انتقل إلى المحتوى

البداية والنهاية/الجزء الثالث عشر/ثم دخلت سنة خمس وثمانين وستمائة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



ثم دخلت سنة خمس وثمانين وستمائة


استهلت والخليفة الحاكم أبو العباس أحمد، والسلطان الملك المنصور قلاوون، ونائبه بالشام الأمير حسام الدين لاجين السلحداري المنصوري، والأمير بدر الدين الصوابي محاصر مدينة الكرك في أواخر السنة الماضية، وقدم عليه من مصر عسكر صحبة الأمير حسام الدين طرقطاي.

فاجتمعوا على حصار الكرك حتى أنزلوا منها صاحبها الملك المسعود خضر بن الملك الظاهر، في مستهل صفر، وجاءت البشارة بذلك إلى دمشق، فدقت البشائر ثلاثة أيام، وعاد طرقطاي بالملك خضر وأهل بيته إلى الديار المصرية، كما فعل الملك الظاهر أبوه بالملك المغيث عمر بن العادل، كما تقدم ذلك.

واستناب في الكرك نائبا عن أمر المنصور، ورتب أمورها وأجلوا منها خلقا من الكركيين، واستخدموا بقلعة دمشق.

ولما اقترب دخول آل الظاهر إلى القاهرة تلقاهم المنصور فأكرم لقياهم وأحسن إلى الأخوين نجم الدين خضر، وبدر الدين سلامش، وجعلهما يركبان مع ابنيه علي والأشرف خليل، وجعل عليهما عيونا يرصدون ما يفعلان، وأنزلا الدور بالقلعة وأجرى عليهم من الرواتب والنفقات ما يكفيهم وزيادة كثيرة.

وكتب الأمير بدر الدين بكتوت العلائي وهو مجرد بحمص إلى نائب دمشق لاجين، أنه قد انعقد زوبعة في يوم الخميس سابع صفر بأرض حمص ثم ارتفعت في السماء كهيئة العمود والحية العظيمة، وجعلت تختطف الحجارة الكبار، ثم تصعد بها في الجو كأنها سهام النشاب وحملت شيئا كثيرا من الجمال بأحمالها، والأثاث والخيام والدواب، ففقد الناس من ذلك شيئا كثيرا، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وفي هذا اليوم وقع مطر عظيم في دمشق وجاء سيل كثير ولا سيما في الصالحية.

وفيها: أعيد علم الدين الدويداري إلى مشد الدواوين بدمشق، والصاحب تقي الدين بن توبة إلى الوزارة بدمشق.

وفيها: تولى قضاء المالكية بمصر زين الدين بن أبي مخلوف البريدي عوضا عن القاضي تقي الدين بن شاس الذي توفي بها.

وفيها: درس بالغزالية بدر الدين بن جماعة انتزعها من يد شمس الدين إمام الكلاسة، الذي كان ينوب عن شمس الدين الأيكي، والأيكي شيخ سعيد السعدا، باشرها شهرا ثم جاء مرسوم بإعادتها إلى الأيكي، وأنه قد استناب عنه جمال الدين الباجريقي، فباشرها الباجريقي في ثالث رجب.

من الأعيان:

أحمد بن شيبان ابن تغلب الشيباني

أحد مشايخ الحديث المسندين المعمرين بدمشق، توفي بصفر عن ثمان وثمانين سنة، ودفن بقاسيون.

الشيخ الإمام العالم البارع الشيخ جمال الدين أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن بحمان البكري الشريشي المالكي

ولد بشريش سنة إحدى وستمائة، ورحل إلى العراق فسمع بها الحديث من المشايخ والقطيعي وابن زوربة وابن الليثي وغيرهم، واشتغل وحصل وساد أهل زمانه.

ثم عاد إلى مصر فدرس بالفاضلية، ثم أقام بالقدس شيخ الحرم، ثم جاء إلى دمشق فولي مشيخة الحديث بتربة أم الصالح، ومشيخة الرباط الناصري بالسفح، ومشيخة المالكية، وعرض عليه القضاء فلم يقبل.

