌ فَضَمَّ إِلَيْهِ أَصْحَابَهُ فِي جَانِبِ مِنَ الْحَائِطِ وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَبِيبٍ الْفَزَارِيُّ عَلَى الْحَائِطِ الَّذِي هُوَ مَخْرَجٌ مِنْ دَارِ الْمُسَيَّبِ فَلَمَّا ضَمَّهُ الْمسيب إِلَيْهِ خلى لابْنِ مَسْعَدَةَ وَأَصْحَابِهِ الطَّرِيقُ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِمُ اللَّيْلُ خَرَجُوا حَتَّى لَحِقُوا بِالشَّامِ وَأَصْبَحَ الْمُسَيَّبُ مِنَ الْغَدِ فَبَعَثَ إِلَى الْحِصْنِ فَلَمْ يَجِدْ دُونَهُ أَحَدًا يَمْنَعُهُ وَأَتَى الْخَبَرُ بِأَنَّ الْقَوْمَ قَدْ وَجَّهُوا نَحْوَ الشَّامِ وَأَبَى الْمُسَيَّبُ أَنْ يَطْلُبَهُمْ وَأَتَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَبِيبٍ عَلِيًّا رَحِمَهُ اللَّهُ فَأَخْبَرَهُ خَبَرَ الْمُسَيَّبِ وَأَقْبَلَ الْمُسَيَّبُ فِي أَصْحَابِهِ حَتَّى قَدِمَ عَلَى عَلِيٍّ فَحَجَبَهُ ثَلاثًا لَا يَأْذَنُ لَهُ وَقَدْ كَانَ الْمُسَيَّبُ قَالَ أبياتا من شعر فرويت وَهِي (وَسَائِل بني بكر إِذا مَا لقيتهم ... بلأي ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحُرُّ يُخْبِرُ)

(وَعَنْ نِقْمَةٍ جَلَلْتُهَا آلَ مَالِكٍ ... غَدَاةَ أَتَانَا النَّصْرُ نَصْرٌ مُؤَزَّرُ)

(وَحَوْلِي هَمْدَانُ وَطَيِّءٌ وَقَدْ بَدَتْ ... كَتَائِبُ تبدو فَوْقَهُنَّ السِّنَّوْرُ)

(فَأَمَّا قُرَيْشٌ فَالإِمَارَةُ فِيهِمْ ... وَتَقْتُلُهُمْ هَمْدَانُ حَوْلِي وَحِمْيَرُ)

(فَلَسْتُ شَبِيهَ الشَّيْخِ لَمَّا قَتلتهمْ ... وَلَكِن لي فِي قيس غيلَان مفخر) // الْبَحْر الطَّوِيل // فَرُوِيَتْ هَذِهِ الأَبْيَاتُ فَأَتَى بِهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَبِيبٍ فَدَخَل بِهَا عَلَى عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَأَنْشَدَهَا إِيَّاهُ فَبَعَثَ إِلَى الْمُسَيَّبِ فَجَاءَهُ فَقَالَ لَهُ يَا مُسَيَّبُ أَنْتَ مِنْ نُصَحَائِي وَأُمَنَائِي وَخِيَارِ أَصْحَابِي فِي نَفْسِي وَمِمَّنْ أَصُولُ بِهِ عَلَى عَدُوِّي لَقِيتَ ابْنَ مَسْعَدَةَ فَهَزَمْتَهُ وَحَصَرْتَهُ وَلَوْ أَرَدْتَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ سَالِمًا أتيني بِهِ وَلَوْ أَرَدْتَ قَتْلَهُ قَتَلْتَهُ ثُمَّ خَلَّيْتَ لَهُ الطَّرِيقَ مَا هَذَا بِفِعْلِ ذِي نَصِيحَةٍ ثُمَّ تَنَاوَلَهُ بِالدِّرَّةِ فَضَرَبَهُ بِهَا ضَرَبَاتٍ وَرَبَطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ عَامَّةَ النَّهَارِ حَتَّى أَمْسَى ثمَّ خلا سَبيله وَلما انْتقل إِلَيْهِ الْمُسَيَّبُ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنَّكَ لَوْ هُنْتَ عَلَيَّ رَفَضْتُكَ وَقَدْ كَلَّمَنِي فِيك صَالح أهل مصرك وأشرفهم ولأنت أكْرم عَليّ مِنْهُم وأرجى عِنْدِي مِمَّنْ كَلَّمَنِي فِيكَ وَقَدْ كَرِهْتُ أَنْ يَكُونَ لأَحَدٍ مِنْهُمْ عِنْدَكَ يَدٌ دُونِي فَاتَّقِ اللَّهَ يَا مُسَيَّبُ فَوَاللَّهِ لَا تَجِدُ فِي الدُّنْيَا بَعْدِي عِوَضًا مِنِّي

ذِكْرُ ضَرْبِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصٌ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ ضَرَبَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ عبد الرَّحْمَن ابْن أَبِي لَيْلَى وَأَقَامَهُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ قَالَ ضَرَبَهُ حَتَّى اسْوَدَّ مِنْ شِدَّةِ الضَّرْبِ وَقِيلَ لَهُ الْعَنِ الْكَذَّابَيْنِ قَالَ فَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى اللَّهُمَّ الْعَنِ الْكَذَّابَيْنِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالْمُخْتَار وَابْن الزُّبَيْرِ قَالَ الأَعْمَشُ فَقُلْتُ إِنَّهُ لَمَّا رُفِعَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلِمْتُ أَنَّهُ قَدْ عَارَضَ وَتَخَلَّصَ

قَالَ وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَضَّاحٍ أَنَّهُ قَالَ ضُرِبَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ وَلَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ ضَرْبِهِ

قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ تَمِيمٍ عَنِ ابْنِ فَرُّوخَ عَن الْأَعْمَش قَالَ رَأَيْت عبد الرَّحْمَن ابْن أَبِي لَيْلَى وَقَدْ ضَرَبَهُ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ وَأَوْقفهُ على الْبَاب بَاب الْمَسْجِد قَالَ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ لَهُ الْعَنِ الْكَذَّابِينَ فَيَقُولُ لَعَنَ اللَّهُ الْكَذَّابِينَ ثُمَّ يَسْكُتُ فَيَقُولُ عَلِيُّ ابْن أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ فَجَعَلْتُ أَعْرِفُ حِينَ يَسْكُتُ ثُمَّ ابْتَدَأَهُمْ أَنَّهُ لَا يُرِيدُهُمْ بِاللَّعْنِ وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ شَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الله ابْن إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُمَرَ بْنِ كَيْسَانَ الصَّنْعَانِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ حُبِسَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَبْنَاءِ أَلا أُنْشِدُكَ بَيْتًا مِنْ شِعْرٍ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ وَهْبٌ نَحْنُ فِي طَرَفٍ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ يَقُول اللَّه عز وَجل {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لرَبهم وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} قَالَ وَصَامَ وَهْبٌ ثَلاثًا مُوَاصَلَةً فَقِيلَ لَهُ مَا هَذَا الصَّوْمُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ أُحْدِثَ لَنَا فَأَحْدَثْنَا يَعْنِي أُحْدِثَ لَنَا السِّجْنُ فَأَحْدَثْنَا زِيَادَةَ عِبَادَةٍ

ذِكْرُ سَبَبِ ضَرْبِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَرَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ التَّمِيمِيِّ وَرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَهْلٍ وَأَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ وَعِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ سُحْنُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن وهب قَالَ وَحدثنَا مَالك أَن ابْن حَيَّانَ الْمُرِّيَّ كَانَ أَمِيرًا عَلَى الْمَدِينَةِ وَعَظَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَأَصْحَابُهُ نَفَرًا فِي شَيْءٍ بَلغهُمْ من أَمر الْحَمَامَاتِ وَكَانَ فِيهِمْ مَوْلًى لابْنِ حَيَّانَ فَرُفِعَ ذَلِكَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَأَصْحَابِهِ فَضَرَبَهُمْ لِمَا كَانَ مِنْ كَلامِهِمْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيِهِمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَقَالَ لَهُمْ تَتَكَلَّمُونَ دُونِي فِي مِثْلِ هَذَا قَالَ فَقُلْتُ لِمَالِكٍ وَضُرِبَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ قَالَ إِي وَاللَّهِ وَرَبِيعَةُ أَيْضًا وَكَانَ مِنْ أحد المنقبين ضرب وَحُلِقَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ وَلَكِنْ فِي شَيْءٍ غَيْرِ هَذَا وَضُرِبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ مِائَةً وَأُدْخِلَ فِي ثِيَابٍ مِنْ شَعَرٍ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ التَّمِيمِيُّ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ الْحَمَّامَ فَدَخَلَ عَلَيْنَا رَجُلٌ فَوَعَظْنَاهُ فَأَتَى الأَمِيرُ فَقَالَ إِنَّ فِي الْحمام قوم مِنَ الْخَوَارِجِ قَالَ فَبَعَثَ إِلَيْنَا فَضَرَبَنَا بِالسِّيَاطِ وَمَا سَأَلنَا عَن شَيْء

وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَمَّا ضُرِبَ وَحُلِقَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ عَتَبَ الأَمِيرُ عَلَى ضَارِبِهِ فَضَرَبَهُ الأَمِيرُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ وَأَقَامَهُ لِلنَّاسِ فَقِيلَ لِرَبِيعَةَ إِنَّ الأَمِيرَ قَدْ ضَرَبَ فُلانًا وَحَلَقَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ وَأَقَامَهُ لِلنَّاسِ فَقَالَ رَبِيعَةُ تَرَوْنَ مِنْ حَظِّنَا مِنْ ذَلِكَ النَّظَرَ إِلَيْهِ وَالشَّمَاتَةَ بِهِ إِنَّا نُؤَمِّلُ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ لَمَّا ضُرِبَ فَزِعَ لِضَرْبِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ فَقَالَ لَا عَلَيْكُمْ إِنَّهُ لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يُؤْذَى فِي هَذَا الأَمْرِ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ مَاتَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ وَضُرِبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنَكِدِر وَضُرِبَ رَبِيعَةُ وَحُلِقَتْ لحيته

ذِكْرُ مَا نَزَلَ بِحَسَنِ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنَ الْحَجَّاجِ[عدل]

قَالَ وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ قَالا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ قَالَ حَدثنِي أَبُو معشر قَالَ حَدثنَا عُثْمَان ابْن مَرْزُوقٍ الأَنْصَارِيُّ أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَأَرْسَلَ إِلَى حَسَنِ بْنِ حُسَيْنٍ فَقَالَ هَلُمَّ سَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعَهُ فَقَالَ لَا أفعل قَالَ فجَاء الْحجَّاج بِالسَّيْفِ والعصى وَالسَّوْطِ وَقَالَ وَاللَّهِ لأَضْرِبَنَّكَ بِهَذَا السَّوْطِ حَتَّى أقطعه عَلَيْك ولأضربنك بِهَذِهِ العصى حَتَّى أَكْسِرَهَا عَلَيْكَ وَلأَضْرِبَنَّكَ بِهَذَا السَّيْفِ حَتَّى تَتَرَدَّى فَقَالَ النَّاسُ أَبَا مُحَمَّدٍ لَا تُعَرِّضْ نَفْسَكَ لِهَذَا الْجَبَّارِ قَالَ فَجَاءَ حَسَنٌ بِسَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعَهُ فَوَضَعَهُمَا بَيْنَ يَدَيِ الْحَجَّاجِ فَأَرْسَلَ الْحَجَّاجُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ آلِ أَبِي رَافِعٍ فَقَالَ تَعْرِفُ سَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ فَخَلَطَهُ بِأَسْيَافٍ فَأَخْرَجَهُ لَهُ ثُمَّ جَاءَ بِالدِّرْعِ فَنَظَرَ فَقَالَ ابْنُ أَبِي رَافِعٍ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ آلِ أَبِي رَافِعٍ إِنَّهُ فِيهِ عَلامَةٌ كَانَتْ عَلَى الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ فَقُتِلَ وَهِيَ عَلَيْهِ طُعِنَ بِحَرْبَةٍ فَخَرَجَتِ الْحَرْبَةُ مِنَ الدِّرْعِ فَعَرَفْنَاهَا قَالَ فَوَجَدُوا الدِّرْعَ عَلَى مَا قَالَ فَقَالَ الْحَجَّاجُ حِينَ نَظَرَ إِلَى السَّيْفِ أَمَا وَاللَّهِ لَوْ جِئْتَنِي بِغَيْرِهِ لَضَرَبْتُ بِهِ رَأْسَكَ

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ قَالَ رَأَيْتُ حَسَنَ بْنَ حُسَيْنٍ وَاضِعًا سَرِيرَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى كَاهِلِهِ فَأَمَرَ بِهِ الْحَجَّاجُ فَأُخْرِجَ فَجَاءَ الْحَجَّاجُ يَقُومُ مَقَامَهُ فَلَمْ يَبْلُغْ فَتَجَافَى لَهُ الْحَرَسُ ثُمَّ جَاءَ حَسَنُ بْنُ حُسَيْنٍ حِينَ وُضِعَ فِي قَبْرِهِ فَدَخَلَ فَأَمَرَ بِهِ الْحَجَّاجُ فَأُخْرِجَ وَضُرِبَ فَجَاءَ الْحَجَّاجُ فَدَخَلَ

ذِكْرُ ضَرْبِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَاضِي الْمَدِينَةِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ مُحَمَّدِ بن سَحْنُون أَن عُثْمَان ابْن حَيَّانَ الْمُرِّيَّ حَمَلَ رَأْسَ يَزِيدَ بْنِ التَّيِّهَانِ فَخَرَجَ بِهِ حَتَّى قَدِمَ عَلَى يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَكَلَّمَهُ أَنْ يُقِيدَهُ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ فَإِنَّهُ ضَرَبَهُ حَدَّيْنِ فَقَالَ لَا أَفْعَلُ رَجُلٌ اصْطَنَعَهُ أَهْلُ بَيْتِي وَلَكِنْ أُوَلِّيكَ الْمَدِينَةَ قَالَ لَا أُرِيدُ ذَلِكَ لَوْ ضَربته بسلطاني لم يكن لي قَوَدٌ وَكَتَبَ يَزِيدُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ الْفِهْرِيِّ أَمَّا بَعْدُ فَانْظُرْ فِيمَا ضرب ابْن حزم ابْن حَيَّانَ فَإِنْ كَانَ ضَرْبُهُ فِي أَمْرٍ بَيِّنٍ فَلا تَلْتَفِتْ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ ضَرْبُهُ فِي ظُلْمٍ بَيِّنٍ فَأَقْدِهِ مِنْهُ فَقَدِمَ بِالْكِتَابِ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الضَّحَّاكِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ الضَّحَّاكِ مَا جِئْتَ بِشَيْءٍ ابْنُ حَزْمٍ يَضْرِبُكَ فِي شَيْءٍ يُخْتَلَفُ فِيهِ فَقَالَ عُثْمَانُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تُحْسِنَ أَحْسَنْتَ فَقَالَ الآنَ أَصَبْتَ الْمَطْلَبَ فَأَرْسَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِلَى ابْن حزم فَضَربهُ حَدَّيْنِ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ شَيْء

ذِكْرُ مَا نَزَلَ بِأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي حَمَاسُ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْعُتْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو الْمَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ هُرْمُزَ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَنْبَسَةَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى مَوْلاةٍ لَهُ فَقَالَ ابْنُ هُرْمُزَ يَا هَذَا إِنَّكَ وَاقِفٌ بِالطَّرِيقِ وَلَيْسَ هَذَا لَكَ فَقَالَ ابْنُ عَنْبَسَةَ هَذِهِ دَارِي وَهَذِهِ مَوْلاتِي وَهَؤُلاءِ حَشَمِي وَلَيْسَ يُنْكَرُ هَذَا عَلَى مِثْلِي فَقَالَ لَهُ إِنَّ هَذَا لَيْسَ لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ لِغِلْمَانِهِ طوا بَطْنَهُ قَالَ فَوَطِئُوا بَطْنَ الشَّيْخِ حَتَّى حُمِلَ إِلَى مَنْزِلِهِ قَالَ فَعَادَهُ النَّاسُ وَكَانَ فِيمَنْ عَادَهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَجَعَلَ يَشْكُو وَيَبْكِي وَجَعَلَ النَّاسُ يَدْعُونَ لَهُ

ذِكْرُ ضَرْبِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ وَذَكَرَهُ عَنِ ابْنِ دِينَارٍ وَمُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَمَّا دُعِيَ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ وَكَانَ عَلَى قَضَاءِ الْمَدِينَةِ إِلَى الْبَيْعَةِ أَبَى عَلَيْهِمْ قَالَ فَضُرِبَ خَمْسِينَ سَوْطًا

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ بَقِيٍّ عَنْ زَكَرِيَّا وَعَلِيٍّ وَمَخْلَدٍ وَحُسَيْنِ بْنِ يُونُسَ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ ضُرِبَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَلَى الْبَيْعَةِ كَمَا ضُرِبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فَأَبَى أَنْ يُبَايِعَ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ بَقِيٍّ عَنْ شُبَانَةَ قَالَ حَدثنَا أَيُّوبَ بْنُ عُتْبَةَ قَالَ دُعِيَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ إِلَى الْبَيْعَةِ فَقَالَ أُبَايِعُكُمْ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ فَأَبَوْا عَلَيْهِ وَقَالُوا إِنَّا ضَارِبُوكَ قَالَ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الْبَلْخِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَن عبد الرَّزَّاق قَالَ قَالَ معمر أُرِيدَ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ عَلَى الْبَيْعَةِ لِبَعْضِ بَنِي أُمَيَّةَ فَأَبَى فَضُرِبَ وَفُعِلَ بِهِ مِثْلُ مَا فُعِلَ بِابْنِ الْمُسَيِّبِ

وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ أَرَادوا يحيى ابْن أَبِي كَثِيرٍ عَلَى الْبَيْعَةِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ

ذِكْرُ ضَرْبِ قَتَادَةَ بْنِ دِعَامَةَ وَنَفْيِهِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ قَنْبَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ لَمَّا ضُرِبَ قَتَادَةُ وَسُيِّرَ قِيلَ لِلْحَسَنِ إِنَّ قَتَادَةَ قَدْ ضُرِبَ وَسُيِّرَ يَعْنِي نُفِيَ قَالَ فَأَمْسَكَ وَلَمْ يَرُدَّ شَيْئًا فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ قَالَ لَا عَلَيْكُمْ لَا يخلوا م من مِنْ مُنَافِقٍ يُؤْذِيهِ

ذِكْرُ ضَرْبِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ يَحْيَى الأَزْدِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ وَحَدَّثَنِي أَيْضًا سَعِيدُ بْنُ شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عبد الْملك عَن أَبِيه وبعضهما يَزِيدُ عَلَى بَعْضٍ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ هَيْجَاءَ هَاجَتْ بِالْمَدِينَةِ فِي زَمَانِ أَبِي جَعْفَرٍ فَبَعَثَ إِلَيْهَا أَبُو جَعْفَر ابْن عَمه جَعْفَر ابْن سُلَيْمَانَ الْعَبَّاسِيَّ لِيُسَكِّنَ هَيْجَاءَهَا وَيُجَدِّدَ بَيْعَةَ أَهْلِهَا فَقَدمهَا وهويتوقد عَلَى أَهْلِ الْخِلافِ لأَبِي جَعْفَرٍ فَأَظْهَرَ الْغِلْظَةَ وَالشِّدَّةَ وَسَطًا عَلَى كُلِّ مَنْ أَلْحَدَ فِي سُلْطَانِهِمْ وَأَخَذَ النَّاسُ بِالْبَيْعَةِ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ بِالْبَيْعَةِ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ أَهْلِ زَمَانِهِ وَلَمْ يَزَلْ صَغِيرًا وَكَبِيرًا مَحْسُودًا وَكَذَلِكَ مَنْ عَظُمَتْ نِعْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي عِلْمِهِ أَو عقله أونبله أَوْ وَرَعِهِ فَكَيْفَ بِمَنْ جَمَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذَلِكَ لَهُ فِيهِ وَلَمْ يَزَلْ مَالِكٌ مُنْذُ نَشَأَ يَسْلُبُ النَّبَاهَةَ وَالرِّئَاسَةَ مَنْ كَانَ قَدْ سَبَقَهُ إِلَيْهَا بِظُهُورِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسُمُوِّهَا بِهِ عَلَى كُلِّ سَامٍ قَبْلَهُ مِنْ أهل بَلَده فَاشْتَدَّ لذَلِك الْحَسَد لَهُ وألجأهم ذَلِكَ فِي الْبَغْيِ فَدَسُّوا إِلَى جَعْفَرٍ مَنْ قَالَ لَهُ إِنَّ مَالِكًا يُفْتِي النَّاسَ أَنَّ أَيْمَانَ الْبَيْعَةِ لَا تُلْزِمُهُمْ لِمُخَالَفَتِكَ وَاسْتِكْرَاهِكَ إِيَّاهُمْ عَلَيْهَا فَدَسَّ عَلَيْهِ جَعْفَرٌ بَعْضَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكٌ أَنْ يَخْشَى أَنْ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِهِ وَمَنْ مَأْمَنِهِ يُؤْتَى الْحَذِرُ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ سِرًّا فَأَفْتَاهُ بِذَلِكَ طَمَأْنِينَةً إِلَيْهِ وَحِسْبَةً مِنْهُ فَلَمْ يَنْشَبْ مَالِكٌ أَنْ جَاءَ فِيهِ رَسُولُ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ فَأُتِيَ بِهِ مُنْتَهَكَ الْحُرْمَةِ مُذَالَ الْهَيْبَةِ فَأَمَرَ بِهِ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ فَضَرَبَهُ سَبْعِينَ سَوْطًا فَلَمَّا سَكَنَ الْهَيْجُ وَتَمَّتِ الْبَيْعَةُ بَلَغَ أَبَا جَعْفَرٍ ضَرْبُ مَالِكٍ فَكَرِهَ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْضَهُ فَبَعَثَ إِلَى مَالِكٍ يَسْتَقْدِمُهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعِرَاقِ فَأَبَى مِنْ ذَلِكَ وَكَتَبَ إِلْيِه يَسْتِعْفِيهِ وَيَعْتَذِرُ بِبَعْضِ الْعُذْرِ ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ أَنْ وَافِنِي بِالْمَوْسِمِ فَإِنِّي حَاجٌّ الْعَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَحَجَّ مَالِكٌ ثُمَّ وَافَاهُ بِمِنًى أَيَّامَ مِنًى

قَالَ فَأَخْبَرَنِي مُطَرِّفٌ وَغَيْرُهُ قَالَ قَالَ لي مَالِكٌ لَمَّا وَقَفْتُ بِسُرَادِقَاتِهِ أَذِنْتُ بِنَفْسِي فَأَذِنَ لِي ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ آذِنُهُ فَأَدْخَلَنِي فَقُلْتُ لِلآذِنِ إِذَا انْتَهَيْتُ إِلَى الْقُبَّةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا فَأَعْلِمْنِي فَمَرَّ بِي مِنْ سُرَادِقٍ إِلى سُرَادِقٍ وَمِنْ قُبَّةٍ تُفْضِي إِلَى أُخْرَى فِي كُلِّهَا أَصْنَافٌ مِنَ الرِّجَالِ حَتَّى قَالَ لِي هُوَ فِي تِلْكَ الْقُبَّةِ فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ نَزَلَ عَنْ مَجْلِسِهِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ إِلَى الْبِسَاطِ الَّذِي دُونَهُ وَإِذَا هُوَ فِي ثِيَاب حصرة لَا تُشْبِهُ ثِيَابَ مِثْلِهِ تَوَاضُعًا لِدُخُولِي عَلَيْهِ وَلَيْسَ مَعَهُ إِلا قَائِمٌ بِسَيْفٍ صَلْتٍ فَقَرَّبَ وَرَحَّبَ وَقَالَ لِي هَهُنَا حَتَّى أَجْلَسَنِي إِلَيْهِ وَلَصِقَتْ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ ثُمَّ قَالَ أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ مَا أَمَرْتُ بِالَّذِي كَانَ وَلا رَضِيتُهُ وَإِنَّهُ بَلَغَنِي يَعْنِي الضَّرْبَ قَالَ مَالك فحمدت الله تَعَالَى على كل حَال ونزهته من ذَلِك والرضى بِهِ ثُمَّ فَاتَحَنِي فِيمَنْ مَضَى مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالسَّلَف فَوَجَدْتُهُ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالنَّاسِ ثُمَّ فَاتَحَنِي فِي الْعِلْمِ فَوَجَدْتُهُ عَالِمًا بِمَا اجْتُمِعَ عَلَيْهِ وَمَا اخْتُلِفَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ لِي ضَعْ هَذَا الْعِلْمَ وَدَوِّنْ بِهِ كُتُبًا وتجنب شَدَائِد عبد الله بن عَمْرو وَرخّص عبد الله بن عَبَّاسٍ وَشَوَاذَّ ابْنِ مَسْعُودٍ وَاقْصِدْ إِلَى أَوْسَطِ الأُمُورِ لِتَحْمِلَ النَّاسَ عَلَى كُتُبِكَ وَعِلْمِكَ قَالَ مَالِكٌ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ لَا يَرْضَوْنَ عِلْمَنَا وَلا يَحْتَمِلُونَ رَأْيَنَا قَالَ يُحْمَلُونَ عَلَيْهِ وَيُضْرَبُ هَامُهُمْ فِيهِ عَرْضَ الْحَائِطِ فَعَجِّلْ بذلك فسيأتيك ابْني الْمهْدي لقابل إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَلْيَجِدْكَ وَقَدْ فَرَغْتَ مِنْ ذَلِكَ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ بَقِيَّةُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ فَضَائِلِ مَالِكٍ الَّتِي أَلَّفْتُهَا تَرَكْتُ ذَلِكَ لأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ الْمَعْنَى الَّذِي أَلَّفْنَا لَهُ هَذَا الْكتاب

وحَدثني يحيى بن حمود أَن سحنونا أخْبرهُم أَن كَتِفي مَالك انخلعتا مِنَ الضَّرْبِ الَّذِي كَانَ ضُرِبَ

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ ضُرِبَ مَالِكٍ فَكَانَ يَتَّكِئُ عَلَى مَعْنِ بْنِ عِيسَى لأَنَّهُ انْخَلَعَتْ كَتِفَاهُ إِذْ ضُرِبَ وَكَانَ يُقَالُ لِمَعْنٍ عُصَيَّةُ مَالِكٍ لِطُولِ مُكْثِهِ مَعَهُ

وَحَدَّثَنِي فُرَاتُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ وَالْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ ابْن الْقَاسِمِ قَالَ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ أَيْمَانِ الْبَيْعَةِ فَقَالَ إِذَا أُكْرِهْتَ عَلَيْهَا وَتَخَوَّفْتَ إِنْ لَمْ تَحْلِفْ بِهَا أَنْ تُقْتَلَ أَوْ تُعَاقَبَ فَحَلَفْتَ فَلا شَيْءَ عَلَيْكَ فِيهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَقْد ضُرِبَ مَالِكٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِائَةَ سَوْطٍ دُسَّ إِلَيْهِ مَنْ سَأَلَهُ فَضُرِبَ مِائَةَ سَوْطٍ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنِ الرَّبِيعِ بن سُلَيْمَان الجندي عَن الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ وَحَدَّثَنَا أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ بسطَام عَن الرّبيع بن سُلَيْمَان الجندي عَنْ أَصْبَغَ وَأَبِي زَيْدٍ وَالْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ عَن ابْن الْقَاسِمِ مِثْلَهُ وَرُبَّمَا كَانَ فِي حَدِيثِ أَحَدِهِمَا زِيَادَةُ الْكَلِمَةِ أَوْ تَبْدِيلُهَا وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ دَاوُدَ يَعْنِي ابْنَ يَحْيَى عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ كِنَانَةَ فِي أَيِّ شَيْءٍ ضُرِبَ مَالِكٌ قَالَ فِي أَيْمَانِ السُّلْطَانِ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ فِي دَفْعِ الأَعْمَالِ عَلَى الصَّدَقاتِ

وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ شَعْبَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ مَالِكُ بْنُ عَلِيٍّ الْقُرَشِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي حَاتِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ كِنَانَةَ قَالَ لَمَّا قَدِمَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَدِينَةَ فَأُرْسِلَ فِيهِ فَاغْتَسَلَ مَالِكٌ وَظَنَّ أَنَّهُ الْقَتْلُ وَأَسْلَمَهُ يَوْمَئِذٍ جَمِيعُ أَصْحَابِهِ غَيْرِي فَإِنِّي صبرت مَعَه فَقَالَ لي يَا ابْن كِنَانَةَ انْصَرِفْ عَنِّي إِلَى بَيْتِكَ فَارْبَحِ الْعَافِيَةَ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا كُنْتُ لأُوثِرَ نَفْسِي عَلَيْكَ وَلا أَرْغَبَ بِهَا عَنْكَ أَرْضَى أَنْ يُصِيبَنِي مَا أَصَابَكَ قَالَ فَشَكَرَ ثُمَّ اتَّبَعْتُهُ فَدَخَلْنَا عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ فَاعْتَذَرَ إِلَى مَالِكٍ مِمَّا كَانَ وَلَمْ يرَاهُ خَيْرًا قَالَ فَمَا نَسِيَ لِي ذَلِكَ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنِي بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ لَمَّا ضُرِبَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ضَرَبَهُ وَالٍ كَانَ بِالْمَدِينَةِ لِجَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْهَاشِمِيِّ فَعَتَبَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَلَى وَالِيهِ الَّذِي ضَرَبَ مَالِكًا فِي بَعْضِ أُمُورِهِ فَضَرَبَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ فَقِيلَ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ إِنَّ جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ قَدْ ضَرَبَ فُلانًا وَحَلَقَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ وَأَقَامَهُ لِلنَّاسِ فَقَالَ مَالِكٌ وَمَا تُرِيدُونَ بِهِ أَتَرَوْنَ أَنَّ حَظَّنَا مِمَّا نَزَلَ بِهِ النَّظَرُ إِلَيْهِ وَالشَّمَاتَةَ بِهِ إِنَّا نُؤَمِّلُ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَنُؤَمِّلُ لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى أَيْضًا عَنْ نَقِيِّ بْنِ دِينَارٍ وَذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ وَلَمْ أَحْفَظْهُ قَالَ وَلَمَّا وَلِيَ فُلانُ الْمَدِينَةَ أَتَاهُ قَوْمٌ لَهُمْ أَنْسَابٌ وَشَرَفٌ فَقَالُوا لَهُ إِنَّ مَالِكًا يَقَعُ فِي أَئِمَّتِنَا وَيَضَعُ مِنَّا وَيَمِيلُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَإِلَى ابْنِهِ وَلا يَرَى أَنْ يُحَدِّثَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ حَدِيثًا قَالَ فَقَالَ لَهُم مَا تُرِيدُونَ قَالُوا نُرِيد أَن نضربه بِالسِّيَاطِ قَالَ إِنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ لَا يُقْدَمُ عَلَى مِثْلِهِ فَهَلْ عِنْدَكُمْ شَهَادَةٌ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ نَضْرِبُهُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَجِدُوا ذَلِكَ قَالَ فَأُتِيَ بِالْمُوَطَّإِ فَرَأَى فِي الْمُوَطَّإِ حَدِيثًا كَثِيرًا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ أَلَمْ تُحَدِّثُونِي أَنَّهُ لَا يُحَدِّثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ حَدِيثًا هَذَا مُوَطَّأُهُ يُكْثِرُ فِيهِ الْحَدِيثَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالُوا وَاللَّهِ مَا نَرْضَى مِنْك إِلَّا بضربه قَالَ فَعِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِمَّا يَكُونُ لِلسُّلْطَانِ مِنْهُ سَبَبٌ فَنَظَرُوا إِلَى حَدِيثِ ثَابِتٍ الأَحْنَفِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ وَلَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنُهُ غَائِبٌ قَالَ فَقَدِمَ فَأُخْبِرَ بذلك فأعد لَهُ سياطا وعبدين وَقيد مِنْ حَدِيدٍ وَقَالَ لَا أَبْرَحُ أَضْرِبُكَ حَتَّى تُطَلِّقَهَا فَقَالَ هِيَ الطَّلاقُ أَلْفًا قَالَ فَتَرَكَنِي قَالَ فَأُحْضِرَ مَالِكٌ فَقِيلَ لَهُ هَذَا حَدِيثُكَ قَالَ نَعَمْ وَتُفْتِي بِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَأَنْتَ لَا تَرَى بَيْعَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بَيْعَةً قَالَ لَهُ مَالِكٌ أَفَتَقُولُ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يُكْرِهُ النَّاسَ عَلَى بَيْعَتِهِ قَالَ فَضَرَبَهُ ضَرْبًا شَدِيدا أذهب ضبعه عَنْ يَمِينِهِ وَفَتَقَهُ فَكَانَتْ تَخْرُجُ مِنْهُ الرِّيحُ فَلَمْ يَشْهَدْ جُمْعَةً وَلا جَمَاعَةً سَبْعَ سِنِينَ

قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ مَا كَانَ يَوْمٌ ضُرِبْتُ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ شَعَرٍ فِي صَدْرِي وَكَانَ إزَارِي مخرقا قد بدى مِنْهُ فَخِذِي قَالَ فَجَعَلْتُ عَلَى نَفْسِي أَنِ اسْتَجْدِ الإِزَارَ وَلا أَدَعَ عَلَى شَعَرِهِ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ وَمُصْعَبٌ كَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مسن وَكَانَ يَقْدُمُ عَلَى الْعُمَرِيِّ فِي فَضْلِهِ وَصِدْقِهِ قَالَ فَقيل لَهُ أَلا تَعِظُ مَالِكًا فِي تَرْكِهِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ قَالَ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عبد الله نصيحة قَالَ ماهي وَمَا نَصِيحَتُكَ قَالَ هِيَ للَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَلا تغْضب قَالَ فَقَالَ يَا ابْن أَخِي وَمَا دَعَاكَ إِلَى أَنْ تُغْضِبَنِي قَالَ هِيَ نَصِيحَةٌ للَّهِ قَالَ هَلُمَّهَا قَالَ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عبد الله مَالك لَا تَشْهَدُ جُمُعَةً وَلا جَمَاعَةً وَقَدْ عَرَفْتَ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ وَالصَّلاةِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا بَالُكَ لَا تَعُودُ مَرْضَى إِخْوَانِكَ وَلا تَشْهَدْ جَنَائِزَهُمْ وَمَا بَالُكَ إِذَا دَعَاكَ السُّلْطَانُ أَسْرَعْتَ إِلَيْهِ قَالَ فَقَالَ لِي مَالِكٌ كَانَ عِنْدِي فِيكَ نَقْصٌ وَقَدْ تَبَيَّنَ لِي ذَلِكَ أَمَّا قَوْلُكَ لَا أَشْهَدُ جُمُعَةً وَلا جَمَاعَةً فَوَاللَّهِ مَا عَلَى الأَرْضِ مَوْضِعٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ بَلَغَنِي أَنَّ النَّاسَ يَتَأَذَّوْنَ بِي وَأَمَّا قَوْلُكَ إِنِّي لَا أَعُودُ مَرْضَى إِخْوَانِي فَقَدْ عَلِمَ الثِّقَاتُ مِنْ إِخْوَانِي مَا لَهُمْ عِنْدِي وَقَدْ عَلِمُوا أزماتي وَضَعْفِي وَعُذْرِي فَعَذَرُونِي وَأَمَّا سِوَاهُمْ مِنَ النَّاسِ فَلا أُبَالِي وَأَمَّا قَوْلُكَ إِذَا دَعَانِي السُّلْطَانُ أَسْرَعْتُ فَهَذَا مَا نَزَلَ بِظَهْرِي وَايْمُ اللَّهِ لَوْلَا أَنِّي أجيئهم إِذَا دُعِيتُ مَا رَأَيْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَلَدِ سُنَّةً تُذْكَرُ

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَرَوِيُّ قَالَ قِيلَ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ مَالِكًا لَا يرى أَيْمَان الْمُكْره شَيْئا فَأَخذه جَعْفَر بْن سُلَيْمَانَ فَجَرَّهُ حَتَّى خَلَعَ كَتِفَهُ وَضَرَبَهُ بِالسَّوْطِ فَنَالَ مِنْهُ أَمْرًا عَجِيبًا وَحُمِلَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ وَدَخَلَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَأَفَاقَ وَقَالَ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ ضَارِبِي فِي حِلٍّ قَالَ فَعُدْنَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَإِذَا هُوَ قَدْ تَمَاثَلَ فَقُلْنَا جَعَلْتَ أَمْسِ ضَارِبَكَ فِي حِلٍّ فَلِمَ فَعَلْتَ هَذَا وَقَدْ نَالَ مِنْكَ مَا قَدْ عَلِمْتَ قَالَ تَخَوَّفْتُ أَنْ أَمُوتَ أَمْسِ فَأَلْقَى النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلامُ فَأَسْتَحْيِيَ مِنْهُ أَنْ يَدْخُلَ بَعْضُ أَهْلِهِ النَّارِ فِي سَبَبِي فَكَانَ الَّذِي فَعَلْتُ لِهَذَا قَالَ فَمَا كَانَ إِلا مُدَّةً يَسِيرَةً حَتَّى غضب على ضاربه ونيل مِنْهُ أمرا شَدِيدا

ذِكْرُ ضَرْبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِسْطَامٍ الضَّبِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ وَثْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ نُوحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ عَنْ ضَمْرَةَ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ قَالَ تَزَوَّجَ ابْنُ سِيرِينَ عَرَبِيَّةً الْتِمَاسَ صِحَّةِ الْوِلادَةِ قَالَ وَفعل ذَلِك ابْن عون فَلم يحمل لَهُ الْعَرَب ذَلِك فَأَخَذَهُ بِلالُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ فَضَرَبَهُ قَالَ فَمَا سُمِعَ ابْنُ عَوْنٍ ذَاكِرًا بِلالا حَتَّى مَاتَ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ قَنْبَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا ضَرَبَ بِلالُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ أَتَاهُ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ وَذَلِكَ حِينَ صَلَحَ قَالَ فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَجَعَلَ يُعَانِقُهُ وَيُقَبِّلُهُ وَيَبْكِي قَالَ فَرفع يُونُس بن عبيد يَدَيْهِ لِيَدْعُوَ عَلَى بِلالٍ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عون مَه لَا تفعل لَا تَدْعُو عَلَيْهِ قَالَ قُرَيْشٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَّا مِنْ بَنِي سَدُوسٍ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِقَتَادَةَ قَالَ فَسَعَى بِهِ قَتَادَةُ إِلَى بِلالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ رَجُلٌ مِنَ الْعَجَمِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَّا مِنْ بَنِي سَدُوسٍ قَالَ فَقَالَ لَهُ فَمَا تَأمر فِيهِ يَا ابْن الْخَطَّابِ قَالَ تَضْرِبُهُ أَبَدًا قَالَ فَأُتِيَ بِابْنِ عون وَقَالَ بِلَال يَا ابْن عَوْنٍ أَتَزَوَّجْتَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي سَدُوسٍ قَالَ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مُسْلِمَةً وَأَنَا امْرُؤٌ مُسْلِمٌ قَالَ فَقَالَ بِلالٌ انْزِلْ عَنْهَا قَالَ لَا أَفْعَلُ فَقَالَ لَهُ بِلالٌ وَاللَّهِ لَا أَبْرَحُ أَضْرِبُكَ حَتَّى تُطَلِّقَهَا قَالَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَوْنٍ وَاللَّهِ لَا أَبْرَحُ أَصْبِرُ وَلا أُطَلِّقُهَا حَتَّى أَعْجِزَ قَالَ وَكَانَ ابْنُ عَوْنٍ رَجُلا نَحِيفًا لَا يَحْتَمِلُ السَّوْطَ قَالَ فَضَرَبَهُ عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ وَقَالَ بِلالٌ هُوَ مَا تَرَى قَالَ فَأَمَرَ بِهِ فَضرب عشرَة أسواط وَقَالَ بِلَال يَا ابْن عَوْنٍ هُوَ مَا تَرَى حَتَّى تُطَلِّقَهَا قَالَ هِيَ طَالِق قَالَ بل بَتَتَّهَا قَالَ وَيْلَكَ يَا بِلالُ أَوْ مَا بَتَتْهَا وَاحِدَةٌ قَالَ فَكَانَ بِلالٌ يَعْتَذِرُ فِي خَطَئِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَلا يَعْتَذِرُ عَنْ ضَرْبِهِ ابْنِ عَوْنٍ

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِنَّمَا كَانَت الْمُؤَاخَذَة بَينهمَا لأَنَّهَا كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْكُوفِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ قَالَ كَانَ بِلالُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ جَلَدَهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ تَزَوَّجَ عَرَبِيَّةً فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَجَلَدَهُ ظَالِمًا لَهُ قَالَ لَهُ طَلِّقْهَا ثَلاثًا قَالَ أُطَلِّقُهَا لِلسُّنَّةِ فَجَلَدَهُ عَلَى ذَلِكَ وَيُقَالُ إِنَّ قَتَادَةَ هُوَ الَّذِي وَشَى بِهِ وَلَمْ يُرَ ذَاكِرًا لِبِلالٍ بِشَرٍّ قَالَ وَكَانَ إِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ قَالَ مَوْعِدُهُ اللَّهُ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ يَقُولُ مَا وَصَفْتُ أَحَدًا إِلا وَجَدْتُهُ دُونَ صفته إِلَّا ابْن عون وحيوة بْنَ شُرَيْحٍ وَكَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَقُولُ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أُفَضِّلُهُ عَلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ مَا عدى ابْن عون

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ غَالِبُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنَ التَّعْلِيقِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الأَحْوَصِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ الْعُمَرِيِّ أَنَّ غَالِبَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ تَزَهَّدَ وَهُوَ شَابٌّ حَدَثٌ وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً قَالَ فَمَا رُؤِيَ غَالِبٌ مِنْ يَوْمِ تَزَهَّدَ إِلَى يَوْمِ وَفَاتِهِ إِلا فِي مَسْجِدٍ يُعَمِّرُهُ أَوْ بَيْتٍ يَسْتُرُهُ أَوْ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا حَتَّى اسْتُخْلِفَ بَعْضُ الْخُلَفَاءِ فَوَجَّهَ بَعْضَ عُمَّالِهِ إِلَى مَدِينَةِ غَالِبٍ وَكَانَ عَلَيْهِ تَعْدِيلُ إِبْرَاهِيمَ دَنَانِيرَ فِي جِنَانٍ كَانَ لَهُ فَقَالَ لَهُ يَا غَالِبُ إِنَّ عَلَيْكَ تَعْدِيلُ إِبْرَاهِيمَ دَرَاهِمَ قَالَ نَعَمْ قَالَ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤمنِينَ أَمرنِي أَن نَأْخُذ مِنْك أَرْبَعمِائَة دِرْهَمٍ فَقَالَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدِي وَلا أُعْطِيكَهُ قَالَ إِذًا أُعَلِّقُكَ قَالَ الأَمْرُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ إِلَيْكَ فَأَمَرَ بِهِ فَعُلِّقَ فَأَتَى الصَّرِيخُ إِلَى الْمَسْجِدِ بِأَنَّ غَالِبَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ قَدْ عُلِّقَ فِي تَعْدِيلِ أَرْبَعمِائَة دِرْهَمٍ قَالَ فَجَمَعُوا لَهُ وَدَفَعُوهَا إِلَيْهِ قَالَ فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ يَا غَالِبُ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ مَا أُخِّرَ عَنْكَ إِلا لأَمْرٍ يَا مَوْتُ خُذْنِي يَا مَوْتُ خُذْنِي فَمَا مَكَثَ بَعْدَ مَقَالَتِهِ إِلا ثَلاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حَتَّى توفّي

ذِكْرُ سَبَبِ ضَرْبِ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ الْيَحْصِبِيَّ ضَرَبَ عَطِيَّةَ بن قيس حِين رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الصَّلاةِ

قَالَ أَبُو زُرْعَةَ فَأَخْبَرَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ اسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَقَالَ عمر الَّذِي ضَرَبَ أَخَاهُ يَعْنِي عَطِيَّةَ بْنَ قَيْسٍ أَن كُنَّا لنؤدب عَلَيْهَا بِالْمَدِينَةِ

قَالَ عَطِيَّة فمصعني مصعات

قَالَ سعيد بن عبد الْعَزِيز مَا كَانَ أحد يطْمع أَن يفْتَتح الدُّنْيَا فِي مجْلِس عَطِيَّةَ بْنَ قَيْسٍ

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ قَالَ أَتَى رَجُلٌ مِنَ الْحَجَّاجِ إِلَى مَسْجِدِ مَكَّةَ فَنَامَ فَكَشَفَتِ الرِّيحُ الثَّوْبَ عَنْ بَطْنِهِ فَظَهَرَتْ مَنْطِقَتُهُ فَمَرَّ بِهِ أَصْحَابُهُ فَخَافُوا عَلَيْهِ فَنَزَعُوهَا عَنْهُ فانتبه الرجل فَإِذا مَنْطِقَتِهِ قَدْ حُلَّتْ فَنَظَرَ يَمِينًا وَشِمالا فَلَمْ يَرَ إِلا عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ قَائِمًا يُصَلِّي فَسَار إِلَيْهِ فَأخذ بتلابييه وَضَيَّقَ عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ فَعَلْتَ الَّذِي فَعَلْتَ بِي فَلَمَّا رَهِقْتُكَ قُمْتَ تُصَلِّي فَقَالَ لَهُ مَا بَالُكَ يَا هَذَا قَالَ منطقتي حللتها قَالَ وَكم فِيهَا قَالَ مِائَتي دِينَارٍ قَالَ لَهُ فَسَمِعَ بِهَذَا غَيْرُكَ قَالَ لَا قَالَ فَاذْهَبْ مَعِي حَتَّى أُعْطِيَكَ مَا ذَهَبَ لَكَ قَالَ فَذَهَبَ مَعَهُ فَعَدَّ لَهُ مِائَتَيْ دِينَارٍ فَذَهَبَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَر فَقَالُوا لَهُ ظَلَمْتَ وَاللَّهِ الرَّجُلَ كَانَ مِنْ قِصَّتِنَا كَيْتَ وَكَيْتَ ثُمَّ حَلَلْنَاهَا عَنْكَ خَوْفًا عَلْيَها وَهَا هِيَ هَذِهِ فَقَامُوا بِأَجْمَعِهِمْ يَقِفُوا الرَّجُلَ حَتَّى وَقَفُوا عَلَيْهِ فَسَأَلُوا عَنْهُ فَقِيلَ لَهُمْ هُوَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ فَقِيهُ أَهْلِ مَكَّةَ وَسَيِّدُهُمْ فَاعْتَذَرُوا إِلَيْهِ وَسَأَلُوهُ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي حِلٍّ وَيَقْبَلَ الدَّنَانِيرَ فَقَالَ لَهُمْ هَيْهَاتَ مَا كَانَتْ بِالَّتِي تَرْجِعُ إِلَيَّ اذْهَبْ فَأَنْتَ فِي حِلٍّ وَهِيَ لَكَ

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَحَدَّثَنِي فُرَاتُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو غَيْلانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ الْبَصْرِيُّ مِنْ وَلَدِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عِمْرَانَ الرَّازِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي شَيْخٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ أَرْسَلَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ إِلَى يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ فَأُتِيَ بِهِ مِنْ خُرَاسَانَ فِي الْحَدِيدِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ أَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ مِنْ ذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَتَأْتِيَنِّي بِآيَةٍ مِنْ كِتَابِ الله أَو لَأَضرِبَن عُنُقك وَلَا تَأتِينِي بِهَذِهِ الآيَةِ {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} قَالَ أَنَا آتِيكَ بِهَذِهِ الآيَةِ وَقَرَأَ {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كل من الصَّالِحين} قَالَ فَذَكَرَ اللَّهُ عِيسَى مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ بِأُمِّهِ فَكَذَلِكَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ مِنْ ذُرِّيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُمِّهِمَا

ذِكْرُ حَبْسِ الْيَمَانِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَصَالِحِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسِ بْنِ مُسْلِمٍ أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ حَبَسَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ قَالَ فَكَانَ الْحَجَّاجُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ أَتَاهُ فِي الْمَنَامِ آتٍ يَقُولُ لَهُ أَخْرِجِ الْيَمَانِيَّ كَذَلِكَ لَيْلَتَهُ كُلَّهَا حَتَّى الصَّبَاحِ فَلَمَّا أَصْبَحَ دَعَا بِهِ فَأَخْرَجَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ اذْهَبْ بِسَلامَةٍ ثُمَّ أَتَى الْيَمَانِيُّ إِلَى السِّجْنِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ يُوَدِّعُهُ فَقَالَ لَهُ ادْعُ اللَّهَ لِي فَقَالَ إِنْ أَطَعْتَهُ لَمْ يَعْصِكَ وَلَمْ يُخَالِفْكَ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ وَمَاتَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ فِي حَبْسِ الْحَجَّاجِ وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْدَ هَذَا لِمَ حُبِسَ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرُّعَيْنِيُّ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ زُرْعَةَ الْحَارِثِيُّ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ وَكَانَ مِنَ الْقُرَّاءِ أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ حَبَسَهُ فِي سِجْنِهِ وَكَانَ أَبُوهُ أَبُو صَالِحٍ قَدْ شَهِدَ صِفِّينَ وَهُوَ عَبْدٌ

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى عَنْ مَخْلَدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ قَالَ قَالَ مَالِكُ بْنُ الْمُنْذِرِ لِمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ يَا مُحَمَّدُ لَتَقْعُدَنَّ قَالَ مَا أَنا بفاعل قَالَ إِن فعلت وَإِلَّا جلدتك ثلثمِائة سَوْطٍ قَالَ إِنْ تَفْعَلْ فَإِنَّكَ مُسَلَّطٌ وَإِنَّ ذَلِيلَ الدُّنْيَا خَيْرٌ مِنْ ذَلِيلِ الآخِرَةِ

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي دَاوُدُ بن يحيى عَن عبيد الله بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ اسْتَقْبَلَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ رَجُلٌ مِنَ الْجُنْدِ فَرَآهُ أَشْعَثَ أَغْبَرَ فَتَعَلَّقَ بِهِ وَقَالَ أَنْتَ آبِقٌ فَكَتَّفَهُ وَذَهَبَ بِهِ فَلَمَّا أَدْخَلَهُ الدَّارَ إِذَا ثَمَّ مَنْ عَرِفَهُ فَقَالَ وَيحك مَا أردْت إِلَّا هَذَا هَذَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ فَذَكَرَ حَالَهُ وَفَضْلَهُ فَأُطْلِقَ عَنْهُ قَالَ ثُمَّ جَعَلَ يَسْتَحِلُّهُ وَيَطْلُبُ إِلَيْهِ قَالَ أَنْتَ فِي حِلٍّ إِنْ لَمْ تَعُدْ لِمِثْلِ هَذَا

وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَقَدْ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْكُوفِيِّ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ كَانَ رَجُلا من الْعَرَب

ذكر مَا امتحن بِهِ مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّةِ[عدل]

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ كَانَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ قَدْ أَخَافَ مُحَمَّدَ بن الْحَنَفِيَّةِ وَأَخَذَ فِي تَعَرُّضِهِ بِمَا يَكْرَهُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّةِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ للَّهِ تَعَالَى فِي كل يَوْم وَلَيْلَة ثَلَاثمِائَة لَحْظَةٍ وَسِتِّينَ لَحْظَةٍ يَلْحَظُهَا عِبَادَهُ فَأَرْجُو أَنْ يكفينيك فِي بعض لحظاته قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ فَقَالَ لِلْحَجَّاجِ أُعْطِي اللَّهَ عَهْدًا لإنْ تَعَرَّضْتَ مُحَمَّدَ بن الْحَنَفِيَّةِ بِمَا يَكْرَهُ لأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ فَمَا عَادَ الْحجَّاج إِلَى شَيْء يكرههُ مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّةِ بَعْدَهَا

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ قَرَأْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ عَبْدَ الله بن الزبير حبس مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّةِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَقَالَ لتبايعني فَأَبَوْا مِنْ بَيْعَتِهِ وَكَانَ السِّجْنُ الَّذِي حُبِسُوا فِيهِ يُدْعَى عَارِمٌ فَفِي ذَلِكَ يَقُولُ كُثَيِّرٌ

(تُخْبِرُ مَنْ لاقَيْتَ أَنَّكَ عَائِذٌ ... بَلِ الْعَائِذُ الْمَحْبُوسُ فِي حَبْسِ عَارِمِ)

(وَمَنْ يَلْقَ هَذَا الشَّيْخَ بِالْخِيفِ مِنْ مِنًى ... مِنَ النَّاسِ يَعْلَمْ أَنَّهُ غَيْرُ ظَالِمِ) (سمي النَّبِيّ الْمُصْطَفَى وَابْن عَمِّهِ ... وَفِكَاك أَغْلالٍ وقاضي مغارم) // الْبَحْر الطَّوِيل //

وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يُدْعَى الْعَائِذَ لأَنَّهُ عَاذَ بِالْبَيْتِ قَالَ فَوَجَّهَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ جَمَاعَةً تَسِيرُ اللَّيْلَ وَتَكْمُنُ النَّهَارَ حَتَّى كَسَرُوا سِجْنَ عَارِمٍ فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ بَنِي هَاشِمٍ ثُمَّ سَارُوا بِهِمْ إِلَى مَأْمَنِهِمْ

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الدَّغْشِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَالِهِ تَمِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْقُرَشِيِّ قَالَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى زِيَادٍ ابْعَثْ إِلَى خُطَبَاءِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَابْعَثْ إِلَيَّ بِصَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ فَقَدِمُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ قَدِمْتُمْ على إمامكم وَهُوَ جنَّة لكم وقدمتم أَرض المقدسة الْمَحْشَرِ وَالْمَنْشَرِ يُعْطِيكُمْ مَسْأَلَتَكُمْ وَلا يَتَعَاظَمُ فِي كَبِيرٍ وَلا يُحَقِّرُ لَكُمْ صَغِيرًا ثُمَّ قَالَ لَوْ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ وَلَدَ النَّاسَ لَكَانُوا أَكْيَاسًا ثُمَّ قَالَ يَا صَعْصَعَةُ قُمْ فَاخْطُبْ فَقَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ ذَكَرْتَ أَنَّا قَدِمْنَا عَلَى إِمَامِنَا وَهُوَ جُنَّةٌ لَنَا فَكَيْفَ بِالرَّعِيَّةِ إِذَا احْتَرَقَتِ الْجُنَّةُ وَذَكَرْتَ أَنَّا قَدِمْنَا أَرْضَ الْمُقَدَّسَةِ وَأَنَّ الأَرْضَ لَا تُقَدِّسُ الْعِبَادَ وَإِنَّمَا تُقَدِّسُهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَذَكَرْتَ أَنَّا قَدِمْنَا أَرْضَ الْمَحْشَرِ وَالْمَنْشَرِ أَلا وَإِنَّ الْمَحَشْرَ وَالْمَنْشَرَ لَا يَضُرُّ بُعْدُهُمَا مُؤْمِنًا وَلا يَنْفَعُ قربهما كَافِر وَذَكَرْتَ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ لَوْ وَلَدَ النَّاسَ لكانوا أكياسا فقد ولدهم من هُوَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ آدَمُ فَوَلَدَ الأَحْمَقَ وَالْكَيِّسَ قَالَ اسْكُتْ لَا أَرْضَ لَكَ قَالَ عَلَى الأَرْضِ وُلِدْتُ قَالَ اسْكُتْ لَا أُمَّ لَكَ قَالَ الأُمُّ وَلَدَتْنِي قَالَ اسْكُتْ لَا أَبَ لَكَ قَالَ الأَبُ وَلَدَنِي قَالَ أَمَا وَاللَّهِ لأَحْرِمَنَّكَ عَطَاءَكَ قَالَ إِنَّ رَازِقِي حَيٌّ لَا يَمُوتُ قَالَ أَمَا وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّكَ ثُمَّ لأُكَفِّنَنَّكَ قَالَ مَا يَحِلُّ لَكَ إِنْ كُنْتَ مُسْلِمًا أَنْ تَقْتُلَنِي وَلا يَحِلُّ لَكَ إِنْ كُنْتَ كَافِرًا أَنْ تُكَفِّنَّنِي قَالَ انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى الْعِرَاقِ فَأَمَرُوهُ أَنْ يَلْعَنَ عَلِيًّا وَإِلا فَافْعَلُوا بِهِ كَذَا قَالَ فَلَمَّا قَدِمَ بِهِ الْعِرَاقَ وَجَمَعَ لَهُ النَّاسَ صَعِدَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي أَتَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ رَجُلٍ قَدَّمَ خَيْرَهُ وَأَخَّرَ شَرَّهُ أَمَرَنِي أَنْ أَلْعَنَ عَلِيًّا فَالْعَنُوهُ لَعَنَهُ اللَّهُ قَالَ فَقِيلَ لَهُمْ مَا سَبَّ غَيْرَكُمْ فَقِيلَ لَهُ اصْعَدِ الْمِنْبَر الثَّانِيَة فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُمْ قَدْ أَبَوْا عَلَيَّ أَلا لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ اللَّهَ وَلَعَنَ عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه وَرَضي عَنهُ فَسُكِّرَتْ دَارُهُ وَمُنِعَ عَطَاؤُهُ فَجُمِعَ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا فَاشْتَكَى صَعْصَعَةُ فَأَوْصَى أَنْ يُرَدَّ إِلَى كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقُّهُ

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَزِينٍ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الدَّغْشِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ الْبَصْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ رَزِينٍ الْغَافِقِيُّ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَكَانَ مَعَهُ وَكَانَ فِي مِائَتِيْ دِينَارٍ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ وَهُوَ أَمِيرُ مِصْرَ سُبَّ عَلِيًّا فَسَبَّهُ ثُمَّ قَالَ تَبَرَّأَ مِنْهُ فَقَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ أَمَا إِنَّكُمْ سَتُدْعَوْنَ إِلَى سبي فاحفظوا دماءكم بسبي وسترادون عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنِّي وَإِنِّي عَلَى الإِسْلامِ قَالَ قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فَحَطَّهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ إِلَى أَرْبَعِينَ دِينَارًا وَكَانَ ابْنُ رَزِينٍ إِذَا خَرَجَ عطاؤه المائتي دِينَارٍ جَعَلَ ثُلُثًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَثُلُثًا لِنَفَقَاتِهِ فِي سَبِيلِ الْخَيْرِ وَثُلُثًا فِي نَفَقَةِ أَهْلِهِ فَلَمَّا حَطَّهُ إِلَى أَرْبَعِينَ قَالَ قَدْ رَضِيتُ بِنِصْفِ دِينَارٍ وَلا أَرْضَى بِأَرْبَعِينَ

ذِكْرُ مَا تُهُدِّدَ بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُحْنُونٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ مَرَّ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَجُرُّ شَمْلَةً فَقَالَ لَهُ يَا ابْن أَخِي إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلاءِ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ لَهُ الْفَتَى قَدْ سَمِعْنَا مَا تَقُولُ ثُمَّ مَرَّ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَالَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ قَدْ سَمِعْتُ مَا تَقُولُ وَلَئِنْ عُدْتَ الثَّالِثَةَ لأَحْمِلَنَّكَ عَلَى عُنُقِي ثُمَّ لأَنْكُتَنَّ بِكَ الأَرْضَ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَا أَعُودُ

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ يَعْنِي ابْنَ عَمَّارٍ عَنْ عَمْرٍو الْحَنَفِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ عَمٍّ لِي قَالَ غَزَا أبي وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا غَزَا مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْحَنَفِيُّ الْمَدِينَةَ وَأَنَا مَعَهُ مَرَرْنَا عَلَى وَادٍ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهِ أُبَايِعُهُ فَقُلْتُ لَهُ أَرَأَيْتَ إِنْ أَبَى قَالَ ائْتِنِي بِرَأْسِهِ قَالَ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ أَجِبِ الأَمِيرَ قَالَ وَمَنِ الأَمِيرُ قُلْتُ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ فَقَالَ لِي بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي هَذِهِ فَمَا نَكَثْتُ وَلا بَدَّلْتُ وَأَبَى أَنْ يَجِيءَ قَالَ فَاخْتَرَطْتُ سَيْفِي وَقُلْتُ لَئِنْ لَمْ تَأْتِهِ لأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ فَقَالَ هَا فَوَصَفَ ذَلِكَ عِكْرِمَةُ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى وَمَدَّ عُنُقَهُ فَقَالَ اضْرِبْ فَقُلْتُ لَهُ وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى هَذَا فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مُحَمَّدُ بْنَ مَسْلَمَةَ إِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ يُبَايِعُونَ لأَمِيرَيْنِ مِنْ أُمَّتِي فَخُذْ سَيْفَكَ هَذَا فَاضْرِبْ بِهِ حَيْثُ دَنَا حَتَّى تَأْتِيك يَد خاطية أَوْ مَوْتَةٌ قَاضِيَةٌ فَغَمَّدْتُ سَيْفِي وَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَكَ قَالَ نَعَمْ فَأَتَيْتُ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ فَقُلْتُ لَهُ وَجَدْتُهُ شَيْخًا كَبِيرًا وَقَدْ بَايَعَكَ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ مُسْلِمٌ هَذَا يُقَالُ لَهُ مُسْرِفُ بْنُ عُقْبَةَ وَجَّهَهُ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَأَبَاحَ عَدُوُّ اللَّهِ مَدِينَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَتَلَ بِهَا جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُم عبد الله بن يزِيد الْمَازِنِيُّ وَمَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الأَشْجَعِيُّ

ذِكْرُ حَبْسِ فُقَهَاءِ مَكَّةَ لَمَّا حَبَسَهُمْ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ لَعَنَهُ اللَّهُ لَعْنًا كَثِيرًا[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الأَنْدَلُسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَنَّ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيَّ أَمَرَ بِفُقَهَاءِ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يُلْقُوا فِي السجْن عَطاء وَعَمْرو بن دِينَار وطلق بن حبيب وصهيب مَوْلَى ابْنِ عَامِرٍ فَكُلِّمَ فِي عَطَاءٍ أَنْ يَخْرُجَ فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ أَنْ يُفْتِيَ النَّاسَ فَلَمَّا رَآهُ أَهْلُ مَكَّةَ كَبَّرُوا وَكَلَّمَ فِيهِمْ فَأُخْرِجُوا فَلَمَّا سَمِعَ وَقْعَ الْحَدِيدِ قَالَ مَا هَذَا قِيلَ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَمَرْتَ بِهِمْ أَنْ يخرجُوا

ذِكْرُ سَبَبِ حَبْسِ جُنْدُبِ بْنِ زُهَيْرٍ الأَزْدِيِّ وَيُقَالُ لَهُ جُنْدُبُ الْخَيْرِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ قَالَ مُحَمَّدٌ بَلَغَنِي عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ قَاضِي أَهْلِ بَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عِمْرَانَ أَنَّ سَاحِرًا كَانَ عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ فَجَعَلَ يَدْخُلُ فِي بَقَرَةٍ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا فَرَآهُ جُنْدُبٌ فَذَهَبَ إِلَى بَيْتِهِ فَالْتَفَعَ عَلَى سَيْفِهِ ثُمَّ جَاءَ فَلَمَّا دَخَلَ السَّاحِرُ جَوْفَ الْبَقَرَةِ ضَرَبَهَا وَقَالَ {أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تبصرون} فَانْذَعَرَ النَّاسُ وَتَفَرَّقُوا وَقَالُوا حَرُورِيٌّ فَسَجَنَهُ الْوَلِيدُ وَكتب بذلك إِلَى عُثْمَان بن عَفَّان وَكَانَ يفتح لَهُ بِاللَّيْلِ إِلَى أَهْلِهِ فَإِذَا أَصْبَحَ رَجَعَ إِلَى السجْن قَالَ يرَوْنَ أَن جُنْدُبٍ صَاحِبَ الضَّرْبَةِ وَالأَقْطَعَ زَيْدَ بْنَ صُوحَانَ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُوِيَ عَنْهُ أَنه قَالَ جُنْدُب وَمَا جُنْدُب والأقطع الْخَيْر زيد فَسُئِلَ عَنْ جُنْدُبٍ فَقَالَ أَمَّا جُنْدُبٌ فَرَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي يَضْرِبُ ضَرْبَةً يُبْعَثُ بِهَا أُمَّةً وَحده يَوْم الْقِيَامَةِ وَأَمَّا الأَقْطَعُ فَرَجُلٌ تُقْطَعُ يَدَهُ فَتَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَبْلَ جَسَدِهِ بِبُرْهَةٍ مِنَ الدَّهْرِ فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الأَقْطَعَ هُوَ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ قُطِعَتْ يَدُهُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ وَقُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ مَعَ عَلِيٍّ وَأَمَّا جُنْدُبٌ فَهُوَ الَّذِي قَتَلَ السَّاحر

