انتقل إلى المحتوى

حببت درة القيان إلينا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

حَبَّبَتْ دُرَّة ُ القِيانَ إلينا

​حَبَّبَتْ دُرَّة ُ القِيانَ إلينا​ المؤلف ابن الرومي


حَبَّبَتْ دُرَّةُ القِيانَ إلينا
مثل ما بَغَّضَتْ إلينا القيانا
حَبَّبتْهنَّ أن غدتْ وهي منهنْ
نَ وإنْ كُنَّ دونَها أوزانا
ولقدُ فزن إذْ يُناغِينَ فاها
ويديْها وعُودها الألحانا
وتحرَّمْنَ إذْ غدوْنَ إماءً
مذعناتٍ بحقها إذعانا
تلبَسُ التَّاجَ فالقِيانُ لديْها
واضعاتٍ لتاجها الأذقانا
تاجُ حُسْنٍ يَثْنيهِ تاجٌ من الإحس
سان تاجانِ طالما مَلكانا
غير أني رأيتُها بغَّضَتْهُنْ
نَ بأن لم تدعْ لهنَّ مكانا
نزلتْ في الدور مَنزل من
بَرَّزَ حُسْناً ومن علا إحسانا
فنفتْهنَّ عن قلوبٍ وقدْ
كُنَّ تبوأْنَ حبها أوطانا
فغدا البائساتُ منهنَّ يَطْلبْ
ن على دفعِ ظُلمها أعوانا
ظلمتْ من صَبا وغَنّى
فكلُّ يشتكِي من دريرةَ العدوانا
أنصفَ اللَّهُ صاحبَ العذْلِ منها
عاشقا والمحسنات الحسانا
ما نَبالي إذا دُرَيْرة أبدتْ
نَزْهَتَيْها ألا نرى بستانا
نزهة الطرفِ شَفْعها نز
هة السمع إذا ناغمتْ لك العيدانا
ذات وجهٍ كأنَّما قيلَ كُنْ
فرداً بديعاً بلا نظيرٍ فكانا
فيهِ عينان ترميانِ بلحْظٍ
نافذِ النَّبْلِ يصرع الأقرانا
فوق غُصن مُهَفْهفٍ تلثم التفْ
فاح فيه وتلمس الرمانا
تجتلي خلقها فتلقَى قواماً
خيزرانا وصِبْغةً أرجوانا
لونُها الدهر واحدٌ كجَني الور
د وإن كان وُدُّها ألوانا
بينما وصلُها لذي الوُدّ وصلٌ
إذ أحالته بالقِلى هجرانا
كَمَلتْ كلها فلستَ ترى في
ها سوى سوء عهدها نُقصانا
فمتى ما أجلتَ طرفكَ فيها
فهْي كالشمسِ صُوِّرتْ إنسانا
ومتى ما سمعتَ منها فَشَدْوٌ
يطرد الهمَّ عنك والأحزانا
قادرٌ أن يُميتَ أشجانَ قوم
قادرٌ أن يُهيِّجَ الأشجانا
ومتى ما لثمتَ فاها فشيْءٌ
تجد الراحَ فيه والريحانا
ريقةٌ كالشَّمولِ طِيباً ونشرٌ
كنسيم خاضَ الجنانا
صَغَّروها مخافةَ العيْنِ عَمْداً
وهي أَعلى القيانِ قَدْراً وشانا
فَدَعَوْها دُرَيرةً وهي الدَّرْ
رَةُ تَغْلُو فتأخذ الأثمانا
لو رآها في الجاهليِّة قومٌ
عَبَدُوها وجانَبُوا الأوثانا
هِيَ حُلْمِي إذا رَقَدْتُ وهَميِّ
وسُرورِي ومُنْيتي يقظانا
مع أنَّ الرُّقادَ قد خانَ عَهْدي
مذ تكلَفتُ حبلها الخَوانا
لاتزالُ القلوبُ تَصْبُو إليها
أو تراها تُقلِّبُ الأجفانا
فإذا تابعت سهام الهوى المح
ض طلبنا هناك منها الأماناص غيرُ حنَّانةٍ على عاشقيها
حين تحتَثُّ عودها الحنَّانا
غيرَ أَنَّا نُحبُّها كيفَ كانتْ
ما أحبَّتْ أرواحُنا الأبدانا
إن تُسلَّطْ على القلوبِ بلا جُر
م فأحلى مُسَلَّطٍ سلطانا
قل لمن عابها أحَلْتَ وأبطلْ
تَ وناقضتَ بل بهتَّ العِيانا
ليت شِعري أوجهها عِبْتَ كلا
أم تنقَّصْتَ جيدَها الحُسَّانا
أم شواها إذا أغضَّ بُراها
أم حَشاها أم فرعَها الفينانا
أم ندى صَوْتِها إذا رجَّعَتْهُ
في المثاني أم دلَّها الفتانا
ليس فيها شيءٌ يُعابُ لدينا
غيرَ بُخْلٍ بنَيلها قد شجانا
عندها البخل بالنوال ولو بالطْ
طَيْفِ منها يزورنا أحيانا
نعمةً كالغرام أوسعَنا اللَّ
هُ امتنانا بوصلها وامتحانا
طال ما طوَّلتْ على حُبّها اليو
مَ وما قصَّرَتْ عليه الزمانا
تتغنَّى فالدهرُ يومٌ قصيرٌ
وإذا ما جفتْ عَدِمْنا كَرانا
أيُّها السائِلي بها كيفَ حَمْدِي
لجَداها لقيتِ عندي بيانا
قد أَرَتْنا وأسمعْتنا ولكنْ
تركتْ كلَّ عاشقٍ ظمآنا
أفلا قائلٌ لها ذو احتسابٍ
حين تحمي رُضابها العطشانا
مَتِّعي هذه المراشف من ري
قِك يا من يَمَتِّع الآذانا
واقسِمي العدْلَ في جوارِحِ قوم
ترك الظُلم بعضَها هَيمانا
لا تُنيلي جوارحاً ما تَمَنَّتْ
وتُنيلي جوارحاً حِرْمانا
أَرْشِفينا كما أريْتِ وأسمعْ
تِ ولا تتركي الهوى صديانا
أنا واللَّهِ يا دريرةُ أهوا
كِ وإن ذقتُ في هواك الهوانا
ياكثيباً عليهِ غصنٌ من البا
نِ وفرعٌ يمَجُّ مِسْكاً وبانا
أشْتَهِي أن أعَضَّ منكِ بناناً
طال عَضِّي عليه مني البنانا
حين تستمطرين أوتارك الدُّرْ
رَ على السامعين والمَرْجانا
لم أنلْ منكِ مذ هَوَيتُك حظا
من نوالٍ سرا ولا إعلانا
غيرَ أني أبيتُ ليلي حَيْرا
نَ أُراعي من نَجْمِهِ حيرانا
قد وصفْنا فمن غدا يتمارى
فليزُرْنا نُقِمْ له البرهانا
عندنا مَنْظَرٌ لها وسماعٌ
كَفيانا لطالبٍ تبيانا
ن