كتاب الأم - المجلد الأول2

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


عدد الصلوات الخمس

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أحكم الله تعالى فرض الصلاة في كتابه فبين على لسان نبيه عددها وما على المرء أن يأتى به ويكف عنه فيها وكان نقل عد كل واحدة منها مما نقله العامة عن العامة ولم يحتج فيه إلي خبر الخاصة وإن كانت الخاصة قد نقلتها لا تختلف هي من وجوه هي مبينة في أبوابها فنقلوا الظهر أربعا لا يجهر فيها بشيء من القراءة والعصر أربعا لا يجهر فيها بشيء من القراءة والمغرب ثلاثا يجهر في ركعتين منها بالقراءة ويخافت في الثالثة والعشاء أربعا يجهر في ركعتين منها بالقراءة ويخافت في اثنتين والصبح ركعتين يجهر فيهما معا بالقراءة قال ونقل الخاصة ما ذكرت من عدد الصلوات وغيره مفرقا في مواضعه

فيمن تجب عليه الصلاة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ذكر الله تبارك وتعالى الاستئذان فقال في سياق الآية وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا وقال عز وجل وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولم يذكر الرشد الذي يستوجبون ه أن تدفع إليهم أموالهم إلا بعد بلوغ النكاح وفرض الله عز وجل الجهاد فأبان رسول الله به على من استكمل خمس عشرة سنة بأن أجاز ابن عمر عام الخندق ابن خمس عشرة سنة ورده عام أحد ابن أربع عشرة سنة فإذا بلغ الغلام الحلم والجارية المحيض غير مغلوبين على عقولهما أوجبت عليهما الصلاة والفرائض كلها وإن كانا ابني أقل من خمس عشرة سنة وجبت عليهما الصلاة وأمر كل واحد منهما بالصلاة إذا عقلها فإذا لم يعقلا لم يكونا كمن تركها بعد البلوغ وأؤدبهما على تركها أدبا خفيفا ومن غلب على عقله بعارض مرض أي مرض كان ارتفع عنه الفرض في قوله الله عز وجل واتقون يا أولى الألباب وقوله إنما يتذكر أولو الألباب وإن كان معقولا لا يخاطب بالأمر والنهي إلا من عقلهما

ID ' ' خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

صفحة : 84

صلاة السكران والمغلوب على عقله

قال تعالى لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون قال الشافعي: رحمه الله تعالى يقال نزلت قبل تحريم الخمر وأيما كان نزولها قبل تحريم الخمر أو بعده فمن صلى سكران لم تجز صلاته لنهي الله عز وجل إياه عن الصلاة حتى يعلم ما يقول وإن معقولا أن الصلاة قول وعمل وإمساك في مواضع مختلفة ولا يؤدي هذا إلا من أمر به ممن عقله وعليه إذا صلى سكران أن يعيد إذا صحا ولو صلى شارب محرم غير سكران كان عاصيا في شربه المحرم ولم يكن عليه إعادة صلاة لأنه ممن يعقل ما يقول والسكران الذي لا يعقل ما يقول وأحب إلي لو أعاد وأقل السكر أن يكون يغلب على عقله في بعض ما لم يكن يغلب عليه قبل الشرب ومن غلب على عقله بوسن ثقيل فصلى وهو لا يعقل أعاد الصلاة إذا عقل وذهب عنه الوسن ومن شرب شيئا ليذهب عقله كان عاصيا بالشرب ولم تجز عنه صلاته وعليه وعلى السكران إذا أفاقا قضاء كل صلاة صلياها وعقولهما ذاهبة وسواء شربا نبيذا لا يريانه يسكر أو نبيذا يريانه يسكر فيما وصفت من الصلاة وإن افتتحا الصلاة يعقلان فلم يسلما من الصلاة حتى يغلبا على عقولهما بأعادا الصلاة لأن ما أفسد أولها أفسد آخرها وكذلك إن كبرا ذاهبي العقل ثم أفاقا قبل أن يفترقا فصليا جميع الصلاة إلا التكبير مفيقين كانت عليهما الإعادة لأنهما دخلا الصلاة وهما لا يعقلان وأقل ذهاب العقل الذي يوجب إعادة الصلاة أن يكون مختلطا يعزب عقله في شيء وإن قل ويثوب أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا غلب الرجل على عقله بعارض جن أو عته أو مرض ما كان المرض ارتفع عنه فرض الصلاة ما كان المرض بذهاب العقل عليه قائما لأنه نهى عن الصلاة حتى يعقل ما يقول وهو ممن لا يعقل ومغلوب بأمر لا ذنب له فيه بل يؤجر عليه ويكفر عنه به إن شاء الله تعالى إلا أن يفيق في وقت فيصلي صلاة الوقت وهكذا إن شرب دواء فيه بعض السموم وإلا غلب منه أن السلامة تكون منه لم يكن عاصيا بشربه لأنه لم يشربه على ضر نفسه ولا إذهاب عقله وإن ذهب ولو احتاط فصلى كان أحب إلي لأنه قد شرب شيئا فيه سم ولو كان مباحا ولو أكل أو شرب حلالا فخبل عقله أو وثب وثبة فانقلب دماغه أو تدلى على شيء فانقلب دماغه فخبل عقله إذا لم يرد بشيء مما صنع ذهاب عقله لم يكن عليه

صفحة : 85

إعادة صلاة صلاها لا يعقل أو تركها بذهاب العقل فإن وثب في غير منفعة أو تنكس ليذهب عقله فذهب كان عاصيا وكان عليه إذا ثاب عقله إعادة كل ما صلى ذاهب العقل أو ترك من الصلاة وإذا جعلته عاصيا بما عمد من إذهاب عقله أو إتلاف نفسه جعلت عليه إعادة ما صلى ذاهب العقل أو ترك من الصلوات وإذا لم أجعله عاصيا بما صنع لم تكن عليه إعادة إلا أن يفيق في وقت بحال وإذا أفاق المغمى عليه وقد أبقى عليه من النهار قدر ما يكبر فيه تكبيرة واحدة أعاد الظهر والعصر ولم يعد ما قبلهما لا صبحا ولا مغربا ولا عشاء وإذا أفاق وقد بقى عليه من الليل قبل أن يطلع الفجر قدر تكبيرة واحدة قضى المغرب والعشاء وإذا أفاق الرجل قبل أن تطلع الشمس بقدر تكبيرة قضى الصبح وإذا طلعت الشمس لم يقضها وإنما قلت هذا لأن هذا وقت في حال عذر جمع رسول الله بين الظهر والعصر في السفر في وقت الظهر وبين المغرب والعشاء في وقت العشاء فلما جعل الأولى منهما وقتا للآخرة في حال والآخرة وقتا للأولى في حال كان وقت إحداهما وقتا للأخرى في حال وكان ذهاب العقل عذرا وبالإفاقة عليه أن يصلي العصر وأمرته أن يقضي لأنه كان أفاق في وقت بحال وكذلك آمر الحائض والرجل يسلم كما آمر المغمى عليه من أمرته بالقضاء فلا يجزيه إلا أن يقضي أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال كان النبي إذا عجل في المسير جمع بين المغرب والعشاء

ID ' ' ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

صفحة : 86

صلاة المرتد

قال الشافعي: رحمه الله تعالى إذا ارتد الرجل عن الإسلام ثم أسلم كان عليه قضاء كل صلاة تركها في ردته وكل زكاة وجبت عليه فيها فإن غلب على عقله في ردته لمرض أو غيره قضى الصلاة في أيام غلبته على عقله كما يقضيها في أيام عقله فإن قيل فلم لم تجعله قياسا على المشرك يسلم فلا تأمره بإعادة الصلاة قيل فرق الله عز وجل بينهما فقال قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وأسلم رجال فلم يأمرهم رسول الله بقضاء صلاة ومن رسول الله على المشركين وحرم الله دماء أهل الكتاب ومنع أموالهم بإعطاء الجزية ولم يكن المرتد في هذه المعاني بل أحبط الله تعالى عمله بالردة وأبان رسول الله أن عليه القتل إن لم يتب بما تقدم له من حكم الإيمان وكان مال الكافر غير المعاهد مغنوما بحال ومال المرتد موقوفا ليغنم إن مات على الردة أو يكون على ملكه إن تاب ومال المعاهد له عاش أو مات فلم يجز إلا أن يقضى الصلاة والصوم والزكاة وكل ما كان يلزم مسلما لأنه كان عليه أن يفعل فلم تكن معصيته بالردة تخفف عنه فرضا كان عليه فإن قيل فكيف يقضى وهو لو صلى في تلك الحال لم يقبل عمله قيل لأنه لو صلى في تلك الحال صلى على غير ما أمر به فكانت عليه الإعادة إذا أسلم ألا ترى أنه لو صلى قبل الوقت وهو مسلم أعاد والمرتد صلى قبل الوقت الذي تكون الصلاة مكتوبة له فيه لأن الله عز وجل قد أحبط عمله بالردة وإن قيل ما أحبط من عمله قيل أجر عمله لا أن عليه أن يعيد فرضا أداه من صلاة ولا صوم ولا غيره قبل أن يرتد لأنه أداه مسلما فإن قيل وما يشبه هذا قيل ألا ترى أنه لو أدى زكاة كانت عليه أو نذر نذرا لم يكن عليه إذا أحبط أجره فيها أن يبطل فيكون كما لم يكن أو لا ترى أنه لو أخذ منه حدا أو قصاصا ثم ارتد ثم أسلم لم يعد عليه وكان هذا فرضا عليه ولو حبط بهذا المعنى فرض منه حبط كله

ID ' ' والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

صفحة : 87

جماع مواقيت الصلاة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أحكم الله عز وجل كتابه أن فرض الصلاة موقوت والموقوت والله أعلم الوقت الذي يصلى فيه وعددها فقال عز وجل إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا وقد ذكرنا نقل العامة عدد الصلاة في مواضعها ونحن ذاكرون الوقت أخبرنا سفيان عن الزهري قال أخر عمر بن عبد العزيز الصلاة فقال له عروة إن رسول الله قال نزل جبريل فأمني فصليت معه ثم نزل فأمني فصليت معه ثم نزل فأمني فصليت معه حتى عد الصلوات الخمس فقال عمر بن عبد العزيز اتق الله يا عروة وانظر ما تقول فقال عروة أخربنيه بشير بن أبي مسعود عن أبيه عن رسول الله أخبرنا عمرو بن أبي سلمة عن عبد العزيز بن محمد عن عبد الرحمن بن الحرث عن حكيم بن حكيم عن نافع بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله قال أمني عن جبريل عند باب الكعبة مرتين فصلى الظهر حين كان الفيء مثل الشراك ثم صلى العصر حين كان كل شيء بقدر ظله وصلى المغرب حين أفطر الصائم ثم صلى العشاء حين غاب الشفق ثم صلى الصبح حين حرم الطعام والشراب على الصائم ثم صلى المرة الآخرة الظهر حين كان كل شيء قدر ظله قدر العصر بالأمس ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه ثم صلى المغرب القدر الأول لم يؤخرها ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل ثم صلى الصبح حين أسفر ثم التفت فقال يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت فيما بين هذين الوقتين قال الشافعي: وبهذا نأخذ وهذه المواقيت في الحضر فاحتمل ما وصفته من المواقيت أن يكون للحاضر والمسافر في العذر وغيره واحتمل أن يكون لمن كان في المعنى الذي صلى فيه جبريل بالنبي في الحضر وفي غير عذر فجمع رسول الله بالمدينة غير حائف فذهبنا إلى أن ذلك في مطر وجمع مسافرا فدل ذلك على أن تفريق الصلوات كل صلاة في وقتها إنما هو على الحاضر في غير مبطر فلا يجزيء حاضرا في غير مطر أن يصلى صلاة إلا في وقتها ولا يضم إليها غيرها إلا أن ينسى فيذكر في وقت إحداهما أو ينام فيصليها حينئذ قضاء ولا يخرج أحد كان له الجمع بين الصلاتين من آخر وقت الآخرة منهما ولا يقدم وقت الأولى منهما والوقت حد لا يجاوز ولا يقدم ولا تؤخر صلاة العشاء عن الثلث الأول في

صفحة : 88

وقت الظهر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وأول وقت الظهر إذا استقن الرجل بزوال الشمس عن وسط الفلك وظل الشمس في الصيف يتقلص حتى لا يكون لشىء قائم معتدل نصف النهار ظل بحال وإذا كان ذلك فسقط للقائم ظل ما كان الظل فقد زالت الشمس وآخر وقتها في هذا الحين إذا صار ظل كل شيء مثله فإذا جاوز ظل كل شيء مثله بشيء ما كان فقد خرج وقتها ودخل وقت العصر لا فصل بينهما إلا ما وصفت والظل في الشتاء والربيع والخريف مخالف له فيما وصفت من الصيف وإنما يعلم الزوال في هذه الأوقات بأن ينظر إلى الظل ويتفقد نقصانه فإنه إذا تناهى نقصانه زاد فإذا زاد بعد تناهى نقاصنه فذلك الزوال هو أول وقت الظهر ثم آخر وقتها إذا علم أن قد بلغ الظل مع خلافه ظل الصيف قدر ما يكون ظل كل شيء مثله في الصيف وذلك أن تعلم ما بين زوال الشمس وأول وقت الظهر أقل مما بين أول وقت العصر والليل فإن برز له منها ما يدله وإلا توخى حتى يرى أنه صلاها بعد الوقت واحتاط قال الشافعي: فإن كان الغيم مطبقا راعى الشمس واحتاط بتأخيرها ما بينه وبين أن يخاف دخول وقت العصر فإذا توخى فصلى على الأغلب عنده فصلاته مجزئة عنه وذلك أن مدة وقتها متطاول حتى يكاد يحيط إذا احتاط بأن قد زالت وليست كالقبلة التي لامدة لها إنما عليها دليل لا مدة وعلى هذا الوقت دليل من مدة وموضع وظل فإذا كان هكذا فلا إعادة عليه حتى يعلم أن قد صلى قبل الزوال فإذا علم ذلك أعاد وهكذا إن توخى بلا غيم قال وعلمه بنفسه وأخبار غيره ممن يصدقه أنه صلى قبل الزوال إذا لم ير هو أوهم يلزمه أن يعيد الصلاة فإن كذب من أعلمه أنه صلى قبل الزوال لم يكن عله إعادة والاحتياط له أن يعيد وإذا كان أعمى وسعه خبر من يصدق خبره في الوقت والاقتداء بالمؤذنين فيه وإن كان محبوسا في موضع مظلم أو كان أعمى ليس قربه أحد توخى وأجزأت صلاته حتى يستيقن أنه صلى قبل الوقت والوقت يخالف القبلة لأن في الوقت مدة فجعل مرورها كالدليل وليس ذلك في القبلة فإن علم أنه صلى بعد الوقت أجزأه وكان أقل أمره أن يكون قضاء قال الشافعي: وإذا كان كما وصفت محبسا في ظلمة أو أعمى ليس قربه أحد لم يسعه أن يصليها بلا تأخ على الأغلب عنده من مرور الوقت من نهار وليل وإن وجد غيره تأخى به وإن صلى على غير تأخ أعاد كل صلاة صلاها على غيره تأخ ولا يفوت الظهر حتى يجاوز ظل كل

صفحة : 89

شيء مثله فإذا جاوزه فهو فائت وذلك أن من أخرها إلى هذا الوقت جمع أمرين تأخيرها عن الوقت المقصود وحلول وقت غيرها قال الشافعي: رحمه الله تعالى وتعجيل الحاضر الظهر إماما ومنفردا في كل وقت إلا في شدة الحر فإذا اشتد الحر أخر إمام الجماعة الذي ينتاب من البعد الظهر حتى يبرد بالخبر عن رسول الله أخبرنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله قال إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم وقد اشتكت النار إلى ربها فقالت رب أكل بعض بعضا فإذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فأشد ما تجدون من الحر من حرها وأشد ما تجدون من البرد من زمهريرها أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله قال إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم أخبرنا الثقة يحيى بن حسان عن الليث بن سعد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبى سلمة ابن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله قال إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم قال الشافعي: ولا يبلغ بتأخيرها آخر وقتها فيصليهما جميعا معا ولكن الإبراد ما يعلم أنه يصليها متمهلا وينصرف منها قبل آخر وقتها ليكون بين نصرافه منها وبين آخر وقتها فصل فأما من صلاها في بيته أو في جماعة بفناء بيته لا يحضرها إلا من بحضرته فليصلها في أول وقتها لأنه لا أذى عليهم في حرها قال الشافعي: ولا تؤخر في الشتاء بحال وكلما قدمت كان ألين على من صلاها في الشتاء ولا يؤخرها إمام جماعة ينتاب إلا ببلاد لها حر مؤذ كالحجاز فإذا كان بلاد لا أذى لحرها لم يؤخرها لأنه لا شدة لحرها يرفق على أحد بتنحية الأذى عنه في شهودها

ID ' ' ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

صفحة : 90

وقت العصر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ووقت العصر في الصيف إذا جاوز ظل كل شيء مثله بشيء ما كان وذلك حين ينفصل من أخر وقت الظهر وبلغنى عن بعض أصحاب ابن عباس أنه قال معنى ما وصفت وأحسبه ذكره عن ابن عباس وأن ابن عباس أردا به صلاة العصر في آخر وقت الظهر على هذا المعنى أنه صلاها حين كان ظل كل شيء مثله يعنى حين تم ظل كل شيء مثله ثم جاوز ذلك بأقل ما يجاوزه وحديث ابن عباس محتمل له وهو قول عامة من حفظت عنه وإذا كان الزمان الذي لا يكون الظل فيه هكذا قدر الظل ما كان ينقض فإذا زاد بعد نقصانه فذلك زواله ثم قدر مالو كان الصيف بلغ الظل أن يكون مثل القائم فإذا جاوز ذلك قليلا فقد دخل أول وقت العصر ويصلي العصر في كل بلد وكل زمان وإمام جماعة ينتاب من بعد وغير بعد ومنفرد في أول وقتها لا أحب أن يؤخرها عنه وإذا كان الغيم مطلقا أو كان محبوسا في ظلمة أو أعمى ببلد لا أحد معه فيها صنع ما وصفت يصنعه في الظهر لا يختلف في شيء ومن أخر العصر حتى تجاوز ظل كل شيء مثليه في الصيف وقدر ذلك في الشتاء فقد فاته وقت الاختيار ولا يجوز عليه أن يقال قد فاته وقت العصر مطلقا كما جاز على الذي أخر الظهر إلى أن جاوز ظل كل شيء مثله مطلقا لما وصفت من أنه تحل له صلاة العصر في ذلك الوقت وهذا لا يحل له صلاة الظهر في هذا الوقت وإنما قلت لا يتبين عليه ما وصفت من أن مالكا أخبرنا عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن بشر بن سعيد وعن الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة أن رسول الله قال من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر قال الشافعي: فمن لم يدرك ركعة من العصر قبل غروب الشمس فقد فاتته العصر والركعة ركعة بسجدتين وإنما أحببت تقديم العصر لأن محمد بن إسمعيل أخبرنا عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن أنس بن مالك قال كان رسول الله يصلي العصر والشمس صاحية ثم يذهب الذاهب إلى العوالي فيأتيها والشمس مرتفعة أخبرنا محمد بن إسمعيل ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام عن نوفل بن معاوية الديلي قال قال رسول الله من فاته العصر فكأنما وتر أهله وماله

صفحة : 91

وقت المغرب

قال الشافعي: رحمه الله تعالى لا وقت للمغرب إلا واحد وذلك حين تجب الشمس وذلك بين في حديث إمامة جبريل النبي وفي غيره أخبرنا إبراهيم بن محمد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي نعيم عن جابر قال كنا نصلى المغرب مع رسول ثم نخرج نتناضل حتى نبلغ بيوت بني سلمة ننظر إلى مواقع النبل من الإسفار أخبرنا محمد بن إسمعيل عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن القعقاع ابن حكيم قال دخلنا على جابر بن عبد الله فقال جابر كنا نصلى مع النبي ثم ننصرف فنأتى بني سلمة فنبصر مواقع النبل أخبرنا محمد بن إسمعيل عن ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن زيد بن خالد الجهني قال كنا نصلي مع النبي المغرب ثم ننصرف فنأتى السوق ولو رمى بنبل لرؤى مواقعها قال الشافعي: وقد لا قيل تفوت حتى يدخل أول وقت صلاة العشاء قبل يصلى منها ركعة كما قيل في العصر ولكن لا يجوز لأن الصبح تفوت بأن تطلع الشمس قبل يصلى منها ركعة فإن قيل فتقيسها على الصبح قيل لا أقيس شيئا من المواقيت على غيره وهي على الأصل والأصل حديث إمامة جبريل النبي إلا ما جاء فيه عن النبي خاصة دلالة أو قاله عامة العلماء لم يختلفوا فيه قال الشافعي: ولو قيل تفوت المغرب إذا لم تصل في وقتها كان والله تعالى أعلم أشبه بما قال ويتأخاها المصلي في الغيم والمحبوس في الظلمة والأعمى كما وصفت في الظهر ويؤخرها حتى يرى أن قد دخل وقتها أو جاوز دخوله

ID ' ' خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

صفحة : 92

وقت العشاء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان عن ابن أبي لبيد عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن عن ابن عمر أن النبي قال لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم هي قال الشافعي: فأحب أن لا تسمى إلا العشاء كما سماها رسول الله وأول وقتها حين يغيب الشفق والشفق الحمرة التي في المغرب فإذا ذهبت الحمرة فلم ير منها شيء حل وقتها ومن افتتحها وقد بقى عليه من الحمرة شيء أعادها وإنما قلت الوقت في الدخول في الصلاة فلا يكون لأحد أن يدخل في الصلاة إلا بعد دخول وقتها وإن لم يعمل فيها شيء إلا بعد الوقت ولا التكبير لأن التكبير هو مدخله فيها فإذا أدخله التكبير فيها قبل الوقت أعادها وآخر وقتها إلى أن يمضى ثلث الليل فإذا مضى ثلث الليل الأول فلا أراها إلا فائتة لأنه آخر وقتها ولم يأت عن النبي فيها شيء يدل على أنها لا تفوت إلا بعد ذلك الوقت قال والمواقيت كلها كما وصفت لا تقاس ويصنع المتأخي لها في الغيم وفي الحبس المظلم والأعمى ليس معه أحد كما وصفته يصنعه في الظهر والتأخى في الليل أخف من التأخى لصلاة النهار لطول المدة وشدة الظلمة وبيان الليل

ID ' ' الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

صفحة : 93

وقت الفجر

قال الله تبارك وتعالى وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا وقال من أدرك ركعة من الصبح والصبح الفجر فلها اسمان الصبح والفجر لا أحب أن تسمى إلا بأحدهما وإذا بان الفجر الأخير معترضا حلت صلاة الصبح ومن صلاها قبل تبين الفجر الأخير معترضا أعاد ويصليها أول ما يستيقن الفجر معترضا حتى يخرج منها مغلسا قال الشافعي: وأخبرنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت إن كان رسول الله ليصلى الصبح فتنصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس ولا تفوت حتى تطلع الشمس قبل أن يصلي منها ركعة والركعة ركعة بسجودها فمن لم يكمل ركعة بسجودها قبل طلوع الشمس فقد فاتته الصبح لقول النبي من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح

اختلاف الوقت

قال الشافعي: رحمه الله تعالى فلما أم جبريل رسول الله في الحضر لا في مطر وقال ما بين هذين وقت لم يكن لأحذ أن يعمد أن يصلى الصلاة في حضر ولا في مطر إلا في هذا الوقت ولا صلاة إلا منفردة كما صلى جبريل برسول الله وصلى النبي بعد مقيما في عمره ولما جمع رسول الله بالمدينة آمنا مقيما لم يحتمل إلا أن يكون مخالفا لهذا الحديث أو يكون الحال التي جمع فيها حالا غير الحال التي فرق فيها فلم يجز أن يقال جمعه في الحضر مخالف لإفراده في الحضر من وجهين أنه يوجد لكل واحد منهما وجه وأن الذي رواه منهما معا واحد وهو ابن عباس فعلمنا أن لجمعه في الحضر علة فرقت بينه وبين إفراده فلم يكن إلا المطر والله تعالى أعلم إذا لم يكن خوف ووجدنا في المطر علة المشقة كما كان في الجمع في السفر علة المشقة العامة فقلنا إذا كانت العلة من مطر في حضر جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء قال ولا يجمع إلا والمطر مقيم في الوقت الذي يجمع فيه فإن صلى إحدهما ثم انقطع المطر لم يكن له أن يجمع الأخرى إليها وإذا صلى إحداهما والسماء تمطر ثم ابتدأ الأخرى والسماء تمطر ثم انقطع المطر مضي على صلاته لأنه إذا كان له الدخول فيها كان له إتمامها قال ويجمع من قليل المطر وكثيره ولا يجمع إلا من خرج من بيته إلى مسجد يجمع فيه قرب المسجد أو كثر أهله أو قلوا أو بعدوا ولا يجمع أحد في بيته لأن النبي صلى الله