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ الْوَلِيدِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَصْبَغَ قَالَ أَخْبَرَنِي عَاصِمُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَيَّامَ الْوَلِيدِ فَقَالَ يَا أَبَا حَفْصٍ أَلا تُعَلِّمُ الْوَلِيدَ وَتَعِظُهُ قَالَ إِنِّي لَا أَقْدِرُ قَالَ فَاسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ فَلَمَّا دَخَلَ عُمَرُ عَلَى الْوَلِيدِ قَالَ إِنَّ بِالْبَابِ رَجُلا يُرِيدُ أَنْ يُكَلِّمَكَ فَقَالَ لِحَاجِبِهِ ائْذَنْ لَهُ فَلَمَّا دَخَلَ كَلَّمَهُ وَوَعَظَهُ وَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ تُؤَخِّرُ الصَّلاةَ عَنْ وَقْتِهَا وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ فَقَالَ الْوَلِيدُ إِنَّكَ لَصَادِقٌ فِيمَا قُلْتَ وَلَكِنْ هَذَا وَاللَّهِ مقَام لَا يقومه أحد بعْدك يَا ابْن رَيَّانَ اضْرِبْ عُنُقَهُ فَلَمَّا مَرَّ بِهِ ابْنُ رَيَّانَ دَعَاهُ الْوَلِيدُ فَقَالَ إِنِّي لأَظُنُّكَ أَنَّكَ لم تجتر عَلَى هَذَا الأَمْرِ إِلا وَقَدْ كَانَ مَعَكَ غَيْرُكَ فَلَعَلَّ هَذَا مِنْهُمْ يُرِيدُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ لَا وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا كَانَ مَعِي عُمَرُ وَلا غَيْرُهُ قَالَ ابْنُ رَيَّانَ فَلَمَّا سَمِعْتُ الْوَلِيدَ يَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ فِي عُمَرَ سَلَلْتُ من سَيفي قدر أَرْبَعَة أَصَابِعَ فَقُلْتُ تَأْمُرُنِي فَأَضْرِبُ عُنُقَ عُمَرَ ثُمَّ أَقْبَلَ الْوَلِيدُ عَلَى الرَّجُلِ وَقَالَ اخْتَرْ أَيَّ قِتْلَةٍ إِنْ شِئْتَ أَقْتُلُكَ بِهَا فَقَالَ الرَّجُلُ بَلِ اخْتَرْ أَنْتَ أَيَّ قِتْلَةٍ تَقْتُلُنِي بِهَا فَإِنِّي قَاتِلُكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَغَضِبَ الْوَلِيد وَقَالَ يَا ابْن رَيَّان عَليّ بِكَذَا وَكَذَا فَإِنِّي بِهِمْ فَفَصَلُوهُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَجَلَسْتُ أَسْتَرِقُ النَّظَرَ إِلَى السَّقْفِ مَخَافَةَ الْعُقُوبَةِ أَنْ تَغْشَانَا مِنَ السَّمَاءِ حِينَ قَتَلَهُ ثُمَّ أَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَانْصَرَفْتُ وَاتَّبَعَنِي ابْنُ رَيَّانَ فَقَالَ يَا أَبَا حَفْصٍ الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي صَرَفَ عَنْكَ شَرَّ هَذَا الرَّجُلِ فَقُلْتُ لِابْنِ رَيَّان وَمَا ذَاك فَقَالَ أَو لم ترني سللت من سَيْفِي قَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ لَعَلَّهُ يَغْمِزُنِي فَقَالَ لَهُ عمر وَكنت فَاعِلا يَا ابْن رَيَّانَ قَالَ إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ أَرْسَلَ إِلَيَّ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَاطِبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَأَجْلَسَنِي بَيْنَ يَدَيْهِ مَجْلِسَ الْخَصْمِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ إِلا ابْنَ الرَّيَّانِ قَائِمًا بِسَيْفِهِ فَقَالَ كَيْفَ تَرَى فِيمَنْ سَبَّ الْخُلَفَاءَ أَتَرَى أَنْ يُقْتَلَ فَسَكَتُّ فَانْتَهَرَنِي قَالَ مَا لَك لَا تَتَكَلَّم قلت أفتك يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ لَا وَلَكِنَّهُ سَبَّ الْخُلَفَاءَ قلت فَإِنِّي أرى أَن ينكل بِهِ بِمَا انْتَهَكَ مِنْ حُرْمَةِ الْخُلَفَاءِ قَالَ فَرَفَعَ الْوَلِيدُ رَأْسَهُ إِلَى ابْنِ رَيَّانَ وَمَا أَظُنُّ إِلا أَنَّهُ يَقُولُ اضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَالَ إِنَّهُ مِنْهُمْ ثُمَّ حَوَّلَ وَرِكَهُ وَدَخَلَ إِلَى أَهْلِهِ وَقَالَ لِي ابْنُ رَيَّانَ بِيَدِهِ انْقَلِبْ فَانْقَلَبْتُ وَمَا تَهِبُّ رِيحٌ وَرَائِي إِلا وَأَنَا أَرَى أَنَّهَا تَرُدُّنِي إِلَيْهِ

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ أَبُو ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ يَعْنِي الْكُوفِيَّ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو كَعْب صَاحب الْحَرِير الأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَصْفَرِ قَطَرِيٌّ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ ثُمَّ أَتَيْتُ الشَّامَ فَجَمَّعْتُ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ لَا يَنْتَهِي إِلَى سَارِيَةٍ إِلا فَرَّ أَهْلُهَا يُصَلِّي وَيُخِفُّ صَلاتَهُ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ يَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَبُو ذَرٍّ قَالَ فَقَالَ لِي مَنْ أَنْتَ قَالَ قُلْتُ أَنَا الأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ فَسِرْ عَنِّي لَا أعدك بشر فَقلت لَهُ كَيفَ تعدني بِشَرٍّ فَقَالَ إِنَّ هَذَا يَعْنِي مُعَاوِيَةَ يُنَادِي مُنَادِيهِ أَنْ لَا يُجَالِسَنِي أَحَدٌ

ذِكْرُ حَبْسِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الدَّغْشِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ قَطَرِيٍّ الْخَشَّابِ قَالَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ كُنْتُ فِي سِجْنِ عَلِيٍّ زَمَانَ الْبَصْرَةِ حَتَّى نَادَى رَجُلٌ أَيْنَ مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ قَالَ فَاسْتَرْجَعْتُ وَاسْتَرْجَعَ أَهْلُ الْحَبْسِ وَقَالُوا يَقْتُلُكَ فَأَخْرَجَنِي إِلَيْهِ فَانْطَلَقَ بِي إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ يَا مُوسَى قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ قُلِ اسْتَغْفَرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ قَالَ انْطَلِقْ إِلَى عَسْكَرِنَا هَذَا فَمَا وَجَدْتَ فِيهِ مِنْ سِلاحٍ أَوْ كَرَاعٍ فَخُذْهُ وَاتَّقِ اللَّهَ وَاجْلِسْ فِي بَيْتِكَ

ذكر مَا امتحن بِهِ طَاوُوس بْنُ كَيْسَانَ الْيَمَانِيُّ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ السَّرِيِّ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جريح قَالَ لَمَّا وَلِيَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْيَمَنَ قَالَ مَنْ أَفْضَلُ مَنْ بِهَا عِنْدَكُمْ قَالُوا طَاوُوس بْنُ كَيْسَانَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْتَعْمِلَكَ عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ الَّتِي تُجْبَى قَالَ مَا أَدْخُلُ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ قَالَ فَأَخْرِجُوا عَهْدَهُ إِلَى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ فَإِنْ قَبِلَهُ وَإِلا فَلْيَجْلِدْهُ مِائَةَ سَوْطٍ وَيَحْلِقْ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ وَيَحْمِلْهُ فِي مَحْمَلٍ لَيْسَ تَحْتَهُ وِطَاءٌ حَتَّى يُجَاوِزَ بِهِ الْعَمَلَ كُلَّهُ قَالَ إفعل مَا بدى لَكَ فَلَمَّا أُخْرِجَ إِلَى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ أَتَى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ إِخْوَانِهِ فَقَالُوا لَهُ مَا الَّذِي تصنع فوَاللَّه لَئِن ضربك فَمِتَّ مِنَ الضَّرْبِ لَا يُصَلِّي عَلَيْكَ مِنَّا أحد وَمَا دعَاك إِلَّا إِلَى خير فَقَالَ أما إِذْ رَأَيْتُمْ لي فِي ذَلِكَ فَقَدْ قَبِلْتُ فَقَبَضَ عَلَى عَهْدِهِ وَخَرَجَ فَكَان فِيمَا كَانَ فِيهِ ثُمَّ قَدِمَ فَقَالَ ابْنُ يُوسُفَ أَيْنَ جِبَايَتُكَ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ وَصَلَ إِلَيْكَ مَالٌ عَظِيمٌ قَالَ ذَهَبَ فِي وُجُوهِهِ قَالَ وَمَنْ أَمَرَكَ بِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ وَرَسُوله قَالَ كم بَقِي مَعَك قَالَ ثَلَاثِينَ دِينَارًا لَمْ أَجِدْ لَهَا مَوْضِعًا أَرْضَاهُ فَقَالَ ابْنُ يُوسُفَ لَئِنْ لَمْ تُحْضِرْنِي بِالْمَالِ كُلِّهِ غُدْوَةً لأَرَفْعَنَّ خَشَبَتَكَ فَخَرَجَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ دَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ مَاذَا أَحْضَرْتَ مِنَ الْمَالِ قَالَ قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّ الْمَالَ ذَهَبَ فِي وُجُوهِهِ قَالَ وَكَمْ ذَكَرْتَ أَنَّهُ بَقِيَ مَعَكَ قَالَ ثَلاثُونَ دِينَارًا لَمْ أَجِدْ لَهَا مَوْضِعًا أَرْضَاهُ فَأُنْفِذَهَا فِيهِ فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ ثُمَّ عَاوَدَهُ وَكَانَ مِنْ آثَرِ النَّاسِ عِنْدَهُ

وَبَلَغَنِي عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بعث طَاوُوس على الصَّدَقَة قَالَ وَكَانَ طَاوُوس يَأْتِي إِلَى أَهْلَ الأَمْوَالِ فَيَقُولُ لَهُمْ تَصَدَّقُوا مِمَّا آتَاكُمُ اللَّهُ فَإِذَا أَخَذَ الصَّدَقَةَ قَالَ هَلْ فِيكُمْ فَقِيرٌ فَإِذَا قَالُوا نَعَمْ قَسَمَهَا بَيْنَهُمْ قَالَ فَرَجَعَ وَلَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ فَقِيلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ يُوسُف أَن طَاوُوس لَمْ يُورِدْ مِنَ الصَّدَقَةِ شَيْئًا فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ أَخَذْتُهَا مِنَ الأَغْنِيَاءِ وَوَضَعْتُهَا فِي الْفُقَرَاءِ فَحَبَسَهُ فِي الْحَبْسِ وَكَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ بِخَبَرِهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ أَخْرِجْهُ مِنَ السِّجْنِ وَارْجِعْ إِلَى أَهْلِ الصَّدَقَةِ فَخُذْهَا مِنْهُمْ

ذِكْرُ ضَرْبِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ[عدل]

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ كَانَ صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ قَدْ كَفَّ بَصَرُهُ فِي آخِرِ زَمَانِهِ فَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي السُّوقِ يُقَادُ إِذْ دَخَلَ بِلالُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فَسمع فِي الطَّرِيقَ وَالْجَلاوِزَة بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ مَا هَذَا فَقيل لَهُ بِلَال فَقَالَ سحايب صَيْفٍ عَنْ قَرِيبٍ تُقْشَعُ فَسَمِعَهُ بِلالٌ فَقَالَ وَاللَّهِ لأُذِيقَنَّكَ مِنْ بَرْدِهَا شُؤْبُوبًا فَلَمَّا نَزَلَ بَعَثَ فِي طَلَبِهِ فَضَرَبَهُ بِالسِّيَاطِ

وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ لَوْ قِيلَ لِصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ غَدًا يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَا قَدَرَ عَلَى أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْعِبَادَةِ شَيْئًا

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ مَرْوَانُ أَبُو عِيسَى وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ[عدل]

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ إِدْرِيسَ قَالَ كَانَ نَصْرُ بْنُ حَرْبٍ وَالِيَ جَيْشٍ كَانَ بَعَثَهُ أَبُو جَعْفَرٍ فَحَبَسَ مَرْوَانُ أَبَا عِيسَى فِي الْحَبْس فَلم يجتريء أَحَدٌ عَلَى كَلامِهِ لَا اللَّيْثُ وَلا غَيْرُهُ قَالَ فَجَاءَ سُلَيْمَانُ الأَفْطَسُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ فَهَمَّ بِهِ أَعْوَانُهُ فَقَالَ يَا هَذَا كُفَّ عَنَّا سُفَهَاءَكَ قَالَ فَقَالَ دَعُوهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ إِنَّ مَرْوَانَ أَبَا عِيسَى لَيْسَ مِنْ بغيتك وَقد حَبسته فَقَالَ لَهُ إِن عَليّ أَيْمَان لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ إِذَا دَخَلَ السُّوقَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَمِنْ يَمِينٍ فَاجِرَةٍ أَوْ صَفْقَةٍ خَاسِرَةٍ يَا أَهْلَ السُّوقِ بِيعُوا وَلا تَحْلِفُوا قَالَ فَأَمَرَ بِتَخْلِيَةَ مَرْوَانَ

ذِكْرُ حَبْسِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بن الْوَلِيدِ[عدل]

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ حَمَلْتُ أَنَا وَابْنُ أَبِي عُبَيْدٍ إِلَى الْعِرَاقِ فَأُدْخِلْتُ الْحَبْسَ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ أَلا تَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُخْرِجَنَا قَالَ أَنَا بِعَيْنِ اللَّهِ قَالَ فَقُلْتُ وَأَنَا بِعَيْنِ اللَّهِ فَقَالَ لَوْ صَحَّ فِي ضَمِيرِكَ تَحْقِيقُ الْعِلْمِ أَنَّكَ بِعَيْنِهِ إِذَا مَا سَأَلْتَهُ فَمَنْ يُزِيلُكَ عَمَّا اخْتَارَهُ لَكَ وَقَضَى بِهِ عَلَيْكَ

ذكر مَا امتحن بِهِ رَبَاح بْنُ يَزِيدَ اللَّخْمِيُّ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو السِّرّ بن وَاصل الزَّاهِد قَالَ بَينا رَبَاح بْنُ يَزِيدَ عَلَى أَتَانِهِ فِي سَفَرٍ إِذْ غَشِيَتُهُ السَّلابَةُ وَهُوَ يَسِيرُ فَأَخَذُوا الأَتَانَ مِنْهُ وَنَزَعُوا ثِيَابَهُ وَلَمْ يَتْرُكُوا عَلَيْهِ إِلا ثَوْبًا وَاحِدًا ثمَّ ذَهَبُوا عَنهُ فَمَال رَبَاح إِلَى مَوْضِعٍ فَأَحْرَمَ بِتَكْبِيرَةٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الصَّلاةِ فَبَيْنَمَا هُوَ يُصَلِّي إِذْ أَظْلَمَتِ السَّمَاءُ فَلم تدر السلابة أَيْن يتجهوا فَلَمَّا طول قَالُوا لَهُ أحسن صَوْتك يَا عَبْدَ اللَّهِ فَقَدْ تَرَى مَا نَزَلَ بِنَا وَمَا نَحْنُ فِيهِ وَلا نَحْسَبُ ذَلِكَ إِلا مِنْ أَجْلِكَ قَالَ فَسَلَّمَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ مَا تُرِيدُونَ مِنِّي نَزَعْتُمْ ثِيَابِي وَأَخَذْتُمْ حِمَارِي قَالَ فَرَدُّوا عَلَيْهِ ثِيَابَهُ وَدَابَّتَهُ فَانْجَلَتْ عَنْهُمُ الظُّلْمَةُ فَرَغِبُوا عِنْدَ ذَلِكَ إِلَيْهِ لِيُخْبِرَهُمْ مَنْ هُوَ وَأَقْسَمُوا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ أَنا رَبَاح بن يزِيد

ذِكْرُ حَبْسِ عَمْرِو بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ قَالا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ بَعْضِ مَشْيَخَتِهِ أَنَّ عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ بَعَثَ جَيْشًا إِلَى مَكَّةَ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَمْرَو بْنَ الزُّبَيْرِ أَخَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَهُزِمَ عَمْرُو بْنُ الزُّبَيْرِ وَأَسَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَخُوهُ وَحَبَسَهُ فِي السِّجْنِ عِنْدَهُ

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ لَمَّا أُلْقِيَ فِي النَّارِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ سُحْنُونٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي وَحْشَةَ قَالَ أَخَذَ مَلِكُ الْيَمَنِ رَجُلا مِنَ الْيَمَنِ فَأَرَادَهُ عَلَى الْكُفْرِ فَأَبَى فَأُلْقِيَ فِي النَّارِ فَلَمْ يَحْتَرِقْ مِنْهُ إِلَّا أمكنة لم يكن يصبهَا الْوُضُوءُ فَنَجَا فَقَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ اسْتَغْفِرْ لِي فَقَالَ الرَّجُلُ أَنْتَ أَحَقُّ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ أَنْتَ أَحَقُّ أُلْقِيتَ فِي النَّارِ فَلَمْ تَحْتَرِقْ فَاسْتَغْفَرَ لَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَكَانَ يُقَالُ شَبِيهُ إِبْرَاهِيمَ

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ صَاحِبُنَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سَالِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زُرَيْقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَمِيلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَجْدَةَ الْحِمْصِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سَالم عَن شُرَحْبِيل ابْن مُسلم أَن الْأسود ذِي الْخِمَارِ تَنَبَّأَ بِالْيَمَنِ فَدَعَا أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ فَقَالَ اشْهَدْ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ قَالَ لَا أَسْمَعُ قَالَ اشْهَدْ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَمَرَ بِنَارٍ فَقُذِفَ فِيهَا فَخَرَجَ أَبُو مُسْلِمٍ يَرْشَحُ عَرَقًا فَقِيلَ لِلأَسْوِد ذِي الْخِمَارِ انْفِهِ مِنْ بِلادِكَ وَإِلا أَفْسَدَ عَلَيْكَ النَّاسَ فَأَخْرَجُوهُ ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَبِهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلَ الرَّجُلُ قَالَ مِنَ الْيَمَنِ قَالَ مَا فَعَلَ الرَّجُلُ الَّذِي أَحْرَقَهُ الْكَذَّابُ قَالَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَوْبٍ قَالَ لَهُ عُمَرُ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَنْتَ هُوَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَدْخَلَهُ عُمَرُ وَأَجْلَسَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَقَالَ الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي أَرَانِي فِي هَذِهِ الأُمَّةِ مَنْ فَعَلَ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِإِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ وَكَانَ مَشْيَخَةُ خَوْلانَ يفخرون على مشيخة عنس يَقُولُوا صَاحِبُكُمُ الْكَذَّابُ أَحْرَقَ صَاحِبَنَا بِالنَّارِ فَلَمْ تَضُرَّهُ

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَتْ بِهِ مَيْمُونَةُ وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ[عدل]

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ غَيْلانَ بْنِ جَرِيرٍ أَنَّ رَجُلا مِنْ وُجُوهِ قَوْمِهِ قَمَعَ امْرَأَةً فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَتْ قَطَعَ اللَّهُ يَدَكَ بِهِ فَقُطِعَتْ يَدُهُ قَالَ فَكَانَ غَيْلانُ يَقُولُ احْذَرُوا دَعْوَةَ مَيْمُونَةَ

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَبْدَرِيُّ قَالَ حَدثنَا عبدار بن افضل قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَكَانَ بَيْنَ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَرَجُلٍ شَيْئا فَنَازَعَهُ فِيهِ فَتَنَاوَلَ الرَّجُلُ سُلَيْمَانَ فَغَمَزَ بَطْنَهُ بِيَدِهِ فَجَفَّتْ يَدُ الْفَاعِلِ الْغَامِزِ

ذِكْرُ ضَرْبِ الرَّجُلِ الْعِرَاقِيِّ وَضَرْبِ الْحَسَنِ بْنِ هَانِيء بْنِ الأَشْعَثِ[عدل]

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ ضَرَبَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ بِالسِّيَاطِ فَأُتِيَ إِلَيْهِ فَقِيلَ أَتَدْرِي مَنْ جَلَدْتَ قَالَ لَا قيل لَهُ لم يدْرك بالعراق رجلا أبين ورعا مِنْهُ وَلَا أصلح قَالَ فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ اعْفُ عَنِّي وَاسْتَغْفِرْ لِي فَإِنِّي فَعَلْتُ مَا فعلت بِجَهَالَة فَقَالَ وَاللَّهِ مَا فَرَغْتَ مِنْ ضَرْبِي حَتَّى عَفَوْتُ عَنْكَ قَالَ الْحَجَّاجُ وَلِمَ ذَلِكَ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي ظَالِمٌ لَكَ قَالَ كَرِهْتُ أَنْ يَقِفَ مِثْلِي مَعَ مِثْلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِي [] شَيْخِ يُوسُفَ قَالَ حَدثنَا رَبَاح بْنُ يَزِيدَ قَالَ مَا كُنَّا نَتَسَابَقُ إِلَى خير إِلَّا سبقنَا إِلَيْهِ الْحسن بن هَانِيء وَكَانَ الْحسن بن هَانِيء بن عمر بن الْأَشْعَث () فَترك الدِّيوَان فَضَربهُ ابْن الْأَشْعَث ثَلَاثمِائَة سَوط

قَالَ مُحَمَّد كَانَ الْحسن بن هَانِيء بافريقية من خِيَار هَذِه الْأمة وعبادهم

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الْمَنْصُورَ بَعَثَ فِي طَلَبِ أَبِي عبد الله جَعْفَر ابْن مُحَمَّد فَأتى بِهِ إِلَيْهِ من الْمَدِينَةِ فَأَتَى الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ حَاجِبُ أَبِي أَبِي جَعْفَرٍ فَقَالَ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مُتَغَيِّظٌ عَلَيْكَ فَدَخَلَ وَهُوَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ فَلَمَّا رَآهُ أَبُو جَعْفَرٍ نَهِضَ إِلَيْهِ وَاعْتَنَقَهُ وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ ثُمَّ عَانَقَهُ وَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا هَذَا الَّذِي يَبْلُغُنِي عَنْكَ لَقَدْ هَمَمْت فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ أَيُّوبَ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ وَإِنَّ سُلَيْمَانَ أُعْطِيَ فَشَكَرَ وَأَنْتَ مِنْ ذَلِكَ النَّسِيجِ قَالَ فيرفع إِلَى أَن الأَمْوَال تُجْبَى إِلَيْكَ بِلا سَوْطٍ وَلا عَصًا ثُمَّ أَمَرَ بِالرَّافِعِ فَأُحْضِرَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحَقًّا مَا رَفَعْتَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ نعم فاستحلفه بأمير الْمُؤْمِنِينَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْلَف فَقَالَ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلا هُوَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْسَ هُوَ كَذَا إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا مَجَّدَ اللَّهَ فِي يَمِينِهِ أَمْهَلَهُ بِالْعُقُوبَةِ وَلَكِنْ قُلْ أَنا بَرِيء من الله وَالله برِئ مِنِّي وَأَنَا خَارِجٌ مِنْ حَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ رَاجِعٌ إِلَى حَوْلِ نَفْسِي وَقُوَّتِهَا قَالَ فَحَلَفَ فَوَاللَّهِ مَا رُفِعَ إِلا مَيِّتًا فَرَاعَ ذِلَك أَبُو جعغر وَقَالَ انْصَرِفْ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَلَسْتُ أَسْأَلُكَ بَعْدَهَا عَنْ شَيْءٍ فَخَرَجَ جَعْفَرٌ وَتَبِعَهُ الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ فَسَأَلَهُ مَا الَّذِي كَانَ يُحَرِّكُ بِهِ شَفَتَيْهِ فَلَمْ يَفْعَلْ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ عَمَّا قَالَ فَقَالَ قُلْتُ اللَّهُمَّ بِكَ أَسْتَفْتِحُ وَبِكَ أَسْتَنْتِجُ وَبِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَوَجَّهُ اللَّهُمَّ ذَلِّلْ لِي حُزُونَتَهُ وَكُلَّ حُزُونَةٍ وَسَهِّلْ لِي صُعُوبَتَهُ وَكُلَّ صُعُوبَةٍ اللَّهُمَّ أَعْطِنِي مِنْهُ مِنَ الْخَيْرِ مَا أَرْجُو وَاصْرِفْ عَنِّي مِنْهُ مِنَ الشَّرِّ فَوْقَ مَا أَحْذَرُ فَإِنَّكَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ وَعِنْدَكَ أُمُّ الْكِتَابِ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ

ذِكْرُ سَبَبِ حَبْسِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الضَّبِّيِّ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُوَيْسٍ قَالَ سَأَلَ جَرِيرٌ الضَّبِّيُّ مَالِكًا عَنْ حَدِيثٍ وَهُوَ قَائِمٌ فَأَمَرَ مَالِكٌ بِحَبْسِهِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَهُوَ قَاضٍ فَقَالَ مَالِكٌ إِنَّ الْقَاضِيَ أَحْرَى أَنْ يُؤَدَّبَ احْبِسُوهُ

قَالَ مُحَمَّدٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ حَدِيثٍ مُنْكَرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَقْد سَأَلَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ حَدِيثٍ وَهُوَ يُمَاشِيهِ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَقَدْ كُنْتَ عِنْدِي أَجَلَّ مِنْ هَذَا تَسْأَلُنِي عَنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّرِيقِ وَلَقَدْ كَانَ مَالِكٌ لَا يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيثٍ إِلا وَهُوَ طَاهِرٌ مُتَأَهِّبٌ إِعْظَامًا لِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحْتِرَاسًا مِنَ الزَّلَلِ أَنْ لَا يحدث بِهِ إِلَّا وَهُوَ جَالس متأهب مستعد

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ قَالَ إِنَّمَا فَعَلَ هَذَا مَالِكٌ إِعْظَامًا لِحَدِيثِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وخشية يَعْنِي لَيْسَ فِي الأَصْل

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ قَيْسُ بْنُ عَبَّادٍ وَأَبُو تُرَابٍ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْص القلاس قَالَ حَدَّثَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ لِي مَا تَقُولُ فِي الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ قُلْتُ أَمَّا هُوَ فَيَشْفَعُ لَهُ جَدُّهُ وَأَمَّا أَنْتَ فَيَشْفَعُ لَكَ أَبُوكَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ إِلَيْكَ لَفَرَّقْتُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَكْثَرِ شَيْءٍ مِنْكَ شَعَرًا اخْرُجْ عَنِّي

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ شَبِيبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّادٍ قَالَ تَكَلَّمَ أَمِيرٌ كَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِكَلامٍ فَرَدَّ عَلَيْهِ أَبُو تُرَابٍ فَأَمَرَ بِهِ فَأُخِذَ فَحُبِسَ فَلَمَّا قدمت الخيزرانة بعث إِلَيْهَا فَبعثت () فَخَلا عَنْهُ فَبَلَغَ الْخَبَرُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ قَبْلَ مَجِيءِ أَبِي تُرَابٍ ثُمَّ قَدِمَ أَبُو تُرَابٍ فَلَمَّا رَآهُ فُضَيْلٌ قَالَ هِيهْ أَبَا تُرَابٍ اسْتَشْفَعْتَ بِغَيْرِ اللَّهِ أَمَا عَلِمْتَ مَا لَقِيَ يُوسُفُ قَالَ فَصَاحَ أَبُو تُرَابٍ صَيْحَةً وَالْتَوَى مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَعَجِبَ النَّاسُ قَالَ فُضَيْلٌ مِمَّ تَعْجَبُونَ لَوْ تَقَطَّعَ أَعْضَاءً مَا تَعَجَّبْتُ

ذِكْرُ سَبَبِ ضَرْبِ الضَّحَّاكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن مُحَمَّد بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَزْمِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنِ ابْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعت حبيب الْحَاكَّ وَكَانَ يَحُكُّ الْجَوْهَرَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ مَالك الَّذين يقرأون قَالَ أَخَذَ الضَّحَّاكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّد بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَالِي الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَ وَلم قَالَ ولينا قُضَاة مِنْ قُضَاتِكَ فَرَأَيْنَا مُنْكَرًا بِبَابِكَ فَغَيَّرْنَاهُ قَالَ فَقَالَ أَفَلا رَفَعْتَ ذَلِكَ إِلَيَّ قَالَ وَلِمَ أَرْفَعُ ذَلِكَ إِلَيْكَ وَهُوَ جَلِيسُكَ قَالَ أَمْضَيْتُ فِيهِ أَمْرَ اللَّهِ قَالَ لأَقُصَّنَّهُ مِنْكَ قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ لَكَ قَالَ لأَفْعَلَنَّ ذَلِكَ بِكَ قَالَ شَأْنَكَ يَقُصُّنِي مِنْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ مَا اؤمل أَن أخد ذَلِكَ مِنْكَ بِتَغَيُّرِ مَنْ يُنْكِرُهُ عَلَيْكَ قَالَ فَضَربهُ خَمْسَة وَعشْرين سَوْطًا ثمَّ خلا عَنْهُ قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْملك فَكتب إِلَيْهِ أتضرب حَاكِمًا مِنْ حُكَّامِي فِي أَمْرٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بِهِ قَالَ وَكَتَبَ إِلَى الضَّحَّاكِ أَنْ يَضْرِبَ الْوَالِيَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ سَوْطًا فَأَتَاهُ الْوَالِي فَقَالَ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَ بِأَنْ تَضْرِبَنِي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ سَوْطًا قَالَ لَا أَفْعَلُ ذَلِك قدرت فعفوت وَمَا مِثْلِي يَقْتَصُّ مِنْ مِثْلِكَ قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَجْزِيهِ خَيْرًا وَعَزَلَ الأَمِيرَ عَنِ الْمَدِينَةِ

ذِكْرُ ضْرِب أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ الْكُوفِيِّ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ كُوفِيٌّ اسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ نَزَلَ الْمِصِّيصَةَ وَكَانَ ثِقَةً رَجُلا صَالِحًا صَاحِبَ سُنَّةً وَهُوَ الَّذِي أَدَّبَ أَهْلَ الثَّغْرِ وَعَلَّمَهُمُ السُّنَّةَ وَكَانَ يَأْمُرُ وَيَنْهَى وَإِذَا دَخَلَ الثَّغْرَ رَجُلٌ مُبْتَدِعٌ أَخْرَجَهُ وَكَانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ وَكَانَ لَهُ فِقْهٌ وَكَانَ عَرَبِيًّا فَزَارِيًّا أَمَرَ سُلْطَانًا يَوْمًا وَنَهَاهُ فَضَرَبَهُ مِائَتَيْ سَوْطٍ فَغَضِبَ لَهُ الأَوْزَاعِيُّ فَتَكَلَّمَ فِي أَمْرِهِ

وَقَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسْمَاءَ بْنِ خَارِجَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ بَلَغَنِي عَنِ الأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ فَقَالَ لِكَاتِبِه ابْدَأْ بِهِ فَإِنَّهُ خَيْرٌ مِنِّي وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ لِلْكَاتِبِ اكْتُبْ وَابْدَأْ بِهِ فَإِنَّهُ وَالله خير مني ذكر ذَلِك كُله ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ

ذِكْرُ ضَرْبِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ الإِسْكَنْدَرَانِيِّ صَاحِبِ مَالك وَالنّسب إِلَيْهِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ زِيَادٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ هُوَ الْمُحْتَسِبُ إِسْكَنْدَرَانِيٌّ قَامَ إِلَى هَارُونَ الرَّشِيدِ وَهُوَ يَخْطُبُ بِمَكَّةَ فَقَالَ {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} فَأخذ فَضرب مِائَتَيْ سَوْطٍ

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ كَانَ نَازِلا مَعَهُ فِي الْبَيْتِ قَالَ فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ يَتَأَوَّهُ فِي اللَّيْلِ مِنَ الضَّرْبِ يَقُول الْمَوْت فَأخْبر هرون أَنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَاسْتَحَلَّهُ فَأَحَلَّهُ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ وَكَانَ هَذَا يُعْرَفُ بِالْمُحْتَسِبِ الإِسْكَنْدَرَانِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَهُوَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ التُّونُسِيُّ وَلَقَدْ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ قَالَ مَا رَأَيْتُ شَيْخًا أَفْضَلَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ وَهُوَ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ أَبُو الْحسن

ذِكْرُ سَبَبِ ضَرْبِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن رَافع[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنِي بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مُصْعَبٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ الَّذِي رَوَى عَنْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ كَانَتْ أُمُّهُ مَوْلاةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَبوهُ مولى لِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَدَعَا بِهِ سَعِيدٌ وَقَالَ لَهُ مَوْلَى مَنْ أَنْتَ قَالَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَلَسْتَ بمولاي قَالَ لَا قَالَ ضَعُوا عَنْهُ ثِيَابَهُ قَالَ فَوَضَعُوا عَنْهُ ثِيَابَهُ فَضَرَبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ أُخْرَى فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْهَا قَالَ لَهُ يَا عُثْمَانُ مَوْلَى مَنْ أَنْتَ قَالَ مَوْلاكَ فَأَطْلَقَهُ

تَمَّ الْجُزْءُ الرَّابِعُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ وَإِحْسَانِهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآله

يتلوه أول الْخَامِس

- 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ[عدل]

وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ

حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ تَمِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز عَن نقي بن دِينَار وَمصْعَب قَالَ أَمر هرون الرَّشِيدُ ابْنَ بَكَّارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنْ يولي على الصَّدقَات الَّتِي جعلهَا هرون لِفُقَرَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ رَجُلَيْنِ خَيْرَ رَجُلَيْنِ بِالْمَدِينَةِ قَالَ فَلَمْ يُوجَدْ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مِنْ سَلَمَةَ بْنِ عِكْرَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِث بن هِشَام المَخْزُومِي والدراوردي قَالَ فدعاهما ابْن بكار وأقرأهما كتاب هرون الرشيد إِلَيْهِ فأبيا عَلَيْهِ فَكتب هرون بذلك قَالَ فَكتب إِلَيْهِ هرون قَالَ مُصعب أَنا قَرَأت كتاب هرون بِاللَّهِ لَئِنْ وَلَّيْنَا أَعْمَالَنَا شِرَارَنَا لَيَرَوْنَ ذَلِكَ من جَمْعَنَا وَجَوْرَنَا وَلَئِنْ وَلَّيْنَاهَا خِيَارَنَا يَأْبَوْنَ عَلَيْنَا اضْرِبْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلاثِينَ سَوْطًا حَتَّى يَلِيَانِهَا قَالَ وَكَانَ سَلَمَةُ قَدْ أَنْهَكَتْهُ الْعِبَادَةُ وَمَا فِيهِ شَيْءٌ فَقَالَ لَهما ابْن بكار وَالله إنَّكُمَا لمن خِيَار أهل الْمَدِينَة عِنْدِي لأنفذن كِتَابَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ لَتَلِيَانِهَا قَالَ فَبَكَى سَلَمَةُ وَقَالَ وَاللَّهِ لَئِنْ ضُرِبْتُ سَوْطًا لأَمُوتَنَّ قَالَ لَهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَيْلَكَ يَا سَلَمَةُ تَمُوتُ تَحْتَ السِّيَاطِ خَيْرٌ لَكَ مِنَ النَّارِ إِنَّكَ إِذَا وَجَدْتَ مَسَّ السِّيَاطِ فَإِنَّكَ لَا تُبَالِيهَا وَكَانَ الدَّرَاوَرْدِيُّ قَدْ ضُرِبَ اثْنَيْنِ وَثَلاثِينَ سَوْطًا ضَرْبًا مُبْرِحًا وَكَانَ حلف هرون عَلَيْهِ فِي عَمَلٍ أَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ عَلَيْهِ فَحَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ أَوْ لَيَلِيَنَّهُ قَالَ فَحَلَفَ الدَّرَاوَرْدِيُّ أَن لَا يَلِي فَضَربهُ هُوَ فِي ثَلاثِينَ سَوْطًا مُوجِعَةً وَمَا وَلِيَ فَوَلِيَاهَا جَمِيعًا وَكَلَّمَ النَّاسُ الدَّرَاوَرْدِيَّ وَقَالُوا إِنَّمَا هِيَ صَدَقَةٌ وَأَنْتَ فِيهَا مَأْجُورٌ

ذِكْرُ ضَرْبِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَابْنِ إِسْحَاقَ صَاحِبِ الْمَغَازِي[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ مُصْعَبٍ وَابْنِ دِينَارٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالُوا حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ جَالِسًا مَعَنَا فِي الْمَسْجِدِ إِذْ نَعَسَ فَقَالَ رَأَيْتُ فِي نَعْسَتِي هَذِهِ كَأَنَّ مُسَوَّدًا دَخَلَ وَمَعَهُ حَبْلٌ أَسْوَدُ فَأَلْقَاهُ فِي عُنُقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فَأَخْرَجَهُ مِنَ السِّجْنِ

قَالَ وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبِي هَلْ كَانَ فِي مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ مِمَّا يُحَدَّثُ بِهِ عَنهُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ لَا وَلَكِنَّهُ بُلِيَ بِأَهْلِ الْمَدِينَة كَانُوا يشنعون عَلَيْهِ وَكَانَ رجل يَعْرِفُ الأَنْسَابَ فَلَمْ يَكُنْ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَيْتٌ إِلا وَقَدْ أَدْخَلَ عَلَيْهِمْ فِي أَنْسَابِهِمْ شَيْئًا قَالَ فَعَادَاهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَأَخَذَهُ وَضَرَبَهُ مائَة سَوط قَالَ فَقيل لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ ضُرِبَ مائَة سَوط قَالَ فَقَالَ سعيد يَا بُنَيَّ تَعَلَّمْتَ مِنَ الْعِلْمِ مَا يُضْرَبُ عَلَيْهِ ظَهْرُكَ وَتَكْسِبُ عَدَاوَةَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ فَوَاللَّهِ مَا تَرَكَ مُحَمَّدٌ ذَلِكَ قَالَ فَأَخَذَهُ وَالِي الْمَدِينَةِ فَضَرَبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ قَالَ فَقِيلَ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ فَبَكَى قَالَ بَقِيٌّ عَنْ مُصْعَبٍ وَابْنِ دِينَارٍ كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ وَأَحْسَنِهِمْ شَعَرًا فَكَانَ يُصَلِّي فِي آخِرِ الصُّفُوفِ فَقَالُوا لِوَالِي الْمَدِينَةِ إِنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ إِنَّمَا يُصَلِّي فِي آخِرِ الصُّفُوفِ لِيُفْتَنَ النَّاسُ بِجَمَالِهِ فَأَخَذَهُ وَالِي الْمَدِينَةِ فَحَلَقَ رَأْسَهُ مُصَلِّبًا وَضَرَبَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنَ الْمَدِينَة

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ بَلَغَنَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَطْعَمُ إِلا فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَبَلَغَ الْحَجَّاجَ هَذَا مِنْ فِعْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَخَذَهُ فَحَبَسَهُ فِي بَيْتٍ فَأَغْلَقَ الْبَابَ عَلَيْهِ خَمْسَة عشر يَوْمًا ثمَّ أَمر بِالْبَابِ فَفتح ليخرج فيدفن فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فوجدوه قَائِما يُصَلِّي فخلى سَبيله وَقَالَ الْحجَّاج اذْهَبْ فَأَنْتَ رَاهِبُ الْعَرَبِ

وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّد يُلَبِّي مِنَ الْحَوْلِ إِلَى الْحَوْلِ وَيَقُولُ فِي تَلْبِيَتِهِ لبيْك لَو كَانَ رِيَاء غَيْرَكَ لاضْمَحَلَّ وَسَمِعَهُ رَجُلٌ وَهُوَ يُلَبِّي فِي سَفِينَةٍ فِي الْبَحْرِ فَقَالَ انْظُرُوا هَذَا الْمُرَائِيَ يُلَبِّي فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَظَنَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنَّ الرَّجُلَ مُتَنَطِّقٌ عَلَيْهِ لِرَأْيِهِ لَا يَعْرِفُ مَوْقِعَهُ مِنْ نَفْسِهِ فَرَمَى بِنَفْسِهِ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ لَا يُحْسِنُ السِّبَاحَةَ وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ مُرَائِيًا فَغَرِّقْنِي فَقَذَفَهُ الْبَحْرُ إِلَى ساحله

ذِكْرُ ضَرْبِ أَبِي مَيْمُونَةَ الْمُحَدِّثِ وَمَا نَزَلَ بحطيطة[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَب حَدثنِي عمربن يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ قَالَ عَقَلْتُ رَاحِلَتِي فَجِئْتُ امْرَأَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ حَلَّ عِقَالَهَا رَجُلٌ فوجأته أَو لهزته وَقلت لَهُ يَا نايك أُمَّهُ فَرَفَعَنِي إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَتِ امْرَأَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّكَ لَو كَنَّيْتَ وَيْلَكَ فَضَجَّتْ فَجَلَدَنِي ثَمَانِينَ سَوْطًا فَأَتَيْتُ رَاحِلَتِي فَرَكِبْتُهَا وَقُلْتُ

(لَعَمْرُكِ إِنِّي يَوْمَ أُجْلَدُ قَائِمًا ثَمَانِينَ سَوْطًا إِنَّنِي لصبور ... ) // الْبَحْر الطَّوِيل //

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ مُوسَى بن اسماعيل قَالَ حَدثنَا الْقُمِّيُّ يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ أَبِي الْمُغِيرَةِ قَالَ مُوسَى وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ طُعْمَةَ الْجَعْفَرِيِّ وَسَاقَ الْحَدِيثَ عَنْهُمَا وَأَدْخَلَ الْكَلامَ كَلامَ الْحَدِيثَيْنِ فِي الآخَرِ قَالَ لَمَّا أُوتِيَ الْحَجَّاجُ بِحطيطَةَ الزَّيَّاتِ وَكَانَ غُلامًا أَتَتْ عَلَيْهِ ثَمَان عشرَة سنة قَالَ فَقَالَ الْحجَّاج حطيطةُ أَيْنَ كُنْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ طَلَبْتُكَ وَلَوْ أَصَبْتُكَ لَقَتَلْتُكَ ثُمَّ قَالَ إِنِّي أَسْأَلُكَ قَالَ سَلْ فَإِنِّي عَاهَدْتُ رَبِّي حَوْلَ بَيْتِهِ لَئِنْ سُئِلْتُ لأَصْدُقَنَّ وَلَئِنِ ابْتُلِيتُ لأَصْبِرَنَّ وَلَئِنْ عُوفِيتُ لأَشْكُرَنَّ قَالَ فَقَالَ يَا حَجَّاجُ هَلْ تَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا قَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ نَعَمْ قَالَ لَهُ اقْرَأْ فَقَرَأَ الْحَجَّاجُ {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْر لم يكن شَيْئا مَذْكُورا} إِلَى قَوْلِهِ {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا ويتيما وأسيرا} قَالَ فَقَالَ لَهُ حطيطة فقدتك الآنَ فَأَنْتَ تَقْتُلُ هَؤُلاءِ كُلَّهُمْ قَالَ فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ مَا تَقُولُ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ أَقُولُ فِيهِمَا خَيْرًا قَالَ فَمَا تَقُولُ فِي عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ وَمَا أَقُولُ فِيمَنْ أَنْتَ سَيِّئَةٌ مِنْ سَيِّئَاتِهِ قَالَ فَقَالَ أَيْنَ مَعْدٌ فَدُعِيَ لَهُ مَعْدٌ قَالَ فَقَالَ يَا مَعْدُ أَسْمِعْنِي صَوْتَهُ قَالَ كَلا لَا يُسْمِعُكَ صَوْتِي قَالَ فَأَخَذَهُ مَعْدٌ فَوَضَعَ الْوَهَقَ عَلَى سَاقَيْهِ فَحَطَمَهُ قَالَ فَقَالَ يَا مَعْدُ ابْكِي عَلَيَّ يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ فَهَل رَأَيْت جزعا وَأَنا فِي يَديك أَسِيرًا قَالَ فَعمد إِلَى قصب فشنقه ثُمَّ أَدْرَجَهُ فِيهِ وَشَدَّهُ قَالَ فَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَنْزِعُوهُ قَالَ فَجَعَلَتِ الْقَصَبُ تَحْمِلُ مَا مَرَّتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّحْمِ حَتَّى مَا تَرَكَتْ مِنْهُ شَيْئًا إِلا شَرَّحَتْهُ قَالَ ثُمَّ انْطَلَقَ قَالَ فَبَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ إِذْ وَقَعَ ذُبَابٌ عَلَى بَعْضِ جِرَاحَاتِهِ فَقَالَ حَسْ فَقَالَ لَهُ أَهْلُ السِّجْنِ بِاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِثْلَكَ قَطُّ قَدْ مُضِغْتَ بِأَلْوَانِ الْعَذَابِ لَمْ يُسْمَعْ مِنْكَ حَسًّا وَلا بَسًّا وَتَقُولُ حَسْ مِنْ ذُبَابٍ فَقَالَ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَذَابِكُمْ وَإِنَّهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا شَاءَ أَنْ يُفْرِغَ الصَّبْرَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَفْرَغَهُ وَإِذَا شَاءَ أَنْ يَنْزِعَهُ نَزَعَهُ قَالَ فاتى مَعْدٌ الْحَجَّاجَ فَقَالَ أَيُّهَا الأَمِيرُ قَدْ أَفْسَدَ عَلَيَّ أَهْلَ السِّجْنِ قَالَ فَقَالَ لَهُ اذْهَبْ فَأَرِحْ مِنْهُ قَالَ فَجَاءَ مَعْدٌ فَأَخْرَجَهُ فِي عباءة ثُمَّ أَمَرَ النَّاسَ فَجَلَسُوا عَلَيْهِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَشُكَّ فِي مَوْتِهِ أَلْقَاهُ فِي الرَّحْبَةِ

قَالَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ فَمَرَرْتُ بِهِ فَوَجَدْتُهُ بِآخِرِ رَمَقٍ فَقُلْتُ يَا حطيطةُ أَلَكَ حَاجَةٌ قَالَ نَعَمْ اسْقِنِي شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ فَإِنَّهُ كَانَ أَشَدَّ عَذَابِهِمْ عَلَيَّ قَالَ فَقَدِمْتُ فَأَتَيْتُهُ بِشَرْبَةٍ مِنْ سَوِيقِ حَبِّ الرُّمَّانِ فَجِئْتُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ

ذِكْرُ ضَرْبِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُمَحِيِّ وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنِي بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مُصْعَبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ شَاوَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُمَحِيُّ فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ السُّلْطَانِ فَقُلْتُ لَا تَفْعَلْ فَإِنَّ عِقَابَهُمْ سَرِيعٌ وَتَغَيُّيُرُهُمْ بَعِيدٌ قَالَ فَأَتَاهُ فَفَعَلَ مَا أَرَادَ فَكَتَبَ فِي أَمْرِهِ إِلَى بَعْضِ خُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ قَالَ فَكَتَبَ إِلَى وَالِي الْمَدِينَةِ أَنْ يَضْرِبَهُ وَيُخْرِجَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ قَالَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَأَحْضَرَهُ قَالَ فَكُنْتُ فِيمَنْ حَضَرَ فَقُلْتُ لَهُ قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكَ عَنْ هَذَا قَالَ فَقَالَ لَا تَفْعَلْ وَاللَّهِ مَا يَسُرُّنِي بِضَرْبَةٍ تَقَعُ فِي ظَهْرِي مَا عَلَى الأَرْضِ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَقُومَ مَقَامَ الصِّدِّيقِينَ قَالَ فَضَرَبَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ فَكَانَ يَنْزِلُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى مَاتَ

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَضَّاحٍ قَالَ ضُرِبَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبَ ضَرْبِهِ

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ فِيهِ زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ كَتَبَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي خِلافَتِهِ إِلَى زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ يَسْأَلُهُ أَنْ يُبَايِعَ لابْنِهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْوَلِيدِ وَيَخْلَعَ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَفَرَقَ زَيْدٌ مِنَ الْوَلِيدِ وَكَانَ غَلِيظًا فَأَجَابَهُ فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ سُلَيْمَانُ وَجَدَ كِتَابًا مِنْ زَيْدٍ إِلَى الْوَلِيدِ فَكَتَبَ سُلَيْمَانُ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ أَنِ ادْعُ زَيْدَ بْنَ الْحَسَنِ فَأَقْرِئْهُ هَذَا الْكِتَابَ فَإِنْ عَرِفَهُ فَاكْتُبْ إِلَيَّ بِذَلِكَ وَإِنْ هُوَ نَكَلَ فَقَدِّمْهُ فَأَظْهِرْ يَمِينَهُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَا كَتَبَ هُوَ الْكِتَابَ وَلا أُمِرَ بِهِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَبُو بكر ابْن حَزْمٍ فَأَقْرَأَهُ الْكِتَابَ فَقَالَ أَنْظِرْنِي مَا بَيْنِي وَبَين الْعشَاء أَسْتَخِيرَ اللَّهَ قَالَ فَأَرْسَلَ زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ إِلَى الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ الله يستشيرهما قَالَ فَأَقَامَا مَعَهُ رَبِيعَةَ بْنِ أَبُي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَذَكَر لَهُمَا ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي لَمْ أَكُنْ أَئْتَمِنُ الْوَلِيدَ عَلَى دِينِي لَوْ لَمْ أَكُنْ أحبه وَقَدْ كَتَبْتُ هَذَا الْكِتَابَ أَفَتَرَوْنَ أَنْ أَحْلِفَ قَالُوا لَهُ لَا تَحْلِفْ وَلا تُبَارِزِ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَقَدْ نَرْجُو أَنْ يُنَجِّيَكَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالصّدقِ وَأقر بِالْكتاب وَلم يحلف فَكَتَبَ بِذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى سُلَيْمَانَ فَكَتَبَ سُلَيْمَان إِلَى أبي بكر أَنْ يَضْرِبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ وَيدرعَهُ عَبَاءَةً وَيُمْشِيَهُ حافيا قَالَ فَحَبَسَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّسُولَ فِي عَسْكَرِ سُلَيْمَانَ وَقَالَ لَا تَخْرُجُ حَتَّى أُكَلِّمَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِيمَا كَتَبَ فِي زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ لَعَلِّي اسْتَطِبْ نَفْسَهُ فَيَتْرُكَ هَذَا الْكِتَابَ قَالَ فَحُبِسَ الرَّسُولُ وَمَرِضَ سُلَيْمَانُ فَقَالَ عُمَرُ لَا تخرج فَإِن أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَرِيضٌ إِلَى أَنْ رُمِيَ فِي جِنَازَةِ سُلَيْمَانَ وَأَفْضَى الأَمْرَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَدَعَا بِالْكِتَابِ فَحَرَقَهُ

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَصْبَغَ يَعْنِي ابْنَ الْفَرَجِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ كَتَبَ إِلَى زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ يَسْأَلُهُ أَنْ يُبَايِعَ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْوَلِيدِ وَيَخْلَعَ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ إِسْحَاقَ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ حَبَسَ الْحَسَنَ بْنَ زَيْدٍ وَكَانَ قَدْ وَلاهُ على الْمَدِينَة فحبسه حَتَّى مَاتَ أَبُو جَعْفَر وَهُوَ فِي حَبسه

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ لَمَّا أُسِرَ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَائِشَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ مِنْ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ كَانَ بِالشَّامِ فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخطاب إِلَى مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان أغزو الرّوم وَولي عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ السَّهْمِيَّ قَالَ فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ عَلَى النَّاسِ قَالَ فَقِيلَ لَهُ فِي طَرِيقِ الرُّومِ إِنَّ فِي نَاحِيَةِ كَذَا وَكَذَا رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ هَذَا الرَّجُلِ فِيهِمْ قَالَ فَحَمَلَتِ الرُّومُ عَلَى طَائِفَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَاقْتَطَعُوهُمْ وَمِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ قَالَ فَلَمَّا دَخَلَ الرُّومُ عَلَى هِرَقْلَ قَالُوا لَهُ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مِنْ قُرَيْشٍ يَعْنُونَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ مُحَمَّدٍ قَالَ فَدَفَعَهُ إِلَى رَجُلٍ فَقَالَ أَجِعْهُ قَالَ فَأَجَاعَهُ الرَّجُلُ فَكَانَ يَأْتِيهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِلَحْمِ خِنْزِيرٍ فَيَضَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَعْرِضُ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ وَقَالَ هَذَا طَعَامٌ لَا يَحِلُّ لَنَا أَكْلُهُ قَالَ فَدَخَلَ الرَّجُلُ عَلَى هِرَقْلَ فَقَالَ لَهُ أَتَيْتُهُ بِلَحْمِ خِنْزِيرٍ وَخَمْرٍ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَقَالَ هَذَا طَعَامٌ لَا يَحِلُّ لَنَا أَكْلُهُ فَإِنْ كَانَ لَكَ فِي الرَّجُلِ حَاجَةٌ فَأَطْعِمْهُ قَالَ فَاذْهَبْ فأطعمه شَيْئا قَالَ فَذهب فَأَتَاهُ بِطَعَامٍ فَأَكَلَهُ قَالَ فَلَمَّا أُخْبِرَ هِرَقْلُ بِذَلِكَ قَالَ قد بلوته بالضراء فابتليه بالسراء فَأَتَاهُ بالجواري وبألطاف وملاهي قَالَ فَلَمْ يَلْتَفِتْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَأَتَاهُ الرَّجُلُ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ لِلْجَوَارِي مَا كَانَ مِنْهُ إِلَيْكُنَّ حَرَكَةٌ فَقُلْنَ لَا وَاللَّهِ مَا الْتَفَتَ إِلَيْنَا فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ هِرَقْلُ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ هِرَقْلُ قَدْ بَلَوْتُكَ بِالسَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ فَصَبَرْتَ فَهَلْ لَكَ أَنْ تُقَبِّلَ رَأْسِي وَتَنْجُوَ بِنَفْسِكَ قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ لَكَ أَنْ تُقَبِّلَ رَأْسِي وَأَدْفَعَ لَكَ كُلَّ أَسِيرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عِنْدِي قَالَ نَعَمْ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ فَدَفَعَ إِلَيْهِ كُلَّ أَسِيرٍ عِنْدَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ فَقَدِمَ عَلَى عُمَرَ فَسَعَى بِهِ سَاعٍ إِلَى عُمَرَ وَقَالَ إِنَّ هِرَقْلَ قَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَعَهُ مَالا فَخَزنَهُ عَنْكَ فَدَعَاهُ عُمَرُ فَقَالَ أَيْنَ الْمَالُ الَّذِي بُعِثَ مَعَكَ إِلَيْنَا قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا بَعَثَ إِلَيْكَ هِرَقْلُ شَيْئًا قَالَ فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَنِ اسْتَخْرِجْ لِي خَبَرَهُ وَافْحَصْ عَنْ أَمْرِهِ قَالَ فَاسْتَخْرَجَ مُعَاوِيَةُ خَبَرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ قَالَ فَكَتَبَ بِهِ إِلَى عُمَرَ قَالَ فَلَمَّا قَرَأَ عمر كتاب مُعَاوِيَة قَالَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ قُم قَالَ لَهُ عُمَرُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ مَا مَنَعَكَ إِذْ بَلَغَ بِكَ الْجَهْدُ مَا بَلَغَ أَنْ تَأْكُلَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَقَدْ علمت أَن ذَلِك موسوعا لي وَلَكِنِّي كرهت أَن يشعث بِالإِسْلامِ وَأَهْلِهِ

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدثنِي بن رزين عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ بَكَّارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنِ مُنَبِّهٍ يَقُولُ أُتِيَ بِرَجُلٍ مِنْ أَفْضَلِ أَهْلِ زَمَانِهِ إِلَى مَلِكٍ مِنَ الْمُلُوكِ كَانَ يَفْتِنُ النَّاسَ عَلَى أَكْلِ لُحُومِ الْخَنَازِيرِ فَلَمَّا أُتِيَ بِهِ أَعْظَمَ النَّاسُ مَكَانَهُ وَهَالَهُمْ أمره فَقَالَ لَهُ صَاحب شَرطه إئتني بِجَدْيٍ مِمَّا يَحِلُّ لَكَ أَكْلُهُ فَأُخْفِيهِ فَإِنَّ الْمَلِكَ إِذَا دَعَا بِلَحْمِ الْخِنْزِيرِ أُتِيتَ بِهِ فَكُلْهُ فَذَبَحَ جَدْيًا فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَطْعَمَهُ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَهُ فَجَعَلَ صَاحِبُ الشُّرَطَةِ يَغْمِزُ إِلَيْهِ يُرِيدُ أَنَّهُ اللَّحْمَ الَّذِي دَفَعَ إِلَيْهِ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَهُ فَأَمَرَ الْمَلِكُ صَاحِبَ شُرَطِهِ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلَمَّا ذَهَبَ بِهِ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْكُلَهُ وَهُوَ اللَّحْمُ الَّذِي دَفَعْتَ إِلَيَّ أَفَظَنَنْتَ أَنِّي أَتَيْتُكَ بِغَيْرِهِ قَالَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ هُوَ وَلَكِنِّي خِفْتُ أَنْ يُفْتَنَ النَّاسُ بِي فَإِذَا أُرِيدَ أَحَدٌ عَلَى أَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ قَالَ أَكَلَهُ فُلانٌ فَيَتَأَسَّى بِي فَأَكُونُ فِتْنَةً لَهُمْ فَقُتِلَ

وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ أَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ رَسُولا فَأَتَاهُ وَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ يَدُورُ فَمر بِموضع فَسمع فِيهِ رَجُلا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَطْحَنُ فَأَتَاهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثمَّ سلم فَقَالَ لَهُ وَأَنِّي بِالسَّلَامِ فِي هَذَا الْبَلَدِ فَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ رَسُولُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ وَقَالَ لَهُ مَا شَأْنك فَقَالَ إِنِّي أسرت مِنْ مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا فَأُتِيَ بِي إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ فَعَرَضَ عَلَيَّ النَّصْرَانِيَّةَ فَأَبَيْتُ فَقَالَ لِي إِنْ لَمْ تَفْعَلْ سَملْتُ عَيْنَيْكَ فَاخْتَرْتُ دِينِي عَلَى بَصَرِي فَسَمَلَ عَيْنِي وَصَيَّرَنِي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يُرْسِلُ إِلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ بِحِنْطَةٍ فَأَطْحَنُهَا وَخبزَةٍ فَآكُلُهَا فَلَّمَا سَارَ الرَّسُولُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَخْبَرَهُ خَبَرَ الرَّجُلِ قَالَ فَمَا فَرَغْتُ مِنَ الْخَبَرِ حَتَّى رَأَيْتُ دموع عمر بن عبد الْعَزِيز تسيل قد بلت مَا بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ كَتَبَ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِي خَبَرُ فُلانٍ وَوَصَفَ صِفَتَهُ وَإِنِّي أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَئِنْ لَمْ تُرْسِلْ بِهِ إِلَيَّ لأَبْعَثَنَّ إِلَيْكَ مِنَ الْجُنُودِ مَا يَكُونُ أَوَّلُهُمْ عِنْدَكَ وَآخِرُهُمْ عِنْدِي فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ قَالَ مَا أَسْرَعَ مَا رَجَعْتَ فَدَفَعَ إِلَيْهِ كِتَابَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَلَمَّا قَرَأَهُ قَالَ مَا كُنَّا لِنَحْمِلَ الرَّجُلَ الصَّالِحَ عَلَى هَذَا بَلْ نَبْعَثَ بِهِ إِلَيْهِ قَالَ فأقمت أنْتَظر مَتى أخرج بِهِ فَأَتَيْتُهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا بِهِ قَدْ نَزَلَ عَن سَرِيره أعرف فِيهِ الكآبة فَقَالَ أَتَدْرِي لما فَعَلْتُ هَذَا قُلْتُ لَا قَالَ فَإِنَّهُ قَدْ أَتَانِي من بعض أطرافي فِي أَنَّ الرَّجُلَ الصَّالِحَ قَدْ مَاتَ فَلِذَلِكَ فَعَلْتُ مَا تَرَى وَقَالَ إِنَّ الرَّجُلَ الصَّالِحَ إِذَا كَانَ بَيْنَ الْقَوْمِ السُّوءِ لَمْ يُتْرَكْ بَيْنَهُمْ إِلا قَلِيلا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَقلت أفتأذن لِي أَنْصَرِفَ وَأَيِسْتُ مِنْ بَعْثِهِ الرَّجُلَ مَعِي ثُمَّ قَالَ مَا كُنَّا نُجِيبُهُ إِلَى أَمْرٍ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ نَرْجِعُ فِيهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَأَرْسَلَ مَعَهُ الرَّجُلَ

ذِكْرُ مَنْ حُبِسَ بِالْمَدِينَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الأَنْدَلُسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ الشَّامِيُّ قَاضِي أَهْلِ حِمْصَ قَالَ أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ الأَوْدِيِّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَ عُمَرُ بن الْخطاب إِلَى عبد الله بن مَسْعُود وإلي أبي الدَّرْدَاء وَأبي ذَر فَقَالَ مَا هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي تُكْثِرُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَبَسَهُمْ حَتَّى اسْتُشْهِدَ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ عُمَرُ خَوْفًا مِنْهُ عَلَيْهِمُ الزَّلَلَ إِذَا أَكْثَرُوا وَلَمْ يَكُونُوا عِنْدَهُ مُتَّهَمِينَ بِأَنْ يَقُولُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ وَلَكِنْ خَوْفًا عَلَيْهِمْ مِنَ الْغَلَطِ وَالسَّهْوِ وَإِنَّمَا حَبَسَهُمْ عِنْدَهُ بِالْمَدِينَةِ وَلَمْ يَحْبِسْهُمْ فِي السِّجْنِ

وحَدثني أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ مُزَاحِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيه قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لأَبِي ذَرٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ مَا هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَأَحْسَبُهُ قَالَ وَحَبَسَهُمْ عِنْدَهُ

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ وَسَبَبُ نَفْيِهِ وَنَفْيِ غَيْرِهِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ قَدِمَ الْحَجَّاجُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَافِدًا وَمَعَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ فَسَأَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ مُعَاوِيَةَ عَنِ الْحَجَّاجِ فَقَالَ إِنْ صَدَقْنَاكُمْ قَتَلْتُمُونَا وَإِنْ كَذَبْنَاكُمْ خَشِينَا اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا تَعَرَّضْ لَهُ فَنَفَاهُ إِلَى السِّنْدِ

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِي مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ مِثْلَهُ وَرُبَّمَا زَادَ أَحَدُهُمَا الْكَلِمَةَ

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ وَقَدْ كَانَ الْحَجَّاجُ نَفَى يَحْيَى بْنَ يَعْمُرَ إِلَى خُرَاسَان وَنفى قَتَادَةَ بْنَ دِعَامَةَ وَنَفَى مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْجُمَحِيَّ وَنَفَى عِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ

ذِكْرُ سَبَبَ حَبْسِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ وَتَقْيِيدِهِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَجْلانُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْفلُوسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ أَبِي زَنْبَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عُمَرَ بِمَالٍ وَبِأَدْهَمَ وَكَتَبَ إِلَى أَبِيهِ أَبِي سُفْيَانَ ادْفَعْ ذَلِكَ الْمَالَ إِلَى عُمَرَ فَخَرَجَ الرَّسُولُ حَتَّى قَدِمَ بِالْمَالِ وبِالأَدْهَمِ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ فَذَهَبَ أَبُو سُفْيَانَ بِالْكِتَابِ وَالأَدْهَمِ إِلَى عُمَرَ فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ قَالَ فَأَيْنَ الْمَالُ يَا أَبَا سُفْيَان قَالَ علينا دين ومؤونة وَلَنَا فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ عَطَاءٌ وَحَقٌّ فَإِذَا أَخْرَجْتَ لَنَا شَيْئًا قَاصَصْتَنَا بِهِ فَقَالَ عُمَرُ اطْرَحُوهُ فِي الأَدْهَمِ لَا يَخْرُجُ حَتَّى يَأْتِيَ بِالْمَالِ قَالَ فَأَرْسَلَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى المَال فَأرْسلهُ إِلَى عُمَر فَخَرَجَ الرَّسُولُ فَقَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَسَأَلَهُ عَنِ الأَدْهَمِ وَقَالَ رَأَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعْجَبَهُ قَالَ نعم وَقد طرح فِيهِ أَبَاك قَالَ وَلِمَ قَالَ حَبَسَ الْمَالَ وَجَاءَ بِالأَدْهَمِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ أَيْ وَاللَّهِ وَالْخَطَّابُ لَوْ كَانَ لطرحه فِيهِ

ذكر حبس جَابر بن زيد الْأَزْدِيّ وَتَقْيِيدِهِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَبَلَغَنِي عَنْ جَعْفَرِ بْنِ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ أَتَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ بِرَجُلٍ لَهُ قُبُلٌ وَذَكَرٌ لَا يَدْرِي كَيْفَ يُوَرَّثُ فَقَالَ أَرْسِلْ إِلَى جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ فِي السِّجْنِ فَجَاءَ يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ فَقَالَ مَا تَرَى فِي هَذَا فَقَالَ تَسْأَلُونِي وَأَنَا فِي قُيُودِكُمْ قَالُوا قُلْ فِيهِ قَالَ الْزَقُوهُ فِي الْحَائِطِ فَإِنْ بَالَ فِيهِ فَهُوَ ذَكَرٌ وَإِنْ بَالَ فِي رِجْلَيْهِ فَهُوَ أُنْثَى

سَبَبِ ضَرْبِ أَبِي السَّوَّارِ الْعَدَوِيِّ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن الْفرج الْبَغْدَادِيّ عَن رجل نسيت أَنا اسْمه وَأَحْسبهُ مَنْصُور بن أبي مَرْيَم مُزَاحِمٍ عَنْ مَرْحُومِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ كَانَ أَبُو السَّوَّارِ عَرِيفَ بَنِي عَدِيٍّ وَكَانَ لَا يَدُلُّ عَلَى عَاصٍ فَكَانَتِ الدَّارُ تَعْلُو فِي بني عدي علوا شَدِيدًا فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُهَلَّبِ وَهُوَ عَلَى شُرَطَةِ الْبَصْرَةِ فَقَالَ ائْتِنِي بِفُلانٍ قَالَ لَا أَعْرِفُهُ قَالَ ائْتِنِي بِهِ قَالَ لَا أَعْرِفُهُ فَضَرَبَهُ عِشْرِينَ سَوْطًا فَأَتَيْنَا نُعَزِّيهِ فَقَالَ مَا أُحِبُّ أَنَّهَا بِعَرْضِ هَذَا الْحَائِطِ فَبلغ ذَلِك إِلَى الْحَجَّاجَ فَلَعَنَهُ وَقَالَ عَمَدْتَ إِلَى أَفْضَلِ عُمَّالِنَا فَضَرَبْتَهُ أَقِدْهُ بِنَفْسِكَ فَلَمَّا جَاءَ بِذَلِكَ الْكِتَابِ ذكر لبَعض أَصْحَابه فَأَتَاهُ رجال مِنْهُم أَبُو السَّوَّارِ فَقَالَ هَذَا قَدْ جَاءَهُ كِتَابٌ فِيكَ فَلَوْ تَعَرَّضْتَ لَهُ فَدَخَلَ الرَّحْبَةَ فَدَعَاهُ وَرَحَّبَ بِهِ وَأَجْلَسَهُ إِلَى جَنْبِهِ وَاعْتَذَرَ لَهُ