توفي يوم الاثنين الرابع والعشرين من رجب بالرباط الناصري بقاسيون، ودفن بسفح قاسيون تجاه الناصرية وكانت جنازته حافلة جدا.

قاضي القضاة يوسف ابن قاضي القضاة محيي الدين أبي الفضل

يحيى بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان، القرشي الدمشقي المعروف بابن الزكي الشافعي، كان فاضلا مبرزا، وهو آخر من ولي القضاء من بني الزكي إلى يومنا هذا، ولد في سنة أربعين وسمع الحديث.

توفي ليلة الاثنين حادي عشر ذي الحجة، ودفن بقاسيون، وتولى بعده ابن الخوي شهاب الدين.

الشيخ مجد الدين يوسف بن محمد بن محمد بن عبد الله المصري ثم الدمشقي الشافعي الكاتب المعروف بابن المهتار

كان فاضلا في الحديث والأدب، يكتب كتابة حسنة جدا، وتولى مشيخة دار الحديث النورية، وقد سمع الكثير وانتفع الناس به وبكتابته، توفي عاشر ذي الحجة ودفن بباب الفراديس.

الشاعر الأديب شهاب الدين أبو عبد الله محمد بن عبد المنعم بن محمد المعروف بابن الخيمي

كانت له مشاركة في علوم كثيرة، ويد طولى في النظم الرائق، الفائق جاوز الثمانين وقد تنازع هو نجم الدين بن إسرائيل في قصيدة بائية فتحاكما إلى ابن الفارض فأمرهما بنظم أبيات على وزنها فنظم كل منهما فأحسن، ولكن لابن الخيمي يد طولى عليه.

وكذلك فعل ابن خلكان، وامتدحه على وزنها بأبيات حسان، وقد أطال ترجمته الجزري في كتابه.

وفيها كانت وفاة:

الحاج شرف الدين ابن مري

والد الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله.

يعقوب بن عبد الحق أبو يوسف المديني

سلطان بلاد المغرب، خرج على الواثق بالله أبي دبوس فسلبه الملك بظاهر مراكش، واستحوذ على بلاد الأندلس والجزيرة الخضراء، في سنة ثمان وستين وستمائة، واستمرت أيامه إلى محرم هذه السنة، وزالت على يديه دولة الموحدين بها.

البيضاوي صاحب التصانيف

هو القاضي الإمام العلامة ناصر الدين عبد الله بن عمر الشيرازي، قاضيها وعالمها وعالم أذربيجان وتلك النواحي، مات بتبريز سنة خمس وثمانين وستمائة.

ومن مصنفاته: (المنهاج في أصول الفقه)، وهو مشهور، وقد شرحه غير واحد، وله: (شرح التنبيه) في أربع مجلدات، وله: (الغاية القصوى في دراية الفتوى)، و(شرح المنتخب) و(الكافية في المنطق)، وله: (الطوالع) و(شرح المحصول) أيضا، وله غير ذلك من التصانيف المفيدة، وقد أوصى إلى القطب الشيرازي أن يدفن بجانبه بتبريز والله سبحانه أعلم.

البداية والنهاية - الجزء الثالث عشر
589 | 590 | 591 | 592 | 593 | 594 | 595 | 596 | 597 | 598 | 599 | 600 | 601 | 602 | 603 | 604 | 605 | 606 | 607 | 608 | 609 | 610 | 611 | 612 | 613 | 614 | 615 | 616 | 617 | 618 | 619 | 620 | 621 | 622 | 623 | 624 | 625 | 626 | 627 | 628 | 629 | 630 | 631 | 632 | 633 | 634 | 635 | 636 | 637 | 638 | 639 | 640 | 641 | 642 | 643 | 644 | 645 | 646 | 647 | 648 | 649 | 650 | 651 | 652 | 653 | 654 | 655 | 656 | 657 | 658 | 659 | 660 | 661 | 662 | 663 | 664 | 665 | 666 | 667 | 668 | 669 | 670 | 671 | 672 | 673 | 674 | 675 | 676 | 677 | 678 | 679 | 680 | 681 | 682 | 683 | 684 | 685 | 686 | 687 | 688 | 689 | 690 | 691 | 692 | 693 | 694 | 695 | 696 | 697