صفحة : 94

عليه وسلم جمع في المسجد والمصلي في بيته مخالف المصلي في المسجد وإن صلى رجل الظهر في غير مطر ثم مطر الناس لم يكن له أن يصلى العصر لأنه صلى الظهر وليس له جمع العصر إليها وكذلك لو افتتح الظهر ولم يمطر ثم مطر بعد ذلك لم يكن له جمع العصر إليها ولا يكون له الجمع إلا بأن يدخل في الأولي ينوي الجمع وهو له فإذا دخل فيها وهو يمطر ودخل في الآخرة وهو يمطر فإن سكنت السماء فيما بين ذلك كان له الجمع لأن الوقت في كل واحدة منهما الدخول فيها والمغرب والعشاء في هذا وقت كالظهر والعصر لا يختلفان وسواء كل بلد في هذا لأن بل المطر في كل موضع أذى وإذا جمع بين صلاتين في مطر جمعهما في وقت الأولى منها لا يؤخر ذلك ولا يجمع في حضر في غير المطر من قبل أن الأصل أن يصلي الصلوات منفردات والجمع في المطر رخصة لعذر وإن كان عذر غيره لم يجمع فيه لأن العذر في غيره خاص وذلك المرض والخوف وما أشبهه وقد كانت أمراض وخوف فلم يعلم أن رسول الله جمع والعذر بالمطر عام ويجمع في السفر بالخبر عن رسول الله والدلالة على المواقيت عامة لا رخصة في ترك شيء منها ولا الجمع إلا حيث رخص النبي في سفر ولا رأينا من جمعه الذي رأيناه في المطر والله تعالى أعلم

ID ' ' أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

صفحة : 95

وقت الصلاة في السفر

أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله وهو يذكر حجة النبي فراح النبي من منزله وأخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أن النبي صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا أخبرنا مالك عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عامر بن واثلة أن معاذ ابن جبل أخبره أنهم خرجوا مع رسول الله عام تبوك فكان رسول الله يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء قال فأخر الصلاة يوما ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا قال الشافعي: وهذا وهو نازل غير سائر لأن قوله دخل ثم خرج لا يكون إلا وهو نازل فللمسافر أن يجمع نازلا وسائرا أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن إسمعيل بن عبد الرحمن بن أبي ذؤيب الأسدي قال خرجنا مع ابن عمر إلى الحمى فغربت الشمس فهبنا أن نقول له انزل فصل فلما ذهب بياض الأفق وفحمة العشاء نزل فصلى ثلاثا ثم سلم ثم صلى ركعتين ثم سلم ثم التفت إلينا فقال هكذا رأيت رسول الله فعل قال الشافعي: فدلت سنة رسول الله على أن للمسافر أن يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما إن شاء في وقت الأولى منهما وإن شاء في وقت الآخرة لأن النبي جمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر وجمع بين المغرب والعشاء في وقت العشاء فلما حكى ابن عباس ومعاذ الجمع بينهما جدبه السير أو لم يجد سائرا ونازلا لأن النبي جمع بينهما بعرفة غير سائر إلا إلى الموقف إلى جنب المسجد وبالمزدلفة نازلا ثانيا وحكى عنه معاذ أنه جمع ورأيت حكايته على أن جمعه وهو نازل في سفر غير سائر فيه فمن كان له أن يقصر فله أن يجمع لما وصفت من دلالة السنة وليس له أن يجمع الصبح إلى صلاة ولا يجمع إليها صلاة لأن النبي لم يجمعها ولم يجمع إليها غيرها وليس للمسافر أن يجمع بين صلاتين قبل وقت الأولى منهما فان فعل أعاد كما يعيد المقيم إذا صلى قبل الوقت وله أن يجمعهما بعد الوقت لأنه حينئذ يقضي ولو افتتح المسافر

صفحة : 96

الصلاة قبل الزوال ثم لم يقرأ حتى تزول الشمس ثم مضى في صلاته فصلى الظهر والعصر معا كانت عليه إعادتهما معا أما الظهر فيعيدها لأن الوقت لم يدخل حين الدخول في الصلاة فدخل فيها قبل وقتها وأما العصر فإنما كان له أن يصليها قبل وقتها إذا جمع بينها وبين الظهر وهي مجزئة عنه ولو افتتح الظهر وهو يرى أن الشمس لم تزل ثم استيقن أن دخوله فيها كان بعد الزوال صلاها والعصر أعاد لأنه حين افتتحها افتتحها ولم تحل عنده فليست مجزئة عنه وكان في معنى من صلاها لا ينويها وفي أكثر من حاله ولو أراد الجمع فبدأ بالعصر ثم الظهر أجزأت عنه الظهر ولا تجزيء عنه العصر لا تجزيء عنه مقدمة عن وقتها حتى تجزيء عنه الظهر التي قبلها ولو افتتح الظهر على غير وضوء ثم توضأ للعصر فصلاها أعاد الظهر والعصر لا تجزىء عنه العصر مقدمة عن وقتها حتى تجزيء عنه الظهر قبلها وهكذا لو أفسد الظهر بأي فساد ما كان لم تجزيء عنه العصر مقدمة عن وقتها ولو كان هذا كله في وقت العصر حتى لا يكون العصر إلا بعد وقتها أجزأت عنه العصر وكانت عليه إعادة الظهر ولو افتتح الظهر وهو يشك في وقتها فاستيقن أنه لم يدخل فيها إلا بعد دخول وقتها لم تجزيء عنه صلاته وكذلك لو ظن أن صلاته فاتته استفتح صلاة على أنها إن كانت فائتة فهي التي افتتح ثم علم أن عليه صلاة فائتة لم تجزه ولم يجزيء شيء من هذا حتى يدخل فيه على نية الصلاة وعلى نية أن الوقت دخل فأما إذا دخل على الشك فليست النية بتامة ولو كان مسافرا فأراد الجمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر فسها أو عمد فبدأ بالعصر لم يجزه ولا يجزئه العصر قبل وقتها إلا أن يصلى الظهر قبلها فتجزيء عنه وكذلك لو صلى الظهر في وقتها فأفسدها فسها عن إفساده إياها ثم صلى العصر بعدها في وقت الظهر أعاد الظهر ثم العصر

ID ' ' كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

صفحة : 97

الرجل يصلى وقد فاتته قبلها صلاة

أخبرنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي: من فاتته الصلاة فذكرها وقد دخل في صلاة غيرها مضى على صلاته التي هو فيها ولم تفسد عليه إماما كان أو مأموما فاذا فرغ من صلاته صلى الصلاة الفائتة وكذلك لو ذكرها ولم يدخل في صلاة فدخل فيها وهو ذاكر للفائتة أجزأته الصلاة التي دخل فيها وصلى الصلاة المكتوبة الفائتة له وكان الاختيار له إن شاء أتى بالصلاة الفائتة له قبل الصلاة التي ذكرها قبل الدخول فيها إلا أن يخاف فوت التي هو في وقتها فيصليها ثم يصلي التي فاتته أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيننة عن عبد الكريم الجزري قال الشافعي: وسواء كانت الصلوات الفائتات صلاة يوم أو صلاة سنة وقد أثبت هذا في غير هذا الموضع وإنما قلته إن رسول الله نام عن الصبح فارتحل عن موضعه فأخر الصلاة الفائتة وصلاتها ممكنة له فلم يجز أن يكون قوله من نسى صلاة فليصلها إذا ذكرها على معنى أن وقت ذكره إياها وقتها لا وقت لها غيره لأنه لا يؤخر الصلاة عن وقتها فلما لم يكن هذا معنى قوله لم يكن له معنى إلا أن يصليها إذا ذكرها فإنها غير موضوعة الفرض عنه بالنسيان إذا كان الذكر الذي هو خلاف النسيان وأن يصليها أي ساعة كانت منهيا عن الصلاة فيها أو غير منهى قال الربيع قال الشافعي: قول النبي فليصلها إذا ذكرها يحتمل أن يكون وقتها حين يذكرها ويحتمل أن يكون يصليها إذا ذكرها لا أن ذهاب وقتها يذهب بفرضها فلما ذكر النبي وهو في الوادي صلاة الصبح فلم يصلها حتى قطع الوادي علمنا أن قول النبي فليصلها إذا ذكرها أي وإن ذهب وقتها ولم يذهب فرضها فإن قيل فإن النبي إنما خرج من الوادي فإنه واد فيه شيطان فقيل لو كانت الصلاة لا تصلح في واد فيه شيطان فقد صلى النبي وهو يخنق الشيطان فخنقه أكثر من صلاة في واد فيه شيطان قال الشافعي: فلو أن مسافرا أراد أن يجمع بين الظهر والعصر في وقت العصر فبدأ بالظهر فأفسدها ثم صلى العصر أجزأه العصر وإنما أجزأته لأنه صليت في وقتها على الانفراد الذي لو صليت فيه وحدها أجزأت ثم يصلى الظهر بعدها قال الشافعي: ولو بدأ فصلى العصر ثم صلى الظهر أجزأت عنه العصر لأنه صلاها في وقتها

صفحة : 98

على الانفراد وكان عليه أن يصلي الظهر وأكره هذا له وإن كان مجزئا عنه قال الشافعي: وإذا كان الغيم مطبقا في السفر فهو كإطباقه في الحضر يتأخى فإن فعل فجمع بين الظهر والعصر ثم تكشف الغيم فعلم أنه قد كان افتتح الظهر قبل الزوال أعاد الظهر والعصر معا لأنه صلى كل واحدة منهما غير مجزئة الظهر قبل وقتها والعصر في الوقت الذي لا تجزيء عنه فيه إلا أن تكون الظهر قبلها مجزئةقال الشافعي: ولو كان تأخى فصلاهما فكشف الغيم فعلم أنه صلاها في وقت العصر أجزأتا عنه لأنه كان له أن يصليهما عامدا في ذلك الوقت قال الشافعي: ولو تكشف الغيم فعلم أنه صلاهما بعد مغيب الشمس أجزأتا عنه لأن أقل أمرهما أن يكونا قضاء مما عليه قال الشافعي: ولو كان تأخى فعلم أنه صلى إحداهما قبل مغيب الشمس والأخرى بعد مغيبها أجزأتا عنه وكان إحداهما مصلاة في وقتها وأقل أمر الأخرى أن تكون قضاء قال الشافعي: وهكذا القول في المغرب والعشاء يجمع بينهما قال الشافعي: ولو كان مسافرا فلم يكن له في يوم سفره نية في أن يجمع بين الظهر والعصر وأخر الظهر ذا كرا لا يريد بها الجمع حتى يدخل وقت العصر كان عاصيا بتأخيرها لا يريد الجمع بها لأن تأخيرها إنما كان له على إرادة الجمع فيكون ذلك وقتا لها فإذا لم يرد به الجمع كان تأخيرها وصلاتها تمكنه معصية وصلاتها قضاء والعصر في وقتها وأجزأتا عنه وأخاف المأثم عليه في تأخير الظهر قال الشافعي: ولو صلى الظهر ولا ينوى أن يجمع بينها وبين العصر فلما أكمل الظهر أو كان وقتها كانت له نية في أن يجمع بينهما كان ذلك له لأنه إذا كان له أن ينوى ذلك على الابتداء كان له أن يحدث فيه نية في الوقت الذي يجوز له فيه الجمع ولو انصرف من الظهر وانصرافه أن يسلم ولم ينو قبلها ولا مع انصرافه الجمع ثم أراد الجمع لم يكن له لأنه لا يقال له إذا انصرف جامع وإنما يقال هو قال الشافعي: ولو كان أخر الظهر بلا نية جمع وانصرف منها في وقت العصر كان له أن يصلى العصر لأنها وإن صليت صلاة انفراد فإنما صليت في وقتها لا في وقت غيرها وكذلك لو أخر الظهر عامدا لا يريد بها الجمع إلى وقت العصر فهو آثم في تأخيرها عامدا ولا يريد بها الجمع قال الشافعي: وإذا صليت الظهر والعصر في وقت الظهر ووالى بينهما قبل أن يفارق مقامه الذي صلى فيه وقبل أن يقطع بينهما بصلاة فإن فارق مقامه الذي صلى فيه أو قطع بينهما

صفحة : 99

بصلاة لم يكن له الجمع بينهما لأنه لا يقال له أبدا جامع إلا أن يكونا متواليين لاعمل بينهما ولو كان الإمام والمأموم تكلما كلاما كثيرا كان له أن يجمع وإن طال ذلك به لم يكن له الجمع وإذا جمع بينهما في وقت الآخرة كان له أن يصلى في وقت الأولى وينصرف ويصنع ما بدا له لأنه حينئذ يصلى الآخرة في وقتها وقد روى في بعض الحديث أن بعض من صلى مع النبي بجمع صلى معه المغرب ثم أناخ بعضهم أباعرهم في منازلهم ثم صلوا العشاء فيما يرى حيث صلوا وإنما صلوا العشاء في وقتها قال الشافعي: فالقول في الجمع بين المغرب والعشاء كالقول في الجمع بين الظهر والعصر لا يختلفان في شيء قال الشافعي: ولو نوى أن يجمع بين الظهر والعصر فصلى الظهر ثم أغمى عليه ثم أفاق قبل خروج وقت الظهر لم يكن له أن يصلى العصر حتى يدخل وقتها لأنه حينئذ غير جامع بينهما وكذلك لو نام أو سها أو شغل أو قطع ذلك بأمر يتطاول قال الشافعي: وجماع هذا أن ينظر إلى الحال التي لو سها فيها في الصلاة فانصرف قبل إكمالها هل يبنى لتقارب انصرافه فله إذا صنع مثل ذلك أن يجمع وإذا سها فنصرف فتطاول ذلك لم يكن له أن يبنى وكان عليه أن يستأنف فكذلك ليس له أن يجمع في وقت ذلك إن كان في مسجد أن لا يخرج منه يطيل المقام قبل توجههه إلى الصلاة وإن كان في موضع مصلاه لا يزايله ولا يطيل قبل أن يعود إلى الصلاة

ID ' ' وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

صفحة : 100

باب صلاة العذر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا يكون لأحد أن يجمع بين صلاتين في وقت الأولى منهما إلا في مطر ولا يقصر صلاة بحال خوف ولا عذر غيره إلا أن يكون مسافرا لأن رسول الله صلى بالخندق محاربا فلم يبلغنا أنه قصر قال الشافعي: وكذلك لا يكون له أن يصلى قاعدا إلا من مرض لا يقدر معه على القيام وهو يقدر على القيام إلا في حال الخوف التي ذكرت ولا يكون له بعذر غيره أن يصلى قاعدا إلا من قال الشافعي: وذلك أن الفرض في المكتوبة استقبال القبلة والصلاة قائما فلا يجوز غير هذا إلا في المواضع التي دل رسول الله عليها ولا يكون شيء قياسا عليه وتكون الأشياء كلها مردودة إلى إصولها والرخص لا يتعدى بها مواضعها

باب صلاة المريض

قال الله عز وجل حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين فقيل والله سبحانه وتعالى أعلم قانتين مطيعين وأمر رسول الله بالصلاة قائما قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا خوطب بالفرائض من أطاقها فإذا كان المرء مطيقا للقيام في الصلاة لم يجزه إلا هو إلا عندما ذكرت من الخوف قال الشافعي: وإذا لم يطق القيام صلى قاعدا وركع وسجد إذا أطاق الركوع والسجود أخبرنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن حسان عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله أمر أبا بكر أن يصلى بالناس فوجد النبي خفة فجاء فقعد إلى جنب أبي بكر فأم رسول الله أبا بكر وهو قاعد وأم أبا بكر الناس وهو قائم أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي قال سمعت يحيى بن سعيد يقول حدثني ابن أبي مليكة أن عبيد بن عمير الليثي حدثه أن رسول الله أمر أبا بكر أن يصلي بالناس الصبح وأن أبا بكر كبر فوجد النبي بعض الخفة فقام يفرج الصفوف قال وكان أبو بكر لا يلتفت إذا صلى فلما سمع أبو بكر الحس من ورائه عرف أنه لا يتقدم ذلك المقام المقدم إلا رسول الله فخنس وراءه إلى الصف فرده رسول الله مكانه فجلس رسول الله إلى جنبه وأبو

صفحة : 101

بكر قائم حتى إذا فرغ أبو بكر قال أي رسول الله أراك أصبحت صالحا وهذا يوم بنت خارجة فرجع أبو بكر إلى أهله فمكث رسول الله مكانه وجلس إلى جنب الحجر يحذر الناس الفتن وقال إني والله لا يمسك الناس على شيئا إني والله لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه ولا أحرم إلا ما حرم الله في كتابه يا فاطمة بنت رسول الله وصفية عمة رسول الله اعملا لما عند الله فإني لا أغنى عنكما من الله شيئا قال الشافعي: ويصلى الإمام قاعدا ومن خلفه قياما إذا أطاقوا القيام ولا يجزى من أطاق القيام أن يصلى إلا قائما وكذلك إذا أطاق الإمام القيام صلى قائما ومن لم يطق القيام ممن خلفه صلى قاعدا قال الشافعي: وهكذا كل حال قدر المصلى فيها على تأدية فرض الصلاة كما فرض الله تعالى عليه صلاها وصلى ما لا يقدر عليه كما يطيق فإن لم يطق المصلي القعود وأطاق أن يصلى مضطجعا صلى مضطجعا وإن لم يطق الركوع والسجود صلى مومئا وجعل السجود أخفض من إيماء الركوع قال الشافعي: فإذا كان بظهره مرض لا يمنعه القيام ويمنعه الركوع لم يجزه إلا أن يقوم وأجزأه أن ينحنى كما يقدر في الركوع فإن لم يقدر على ذلك بظهره حنى رقبته فإن لم يقدر على ذلك إلا بأن يعتمد على شيء اعتمد عليه مستويا أو في شق ثم ركع ثم رفع ثم سجد وإن لم يقدر على السجود جلس أومأ إيماء وإن قدر على السجود على صدغه ولم يقدر عليه على جبهته طأطأ رأسه ولو في شق ثم سجد على صدغه وكان أقرب ما يقدر عليه من السجود مستويا أو على أي شقيه كان لا يجزيه أن يطيق أن يقارب السجود بحال إلا قاربه قال الشافعي: ولا يرفع إلى جبهته شيئا ليسجد عليه لأنه لا يقال له ساجد حتى يسجد بما يلصق بالأرض فإن وضع وسادة على الأرض فسجد عليها أجزأه ذلك إن شاء الله تعالى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن يونس عن الحسن عن أمه قالت رأيت أم سلمة زوج النبي تسجد على وسادة من أدم من رمد بها قال الشافعي: ولو سجد الصحيح على وسادة من أدم لاصقة بالأرض كرهته له ولم أر عليه أن يعيد كما لو سجد على ربوة من الأرض أرفع من الموضع الذي يقوم عليه لم يعد قال الشافعي: وإن قدر المصلى على الركوع ولم يقدر على القيام كان في قيامه راكعا وإذا ركع

صفحة : 102

خفض عن قدر قيامه ثم يسجد وإن لم يقدر على أن يصلى إلا مستلقيا صلى مستلقيا يوميء إيماء قال الشافعي: وكل حال أمرته فيها أن يصلى كما يطيق فإذا أصابها ببعض المشقة المحتملة لم يكن له أن يصلى إلا كما فرض الله عليه إذا أطاق القيام ببعض المشقة قام فأتى ببعض ما عليه في القيام من قراءة أم القرآن وأحب أن يزيد معها شيئا وإنما آمره بالقعود إذا كانت المشقة عليه غير محتملة أو كان لا يقدر على القيام بحال وهكذا هذا في الركوع والسجود لا يختلف ولو أطاق أن يأتى بأم القرآن وقل هو الله أحد وأم القرآن في الركعة الأخرى وإنا أعطيناك الكوثر منفردا قائما ولم يقدر على صلاة الإمام لا يقرأ بأطول مما وصفت إلا جالسا أمرته أن يصلي منفردا وكان له عذر بالمرض في ترك الصلاة مع الإمام ولو صلى مع الإمام فقدر على القيام في بعض ولم يقدر عليه في بعض صلى قائما ما قدر وقاعدا ما لم يقدر وليست عليه إعادة ولو افتتح الصلاة قائما ثم عرض له عذر جلس فإن ذهب عنه لم يجزه إلا أن يقوم فإن كان قرأ بما يجزيه جالسا لم يكن عليه إذا قام أن يعيد قراءة وإن بقى عليه من قراءته شيء قرأ بما بقى منها قاءما كأن قرأ بعض أم القرآن جالسا ثم بريء فلا يجزيه أن يقرأ جالسا وعليه أن يقرأ ما بقى قائما ولو قرأه ناهضا في القيام لم يجزه ولا يجزيه حتى يقرأه معتدلا إذا قدر على القيام وإذا قرأ ما بقى قائما ثم حدث له عذر فجلس قرأ ما بقى جالسا فإن حدثت له إفاقة قام وقرأ ما بقى قائما ولو قرأ قاعدا أم القرآن وشيئا معها ثم أفاق فقام لم يكن له أن يركع حتى يعتدل قائما فإن قرأ قائما كان أحب إلى وإن لم يقرأ فركع بعد اعتداله قائما أجزأته ركعته وإذا ركع قبل أن يعتدل قائما وهو يطيق ذلك وسجد ألغى هذه الركعة والسجدة وكان عليه أن يقوم فيعتدل قائما ثم يركع ويسجد وليس عليه إعادة قراءة فإن لم يفعل حتى يقوم فيقرأ ثم يركع ثم يسجد لم يعتد بالركعة التي قرأ فيها وسجد فكان السجود للركعة التي قبلها وكانت سجدة وسقطت عنه إحدى الركعتين ولو فرغ من صلاته واعتد بالركعة التي لم يعتدل فيها قائما فإن ذكر وهو في الوقت الذي له أن يبنى لو سها فانصرف قبل أن يكمل صلاته كبر وركع وسجد وسجد للسهو وأجزأته صلاته وإن لم يذكر ذلك حتى يخرج من المسجد أو يطول ذلك استأنف الصلاة وهكذا هذا في كل ركعة وسجدة وشيء من صلب الصلاة أطاقه فإن لم يأت له كما أطاقه ولو أطاق سجدة فلم يسجدها وأومأ إيماء سجدها ما لم يركع الركعة التي بعدها وإن لم يسجدها وأومأ بها وهو يطيق