ذِكْرُ ضَرْبِ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ سِنْجَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو قُدَامَةَ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ رَأَيْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ يَضْرِبُ عَبَّاسَ بْنَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ فِي أَمْرِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَأَتَاهُ سهل بن سعد وَهُوَ يَوْمئِذٍ شيخ كَبِير لَهُ ظفيرتان فَوَقَفَ بَيْنَ السّمَاطَيْنِ ثُمَّ قَالَ يَا حَجَّاجُ أَلا تَحْفَظُ فِينَا وَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَمَا أَوْصَى بِهِ رَسُول الله فِيكُم قَالَ أَن يحسن إِلَى محسن الْأَنْصَار ويعفى عَنْ مُسِيئِهِمْ فَأَرْسَلَهُ قَالَ فَرَأَيْتُ أَبَاهُ آخِذًا بِيَدِهِ حَتَّى ذهب بِهِ

ذِكْرُ سَبَبِ حَبْسِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيِّ قَالَ طَلَبَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيَّ فَلَمَّا أُخِذَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ أُمِرَ بِهِ إِلَى الْحَبْسِ فَأُدْخِلَ فِيهِ فَإِذا قوم معلقين أَيْدِيهِمْ إِلَى أَعْنَاقِهِمْ قَالَ فَقَالَ لَهُمْ إِبْرَاهِيمُ يَا أَهْلَ بَلاءِ اللَّهِ فِي نَقمَاتِهِ وَيَا أَهْلَ نَعْمَاءِ اللَّهِ فِي بَلائِهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَآكُمْ أَهْلا لِيُبْلِيَكُمْ فَرُوهُ أَهْلا أَنْ تَصْبِرُوا قَالَ فَقَالُوا وَاللَّهِ لَوَددْنَا أَنَّا كُنَّا كَذَا حَتَّى يُنْفُخَ فِي الصُّورِ وَيَمُوتَ إِبْلِيسُ

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ زَعَمَ لِي بَعْضُهُمْ قَالَ كَتَبَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ إِلَى عَامله أَن يَأْخُذ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ قَبِلْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ يَزِيدَ التَّيْمِيَّ وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ يَزِيدَ النَّخَعِيَّ فَأَيُّهُمَا آخُذُ قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ خُذْهُمَا جَمِيعًا قَالَ هُشَيْمٌ فَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فَإِنَّهُ لَمْ يُؤْخَذْ حَتَّى مَاتَ وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ فَأُخِذَ فَمَاتَ فِي السِّجْنِ قَالَ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي هُشَيْمٌ قَالَ فَزَعَمَ الْعَوَامُّ قَالَ لَمَّا قَدِمَ إِبْرَاهِيمُ فَانْتُهِيَ بِهِ إِلَى بَابِ السِّجْنِ قَالَ قِيلَ لَهُ هَلْ مِنْ حَاجَةٍ تَبْلُغُ الأَمِيرَ قَالَ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّي هُوَ خَيْرُ رَبٍّ مِنْ صَاحِبِ يُوسُفَ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ زَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ السِّجْنَ وَكَانَ مَحْزُونًا رَحِمَهُ الله فَكَانَ يَأْمُرهُم بِالصبرِ إِنَّ الْفَرَجَ قَرِيبٌ حَتَّى كَانُوا يَقُولُونَ لَوْ فَتَحَ اللَّهُ لَنَا الْبَابَ مَا تَرَكْنَاهُ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ لَمَّا حُبِسَ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ أَخذ بالظنة فَكَانَ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فَلَمْ يَقُلْ إِنِّي إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ فَأُلْقِيَ فِي الْحَبْسِ فَقَالَ لَهُ أَهْلُ الْحَبْسِ إِنَّا نُحِبُّ أَنْ يُخْرِجَكَ اللَّهُ مِنْ هَذَا السِّجْنِ فَقَالَ أَسْتَخِيرُ اللَّهَ وَمَا شَاءَ اللَّهُ فَقِيلَ لَهُ لَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ أَنْ يُخْرِجَكَ اللَّهُ مِنْ هَذَا السِّجْنِ فَقَالَ أَسْتَخِيرُ اللَّهَ وَمَا شَاءَ اللَّهُ فَقِيلَ لَهُ لَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ أَنْ يُفرِّجَ عَنَّا فَقَالَ أَسْتَخِيرُ اللَّهَ وَمَا شَاءَ اللَّهُ قَالَ وَكَانُوا يَعْمَدُونَ إِلَى حِيَاضِ الْمَاءِ الَّذِي يَشْرَبُ مِنْهُ أَهْلُ السِّجْنِ فيلقون فِيهَا الْملح والرماد ثمَّ يصبون الْمَاءُ عَلَيْهِ فَيَبِيتُ أَهْلُ السِّجْنِ يَشْرَبُونَ الصَّافِي مِنْهُ وَلا يَقْرَبُهُ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ حَتَّى إِذَا بَقِيَ الثُّفْلُ وَضَعَ عَلَيْهِ ثَوْبَهُ ثُمَّ جَعَلَ يَمُصُّهُ وَيَشْرَبُ مِنْهُ وَبَلَغَنِي أَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَرْزُقَنِي مِنَ الدُّنْيَا شَيْئًا وَتَعْلَمُ أَنِّي صَادِقٌ فَلا تَرْزُقْنِي مِنَ الدُّنْيَا شَيْئًا

قَالَ الْوَاقِدِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ التَّيْمِيُّ يُكَنَّى أَبَا أَسْمَاءَ مَاتَ فِي حَبْسِ الْحَجَّاجِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعين

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ بَلَغَنِي أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ أُتِيَ بِهِ إِلَى بَعْضِ الْخُلَفَاءِ فَأَمَرَ بِقَطْعِ لِسَانِهِ حَتَّى تَكَلَّمَ فِيهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ بَلَغَنِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ قَدِمَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ فَقَالَ لَهُم من بِالْمَدِينَةِ الْيَوْم فَقيل لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ أَبُو الْحَارِثِ قَالَ وَمَا بَلَغَ مِنْ أَمْرِهِ قَالُوا لَا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ أَزْهَدُ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا وَأَصْدَقُهُمْ لَهْجَةً فَكَتَبَ أَبُو جَعْفَرٍ إِلَى وَالِي الْمَدِينَةِ أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَيْهِ فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْأَلُهُمْ عَنْ رَجُلٍ قَدْ سَمَّاهُ قَالَ فَأَقْدَمَ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ قَالُوا لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا أَبُو الْحَارِثِ بْنُ أَبِي ذِئْبٍ فَقَالَ لَهُ مَا تَقُولُ فِي بَنِي مَخْزُومٍ يُرِيدُ قَوْمًا مِنْ آلِ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ وَمَا أَقُولُ فِي فرَاشِ نَارٍ وَذبَانِ طَمَعٍ لَا يَأْمُرُونَ بِمَعْرُوفٍ وَلا يَنْهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ قَالَ فَمَا تَقُولُ فِي قَوْمِي مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ أَشْرَهُ الْخَلْقِ إِنْ أُعْطُوا رَضُوا وَإِنْ مُنِعُوا سَخِطُوا قَالَ فَمَا تَقول فِي يُرِيد نَفسه قَالَ تعفني مِنْ ذَلِكَ قَالَ لَا أَفْعَلُ قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ إِنْ قُلْتُ فِيكَ قَوْلا تَعْرِفُهُ مِنْ نَفْسِكَ أَتَرْجِعُ عَنْهُ قَالَ فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ لَهُ لَتَقُولَنَّ فِيَّ قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ إِنْ قُلْتُ فِيكَ مَا لَيْسَ فِيكَ أَتَقْبَلُهُ قَالَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ لَتَقُولَنَّ قَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ مَا عَرَفْتُكَ مُذْ عَرَفْتُكَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْحَقِّ قَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْسَبُكَ خَارِجِيًّا قَالَ لَا بَلْ أَنَا خَيْرٌ لَكَ مِنَ ابْنِكَ الْمَهْدِيِّ إِنْ أطعتني فِي وصيتي قَالَ فحدثوني أَصْحَابُنَا قَالُوا اتَّقَيْنَا عَلَى ثِيَابِنَا مِنْ دَمِهِ مَا لَمْ نَتَوَقَّ مِنْ قَتْلِهِ قَالَ فَقَالَ أَخْرِجُوا هَذَا عَنِّي فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ كَتَبَ إِلَى وَالِي الْمَدِينَةِ أَحْضِرْ عُلَمَاءَ الْمَدِينَةَ وَفَاةَ فُلانٍ قَالَ أَبُو الْعَرَبِ يَعْنِي الْحَسَنَ بْنَ زَيْدٍ وَلْيَكُنْ فِيهِمُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ فَلَمَّا أَحْضَرَهُمْ أَخْرَجَهُ إِلَيْهِمْ وَقَالَ لَهُمْ هَذَا فَلانُ بْنُ فُلانٍ يَعْنِي الْحَسَنَ بْنَ زَيْدٍ لَيْسَ فِيهِ ضَرْبٌ وَلا أَثَرٌ فَإِنْ مَاتَ فموته نَفْسِهِ فَاشْهَدُوا قَالَ وَأَخَذَ الْقَوْمُ الْكِتَابَ لِيَشْهَدُوا فَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ أَمْسِكُوا الْكِتَابَ ثُمَّ كَتَبَ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ شَهِدَ أَنَّهُ صَحَّ عِنْدَهُ أَنَّ وَالِي الْمَدِينَةِ أَخَذَ فُلانًا الْفُلانِيَّ صَحِيحًا فَأَدْخَلَهُ بَيْتًا وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابًا وَلَمْ يُطْعِمْهُ وَلَمْ يَسْقِهِ فَإِنْ مَاتَ فَهُوَ يَقْتُلُهُ قَالَ فَكَتَبَ بِذَلِكَ وَالِي الْمَدِينَةِ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ إِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَاضْرِبِ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ مِائَةَ سَوْطٍ فَإِنْ مَاتَ فَاصْلِبْهُ وَإِنْ عَاشَ فانفه من الْمَسْجِد قَالَ فجَاء الْكِتَابُ وَنَدِمَ الْوَالِي فَأَرْسَلَ إِلَى قَوْمِهِ أَنْ يَأْمُرُوا ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ أنَ يَخْرُجَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ فَأَتَوْهُ فَقَالُوا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ وَلا أَتْرُكُ حَظِّي مِنْ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَيكون مَاذَا هَلْ هُوَ إِلا أَنْ أُقْتَلَ قَدْ تَمَنَّى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الشَّهَادَةَ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ وَقَالَ التمسوا إِلَيّ سَرَاوِيلَ أَوْ ثِيَابًا قَالَ فَمَا أَعْطَاهُ أَحَدٌ سَرَاوِيلَ فَثَبَتَ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ وَدَخَلَ بَرْبَرِيٌّ يَصْحَبُ الْوَالِي فَقَالَ لَهُ أَيُّ شَيْءٍ يَقُولُ النَّاسُ فِيَّ قَالَ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ شَرُّ خَلْقِ الله لَا تُحْسِنُ تَحْسِبَ وَلا تُفَرِّقُ بَيْنَ عَشَرَةٍ وَمِائَةٍ قَالَ وَكَيْفَ ذَلِكَ قَالَ تَضْرِبُ خَيْرَ الْمُسْلِمِينَ وَأَرْهَبَهُمْ مِائَةَ سَوْطٍ فَأَنْتَ شَرُّ خَلْقِ اللَّهِ قَالَ فَاسْتَضْحَكَ مِنْ قَوْلِهِ فَالْتَوَى عِرْقٌ فِي بَطْنِهِ وَاشْتَكَى الْوَالِي وَمَاتَ أَبُو جَعْفَرٍ قَبْلَ أَنْ يَبْرَأَ الْوَالِي

وَحَدَّثَنِي ابْنُ حمودٍ الْجُمْحِيُّ عَن يحيى بن يزِيد عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ ابْنَ جُرَيْحٍ قَالَ إِنِّي لَحَاضِرٌ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ لَمَّا قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ لأَبِي جَعْفَرٍ يَعْنِي قَوْلَهُ لَهُ مَا عَسَيْت أَن أَقُول فِيك ومعن بن زَائِدَة خطية مِنْ خَطَايَاكَ قَالَ ابْنُ جُرَيْحٍ فَقَبَضْتُ ثِيَابِي وَجَمَعْتُهَا لِئَلا يَمْلأَنِي دَمُهُ وَلابْنِ أَبِي ذِئْبٍ مِحَنٌ غَيْرُ هَذِهِ كَثِيرَةٌ

ذِكْرُ سَبَبِ ضَرْبِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَاخْتِفَائِهِ مِنَ الْحَجَّاجِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ قَرَأْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ كَانَ فِي الدِّيوَانِ وَكَانَ مَكْتَبُهُ بِحُلْوَانَ فَضَرَبَهُ حَوْشَبُ بْنُ الْعَوَّامِ وَكَانَ عَلَى شُرْطَةِ الْحَجَّاجِ ضَرَبَهُ خَمْسِينَ وَمِائَةَ سَوْطٍ وَوَفَدَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ الأَشْتَرِ هُوَ وَتَمِيمُ بْنُ سَلَمَةَ الْهَمْدَانِيُّ

وَبَلَغَنِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ قَالَ قَدِمْتُ الْكُوفَةَ وَإِبْرَاهِيمُ مُتَغَيِّبٌ مِنَ الْحَجَّاجِ فَتُوُفِّيَ فَدَفَنَّاهُ لَيْلا وَحَفَرُوا لَهُ حَتَّى بَلَغُوا الْحُزَّانَ وَهُوَ مَا غَلُظَ مِنَ الأَرْضِ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ عَلَى الشَّعْبِيِّ فَقَالَ كُنْتَ فِيمَن حضر الرجل قُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ مَا تُرِكَ مِثْلُهُ قَالَ ثُمَّ قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ فَنَعَيْتُهُ لَهُ فَقَالَ مَا تُرِكَ مِثْلُهُ

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ أَبُو عُبَيْدَة بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِنَ الْحَجَّاجِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي ابْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَيْلانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ أَرْسَلَ الْحَجَّاجُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ أَخْبِرْنِي عَنْ أَبِيكَ حَيْثُ يَقُولُ {إِنَّ هَذَا أخي لَهُ تسع وَتسْعُونَ نعجة} أَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ أَنَّ النِّعَاجَ إِنَاثٌ حَتَّى يَقُولَ لَنَا أَبُوكَ قَالَ فَقَالَ لَهُ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} قَالَ فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ ثَلاثَةً وَسَبْعَةً عَشَرَةٌ قَالَ خَلِّيَا عَنْهُ

قَالَ وَحَدَّثَنِي فُرَاتٌ أَيْضًا قَالَ أَبُو الْعَلاءِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ أَرْسَلَ الْحَجَّاجُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ إِنِّي أَعُوذُ بِمَا عاذت بِهِ مَرْيَم فَقَالَ لَهُ الْحجَّاج مَا عاذت بِهِ مَرْيَم قَالَ قَالَتْ {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كنت تقيا} فَقَالَ أَو تؤمن بِمَا فِي صُحُفِ أَبِيكَ قَالَ أُؤْمِنُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ قَالَ فَأَعَادَهَا الْحَجَّاجُ وَأَعَادَهَا أَبُو عُبَيْدَةَ ثَلاثًا قَالَ أَمَا إِنَّكَ لَوْ قُلْتَهَا ضَرَبْتُ عُنُقَكَ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن إِدْرِيس قَالَ سَمِعت هرون بن عنتر عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ كُنْتُ أَرْجُو الشَّهَادَةَ بَعْدَ قَوْلِ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ لِي أَرَأَيْتَ الَّذِي كَانَ يَرْجُزُ رَجْزَ الأَعْرَابِ قَالَ ثُمَّ يَبْكِي أَبُو عُبَيْدَةَ

قَالَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ وَكَانَ الْحَجَّاجُ يَقْتُلُ مَنْ قَرَأَ قِرَاءَةَ عَبْدِ اللَّهِ فَكَانُوا يَكْتَتِمُونَ بِهَا وَمَاتَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ مُخْتَفِيًّا مِنْهُ وَكَانَ يَقْرَأُ قِرَاءَةَ عَبْدِ اللَّهِ

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو قَبِيلٍ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بن إِسْحَاق قَالَ أخبرنَا زِيَادُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ضِمَامٌ وَحَدَّثَنِي أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَسَدٍ عَنْ ضِمَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَبَعْضُهُمَا يَزِيدُ عَلَى بَعْضٍ عَنْ عَقِيلِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ كُنْتُ فِي الْمَدِينَةِ فِي الْحَرَسِ فَلَمَّا صَلَّيْتُ الْعَصْرَ إِذَا رَجُلٌ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَسْأَلُ عَنْ عِرَاكٍ حَتَّى دُلَّ عَلَيْهِ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ لَطَمَهُ حَتَّى وَقَعَ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا ثُمَّ أَخذ بِرجلِهِ فَانْطَلق بِهِ حَتَّى حمله فِي مَرْكَبٍ إِلَى دَهْلَكَ فَنُفِيَ إِلَيْهَا وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَدْ نَفَى الأَحْوَصَ الشَّاعِرَ إِلَى دهلك فَأخْرجهُ يزِيد بن عبد الْملك مِنْهَا فَكَانَ أَهْلُ دَهْلَكَ يَقُولُونَ جَزَى اللَّهُ عَنَّا يَزِيدَ خَيْرًا كَانَ عُمَرُ قَدْ نَفَى إِلَيْنَا رَجُلا عَلَّمَ أَوْلادَنَا الْبَاطِلَ وَإِنَّ يَزِيدَ أَخْرَجَ إِلَيْنَا رَجُلا عَلَّمَنَا اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ الْخَيْرَ

وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ضِمَامٌ عَنْ أَبِي قَبِيلٍ قَالَ بَعَثَ إِلَيَّ حَنْظَلَةُ فَقَالَ لِي أَيُّهَا الشَّيْخُ لَوْ كَانَ فِيكَ للسوط موضعا لَضَرَبْتُكَ فَقُلْتُ لَهُ وَلِمَ قَالَ صِرْتَ هَهُنَا أَنْت الَّذِي تَقول الآخر فالآخر أشر قَالَ فَقُلْتُ لَيْسَ أَنَا الَّذِي قُلْتُهُ سَمِعْتُ مسلمة بن مخلد الأَنْصَارِيَّ وَهُوَ يَقُولُ عَلَى أَعْوَادِكَ هَذِهِ وَقَدْ كَانَ فِي بَعْضِ الْبَحْرِ فَكَرِهَ الْجُنْدُ ذَلِكَ فَقَالَ يَا أهل مصر مَا تَنْقِمُونَ مني فوَاللَّه لقد زِدْتُ فِي عَدَدِكُمْ وَقَوَّيْتُكُمْ عَلَى عَدُوِّكُمْ اعْلَمُوا أَنَّنِي خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْتِي بَعْدِي وَالآخِرُ فَالآخِرُ شَرّ

ذِكْرُ حَبْسِ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ وَتَوْبَةَ الْعَنْبَرِيِّ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قَالَتْ أُمُّ طَلْقِ بْنُ حَبِيبٍ لِطَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ حِينَ أَخَذَهُ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ فَأَلْقَاهُ فِي السِّجْنِ يَا بُنَيَّ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ كَانُوا أَصْبَرَ مِنْكُمْ

قَالَ وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي إِسْنَادٍ لَهُ أَنَّ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِيَّ الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ حُبِسَ فَقَالَ حُبِسْتُ فِي السِّجْنِ حِينَ قَرَعَ رَأْسِي فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي فَعَلَّمَنِي دُعَاءً فَذَكَرَهُ فَدَعَوْتُ بِهِ فَأُخْرِجْتُ من السجْن

ذكر ضرب خَالِد بن اللَّجْلَاج والْعَلَاء بْنِ أَبِي الزُّبَيْرِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ قَالَ قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ الْيحصبِي ضرب خَالِد بن اللَّجْلَاج والْعَلَاء بن أبي الزبير حِين ارتفت أَصْوَاتُهُمَا فِي الْعِلْمِ فِي الْمَسْجِدِ

ذِكْرُ الشَّعْبِيِّ وَأَبِي السَّوَّارِ إِذْ أَتَى بِهِمَا الْحَجَّاجُ أَسِيرَيْنِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالا حَدَّثَنَا أَبُو الْحسن الْكُوفِي وَحَدَّثَنِي أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ عَلَى بَعْضٍ قَالَ حَدثنَا عَمْرو ابْن خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ أُتِي بِي الْحَجَّاجِ مُوَثَّقًا فَلَمَّا أُتِيَ بِي بَابَ الْقَصْرِ لَقِيَنِي يزِيد بن أبي أسلم فَقَالَ لِي إِنَّا للَّهِ يَا شَعْبِيُّ لِمَا بَيْنَ رَقَبَتِكَ مِنَ الْعِلْمِ وَلَيْسَ يَوْمَ شَفَاعَةٍ قِرَّ لِلأَمِيرِ بِالشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ فَبِالْحَرِيِّ أَنْ تَنْجُوَ ثُمَّ لَقِيَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَجَّاجٍ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَى الْحَجَّاجِ قَالَ وَأَنْتَ يَا شعبي فِيمَن خرج وَكفر فَقُلْتُ أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ أَحْزَنَ بِنَا الْمَنْزِلُ وَأَجْدَبَ الْجَنَابُ وَضَاقَ الْمَسْلَكُ وَاكْتَحَلْنَا السَّهَرَ وَاسْتَحْلَسْنَا الْخَوْفَ فَوَقَعْنَا فِي خِزْيَةٍ لَمْ نَكُنْ فِيهَا بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ وَلا فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ قَالَ صَدَقَ وَاللَّهِ مَا بَرُّوا بِخُرُوجِهِمْ عَلَيْنَا وَلا قَوُوا عَلَيْنَا إِذْ فَجَرُوا أَطْلِقُوا عَنْهُ

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْكُوفِيِّ قَالَ أَبُو سَوَّارٍ الْعَدَوِيُّ كَانَ مِمَّنْ خَرَجَ عَلَى الْحَجَّاجِ فَأُتِيَ بِهِ أَسِيرًا وَكَانَ إِذَا أُتِيَ بِأَحَدٍ مِمَّنْ خَرَجَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ أَكَفَرْتَ بِخُرُوجِكَ عَلَيَّ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ خَلَّى سَبِيلَهُ وَإِنْ قَالَ لَا ضربت عُنُقه قَالَ فَأتى بِأبي السوار فَقَالَ لَهُ الْحجَّاج كَافِر قَالَ لَهُ أَبُو السوار كَافِر مُنَافِق قَالَ وَالله مَا عَنَيْتُ غَيْرَهُ

قَالَ مُحَمَّدٌ وَقَدْ ضَرَبَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بِالسِّيَاطِ فِي سَبَبٍ غَيْرِ هَذَا قَدْ ذَكرْنَاهُ

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عمر بن حَفْص بن عَاصِم ابْن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ وَحَسَنِ بْنِ يُونُسَ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَعْوَرِ وَكَانَ مُؤَدِّبًا لآلِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُجَالِدٍ قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَقْدَمَهُ فَلَقِيَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ مُجَالِدٍ وَهُوَ قَدْ دَخَلَ الْقَصْرَ قَالَ فَسلم قَالَ فَقَالَ لَهُ مَا لي غير هَذَا الرَّجُلِ قَالَ فَقَالَ مَا أَرَى لَكَ عِنْده خيرا فَإِنَّهُ أبلغ مَا أَبْلَغَ قَالَ فَمَا عِنْدَكَ فَأَشِرْ بِهِ عَلَيَّ قَالَ مَا أَرَى لَكَ شَيْئًا إِلَّا أَنْ تُذَكِّرَهُ إِدْنَاءَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَتَقْدِيمَهُ عَلَى غَيْرِهِ قَالَ فَدَخَلَ فَلَمَّا رَآهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَسْتُ بِعَدُوِّ اللَّهِ وَلَكِنِّي عَدُوُّ مَنْ عَادَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَيْسَ كَمَا بَلَغَكَ عَنِّي فَاذْكُرْ إِدْنَاءَ أَبِي أَبَاكَ وَتَقْدِيمَهُ إِيَّاهُ عَلَى بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا كَانَ لأبي على أَبِيك فَهُوَ لي عنْدك من الْحق قَالَ فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ لَهُ فِي وَسَطِ الْمُطَبَّقِ خَيْمَةٌ وَتُرِكَ فِيهَا قَالَ فَكَانَ يَدْخُلُ إِلَى الْمُطَبَّقِ بَعْضُ أُولَئِكَ التَّابِعِينَ فَرُبَّمَا ذَكَرُوا الصَّحَابَةَ قَالَ فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَمِدَ إِلَى عَمُودِ الْخِبَاءِ فَأَخَذَهُ ثُمَّ وَثَبَ عَلَيْهِمْ فَكَسَرَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ قَالَ فَحُمِلُوا فَأُدْخِلُوا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ مَنْ فَعَلَ بِهِمْ هَذَا قَالَ مَدِينِيٌّ فِي الْمُطَبَّقِ فَقَالَ عَلَّيَ بِهِ فَأُتِيَ بِهِ فَاسْتَقْبَلَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ مُجَالِدٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ إِنْ كُنْتَ نَجَوْتَ مِنَ الأُولَى فَمَا أَحْسِبُكَ تَنْجُو مِنْ هَذِهِ قَالَ فَقَالَ وَاللَّهِ لأُصَدِّقَنَّهُ ثُمَّ لِيَفْعَلْ مَا شَاءَ قَالَ فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ لَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ نَعَمْ قَالَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ مَا نَهَتْكَ الأُولَى عَنْ أُخْرَاكَ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَسْتُ بِعَدُوِّ اللَّهِ وَلَكِنِّي عَدُوُّ مَنْ عَادَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ اسْمَعْ مِنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَقُولُ ثمَّ أَنْتَهِي إِلَى مَا أَحْبَبْتَ مِنْ أَمْرِي قَالَ تَكَلَّمْ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي كُنْتُ بِمَوْضِعٍ لوكنت بِهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كُنْتَ أَشَدَّ نُكْرَةً عَلَيْهِمْ مِنِّي وَأَشَدَّ تَغْيِيرًا لِمَا كَانَ مِنْهُمْ إِنِّي رَأَيْتُ هَؤُلاءِ يَشْتِمُونَ عُمُومَتَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَالَ فَقَالَ أَخْرِجُوهُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَخْرَجُوهُ إِلَى الْمَدِينَة

ذكر هروب مُجَاهِد بن جُبَير الْمَكِّيِّ وَهِلالِ بْنِ خَبَّابٍ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ سَمِعْتُ هِلالَ بْنَ خَبَّابٍ قَالَ مَرَّ بِي مُجَاهِدٌ فَقَالَ إِنِّي أُرِيدُ الْهُرُوبَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ فِي زَمَانِ الْحَجَّاجِ قَالَ قُلْتُ وَأَنَا أُرِيدُ الْهُرُوبَ مِنْهُ قَالَ فَإِنْ شِئْتَ خَرَجْنَا إِلَى مَكَّةَ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ نَعَمْ فَزَامَلْتُهُ إِلَى مَكَّةَ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ مُجَاهِدٌ مَكِّيٌّ وَأَحْسَبُهُ يَوْمَئِذٍ كَانَ لَمَّا أَرَادَ الهروب إِلَى () بالعراق

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلانَ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ أَن بعض الْوُلَاة أَرَادَ أَن يقطع يَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ فِي شَيْءٍ ذَكَرَهُ بَكْرٌ قَالَ فَكَلَّمَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَأَعْفَاهُ قَالَ مُحَمَّدٌ أَحْسَبُ أَنَّ ذَلِكَ لَمَّا كَانَ قَدْ خَرَجَ ابْنُ عَجْلانَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي كَانَ خَرَجَ بِالْمَدِينَةِ فِي أَيَّامِ مَالِكٍ فَخَرَجَ مَعَهُ ابْنُ عَجْلانَ وَغَيْرُهُ وَهَرَبَ مَالِكٌ وَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ

وَقَدْ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنِ مَعْمَرٍ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى أَبِي زَيْدِ بْنِ أَبِي الْغَمْرِ قَالَ قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ أَخَرَجَ مَالِكٌ يَوْمَ خَرَجَ قَالَ قُلْتُ لَمْ يَخْرُجْ قَالَ لَا أَرَاهُ رَأَى مَا يُعْجِبُهُ قُلْتُ أَفَكَانَ يَقُولُ تَجْزِينَا الصَّلاةُ خَلْفَهُمْ وَالْجُمُعَةُ قَالَ نَعَمْ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حمودٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَجْلانَ وَعَظَ وَالِيًا كَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ فِي طُولِ ثِيَابِهِ فَأَمَرَ بِهِ الْوَالِي فَحُبِسَ فَكَلَّمَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ الْوَالِي فَخَلاهُ قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ للوالي إِنَّه وَالله مَا أعلمهُ إِلَّا ضَعِيف فَأَعْجَبَ الْوَالِي قَوْلُهُ وَقَالَ لَهُ فِيمَا ذَاكَ قَالَ إِذْ نَهَاكَ عَنْ جَرِّ ثِيَابِكَ فَلْيَتْرُككَ جررتها إِلَى الْمَوْت أَو لَا يَنْهَاكَ عَنْ ظُلْمِكَ النَّاسَ وَأَحْكَامِكَ الْجَائِرَةِ فِيهِمْ

ذِكْرُ سَبَبِ حَبْسِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ عَنْ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي المصعب قَالَ قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فَصَلَّى وَوَضَعَ رِدَاءَهُ بَيْنَ الصُّفُوفِ فَلَمَّا أَنْ سَلَّمَ الإِمَامُ رَمَقَهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ بِأَبْصَارِهِمْ وَجَعَلُوا يَرْمُقُونَ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ وَكَانَ قَدْ صَلَّى خَلْفَ الإِمَامِ فَلَمَّا أَنْ سَلَّمَ الإِمَامُ قَالَ مَالِكٌ من هَهُنَا مِنَ الْحَرَسِ فَجَاءَهُ نَفْسَانِ فَقَالَ خُذَا صَاحِبَ الثَّوْبِ فَاحْبِسَاهُ فَأُخِذَ فَحُبِسَ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ أَنْ حُبِسَ إِنَّهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فَوَجَّهَ إِلَيْهِ فَدَعَاهُ وَقَالَ أَمَا خِفْتَ اللَّهَ وَاتَّقَيْتَهُ أَنْ وَضَعْتَ ثَوْبَكَ بَيْنَ يَدَيْكَ فِي الصَّفِّ وَأَشْغَلْتَ الْمُصَلِّينَ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ وَأَحْدَثْتَ فِي مَسْجِدِنَا شَيْئًا مَا كُنَّا نَعْرِفُهُ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْدَثَ فِي مَسْجِدِنَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ فَبَكَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَآلَى عَلَى نَفْسِهِ أَلا يَضَعَ ثَوْبَهُ بَيْنَ يَدَيِ الصَّفِّ أَبَدًا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا غَيْرِهِ

وَبَلَغَنِي عَنْ عَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدُّورِيِّ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ قَضَى شَرِيكٌ الْقَاضِي عَلَى ابْنِ إِدْرِيسَ الْقَاضِي بِشَيْءٍ قَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ الْقَضَاءُ فِيهَا بِكَذَا فَقَالَ لَهُ شَرِيكٌ أَفت بِهَذَا حاكة الزَّعَافِر وَكَانَ ابْنُ إِدْرِيسَ فِي الزّعَافِرِ وَعِنْدَهُ حاكة وَحُبِسَ ابْنُ إِدْرِيسَ فِي الْقَضِيَّةِ

ذِكْرُ مَا نَزَلَ بِعَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ بَلَغَنِي عَنْ عَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدُّورِيِّ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ وَلِيَ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ قَضَاءَ أَرْمِينِيَةَ فَلَمَّا صَارَ إِلَى أَرْمِينِيَةَ اشْتَكَى عَيْنَيْهِ فَجَعَلَ يَخْتَلِفُ إِلَى مُتَطَبِّبٍ فَقَالَ الْقَاضِي الَّذِي كَانَ لأَرْمِينِيَةَ قبله للمتطبب أَكْحِلْهُ بِشَيْءٍ يَذْهَبُ بِعَيْنَيْهِ حَتَّى أُعْطِيَكَ كَذَا وَكَذَا فكحله بذلك الْكُحْلِ فَذَهَبَ بِعَيْنَيْهِ فَرَجَعَ إِلَى الْكُوفَةِ

قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ثِقَةٌ

ذِكْرُ ضَرْبِ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ وَابْنِ كَاسِبٍ[عدل]

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِسْطَامٍ عَنْ أَحْمَدَ بن سعد بن أبي مَرْيَم أَنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى ضَرَبَ قَابُوسَ بْنَ أبي ظبْيَان الْجَنبي

وَقَالَ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ قَابُوسُ بْنُ أَبِي ظَبْيَانَ ضَرَبَهُ بَعْضُ الْوُلاةِ فِي شَيْءٍ كَانَ لَهُ ظَالِمًا فَقُلْتُ من أَيْنَ قُلْت ذَلِكَ قَالَ لأَنَّهُ مَحْدُودٌ قُلْتُ وَلَيْسَ هُوَ فِي سَمَاعِهِ ثِقَة قَالَ بلَى فَأخْبرت بذلك مُصْعَب الزبيرِي فَقَالَ لَيْسَ مَا قَالَ ابْن معِين إِنَّمَا حَده الفلانيون فِي التحامل وَلَيْسَ حدودهم عندنَا بِشَيْء نجوزهم وَإِن كَانَ ثِقَة مَأْمُونا صَاحب حَدِيث