صفحة : 103

سجودها ثم قرأ بعدما ركع لم يعتد بتلك الركعة وسجدها ثم أعاد القراءة والركوع بعدها لا يجزيه غير ذلك وإن ركع وسجد سجدة فتلك السجدة مكان التي أطاقها وأوما به فقام فقرأ وركع ولم يعتد بتلك الركعة وكذلك لو سجد سجدتين كانت إحداهما مكانها ولم يعتد بالثانية لأنها سجدة قبل ركوع وإنما تجزيء عنه سجدة مكان سجدة قبلها تركها أو فعل فيها ما لا يجزيه إذا سجد السجدة التي بعدها على أنها من صلب الصلاة فأما لو ترك سجدة من صلب الصلاة وأومأ بها وهو يقدر عليها ثم سجد بعدها سجدة من سجود القرآن أو سجدة سهو لا يريد بها صلب الصلاة لم تجز عنه من السجدة التي ترك أو أومأ بها قال الشافعي: وهكذا أم الولد والمكاتبة والمدبرة والأمة يصلين معا بغير قناع ثم يعتقن قبل أن يكملن الصلاة عليهن أن يتقنعن ويتممن الصلاة فإن تركن القناع بعد ما يمكنهن أعدن تلك الصلاة ولو صلين بغير قناع وقد عتقن لا يعلمن بالعتق أعدن كل صلاة صلينها بلا قناع من يوم عتقن لأنهن يرجعن إلى أن يحطن بالعتق فيرجعن إلى اليقين قال الشافعي: ولو كانت منهن مكاتبة عندها ما تؤدى وقد حلت نجومها فصلت بلا قناع كرهت ذلك لها وأجزأتها صلاتها لأنها لا تعتق إلا بالأداء وليس بمحرم عليها أن تبقى رقيقا وإنما أرى أن محرما عليها المطل وهي تجد الأداء وكذلك إن قال لأمة له أنت حرة إن دخلت في يومك هذه الدار فتركت دخولها وهي تقدر على الدخول حتى صلت بلا قناع ثم دخلت أو لم تدخل لم تعد صلاتها لأنها صلتها قبل أن تعتق وكذلك لو قال لها أنت حرة إن شئت فصلت وتركت المشيئة ثم أعتقها بعد لم تعد تلك الصلاة وإن أبطأ عن الغلام الحلم فدخل في صلاة فلم يكملها حتى استكمل خمس عشرة سنة من مولده فأتمها أحببت له أن يستأنفها من قبل أنه صار ممن يلزمه جميع الفرائض في وقت صلاة فلم يصلها بكمالها بالغا ولو قطعها واستأنفها أجزأت عنه ولو أهل بالحج في هذه الحالة فاستكمل خمس عشرة سنة بعد فوت عرفة أو احتلم مضى في حجه وكان عليه أن يستأنف حجا لأنه لم يكن ممن أدرك الحج يعمل عمله وهو من أهل الفرائض كلها ولو صام يوما من شهر رمضان فلم يكمله حتي احتلم أو استكمل خمس عشرة أحببت أن يتم ذلك اليوم ثم يعيده لما وصفت ولا يعود لصوم قبله لأنه لم يبلغ حتى مضي ذلك اليوم وكذلك لا يعود لصلاة صلاها قبل بلوغه لأنها قد مضت قبل بلوغه وكل صلاة غير التي تليها وكذلك كل صوم يوم غير الذي يليه ولا يبين أن هذا عليه في الصلاة ولا في الصوم فأما في

صفحة : 104

الحج فبين

باب جماع الأذان

قال الله تبارك وتعالى وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا وقال إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله فذكر الله عز وجل الأذان للصلاة وذكر يوم الجمعة فكان بينا والله تعالي أعلم أنه أراد المكتوبة بالأيتين معا وسن رسول الله الأذان للمكتوبات ولم يحفظ عنه أحد علمته أنه أمر بالأذان لغير صلاة مكتوبة بل حفظ الزهري عنه أنه كان يأمر في العيدين المؤذن فيقول الصلاة جامعة ولا أذان إلا لمكتوبة وكذلك لا إقامة فأما الأعياد والخسوف وقيام شهر رمضان فأحب إلي أن يقال فيه الصلاة جامعة وإن لم يقل ذلك فلا شيء على من تركه إلا ترك الأفضل والصلاة على الجنائز وكل نافلة غير الأعياد والخسوف بلا أذان فيها ولا قول الصلاة جامعة

باب وقت الأذان للصبح

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله قال إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن رسول الله قال إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادى ابن أم مكتوم وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى لا ينادى حتى يقال له أصبحت أصبحت قال الشافعي: فالسنة أن يؤذن للصبح بليل ليدلج المدلج ويتنبه النائم فيتأهب لحضور الصلاة وأحب إلي لو أذن مؤذن بعد الفجر ولو لم يفعل لم أر بأسا أن يترك ذلك لأن وقت أذانها كان قبل الفجر في عهد النبي ولا يؤذن لصلاة غير الصبح إلا بعد وقتها لأني لم أعلم أحدا حكى عن رسول الله أنه أذن له لصلاة قبل وقتها غير الفجر ولم يزل المؤذنون عندنا يؤذنون لكل صلاة بعد دخول وقتها إلا الفجر ولا أحب أن يترك الأذان لصلاة مكتوبة انفرد صاحبها أو جمع ولا الإقامة في مسجد جماعة كبر ولا صغر ولا يدع ذلك الرجل في بيته ولا سفره وأنا عليه في مساجد الجماعة العظام أحظ وإذا أراد الرجل أن يكمل الأذان لكل صلاة غير الصبح بعد دخول وقتها فإن أذن لها قبل دخول وقتها أعاد إذا دخل الوقت وإن

صفحة : 105

افتتح الأذان قبل الوقت ثم دخل الوقت عاد فاستأنف الأذان من أوله وإن أتم ما بقى من الأذان ثم عاد إلى ما مضى منه قبل الوقت لم يجزئه ولا يكمل الأذان حتى يأتى به على الولاء وبعد وقت الصلاة إلا في الصبح ولو ترك من الأذان شيئا عاد إلى ما ترك ثم بنى من حيث ترك لا يجزيه غيره وكذلك كل ما قدم منه أو أخر فعليه أن يأتي به في موضعه فلو قال في أول الأذان الله أكبر الله أكبر ثم قال أشهد أن محمدا رسول الله ثم أكمل الأذان أعاد فقال الله أكبر الله أكبر التي ترك ثم قال أشهد أن لا أله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله مرتين حتى يكمل الأذان ثم يجهر بشيء من الأذان ويخافت بشيء منه لم تكن عليه إعادة ما وصفت به لأنه قد جاء بلفظ الأذان كاملا فلا إعادة عليه كما لا يكون عليه إعادة ما خافت من القرآن فيما يجهر بالقرآن فيه قال الشافعي: ولو كبر ثم قال حي على الصلاة عاد فتشهد ثم أعاد حي على الصلاة حتى يأتى على الأذان كله فيضع كل شيء منه موضعه وما وضعه في غير موضعه أعاده في موضعه

باب عدد المؤذنين وأرزاقهم

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أحب أن يقتصر في المؤذنين على اثنين لأنا إنما حفظنا أنه أذن لرسول الله اثنان ولا يضيق أن يؤذن أكثر من اثنين فان اقتصر في الأذان على واحد أجزأه ولا أحب للامام إذا أذن المؤذن الأول أن يبطيء بالصلاة ليفرغ من بعده ولكنه يخرج ويقطع من بعده الأذان بخروج الإمام قال الشافعي: وواجب على الإمام أن يتفقد أحوال المؤذنين ليؤذنوا في أول الوقت ولا ينتظرهم بالإقامة وأن يأمرهم فيقيموا في الوقت وأحب أن يؤذن مؤذن بعد مؤذن ولا يؤذن جماعة معا وإن كان مسجدا كبيرا له مؤذنون عدد فلا بأس أن يؤذن في كل منارة له مؤذن فيسمع من يليه في وقت واحد وأحب أن يكون المؤذنون متطوعين وليس للامام أن يرزقهم ولا واحدا منهم وهو يجد من يؤذن له متطوعا ممن له أمانة إلا أن يرزقهم من ماله ولا أحسب أحدا ببلد كثير الأهل يعوزه أن يجد مؤذنا أمينا لازما يؤذن متطوعا فإن لم يجده فلا بأس أن يرزق مؤذنا ولا يرزقه إلا من خمس الخمس سهم النبي ولا يجوز له أن يرزقه من غيره من الفيء لأن لكله مالكا موصوفا قال الشافعي: ولا يجوز له أن يرزقه من الصدقات شيء ويحل للمؤذن أخذ الرزق إذا رزق من حيث وصفت أن يرزق ولا يحل له أخذه من غيره بأنه رزق

صفحة : 106

قال الشافعي: ولا يؤذن إلا عدل ثقة للاشراف على عورات الناس وأماناتهم على المواقيت وإذا كان المقدم من المؤذنين بصيرا بالوقت لم أكره أن يكون معه أعمى وإن كان الأعمى مؤذنا منفردا ومعه من يعلمه الوقت لم أكره ذلك له فإن لم يكن معه أحد كرهته لأنه لا يبصر ولا أحب أن يؤذن أحد إلا بعد البلوغ وإن أذن قبل البلوغ مؤذن أجزأ ومن أذن من عبد ومكاتب وحر أجزأ وكذلك الخصي المجبوب والأعجمي إذا أفصح بالإذان وعلم الوقت وأحب إلي في هذا كله أن يكون المؤذنون خيار الناس ولا تؤذن امرأة ولو أذنت لرجال لم يجز عنهم أذانها وليس على النساء أذان وإن جمعن الصلاة وإن أذن فأقمن فلا بأس ولا تجهر المرأة بصوتها تؤذن في نفسها وتسمع صواحبتها إذا أذنت وكذلك تقيم إذا أقامت وكذلك إن تركت الإقامة لم أكره لها من تركها ما أكره للرجال وإن كنت أحب أن تقيم وأذان الرجل في بيته وإقامته سواء كهو في غير بيته في الحكاية وسواء أسمع المؤذنين حوله أو لم يسمعهم ولا أحب له ترك الأذان ولا الإقامة وإن دخل مسجدا أقيمت فيه الصلاة أحببت له أن يؤذن ويقيم في نفسه

باب حكاية الأذان

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج قال أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك ابن أبي محذورة أن عبد الله بن محيريز أخبره وكان يتيما في حجر أبي محذورة حين جهزه إلى الشام قال فقلت لأبي محذوره أي عم إني خارج إلى الشام وإني أخشى أن أسأل عن تأذينك فأخبرني قال نعم قال خرجت في نفر فكنا في بعض طريق حنين فقفل رسول الله من حنين فلقينا رسول الله في بعض الطريق فأذن مؤذن رسول الله بالصلاة عند رسول الله فسمعنا صوت المؤذن ونحن متكئون فصرخنا نحكيه ونستهزيء به فسمع رسول الله الصوت فأرسل إلينا إلى أن وقفنا بين يديه فقال رسول الله أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع فأشار القوم كلهم إلي وصدقوا فأرسل كلهم وحبسني فقال قم فأذن بالصلاة فقمت ولا شيء أكره إلى من رسول الله ولا مما أمرني به فقمت بين يدي رسول الله فألقى علي رسول الله التأذين هو نفسه فقال قل الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال لي ارجع وامدد من

صفحة : 107

صوتك ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ثم دعاني حين قضيت التأذين فأعطاني صرة فيها شيء من فضة ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة ثم أمرها على وجهه ثم من بين يديه ثم على كبده ثم بلغت يده سرة أبي محذورة ثم قال رسول الله بارك الله فيك وبارك عليك فقلت يا رسول الله مرني بالتأذين بمكة فقال قد أمرتك به فذهب كل شيء كان لرسول الله من كراهته وعاد ذلك كله محبة للنبي فقدمت على عتاب ابن أسيد عامل رسول الله فأذنت بالصلاة عن أمر رسول الله قال ابن جريج فأخبرني ذلك من أدركت من آل أبي محذورة على نحو مما أخبرني ابن محيريز وأدركت إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة يؤذن كما حكى ابن محيريز قال الشافعي: وسمعته يحدث عن أبيه عن ابن محيريز عن أبي محذورة عن النبي معنى ما حكى ابن جريج قال الشافعي: وسمعته يقيم فيقول الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله وحسبتني سمعته يحكي الإقامة خبر كما يحكى الأذان قال الشافعي: والأذان والإقامة كما حكيت عن آل أبي محذورة فمن نقص منها شيئا أو قدم مؤخرا أعاد حتى يأتي بما نقص وكل شيء منه في موضعه والمؤذن الأول والآخر سواء في الأذان ولا أحب التثويب في الصبح ولا غيرها لأن أبا محذورة لم يحك عن النبي أنه أمر بالتثويب فأكره الزيادة في الأذان وأكره التثويب بعده

ID ' ' والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

صفحة : 108

باب استقبال القبلة بالأذان

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا أحب أن يكون المؤذن في شيء من أذانه إلا مستقبل القبلة لا تزول قدماه ولا وجهه عنها لأنه إيدان بالصلاة وقد وجه الناس بالصلاة إلى القبلة فإن رال عن القبلة ببدنه كله أو صرف وجهه في الأذان كله أو بعضه كرهته له ولم ولا إعادة عليه وأحب أن يكون المؤذن على طهارة الصلاة فإن أذن جنبا أو على غير وضوء كرهته له ولم يعد وكذلك آمره في الإقامة باستقبال القبلة وأن يكون طاهرا فإن كان في الحالين كلاهما غير طاهر كرهته له وهو في الإقامة أشد لأنه يقيم فيصلى الناس وينصرف عنهم فيكون أقل ما صنع أن عرض نفسه للتهمة بالاستخفاف وأكره أذانه جنبا لأنه يدخل المسجد ولم يؤذن له في دخوله إلا عابر سبيل والمؤذن غير عابر سبيل مجتار ولو ابتدأ بالأذان طاهرا ثم انتقضت طهارته بنى على أذانه ولم يقطعه ثم تطهر إذا فرغ منه وسواء ما انتقضت به طهارته في أن يبنى جنابة أو غيرها فإن قطعه ثم تطهر ثم رجع بنى على أذانه ولو استأنف كان أحب إلي

باب الكلام في الأذان

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وأحب المؤذن أن لا يتكلم حتى يفرغ من أذانه فإن تكلم بين ظهراني أذانه فلا يعيد ما أذن به قبل الكلام كان ذلك الكلام ما شاء قال الشافعي: وما كرهت له من الكلام في الأذان كنت له في الإقامة أكره وإن تكلم في الإقامة لم يعد الإقامة ولو كان بين كلامه في كل واحدة منهما سكات طويل أحببت له أن يستأنف وإن لم يفعل فليس ذلك عليه وكذلك لو سكت في كل واحدة منهما سكاتا طويلا أحببت له استئنافه ولم أوجب عليه الاستئناف ولو أذن بعض الأذان ثم نام أو غلب على عقله ثم انتبه أو رجع إليه عقله أحببت أن يستأنف تطاول ذلك أو قصر وإن لم يفعل بنى على أذانه وكذلك لو أذن في بعض الأذان فذهب عقله ثم رجع أحببت أن يستأنف وإن بنى على أذانه كان له ذلك وإن كان الذي يؤذن غيره في شيء من هذه الحالات استأنف ولم يبن على أذانه قرب ذلك أو بعد فإن بنى على أذانه لم يجزه البناء عليه ولا يشبه هذا الصلاة يبنى الإمام فيها على صلاة إمام قبله لأنه يقوم في الصلاة فيتم ما عليه وهذا لا يعود فيتم الأذان بعد فراغه ولأن ما ابتدأ من الصلاة كان أول صلاته ولا يكون بأول الأذان شيء غير التكبير ثم التشهد ولو أذن بعض الأذان أو كله ثم ارتد أحببت أن لا يترك يعود لأذان ولا يصلى بأذانه ويؤم غيره فيه فيؤذن أذانا مستأنفا

صفحة : 109

باب الرجل يؤذن ويقيم غيره

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا أذن الرجل أحببت أن يتولى الإقامة بشيء يروى فيه أن من أذن أقام وذلك والله تعالى أعلم أن المؤذن إذا عنى بالأذان دون غيره فهو أولى بالإقامة وإذا أقام

باب الإذان والإقامة للجمع بين الصلاتين والصلوات

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد وغيره عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر ابن عبد الله في حجة الإسلام قال فراح النبي إلى الموقت بعرفة فخطب الناس الخطبة الأولى ثم أذن بلال ثم أخذ النبي في الخطبة الثانية ففرغ النبي من الخطبة وبلال من الأذان ثم أقام بلال وصلى الظهر ثم أقام وصلى العصر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسمعيل أو عبد الله ابن نافع عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبي سعيد الخدري قال حبسنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب بهوى من الليل حتى كفينا وذلك قول الله عز وجل وكفى الله المؤمنين القتال وكن الله قويا عزيزا فدعا رسول الله بلالا فأمره فأقام الظهر فصلاها فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها ثم أقام العصر فصلاها كذلك ثم أقام المغرب فصلاها كذلك ثم أقام العشاء فصلاها كذلك أيضا قال وذلك قبل أن ينزل الله تعالي في صلاة الخوف فرجالا أو ركبانا قال الشافعي: وبهذا كله نأخذ وفيه دلالة على أن كل من جمع بين صلاتين في وقت الأولى منهما أقام لكل واحدة منهما وأذن للأولى وفي الآخرة يقيم بلا أذان وكذلك كل صلاة صلاها في غير وقتها كما وصفت قال الشافعي: وفي أن المؤذن لم يؤذن له حين جمع بالمزدلفة والخندق دليل على أن لو لم يجزيء المصلي أن يصلي إلا بأذان لم يدع النبي أن يأمر بالأذان وهو يمكنه قال وموجود في سنة النبي إن كان هذا في الأذان وكان الأذان غير الصلاة أن يكون هذا في الإقامة هكذا لأنها غير الصلاة وقال النبي في الصلاة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا ومن أدرك آخر الصلاة فقد فاته أن يحضر أذانا

صفحة : 110

وإقامة ولم يؤذن لنفسه ولم يقم ولم أعلم مخالفا في أنه إذا جاء المسجد وقد خرج الإمام من الصلاة كان له أن يصلي بلا أذان ولا إقامة فإن ترك رجل الأذان والإقامة منفردا أو في جماعة كرهت ذلك له وليست عليه إعادة ما صلى بلا أذان ولا إقامة وكذلك ما جمع بينه وفرق من الصلوات

باب اجتزاء المرء بأذان غيره وإقامته وإن لم يقم له

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عمارة بن غزية عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن عمر بن الخطاب قال سمع النبي رجلا يؤذن للمغرب فقال النبي مثل ما قال فانتهى النبي إلى الرجل وقد قامت الصلاة فقال النبي انزلوا فصلوا فصلى المغرب بإقامة ذلك العبد الأسود قال الشافعي: فبهذا نأخذ ونقول يصلى الرجل بأذان الرجل لم يؤذن له وبإقامته وأذانه وإن كان أعرابيا أو أسود أو عبدا أو غير فقيه إذا أقام الأذان والإقامة وأحب أن يكون المؤذنون كلهم خيار الناس لإشرافهم على عوراتهم وأمانتهم على الوقت أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن يونس بن عبيد عن الحسن أن النبي قال المؤذنون أمناء المسلمين على صلاتهم وذكر معها غيرما وأستحب الأذان لما جاء فيه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي قال الأئمة ضمناء والمؤذنون أمناء فأرشد الله الأئمة وغفر للمؤذنين أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه أن أبا سعيد الخدري قال له إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك فإنه لا يسمع مدى صوتك جن ولا إنس إلا شهد لك يوم القيامة قال أبو سعيد سمعته من رسول الله قال الشافعي: فأحب رفع الصوت للمؤذن وأحب إذا اتخذ المؤذن أن يتخذ صيتا وأن يتحرى أن يكون حسن الصوت فإنه أحرى أن يسمع من لا يسمعه ضعيف الصوت وحسن الصوت أرق لسامعه والترغيب في رفع الصوت يدل على ترتيل الأذان لأنه لا يقدر أحد على أن يبلغ غاية من

صفحة : 111

صوته في كلام متتابع إلا مترسلا وذلك أنه إذا حذف ورفع انقطع فأحب ترتيل الأذان وتبيينه بغير تمطيط ولا تغن في الكلام ولا عجلة وأحب في الإقامة أن تدرج إدراجا ويبينها مع الإدراج قال وكيفما جاء بالأذان والإقامة أجزئا غير أن الاحتياط ما وصفت

باب الكلام في الأذان

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر قال كان رسول الله يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات ريح يقول ألا صلوا في قال الشافعي: وأحب للامام أن يأمر بهذا إذا فرغ المؤذن من أذانه وإن قاله في أذانه فلا بأس عليه وإذا تكلم بما يشبه هذا خلف الأذان من منافع الناس فلا بأس ولا أحب الكلام في الأذان بما ليست فيه للناس منفعة وإن تكلم لم يعد أذانا وكذلك إذا تكلم في الإقامة كرهته ولم يكن عليه إعادة إقامة

باب في القول مثل ما يقول المؤذن

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن مجمع بن يحيى قال أخبرني أبو أمامة عن ابن شهاب أنه سمع معاوية يقول سمعت رسول الله يقول إذا قال المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله قال أشهد أن لا إله إلا الله وإذا قال أشهد أن محمدا رسول الله قال وأنا ثم سكت أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن طلحة بن يحيى عن عمه عيسى ابن طلحة قال سمعت معاوية يحدث مثله عن النبي أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني عمرو بن يحيى المازني أن عيسى بن عمر أخبره عن عبد الله ابن علقمة بن وقاص قال إني لعند معاوية إذ أذن مؤذنه فقال معاوية كما قال مؤذنه حتى إذا قال حي على الصلاة قال لا حول ولا قوة إلا بالله ولما قال حي على الفلاح قال معاوية لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال بعد ذلك ما قال المؤذن ثم قال سمعت رسول الله يقول ذلك

صفحة : 112

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وبحديث معاوية نقول وهو يوافق حديث أبي سعيد الخدري وفيه تفسير ليس في حديث أبي سعيد قال الشافعي: فيحب لكل من كان خارجا من الصلاة من قاريء أو ذاكر أو صامت أو متحدث أن يقول كما يقول المؤذن وفي حي على الصلاة حي على الفلاح لا حول ولا قوة إلا بالله ومن كان مصليا مكتوبة أو نافلة فأحب إلى أن يمضي فيها وأحب إذا فرغ أن يقول ما أمرت من كان خارجا من الصلاة أن يقوله وإن قاله مصل لم يكن مفسدا للصلاة إن شاء الله تعالى والاختيار أن لا يقوله قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله عز وجل خذوا زينتكم عند كل مسجد قال الشافعي: فقيل والله سبحانه وتعالي أعلم أنه الثياب وهو يشبه ما قيل وقال رسول الله لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء فدل على أن ليس لأحد أن يصلي إلا لابسا إذا قدر على ما يلبس وأمر رسول الله بغسل دم الحيض من الثوب والطهارة إنما تكون في الصلاة فدل على أن على المرء لا يصلى إلا في ثوب طاهر وإذا أمر رسول الله بتطهير المسجد من نجس لأنه يصلى فيه وعليه فما يصلى فيه أولى أن يطهر وقد تأول بعض أهل العلم قول الله عز وجل وثيابك فطهر قال طهر ثيابك للصلاة وتأولها غيرهم علي غير هذا المعنى والله تعالى أعلم قال ولا يصلي الرجل والمرأة إلا متواريي العورة قال وكذلك إن صليا في ثوب غير طاهر أعادا فإن صليا وهما يقدران على مواراة عورتهما غير متواريي العورة أعادا علما حين صليا أو لم يعلما في الوقت أو غير الوقت من أمرته بالإعادة أبدا أمرته بها بكل حال قال الشافعي: وكل ما وارى العورة غير نجس أجزأت الصلاة فيه قال الشافعي: وعورة الرجل ما دون سرته إلى ركبتيه ليس سرته ولا ركبتاه من عورته وعلى المرأة أن تغطي في الصلاة كل بدنها ما عدا كفها ووجهها ومن صلى وعليه ثوب نجس أو يحمل شيئا نجسا أعاد الصلاة وإن صلى يحمل كلبا أو خنزيرا أو خمرا أو دما أو شيئا من ميتة أو جلد ميتة لم يدبغ أعاد الصلاة وسواء قليل ذلك أو كثيرة وإن صلى وهو يحمل حيا لا يؤكل لحمه غير كلب أو خنزير لم يعد حيه كان أو غير حيه وإن كان ميتة أعاد والثياب كلها على الطهارة حتى يعلم فيها نجاسة وإن كانت ثياب الصبيان الذين لا يتوقون النجاسة ولا يعرفونها أو ثياب

صفحة : 113

المشركين كلها أو أزرهم وسراويلاتهم وقمصهم ليس منها شيء يعيد من صلى فيه الصلاة حتى يعلم أن فيه نجاسة وهكذا البسط والأرض على الطهارة حتى تعلم نجاسة وأحب إلي لو توقي ثياب المشركين كلها ثم ما يلى سفلتهم منها مثل الأزر والسراويلات فإن قال قائل ما دل على ما وصفت قال الشافعي: أخبرنا مالك بن أنس عن عامر ابن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله كان يصلى وهو حامل أمامة بنت أبي العاص قال الشافعي: وثوب أمامة ثوب صبي