ذكر اختفاء الْحسن الْبَصْرِيّ وَهُرُوبِهِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا الْحفرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أبي معشر عَن الْحسن قَالَ كنت مختفيا مِنَ الْحَجَّاجِ وَكُنْتُ أَدْعُو بِدُعَاءٍ قَدْ ذَكَرَهُ فَحَبَسَهُ اللَّهُ عَنِّي وَلَقَدْ دَخَلُوا عَلَيَّ سِتَّ مَرَّات فدعوت الله عز وَجل فَأخذ بِأَبْصَارِهِمْ

وحَدثني يحيى بن مُحَمَّد بْنِ سَلامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ هَمَّامٍ يَعْنِي ابْنَ يَحْيَى قَالَ لَمَّا كَانَ زَمَنُ ابْنِ الأَشْعَثِ بَعَثَ إِلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فَأَخْرَجَهُ كَرْهًا فَرَمَى بِنَفْسِهِ فِي دِجْلَةَ عَلَى طُرٍّ مِنْ قصبٍ فَانْفَلَتَ

وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ أَبِيه عَن جده عَن يَحْيَى بْنِ سَلامٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أُمِّهِ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَوْمَ أُخِذَ يَقُولُ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ

قَالَ مُحَمَّدٌ وَقَدِ امتحن الْحسن بِأُمُور كَثِيرَة وَكَانَ مِنْهُ إِلَيْهِ وعيدا شَدِيدا يَطُولُ بِذِكْرِهِ الْكِتَابَ

ذكر مَا امتحن بِهِ الفضيل بن نزوان[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيد قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن رُزَيْنٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى قَالَ لَمَّا أَرَادَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُف أَن يقتل الفضيل بن نزوان قَالَ لَهُ أَلَمْ أَسْتَعْمِلْكَ قَالَ بَلِ اسْتَعْبَدْتَنِي قَالَ أَلَمْ أُكْرِمْكَ قَالَ بَلْ أَهَنْتَنِي قَالَ لأَجْلِدَنَّكَ قَالَ بِغَيْرِ ذَنْبٍ وَلا فَسَادٍ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِذًا أُخَاصِمُكَ قَالَ الْحُكْمُ يَوْمَئِذٍ لغيرك قَالَ لَا تذوق ألما قَالَ إِذًا أَسْبِقُكَ إِلَيْهِ

ذِكْرُ سَبَبِ ضَرْبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ ظَبْيَانَ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنَا أَبُو السّميْدَعِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّنُوخِيُّ قَالَ قَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ ظَبْيَانَ إِلَى بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ فَقَالَ يَا بِشْرُ كَمْ رَائِع مِنَ الْمُلُوكِ وَلُوا مِثْلَ الَّذِي وَلِيتَ ثُمَّ دُعُوا فَأَجَابُوا فَاتَّقِ اللَّهَ فِي عِبَادِهِ وَأَحْسِنِ السِّيرَةَ فِي بِلادِهِ فَإِنَّكَ إِلا تَفْعَلْ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَاد كَبِير قَالَ فَأمر بِهِ فَجرد وَضرب أَسْوَاطًا فَلَمْ يَلْبَثْ إِلا يَسِيرًا حَتَّى هَلَكَ فَجَعَلَتِ ابْنَتُهُ تَبْكِيهِ وَتَقُولُ

(وَرَاحَ أَبُو كِنَانَةَ نَحْوَ بِشْرٍ ... فَحمَّ لَهُ بِمَصْرَعِهِ الْتِهَابُ)

(أَبِي أَن قَالَ رَبُّكَ فَاحْذَرْنَهُ ... فَعِنْدَ اللَّهِ يَا بِشْرُ الثَّوَابُ)

(فَلا يَغْرُرْكَ مُلْكَكَ كُلُّ مُلْكٍ ... يَكُونُ لَهُ معَادٌ وَانْقِلابُ)

(فَعَزَّ لِقَوْلِهِ ودعى رِجَالا ... يَقْضُونَ الأُمُورَ وَهُمْ غِضَابُ)

(فَأَهْوَوْا بِالسِّيَاطِ فجردوه ... فَيَا لَكَ مُسْتَغِيثًا لَوْ يُجَابُ)

(فَأُقْسِمُ لَوْ رِيَاح حِينَ يَدْعُو ... قَرِيبًا أَوْ إِيَاس أَوْ رياب)

(لطمنهم ململمة ()

ترى فِيهَا الْقوَانسُ وَالْحِرَابُ)

(وَلَكِنَّ الْمَنَايَا غَالِبَاتٌ ... لِكُلِّ بني أَبٍ مِنْهَا شَرَابُ) (إِذَا مَا كَانَ طَالِبُ كُلِّ ذحلٍ ... رَهِينَ الرمس يعلوه التُّرَاب)

(فقد ظلّ الْقَتِيلُ وَصَارَ وَترًا ... طَوَالَ الدَّهْرِ مَا نَعبَ الْغُرَابُ)

(إِلَّا يَا بِشْرُ قَدْ أَهْوَيْت ركْنِي ... بفقد أَب وَقد هتك الْحجاب)

(وَكَانَ ذخيرتي إِذْ كَانَ حَيًّا ... فَأَيْنَ الْيَوْمَ يَا بِشْرُ الذِّهَابُ) // الْبَحْر الوافر //

ذِكْرُ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ وَضَرْبِ مَالِكٍ لَهُ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ سَأَلْتُ هِشَامَ بْنَ عَمَّارٍ مِنْ أَيْنَ قُلْتَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَإِنَّمَا كَانَ يَقْرَأُ عَلَيْهِ صَحْبَهُ وَقل مَنْ يَقُولُ مِنْ أَصْحَابِهِ حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ قَالَ نَعَمْ كَانَ يَقْرَأُ عَلَيْهِ حَبِيبٌ فَلَمَّا أَنْ فَرَغَ حبيب قلت لَهُ حَدثنِي فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ أَعْرَابِيٌّ أَنْتَ أَوْ لَمْ تَسْمَعْ فَقُلْتُ لَهُ سَمِعت يقْرَأ عَلَيْك فَلم تقل حَدَّثَنَا قَالَ فَأَمَرَ السُّودَانَ الْوُقُوفَ عَلَى رَأْسِهِ فحملوني وضربوني ثَمَانِي عَشْرَةَ درَّةً فَبَكَيْتُ فَلَمَّا رَآنِي أَبْكِي حَدَّثَنِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَدِيثًا وَسَأَلْتُهُ عَنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَسْأَلَة فَمن هَهُنَا قُلْتُ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ

ذِكْرُ اسْتِخْفَاءِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَمَا امْتُحِنَ بِهِ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ لَمَّا اخْتَفَى سُفْيَانُ إِذْ بَلَغَهُ أَنَّهُ عِنْدَ رَجُلٍ فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَضَرَبَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ فَاجْتَمَعْتُ أَنَا وَأَصْحَابِي ثُمَّ أَتَيْنَاهُ فَقُلْنَا لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ هَؤُلاءِ الأَشْقِيَاءَ الَّذِينَ صَارَتْ أُمُورُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ إِلَيْهِمْ () فَقَالَ يَا سُلَيْمَانُ لَقَدْ وَقَعَ بِقَلْبِي أَنْ آتيه وتحرجت أَن لَا آتِيَهُ ثُمَّ رَأَيْتُ أَنْ آتِيَهُ قَالَ ثُمَّ قَامَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ لَبِسَ ثَوْبَيْنِ غَسِيلَيْنِ ثُمَّ تَنَاوَلَ مِنْ طِيبٍ لَهُ وَقَالَ اتْبَعْنِي يَا سُلَيْمَانُ وَاجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ رَبْوَةً فَإِنْ يَكُنْ مِنَ الْفَاسِقِ شَيْءٌ تَوَلَّيْتَنِي وَإِنْ يُعَافِنِي اللَّهُ فتسأل عَن ذَلِك قَالَ فَخرج وَخرجت أتلوه حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَابِ السّدَّةِ وَجَلَسْتُ مُتَبَاعِدًا أَنْتَظِرُ مَا يَكُونُ مِنْ أَمْرِهِ قَالَ فَقَالَ لِحُجَّابِهِ يَا هَؤُلاءِ قُومُوا فَقُولُوا لِهَذَا هَذَا سُفْيَانُ بِالْبَابِ فَابْتَدُروا فَمَا لَبِثَ أَنْ أَدْخَلُوهُ ثُمَّ خَرَجَ عَلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَهُوَ مُبْتَسِمٌ فَأَتَيْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ أخْبرك لَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ ضربت الْبسَاط برجلي حَتَّى غبر عَلَيَّ فَجَلَسْتُ فَقَالَ حَاجِبُهُ لِمَ تَجْلِسُ وَمَا أَمَرَكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ اسْكُتْ يَا هامان وَالْبَيْت ممتليء فَقَالَ أَشِيرُوا فِيهِ بِرَأْيِكُمْ فَقَالُوا تَرَكَ مِثْلَ هَذِه جُرْأَةً اقْتُلْهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ فَتَبَسَّمْتُ فَقَالَ لَهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ وَاللَّهِ لَيَقُولَنَّ لَكُمْ مَا يسؤكم يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا الَّذِي أَضْحَكَكَ فَقُلْتُ يَا أَبَا جَعْفَرٍ كَانَ وُزَرَاءُ فِرْعَوْنَ لِفِرْعَوْنَ أَنْصَحَ مِنْ وُزَرَائِكَ لَكَ قَالَ لَهُمْ فِرْعَوْن فِي أَمر مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام مَاذَا تأمرون {قَالُوا أرجه وأخاه وَأرْسل فِي الْمَدَائِن حاشرين} وَهَؤُلاءِ قَالُوا لَكَ اقْتُلْ قَالَ صَدَقْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَلْ مِنْ حَاجَةٍ قُلْتُ مَا لِي وَلَكَ مَا تُرِيدُ مِنِّي أَتُرِيدُ أَنْ أجِيبَكَ إِلَى مَا تُرِيدُ وَاللَّهِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ أَبَدًا فَرَّقْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَانِي وَمَنَعْتَنِي مَسْجِدِي وَاللَّهُ حَسِيبُكَ وَمُسَائِلُكَ عَمَّا تَصْنَعُ قَالَ انْطَلِقْ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِي حِفْظِ اللَّهِ قَالَ مُحَمَّدٌ ثُمَّ إِنِّي حَسبْتُ أَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ تَوَارَى بَعْدَ ذَلِكَ

وَقَدْ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ عَن عَبْدِ اللَّهِ بن مُحَمَّد الْعَنْبَرِيِّ الْبَغْدَادِيِّ قَالَ قَالَ بَعْضُهُمْ مَاتَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ عِنْدَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فَغَسلَهُ لَيْلا ثُمَّ أَتَى بِهِ الْمَقْبَرَةَ وَكَتَبَ بِطَاقَةً وَجَعَلَهَا عَلَى النَّعشِ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ فَسَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عُبَيْدٍ الْبَصْرِيَّ يَقُولُ رَأَيْت قبر سُفْيَان الثَّوْريّ بِالْبَصْرَةِ مَكْتُوب عَلَيْهِ هَذَا قَبْرُ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيِّ مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ وَإِنَّهُ مَاتَ وَهُوَ مُتَوَارٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدْ تَنَقَّلَ فِي الْبِلادِ مُتَوَارِيًا

وَقَدْ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ كَانَ مَعَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بِمَكَّةَ وَهُوَ بِهَا مُتَوَارٍ حَتَّى دَقَّ الْبَابَ دَاقٌّ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ فَخَرَجْتُ فَنَظَرْتُ فَإِذَا رَجُلٌ عَلَيْهِ زِيُّ الْمُلُوكِ وَهَيْئَةُ النُّسَّاكِ فَرَجَعْتُ إِلَى سُفْيَانَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ أَدْخِلْ هَذَا الإِفْرِيقِيَّ يَعْنِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زِيَادِ بْنِ أَنْعمَ الْقَاضِي وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُحْنُونٍ قَالَ حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مِنْ قَوْمٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو هَمدَان أَنَّهُ مَاتَ مُسْتَخْفِيًا بِالْكُوفَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَة

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ مِنَ الْخَوْفِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا وَأَبُو أُسَيْدٍ وَأَبُو مَخْرَمَةَ وَصَدَقَةُ بْنُ يَسَارٍ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ عَنْ مَحْمُودٍ يَعْنِي ابْنَ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيَّ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ شَرِيكٍ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ كَانَ عبد الله ابْن أَبِي زَكَرِيَّا وَأَبُو أُسَيْدٍ الدِّمَشْقِيُّ وَأَبُو مَخْرَمَةَ يلبسُونَ التبابين تَحت سراويلاتهم إِلَى الرُّكْبَتَيْنِ مُخَالفَة الصّلبِ فَيَتَّخِذُونَهَا مِنْ خلْقَانِ ثِيَابِهِمْ لِئَلا يَرْغَبَ فِيهَا فتنتزع عَنْهُمْ

وَبَلَغَنِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ أَكُونُ جُمُعَةً بِالْمَدِينَةِ وجمعة بِمَكَّة من المخافة إِلَى أَنْ أُلْقَى فِي السِّجْنِ

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَكَانَ يُقِيمُ بِالْمَدِينَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَبِمَكَّةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَكَانَ لَا يَظْهَرُ إِلا فِي الْجُمُعَةِ قَالَ صَدَقْتَ خَرَجْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ يُسَايِرُنِي رَجُلٌ فَجَعَلْتُ أُنْفِرُ مِنْهُ فَلَمَّا رَآنِي أُنْفِرُ مِنْهُ قَالَ () لَتُصْبِحَنَّ الْيَوْمَ ابْنَ بَدريا فَإِذَا هُوَ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ

قَالَ أَبُو الْعَرَب وأنشدني بعض إخْوَانِي مِمَّن كَانَ خَائِفًا أَيَّامَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ (فَإِنْ نَكُ فِيكُمْ خَائِفِينَ فَقَبْلَنَا ... مِنَ النَّاسِ مَا خَافَ النَّبِيُّ الْمُطَهَّرُ)

(أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى أُبْصِرَ الْعَدْلَ يَظْهَرُ)

(عَلَى ابْنِ زِيَادٍ لَعْنَةٌ مِنْ إلهنا ... تروح عَلَيْهِ بالْعَشي وتبكر) // الْبَحْر الطَّوِيل //

ذِكْرُ حَبْسِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَمَنْ خَتَمَ الْحَجَّاجُ عَلَى يَدِهِ أَوْ عُنُقِهِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ بَلَغَنِي أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ حُبِسَ فِي دَيْنٍ لامْرَأَةٍ وَأَنَّ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ لَمَّا مَاتَ سُئِلَتْ صَاحِبَةُ الدَّيْنِ فَأَخْرَجَتْهُ فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ عَلَى الْحَسَنِ رَجَعَ إِلَى الْحَبْسِ فَمَاتَ بَعْدَ الْحَسَنِ بِمِائَةِ يَوْمٍ

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ زَيْدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ جَاءَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى الْحَجَّاجِ فَلَمْ يُعْطِهِ يَدَهُ لِلسَّلامِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْتِمُوا يَدَهُ

قَالَ زَيْدُ بْنُ بِشْرٍ وَبَعَثَ الْحَجَّاجُ إِلَى سهل بن سعد السَّاعِدِيّ فَقَالَ مَا لَكَ لَمْ تَنْصُرْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَان فَقَالَ قَدْ فَعَلْتُ قَالَ كَذَبْتَ فَخَتَمَ فِي عُنُقِهِ قَالَ وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ يَكْتُبُ إِلَيْهِ أَنْ لَا يَعْرِضَ لَهُمْ بِمَا يَكْرَهُونَ وَذَلِكَ حِينَ وَلاهُ الْمَدِينَةَ

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ خَتَمَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ عَلَى يَدِ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بسْطَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ رتيمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمَاجِشُونَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو يَحْيَى بْنُ زَيْدِ بْنِ علالَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ رَأَى فِي يَدِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ خَيْطًا فِيهِ رَصَاصٌ قُلْتُ مَا هَذَا قَالَ أمرالحجاج بن يُوسُف أَن تختم أَيْدِي النَّاسَ

وَحَدَّثَنِي ابْنُ بسْطَامٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ عُرْوَة بن ثَابت عَن عَليّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا زَيْدٍ يَقُولُ يُوشكُ أَنْ يَجِيءَ الْخَاتمُ وَلَمْ نَدْرِ مَا الْخَاتمُ حَتَّى خَتَمَ الْحَجَّاجُ النَّاسَ بَعْدَهُ

ذِكْرُ سَبَبِ ضَرْبِ الْبُهْلُولِ بْنِ رَاشِدٍ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَأَمَّا سَبَبُ ضَرْبِ الْبُهْلُولِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنِي جزيريّ أَنَّ الْبُهْلُولَ بْنَ رَاشِدٍ كَانَ فِي زمَان مُحَمَّد بن مقَاتل العكي وَكَانَ العكي أَمِيرًا عَلَى إِفْرِيقِيَةَ وَكَانَ يُلاطِفُهُ الطَّاغِيَةَ بِالأَلْطَافِ ويكافئه على ذَلِك فَكتب الطاغية إِلَى العكي أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ قَالَ فَاخْتلفَ عَلَيْنَا فِيمَا كُتِبَ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ فَقَالَ قَائِلٌ جَارِيَةٌ ضَارِبَةٌ مُغَنِّيَةٌ وَقَالَ قَائِلٌ كتبَ إِلَيْهِ فِي النّحاس وَالْحَدِيد وَالسِّلَاح فَلَمَّا عزم العكي عَلَى أَنْ يَبْعَثَ إِلَى الطَّاغِيَةِ لَمْ يَسعِ البهلول السُّكُوت فَتكلم وعارض العكي فِي ذَلِكَ وَوَعَظَهُ لِتَزُولَ عَنْهُ الْحُجَّةَ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَلَمَّا أَلَحَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بَعَثَ فِي طَلَبِ الْبُهْلُولِ فَضَرَبَهُ بِالسِّيَاطِ قَالَ أَبُو الْعَرَب ثمَّ ولي افريقية جدي تَمام بن تميمي التَّمِيمِي فعزل العكي بِأَسْوَإِ عزْلَةٍ وَهَمَّ بِقَتْلِهِ حَتَّى هَرَبَ مِنْهُ وَذَلِكَ يَحْدُثُ أَنْ ضَرَبَ الْبُهْلُولَ فِي رَمَضَانَ سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَمِائَة

وحَدثني بعض المشائخ أَن العكي قَيَّدَ الْبُهْلُولَ فَلَمَّا مُدَّتْ رِجْلاهُ لِلْقَيْدِ قَالَ الْبُهْلُولُ هَذَا الضَّرْبُ مِنَ الْبَلاءِ مَا سَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ الْعَافِيَةَ مِنْهُ قَطُّ قَالَ وَإِنَّ الْبُهْلُولَ بَقِيَ مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ قرحَة أَصَابَهُ طَرفُ السَّوْطِ لَمَّا ضُرِبَ فَمِنْهَا كَانَتْ ميتَته رَحِمَهُ اللَّهُ

وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ أَبُو عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ الْبُهْلُولِ قَالَ لَمَّا ضُرِبَ الْبُهْلُولُ أَتَاهُ السَّجَّانُ لِيُعَالِجَ ضَرْبَهُ فَوَهَبَ لَهُ دِينَارًا وَأَعْطَى لِمَنْ مَعَه دراهما وَقَالَ لَهُمُ اسْتَنْفِقُوهَا وَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهِ أَعْطَاهُ دِينَارًا فَخَافَ أَصْحَابُ بُهْلُولٍ أَنْ يَسْتَنْفِدَ مَا فِي مُلْكِهِ قَبْلَ أَنْ يَبْرَأَ ضَرْبُهُ فَلَقُوا السَّجَّانَ وَقَالُوا قَدْ بَرِئَ فَلا تَرْجِعْ إِلَيْهِ فَفَعَلَ ذَلِكَ السَّجَّانُ فَلَمَّا اسْتَبْطَأَهُ الْبُهْلُولُ سَأَلَ عَنْهُ وَقَالَ لأَصْحَابِهِ مَا أَرَاكُمْ إِلا وَقَدْ صَرَفْتُمُوهُ عَنِّي كَأَنَّهُ اتَّهَمَهُمْ فَقَالُوا لَهُ يَا أَبَا عُمَرَ تُعْطِيهِ كُلَّ يَوْمٍ دِينَارًا قَالَ لَهُمْ وَمَا فِي ذَلِك كَأَنَّهُ أعلمهم أَن ذَلِك سهلا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ حَفْصُ بْنُ عُمَارَةَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ إِذَا كَمُلَ صِدْقُ الصَّادِقِ لم يهْلك مَا فِي يَدَيْهِ فَأَقْبَلَ الْبُهْلُولُ عَلَى يَدِ حَفْصٍ يُقَبِّلُهَا وَجَعَلَ يَقُولُ سَأَلْتُكَ بِاللَّهِ أَنْتَ سَمِعْتَهُ يَقُولُ هَذَا فَقَالَ لَهُ وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ هَذَا

قَالَ أَبُو عُثْمَان حَدثنِي أَبُو سِنَان يزِيد بن سِنَان أَن مُحَمَّد بن مقَاتل العكي بعد أَن ضرب حَاجِبه بهلولا وأوهم العكي أَنَّهُ لَيْسَ بِكَبِيرٍ قَالَ وَإِنَّهُ يَقَعُ فِي سلطانك فَبعد أَن ضربه عرف بفضله اغْتَمَّ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ فَسَمِعْتُ أَبِي أَحْمَدَ بْنَ تَمِيمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يُحَدِّثُ عَنْ بعض مشائخ افريقية أَن العكي وَجَّهَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ أَنْ يُحَلِّلَهُ مِنْ ضَرْبِهِ فَوَجَّهَ الْبُهْلُولُ إِلَيْهِ وَاللَّهِ مَا ضَرَبْتَنِي سَوْطًا فَارْتَفَعَ عَنِّي حَتَّى اسْتَغْفَرْتُ لَكَ يَا أَبَا بِشْرٍ أَوْ كَمَا قَالَ

وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ بُهْلُولٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْكُوفِيِّ الَّذِي كَانَ يَسْكُنُ الْمنسْتِيرَ قَالَ كُنَّا مَعَ بَعْضِ الْخُلَفَاءِ فِي غزَاةٍ لَهُ وَكُنَّا مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الثُّغُورِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ فَارِسٍ وَكَانَ يَقْضِي لَنَا كُلَّ يَوْمٍ حَاجَتَيْنِ نَكْتُبُ بِهِمَا إِلَيْهِ فِي بِطَاقَةٍ يُوصلُهَا إِلَيْهِ الْحَاجِبُ فَلَمَّا بَلَغَنَا أَنَّ الْبُهْلُولَ بْنَ رَاشِدٍ ضُرِبَ بِإِفْرِيقِيَةَ أَتَيْنَا بِأَسْرِنَا بَابَ الْخَلِيفَةِ فَقَالَ لَنَا الْحَاجِبُ مَا لَكُمْ فَقُلْنَا لَهُ قَدْ جَعَلْنَا حَوَائِجَنَا كُلَّهَا فِي نُصْرَةِ البهلول بلغنَا أَن العكي ضَرَبَهُ بِالسِّيَاطِ فَقَالَ لَنَا الْحَاجِبُ اتَّقُوا اللَّهَ فِي دم العكي لَئِن بلغ الْخَلِيفَة أَن العكي ضرب البهلول ليَقْتُلهُ وَكَيف وَكَيْفَ يُضْرَبُ الْبُهْلُولُ بِإِفْرِيقِيَةَ إِلا أَنْ يَكُونَ أَهْلُ إِفْرِيقِيَةَ قَدِ ارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلامِ وَلَكِنِ اصْبِرُوا فَإِنْ صَحَّ الْخَبَرُ رَفَعْتُمْ أَمْرَهُ قَالَ فرجعنا

ذِكْرُ سَبَبِ ضَرْبِ فتيَانٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّمحِ التُّجِيبِيِّ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ يُحَدِّثُ قَالَ قَالَ لِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ لَمْ يَكُنِ الشَّافِعِيُّ ثِقَةً فِي عِلْمِهِ وَلَقَدْ عَمِلَ عَلَى فتيَانٍ صَاحِبِ مَالِكٍ عِنْدَ السُّلْطَانِ حَتَّى ضَرَبَ ظَهْرَهُ بِالسِّيَاطِ قَالَ وَمَا أَرَادَ إِلا قَتْلَهُ وَذَلِكَ أَنْ فتيَانًا نَاظَرَ الشَّافِعِيَّ فَأَفْحَمَهُ فَحِينَئِذٍ عَمِلَ عَلَيْهِ عِنْدَ السُّلْطَانِ حَتَّى ضَرَبَهُ

فَأَما الَّذِي حَكَاهُ أَبُو عمر يُوسُف بن يحيى المغامي أَنَّهُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو زَيْدٍ الْقَرَاطِيسِيُّ يُوسُفُ بن زيد قَالَ كَانَ فتيَانٌ صَاحِبَ مَالِكٍ لَا يَزَالُ يَتَكَلَّمُ فِي خِلافِ الشَّافِعِيِّ عِنْدَ مَالِكِ بْنِ أنس وينقم ذَلِكَ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ حِينَ ذَكَرَ بَعْضُ النَّاسِ عِنْدَ الْوَالِي بِمِصْرَ أَحْسَبُهُ قَالَ السَّرِيُّ بْنُ الحكم أَشْيَاءَ قَبِيحَةً اسْتُشْهِدَ فِيهَا بِالشَّافِعِيِّ وَرَجُلٌ آخَرُ سَمَّاهُ فَشَهِدَ عَلَيْهِ قَالَ الْقَرَاطِيسِيُّ فَكُنْتُ يَوْمًا فِي مَكَانٍ أُعَالِجُ فِيهِ بَعْضَ الْمَتْجَرِ فِي صَدْرِ النَّهَارِ فَإِذَا رَجُلٌ قَدْ طِيفَ بِهِ مَضْرُوب الظَّهْرِ قَدْ حُلِقَتْ لِحْيَتُهُ فَأَفْظَعَنَا قَبِيحُ مَنْظَرِهِ وَلَمْ نَعْرِفْهُ لِسُوءِ مَا صَارَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ فتيَانٌ صَاحِبُ مَالِكٍ ثُمَّ إِنَّ رجَالًا مَشوا إِلَى الْوَالِي فَأَعْلَمُوهُ فَقَالَ الْوَالِي إِنِّي لَمُحْتَشِمٌ مِنَ الشَّافِعِيِّ فِي تَقْصِيرِي فِيهِ وَلَوْ أَنَّ صَاحب الشَّافِعِي قطع عَلَيْهِ الشَّهَادَة مِثْلَمَا قطع عَلَيْهِ الشَّافِعِي كَانَ مني فِيهِ غَيْرِ مَا كَانَ

قَالَ الْقَرَاطِيسِيُّ ثُمَّ إِنَّ فتيَان خَرَجَ مِنْ مِصْرَ إِلَى بَعْضِ نَوَاحِيهَا فَأَوْطَنَهَا وَتَرَكَ سُكْنَى مِصْرَ

وَبَلَغَنِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بن عبد الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ النَّاسُ يَقُولُونَ إِنِّي شَهِدْتُ عَلَى فتيَانٍ وَأَنْتَ تَرَانِي مَرِيضًا فِي هَذِهِ الْحَالِ وَاللَّهِ مَا شَهِدْتُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ غَيْرَ أَنِّي قَدْ سَمِعْتُ مَا قَالَ النَّاسُ إِنَّهُ قَالَهُ وَخِفْتُ فِي أَنْ يُشْهَدَ عَلَيْهِ فَيُؤْخَذَ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَمِعْتُ فتيَانًا وَهُوَ يُطَافُ بِهِ وَيُقَالُ هَذَا جَزَاءُ مَنْ سَبَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفتيَانٌ يَقُولُ عَائِذٌ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ كَانَ فتيَانٌ نَبِيلا فَقِيهًا وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّمْحِ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ وَكَانَ يَخْدِمُ أَشْهَبَ وَيَأْتَمِنُهُ وَكَانَ يَشْتَرِي لِمَالِكٍ حَوَائِجَهُ من مصر وَيقدم بهَا عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُ عشر مسَائِل يسْأَل مَالك عَنْهَا فِي كُلِّ عَامٍ

ذِكْرُ سَبَبِ ضَرْبِ عَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ الْفَارِسِيِّ الْمُحَدِّثِ وَابْنِ قَادِمٍ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَسَّانٍ أَوْ غَيْرُهُ قَالَ رَأَيْتُ أَسَدَ بن الْفُرَات أَمر بِضَرْب عَبَّاس بن الْوَلِيد الْفَارِسِيِّ بِالدِّرَّةِ قَالَ فَضُرِبَ وَقَالَ لَهُ حَينِئَذٍ أَسَدٌ أَترَانِي أَنِّي نَسِيتُ دَعْوَةَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْكَ يَعْنِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَيْثُ قَالَ اللَّهُمَّ افْضَحْهُ فِي بَلَدِهِ قَالَ فَضرب حَتَّى سَالَ دَمه على قَمِيص كَانَ عَلَيْهِ

وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانٍ عَنْ مَعْمَرٍ أَنَّ أَسَدًا أَمَرَ بِعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ الْفَارِسِيِّ فَبُطِحَ وَعَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ طَوِيلَةٌ قَالَ فَضُرِبَ وَهُوَ مَبْطُوحٌ قَالَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ ضَرْبِهِ وَقَامَ قَالَ لأَسَدٍ هَلْ هَذَا مِنْ جَهْلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا مدَّ فِي الإِسْلامِ وَقَدْ أَمَرْتَ بِي فَمُدِدْتُ

وَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ يَحْيَى أَنَّ عَبَّاسًا كَانَ يُلَقِّبُ أَسَدًا فَيَقُول أَبُو الْحِجَارَة وَكَانَ بَيْنَهُمَا غَيْرَ جَمِيلٍ وَقَدْ ضَرَبَ أَسَدٌ مُحَمَّدَ بن قادم وَكَانَ غزى مَعَهُ صِقِلِّيَةَ وَكَانَ ابْنُ قَادِمٍ قَدْ أَرَادَ الرُّجُوعِ إِلَى إِفْرِيقِيَةَ وَتَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَعَتَبَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَسَدٌ وَضَرَبَهُ وَكَانَ مِنْ حُجَّةِ ابْنِ قَادِمٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ إِنَّمَا كَانَ يَقْفلُ جُيُوشَهُ إِذَا أَقَامُوا سِتَّةَ أَشْهُرَ وَقَدْ طَالَ مُقَامُنَا فَأَقْفلنَا فَحِينَئِذٍ ضَرَبَهُ أَسَدٌ

ذِكْرُ مَنْ ضُرِبَ فِي الْقُرْآنِ وَامْتُحِنَ عَلَى ذَلِكَ وَسُجِنَ[عدل]

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَضَّاحٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ الْبَغْدَادِيِّ قَالَ لَمَّا دُعِيَ عَفَّانُ يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ لِيمْتَحنَ عُرِضَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْفِتْنَةِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّا قَدْ أَمَرْنَا أَنْ نجْرِيَ عَلَيْك أَرْبَعمِائَة دِرْهَم فِي السّتْر وَعشْرين قَفِيزا من قَمح إِن أجبْت إِلَى مَا رَأْيِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَعْنُونَ الْوَاثِقَ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ عَفَّانُ إِنْ لَمْ أَقُلْ تُعْطُونِي شَيْئًا قَالُوا لَهُ كَذَا أُمِرْنَا إِنْ قُلْتَ أَعْطَيْنَاكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ لَمْ نُعْطِكَ فَقَالَ عَفَّانُ اقطعوها فقد قطعهَا الله وَوَاللَّه لَقَدْ لَقِيتُ ثَمَانِينَ شَيْخًا فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا وَكَانَ عَفَّانُ زَاهِدًا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ لَوْ جَاءَهُ صَاحِبٌ لَهُ فَيَجِيئُهُ بِرُمَّانَةٍ أَوْ بِجَزَرَةِ بقل مَا قَبْلهَا وَقَدْ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا وَمَا كَانَ يملك شَيْئا وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ قَالَ أَوَّلُ مَنِ امْتُحِنَ فِي خَلْقِ الْقُرْآنِ عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ يَا أَبَا عُثْمَانَ قَالَ لَهُ مَا تُرِيدُ قَالَ كَتَبَ إِلَيَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ أَمْتَحِنَكَ قَالَ فِي أَيِّ شَيْءٍ قَالَ تَزْعمُ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ قَالَ مَا أَقُولُ ثُمَّ قَرَأَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} حَتَّى خَتمهَا إِذْ لَا أَقُولُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَام الله} {وكلم الله مُوسَى تكليما} إِذا لَا أَقُول هَذَا الْكفْر بِاللَّهِ فَقَالَ لَهُ إِذًا تُقْطَعُ أَرْزَاقُكَ قَالَ عَفَّانُ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَفِي السَّمَاءِ رزقكم وَمَا توعدون} أَمَا لَكَ بَابٌ لَا وَقفت عَلَيْكَ أَبَدًا قَالَ فَمَا أَقَامَ إِلا أَيَّامًا حَتَّى مَاتَ

فَأَمَّا عَبْدُ الْحَكِمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَإِنَّ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي عَنْ قَائِمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَضَرْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَكَمِ الْكَبِيرَ وَقَدِ امْتُحِنَ فَضُرِبَ بِالسِّيَاطِ فِي مَسْجِدِ مِصْرَ أَقَلَّ مِنْ ثَلاثِينَ سَوْطًا فِي غلالَةٍ تَوَلَّى ذَلِكَ مِنْهُ الأَصَمُّ وَابْنُ أبي دؤاد يَوْمَئِذٍ قَاضٍ فِي أَيَّامِ الْمَأْمُونِ

فَأَمَّا ضَرْبُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ[عدل]

فَإِنَّ أَبَا عِمْرَانَ مُوسَى بْنَ الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيَّ حَدثنِي قَالَ حضرت أَمر أَحْمد بْنِ حَنْبَلٍ وَقَدْ حَمَلَ إِلَيْهِ وَكَانَ بِبِلادِ الرُّومِ فَقَدِمَ طَرسُوسَ فَكَتَبَ الْمَأْمُونُ إِلَى عَامِلِهِ بِطَرسُوسَ وَوَجَّهَ إِلَيْهِ بِكِتَابٍ فَقَالَ اقْرَأْهُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَرَّ بِمَا فِيهِ وَإِلا اقْطَع يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ الْقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ وَكَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَأَرَادَ الْعَامِلُ إِنْفَاذَ أَمْرِ الْمَأْمُونِ فَقَامَ رَجُلانِ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ دُونَ أَحْمَدَ يُقَالُ لَهُمَا مُحَمَّدٌ وَإِسْحَاقُ ابْنَا الطّبَاعِ وَقَامَ مَعَهُمَا عَالِمٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنَعُوهُ مِنْهُ وَسلمَ أَحْمَدُ إِلَى أَيَّامِ الْمُعْتَصِمِ

قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَأَنَا حَاضِرٌ بِبَابِ الْخِلافَةِ إِذْ حَضَرَ أَحْمَدُ وَأَمَرَ الْجَلادِينَ فَعَلقُوهُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَوَقَفَ لَهُ سِتِّينَ جَلادًا ثَلاثِينَ نَاحِيَةً وَثَلاثِينَ نَاحِيَةً فَقَامَ إِلَيْهِ الْمُعْتَصِمُ فَقَالَ وَيْحَكَ يَا أَحْمَدُ إِنِّي أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ لَا يَبْتَلِيَنِي بِكَ مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَعْرِفُ الْكَلامَ إِنَّمَا طَلَبت أَمْرَ دِينِي وَصَلاتِي وَأَعْلم النَّاسِ فَقَالَ لَهُ مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ قَالَ الْقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ وَكَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَأمرَ بِهِ فَضُرِبَ ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعَادَ قَوْلَهُ الأَوَّلَ كَلام اللَّهِ فَأمرَ فَأَعَادُوا عَلَيْهِ الضَّرْبَ ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ فَنَاشَدَهُ اللَّهَ فِي نَفْسِهِ وَأمر بمسورتين فَوَضَعَتَا تَحْتَ رِجْلَيْهِ فَكَانَ مُعَلَّقًا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ثُمَّ سَأَلَهُ الْمُعْتَصِمُ عَنِ الْقُرْآنِ فَقَالَ لَهُ كَلامُ اللَّهِ وَكَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْجَلادِينَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ أَرَدْتَ ضَرَبْتُهُ سَوْطَيْنِ أَقْتُلُهُ فِيهِمَا فَضَرَبَهُ سَوْطَيْنِ شَقَّ مِنْهُمَا خصْرَيْهِ وَسَالَتْ أَمْعَاؤُهُ فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ مِنَ الْحَدِيدِ وَشُدَّ بِثَوْبٍ تَامٍّ وَصَاحَ النَّاسُ وَالْعَامَّةُ وَخَرَجَ الْجَلادُونَ فَقَالُوا مَاتَ أَحْمَدُ وَذَكَرُوا لِلْعَامَّةِ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوا مِنْ رِجْلَيْهِ الْحَدِيدَ وَهُوَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ خَرَجَ أَبُو إِسْحَاقَ عَدُوّ اللَّهِ مِنَ الْقصرِ وَابْن أَبِي دؤاد الزّنْدِيق فِي مَوْكِبٍ عَظِيمٍ فَحَالَتِ الْعَامَّةُ بَيْنَ أَبِي إِسْحَاقَ وَبَيْنَ الْجِسْرِ حَتَّى خَافَ عَلَى نَفسه وأسمعوه مَا يكره وَقَالُوا لَهُ قَتَلْتُمْ أَحْمَدَ فَقَالَ لَهُمْ هَذَا أَحْمَدُ فِي الْحَيَاةِ

قَالَ أَبُو عِمْرَانَ فَأَتَتْ رُسُلُ أَهْلِ خُرَاسَانَ بِرِيشَةٍ سَوْدَاءَ وَرِيشَةٍ حَمْرَاءَ وَرِيشَةٍ بَيْضَاءَ وَكَتَبَ عَامِلُ خُرَاسَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الرِّيشَةُ الْحَمْرَاء دم والريشة الْبَيْضَاء يخرجُوا عَلَيْكَ وَالرِّيشَةُ السَّوْدَاءُ الطَّاعَةُ وَكَتَبَ عَامِلُ الْيَمَنِ اللَّهَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَإِنَّ الْبِلادَ قَدْ خَرَجَتْ عَنْ يَدَيْكَ فَخَلَّى عَنْهُ

قَالَ أَبُو عِمْرَانَ فَأُخْبِرْتُ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ رَأَى كَأَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَكَانَ النَّاسُ يَقُولُونَ يُقْتَلُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ جِبْرِيلُ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ وَأَشَارَ إِلَى ابْن أبي دؤاد وَأَصْحَابِهِ {فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بكافرين} وَأَشَارَ إِلَى أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ

قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَأَرْسَلَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَلْفَ دِينَارٍ فَأَبَى أَن يقبلهَا وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مِنْ خُرَاسَانَ بِجَوْهَرٍ فَمَضَى إِلَيْهِ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ

وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِيسَ قَالَ كُنْتُ مَعَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي سِجْنِ بَغْدَادَ

وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ رَأَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَقَدْ حُمِلَ فِي مَحْمَلٍ أَحْسَبُهُ قَالَ إِلَى الْمُعْتَصِمِ

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ لما ضرب ابْن حَنْبَلٍ فِي الامْتِحَانِ سُئِلَ وَأَنَا أَسْمَعُ فَقِيلَ لَهُ كَيْفَ كَانَ صَبْرُكَ قَالَ لَمَّا قَدِمت إِلَى الضَّرْبِ تَهَيَّبْتُهُ ثُمَّ ذَكَرْتُ بَلِيَّةَ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَسَهلَ عَلَيَّ وَلَمْ أَجِدْ لَهُ مَا كُنْتُ أَتَخَوَّفُهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ نَاظرُونِي يَوْمَ الْمِحْنَةِ وَنَحْنُ بِحَضْرَتِهِ يَعْنِي أَبَا إِسْحَاقَ الْمُعْتَصِمَ وَفِي رَجْلِي ثَلاثَةُ قُيُودٍ قد أثقلتني وجمعوا عَليّ نَحْو مِنْ خَمْسِينَ مِنَ الْمُنَاظِرِينَ فَقُلْتُ لَا أُكَلِّمُكُمْ إِلا بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ أَوْ سُنَّةِ رَسُولِهِ قَالَ فَقَطَعْتُهُمْ فَلَكَزَنِي عجيف بِقَائِمِ سَيْفِهِ وَقَالَ أَنْتَ وَحْدَكَ تُرِيدُ أَنْ تَغْلِبَ هَذَا الْخَلْقَ وَلَكَزَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بِقَائِمِ سَيْفِهِ وَأَشَارَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ بِيَدِهِ إِلَى عُنُقِهِ قَالَ وَأَنْتَ تَقُولُ إِلا مَا كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَوْ سُنَّةِ رَسُوله قَالَ فَقَالَ لَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمُعْتَصِمُ خُذُوهُ قَالَ فَأَخَذُوا بِضَبعِي فَخَلَعُونِي فَأَنَا أَجِدُ ذَلِكَ فِي كَتِفِي إِلَى السَّاعَة وَكَانَا جلادين وَكَانَ يَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَوْطًا وَيَتَنَحَّى فَضُرِبَ ثَلَاثِينَ سَوْطًا يُقَال أَنَّهَا تعدل ثَلَاثمِائَة سَوْطٍ

قَالَ أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ وَلَقَد جَاءَهُ عَمُّهُ وَهُوَ بَيْنَ الْعقَابَيْنِ وَقَدْ ضُرِبَ إِلا أَنَّهُ لَمْ يحلَّ عَنْهُ وَقَدْ أَرْخَى أَحْمَدُ رَأْسَهُ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي قُلِ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ عَلَى التَّقِيَّةِ فَرَفَعَ أَحْمَدُ رَأْسَهُ إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ يَا عَمِّ إِنِّي عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى السّوطِ فَصَبَرْتُ وَعَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى السَّيْفِ فَصَبَرْتُ وَعَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى النَّارِ فَلَمْ أَصْبِرْ

قَالَ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ ضُرِبَ أَبِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ تِسْعَةً وَثَلاثِينَ سَوْطًا وَذَلِكَ فِي سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ مقَامُهُ فِي الْحَبْسِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ شَهْرًا وَالضَّرْبُ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ أُطْلِقَ حِينَ ضُرِبَ وَعَاشَ إِلَى سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ يَعْنِي وَمِائَتَيْنِ

قَالَ سَمِعت أَحْمد بن حَنْبَل يَقُولُ لِلْجَلادِ أَوْجِعْ قَطَعَ اللَّهُ يَدَكَ يَعْنِي الْمُعْتَصِمَ

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وُلِدَ أَبِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ

وَقَالَ مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ تُرِيدُونَ مِنَّا أَنْ نَكُونَ مِثْلَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ لَا وَاللَّهِ مَا نَقْوَى عَلَى هَذَا

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ رَأَيْتُ يَحْيَى بْنَ معِين جَاءَ إِلَى أَحْمد بن حَنْبَل بَعْدَمَا أُخْرِجَ مِنَ الْحَبْسِ وَضُرِبَ يَعُودُهُ فَانْكَبَّ عَلَيْهِ وَقَبَّلَ رَأْسَهُ وَجَعَلَ يُسَائِلُهُ قَالَ فَمَا كَلَّمَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بِشَيْءٍ مِمَّا سَأَلَ ثُمَّ جَاءَ مَرَّةً أُخْرَى قَالَ فَلَمَّا رَآهُ قَدْ جَفَاهُ لَمْ يَعُدْ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَانَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يُكْنَى أَبَا عَبَّادٍ وَبَلَغَنِي عَنْ يَحْيَى أَنَّهُ قَالَ مَاتَ أَعَزُّ الْخَلْقِ عَلَيَّ فَمَا جَاءَ أَحْمَدُ يُعَزِّينِي قَالَ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عبد الرَّحْمَن عبد الله بن أحمدبن حَنْبَلٍ قَالَ أَجَابَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِي الْقُرْآنِ وَأَبُو خَيْثمَةَ يَعْنِي زُهَيْرَ بْنَ حَرْبٍ وَأحمد بن الدَّوْرَقِيِّ وَأَبُو مُسْلِمٍ الْمُسْتَمْلِي وَالْجَزَرِيُّ فَأَظُنُّ أَحْمَدَ إِنَّمَا جَفَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ لأَنَّ يَحْيَى أَجَابَ فِي الْفِتْنَةِ وَرَأَى أَنَّ التّقيَةَ تَسَعُهُ أَنْ يَقُولَ بِلِسَانِهِ وَقَلْبُهُ مُضْمِرٌ عَلَى خِلافَ مَا يُظَنُّ بِهِ

وَحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَلِيٍّ الْمُلَوّحِ فَأَتَاهُ شَاب وَالنَّاس حوله فَقَالَ أَدْعُو اللَّهَ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ وَمَا ذَاكَ قَالَ رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ جَالِسًا فِي نَاحِيَةٍ وَابْن أبي دؤاد فِي نَاحيَة أُخْرَى إِذْ تلى جِبْرِيلُ هَذِهِ الآيَةَ {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} وَيُشِيرُ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَأَصْبَحَ مِنَ الْغَدِ فَضُرِبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي ذَلِكَ الْمُجْتَمَعِ

وَحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدثنَا مُوسَى بن إِبْرَاهِيم الْحُلَيْس قَالَ كُنْتُ عَلَى بَابِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إِذْ أقبل شَابٍّ فَقَالَ أَيَخْرُجُ هَذَا فَقُلْتُ لَهُ إِنَّهُ لَا يَخْرُجُ إِلا إِلَى الصَّلاةِ قَالَ فَخَرَجَ أَحْمَدُ يُرِيدُ الصَّلاةِ فَلَمَّا قَضَاهَا خَرَجَ يُرِيدُ مَنْزِلَهُ فَقَالَ لَهُ الشَّابُّ يَا هَذَا إِنَّهَا أَمَانَةٌ وَلَوْلاهَا مَا دَخَلْتُ هَذَا الْبَلَدَ إِنَّ أَخَاكَ الْخِضْرَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ وَيَقُولُ لَكَ يَا أَحْمَدُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَاهَى بِكَ مَلائِكَتَهُ بِمَا فُعِلَ بِكَ قَالَ فَوَلَّى أَحْمد وَهُوَ يَقُول إِنَّمَا الْأَعْمَال بالخواتم وَانْصَرَفَ الشَّابُّ وَمَا الْتَفَتَ إِلَيَّ أَحْمَدُ قَالَ فَجَهدْتُ أَنْ أَمْشِيَ مَعَهُ فَأَبَى عَلَيَّ وَقَالَ لِي لَوْلا مَا سَمِعْتُ مَا دَخَلْتُ هَذَا الْبَلَدَ أَبَدًا ثُمَّ اتَّبَعْتُهُ إِلَى دَارِ ابْنِ كَرِيمٍ ثُمَّ غَابَ عَنِّي وحَدثني مُحَمَّد بن عبيد قَالَ حَدثنِي أبوعبد الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ وَدِدْتُ أَنِّي أَنْجُو مِنْ هَذَا الأَمْرِ كفَافًا لَا لِي وَلا عَلَيَّ وَلَقَدْ أَعْطَيْتُ مِنْ نَفْسِي الْمَجْهُودَ يَعْنِي فِي الضَّرْبِ وَالْحَبْسِ

قَالَ وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ تَمَنَّيْتُ الْمَوْتَ وَهَذَا أَمْرٌ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ ذَلِكَ فِتْنَةُ الدِّينِ وَالضَّرْبُ وَالْحَبْسُ حَيْثُ أَحْتَمِلُهُ فِي نَفْسِي وَهَذِهِ فِتْنَةُ الدُّنْيَا أَوْ كَمَا قَالَ أبي

قَالَ مُحَمَّد بن أَحْمد بْنُ تَمِيمٍ وَذَلِكَ أَنَّ الدُّنْيَا أَتَتْهُ مِنْ أَمَاكِنَ كَثِيرَةٍ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا وَكَانَ عَيْشُهُ كَمَا حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدٍ الْبَصْرِيُّ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّمَا كَانَ عَيْشُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مِنْ حَائِكٍ إِلَى جَنْبِهِ يَأْخُذُ مِنْهُ غَزْلا فَيكْببهُ وَيَأْخُذُ أُجْرَتَهُ

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أُتِيَ أَبِي بِمَاءٍ سَخنٍ لِيَتَوَضَّأَ بِهِ فَقَالَ مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا الْمَاءُ قَالُوا أَدْخَلْنَا هَذَا الْمَاءَ فِي كَانُونِ صَالِحٍ فَأَبَى أَنْ يَتَوَضَّأَ بِذَلِكَ الْمَاءِ وَذَلِكَ أَنَّ صَالِحَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ كَانَ قَدْ وَلِيَ الْقَضَاءَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى أَحْمد

وَمِمَّنْ أَجَابَ بِلِسَانِهِ فِي الْمِحْنَةِ وَرَأَى أَنَّ التّقيَةَ تَسَعُهُ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُعتَّبٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ابْتُلِيَ فِي الْمِحْنَةِ فَأَجَابَ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ رَأْيُهُ وَكَانَ يَتَشَيَّعُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَالتَّشَيُّعُ تَشَيُّعُ أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِي يُقَدِّمُ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ وَأَمَّا مَنْ قَدَّمَ عَلِيًّا عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَهُوَ رَافِضِيٌّ

وَقَالَ يَحْيَى بن عمر بْنِ يُوسُفَ وَامْتَحَنَ الأَصَمُّ أَبَا الطَّاهِرِ وَأَبَا جَعْفَرٍ الأَيْلِيَّ ويَحْيَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ فِي أَنْ يَقُولُوا الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فِي مَسْجِدِ الْفسْطَاطِ فَأَجَابُوا عَلَى التّقيَّةِ فَخَلاهُمْ وَكَانَ مَنْ أَجَابَهُ خَلاهُ وَمَنْ أَبَى عَلَيْهِ أَرْسَلَهُ إِلَى أَحْمد بن أبي دؤاد بِالْعِرَاقِ

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَكُنْتُ بِمِصْرَ حِينَ نَزَلَ بِالأَصَمِّ مَا نَزَلَ وَكَانَتْ نَازِلَتهُ أَنَّهُ ضرب على ظَهْرُهُ بِالسِّيَاطِ وَحُلِقَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ وَحَاجِبَاهُ وَرَكِبَ عَلَى حِمَارٍ وَجُعِلَ وَجْهُهُ إِلَى ذَنَبِ الْحِمَارِ وطيف فِيهِ فِي مصر واستصفى مَاله وَكُتِبَ عَلَى دَوْرِهِ صَافِيَةٌ وَنَجَا مِنْ مِحْنَتِهِ أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْقِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي رِشْدِينَ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ إِنَّمَا كَانَ يُمْتَحَنُ كُلُّ من وقف فِي نَحره وكل من يُنكر عَلَيْهِ قَالَ ونجى مِنْهُ أَبُو زَيْدِ بْنُ أَبِي الْغَمْرِ وَلَمْ يعرض لَهُ وَكَانَ مستغلا بِتِجَارَتِهِ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَلِيَ الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ الْقَضَاءَ بِمِصْرَ وَوَلِيَ سُحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْقَضَاءَ بِقَيْرَوَانِ إِفْرِيقِيَةَ وَكَانَتْ نَازِلَةُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ بِالْعِرَاقِ وَنَازِلَةُ سُحْنُونِ بْنِ سَعِيدٍ الْقَاضِي بِإِفْرِيقِيَةَ وَكَانَتْ نَازِلَةُ الأَصَمِّ بِمِصْرَ وَنَازِلَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ () بِإِفْرِيقِيَةَ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ قَالَ لِي زُهَيْرُ بْنُ عَمَّارٍ سَلِمْتُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِنَ ابْنِ أَبِي اللَّيْثِ حَيْثُ لَمْ يَمْتَحِنِّي فِي الْقُرْآنِ

قَالَ مُحَمَّد بن أَحْمد بْنُ تَمِيمٍ وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيِّ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيَّ مِمَّنْ خَافَ وَأَجَابَ فِي المحنة

وَمِمَّنْ تَصَلَّبَ فِي الْمِحْنَةِ وَلَمْ يَأْخُذْ بِالتّقيَّةِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُعَتِّبٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ الْكُوفِيِّ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ يَعْنِي الْفَضْلَ بْنَ دُكَيْنٍ تَصَلَّبَ فِي الْمِحْنَةِ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ وَكَانَ ابْنُ يُونُسَ لَا يُكَلِّمُ أَبَا نُعَيْمٍ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَن يُقَال مَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ وَلا يُقَالُ مُبْتَدَعٌ وَهَذَا بَيْنَ يَدَيْ أَمِيرِ الْكُوفَةِ وَكَانَ أَحْمَدُ إِنَّمَا بَاعَدَ أَبَا نُعَيْمٍ عَلَى التَّشَيُّعِ وَكَانَ يُعِيبُهُ بِذَلِكَ

وَحَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّاد قَالَ حَدثنَا مُوسَى بن الْحسن قَالَ حَضَرْتُ أَبَا نُعَيْمٍ الْفَضْلَ بْنَ دُكَيْنٍ بِالْكُوفَةِ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ وَيَحْيَى بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحمَانِيَّ وَأَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن يُونُس فِي مشائخ من أهل الْكُوفَة عددا فَقَرَأَ عَلَيْهِمُ ابْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ وَالِي الْكُوفَةِ كِتَابَ الْمَأْمُونِ فِي الْمِحْنَةِ فَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ اسْتَوْجِبْ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ أَنْ يُصْفَعَ فِي قَفَاهُ أَبَعْدَ مُجَالَسَةِ الثَّوْرِيِّ وَمِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ وَمَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ لقد شاركت الثَّوْريّ فِي نَيف أَو أَرْبَعَة عَشَرَ مِنْ رِجَالِهِ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُمْ وَجَمَاعَةً مِمَّنْ شَاهَدَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْفُرُ بِاللَّهِ فَقَالَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحمَّانِيُّ هَذَا يَوْمٌ لَهُ مَا بَعْدَهُ وَأَنْتُمْ بَقِيَّةُ هَذَا الْعِلْمِ بَابٌ بَين هَذِه الْأمة وَبَين بنيها هَذَا الْكُفْرُ بِاللَّهِ لَا نَسْمَعُهُ وَلا نُقِرُّ بِهِ وَصَاحَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ فَقَالَ أَمَا سَمِعْتُمُ الْكِتَابَ يَقْرَأُ لَا وَلَكِن أمة هَذِه المشاة الَّتِي قَالَ فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقيل لَهُ يَا أَبَا عبد الله يَكْفِي أَنَّك مِنْهَا وَفِيهِ قِصَّةٌ طَوِيلَةٌ

قَالَ مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي أُوَيْسٍ وَقَدْ دعِي إِلَى المحنة بِالْمَدِينَةِ هُوَ وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ صَاحِبُ مَالِكٍ وَكَانَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ جَدَّهُ فَلَمَّا قُرِئَ عَلَيْهِم الْكتاب قَالَ أَبُو بكر الْكُفْرُ بِاللَّهِ بَعْدَ نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً وَمُجَالَسَةُ رجال من أهل الْعلم يتوافدون بِالْمَدِينَةِ فَقِيلَ لَهُ لِيَكُنْ سِجْنُكَ بَيْتَكَ وَأَمَّا مطرف فَإذْ أَقَمْتُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ نَيِّفًا وَعِشْرِينَ شَهْرًا فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا فَأَبَى أَنْ يُجِيبَنِي

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ حَدَّثَنِي بَكْرٌ قَالَ قَالَ مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ وَسَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ الْغَسَّانِيَّ وَقَدْ أُتِيَ بِهِ إِلَى بَغْدَادَ فَوَجَّهَ بِهِ الْمَأْمُونُ إِلَى إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فَحَضَرَهُ بِشْرٌ الْمريسِيُّ وَثُمَامَةُ بن الأشرس وَعلي الدَّارِيُّ وَجَمَاعَةٌ غَيْرُهُمْ أَشْهَدَهُمْ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ أَن يقر بِكِتَاب المحنة الَّذِي كَتَبَهُ الْمَأْمُونُ فِي خَلْقِ الْقُرْآنِ وَإِنْفَاءِ الروية وَأَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ لَمْ يُخْلَقَا وَإِنْفَاءِ عَذَابِ الْقَبْرِ وَالْمَوَازِين أَنَّهَا لَيْسَتْ بِكفَّتَيْنِ وَإِنْفَاءِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ فَلَمَّا قُرِئَ عَلَيْهِ الْكِتَابُ قَالَ أَنَا مُنْكِرٌ لِجَمِيعِ مَا فِي كِتَابِكُمْ هَذَا أَبَعْدَ مُجَالَسَةِ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ومشائخ أَهْلِ الْعِلْمِ أُدْعَى لأَكْفُرَ بِاللَّهِ بَعْدَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ إِذًا لَا أَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ وَلا أُنْكِرُ عَذَابَ الْقَبْرِ وَلا الْمَوَازِينَ أَنَّهَا كفَّتَانِ وَلا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُرَى فِي الْقِيَامَةِ وَلا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عَرْشِهِ وَعِلْمُهُ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ نَزَلَ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ وَجَاءَتْ بِهِ الأَخْبَارُ الَّتِي نَقَلَهَا أَهْلُ الْعِلْمِ وَالصِّدْقِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ كَانُوا مُتَّهَمِينَ فِيمَا نقلوا أَنهم متهمين فِي الْقُرْآن فهم الَّذين نقلوا الْقُرْآن وَالسير عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجر بِرجلِهِ وَطرح فِي ضيق الْمَجَالِسِ فَمَا أَقَامَ إِلا يَسِيرًا حَتَّى تُوُفِّيَ فحضره من الْخلق بشر لَا يحصهم إِلا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

وَذَكَرَ عُمَرُ عَنْ بَكْرِ بْنِ حَمَّادٍ أَنَّ الْهَمْدَانِيَّ امْتَحَنَهُ الْمَأْمُونُ فِي الْقُرْآنِ وَأَنَّهُ احْتَجَّ عَلَى الْمَأْمُونِ بِآيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَثبتَ الْهَمْدَانِيُّ بَعْدَ أَنْ أَقْعُدَ فِي النّطعِ مَكْتُوفًا وَرَفَعَ السَّيْفَ عَلَى رَأْسِهِ فَمَا انْثَنَى وَلا أَجَابَ ثُمَّ نَجَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا أُرِيدَ بِهِ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْغرنَاقَ قَالَ وَقَعَ بَيْنَ بِشْرٍ المريسي وَبَين ابْن أبي دؤاد كَلامٌ فِي أَيَّامِ الْمِحْنَةِ فَقَالَ لَهُ بِشْرٌ إِنَّمَا يُمْتَحَنُ الرُّؤَسَاءُ الأَعْلامُ وَأَمَّا السّوقَةُ فَلَا فَقَالَ ابْن أبي دؤاد إِلَّا أَنَّهَا الدَّار دَار كفر يستقتل الإِسْلامَ

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ عُمَرَ يَقُولُ اخْتَفَى أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ أَيَّامَ الأَصَمِّ وَكَانَ قَدْ طَلَبَهُ فِي الْمِحْنَةِ فَاخْتَفَى مِنْهُ فِي دَارِهِ وَكَانَ إِخْوَانُهُ يأتونه فِي دَاره الْوَاحِد بعد الآخر وَكَانَ لَا يَسْمَعُ أَحَدًا فَاخْتَفَى حَتَّى مَاتَ وَكَانَ مَوْتُهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْبَغْدَادِيُّ وَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ كَانَ فِي مَجْلِسِهِ أَلَيْسَ عَلَيُّ بْنُ الْجَعْدِ مَتْرُوكَ الْحَدِيثِ لأَنَّهُ وَقَفَ عِنْدَ المحنة فَقَالَ إِبْرَاهِيم لَا مَا بِمَتْرُوكِ الْحَدِيثِ وَلَمْ يُتْرَكْ وَلَمْ يَقُلِ الْمِسْكِينُ حَتَّى حُبِسَ

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ غَسَّانَ الَّذِي مُعَلِّمُهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ مَاتَ فِي السِّجْنِ بِمَدِينَةِ بَغْدَاد مَعَ أَحْمد بن مُحَمَّد بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْبويطِيُّ حُبِسَ أَيْضًا فِي خَلْقِ الْقُرْآنِ أَبَى أَنْ يَقُولَهُ وَمَاتَ فِي السِّجْنِ وَدُفِنَ بِبَغْدَادَ بِبَابِ الْكُوفَةِ

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ الصمَادحِيُّ وَسُحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ التَّنُوخِيُّ[عدل]

حَدَّثَنِي جبلَةُ بْنُ حَمُودِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَبَلَةَ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ يَحْيَى أَنَّ مُوسَى بْنَ مُعَاوِيَةَ دَخَلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَوَّادِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ قَاضِي الْقَيْرَوَانِ فَقَالَ مُوسَى سَمِعْتُ فُلانًا وَفُلانًا وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ مَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي الْجَوَّادِ لَقَدْ أَعْمَى اللَّهُ قَلْبَكَ كَمَا أَعْمَى عَيْنَيْكَ وَكَانَ مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ يَوْمَئِذٍ قَدْ كُفَّ بَصَرُهُ

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ بَعَثَ إِلَيّ ابْن أبي الْجواد القَاضِي ليمتحني فِي الْقُرْآنِ قَالَ فَتَوَارَيْتُ مِنْهُ حَتَّى عَافَانِيَ اللَّهُ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطّرزِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُحْنُونٍ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا وَلِيَ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ الأَغْلَبِ الْعَهْدَ لأَخِيهِ مُحَمَّد وَكَانَتِ الإِمَارَةُ لأَخِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ الأَغْلَبِ فَفَوَّضَ إِلَيْهِ الْأَمر وَالنَّهْي دَعَا النَّاسَ إِلَى الْمِحْنَةِ فِي خَلْقِ الْقُرْآنِ وَأَظْهَرَهُ عَلَى الْمَنَابِرِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَسَاجِدِ فَتَوَجَّهَ سُحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ إِلَى عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ الزَّاهِدِ بِقَصْرِ زِيَادٍ الْمُرَابِطِ فَكَانَ عِنْدَهُ مُقِيمًا مُرَابِطًا ثُمَّ إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ وَجَّهَ فِي طَلَبِ سُحْنُونٍ رَجُلا يُقَالُ لَهُ ابْنُ سُلْطَانَ وَكَانَ مِنْ أَغْلَظِ النَّاسِ عَلَى سُحْنُونِ بْنِ سَعِيدٍ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ بغضا وَإِنَّمَا اخْتَارَهُ لذَلِك وليعنف سَحْنُون قَالَ فَأَتَاهُ ابْنُ سُلْطَانَ بِرِسَالَةِ الأَمِيرِ أَبِي جَعْفَرٍ فَوَجَدَهُ مَعَ عَبْدِ الرَّحِيمِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ سُلْطَانَ وَهُوَ مِنْ بَنِي حَمْزَةَ إِنَّمَا وَجَّهَنِي الأَمِيرُ فِي طَلَبِكَ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ بُغْضِي لَكَ وَقَدْ حَالَتْ نِيَّتِي عَنْ ذَلِكَ وَأَنَا أَبْذلُ دَمِي دُونَكَ فَإِنْ شِئْتَ فَاذْهَبْ حَيْثُ ترى من الْبِلَاد وَإِن شِئْت فأقم هَهُنَا مَا بدى لَكَ وَأَنَا مَعَكَ مُقِيمٌ قَالَ فَشَكَرَ لَهُ ذَلِك سَحْنُون وَقَالَ مَا كنت لأعرضك (لهَذَا) 2 أَبَدًا بَلْ أَذْهَبَ مَعَكَ قَالَ فَلَمَّا خَرَجَ سُحْنُونٌ خَرَجَ مَعَهُ عَبْدُ الرَّحِيمِ الزَّاهِدُ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ يُوَدِّعُونَهُ فَأَوْصَى عَبْدُ الرَّحِيمِ إِلَى الأَمِيرِ أَحْمَدَ بْنِ الأَغْلَبِ مَعَ ابْنِ سُلْطَانَ وَقَالَ قُلْ لِلأَمِيرِ أَوْحَشْتَنَا مِنْ أَخِينَا وَصَاحِبِنَا فِي هَذَا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ وَكَانَ ذَلِكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَسَلَبَكَ اللَّهُ الْكَرِيمُ مَا أَنْتَ فِيهِ وَأَوْحَشَكَ مِنْهُ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ وَذَكَرَ غير ابْنِ سُحْنُونَ أَنَّهُ أَلْقَى فِي قَلْبِ ابْنِ سُلْطَانَ مَهَابَةً لِسُحْنُونَ فَكَانَ مَعَهُ حَتَّى نَزَلَ سَحْنُون وَالرَّسُول بِفنَاء قَرْيَة ليقيلان قَالَ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْهَا إِلَى سُحْنُونَ بْنِ سَعِيدٍ وَهُوَ نَازِلٌ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ وَابْنُ سُلْطَان تَحت شَجَرَة أُخْرَى فَأَتَى الرَّجُلُ إِلَى سُحْنُونٍ بِقَصْعَةِ ثَرِيدٍ عَلَيْهَا دَجَاجَةٌ فَأَكَلَ سُحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ وَلَمْ يَدَعُ ابْنَ سُلْطَانَ إِلَى الأَكْلِ مَعَهُ فَعَاتَبَ ابْنُ سُلْطَانَ سُحْنُونًا فِي ذَلِكَ وَقَالَ لَهُ صحبتك بجميل وأكرمك ثمَّ تَأْكُل وَحْدَكَ وَلا تَدْعُنِي قَالَ لَهُ سُحْنُونٌ لَيْسَ من السّنة أَن ندعوا إِلَى طَعَامِ غَيْرِي وَلَوْ كَانَ الطَّعَامُ لِي لَفَعَلْتُ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُحْنُونٍ فِي حَدِيثِهِ فَلَمَّا وَصَلَ سُحْنُونٌ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ جَمَعَ لَهُ قُوَّادَهُ وَوُزَرَاءَهُ وَقَاضِيَهُ ابْنَ أَبِي الْجَوَّادِ وَكَانَ فِي الْقَوْمِ دَاوُدُ بْنُ حَمْزَةَ الْقَائِدُ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ لِسُحْنُونٍ مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ سُحْنُونٌ أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ أَمَّا شَيْء أبتديه مِنْ نَفْسِي فَلا وَلَكِنَّ الَّذِي سَمِعْتُ مِمَّنْ تَعَلَّمْتُ مِنْهُ وَأَخَذْتُ دِينِي عَنْهُ فَهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّ الْقُرْآنَ كَلامُ اللَّهِ وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ قَالَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي الْجَوَّادِ أَيُّهَا الأَمِيرُ إِنَّهُ قَدْ كَفَرَ فَاقْتُلْهُ وَدَمُهُ فِي عُنُقِي وَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ نَصْرُ بْنُ حَمْزَةَ الْقَائِد وَغَيره فَقَالَ لدواد بن حَمْزَة مَا تَقول يَا دَاوُد قَالَ أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ قَتْلُهُ بِالسَّيْفِ رَاحَةٌ لَهُ وَلَكِنِ اقْتُلْهُ قَتْلَ الْحَيَاةِ يُؤْخَذُ عَلَيْهِ الْحمَلاءُ وَيُنَادَى عَلَيْهِ بِسِمَاطِ الْقَيْرَوَانِ لَا يفْتِي وَلا يَسْمَعُ أَحَدًا وَيَلْزَم دَارَهُ فَفَعَلَ ذَلِكَ أَبُو جَعْفَرٍ وَتَرَكَ قَوْلَ مَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ بِقَتْلِهِ وَأَمَرَ بِأَحَدَ عَشَرَ حَمِيلا فَكَانَ مِمَّنْ تحمل بِهِ ابْن علاقَة وَغَيْرُهُ وَمَنَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْقَوْمَ مِنْ قَتْلِهِ