باب كيف لبس الثياب في الصلاة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله قال لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء قال الشافعي: فاحتمل قول رسول الله لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء أن يكون اختيارا واحتمل أن يكون لا يجزيه غيره فلما حكى جابر ما وصفت وحكت ميمونة عن النبي أنه كان يصلى في ثوب واحد بعضه عليه وبعضه عليها دل ذلك على أنه صلى فيما صلى فيه من ثوبها مؤتزرا به لأنه لا يستره أبدا إلا مؤتزرا به إذا كان بعضه على غيره قال الشافعي: فعلمنا أن نهيه أن يصلى في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء اختيارا وأنه يجزى الرجل والمرأة كل واحد أن يصلى متوارى العورة وعورة الرجل ما وصفت وكل المرأة عورة إلا كفيها ووجهها وظهر قدميها عورة فإذا انكشف من الرجل في صلاته شيء مما بين سرته وركبته ومن المرأة في صلاتها شيء من شعرها قل أو كثر ومن جسدها سوى وجهها وكفيها وما يلي الكف من موضع مفصلها ولا يعدوه علما أم لم يعلما أعادا الصلاة معا إلا أن يكون تنشكف بريح أو سقطة ثم يعاد مكانه لا لبث في ذلك فإن لبث بعدها قدر ما يمكنه إذا عاجله مكانه إعادته أعاد وكذلك هي قال ويصلى الرجل في السراويل إذا وارى ما بين السرة والركبة والإزار أستر وأحب منه قال وأحب إلى أن لا يصلى إلا وعلى عاتقه شيء عمامة أو غيرها ولو حبلا يضعه

صفحة : 114

باب الصلاة في القميص الواحد

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا العطاف بن خالد المخزومي وعبد العزيز بن محمد الدراوردي عن موسي بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة عن سلمة بن الأكوع قال قلت يا رسول إنا نكون في الصيد أفيصلى أحدنا في القميص الواحد قال نعم وليزره ولو بشوكة ولو لم يجد إلا أن يخله بشوكة قال الشافعي: وبهذا نقول وثياب القوم كانت صفاقا فإذا كان القميص صفيقا لا يشف عن لابسه صلى في القميص الواحد وزره أو خله بشيء أو ربطه لئلا يتجافى القميص فيرى من الجيب عورته أو يراها غيره فإن صلى في قميص أو ثوب معمول عمل القميص من جبة أو غيرها غير مزرور أعاد الصلاة قال الشافعي: وهو يخالف الرجل يصلى متوشحا التوشح مانع للعورة أن ترى ويخالف المرأة تصلى في الدرع والخمار والمقنعة والخمار والمقنعة ساتران عورة الجيب فإن صلى الرجل في قميص غير مزرور وفوقه عمامة أو رداء أو إزار يضم موضع الجيب حتى يمنعه من أن ينكشف أو ما دونه إلى العورة حتى لو انكشف لم تر عورته أجزأته صلاته وكذلك إن صلى حازما فوق عورته بحبل أو خيط لأن ذلك يضم القميص حتى يمنع عورة الجيب وإن كان القميص مزروزا ودون الجيب أو حذاءه شق له عورة كعورة الجيب لم تجزه الصلاة فيه إلا كما تجزيه في الجيب وإن صلى في قميص فيه خرق على شيء من العورة وإن قل لم تجزه الصلاة وإن صلى في قميص يشف عنه لم تجزه الصلاة وإن صلى في قميص فيه خرق على غير العورة ليس لواسع ترى منه العورة أجزأته الصلاة وإن كانت العورة ترى منه لم تجزه الصلاة فيه وهكذا الخرق في الإزار يصلى فيه وأحب أن لا يصلى في القميص إلا وتحته إزار أو سراويل أو فوقه سترة فإن صلى في قميص واحد يصفه ولم يشف كرهت له ولا يتبين أن عليه إعادة الصلاة والمرأة في ذلك أشد حالا من الرجل إذا صلت في درع وخمار يصفها الدرع وأحب إلى أن لا تصلى إلا في جلبات فوق ذلك وتجافيه عنها لئلا يصفها الدرع

ID ' ' ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

صفحة : 115

باب ما يصلى عليه مما يلبس ويبسط

قال الشافعي: رحمه الله تعالى صلى رسول الله في نمرة والنمرة صوف فلا قال الشافعي: وقال رسول الله أيما إهاب دبغ فقد طهر فلا بأس أن يصلى في جلود الميتة والسباع وكل ذي روح إذا دبغ إلا الكلب والخنزير ويصلى في جلد كل ذكى يؤكل لحمه وإن لم يكن مدبوغا فأما ما لا يؤكل لحمه فذكاته وغير ذكاته سواء لا يطهره إلا الدباغ وجلد الذكي يحل أكله وإن كان غير مدبوغ قال وما قطع من جلد ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه فهو ميتة لا يطهره إلا الدباغ وأنهى الرجال عن ثياب الحرير فمن صلى فيها منهم لم يعد لأنها ليست بنجسة وإنما تعبدوا بترك لبسها لا أنها نجسة لأن أثمانها حلال وإن النساء يلبسنها ويصلين فيها وكذلك أنهاهم عن لبس الذهب خواتيم وغير خواتيم ولو لبسوه فصلوا فيه كانوا مسيئين باللبس عاصين إن كانوا علموا بالنهي ولم يكن عليهم أعادة صلاة لأنه ليس من الأنجاس ألا ترى أن الأنجاس على الرجال والنساء سواء والنساء يصلين في الذهب

باب صلاة العراة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا غرق القوم فخرجوا عراة كلهم أو سلبوا في طريق ثيابهم أو احترقت فيه فلم يجد أحد منهم ثوبا وهم رجال ونساء صلوا فرادى وجماعة رجالا وحدهم قياما يركعون ويسجدون ويقوم إمامهم وسطهم ويغض بعضهم عن بعض وتنحى النساء فاستترن إن وجدن سترا عنهم فصلين جماعة أمتهن إحداهن وتقوم وسطهن ويغض بعضهن عن بعض ويركعن ويسجدن يصلين قياما كما وصفت فإن كانوا في ضيق لا ستر بينهم من الأرض ولين وجوههن عن الرجال حتى إذا صلوا ولى الرجال وجوههم عنهن حتى يصلين كما وصفت وليس على واحد منهم إعادة إذا وجد ثوبا في وقت ولا غيره وإن كان مع أحدهم ثوب أمهم إن كان يحسن يقرأ فإن لم يكن يحسن يقرأ صلى وحده ثم أعار لمن بقى ثوبه وصلوا واحدا واحدا فإن امتنع من أن يعيرهم ثوبه فقد أساء وتجزيهم الصلاة وليس لهم مكابرته عليه وإن كان معه نساء فأن يعيره للنساء أوجب عليه ويبدأ بهن فإذا فرغن أعار الرجال فإذا أعارهم إياه لم يسع واحدا منهم أن يصلى وانتظر صلاة غيره لا يصلى حتى يصلى لابسا فإن صلى وقد أعطاه إياه عريانا أعاد خاف ذهاب الوقت أو لم يخفه وإن كان معهم أو مع واحد منهم ثوب نجس لم يصل فيه وتجزيه الصلاة عريانا إذا كان ثوبه غير طاهر وإذا وجد ما يوارى به عورته من ورق وشجر

صفحة : 116

يخفصه عليه أو جلد أو غيره مما ليس بنجس لم يكن له أن يصلي بحال الا متوارى العورة وكذلك إن لم يجد إلا ما يوارى ذكره ودبره لم يكن له أن يصلي حتى يواريهما معا وكذلك إن لم يجد إلا ما يواري أحدهما لم يكن له أن يصلى حتى يوارى ما وجد إلى مواراته سبيلا وإذا كان ما يوارى أحد فرجيه دون الآخر يوارى الذكر دون الدبر لأنه لا حائل دون الذكر يستره ودون الدبر حائل من إليتيه وكذلك المرأة في قبلها ودبرها وإذا كان هو وامرأته عرينانين أحببت إن وجد ما يواريها به أن يواريها لأن عورتها أعظم حرمة من عورته وإن استأثر بذلك دونها فقد أساء وتجزئها صلاتها وإن مس ذكره ليستره أو مست فرجها لتستره أعاد الوضوء معا ولكن ليباشرا من وراء شيء لا يفضيان إليه

باب جماع ما يصلى عليه ولا يصلى من الأرض

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله قال الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام قال الشافعي: وجدت هذا الحديث في كتابي في موضعين أحدهما منقطع والآخر عن أبي سعيد عن النبي قال الشافعي: وبهذا نقول ومعقول أنه كما جاء في الحديث ولو لم يبينه لأنه ليس لأحد أن يصلي على أرض نجسة لأنه المقبرة مختلطة التراب بلحوم الموتى وصديدهم وما يخرج منهم وذلك ميتة وإن الحمام ما كان مدخولا يجري عليه البول والدم والأنجاسقال الشافعي: والمقبرة الموضع الذي يقبر فيها العامة وذلك كما وصفت مختلطة التراب بالموتى وأما صحراء لم يقبر فيها قط قبر فيها قوم مات لهم ميت ثم لم يحرك القبر فلو صلى رجل إلي جنب ذلك القبر أو فوقه كرهته له ولم آمره يعيد لأن العلم يحيط بأن التراب طاهر لم يختلط فيه شيء وكذلك لو قبر فيه ميتان أو موتى فإن غاب أمرها عن رجل لم يكن له أن يصلى فيها لأنها على أنها مقبرة حتى يعلم أنها ليست بمقبرة وأن يكون يحيط العلم أنه لم يدفن فيها قط قبل من دفن فيها ولم ينبش أحد منهم لأحد والذي ينجس الأرض شيئان شيء يختلط بالتراب لا يتميز منه شيء وشيء يتميز من التراب وما لا يختلط من التراب ولا يتميز منه متفرق فإذا كان جسدا يختلط بالتراب ويعقل أنه جسد قائم فيه كلحوم الموتى وعظامهم وعصبهم وإن كان غير موجود لغلبة التراب عليه وكينونته كهو في الأرض التي يختلط بها هذا لا يطهر وإن أنى عليه الماء وكذلك الدم والخلاء وما في معانيهما مما

صفحة : 117

لو انفرد كان جسدا قائما ومما يزال إن كان مستجسدا فيزول وينحى فيخلوا الموضع منه ما كان تحته من تراب أو غيره بحاله وشيء يكون كالماء إذا خالط التراب نشفه أو الأرض تنشفه وذلك مثل البول والخمر وما في معناه قال الشافعي: والأرض تطهر من هذا بأن يصب عليه الماء حتى يصير لا يوجد ولا يعقل فيها منه جسد ولا لون قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبيدالله بن طلحة بن كريز عن الحسن عن عبد الله ابن مغفل عن النبي قال إذا أدركتكم الصلاة وأنتم في أعطان الإبل فاخرجوا منها فصلوا فإنها جن من جن خلقت ألا ترونها إذا نفرت كيف تشمخ بآنافها وإذا أردكتكم الصلاة وأنتم في مراح الغنم فصلوا فيها فإنها سكينه وبركه قال الشافعي: وبهذا نأخذ ومعناه عندنا والله أعلم ما يعرف من مراح الغنم وأعطان الإبل أن الناس يريحون الغنم في أنظف ما يجدون من الأرض لأنها تصلح على ذلك والإبل تصلح على الدقع من الأرض فمواضعها التي تختار من الأرض أدقعها وأوسخها قال الشافعي: والمراح والعطن اسمان يقعان على موضع من الأرض وإن لم يعطن ولم يروح إلا اليسير منها فالمراح ما طابت تربته واستعملت أرضه واستذرى من مهب الشمال موضعه والعطن قرب البئر التي تسقى منها الإبل تكون البئر في موضع والحوض قريبا منها فيصب فيه فيملأ فتسقى الإبل ثم تنحى عن البئر شيئا حتى تجد الواردة موضعا فذلك عطن ليس أن العطن مراح الإبل التي تبيت فيه نفسه ولا المراح مراح الغنم التي تبيت فيه نفسه دون ما قاربه وفي قول النبي لا تصلوا في أعطان الإبل فإنها جن من جن خلقت دليل على أنه إنما نهى عنها كما قال حين نام عن الصلاة اخرجوا بنا من هذا الوادي فإنه واد به شيطان فكره أن يصلى في قرب الشيطان فكان يكره أن يصلي قرب الإبل لأنها خلقت من جن لا لنجاسة موضعها وقال في الغنم هي من دواب الجنة فأمر أن يصلى في مراحها يعني والله تعالى أعلم في الموقع الذي يقع عليم اسم مراحها الذي لا بعر فيه ولا بول قال ولا يحتمل الحديث معنى غيرهما وهو مستغن بتفسير حديث النبي والدلائل عنه عن بعض هذا الإيضاح قال فمن صلي على موضع فيه بول أو بعر الإبل أو غنم أو ثلط البقر أو روث الخيل أو الحمير فعليه الإعادة لأن هذا كله نجس ومن صلى قربه فصلاته مجزئة عنه وأكره له

صفحة : 118

الصلاة في أعطان الإبل وإن لم يكن فيها قذر لنهى النبي عنه فإن صلى أجزأه لأن النبي صلى فمر به شيطان فخنقه حتى وجد برد لسانه على يده فلم يفسد ذلك صلاته وفي هذا دليل على أنه نهيه أن يصلى في أعطان الإبل لأنها جن لقوله أخرجوا بنا من هذا الوادي فإنه واد به شيطان اختيار وليس يمتنع من أن تكون الجن حيث شاء الله من المنازل ولا يعلم ذلك أحد بعد رسول الله قال الشافعي: مع أن الإبل نفسها إنما تعمد في البروك إلى أقدع مكان تجده وإن عطنها وإن كان غير دقع فحصته بمباركها وتمرغها حتى تدقعه أو تقربه من الإدقاع وليس ما كان هكذا من مواضع الاختيار من النظافة للمصليات فإن قال قائل فلعل أبوال الإبل وما أكل لحمه وأبعاره لا تنجس فلذلك أمر بالصلاة في مراح الغنم قيل فيكون إذا نهيه عن الصلاة في أعطان الإبل لأن أبوالها وأبعارها تنجس ولكنه ليس كما ذهبت إليه ولا يحتمله الحديث قال الشافعي: فإن ذهب ذاهب إلى أن أبوال الغنم ليست بنجسة لأن لحومها تؤكل قيل فلحوم الإبل تؤكل وقد نهى عن الصلاة في أعطانها فلو كان معنى أمره بالصلاة في مراحها على أن أبوالها حلال لكانت أبوال الإبل وأبعارها حراما ولكن معناه إن شاء الله عز وجل على ما وصفنا

ID ' ' وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

صفحة : 119

باب استقبال القبلة

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال قال الله عز وجل وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر وقال وعلامات وبالنجم هم يهتدون وقال لنبيه ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شره قال الشافعي: رحمه الله تعالى فنصب الله عز وجل لهم البيت والمسجد فكانوا إذا رأوه فعليهم استقبال البيت لأن رسول الله مستقبله والناس معه حوله من كل جهة ودلهم بالعلامات التي خلق لهم والعقول التي ركب فيهم على قصد البيت الحرام وقصد المسجد الحرام وهو قصد البيت الحرام فالفرض على كل مصل فريضة أو نافلة أو على جنازة أو ساجد لشكر أو سجود قرآن أن يتحرى استقبال البيت إلا في حالين أرخص الله تعالى فيهما سأذكرهما إن شاء الله تعالى

كيف استقبال البيت

قال الشافعي: رحمه الله تعالى واستقبال البيت وجهان فكل من كان يقدر على رؤية البيت ممن بمكة في مسجدها أو منزل منها أو سهل أو جبل فلا تجزيه صلاته حتى يصيب استقبال البيت لأنه يدرك صواب استقباله بمعاينته وإن كان أعمى وسعه أن يستقبل به غيره البيت ولم يكن له أن يصلى وهو لا يرى البيت بغير أن يستقبله به غيره فإن كان في حال لا يجد أحدا يستقبله به صلى وأعاد الصلاة لأنه على غير علم من أنه أصاب استقبال القبلة إذا غاب عنه بالدلائل التي جعلها الله من النجوم والشمس والقمر والجبال والرياح وغيرها مما يستدل به أهل الخبرة على التوجه إلى البيت وإن كان بصيرا وصلى في ظلمة واجتهد في استقبال القبلة فعلم أنه أخطأ استبقالها لم يجزه إلا أن يعيد الصلاة لأنه يرجع من ظن إلى إحاطة وكذلك إن كان أعمى فاستقبل به رجل القبلة ثم علم بخير من يثق به أنه أخطأ بهط استقبال القبلة أعاد الصلاة وإن صلى في ظلمة حائلة دون رؤية البيت فاستقبل القبلة في ظلمة أو استقبل به وهو أعمى ثم شكا إنهما قد أخطآ الكعبة لم يكن عليهما إعادة وهما على الصواب إذا حيل دون رؤية البيت حتى يعلما أن قد أخطآ فيعيدان معا قال الشافعي: ومن كان في موضع من مكة لا يرى منه البيت أو خارجا عن مكة فلا يحل له أن يدع كلما أراد المكتوبة أن يجتهد في طلب صواب الكعبة بالدلائل من النجوم والشمس والقمر

صفحة : 120

والجبال ومهب الريح وكل ما فيه عنده دلالة على القبلة وإذا كان رجال خارجون من مكة فاجتهدوافي طلب القبلة فاختلف اجتهادهم لم يسع واحدا منهم أن يتبع اجتهاد صاحبه وإن رآه أعلم بالاجتهاد منه حتى يدله صاحبه على علامة يرى هو بها أنه قد أخطأ باجتهاده الأول فيرجع إلى ما رآى هو لنفسه آخر إلى اتباع اجتهاد غيره ويصلى كل واحد منهم على جهته التي رأى أن القبلة فيها ولا يسع واحدا منهم أن يأتم بواحد إذا خالف اجتهاده اجتهاده قال فإذا كان فيهم أعمى لم يسعه أن يصلى إلى حيث رأي أن قد أصاب القبلة لأنه لا يرى شيئا ووسعه أن يصلى حيث رأي له بعضهم فإن اختلفوا عليه تبع آمنهم عنده وأصبرهم وإن خالفه غير قال وإن صلى الأعمى برأى نفسه أو منفردا كان في السفر وحده أو هو وغيره كانت عليه إعادة كل ما صلى برأى نفسه لأنه لا رأى لهقال الشافعي: وكل من دله على القبلة من رجل أو أمرأة أو عبد من المسلمين وكان بصيرا وسعه أن يقبل قوله إذا كان يصدقه وتصديقه أن لا يرى أنه كذبه قال ولا يسعه أن يقبل دلالة مشرك وإن رأى أنه قد صدقه لأنه ليس في موضع أمانة على القبلة قال الشافعي: وإذا أطبق الغيم ليلا أو نهارا لم يسع رجلا الصلاة إلا مجتهدا في طلب القبلة إما بجبل وإما ببحر أو بموضع شمس إن كان يرى شعاعا أو قمر إن كان يرى له نورا أو موضع نجم أو مهب ريح أو ما أشبه هذا من الدلائل وأي هذا كان إذا لم يجد غيره أجزأه فإن غمى عليه كل هذا فلم يكن له فيه دلالة صلى على الأغلب عنده وأعاد تلك الصلاة إذا وجد دلالة وقلما يخلو أحد من الدلالة وإذا خلا منها صلى على الأغلب عنده وأعاد الصلاة وهكذا إن كان أعمى منفودا أو محبوسا في ظلمة أو دخل في حال لا يرى فيها دلالة صلي على الأغلب عنده وكانت عليه الإعادة ولا تجزيه صلاة إلا بدلالة على وقت وقبلة من نفسه أو غيره إن كان لا يصل إلى رؤية الدلالة

ID ' ' والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صفحة : 121

فيمن استبان الخطأ بعد الاجتهاد

أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر قال بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذا آتاهم آت فقال إن رسول الله قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن قال الشافعي: وإذا غاب المرء عن البيت والمسجد الحرام الذي فيه البيت فاجتهد فرأى القبلة في موضع فلم يدخل في الصلاة حتى رآها في موضع آخر صلى حيث رأى آخرا ولم يسعه أن يصلى حيث رأى أولا وعليه اجتهاده حتى يدخل في الصلاة قال ولو افتتح الصلاة على جتهاده ثم رأى القبلة في غيره فهذان وجهان أحدهما إن كانت قبلته مشرقا فغمت السماء سحابة أو أخطأ بدلالة ريح أو غيره ثم تجلت الشمس أو القمر أو النجوم فعلم أنه صلى مشرقا أومغربا لم يعتد بما مضى من صلاته وسلم واستقبل القبلة على ما بان له لأنه على يقين من الخطأ في الأمر الأول فإن الكعبة في خلاف الموضع الذي صلى إليه فهو إن لم يرجع إلى يقين صواب عين الكعبة فقد رجع إلى يقين صواب جهتها وتبين خطأ جهته التى صلى إليها فحكمه حكم من صلى حيث يرى البيت مجتهدا ثم علم أنه أخطأ قال وكذلك إذا ترك الشرق كله واستقبل ما بين المشرق والمغرب وعلى كل ما أخطأ يقينا أن يرجع إليه ويقين الخطأ يوجد بالجهة وليس على من أخطأ غير يقين عين أن يرجع إليه ومن رأى أنه تحرف وهو مستيقن الجهة فالتحرف لا يكون يقين خطأ وذلك أن يرى أنه قد أخطأ قريبا مثل أن تكون قبلته شرقا فاستقبل الشرق ثم رأى قبلته منحرفة عن جهته التي استقبل يمينا أو يسارا وتلك جهة واحدة مشرقة لم يكن عليه إن صلى أن يعيد ولا إن كان في صلاة أن يلغى ما مضى منها وعليه أن ينحرف إلى اجتهاده الآخر فيكمل صلاته لأنه لمي رجع من يقين خطأ إلى يقين صواب جهة ولا عين وإنما رجع من اجتهاده بدلالة إلى اجتهاد بمثلها يمكن فيه أن يكون اجتهاده الأول أصوب من الآخر غير أنه إنما كلف أن يكون في كل صلاته حيث يدله اجتهاده على القبلة قال وهكذا إن رأى بعد الاجتهاد الثاني وهو في الصلاة أنه انحرف قليلا ينحرف إلى حيث يرى تكمل صلاته واعتد بما مضى فإن كان معه أعمى انحرف الأعمى بتحرفه ولا يسعه غير ذلك وكذلك في الموضع الذي تنتقض فيه صلاته بيقين خطأ القبلة تنتقض صلاة الأعمى معه إذا أعلمه فإن لم يعلمه ذلك في مقامه فأعلمه إياه بعد أعاد الأعمى وإن اجتهد بصير فتوجه ثم عمى بعد التوجه فله أن يمضى على جهته فإ استدار عنها بنفسه أو أداره غيره قبل أن تكمل صلاته فعليه أن يخرج من صلاته ويستقبل لها اجتهادا

صفحة : 122

بغيره فإن لم يجد غيره صلاها وأعادها متى وجدد مجتهدا بصيرا غيره وإن اجتهد مجتهد أو جماعة فرأوا القبلة في موضع فصلوا إليها جماعة وأبصر من خلف الإمام أن قد أخطأ وأن القبلة منحرفة عن موضعه الذي توجه إليه انحرافا قريبا انحرف إليه فصلى لنفسه فإن كان يرى أن الرجل إذا كان خلف الإمام ثم خرج من إمامة الإمام قبل أن يكمل الإمام صلاته وصار إماما لنفسه فصلاته مجزية عنه بنى على صلاته وإن كان يرى أنه مذ خرج إلى إمامة نفسه قبل فراغ الإمام من الصلاة فسدت صلاته عليه استأنف والاحتياط أن يقطع الصلاة ويستقبل حيث رأى القبلة قال وهكذا كل من خلفه من أول صلاته وآخرها ما لم يخرجوا من الصلاة فإن كان الإمام رأى القبلة منحرفة عن حيث توجه توجه إلى حيث رأى ولم يكن لأحد ممن وراءه أن يتوجه بتوجهه إلا أن يرى مثل رأيه فمن حدث له منهم مثل رأيه توجه بتوجهه ومن لم ير مثل رأيه خرج من أمامته وكان له أن يبنى على صلاته منفردا وإنما خالف بين هذا والمسئلة الأولى أن الإمام أخرة نفسه في هذه المسألة من إمامتهم فلا يفسد ذلك صلاتهم بحال ألا ترى أنه لو أفسد صلاة نفسه أو انصرف لرعاف أو غيره بنو لأنه مخرج نفسه من الإمامة لاهم وفي المسألة الأولى مخرجون أنفسهم من أمامته لا هو قال والقياس أن لا يكون للأولين بكل حال أن يبنوا على صلاتهم معه لأن عليهم أن يفعلوا ما فعلوا وعليه إن يفعل ما فعل فثبوته على ما فعل قد يكون إخراجا لنفسه من الإمامة وبه أقول وإذا اجتهد الرجل في القبلة فدخل في الصلاة ثم شك ولم ير القبلة في غير اجتهاده الأول مضي على صلاته لأنه على قبلة ما لم ير غيرها والإمام والمأموم في هذا سواء وإذا اجتهد بالأعمى فوجهه للقبلة فرأى القبلة في غير الجهة التي وجه لها لم يكن له أن يستقبل حيث رأى لأنه لا رأى له وإن قال له غيره قد أخطأ بك الذي اجتهد لك فصدقه انحرف إلى حيث يقول له غيره وما مضي من صلاته مجزيء عنه لأنه اجتهد به من له قبول اجتهاد قال وإذا حبس الرجل في ظلمة وحيث لا دلالة بوجه من الوجوه ولا دليل يصدقه فهو كالأعمى يتأخى ويصلي على أكثر ما عنده ويعيد كل صلاة صلاها بلا دلالة وقد قيل يسع البصير إذا عميت عليه الدلالة اجتهاد غيره فإن أخطأ به المجتهد له القبلة فدله على جهة مشرقة والقبلة مغربة أعاد كل ما صلي وإن رأي أنه أخطأ به قريبا منحرفا أحببت أن يعيد وإن لم يفعل فليس عليه إعادة لأن اجتهاده في حاله تلك له إذا صدقه كاجتهاده كان لنفسه إذا لم يكن له سبيل إلى دلالة قال الشافعي: وهو يفارق الأعمى في هذا الموضع فلو أن بصيرا اجتهد لأعمى ثم قال له غيره