وَحَدَّثَنِي جَبَلَةُ بْنُ حَمُودٍ الصّدفِيُّ قَالَ لَمَّا أَنْ جَاءَ ابْنُ سُلْطَانَ بِسُحْنُونٍ وَقَارَبَ قَصْرَ الأَمِيرِ وَسُحْنُونٌ رَاكِبٌ عَلَى فَرَسٍ لَهُ لَقِيَهُ رَجُلٌ مِنْ مَوَالِي الأَمِيرِ وَهُوَ سَكْرَانُ عَلَى بِرْذَوْنٍ وَبِيَدِهِ قَنَاةٌ فَأَدْخَلَ زجَّ الْقَنَاةِ بَيْنَ رِجْلَيْ دَابَّةِ سُحْنُونٍ رَجَاء أَنْ يَثبَ الْفَرَسُ بِهِ فَيلْقِيَهُ قَالَ فَتَحَامَلَ بِرْذَوْنُ الْمَوْلَى ووثب فَدَخَلَ سِنَّ الْقَنَاةِ فِي صَدْرِ الْمَوْلَى فَمَاتَ وعافى الله سَحْنُون مِنْ كَيْدِهِ وَمَا أَرَادَ بِهِ

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُحْنُونٍ وَقَدْ حَدَّثَنِي بِبَعْضِهِ مُحَمَّدُ بْنُ بِسْطَامٍ عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بْنِ عَبْدُوسٍ قَالَ صَلَّى ابْنُ أَبِي الْجَوَّادِ وَهُوَ قَاضٍ يَوْمَئِذٍ عَلَى جِنَازَةِ وَهْبٍ وَكَانَ وَهْبٌ أَخًا لِسُحْنُونٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ قَالَ فَرَجَعَ سُحْنُونٌ عَنِ الصَّلاةِ خَلْفَهُ قَالَ فَكَتَبَ ابْنُ أَبِي الْجَوَّادِ الْقَاضِي إِلَى الأَمِيرِ زِيَادَة اللَّه يُعْلِمُهُ بِذَلِكَ فَأَمَرَ الأَمِيرُ بِرَسُولٍ إِلَى صَاحِبِ مَدِينَةِ الْقَيْرَوَانِ أَنْ يَضْرِبَ سُحْنُونَ بْنَ سَعِيدٍ خَمْسمِائَة سَوط ويحلق رَأسه ولحيته فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ حُمَيْدٍ الْوَزِيرَ يَوْمَئِذٍ وَكَانَ الأَمِيرُ زِيَادَةُ اللَّهِ قَدْ نَامَ فِي قايلته فَأَمَرَ عَلِيُّ بْنُ حُمَيْدٍ الْوَزِيرُ الْبَرِيدَ أَنْ يَتَوَقَّفَ عَنِ السَّيْرِ ثُمَّ تَلَطَّفَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى الأَمِيرِ فَقَالَ لَهُ بَلَغَنِي أَعَزَّ اللَّهُ الأَمِيرَ أَنَّكَ أَمَرْتَ أَنْ تَفْعَلَ بِسُحْنُونٍ كَذَا وَكَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَلَا تَفْعَلْ فَإِنَّ العكي مُحَمَّدَ بْنَ مُقَاتِلٍ وَهُوَ أَمِيرٌ يَوْمَئِذٍ إِنَّمَا هَلَكَ لِضَرْبِهِ الْبُهْلُولَ بْنَ رَاشِدٍ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ وَهَذَا مِثْلُ الْبُهْلُولِ قَالَ لَهُ نَعَمْ وَقَدْ حَبَسْتُ الرَّسُولَ شَفَقَةً وَاللَّهِ مِنِّي عَلَى الْأَمِير فَقَالَ لَهُ نعم مَا فعلت فشكره وَلم ينفذ أمره قَالَ فَبَيْنَمَا سَحْنُون قد غدى وَالنَّاس يقرأون عَلَيْهِ وهم أندلسيون إِذا أَتَاهُ الْخَبَرُ بِمَا أَزَاحَ اللَّهُ عَنْهُ فَقِيلَ لَهُ لَوْ ذَهَبْتَ إِلَى الْوَزِيرِ عَلِيِّ بْنِ حُمَيْدٍ تَشْكُرُهُ فَقَالَ لَا أَفْعَلُ كُلُّ ذَلِك اجتنابا أَن لَا يَأْتِي إِلَى بَاب سُلْطَان قيل لَهُ فَلَو وجهت ابْنك مُحَمَّد فَأَبَى فَقِيلَ لَهُ فَلَوْ كَتَبْتَ إِلَيْهِ كِتَابًا قَالَ لَا أَفْعَلُ مِنْ هَذَا شَيْئًا وَلَكِنْ أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي حَرَّكَ عَلِيَّ بْنَ حُمَيْدٍ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ أَوْلَى بِالشُّكْرِ وَأَقْبَلَ عَلَى السَّمَاعِ قَالَ فَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الْعَطَّارُ أَحْمَدُ بن مُوسَى وَابْن سوال مُحَمَّد الطَّائِي وَأَبُو جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ لِهَذَا وَاللَّهِ كُتِبَ اسْمُهُ بِالْحِبْرِ فِي الرّقوقِ

وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَضَاحٍ قَالَ دَخَلْتُ مِصْرَ فَلَقِيتُ الْحَارِثَ بْنَ مِسْكِينٍ فَسَأَلَنِي عَنْ سُحْنُونٍ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ فِي غَمٍّ مِنْ قبلِ الأَمِيرِ أَبِي جَعْفَرٍ فَقَالَ الْحَارِثُ قَالَ الأَوْزَاعِيُّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا سَلَّطَ عَلَيْهِ مَنْ يُؤْذِيهِ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَقَدْ كَانَ أَمر سَحْنُون بِلُزُومِ بَيْتِهِ وَأَنْ لَا يَسْمَعَ أَحَدًا عِلْمًا وَأَخَذَ عَلَيْهِ عَشْرَةَ حملاء فَمَا أَتَى عَلَى ذَلِكَ إِلا حَوْلٌ وَاحِدٌ وَغَلَبَ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ الأَغْلَبِ عَلَى أَخِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ وَوَفْدِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ وَمَاتَ بِهَا ثُمَّ وَلَّى الأَمِيرُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقَضَاءَ سُحْنُونَ بْنَ سَعِيدٍ بَعْدَمَا أَدَارَهُ عَلَيْهِ حَوْلا

ذِكْرُ مَا امْتُحِنَ بِهِ مَرْوَانُ بْنُ أَبِي شحْمَةَ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَأَمَّا مَا امْتُحِنَ بِهِ مَرْوَانُ بْنُ أَبِي شحْمَةَ حِينَ وَجَّهَ فِي طَلَبِهِ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ الأَغْلَبِ فَحَدَّثَنِي ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ أَنَّ أَبَاهُ لَمَّا صَارَ بِبَابِ قَصْرِ الأَمِيرِ رَأَى خَادِمًا مِنْ فِتْيَانِ الأَمِيرِ بِيَدِهِ عُودٌ وَطنْبُورٌ فَأَخذه مَرْوَانُ مِنْ يَدِهِ وَضَرَبَ بِهِ الأَرْضَ وَكَسَرَهُ فَخَرَقَ الْفَتَى ثِيَابَ نَفْسِهِ وَدَخَلَ عَلَى الأَمِيرِ بَاكِيًا فَأَمَرَ الأَمِيرُ بِمَرْوَانَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ لِمَ كَسَرْتَ الْعُودَ وَالطُّنْبُورَ قَالَ لَهُ مَرْوَانُ رَأَيْتُ مُنْكَرًا بِبَابِ قَصْرِكَ فَغَيَّرْتُهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِي عَنْ مَعْبُودِكَ ذَكَرٌ هُوَ أَمْ أُنْثَى وَكَانَ قَدْ رُمِيَ مَرْوَانُ بْنُ أَبِي شَحْمَةَ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ بِشَيْءٍ مِنَ التَّشْبِيهِ فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ هَذِهِ مَسْأَلَةُ زِنْدِيقٍ وَهَذِهِ صِفَةُ مَعْبُودِي ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} حَتَّى خَتَمَهَا فَخَلَّى عَنهُ

ذكر من ضرب من أَئِمَّة الدّين وأخيار هَذِهِ الأُمَّةِ مِنْ أَهْلِ مَدِينَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ[عدل]

ضُرِبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ الْقُرَشِيُّ عَلَى الْبَيْعَةِ فِي أَيَّامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مَرَّةً عَلَى الْبَيْعَةِ وَأُخْرَى فِي أَيَّامِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ إِذْ أَرَادَ أَنْ يُبَايِعَ لابْنِهِ الْوَلِيدِ وَقَدْ ذَكَرْنَا قِصَّتَهُ كُلَّهَا وَضُرِبَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَاضِي الْمَدِينَةِ وَضُرِبَ صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ وَضُرِبَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَضُرِبَ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافع الَّذِي روى عَنهُ أَبِي ذِئْبٍ وَضُرِبَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مَرَّتَيْنِ وَضُرِبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَضُرِبَ رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ التَّيْمِيُّ وَضُرِبَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَضُرِبَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ صَاحِبُ الْمَغَازِي وَضُرِبَ الضَّحَّاكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَضُرِبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُمَحِيُّ وَضُرِبَ ابْنُ كَاسِبٍ وَضُرِبَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كُلُّ هَؤُلاءِ ضُرِبُوا ظُلْمًا

وَالَّذِينَ ضُرِبُوا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ

قَالَ مُحَمَّدٌ ضَرْبِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ضربه سعيد بن الْعَاصِ وَضُرِبَ الْمُسَيَّبُ بْنُ نجْبَةَ وَضُرِبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى ضَرَبَهُ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ وَضُرِبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ ضَرَبَهُ قَابُوسُ بْنُ أَبِي ظَبْيَانَ وَضُرِبَ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ أَبُو حَنِيفَةَ

وَالَّذِينَ ضُرِبُوا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَمِمَّنْ نَزَلَهَا

ضُرِبَ أَبُو بَكْرَةَ وَضُرِبَ شِبْلُ بْنُ مَعْبَدٍ وَضُرِبَ عبد الله بن الْحَارِث وَهُوَ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَضَرَبَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَضُرِبَ قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ وَضُرِبَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَضُرِبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ

وَالَّذِينَ ضُرِبُوا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ

ضرب خَالِد بن اللَّجْلَاج وَضرب الْعَلَاء بْنُ أَبِي الزُّبَيْرِ ضَرَبَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الْيَحْصُبِيُّ وَضُرِبَ عَطِيَّةُ بْنُ مُنِيرٍ وَضُرِبَ عَبْدُ الْحَكِمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ضَرَبَهُ الأَصَمُّ فِي مَسْجِدِ مِصْرَ بِالسِّيَاطِ فِي الْمِحْنَةِ أَيَّامَ الْمَأْمُونِ وَضُرِبَ فتيَانُ صَاحِبُ مَالِكٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّمْحِ التُّجِيبِيُّ وَضُرِبَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ

وَالَّذِينَ ضُرِبُوا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبُلْدَانِ

ضُرِبَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ وَأَبُو مَيْمُونَةَ الْمُحَدِّثُ وَضُرِبَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ وَاسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَلَزِمَ الْمِصِّيصَةَ وَضُرِبَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ الإِسْكِنْدَرَانِيُّ صَاحِبُ مَالِكٍ وَضُرِبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ ظَبْيَانَ وَأَحْسَبُهُ بَصْرِيًّا أَوْ كُوفِيًّا وَضُرِبَ أَحْمَدُ بن مُحَمَّد بْنُ حَنْبَلٍ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ فَأَمَّا أَبُو الْبِشْرِ زَيْدُ بْنُ الْبِشْرِ الْمِصْرِيُّ فَإِنَّهُ مُنِعَ مِنَ الْفُتْيَا وَالسَّمَاعِ وَاسْتَخْفَى فِي بَيْتِهِ أَيَّامَ ابْن أبي دؤاد فِي وَقْتِ الْمِحْنَةِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى إِفْرِيقِيَةَ فَنزل القيروان ورحل مِنْهَا إِلَى مدية تُونُسَ فَسَكَنَهَا حَتَّى مَاتَ وَكَانَ يَوْمَئِذٍ بِمِصْرَ أَبُو بكر الْأَصَم قَاضِيا فَسلم مِنْهُ زيد بن بشر الْأَزْدِيّ وَالَّذِينَ ضُرِبُوا مِنْ أَهْلِ أَفْرِيقِيَةَ

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ ضَرَبَ مُحَمَّد بن مقَاتل العكي الأَمِيرُ الْبُهْلُولَ بْنَ رَاشِدٍ وَأَصْحَابَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ضَرْبِهِ وَالْقَاضِي أَسَدُ بْنُ الْفُرَاتِ ضَرَبَ عَبَّاسَ بْنَ الْوَلِيدِ الْفَارِسِيَّ وَضَرَبَ أَيْضًا مُحَمَّدَ بْنَ قَادِمٍ بِصِقِلِّيَّةَ وَأَمِيرُ أَفْرِيقِيَةَ مُحَمَّدُ بْنُ الأَشْعَثِ ضَرَبَ الْحَسَنَ بْنَ هَانِئِ بْنِ الأَشْعَثِ وَهُوَ ابْنُ عَمِّهِ وَكَانَ مِنَ الزُّهَّادِ

وَالَّذِينَ حبسوا من الأكابر وَغَيرهم من السّلف الْمَاضِي

حبس أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ عَلِيٍّ حُبِسَ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى الْبَيْعَةِ لابْنِ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بن الْمسيب وطاووس الْيَمَانِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَطَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ وَإِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدُ اللَّهِ وَحَسَنٌ ابْنا حَسَنِ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَجُنْدُبُ بْنُ زُهَيْرٍ الأَزْدِيُّ الَّذِي يُقَالُ لَهُ جُنْدُبُ الْخَيْرِ وَمُوسَى بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَصُهَيْبٌ مَوْلَى ابْنِ عَامِرٍ وَعَمْرُو بْنُ الزُّبَيْرِ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَصَالِحُ بْنُ صَالِحٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ وَمَرْوَانُ أَبُو عِيسَى وَتَوْبَةُ الْعَنْبَرِيُّ الَّذِي رَوَى عَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَغَيْرُهُمَا وَحُبِسَ أَيْضًا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الضَّبِّيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بن مَهْدِيٍّ وَالْبُهْلُولُ بْنُ رَاشِدٍ وَبَعْضُ مَنْ صَحِبَهُ وَحُبِسَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ وَالْقَوَارِيرِيُّ فَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ وَحَسَنٌ ابْنَا حَسَنِ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَمَاتُوا فِي السِّجْنِ وَحُبِسَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ الْبَجَلِيُّ وَامْتَحَنَهُ الْحَجَّاجُ فِي الْحَبْسِ بِالْجُوعِ وَالْعَطَشِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ خَلَّى سَبِيلَهُ وَمَاتَ فِي السِّجْنِ أَيَّامَ الْمِحْنَةِ أَحْمَدُ بْنُ غَسَّانَ صَاحِبُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَيْدٍ وَمَاتَ فِي السِّجْنِ فِي الْمِحْنَةِ أَيْضًا الْبويطِيُّ وَمَاتَ فِي السِّجْنِ أَبُو مُسْهِرٍ الْغَسَّانِيُّ وَحُبِسَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَحَفْصُ بْنُ عُمَارَةَ حبسة العكي

قَالَ مُحَمَّدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ حُبِسُوا مِنْ أَهْلِ زَمَانِنَا وَضُرِبَ بَعْضُهُمْ مِمَّنْ أَدْرَكْنَا مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ وَالْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ وَغَيْرِهِمْ فَأَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ طَالِبٍ التَّمِيمِيَّ عَنْ الْقَضَاء حَبسه سُلَيْمَان بن عمرَان بِأَمْر الأَمِيرِ ثُمَّ خَرَجَ مِنَ السِّجْنِ وَوَلِيَ الْقَضَاءَ ثَانِيَةً فَهَرَبَ مِنْهُ سُلَيْمَانُ بْنُ عِمْرَانَ وَتَوَارَى عَنْهُ وَسُلَيْمَانُ بْنُ عِمْرَانَ حَبَسَ يَحْيَى بْنَ عَوْنِ بْنِ يُوسُفَ وَضُرِبَ أَبُو أَيُّوبَ فُرَاتُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ فُرَاتٍ وَضُرِبَ حَبِيبُ بْنُ نصر بن سهل صَاحب الْمَظَالِم وَأمر سُلَيْمَانُ بْنُ عِمْرَانَ الْقَاضِي مُحَمَّدَ بْنَ الْمُبَارَكِ الْمَعْرُوف بِابْن الزَّيَّاتِ الْحَاكِمِ أَمَرَ بِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ عِمْرَانَ فَسُجِنَ فِي الْقَصْرِ الْقَدِيمِ حَبَسَهُ فَتْحٌ الْحَاجِبُ وَضَرَبَهُ عَلَى سَبَبِ جِنَازَةِ أَبِي رَجَاءٍ الزَّاهِدِ وَحَبَسَ سُلَيْمَانُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هَارُونَ الْكُوفِيَّ قَبْلَ أَنْ يَلِيَ قَضَاءَ تُونُسَ ثُمَّ وَلاهُ سُلَيْمَانُ بَعْدَ ذَلِكَ قَضَاءَ تُونُسَ ثُمَّ وَلِيَ بَعْدَ ذَلِكَ قَضَاءَ الْقَيْرَوَانِ فَاعْتَقَلَهُ فِي مَسْجِدِ رقادة حينا وَحَبَسَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سهل بن عبد الله القبرياني وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشَجِّ فِي ضَرْبِهِ الْمُعَاملِينَ وَحُبِسَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُنِيبِ حَبَسَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ وَحَبَسَ سُلَيْمَانُ بْنُ عِمْرَانَ الْقَاضِي خَادِمَ مَعْمَرٍ وَغَيْرَهُ وَحَبَسَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشَجِّ وَحُبِسَ مُحَمَّدُ بْنُ الأَسْوَدِ الْمَدِينِيُّ وَمَعَهُ صُهَيْبُ بْنُ مُحَمَّدٍ

ذِكْرُ مَا نَزَلَ بِقُضَاةِ ابْنِ طَالِبٍ وَحُكَّامِهِ فِي الْبُلْدَانِ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ لَمَّا عَزَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ طَالِبٍ عَنِ الْقَضَاءِ وَكَانَ قَدْ بَلَغَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَحْمَدَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ أَفْرِيقِيَةَ أَنَّ قَوْمًا شَكَوْا تَعْنِيفَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ عَلَيْهِمْ وَإِنَّهُ خَلَّى السُّودَانَ عَلَى نِسَائِهِمْ فَافْتَضَحُوهُمْ وَذَلِكَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ سَأَلَهُمْ أَنْ يَبِيعُوا مِنْهُ منزلهم فِي إبيانة وَهِيَ مِنْ قُرَى تُونُسَ فَأَبَوْا أَنْ يَبِيعُوا مِنْهُ فَخَلَّى السُّودَانَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى نِسَائِهِمْ فَجَاءَ النِّسَاءُ إِلَى ابْنِ طَالِبٍ مُخْتَضِبَاتٍ بِالدِّمَاءِ قَدِ انْتُهِكُوا فَتَكَلَّمَ ابْنُ طَالِبٍ حِينَئِذٍ وَقَالَ هَذَا فِعْلُ أَهْلِ الدَّهْرِ فَبَلَغَ ذَلِكَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَحْمَدَ فَعَزَلَ ابْنَ طَالِبٍ عَزْلا سَيِّئًا وَحَبَسَهُ بِرقَادَةَ فِي سِجْنِهَا وَوَجَّه إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يُوَجِّهُوا إِلَيْهِ كُلَّ مَنْ كَانَ اسْتَقْضَاهُ ابْنُ طَالِبٍ عَلَى الْبُلْدَانِ بِأَسْوَإِ مجِيبٍ فَأُتِيَ إِلَيْهِ بِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَرَجِ الْمَعْرُوفِ بِابْن الْبناء وَكَانَ عَلَى قَضَاءِ قَسْطِيلِيَةَ وَمَا وَالاهَا فَأُتِيَ بِهِ مُخَشَّبًا فَسَجَنَهُ وَهُوَ مُخَشَّبٌ فَمَا نُزِعَتْ مِنْ عُنُقِهِ الْخَشَبَةُ إِلا بَعْدَ مَا حُبِسَ أَيَّامًا وَلَقَد امتهنه ابْن عبدون يضْرب رَأْسِهِ يَوْمَئِذٍ وَلَمَّا وَلِيَ ابْنُ عَبْدُونٍ الْقَضَاءَ بَعْدَ ابْنِ طَالِبٍ حَبَسَ أَبَا عُثْمَانَ سَعِيدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ الْفَقِيهَ وَقَيَّدَهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ اتَّهَمَهُ أَنْ يَكُونَ وَالِي أَحْمد بن معتب وَأَصْحَابَهُ عَلَى أَنْ شَكَوُا ابْنَ عَبْدُونٍ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ وَحَبَسَ ابْنَ عَبْدُونٍ أَحْمَدَ بن معتب وَضرب ضربا قبيحا وَحبس أَبَا زيد (قَاسم) بْنَ عَمْرِو بْنِ صَاعِدٍ وَامْتَهَنَهُ بِضَرْبِ رَأْسِهِ وَأَغْرَى يَوْمَئِذٍ ابْنُ عَبْدُونٍ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَحْمَدَ بِجَمَاعَة من الْمَدَنِيين مِنْهُم أَبَا زَيْدِ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَابْنُ علُونَ الصُّوفِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ الْدمنِيُّ وَضَرَبَهُمُ الْفَاسِقُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ وَطَافَ بِهِمْ عَلَى الْجمَالِ فِي سمَاطِ الْقَيْرَوَانِ فَمَاتَ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ يُطَافُ بِهِ أَبُو زَيْدِ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا ضَعِيفَ الْبَدَنِ وَبَعَثَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ لَا رَحِمَهُ اللَّهُ فِي طَلَبِ مُحَمَّدِ بْنِ قمودٍ فَكَانَ عَلَى قَضَاءِ قَابسَ فَعَزَلَهُ وَسَجَنَهُ وَبَعَثَ فِي طَلَبِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَمْحَانَ وَكَانَ حَاكِمًا بِالْقَيْرَوَانِ وَوَلِيَ قَسْطِيلِيَةَ فَحَبَسَهُ فِي السِّجْنِ وَبَعَثَ فِي طلب أَحْمد بن مُحَمَّد الْقفصِيِّ فَعَزَلَهُ عَزْلا سَيِّئًا وَسَجَنَهُ وَكَانَ عَلَى قَضَاءِ سوسَةَ وَمَا وَالاهَا وَقَدْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ عَزَلَ قَبْلَ ذَلِكَ دِعَامَةَ بْنَ مُحَمَّد عَن قَضَاء صقلية وسجنه سنينا فَمَا أَطْلَقَهُ حَتَّى خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى الْعِرَاقِ وَعَزَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن الْقطَّان عَن قَضَاء أطرابلس وسجنه سنينا كَثِيرَةً مُحَدَّدًا وَحَبَسَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ يُونُسَ الْمَعْرُوفَ بِابْنِ الْخَشَّابِ وَكَانَ اسْتَقْضَاهُ ابْنُ طَالِبٍ عَلَى الزّابِ وَكَانَ حَاكِمًا بِالْقَيْرَوَانِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِرقَادَةَ وَعُزِلَ إِبْرَاهِيم بن أَحْمد أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّائِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْمجَانِيِّ عَنْ قَضَاءِ صِقِلِّيَةَ وَكَانَ ابْنُ طَالِبٍ وَلاهُ قَضَاءَهَا فَسَجَنَهُ بِصِقِلِّيَةَ وَكَانَ يُعَذِّبُهُ ابْنُ الطّفلِيِّ بِأَمْرِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ فَحَدَّثَنِي بَعْضُ الصِّقِلِّيِّينَ أَنَّ ابْنَ الطّفلِيِّ كَانَ يَأْمُرُ بِضَرْبِهِ بِطَوَامِيرِ الْقَرَاطِيسِ الْمَبْلُولَةِ فَكَانَ قَدْ بَلَغَ مِنْ عَذَابِهِ مَبْلَغًا عَظِيمًا قَالَ فَبَيْنَمَا هُوَ نَائِمٌ فِي السِّجْنِ إِذِ اسْتَيْقَظَ فَقَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ إِنَّهُ أَتَانِي آتٍ فِي نَوْمَتِي هَذِهِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَمَل عَنْكَ أَلَمَ الضَّرْبِ قَالَ فَلَمَ يَلْبَثْ أَنْ بَعَثَ الْفَاسِقَ ابْن الطّفلِيّ فِي طَلَبِهِ فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ فَضُرِبَ فَلَمَّا رَجَعَ سُئِلَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ حَمَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنِّي أَلَمَ الضَّرْبِ فَكُنْتُ أَسْمَعُ وَقْعَهُ وَلا أَجِدُ لَهُ أَلَمًا وَحَبَسَ ابْنُ عَبْدُونٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْوَلِيدِ وَكَانَ حَاكِمًا بِالْقَيْرَوَانِ لابْنِ طَالِبٍ وَمَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ طَالِبٍ فِي السِّجْنِ وَأَغْرَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بأصحاب ابْن طَالب وقضاته فِي الْبُلْدَانِ وَحُكَّامِهِ فَعَزَلَ وَقَيَّدَ وَسَجَنَ وَخَشَبَ وَنَالَ مِنْهُمْ أَمْرًا عَظِيمٌا وَهَرَبَ بَعْضُهُمْ وَاسْتَخْفَى آخَرُونَ وَحَبَسَ ابْنُ عَبْدُونٍ سُلَيْمَانُ بْنُ سَالِمٍ الْقطَّان وَكَانَ قَاضِيا على باجة وأعمالها ثمَّ كَانَ عَالما بالقيروان فِي أَيَّام عِيسَى بن مِسْكِينٍ ثُمَّ اسْتَقْضَى عَلَى صِقِلِّيَةَ فَمَاتَ بِهَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ

وَقَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُون توارى فِي أَيَّام جَعْفَرِ بْنِ الأَغْلَبِ قَالَ أَبُو الْعَرَبِ وَكَانَ تَوارِيهِ عِنْدَ فُرَاتِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَبَيْنَمَا هُوَ مُتَوَارٍ إِذْ سَمِعَ مُنَادِي الأَمِيرِ مَنْ أَخْفَى مُحَمَّدَ بْنَ سُحْنُونٍ فُعِلَ بِهِ وَفُعِلَ فَخَرَجَ مُسْرِعًا حَتَّى أَتَى وَالِي الْقَيْرَوَانَ فَذَهَبَ بِهِ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الأَمِيرِ وَكَانَ ظَاهِرًا بَعْدَ ذَلِكَ خَائِفًا

وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عُتْبَةَ قَالَ سَمِعت وهب الْحَمِيمِيَّ وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا ثِقَةً اسْتُعْمِلَ عَلَى الْقَضَاء وَأمر بِهِ بعهده وَأمر لَهُ فَوُضِعَ فِي بَيْتِهِ وَخَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ هَارِبًا فَطَلَبَهُ الأَمِيرُ وَجَعَلَ فِيهِ جَعْلا قَالَ فَاخْتَفَى فِي بَيْتٍ فَسَقَطَ عَلَيْهِ الْبَيْتُ فَمَاتَ فِيهِ قَالَ سُفْيَانُ رُزِقَ الشّهَادَةَ وَنَجَا

وَقَدْ تَوَارَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَخِيَارِ النَّاسِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمْ إِلَى هَذَا وَقَدْ تَوَارَى يَحْيَى بْنُ عُمَرَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ أَغْرَى بِهِ عِنْدَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ عِمْرَانَ وَأَعَانَهُ أَبُو مِنْهَالٍ فَهَرَبَ يَحْيَى عِنْدَ ذَلِكَ حَتَّى عُنِيَ بِهِ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ فَظَهَرَ ثُمَّ سُعِيَ بِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ الأَمِيرُ يَوْمَئِذٍ فَرُفِعَ إِلَى تُونُسَ وأَقَامَ بِهَا فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَقَدْ ذهلَ غَلَبَ عَلَيْهِ الْبَلْغَمُ وَالْغَمُّ ثُمَّ خَلَّى فَخَرَجَ إِلَى سُوسَةَ فَهَلَكَ بِهَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ

وَقَدْ حُبِسَ وَضُرِبُ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الطرزِيُّ لَمَّا عُزِلَ عَنْ قَضَاءِ صِقِلَّيَةَ وَحُبِسَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمَعْرُوفَ بِابْنِ بطرِيقَةَ وَكَانَ فَقِيهًا فَحُبِسَ وَضُرِبَ وَكَانَ قَدْ وَلِيَ قَضَاءَ أَطْرَابُلُسَ وَوَجَّهَ ابْنُ عَبْدُونٍ فِي طَلَبِ أَبِي زَيْدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُحَدِّثِ الثَّوْرِيِّ وَأَخْبَرَنِي أَبُو زَيْدٍ أَنَّهُ ضَرَبَ رَأْسَهُ وَجَبِينَهُ وَقَدْ كَانَ عِيسَى بْنُ مِسْكِينٍ حَبَسَ أَبَا الْعَبَّاسِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْمُتَعَبِّدَ الْمَعْرُوفَ بِابْن الطرزي وَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ فِي بِنْتِ عَمٍّ لَهُ زَوَّجَهَا () وَكَانَ مولى عَلَيْهَا فَضَرَبَهُ عَلَى ذَلِكَ بِالدِّرَّةِ وَحَبَسَهُ أَيَّامًا

ذكر من حَبسه مُحَمَّد بن عمر الْمروزِي وَضَرَبَهُ[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَبِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بن تَمِيم واللذين حَبسهم الْمروزِي مُوسَى بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَقِيهَ الْقَطَّانَ وَمُحَمَّدَ بن مُحَمَّد بن خَالِد الطرزي وضربه بِالدرةِ بطحا وحبسه وَضرب إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بِطريقَةَ بِالدِّرَّةِ وَحَبَسَهُ

ذِكْرُ مَنْ حَبَسَهُ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي مِنْهَالٍ أَو ضربه[عدل]

قَالَ أَبُو الْعَرَب واللذين حَبَسَهُمْ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي مِنْهَالٍ مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الْفَقِيهُ حَبَسَهُ وَحَدَّدَهُ وَحَبَسَ أَيْضًا أَبَا بكر بن اللباد مُحَمَّد بْنَ مُحَمَّدٍ وَحَبَسَ أَحْمَدَ بْنَ زِيَادٍ

آخِرُ الْجُزْءِ الْخَامِسِ وَهُوَ آخِرُ كِتَابِ الْمِحَنِ[عدل]

كَتَبَهُ أَفْقَرُ عِبَادِ اللَّهِ إِلَى عَفْوِهِ وَأَحْوَجُهُمْ إِلَى رَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَتِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَاشِدِ بْنِ جَابِرٍ الْبِلْبِيسِيُّ كَانَ اللَّه لَهُ عِنْدَ كُلِّ شِدَّةٍ وَأَعَانَهُ عَلَى أُمُورِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَجَمِيعِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ وَمَنْ يَقُولُ آمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأَزْوَاجِهِ

قُوبِلَ بِهِ الأَصْلُ غَايَةَ الْجَهْدِ فَوَافَقَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَوَّلا وَآخِرًا

اسْتَنْسَخَهُ الْفَقِيرُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِسْحَق بن مُحَمَّد بن العادلي

طَالَعَهُ مَالِكُهُ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عمر بن مَنْصُور بن ضِيَاء الشَّافِعِي الأودي عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْ وَالِدَيْهِ وَعَنْ سَائِرِ مشائخه وَعَنْ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآله وَصَحبه وَسلم