صفحة : 123

قد أخطأ بك فشرق والقبلة مغربة فلم يدر لعله صدق لم يكن عليه إعادة لأن خبر الأول كخبر الآخر إذا كانا عنده من أهل الصدق وأيهما كان عنده من أهل الكذب لم يقبل منه قال والبصير إنما يصلى بيقين أو اجتهاد نفسه ولو صلى رجل شاك لا يرى القبلة في مضوع بعينه أعاد ولا تجزئه الصلاة حتى يصلى وهو يرى القبلة في موضع بعينه وكذلك لو اشتبه عليه موضعان فغلب عليه أن القبلة في أحدهما دون الآخر فصلى حيث يراها فإن صلى ولا يغلب عليه واحد منهما أعاد وكذلك لو افتتح على هذا الشك ثم رآها حيث افتتح فمضى على صلاته أعاد لا تجزئه حتى يفتتحها حيث يراها

باب الحالين اللذين يجوز فيهما استقبال غير القبلة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى الحالان اللذان يجوز فيهما استقبال غير القبلة قال الله عز وجل وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إلى فلتقم طائفة منهم معك الآية قال فأمرهم الله خائفين محروسين بالصلاة فدل ذلك على أنه أمرهم بالصلاة للجهة التي وجههم لها من القبلة وقال الله عز وجل حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى إلى ركبانا فدل إرخاصه في أن يصلوا رجالا وركبانا على أن الحال التي أذن لهم فيها بأن يصلوا رجال وركبانا من الخوف غير الحال الأولى التي أمرهم فيها أن يحرس بعضهم بعضا فعلمنا أن الخوفين مختلفان وأن الخوف الآخر الذي أذن لهم فيه أن يصلوا رجالا وركبانا لا يكون إلا أشد من الخوف الأول وذلك على أن لهم أن يصلوا حيث توجهوا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها في هذه الحال وقعودا على الدواب وقياما على الأقدام ودلت على ذلك السنة أخبرنا مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال يتقدم الإمام وطائقة ثم قص الحديث وقال ابن عمر في الحديث فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالا وركبانا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها قال مالك قال نافع ما أرى عبد الله ذكر ذلك إلا عن رسول الله وأخبرنا عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن أبيه قال الشافعي: ولا يجوز في صلاة مكتوبة استقبال غير القبلة إلا عند إطلال العدو على المسلمين وذلك عند المسايفة وما أشبهها ودنو الزحف من الزحف فيجوز أن يصلوا الصلاة في ذلك الوقت رجالا وركبانا فإن قدروا على استقبال القبلة وإلا صلوا مستقبلي حيث يقدرون وإن لم

صفحة : 124

يقدروا على ركوع ولا سجود أومؤوا إيماء وكذلك إن طلبهم العدو فأطلوا عليهم صلوا متوجهين على دوابهم يؤمئون إيماء ولا يجوز لهم في واحد من الحالين أن يصلوا على غير وضوء ولا تيمم ولا ينقصون من عدد الصلاة شيئا ويجوز لهم أن يصلوا بتيمم وإن كان الماء قريبا لأنه محول بينهم وبين الماء وسواء أي عدو أطل عليه أكفار أم لصوص أم أهل بغي أم سباع أم فحول إبل لأن كل ذلك يخاف إتلافه وإن طلبهم العدو فنأوا عن العدو حتى مكنهم أن ينزلوا بلا خوف أن يرهقوا لم يكن إلا النزول والصلاة بالأرض إلى القبلة وإن خافوا الرهق صلوا ركبانا وإن صلوا ركبانا يومئون ببعض الصلاة ثم أمنوا العدو كان عليهم أن ينزلوا فيصلوا ما بقى من الصلاة مستقبلى القبلة وأحب إلي لو استأنفوا الصلاة بالأرض ولبس لهم أن يقصروا الصلاة في شيء من هذه الحالات إلا أن يكونوا في سفر يقصر في مثله الصلاة فإن كان المسلمون طالبي العدو فطلبوهم طلبا لم يأمنوا رجعة العدو عليهم فيه صلوا هكذا وإن كانوا إذا وقفوا عن الطلب أو رجعوا أمنوا رجعتهم لم يكن لهم إلا أن ينزلوا فيصلوا ويدعوا الطلب فلا يكون لهم أن يطلبوهم ويدعو الصلاة بالأرض إذا أمكنهم لأن الطلب نافلة فلا تترك لها الفريضة وإنما يكون ما وصفت من الرخصة في الصلاة في شدة الخوف ركبانا وغير مستقبلي القبلة إذا كان الرجل يقاتل المشركين أو يدفع عن نفسه مظلوما ولا يكون هذا لفئة باغية ولا رجل قاتل عاصيا بحال وعلى من صلاها كذا وهو ظالم بالقتال إعادة كل صلاة صلاها بهذه الحال وكذلك إن خرج يقطع سبيل أو يفسد في الأرض فخاف سبعا أو جملا صائلا صلي يوميء وأعاد إذا أمن ولا رخصة عندنا لعاص إذا وجد السبيل إلى أداء الفريضة بحال

ID ' ' صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

صفحة : 125

الحال الثانية التي يجوز فيها استقبال غير القبلة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ودلت سنة رسول الله على أن للمسافر إذا تطوع راكبا أن يصلى راكبا حيث توجه قال وإذا كان الرجل مسافرا متطوعا راكبا صلى النوافل حيث توجهت به راحلته وصلاها على أي دابة قدر على ركوبها حمارا أو بعيرا أو غيره وإذا أراد الركوع أو السجود أومأ إيماء وجعل السجود أخفض من الركوع وليس له أن يصلى إلى غير القبلة مسافرا ولا مقيما إذا كان غير خائف صلاة وجبت عليه بحال مكتوبة في وقتها أو فائتة أو صلاة نذر أو صلاة طواف أو صلاة على جنازة قال وبهذا فرقنا بين الرجل يوجب على نفسه الصلاة قبل الدخول فيها فقلنا لا يجزيه فيها إلا ما يجزيه في المكتوبات من القبلة وغيرها وبين الرجل يدخل في الصلاة متطوعا ثم زعمنا أنه غلط من زعم أنه إذا دخل فيها بلا إيجاب لها فحكمها حكم الواجب وهو يزعم كما نزعم أنه لا يصلى واجبا لنفسه إلا واجبا أوجبه على نفسه مسافرا إلا إلى القبلة وأن المتطوع يصلى إلى غير القبلة أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال كان رسول الله يصلى على راحلته في السفر حيثما توجهت به أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن ابن عمر أنه قال رأيت رسول الله يصلى على حمار وهو متوجه إلى خيبر قال الشافعي: يعنى النوافل أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول رأيت رسول الله وهو يصلى وهو على راحلته النوافل في كل جهة أخبرنا محمد بن إسمعيل عن ابن أبي ذئب عن عثمان بن عبد الله بن سراقة عن جابر أن النبي في غزوة بني أنمار كان يصلى على راحلته متوجها قبل المشرق وإاذ كان المسافر ماشيا م يجزه أن يصلى حتى يتسقبل القبلة فيكبر ثم ينحرف إلى جهته فيمشى فإذا حضر ركوعه لم يجزه في الركوع ولا في السجود إلا أن يركع ويسجد بالأرض لأنه لا مؤنة عليه في ذلك كهى على الراكب قال وسجود القرآن والشكر والوتر وركعتا الفجر نافلة فللراكب أن يومىء به إيماء وعلى الماشي أن يسجد به إذا أراد السجود ولا يكون للراكب في مصر أن يصلى نافلة إلا كما يصلى المكتوبة إلى قبلة وعلى الأرض وما تجزيه الصلاة عليه في المكتوبة لأن أصل

صفحة : 126

فرض المصلين سواء إلا حيث دل كتاب الله تعالى أو سنة رسول الله أنه أرخص لهم قال وسواء قصير السفر وطويله إذا خرج من المصر مسافرا يصلى حيث توجهت به راحلته متطوعا كما يكون له التيمم في قصير السفر وطويله لأنه يقع على كل اسم سفر وكذلك لو ركب محملا أو حمارا أو غيره كان له أن يصلى حيث توجهت به مركبه وإن افتتح الصلاة متطوعا راكبا مسافرا ثم دخل المصر لم يكن له أن يمضى على صلاته بعد أن يصير إلى مصره ولا موضع مقام له فكان عليه أن ينزل فيركع ويسجد بالأرض وكذلك إذا نزل في قرية أو غيرها لم يكن له أن يمضى على صلاته وإن مر بقرية في سفره ليست مصره ولا يريد النزول بها فهي من سفره وله أن يمضى فيها مصليا على بعيره وإن نزل في سفره منزلا في صحراء أو قرية فسواء ولا يكون له أن يصلى إلا على الأرض كما يصلى المكتوبة وإن افتتح الصلاة على الأرض ثم أراد الركوب لم يكن له ذلك إلا أن يخرج من الصلاة التي افتتح بإكمالها بالسلام فإن ركب قبل أن يكملها فهو قاطع لها ولا يكون متطوعا على البعير حتي يفتتح على البعير صلاة بعد فراقه النزول وكذلك إذا خرج ماشيا وإن افتتح الصلاة على الأرض مسافرا فأراد ركوب البعير لم يكن ذلك له حتى يركع ويسجد ويسلم فإن فعل قبل أن يصلى ويسلم قطع صلاته وكذلك لو فعل ثم ركب فقرأ ثم نزل فسجد بالأرض كان قاطعا لصلاته لأن ابتداء الركوب عمل يطول ليس له أن يعمله في الصلاة ولو افتتح الصلاة راكبا فأراد النزول قبل أن يكمل الصلاة وأن يكون في صلاته كان ذلك له لأن النزول أخف في العمل من الركوب وإذا نزل ركع على الأرض وسجد لا يجزيه غيره فإذا نزل ثم ركب قطع الصلاة بالركوب كما وصفت بأنه كان عليه إذا نزل أن يركع ويسجد على الأرض وإذا افتتاح الصلاة راكبا أو ماشيا فإن انحرفت به طريقه كان له أن ينحرف وهو في الصلاة وإن انحرفت عن جهته حتى يوليها قفاه كله بغير طريق يسلكها فقد أفسد صلاته إلا أن تكون القبلة في الطريق التي انحرف إليها ولو غبته ادبته أو نعس فولى طريقه قفاه إلى غير قبلة فإن رجع مكانه بنى على صلاته وإن تطاول ساهيا ثم ذكر مضى على صلاته وسجد للسهو وإن ثبت وهو لا يمكنه أن ينحرف ذاكرا لأنه في صلاة فلم ينحرف فسدت صلاته وإذا ركب فأراد افتتاح الصلاة حيث توجهت به راحلته لم يكن عليه تأخي القبلة لأن له أن يتعمد أن يجعل قبلته حيث توجه مركبه فإن افتتاح الصلاة وبعيره واقف قبل القبلة منحرفا عن طريقه افتتحها على القبلة ومضي على بعيره وإن افتتحها وبعيره واقف على غير القبلة لم يكن له ذلك ولا يفتتحها

صفحة : 127

الا وبعيره متوجه إلى القبلة أو طريق حين يفتتحها فأما وهو واقف على غير القبلة فلا يكون له أن يفتتح الصلاة وليس لراكب السفينة ولا الرمث ولا شيء مما يركب في البحر أن يصلى نافلة حيث توجهت به السفينة ولكن عليه أن ينحرف إلى القبلة وإن غرق فتعلق بعود صلي على جهته يوميء إيماء ثم أعاد كل مكتوبة صلاها بتلك الحال إذا صلاها إلى غير قبلة ولم يعد ما صلى إلى قبله بتلك الحال فإن قال قائل كيف يومي ولا يعيد للضرورة ويصلى منحرفا عن القبلة للضرورة فيعيد قيل لأنه جعل للمريض أن يصلى كيف أمكنه ولم يجعل له أن يصلى إلى غير قبلة مكتوبة بحال

باب الصلاة في الكعبة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله دخل الكعبة ومع بلال وأسامة وعثمان بن طلحة قال ابن عمر فسألت بلالا ما صنع رسول الله في الكعبة قال جعل عمودا عن يساره وعمودا عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه ثم صلى قل وكان البيت على ستة أعمدة يومئذقال الشافعي: فيصلى في الكعبة النافلة والفريضة وأي الكعبة استقبل الذي يصلى في جوفها فهو قبلة كما يكون المصلى خارجا منها إذا استقبل بعضها كان قبلته ولو استقبل بابها فلم يكن بين يديه شيء من بنيانها يستره لم يجزه وكذلك إن صلى وراء ظهرها فلم يكن بين يديه من بنيانها شيء يستره لم يجزه حينئذ لأن بناء الكعبة ليس بين يديه شيء يستره وإن بنى فوقها ما يستر المصلى فصلى فوقها أجزأته صلاته وإذا جاز أن يصلى الرجل فيها نافلة جاز أن يصلى فريضة ولا موضع أطهر منها ولا أولي بالفضل إلا أنا نحب أن يصلى في الجماعة والجماعة خارج منها فأما الصلاة الفائتة فالصلاة فيها أحب إلى من الصلاة خارجا منها وكل ما قرب منها كان أحب إلى مما بعد

ID ' ' جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

صفحة : 128

باب النية في الصلاة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى فرض الله عز وجل الصلوات وأبان رسول الله عدد كل واحدة منهن ووقتها وما يعمل فيهن وفي كل واحدة منهن وأبان الله عز وجل منهن نافلة وفرضا فقال لنبيه ومن الليل فتهحد به نافلة لك ثم أبان ذلك رسول الله فكان بينا والله تعالى أعلم إذا كان من الصلاة نافلة وفرض وكان الفرض منها مؤقتا أن لا تجزي عنه صلاة إلا بأن ينويها مصلياقال الشافعي: وكان على المصلى في كل صلاة واجبة أن يصليها متطهرا وبعد الوقت ومستقبلا للقبلة وينويها بعينها ويكبر فإن ترك واحدة من هذه الخصال لم تجزه صلاتهقال الشافعي: والنية لا تقوم مقام التكبير ولا تجزيه النية إلا أن تكون مع التكبير لا تتقدم التكبير ولا تكون بعده فلو قام إلى الصلاة بنية ثم عزبت عليه النية بنسيان أو غيره ثم كبر وصلى لم يجزه هذه الصلاة وكذلك لو نوى صلاة بعينها ثم عزبت عنه نية الصلاة التي قام لها بعينها وثبتت نيته على أداء صلاة عليه في ذلك الوقت إما صلاة في وقتها وإما صلاة فائتة لم تجز هذه الصلاة لأنه لم ينوها بعينها وهي لا تجزيه حتى ينويها بعينها لا يشك فيها ولا يخلط بالنية سواها وكذلك لو فاتته صلاة لم يدر أهي الظهر أو العصر فكبر ينوى الصلاة الفائتة لم تجز عنه لأنه لم يقصد بالنية قصد صلاة بعينها قال الشافعي: ولهذا قلنا إذا فاتت الرجل صلاة لم يدر أي صلاة هي بعينها صلى الصلوات الخمس ينوي بكل واحدة منهن الصلاة الفائتة له ولو فاتته صلاتان يعرفهما فدخل في إحداهما بنية ثم شك فلم يدر أيتهما نوى وصلي لم تجزه هذه الصلاة عن واحدة منها ولا تجزيه الصلاة حتى يكون على يقين من التي نوى قال الشافعي: ولو دخل في صلاة بعينها بنية ثم عزبت عنه النية فصلي الصلاة أجزأته دخلها والنية مجزئة له وعزوب النية لا يفسدها إذا دخلها وهي مجزئة عنه إذا لم يصرف النية عنها ولو أن رجلا دخل في صلاة بنية ثم صرف النية إلى صلاة غيرها أو صرف النية إلى الخروج منها وإن لم يخرج منها ثم اعاد النية إليها فق فسدت عليه وساعة ويصرف النية عنها تفسد عليه ويكون عليه إعادتها وكذلك لو دخلها بنية ثم حدث نفسه أيعمل فيها أم يدع فسدت عليه إذا أزال نيته عن المضي عليها بحال وليس كالذي نوى ثم عزبت بنيته ولم يصرفها إلى غيره لأنه ليس عليه ذكر النية في كل حين فيها إذا دخل بها ولو كان مستيقنا أنه دخلها بنية ثم شك هل دخلها بنية أم لا

صفحة : 129

ثم تذكر قبل أن يحدث فيها عملا أجزأته والعمل فيها قراءة أو ركوع أو سجود ولو كان شكه هذا وقد سجد فرفع رأسه فسجد فيها كان هذا عملا وإذا عمل شيئا عم عملها وهو شاك ف نيته أعاد الصلاة وإن ذكر قبل أن يعمل بعملها شيئا أجزأته الصلاة ولو دخل الصلاة بنية ثم صرف النية إلى صلاة غيرها نافلة أو فريضة فتمت نيته على الصلاة التي صرفها إليها لم تجز عنه الصلاة الأولى التي دخل فيها ينويها لأنه صرف النية عنها إلي غيرها ولا تجزيه الصلاة التي صرف إليها النية لأنه لم يبتدئها وإن نواها ولو كبر ولم ينو صلاة بعينها ثم نواها لم تجزه لأنه قد دخل في صلاة لم يقصد قصدها بالنية ولو فاتته ظهر وعصر فدخل في الظهر ينوي بها الظهر والعصر لم تجزه صلاته عن واحدة منهما لأنه لم يحض النية للظهر ولا للعصر ولو فاتته صلاة لا يدر أي

باب ما يدخل به في الصلاة من التكبير

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد ابن سالم عن سفيان بن سعيد الثوري عن عبد الله بن محمد ابن عقيل عن محمد بن علي بن الحنيفة عن أبيه أن رسول الله قال مفتاح الصلاة الوضوء وتحريمها الكبير وتحليلها التسليم قال الشافعي: فمن أحسن التكبير لم يكن داخلا في الصلاة إلا بالتكبير نفسه والتكبير الله أكبر ولا يكون داخلا بغير التكبير نفسه ولو قال الله الكبير الله العظيم أو الله الجليل أو الحمد لله أو سبحان الله أو ما ذكر الله به لم يكن داخلا في الصلاة إلا بالتكبير نفسه وهو الله أكبر ولو قال الله أكبر من كل شيء وأعظم والله أكبر كبيرا فقد كبر وزاد شيئا فهو داخل في الصلاة بالتكبير والزيادة نافلة وكذلك إن قال الله الأكبر وهكذا التكبير وزيادة الألف واللام لا تحيل معنى التكبير ومن لم يحسن التكبير بالعربية كبر بلسانه ما كان وأجزأه وعليه أن يتعلم التكبير والقرآن والتشهد بالعربية فإن علم لم تجزه صلاته إلا بأن يأتى به بالعربيةقال الشافعي: ولو أن رجلا عرف العربية وألسنة سواها فأتى بالتكبير نفسه بغير العربية لم يكن داخلا في الصلاة إنما يجزيه التكبير بلسانه ما لم يحسنه بالعربية فإذا أحسنها لم يجزه التكبير إلا بالعربيةقال الشافعي: فمن قال كلمة مما وصفت أنه لا يكون داخلا بها في الصلاة أو أغفل التكبير فصلى فأتى على جميع عمل الصلاة منفردا أو إماما أو مأموما أعاد الصلاة وإن ذكر بعد ما يصلى ركعة أو ركعتين أنه لم يكبر ابتدأ التكبير مكانه ينوي به تكبيرة الافتتاح وألغى ما مضي من صلاته لأنه لم يكن في صلاة وكان حين كبر داخلا في الصلاة ولا أبالي أن لا يسلم لأنه لم يكن في صلاة وسواء كان يصلى وراء إمام أو

صفحة : 130

منفردا فإن كان منفردا فهو الاستئناف ولا يزول من موضعه إن شاء وإن زال فلا شيء عليه وإن كان مأموما فكذلك يبتديء التكبير ثم يكون داخلا في الصلاة من ساعته التي كبر فيها ولا يمضى في صلاة لم يدخل فيها إذا لم يكبر للدخول فيها قال الشافعي: فإن كان مأموما فأدرك الإمام قبل أن يركع أو راكعا فكبر تكبيرة واحدة فإن نوى بها تكبيرة الافتتاح أجزأته وكان داخلا في الصلاة وإن نوى بها تكبيرة الركوع لم يكن داخلا في الصلاة وإن كبر لا ينوي واحدة منهما فليس بداخل في الصلاة وإن كبر ينوي تكبيرة الافتتاح وجعل النية مشتركة بين التكبير الذي يدخل به في الصلاة وغيره فإذا ذكر فيما ذكرت أنه ليس بداخل به في الصلاةة فاستأنف فكبر تكبيرة ينوي بها الافتتاح كان حينئذ داخلا في الصلاة لأنه لم يكن في صلاة وإن ذكر فيما قلت هو فيه داخلا في نافلة وكبر ينوي المكتوبة لم يكن له مكتوبة لأنه في صلاة حتى يسلم منها ثم يدخل في المكتوبة بتكبير بعد الخروج من النافلة ولو كبر ونوى المكتوبة وليس في صلاة وهو راكع لم يجزه ولا يجزيه حتى يكبر قائما فإن كان مع الإمام فأدركه قبل أن يرفع رأسه من ركوعه فقد أدرك الركعة وإن لم يدركه حتى يرفع رأسه من الركوع فقد فاتته تلك الركعة قال ويكون عليه أن يكبر قائما ينوي المكتوبة ولا يكون داخلا في الصلاة المكتوبة إلا بما وصفت وإن نقص من التكبير حرفا لم يكن داخلا في الصلاة إلا بإكماله التكبير قائما ولو أبقى من التكبير حفرا أتى به وهو راكع أو منحن للركوع أو غير قائم لم يكن داخلا في الصلاة المكتوبة وكان داخلا في نافلة حتى يقطع بسلام ثم يعود قائما فيكمل التكبير وذلك مثل أن يقول الله أكبر ولم ينطق بالراء من التكبير إلا راكعا أو يحذف الراء فلم ينطق بها لم يكن مكملا للتكبير وإن قال الكبير الله لم أره داخلا في الصلاة بهذا وكذلك لو قرأ شيئا من القرآن لا تجزيه الصلاة إلا بهد قدم منه وأخر وأتى عليه رأيت أن يعيد حتى يأتى به متتابعا كما أنزل وإذا كان بالمصلى خبل لسان حركه بالكبير ما قدر وبلغ منه أكثر ما يقدر عليه وأجزأه ذلك لأنه قد فعل الذي قد أطاق منه وليس عليه أكثر منه وسواء في هذا الأخرس ومقطوع اللسان ومن بلسانه عارض ما كان وهكذا يصنع هؤلاء في القراءة والتشهد والذكر في الصلاة وأحب للامام أن يجهر بالتكبير ويبينه ولا يمططه ولا يحذفه وللمأموم ذلك كله إلا الجهر بالتكبير فإنه يسمعه نفسه ومن إلى جنبه إن شاء لا يجاوزه وإن لم يفعل ذلك الإمام ولا المأموم وأسمعاه أنفسهما أجزأهما وإن لم يسمعاه أنفسهما لم يجزهما ولا يكون تكبيرا مجزئا حتى يسمعاه أنفسهما وكل مصل من رجل أو امرأة في

صفحة : 131

التكبير سواء إلا أن النساء لا يجاوزن في التكبير استماع أنفسهن وإن أمتهن إحداهن أحببت أن تسمعهن وتخفض صوتا عليهن فإذا كبرن خفضن أصواتهن في التكبير في الخفض والرفع

باب من لا يحسن القراءة

وأقل فرض الصلاة والتكبير في الخفض والرفع

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن رفاعة ابن مالك أنه سمع النبي يقول إذا قام أحدكم إلى الصلاة فليتوضأ كما أمره الله تعالى ثم ليكبر فإن كان معه شيء من القرآن قرأ به وإن لم يكن معه شيء من القرآن فليحمد الله وليكبر ثم ليركع حتى يطمئن راكعا ثم ليرفع فليقم حتى يطمئن قائما ثم يسجد حتى يطمئن ساجدا ثم ليرفع رأسه فليجلس حتى يطمئن جالسا فمن نقص من هذا فإنما ينقص من صلاته أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني محمد بن عجلان عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن رفاعة بن رافع قال جاء رجل يصلى في المسجد قريبا من رسول الله ثم جاء فسلم على النبي فقال له النبي أعد صلاتك فإنك لم تصل فعاد فصلى كنحو مما صلى فقال النبي أعد صلاتك فإنك لم تصل فقال علمني يا رسول الله كيف أصلى قال إذا توجهت إلى القبلة فكبر ثم اقرأ بأم القرآن وما شاء الله أن تقرأ فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك ومكن ركوعك وامدد ظهرك فإذا رفعت فأقم صلبك وارفع رأسك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها فإذا سجدت فمكن سجودك فإذا رفعت فاجلس على فخذك اليسرى ثم اصنع ذلك في كل ركعة وسجدة حتى تطمئن قال الشافعي: وبهذا كله نأخذ فأمر من لم يحسن يقرأ أن يذكر الله تعالى فيحمده ويكبره ولا يجزيه إذا لم يحسن يقرأ إلا ذكر الله عز وجل وفي هذا دليل على أنه إنما خوطب بالقراءة من يحسنها وكذلك خوطب بالفرائض من يطيقها ويعقلها وإذا لم يحسن أم القرآن وأحسن غيرها لم يجزه أن يصلى بلا قراءة وأجزأه في غيرها بقدر أم القرآن لا يجزيه أقل من سبع آيات وأحب إلى أن يزيد إن أحسن وأقل ما أحب أن يزيد آية حتى تكون قدر أم القرآن وآية ولا يبين لي إن اقتصر على أم القرآن إن أحسنها أو غيرها وقدرها إن لم يحسنها أن عليه إعادة فإن لم يحسن

صفحة : 132

سبع آيات وأحسن أقل منهن لم يجزه إلا أن يقرأ بما أحسن كله إذا كان سبع آيات أو أقل فإن قرأ بأقل منه أعاد الركعة التي لم يكمل فيها سبع آيات إذا أحسنهن وسواء كان الآي طوالا أو قصارا لا يجزيه إلا بعدد آي أم القرآن وسواء كن في سورة واحدة أو سور متفرقة لا يجزيه حتى يأتى بسبع آيات إذا أحسن سبعا أو ثمانيا وكان أقل ما عليه أن يأتى بسبع آيات وإن لم يحسن سبعا ذكر الله عز وجل مع ما أحسن ولا يجزيه إلا أن يذكر الله بتعظيم فإذا جاء بشيء من ذكر الله تعالى أجزأه مع ما يحسن وإنما قلت هذا أن رسول الله إذ جعل عليه أن يذكر الله حين لا يحسن أم القرآن وإن لم يأمره بصلاة بلا ذكر عقلت أنه إذا أحسن أم القرآن الذي هو سنة الصلاة كان عليه أوجب من الذكر غيره وإن لم يحسن الرجل أم القرآن لم يجز أن يؤم من يحسن أم القرآن فإن أمه لم تجز للمأموم صلاته وأجزأت الإمام فإذا أحسن أم القرآن ولم يحسن غيرها لم أحب أن يؤم من يحسنها وأكثر منها وإن فعل فلا يبين لي أن يعيد من صلى خلفه لأنها إن انتهى إليها فلا يبين لى أن يعيد من لم يزد عليها ولا أحب إلا أن يزاد معها آية أو أكثر ويجوز أن يؤم من لا يحسن أم القرآن ولا شيئا من القرآن من لا يحسن ولا يجوز أن يؤم من لا يحسن أحدا يحسن شيئا من القرآن ومن أحسن شيئا من القرآن فهو أولى بأن يؤم ممن لا يحسن ومن أحسن أقل من سبع آيات فأم أو صلى منفردا ردد بعض الآي حتى يقرأ به سبع آيات أو ثمان آيات وإن لم يفعل لم أر عليه إعادة ولا يجزيه في كل ركعة إلا قراءة ما أحسن مما بينه وبين أن قال الشافعي: وفي حديث رفاعة بن مالك عن النبي دليل على أن رسول الله علمه الفرض عليه في الصلاة دون الاختيار فعلمه الوضوء وتكبيرة الافتتاح قبل القراءة ولم يذكر أنه علمه القول بعد تكبيرة الافتتاح قبل القراءة ولا التكبير في الخفض والرفع وقول سمع الله لمن حمده ولا رفع اليدين في الصلاة ولا التسبيح في الركوع والسجود وقد علمه القراءة فإن لم يحسن فالذكر وعلمه الركوع والسجود والاعتدال من الركوع والسجود والجلوس في الصلاة والقراءة فلهذا قلنا من ترك افتتاح الصلاة بعد تكبيرة الافتتاح والتكبير في الخفض والرفع ورفع اليدين في الركوع والسجود وقول سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ويجلس جلسة لم يأمره بها في الصلاة فقد ترك الاختيار وليست عليه إعادة صلاته وعلم رجلا في حديث ابن عجلان قراءة أم القرآن وقال ما شاء الله فجعل ذلك إلى القاريء فاحتمل أن يكون قراءة أم القرآن في الصلاة فرضا مع ما جاء فيها غير هذا مما يشبه أن يكون يدل على أنها تجزي عن غيرها ولا

صفحة : 133

يجزي غيرها عنها وإن تركها وهو يحسن لم تجزه الصلاة وإن ترك غيرها كرهته له ولا يبين لي أن عليه إعادة الصلاة وهو قد يحتمل أن يكون الفرض على من أحسن القراءة قراءة أم القرآن وآية أو أكثر لأن أقل ما ينبغي أن يقرأ مع أم القرآن في ركعة آية لقول النبي وما شاء الله معا فلا أحب لأحد أن يدع أن يقرأ مع أم القرآن في ركعة آية وإن تركها كرهته له ولا يبين لي أن عليه إعادة لما وصفت وإن حديث عبادة وأبي هريرة يدلان على فرض أم القرآن ولا دلالة له فيهما ولا في واحد منهما على فرض غيرها معها قال الشافعي: والعمد في ترك أم القرآن والخطأ سواء في أن لا تجزيء ركعة إلا بها أو بشيء معها إلا ما يذكر من المأموم إن شاء الله تعالى ومن لا يحسن يقرؤها فلهذا قلنا إن من لم يحسن يقرأ أجزأته الصلاة بلا قراءة وبأن الفرض على من علمه ولم يذكر النبي الجلوس للتشهد إنما ذكر الجلوس من السجود فأوجبنا التشهد والصلاة على النبي على من أحسنه بغير هذا الحديث فأقل ما على المرء في صلاته ما وصفنا وأكمله ما نحن فيه ذاكرون إن شاء الله تعالى

باب رفع اليدين في التكبير في الصلاة

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال رأيت رسول الله إذا افتتح الصلاة يرفع يديه حتى تحاذي منكبيه وإذا أراد أن يركع وبعد ما يرفع رأسه من الركوع ولا يرفع بين السجدتين قال الشافعي: وقد روى هذا سوى ابن عمر اثنا عشر رجلا عن النبي قال الشافعي: وبهذا نقول فنأمر كل مصل إماما أو مأموما أو منفردا رجلا أو امرأة أن يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا كبر للركوع وإذا رفع رأسه من الركوع ويكون رفعه في كل واحدة من هذه الثلاث حذو منكبيه ويثبت يديه مرفوعتين حتى يفرغ من التكبير كله ويكون مع افتتاح التكبير ورد يديه عن الرفع مع انقضائه ولا نأمره أن يرفع يديه في شيء من الذكر في الصلاة التي لها ركوع وسجود إلا في هذه المواضع الثلاث فإن كان بإحدى يدي المصلى علة لا يقدر على رفعها معها حتى يبلغ حيث وصفت ويقدر على رفعها دون ذلك رفعها إلى حديث يقدر فإن كانت به علة لا يقدر على رفعها معها مجاوزا لمنكبيه ولا يقدر على الاقتصار برفعها على منكبيه ولا مادونهما فلا يدع رفعهما وإن جاوز منكبيه

صفحة : 134

قال الشافعي: وإن كانت به علة يقدر معها على أحد رفعين إما رفع دون منكبيه وإما رفع فوق منكبيه ولا يقدر على رفعهما حذو منكبيه رفعهما فوق منكبيه لأنه قد جاء بالرفع كما أمر والزيادة شيء غلب عليه قال الشافعي: وإن كانت إحداهما صحيحة والأخرى عليلة صنع بالعليلة ما وصفت واقتصر بالصحيحة على حذو منكبيه وإن غفل فصلى بلا رفع اليدين حيث أمرته به وحتى تنقضى التكبيرة التي أمرته بالرفع فيها لم يرفعهما بعد التكبيرة ولا بعد فراغه من قول سمع الله لمن حمده ولا في موضع غيره لأنه هيئة في وقت فإذا مضى لم يوضع في غيره وإن أغفله عند ابتداء التكبير وذكره قبل أن يقضيه رفع وكل ما قلت يصنعه في التكبيرة الأولى والتكبيرة للركوع أمرته يصنعه في قوله سمع الله لمن حمده وفي قوله ربنا ولك الحمد وإن أثبت يديه بعد انقضاء التكبير مرفوعتين قليلا فلا يضره ولا آمره به ورفع اليدين في كل صلاة نافلة وفريضة سواء قال الشافعي: ويرفع يديه في كل تكبيرة على جنازة خبرا وقياسا على إنه تكبير وهو قائم وفي كل تكبير العيدين والاستسقاء لأن كل هذا تكبير وهو قائم وكذلك يرفع يديه في التكبير لسجود القرآن وسجود الشكر لأنهما معا تكبير افتتاح وسواء في هذا كله صلى أو سجد وهو قائم أو قاعد أو مضطجع يوميء إيماء في أن يرفع يديه لأنه في ذلك كله في موضع قيام وإن ترك رفع اليدين في جميع ما أمرته به أو رفعهما حيث لم آمره في فريضة أو نافلة أو سجود أو عيد أو جنازة كرهت ذلك له ولم يكن عليه إعادة صلاة ولا سجود لسهو عمد ذلك أو نسيه أو جهله لأنه هيئة في العمل وهكذا أقول في كل هيئة في عمل تركها

ID ' ' على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

صفحة : 135

باب افتتاح الصلاة

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد وغيرهما عن ابن جريج عن موسى ابن عقبة عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب أن رسول اله قال بعضهم كان إذا اتبدأ الصلاة وقال غيره منهم كان إذا افتتح الصلاة قال وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونكسي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وقال أكثرهم وأنا أول المسلمين قال ابن أبي رافع وشككت أن يكون أحدهم قال وأنا من المسلمين اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعها لا يغفرها إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدى لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت لبيك وسعديك والخير بيديك والشر ليس إليك والمهدى من هديت أنا بك وإليك لا منجى منك إلا إليك تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صفوان ابن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال كان رسول الله إاذ قام إلى الصلاة ثم كبر قال وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين وآيتين بعدها إلي قوله وأنا أول المسلمين ثم يقول اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعها لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق ولا يهدى لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت لبيك وسعديك والخير بيديك والشر ليس إليك والمهدى من هديت أنا بك وإليك لا منجى ولا مجلأ منك إلا إليك تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك قال الشافعي: وبهذا كله أقول وآمر و أحب أن يأتى به كما يروى عن رسول الله لا يغادر منه شيئا ويجعل مكان وأنا أول المسلمين وأنا من المسلمين قال فإن زاد فيه شيئا أو نقصه كرهته ولا إعادة ولا سجود للسهو عليه عمد ذلك أو نسيه أو جهله قال الشافعي: وإن سها عنه حين يفتتح الصلاة ثم ذكر قبل أن يفتتح القراءة أحببت أن يقول وإن لم يذكره حتى يفتتح القراءة لم يقله ولا يقوله إلا في أول ركعة ولا يقوله فيما بعدها بحال وإن ذكره

صفحة : 136

قبل افتتاح القراءة وقبل التعوذ أحببت أن يقوله قال الشافعي: وسواء في ذلك الإمام والمأموم إذا لم يفت المأموم من الركعة ما لا يقدر عليه فإن فاته منها ما يقدر على بعض هذا القول ولا يقدر على بعضه أحببت أن يقوله وإن لم يقله لم يقضه في ركعة غيرها وإن كان خلف الإمام فيما لا يجهر فيه ففاته من الركعة ما لو قاله لم يقرأ أم القرآن تركه وإن قال غيره من ذكر الله وتعظيمه لم يكن عليه فيه شيء إن شاء الله تعالى وكذلك قال الشافعي: ويقول هذا في الفريضة والنافلة

باب التعوذ بعد الافتتاح

قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله عز وجل فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قا أخبرنا إبراهيم بن محمد عن سعد بن عثمان عن صالح بن أبي صالح أنه سمع أبا هريرة وهو يؤم الناس رافعا صوته ربنا إنا نعوذ بك من الشيطان الرجيم في المكتوبة وإذا فرغ من أم القرآن قال الشافعي: وكان ابن عمر يتعوذ في نفسه قال الشافعي: وأيهما فعل الرجل أجزأه إن جهر أو أخفى وكان بعضهم يتعوذ حين يفتتح قبل أم القرآن وبذلك أقول وأحب أن يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وإذا استعاذ بالله من الشيطان الرجيم وأي كلام استعاذ به أجزأه ويقوله في أول ركعة وقد قيل إن قاله حين يفتتح كل ركعة قبل القراءة فحسن ولا آمر به في شيء من الصلاة أمرت به في أول ركعة وإن تركه ناسيا أو جاهلا أو عامدا لم يكن عليه إعادة ولا سجود سهو وأكره له تركه عامدا وأحب إذا تركه في أول ركعة أن يقوله في غيرها وإنما منعنى أن آمره أن يعيد أن النبي علم رجلا ما يكفيه في الصلاة فقال كبر ثم اقرأ قال ولم يرو عنه أنه أمره بتعوذ ولا افتتاح فدل على أن افتتاح رسول الله اختيار وأن التعوذ مما لا يفسد الصلاة إن تركه

ID ' ' ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

صفحة : 137

باب القراءة بعد التعوذ أخبرنا الربيع قال

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وسن رسول الله أن يقرأ القاريء في الصلاة بأم القرآن ودل على أنها فرض على المصلى إذا كان يحسن يقرؤها أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن محمود بن ربيع عن عبادة بن الصامت أن رسول الله قال لا صلاة لمن لم يقرأ فاتحة الكتاب أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله قال كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج فهي خداج أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أيوب بن أبي تميمة عن قتادة عن أنس قال كان النبي وأبو بكر وعمر يستفتحون القراءة بالحمد رب العالمين قال الشافعي: يعني يبدءون بقراءة أم القرآن قبل ما يقرأ بعدها والله تعالى أعلم لا يعني أنهم قال الشافعي: فواجب على من صلى منفردا أو إماما أن يقرأ بأم القرآن في كل ركعة لا يجزيه غيرها وأحب أن يقرأ معها شيئا آية أو أكثر وسأذكر المأموم إن شاء الله تعالى قال الشافعي: وإن ترك من أم القرآن حرفا واحدا ناسيا أو ساهيا لم يعتد بتلك الركعة لأن من ترك منها حرفا لا يقال له قرأ أم القرآن على الكمال قال الشافعي: بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة فإن تركها أو بعضها لم تجزه الركعة التي تركها فيها قال الشافعي: وبلغني أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يقول إن رسول الله كان يفتتح القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني أبي عن سيعد بن جبير ولقد اتيانك سبعا من المثاني قال هي أم القرآن قال أبي وقرأها علي سعيد بن جبير حتى ختمها ثم قال بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة قال سعد فقرأها علي ابن عباس كما قرأتها عليك ثم قال بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة قال ابن عباس فذخرها لكم فما أخرجها لأحد قبلكم.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صالح مولىي

صفحة : 138

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني عبد الله بن عثمان ابن خثيم أن أبا بكر بن حفص بن عمر أخبره أن أنس بن مالك أخبره قال صلى معاوية بالمدينة صلاة فجهر فيها بالقراءة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها حتى قضى تلك القراءة ولم يكبر حين يهوى حتى قضى تلك الصلاة فلما سلم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين من كل مكان يا معاوية أسرقت الصلاة أم نسيت فلما صلى بعد ذلك قرأ بسم الله الرحمن الرحيم للسورة التي بعد أم القرآن وكبر حين يهوى ساجدا.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن عثمان بن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه أن معاوية قدم المدينة فصلى بهم فلم يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم ولم يكبر إذا خفض وإذا رفع فناداه المهاجرون حين سلم والأنصار أن يا معاوية سرقت صلاتك أين بسم الله الرحمن الرحيم وأين التكبير إذا خفضت وإذا رفعت فصلى بهم صلاة أخرى فقال ذلك فيها الذي عابوا عليه.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان ابن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن معاوية والمهاجرين والأنصار مثله أو مثل معناه لا قال الشافعي: وفي الأولى أنه قرأ بسم الله الرحمن الرحيم في أم القرآن ولم يقرأها في السورة التي بعدها فذلك زيادة حفظها ابن جريج وقوله فصلى بهم صلاة أخرى يحتمل أن يكون أعاد ويحتمل أن تكون الصلاة التي تليها والله تعالى إعلم.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر أنه كان لا يدع بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن وللسورة التي بعدها قال الشافعي: هذا أحب إلى لأنه حينئذ مبتديء قراءة القرآن.

قال الشافعي: وإن أغفل أن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وقرأ من الحمد لله رب العالمين حتى يختم السورة كان عليه أن يعود فيقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين حتى يأتي على السورة.

قال الشافعي: ولا يجزيه أن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم بعد قراءة الحمد لله رب العالمن ولا بين ظهرانيها حتى يعود فيقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم يبتديء أم القرآن فيكون قد وضع كل

صفحة : 139

حرف منها في موضعه وكذلك لو أغفل فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قال مالك يوم الدين حتى يأتى على آخر السورة وعاد فقال الحمد لله رب العالمين حتى يأتى على آخر السورة وكذلك لو أغفل الحمد فقط فقال لله رب العالمين عاد فقرأ الحمد وما بعدها لا يجزيه غيره حتى يأتى بها كما أنزلت ولو أجزت له أن يقدم منها شيئا عن موضعه أو يؤخره ناسيا أجزت له إذا نسى أن يقرأ آخر آية منها ثم التي تليها قبلها ثم التي تليها حتى يجعل بسم الله الرحمن الرحيم آخرها ولكن لا يجزى عنه حتى يأتى بها بكمالها كما أنزلت ولو وقف فيها أو تعايا أو غفل فأدخل فيها آية أو آيتين من غيرها رجع حتى يقرأ من حيث غفل أو يأتى بها متوالية فإن جاء بها متوالية لم يقدم منها مؤخرا وإنما أدخل بينها آية من غيرها أجزأت لأنه قد جاء بها متوالية وإنما أدخل بينها ما له قراءته في الصلاة فلا يكون قاطعا لها به وإن وضعه غير موضعه ولو عمد أن يقرأ منها شيئا ثم يقرأ قبلها يكملها من القرآن غيرها كان هذا عملا قاطعا لها وكان عليه أن يستأنفها لا يجزيه غيرها ولو غفل فقرأ ناسيا من غيرها لم يكن عليه إعادة ما مضي منها لأنه معفو له عن النسيان في الصلاة إذا أتى على الكمال ولو نسى فقرأ ثم ذكر فتم على قراءة غيرها كان هذا قاطعا لها وكان عليه أن يستأنفها ولو قرأ منها شيئا ثم نوى أن يقطعها ثم عاد فقرأ ما بقى أجزأته ولا يشبه هذا نيته في قطع المكتوبة نفسها وصرفها إلى غيرها ولكنه لو نوى قطعها وسكت شيئا كان قاطعا لها وكان عليه أن يسأنفها وعمد القطع لها حتى يأخذ في غيرها أو يصمت فأما ما يتابعه قطعها حديث نفس موضوع عنه.

قال الشافعي: ولو بدأ فقرأ في الركعة غيرها ثم قرأها أجزأت عنه.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبى سلمة ابن عبد الرحمن أنهما أخبراه عن أبي هريرة أن رسول الله قال إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه قال ابن شهاب وكان النبي يقول آمين.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك قال أخبرنا سمى مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله قال إذا قال الإمام غير الغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن

صفحة : 140

رسول الله قال إذا قال أحدكم آمين وقالت الملائكة في السماء آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر الله له ما تقدم من ذنبه.

قال الشافعي: فإذا فرغ الإمام من قراءة أم القرآن قال آمين ورفع بها صوته ليقتدى به من كان خلفه فإذا قالها قالوها وأسمعوا أنفسهم ولا أحب إن يجهروا بها فإن فعلوا فلا شيء عليهم وإن تركها الإمام قالها من خلفه وأسمعه لعله يذكر فيقولها ولا يتركونها لتركه كما لو ترك التكبير والتسليم لم يكن لهم تركه فإن لم يقلها ولا من خلفه فلا إعادة عليهم ولا سجود للسهو وأحب قولها لكل من صلى رجل أو امرأة أو صبي في جماعة كان أو غير جماعة ولا يقال آمين إلا بعد أم القرآن فإن لم يقل لم يقضها في موضع غيره.

قال الشافعي: وقول آمين يدل على أن لا بأس أن يسأل العبد ربه في الصلاة كلها في الدين والدنيا مع ما يدل من السنن على ذلك.

قال الشافعي: ولو قال مع آمين رب العالمين وغير ذلك من ذكر الله كان حسنا لا يقطع الصلاة شيء من ذكر الله.

باب القراءة بعد أم القرآن

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وأحب أن يقرأ المصلى بعد أم القرأن سورة من القرآن فإن قرأ بعض سورة أجزأه فإن اقتصر على أم القرآن ولم يقرأ بعدها شيئا لم يبن لي أن يعيد الركعة ولا أحب ذلك له وأحب أن يكون أقل ما يقرأ مع أم القرآن في الركعتين الأوليين قدر أقصر سورة من القرآن مثل إنا أعطيناك الكوثر وما أشببها وفي الأخريين أم القرآن وآية وما زاد كان أحب إلى ما لم يكن إماما فيثقل عليه قال وإذا أغفل من القرآن بعد أم القرآن شيئا أو قدمه أو قطعه لم يكن عليه إعادة وأحب أن يعود فيقرأه وذلك أنه لو ترك قراءة ما بعد أم القرآن أجزأته الصلاة وإذا قرأ

ID ' ' الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

صفحة : 141

باب كيف قراءة المصلى

قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى لنبيه ورتل القرآن ترتيلا قال الشافعي: وأقل الترتيل ترك العجلة في القرآن عن الإبانة وكلما زاد على أقل الإبانة في القراءة كان أحب إلي ما لم يبلغ أن تكون الزيادة فيها تمطيطا وأحب ما وصفت لكل قاريء في صلاة وغيرها وأنا له في المصلى أشد استحبابا منه للقاريء في غيره صلاة فإذا أيقن المصلى أن لم يبق من القراءة شيء إلا نطق به أجزأته قراءته ولا يجزئه أن يقرأ في صدره القرآن ولم ينطق به لسانه ولو كانت بالرجل تمتة لا تبين معها القراءة أجزأته قراءته إذا بلغ منها ما لا يطيق أكثر منه وأكره أن يكون إماما وإن أم أجزأ إذا أيقن أنه قد قرأ ما تجزئه به صلاته وكذلك الفأفاء أكره أن يؤم فإن أم أجزأه وأحب أن لا يكون الإمام آرت ولا ألثغ وإن صلى لنفسه أجزأه واكره أن يكون الإمام لحانا لأن اللحان قد يحيل معاني القرآن فإن لم يلحن لحنا يحيل معنى القرآن أجزأته صلاته وإن لحن في أم القرآن لحانا يحيل معنى شيء منها لم أر صلاته مجزأه عنه ولا عمن خلفه وإن لحن في غيرها كرهته ولم أر عليه إعادة لأنه لو ترك قراءة غير أم القرآن وأتى بأم القرآن رجوت أن تجزئه صلاته وإذا أجزأته أجزأت من خلفه إن شاء الله تعالى وإن كان لحنه في أم القرآن وغيرها

ID ' ' خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

صفحة : 142

باب التكبير للركوع وغيره

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن علي بن الحسين قال كان رسول الله يكبر كلما خفض ورفع فما زالت تلك صلاته حتى لقى الله تعالى.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة أن أبا هريرة كا يصلى لهم فيكبر كلما خفض ورفع فإذا انصرف قال والله إني لأشبهكم صلاة برسول الله .

قال الشافعي: ولا أحب لمصل منفردا ولا إماما ولا مأموما أن يدع التكبير للركوع والسجود والرفع والخفض وقول سمع الله لمن حمده وربنا لك الحمد إذا رفع من الركوع ولو رفع رأسه من شيء مما وصفت أو وضعه بلا تكبير لم يكن عليه أن يكبر بعد رفع الرأس ووضعه وإذا ترك التكبير في موضعه لم يقضه في غيره قال أبو محمد الربيع بن سليمان فاتني من هذا الموضع من الكتاب وسمعته من البويطي وأعرفه من كلام الشافعي.

قال الشافعي: وإذا أردا الرجل أن يركع ابتدأ بالتكبير قائما فكان فيه وهو يهوى راكعا وإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع ابتدأ قوله سمع الله لمن حمده رافعا مع الرفع قم قال إذا استوى قائما وفرغ من قوله سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد وإذا هوى ليسجد ابتدأ التكبير قائما ثم هوى مع ابتدائه حتى ينتهي إلى السجود وقد فرغ من آخر التكبير ولو كبر وأتم بقية التكبير ساجدا لم يكن عليه شيء وأحب إلى أن لا يسجد إلا وقد فرغ من التكبير فإذا رفع رأسه من السجود ابتدأ التكبير حتى يستوى جالسا وقد قضاه فإذا هوى ليسجد ابتدأ التكبير قاعدا وأتمه وهو يهوى للسجود ثم هكذا في جميع صلاته ويصنع في التكبير ما وصفت من أن يبينه ولا يمططه ولا يحذفه فإذا جاء بالتكبير بينا أجزأه ولو ترك التكبير سوى تكبيرة الافتتاح وقوله سمع الله لمن حمده لم يعد صلاته وكذلك من ترك الذكر في الركوع والسجود وإنما قلت ما وصفت بدلالة الكتاب ثم السنة قال الله عز وجل اركعوا واسجدوا ولم يذكر في الركوع والسجود عملا غيرهما فكانا الفرض فمن جاء بما يقع عليه اسم ركوع أو سجود فقد جاء بالفرض عليه والذكر فيهما سنة اختيار وهكذا قلنا في المضمضة والاستنشاق مع غسل الوجه قال الشافعي: ورأى رسول الله رجلا يصلى صلاة لم يحسنها فأمره

صفحة : 143

بالإعادة ثم صلاها فأمره بالإعادة فقال له يا رسول الله علمني فعلمه رسول الله الركوع والسجود والرفع والتكبير للافتتاح وقال فإذا جئت بهذا فقد تمت صلاتك ولم يعلمه ذكرا في ركوع ولا سجود ولا تكبيرا سوى تكبير الافتتاح لا قول سمع الله لمن حمده فقال له فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك وما نقصت منه فقد نقصت من صلاتك فدل ذلك على أنه علمه ما لا تجزيء الصلاة إلا به وما فيه ما يؤديها عنه وإن كان الاختيار غيره.

باب القول في الركوع

أخبرنا الربيع قال أخبرنا البويطي قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال كان النبي إذا ركع قال اللهم لك ركعت ولك أسلمت وبك آمنت وأنت ربي خشغ لك سمعي وبصري وعظامي وشعر وبشري وما استقلت به قدمي لله رب العالمين.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا البويطي قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد أحسبه عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب أن النبي كان إذا ركع قال اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت أنت ربي خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وما استقلت به قدمى لله رب العالمين.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا البويطي قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان ابن عيينة وإبراهيم بن محمد عن سليمان بن سحيم عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن أبيه عن ابن عباس عن النبي أنه قال ألا إني نهيت أن أقرأ راكعا أو ساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا فيه قال أحدهما من الدعاء وقال الآخر فاجتهدوا فإنه قمن أن يستجاب.

قال الشافعي: ولا أحب لأحد أن يقرأ راكعا ولا ساجدا لنهى رسول الله وأنهما موضع ذكر غير القراءة وكذلك لا أحب لأحد أن يقرأ في موضع التشهد قياسا على هذا أخبرنا الربيع قال أخبرنا البويطي قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن بن أبي ذئب عن إسحق بن يزيد الهذلي عن عون بن عبد الله ابن عتبة بن مسعود أن

صفحة : 144

رسول الله قال إذا ركع أحدكم فقال سبحان بي العظيم ثلاث مرات فقد تم ركوعه وذلك أدناه وإذا سجد فقال سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات فقد تم سجوده وذلك أدناه قال الشافعي: إن كان هذا ثابتا فإنما يعنى والله تعالى أعلم أدنى ما ينسب إلى كمال الفرض والاختيار معا لا كمال الفرض وحده وأحب أن يبدأ الراكع في ركوعه أن يقول سبحان ربي العظيم ثلاثا ويقول ما حكيت أن النبي كان يقوله وكل ما قال رسول الله في ركوع أو سجود أحببت أن لا يقصر عنه إماما كان أو منفردا وهو تخفيف لا تثقيل قال الربيع إلى ههنا انتهى سماعي من البويطي.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وأقل كمال الركوع أن يضع كفيه على ركبتيه فإذا فعل فقد جاء بأقل ما عليه في الركوع حتى لا يكون عليه إعادة هذه الركعة وإن لم يذكر في الركوع لقول الله عز وجل اركعوا واسجدوا فإذا ركع وسجد فقد جاء بالفرض والذكر فيه سنة اختيار لا أحب تركها وما علم النبي الرجل من الركوع والسجود ولم يذكر الذكر فدل على أن الذكر فيه سنة اختيار وإن كان أقطع أو أشل إحدى اليدين أخد إحدى ركبتيه بالأخرى وإن كانتا معا عليلتين بلغ من الركوع ما لو كان مطلق اليدين فوضع يديه على ركبتيه لم يجاوزه ولا يجزيه غير ذلك وإن كان صحيح اليدين فلم يضع يديه على ركبتيه فقد أساء ولا شيء عليه إذا بلغ من الركوع ما لو وضع يديه على ركبتيه لم يجاوزه إذا ترك وضع يديه على ركبتيه وشك في أنه لم يبلغ من الركوع ما لو وضع يديه على ركبتيه لم يجاوزه لم يعتد بهذه الركعةقال الشافعي: وكمال الركوع أن يضع يديه على ركبتيه ويمد ظهره وعنقه ولا يخفض عنقه عن ظهره ولا يرفعه ولا يجافى ظهره ويجتهد أن يكون مستويا في ذلك كله فإن رفع رأسه عن ظهره أو ظهره عن رأسه أو جافى ظهره حتى يكون كالمحدودب كرهت ذلك له ولا أعادة عليه لأنه قد جاء بالركوع والركوع في الظهر ولو بلغ أن يكون راكعا فرفع يديه فلم يضعهما على ركبتيه ولاغيرهما لم تكن عليه إعادة ولو أن رجلا أدرك الإمام راكعا فركع قبل أن يرفع الإمام ظهره من الركوع أعتد بتلك الركعة ولو لم يركع حتى يرفع الإمام ظهره من الركوع لم يعتد بتلك الركعة ولا يعتد بها حتى يصير راكعا والإمام راكع بحاله ولو ركع الإمام فاطمأن راكعا ثم رفع رأسه من الركوع فاستوى قائما أو لم يستو إلا أنه قد زايل الركوع إلى حال لا يكون فيها تام الركوع ثم عاد

صفحة : 145

فركع ليسبح فأدركه رجل في هذه الحال راكعا فركع معه لم يعتد بهذه الركعة لأن الإمام قد أكمل الركوع أولا وهذا ركوع لا يعتد به من الصلاة قال الربيع وفيه قول آخر أنه إذا ركع ولم يسبح ثم رفع رأسه ثم عاد فركع ليسبح فقد بطلت صلاته لأن ركوعه الأول كان تماما وإن لم يسبح فلما عاد فركع ركعة أخرى ليسبخ فيها كان قد زاد في الصلاة ركعة عامدا فبطلت صلاته بهذا المعنى.

قال الشافعي: وإذا ركع الرجل مع الإمام ثم رفع قبل الإمام فأحب أن يعود حتى يرفع الإمام رأسه ثم يرفع برفعه أو بعده وإن لم يرفع وقد ركع مع الإمام كرهته له ويعتد بتلك الركعة ولو ركع المصلى فاستوى راكعا وسقط إلى الأرض كان عليه أن يقوم حتى يعتدل صلبه قائما ولم يكن عليه أن يعود لركوع لأنه قد ركع ولو أدركه رجل بعد ما ركع وسقط راكعا باركا أو مضطجعا أو فيما بين ذلك لم يزل عن الركوع فركع معه لم يعتد بتلك الركعة لأنه راكع في حين لا يجزي فيه الركوع ألا ترى أنه لو ابتدأ الركوع في تلك الحال لم يراكعا لأن فرضه أن يركع قائما لا غير قائم ولو عاد فقام راكعا كما هو فأدركه رجل فركع معه في تلك الحال لم تجزه تلك الركعة لأنه قد خرج من الرجوع الأول حين زايل القيام واستأنف ركوعا غير الأول قبل سجوده وإذا كان الرجل إماما فسمع حس رجل خلفه لم يقم راكعا له ولا يحبسه في الصلاة شيء انتظارا لغيره ولا تكون صلاته كلها إلا خالصا لله عز وجل لا يريد بالمقام فيها شيئا إلا هو جل وعز.

ID ' ' الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

صفحة : 146

باب القول عند رفع الرأس من الركوع

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال ويقول الإمام والمأموم والمنفرد عند رفعهم رءوسهم من الركوع سمع الله لمن حمده فإذا فرغ منها قائلها أتبعها فقال ربنا ولك الحمد وإن شاء قال اللهم ربنا لك الحمد ولو قال لك الحمد ربنا اكتفى والقول الأول اقتداء بما أمر به رسول الله أحب إلي ولو قال من حمد الله سمع له لم أر عليه إعادة وأن يقول سمع الله لمن حمده أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن أبي رواد ومسلم بن خالد عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيدالله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب أن رسول الله كان إذا رفع رأسه من الركوع في الصلاة المكتوبة قال اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد وإن لم يزد على أن يركع ويرفع ولم يقل شيئا كرهت ذلك له ولا إعادة عليه ولا سجود سهو.

باب كيف القيام من الركوع

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن محمد بن عجلان عن علي بن يحيى عن رفاعة ابن رافع أن النبي قال لرجل فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك ومكن لركوعك فإذا رفعت فأقم صلبك وأرفع رأسك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها.

قال الشافعي: ولا يجزى مصليا قدر على أن يعتدل قائما إذا رفع رأسه من الركوع شيء دون أن يعتدل قائما إذا كان ممن يقدر على القيام وما كان من القيام دون الإعتداو لم يجزئه قال الشافعي: ولو رفع رأسه فشك أن يكون اعتدل ثم سجد أو طرحه شيء عاد فقام حتى يعتدل ولم يعتد بالسجود حتي يعتدل قائما قبله وإن لم يفعل لم يعتد بتلك الركعة من صلاة ولو ذهب ليعتدل فعرضت له علة تمنعه الاعتدال فسجد أجزأت عنه تلك الركعة من صلاته لأنه لم يكن ممن يقدر على الاعتدال وإن ذهبت العلة عنه قبل السجود فعليه أن يعود معتدلا لأنه لم يدع القيام كله بدخوله في عمل السجود الذي يمنعه حتى صار يقدر على الاعتدال وإن ذهبت العلة عنه بعدما يصير ساجدا لم يكن عليه ولا له أن يقوم إلا لما يستقبل من الركوع وإن فعل فعليه سجود السهو لأنه زاد في صلاته ما ليس عليه وإذا اعتدل قائما لم أحب له يتلبث حتى يقول ما

صفحة : 147

أحببت له القول ثم يهوى ساجدا أو يأخذ في التكبير فيهوى وهو فيه ويعد أن يصل إلى الأرض ساجدا مع انقضاء التكبير وإن أخر التكبير عن ذلك أو كبر معتدلا أو ترك التكبير كرهت ذلك له ولا إعادة ولا سجود للسهو عليه ولو أطال القيام بذكر الله عز وجل يدعوا وساهيا وهو لا ينوي به القنوت كرهت ذلك له ولا إعادة ولا سجود للسهو لأن القراءة من عمل الصلاة في غير هذا الموضع وهذا الموضع موضع ذكر غير قراءة فإن زاد فيه فلا يوجب عليه سهوا ولذلك لو أطال القيام ينوى به القنوت كان عليه سجود السهو لأن القنوت عمل معدود من عمل الصلاة فإذا عمله في غير موضعه أوجب عليه السهو.

أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: وأجب أن يبتديء التكبير قائما وينحط مكانه ساجدا ثم يكون أول ما ضع على الأرض منه ركبتيه ثم يديه ثم وجهه وإن وضع وجهه قبل يديه أو يديه قبل ركبتيه كرهت ذلك ولا إعادة ولا سجود سهو عليه ويسجد على سبع وجهه وكفيه وركبتيه وصدور قدميه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال أمر النبي أن يسجد منه على سبع يديه وركبتيه وأطراف أصابع قدميه وجبهته ونهى أن يكفت الشعر والثياب قال سفيان وزادنا فيه ابن طاوس فوضع يده على جبهته ثم أمرها على أنفه حتى بلغ طرف أنفه وكان أبي يعد هذا واحدا.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال أخبرنا عمرو بن دينار سمع طاوسا يحدث عن ابن عباس أن النبي أمر أن يسجد منه على سبع ونهى أن يكفت شعره أو ثيابه.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم ابن محمد عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن العباس ابن عبد المطلب أنه سمع النبي يقول إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب وجهه وكفاه وركبتاه قال الشافعي: وكمال فرض السجود وسنته أن يسجد علىجبهته وأنفه وراحتيه وركبتيه وقدميه وإن سجد على جبهته دون أنفه كرهت ذلك له وأجزأه لأن الجبهة موضع السجود.

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني إسحق بن عبد الله عن يحيي بن علي ابن خلاد عن أبيه عن عمه رفاعة أو عن رفاعة بن رافع بن مالك أن رسول

صفحة : 148

الله أمر رجلا إذا سجد أن يمكن وجهه من الأرض حتى تطمئن مفاصله ثم يكبر فيرفع رأسه ويكبر فيستوى قاعدا يثنى قدميه حتى يقيم صلبه ويخر ساجدا حتى يمكن وجهه بالأرض وتطمئن مفاصله فإذا لم يصنع هذا أحدكم لم تتم صلاته.

قال الشافعي: ولو سجد على بعض جبهته دون جميعها كرهت ذلك له ولم يكن عليه إعادة لأنه ساجد على جبهته ولو سجد على أنفه دون جبهته لم يجزه لأن الجبهة موضع السجود وإنما سجد والله أعلم على الأنف لاتصاله بها ومقاربته لمساويها ولو سجد على خده أو على صدغه لم يجزه السجود لأن الجبهة موضع السجود ولو سجد على رأسه ولم يمس شيئا من جبهته الأرض لم يجزه السجور وإن سجد على رأسه فماس شيئا من جبهته الأرض أجزأه السجود إن شاء الله تعالى ولو سجد على جبهته ودونها ثوب أو غيره لم يجزه السجود إلا أن يكون جريحا فيكون ذلك عذر أو لو سجد عليها وعليها ثوب متخرق فماس شيئا من جبهته على الأرض أجزأه ذلك لأنه ساجد وشيء من جبهته على الأرض وأحب أن يباشر راحتيه الأرض في البرد والحر فإن لم يفعل وسترهما من حر أو برد وسجد عليهما فلا إعادة ليه ولا سجود سهو.

قال الشافعي: ولا أحب هذا كله في ركبتيه بل أحب أن تكون ركبتاه مستترتين بالثياب ولا أحب أن يخفف عن ركبتيه من الثياب شيئا لأني لا أعلم أحدا أمر بالإفضاء بركبتيه إلى الأرض وأحب إذا لم يكن الرجل متخففا أن يفضى بقدميه إلى الأرض ولا يسجد منتعلا فتحول النعلان بين قدميه والأرض فإن أفضى بركبتيه إلى الأرض أو ستر قدميه من الأرض فلا شيء عليه لأنه قد يسجد منتعلا متخففا ولا يفضي بقدميه إلى الأرض.

قال الشافعي: وفي هذا قولان أحدهما أن يكون عليه أن يسجد على جميع أعضائه التي أمرته بالسجود عليه ويكون حكمها غير حكم الوجه في أن له أن يسجد عليها كلها متغطية فتجزيه لأن اسم السجود يقع عليها وإن كانت محولا دونها بشيء فمن قال هذا قال إن ترك جبهته فلم يوقعها الأرض وهو يقدر على إيقاعه الأرض فلم يسجد كما إذا ترك جبهته فلم يوقعها الأرض وهو يقدر على ذلك فلم يسجد وإن سجد علئ ظهر كفيه لم يجزه لأن السجود على بطونها وكذلك إن سجد على حروفها وإن ماس الأرض ببعض يديه أصابعهما أو بعضهما أو راحتيه أو قال الشافعي: وهذا مذهب يوافق الحديث والقول الثاني أنه إذا سجد على جبهته أو على

صفحة : 149

شيء منها دون ما سواها أجزأه لأنه إنما قصد بالسجود قصد الوجه تعبد الله تعالى وأن رسول الله قال سجد وجهى للذي خلقه وشق سمعه وبصره وأنه أمر بكشف الوجه ولم يأمر بكشف ركبة ولا قدم ولو أن رجلا هوى ليسجد فسقط على بعض جسده ثم انقلب على وجهه فماست جبهته الأرض لم يعتد بهذا السجود لأنه لم يرده ولو انقلب يريده فماست جبهته الأرض أجزأه السجود وهكذا لو هوى على وجهه لا يريد سجودا فوقع على جبهته لم يعتد بهذا له سجودا ولو هوى يريد السجود وكان على إرادته فلم يحدث إرادة غير إرادته السجود أجزأه السجود ولا يجزيه إذا سجد السجدة الأولى إلا أن يرفع رأسه ثم يستوي قاعدا حتى يعود كل عضو منه إلى مفصله ثم ينحط فيسجد الثانية فإن سجد الثانية قبل هذا لم يعدها سجدة لما وصفت من حديث رفاعة بن رافع وعليه في كل ركعة وسجدة من الصلاة ما وصفت وكذلك كل ركعة وقيام ذكرته في الصلاة فعليه فيه من الاعتدال والعفل ما وصفت.

باب التجافي في السجود

قال الشافعي: رحمه الله تعالى روى عبد الله بن أبي بكر عن عباس بن سهل عن أبي حميد بن سعد الساعدي أن رسول الله كان إذا سجد جافى بين يديه وروى صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة أن رسول الله كان إذا سجد يرى بياض إبطيه مما يجافى بدنه.

أخبرنا الربيع قا أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن داود بن قيس الفراء عن عبيدالله بن عبد الله بن أقرم الخزاعي عن أبيه قال رأيت رسول الله بالقاع من نمرة أو النمرة شك الربيع ساجدا فرأيت بياض إبطيه.

قال الشافعي: وهكذا أحب للساجد أن يكون متخويا والتخوية أن يرفع صدره عن فخذيه وأن يجافى مرفقيه وذراعيه عن جنبيه حتى إذا لم يكن عليه ما يستر تحت منكبيه رأيت عفرة إبطيه ولا يلصق إحدى ركبتيه بالأخرى ويجافى رجليه ويرفع ظهره ولا يحدودب ولكنه يرفعه كما وصفت غير أن يعمد رفع وسطه عن أصله وأعلاه.

قال الشافعي: وقد أدب الله تعالى النساء بالاستتار وأدبهن بذلك رسوله وأحب للمرأة في السجود أن تضم بعضها إلى بعض وتلصق بطنها بفخذيها وتسجد كأستر ما يكون لها وهكذا أحب لها في الركوع والجلوس وجميع الصلاة أن تكون فيها كأستر ما يكون لها

صفحة : 150

وأحب أن تكفت جلبابها وتجافيه راكعة وساجدة عليها لئلا تصفها ثيابها.

قال الشافعي: فكل ما وصفت اختيار لهما كيفما جاءا معا بالسجود والركوع أجزأهما إذا لم يكشف شيء منهما.

باب الذكر في السجود

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قا أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال كان النبي إذا سجد قال اللهم لك سجدت ولك أسلمت وبك آمنت أنت ربي سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيبنة عن سليمان بن سحيم عن إبراهيم بن عبد الله بن سعد عن أبيه عن ابن عباس أن رسول الله قال ألا إني نهيت أن أقرأ راكعا وساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم أخبرنا الربيع قال أخبرني الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال أقرب ما يكون العبد من الله عز وجل إذا كان ساجدا ألم تر إلى قوله عز ذكره واسجد واقترب يعني افعل واقرب قال الشافعي: ويشبه ما قال مجاهد والله تعالى أعلم ما قال وأحب أن يبدأ الرجل في السجود بأن يقول سبحان ربي الأعلى ثلاثا ثم يقول ما حكيت أن رسول الله كان يقوله في سجوده ويجتهد في الدعاء فيه رجاء الإجابة ما لم يكن إماما فيثقل على من خلفه أو مأموما فيخالف إمامه ويبلغ من هذا إماما ما لم يكن ثقلا ومأموما ما لم يخالف الإمام قال الشافعي: وإن ترك هذا تارك كرهته له ولا إعادة عليه ولا سجود سهو عليه والرجل والمرأة في الذكر والصلاة سواء ولكن آمرها بالاستتار دونه في الركوع والسجود بأن تضم بعضها إلى بعض وإذا أخذ الرجل في رفع رأسه من السجود ووضعه أخذ في التكبير وإذا أراد أن يسجد السجدة الثانية أخذ في التكبير وانحط فيكون منحطا للسجود مكبرا حتى يكون انقضاء تكبيره مع سجوده ثم إذا أراد القيام من السجدة الثانية كبر مع رفع رأسه حتى يكون انقضاء تكبيره مع قيامه وإذا أراد الجلوس

صفحة : 151

للتهشد قبل ذلك حذف التكبير حتى يكون انقضاؤه مع استوائه جالسا وإن ترك التكبير في الرفع والخفض والتسبيح والدعاء في السجود والقول الذي أمرته به عند رفع رأسه من السجود ترك فضلا ولا إعادة عليه ولا سهو عليه لأنه قد جاء بالركوع والسجود

والجلوس من الآخرة للقيام والجلوس

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني محمد بن عمرو بن حلحلة أنه سمع عباس ابن سهل الساعدي يخبر عن أبي حميد الساعدي قال كان رسول الله إذا جلس في السجدتين ثنى رجله اليسرى فجلس عليها ونصب قدمه اليمنى وإذا جلس في الأربع أماط رجليه عن وركه وأفضى بمقعدته الأرض ونصب وركه اليمنى أخبرنا أبراهيم بن محمد قال أخبرنا محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد عن النبي بمثله قال الشافعي: وبهذا كله نقول فنأمر كل مصل من الرجال والنساء أن يكون جلوسه في الصلوات ثلاث جلسات إذا رفع رأسه من السجود لم يرجع على عقبه وثنى رجله اليسرى وجلس عليها كما يجلس في التشهد الأول وإذا أردا القيام من السجود أو الجلوس اعتمد بيديه معا على الأرض ونهض ولا أحب أن ينهض بغير اعتماد فإنه يروى عن النبي ص أنه كان يعتمد على الأرض إذا أراد القيام قال الشافعي: وكذلك أحب إذا قام من التشهد ومن سجدة سجدها لسجود في القرآن وشكر وإذا أراد الجلوس في مثنى جلس على رجله اليسرى مثنية يماس ظهرها الأرض ونصب رجله اليمنى ثانيا أطراف أصابعها وبسط يده اليسرى على فخذه اليسرى وقبض أصابع يده اليمنى على فخذه اليمنى إلا المسبحة والإبهام وأشار بالمسبحة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن مسلم بن أبي مريم عن علي بن عبد الرحمن المعاوي قال رآني ابن عمر وأنا أعبث بالحصا فلما انصرف نهاني وقال اصنع كما كان رسول الله يصنع فقلت وكيف كان يصنع قال كان إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمني على فخذه اليمنى وقبض أصابعه كلها وأشار بأصبعه التي تلى الإبهام ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى وإذا جلس في الرابعة أخرج رجليه معا من تحته وأفضى بأليتيه

صفحة : 152

إلى الأرض وصنع بيديه كما صنع في الجلسة التي قبلها وإذا جلس في الصبح فلها جلسة واحدة وهي آخرة أولى فيجلسها الجلسة الأخيرة أولى وإن فاتته منها ركعة جلس مع الإمام فيها جلستين فجلس الأولى جلوس الأولى والآخرة جلوس الآخرة وإذا فاته منها ركعة وأكثر وجلس مع الإمام في الصلاة جلستين وأكثر جلس في كل واحدة منهن جلوس الأولى وجلس في الآخرة جلوس الآخرة وكيفما جلس عامدا عالما أو جاهلا أو ناسيا فلا إعادة عليه ولا سجود للسهو والاختيار له ما وصفت وإذا كانت به علة فاستطاع أن يقارب الجلوس الأول والثاني ما وصفت أحببت له مقاربته

باب القيام من الجلوس

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بعدالوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة قال جاءنا مالك بن الحويرث فصلى في مسجدنا وقال والله إني لأصلى وما أيد الصلاة ولكني أريد أن أريكم كيف رأيت رسول الله يصلي فذكر أنه يقوم من الركعة الأولى وإذا أراد أن ينهض قلت كيف قال مثل صلاتي هذه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب عن خالد الحذاء عن أبي قلابة مثله غير أنه قال وكان مالك إذا رفع رأسه من السجدة الآخرة في الركعة الأولى فاستوى قاعدا قام واعتمد على الأرض قال الشافعي: وبهذا نأخذ فنأمر من قام من سجود أو جلوس في الصلاة أن يعتمد على الأرض بيديه معا اتباعا للسنة فإن ذلك أشبه للتواضع وأعون للمصلى على الصلاة وأحرى أن لا ينقل ولا يكاد نيقلب وأي قيام قامه سوى هذا كرهته له ولا إعادة فيه عليه ولا سجود سهو لأن هذا كله هيئة في الصلاة وهكذا نقول في كل هيئة في الصلاة نأمر بها وننهى عن خلافها ولا نوجب سجود سهو ولا إعادة بما نهينا عنه منها وذلك مثل الجلوس والخشوع والإقبال على الصلاة والوقار فيها ولا نأمر من ترك من هذا شيئا بإعادة ولا سجود سهو

ID ' ' على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

صفحة : 153

باب التشهد والصلاة على النبي

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن حسان الليث بن سعد عن أبي الزبير المكي عن سعيد ابن جبير وطاوس عن ابن عباس قال كان رسول الله يعلمنا التشهد كما يعلمنا القرآن فكان يقول التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله قال الربيع وحدثناه يحيى بن حسان قال الشافعي: وبهذا نقول وقد رويت في لتشهد أحاديث مختلفة كلها فكان هذا أحبها إلي لأنه أكملها أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: فرض الله عز وجل الصلاة على رسوله فقال إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما قال الشافعي: فلم يكن فرض الصلاة عليه في موضع أولى منه في الصلاة ووجدنا الدلالة عن رسول الله بما وصفت من أن الصلاة على رسوله فرض في الصلاة والله تعالى أعلم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صفوان بن سليم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أنه قال يا رسول الله كيف نصلي عليك يعني في الصلاة قال قولوا اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم ثم تسلمون علي أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حذثني سعد بن إسحق بن كعب بن عجرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن النبي أنه كان يقول في الصلاة اللهم صلى علي محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد قال الشافعي: فلما روى أن رسول الله كان يعلمهم التشهد في الصلاة وروى أن رسول الله علمهم كيف يصلون عليه في الصلاة لم يجز والله تعالى أعلم أن نقول التشهد واجب والصلاة على النبي غير واجبة والخبر فيهما قال الشافعي: فعلى كل مسلم وجبت عليه الفرائض أن يتعلم التشهد والصلاة على النبي صلى

صفحة : 154

الله عليه وسلم ومن صلى صلاة لم يتشهد فيها ويصلى على النبي وهو يحسن التشهد فعليه إعادتها وإن تشهد ولم يصلى على النبي أو صلى على النبي وسلم ولم يتشهد فعليه الإعادة حتى يجمعهما جميعا وإن كان لا يحسنهما على وجههما أتى بما أحسن منهما ولم يجزه إلا بأن يأتي باسم تشهد وصلاة على النبي وإذا أحسنهما فأغفلهما أو عمد تركهما فسدت وعليه الإعادة فيهما جميعا والتشهد والصلاة على النبي في التشهد الأول في كل صلاة غير الصبح تشهدان تشهد أول وتشهد آخر إن ترك التشهد الأول والصلاة على النبي في التشهد الأول ساهيا لا إعادة عليه وعليه سجدتا السهو لتركه ومن ترك التشهد الآخر ساهيا أو عامدا فعليه إعادة الصلاة إلا أن يكون تركه إياه قريبا فيتشهد هذا كله واحد لا تجزي أحدا صلاة إلا به سها عنه أو عمده ويغني التشهد والصلاة على النبي في آخر الصلاة عن التشهد قبله ولا يكون على صاحبه إعادة ولا يغنى عنه ما كان قبله من التشهد ولو فاتته ركعة من المغرب وأدرك الإمام يتشهد في ثانية فتشهد معه ثم تشهد معه في ثالثة ثم تشهد لنفسه في الثالثة فكان قد تشهد في المغرب ثلاث مرات ثم ترك التشهد والصلاة على النبي في آخر صلاته لم يجزه ما مضى من التشهدين وإنما فرقت بين التشهدين أن النبي قام في الثانية فلم يجلس فسجد للسهو ولم يختلف أحد علمته أن التشهد الآخر الذي يخرج به من الصلاة مخالف للتشهد الأول في أن ليس لأحد قيام منه إلا الجلوس قال الشافعي: ولو لم يزد رجل في التشهد على أن يقول التحيات لله أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وصلى على رسول الله كرهت له ذلك ولم أر عليه إعادة لأنه قد جاء باسم تشهد وصلاة على النبي وسلم على رسول الله وعلى عباد الله والتشهد في الأولى والثانية لفظ واحد لا يختلف وكذلك من فاتته ركعة مع الإمام تشهد مع الإمام كما تشهد وإن كان موضع تركه من صلاته ولا يترك التشهد في حال وإذا أدرك الإمام جالسا تشهد بما قدر عليه وقام حين يقوم الإمام وإن سها عن التشهد مع الإمام في جميع تشهد الإمام وتشهد في آخر صلاته فلا إعادة عليه وكذلك لو ترك التشهد مع الإمام منفردا وتشهد في آخر صلاته أجزأته ومعنى قولي يجزئه التشهد بأن يجزئه التشهد والصلاة على النبي صلى الله

صفحة : 155

عليه وسلم لا يجزيه أحدهما دون الآخر وإن اقتصرت في بعض الحالات فذكرت التشهد منفردا ولو أدرك الصلاة مع الإمام فسها عن التشهد الآخر حتى سلم الإمام لم يسلم وتشهد هو فإن سلم مع الإمام ساهيا وخرج بعد مخرجه أعاد الصلاة وإن قرب دخل فكبر ثم جلس وتشهد وسجد للسهو وسلم

باب القيام من اثنتين

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن بن شهاب عن الأعرج عن عبد الله بن بحينة قال صلى بنا رسول الله ركعتين ثم قام فلم يجلس فقام الناس معه فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر فسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ثم سلم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن الأعرج عن عبد الله بن بحينة أنه قال إن رسول الله قام من اثنتين من الظهر لم يجلس فيهما فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم بعد ذلك قال الشافعي: فبهذا قلنا رذا ترك المصلى التشهد الأول لم يكن عليه إعادة وإذا أراد الرجل القيام من اثنتيت ثم ذكر جالسا تم على جلوسه ولا سجود للسهو عليه وإن ذكر بعد ما نهض عاد فجلس ما بينه وبين أن يستتم قائما وعليه سجود السهو فإن قام من الجلوس الآخر عاد فجلس فتشهد وسجد سجدتين للسهو وكذلك لو قام فانصرف فإن كان انصرف انصرافا قريبا قدر ما لو كان سها عن شيء من الصلاة أتمه وسجد للسهو رجع فتشهد التشهد وسجد للسهو وإن كان أبعد استأنف الصلاة ولو جلس مثنى ولم يتشهد سجد للسهو ولو جلس في الآخرة ولم يتشهد حتى يسلم وينصرف فيبعد أعاد الصلاة لأن الجلوس إنما هو للتشهد ولا يصنع الجلوس إذا لم يكن معه التشهد شيئا كما لو قام قدر القراءة ولم يقرأ لم يجزه القيام ولو تشهد التشهد الآخر وهو قائم أو راكع أو متقاصر غير جالس لم يجزه كما لو قرأ وهو جالس لم يجزه إذا كان ممن يطيق القيام وكل ما قلت لا يجزيء في التشهد فكذلك لا يجزيء في الصلاة على النبي ولا يجزيء التشهد من الصلاة على النبي ولا الصلاة على النبي من التشهد حتى يأتي بهما جميعا

ID ' ' ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

صفحة : 156

باب قدر الجلوس في الركعتين

الأوليين والأخريين والسلام في الصلاة

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال أخبرنا إسمعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن عامر بن سعد عن أبيه عن النبي أنه كان يسلم في الصلاة إذا فرغ منها عن يمينه وعن يسره أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن أبي عبيدة ابن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال كان رسول الله في الركعتين كأنه على الرضف قلت حتى يقوم قال داك يريد قال الشافعي: ففي هذا والله تعالى أعلم دليل على أن لا يزيد في الجلوس الأول على التشهد والصلاة على النبي وبذلك آمره فإن زاد كرهته ولا إعادة ولا سجود للسهو عليه قال وإذا وصف إخفافه في الركعتين الأوليين ففيه والله تعالى أعلم دليل على أنه كان يزيد في الركعتين الأخريين على قدر جلوسه في الأوليين فلذلك أحب لكل مصل أن يزيد على التشهد والصلاة على النبي ذكر الله وتحميده ودعاءه في الركعتين الأخيرتين وأرى أن تكون زيادته ذلك إن كان إماما في الركعتين الآخرتين أقل من قدر التشهد والصلاة على النبي فيه قليلا للتخفيف عمن خلفه قال وأرى أن يكون جلوسه إذا كان وحده أكثر من ذلك ولا أكره ما أطال ما لم يخرجه ذلك إلى سهو أو يخاف به سهوا وإن لم يزد في الركعتين الأخيرتين على التشهد والصلاة على النبي كرهت ذلك له ولا سجود للسهو ولا إعادة عليه قال وأرى في كل حال للامام أن يزيد التشهد والتسبيح والقراءة أو يزيد فيها شيئا بقدر ما يرى أن من وراءه ممن يثقل لسانه قد بلغ أن يؤدي ما عليه أو يزيد وكذلك أرى له في القراءة وفي الخفض والرفع أن يتمكن ليدركه الكبير والضعيف والثقيل وإن لم يفعل فجاء بما عليه بأخف الأشياء كرهت ذلك له ولا سجود للسهو ولا إعادة عليه

ID ' ' ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

صفحة : 157

باب السلام في الصلاة

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن عامر بن سعد عن أبيه عن النبي أنه كان يسلم في الصلاة إذا فرغ منها عن يمينه وعن يساره أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني غير واحد من أهل العلم عن إسماعيل بن عامر بن سعد عن أبيه عن النبي مثله أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن إسحاق ابن عبد الله عن عبد الوهاب بن بخت عن واثلة بن الأسقع عن النبي أنه كان يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا أبو علي أنه سمع عباس بن سهل يحدث عن أبيه أن النبي كان يسلم إذا فرغ من صلاته عن يمينه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن عمرو بن يحيى عن محمد بن يحيى عن عمه واسع بن حبان عن ابن عمر أن النبي كان يسلم عن يمينه ويساره أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن يحيى عن ابن حبان عن عمه واسع قال مرة عن عبد الله بن عمر ومرة عن عبد اله بن زيد أن النبي كان يسلم عن يمينه وعن يساره أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن مسعر بن كدام عن ابن القبطية عن جابر بن سمرة قال كنا مع رسول الله فإذا سلم قال أحدنا بيده عن يمينه وعن شماله السلام عليكم السلام عليكم وأشار بيده عن يمينه وعن شماله فقال النبي ما بالكم تومئون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس أو لا يكفي أو إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم عن يمينه وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله قال الشافعي: وبهذه الأحاديث كلها نأخذ فنأمر كل مصل أن يسلم تسليمتين إماما كان أو مأموما أو منفردا ونأمر المصلي خلف الإمام إذا لم يسلم الإمام تسليمتين أن يسلم هو تسليمتين ويقول في كل واحدة منهما السلام عليكم ورحمة الله ونأمر الإمام أن ينوي بذلك من عن يمينه في

صفحة : 158

التسليمة الأولى وفي التسليمة الثانية من عن يساره ونأمر بذلك المأموم وينوي الإمام في أي الناحيتين كان وإن كان بحذاء الإمام نواه في الأولى التي عن يمينه وإن نواه في الآخرة لم يضره وإن عزبت عن الإمام أو المأموم النية وسلما السلام عليكم على الحفظة والناس وسلما لقطع الصلاة فلا يعيد واحد منهما سلاما ولا صلاة ولا يوجد ذلك عليه سجود سهو وإن اقتصر رجل على تسليمة فلا إعادة عليه وأقل ما يكفيه من تسليمه أن يقول السلام عليكم فإن نقص من هذا حرفا عاد فسلم وإن لم يفعل حتى قام عاد فسجد للسهو ثم سلم وإن بدأ فقال عليكم السلام كرهت ذلك له ولا إعادة في الصلاة عليه لأنه ذكر الله وإن ذكر الله عز وجل لا يقطع الصلاة

الكلام في الصلاة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان بن عيينة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن عبد الله قال كنا نسلم على رسول الله وهو في الصلاة قبل أن نأتى أرض الحبشة فيرد علينا وهو في الصلاة فلما رجعنا من أرض الحبشة أتيته لأسلم عليه فوجدته يصلى فسلمت عليه فلم يرد علي فأخذني ما قرب وما بعد فجلست حتى إذا قضى صلاته أتيته فقال إن الله يحدث من أمره ما يشاء وإن مما أحدث الله عز وجل أن لا تتكلموا في الصلاة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله انصرف من اثنتين فقال له ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله فقال رسول الله أصدق ذو اليدين فقال الناس نعم فقام رسول الله فصلى اثنتين آخرتين ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد قال سمعت أبا هريرة يقول صلى لنا رسول الله صلاة العصر فسلم من ركعتين فقال ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله فأقبل رسول الله على الناس فقال أصدق ذو اليدين فقالوا نعم فأتم رسول الله ما بقى من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين قال سلم النبي في ثلاث ركعات

صفحة : 159

من العصر ثم قام فدخل الحجرة فقام الخرباق رجل بسيط اليدين فنادي يا رسول الله أقصرت الصلاة فخرج مغضبا يجر رداءه فسأل فأخبر فصلى تلك الركعة التي كان ترك ثم سلم ثم سجد قال الشافعي: فبهذا كله نأخذ فنقول إن حتما أن لا يعمد أحد للكلام في الصلاة وهو ذاكر لأنه فيها فإن فعل انتقضت صلاته وكان عليه أن يستأنف صلاة غيرها لحديث ابن مسعود على النبي ثم ما لم أعلم فيه مخالفا ممن لقيت من أهل العلم قال الشافعي: ومن تكلم في الصلاة وهو يرى أنه قد أكملها أو نسى أنه في صلاة فتكلم فيها بنى على صلاته وسجد للسهو ولحديث ذي اليدين وأن من تكلم في هذه الحال فإنما تكلم وهو يرى أنه في غيره صلاة والكلام في غير الصلاة مباح وليس يخالف حديث ابن مسعود حديث ذي اليدين وحديث ابن مسعود في الكلام جملة ودل حديث ذي اليدين على أن رسول الله فرق بين كلام العامد والناسي لأنه في صلاة أو المتكلم وهو يرى أنه قد أكمل الصلاة

الخلاف في الكلام في الصلاة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى فخالفنا بعض الناس في الكلام في الصلاة وجمع علينا فيها حججا ما جمعها علينا في شيء غيره إلا في اليمين مع الشاهد ومسألتين أخريين قال الشافعي: فسمعته يقول حديث ذي اليدين حديث ثابت عن رسول الله لم يرو عن رسول الله شيء قط أشهر منه ومن حديث العجماء جبار وهو أثبت من حديث العجماء جبار ولكن حديث ذي اليدين منسوخ فقلت ما نسخه قال حديث ابن مسعود ثم ذكر الحديث الذي بدأت به الذي فيه إن الله عز وجل يحدث من أمره ما يشاء وإن مما أحدث الله أن لا تتكلموا في الصلاة قال الشافعي: فقلت له والناسخ إذا اختلف الحديثان الآخر منهما قال نعم فقلت له أو لست تحفظ في حديث ابن مسعود هذا أن ابن مسعود مر على النبي بمكة قال فوجدته يصلى في فناء الكعبة وأن ابن مسعود هاجر إلى أرض الحبشة ثم رجع إلى مكة ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدرا قال بلى قال الشافعي: فقلت له فإذا كان مقدم ابن مسعود على النبي بمكة قبل هجرة النبي ثم كان عمران ابن حصين يروى أن النبي

صفحة : 160

أتى جذعا في مؤخر مسجده أليس تعلم أن النبي لم يصل في مسجده إلا بعد هجرته من مكة قال بلى قلت فحديث عمران بن حصين يدلك على أن حديث ابن مسعود ليس بناسخ لحديث ذي اليدين وأبو هريرة يقول صلى بنا رسول الله قال فلا أدرى ما صحبة أبي هريرة فقلت له قد بدأنا بما فيه الكفاية من حديث عمران الذي لا يشكل عليك وأبو هريرة إنما صحب رسول الله بخيبر وقال أبو هريرة صحبت النبي بالمدينة ثلاث سنين أو أربعا قال الربيع أنا شككت وقد أقام النبي بالمدينة سنين سوى ما أقام بمكة بعد مقدم ابن مسعود وقبل أن يصحبه أبو هريرة أفيجوز أن يكون حديث ابن مسعود ناسخا لما بعده قال لا قال الشافعي: وقلت له ولو كان حديث ابن مسعود مخالفا حديث أبي هريرة وعمران بن الحصين كما قلت وكان عمد الكلام وأنت تعلم أنك في صلاة كهو إذا تكلمت وأنت ترى أنك أكملت الصلاة أو نسيت الصلاة كان حديث ابن مسعود منسوخا وكان الكلام في الصلاة مباحا ولكنه ليس بناسخ ولا منسوخ ولكن وجهه ما ذكرت من أنه لا يجوز الكلام في الصلاة على الذكر أن المتكلم في الصلاة وإذا كان هكذا تفسد الصلاة وإذا كان النسيان والسهو وتكلم وهو يرى أن الكلام مباح بأن يرى أن قد قضى الصلاة أو نسى أنه فيها لم تفسد الصلاة قال محمد بن إدريس فقال وأنتم تروون أن ذا اليدين قتل ببدر قلت فاجعل هذا كيف شئت أليست صلة النبي بالمدينة في حديث عمران بن الحصين والمدينة إنما كانت بعد حديث ابن مسعود بمكة قال بلى قلت وليست لك إذا كان كما أردت فيه حجة لما وصفت وقد كانت بدر بعد مقدم النبي المدينة بستة عشر شهرا قال أفذو اليدين الذي رويتم عنه المقتول ببدر قلت لا عمران يسميه الخرباق ويقول قصير اليدين أو مديد اليدين والمقتول ببدر ذو الشمالين ولو كان كلاهما ذو اليدين كان اسما يشبه أن يكون وافق اسما كما تتفق الأسماء قال الشافعي: فقال بعض من يذهب مذهبه فلنا حجة أخرى قلنا وما هي قال إن معاوية بن الحكم حكى أنه تكلم في الصلاة فقال رسول الله إن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام بني آدم قال الشافعي: فقلت له فهذا عليك ولا لك إنما يروى مثل قول ابن مسعود سواء والوجه فيه ما

صفحة : 161

ذكرت قال فإن قلت هو خلافه قلت فليس ذلك لك ونكلمك عليه فإن كان أمر معاوية قبل أمر ذي اليدين فهو منسوخ ويلزمك في قولك أن يصلح الكلام في الصلاة كما يصلح في غيرها وإن كان معه أو بعده فقد تكلم فيما حكيت وهو جاهل بأن الكلام غير محرم في الصلاة ولم يحك أن النبي أمره بإعادة الصلاة فهو في مثل معنى حديث ذي اليدين أو أكثر لأنه تكلم عامدا للكلام في حديثه إلا أنه حكى أنه تكلم وهو جاهل أن الكلام لا يكون محرما في الصلاة قال هذا في حديثه كما ذكرت قلت فهو عليك إن كان على ما ذكرته وليس لك إن كان كما قلنا قال فما تقول قلت أقول إنه مثل حديث ابن مسعود وغير مخالف حديث ذي اليدين قال محمد بن إدريس فقال فإنكم خالفتم حين فرعتم حديث ذي اليدين قلت فخالفناه في الأصل قال لا ولكن في الفرع قلت فأنت خالفته في نصه ومن خالف النص عندك أسوأ حالا ممن ضعف نظره فأخطأ التفريع قال نعم وكل غير معذور قال محمد فقلت له فأنت خالفت أصله وفرعه ولم نخالف نحن من فرعه ولا من أصله حرفا واحدا فعليك ما عليك في خلافه وفيما قلت من أنا خالفنا منه ما لم نخالفه قال فأسألك حتى أعلم أخالفته أم لا قلت فسل قال ما تقول في إمام انصرف من اثنتين فقال له بعض من صلى معه قد انصرفت من اثنتين فسأل آخرين فقالوا صدق قلت أما المأموم الذي أخبره والذين شهدوا أنه صدق وهم على ذكر من أنه لم يقض صلاته فصلاتهم فاسدة قال فأنت رويت أن النبي قضى وتقول قد قضى معه من حضر وإن لم تذكره في الحديث قلت أجل قال فقد خالفته قلت لا ولكن حال إمامنا مفارقة حال رسول الله قال فأين افتراق حاليهما في الصلاة والإمامة قال محمد بن إدريس فقلت له إن الله جل وعز كان ينزل فرائضه على رسوله فرضا بعد فرض فيفرض عليه ما لم يكن فرضه عليه ويخفف بعض فرضه قال أجل قلت ولا نشك نحن ولا أنت ولا مسلم أن رسول الله لم ينصرف إلا وهو يرى أن قد أكمل الصلاة قال أجل قلت فلما فعل لم يدر ذو اليدين أقصرت الصلاة بحادث من الله عز وجل أم نسى النبي وكان ذلك بينا في مسألته إذ قال أقصرت الصلاة أم نسيت قال أجل قلت ولم يقبل النبي من ذي اليدين إذ سأل غيره قال أجل قال ولما سأل غيره احتمل أن يكون سأل من لم يسمع كلامه فيكون مثله واحتمل أن يكون سأل

صفحة : 162

من سمع كلامه ولم يسمع النبي رد عليه فلما لم يسمع النبي رد عليه كان في معنى ذي اليدين من أنه لم يستدل للنبي بقول ولم يدر أقصرت الصلاة أم نسى النبي فأجابه ومعناه معنى ذي اليدين من أن الفرض عليهم جوابه ألا ترى أن النبي لما أخبروه فقبل قولهم ولم يتكلم ولم يتكلموا حتى بنوا على صلاتهم قال الشافعي: ولما قبض الله عز وجل رسوله تناهت فرائضه فلا يزاد فيها ولا ينقص منها أبدا قال نعم قال الشافعي: فقلت هذا فرق بيننا وبينه فقال من حضره هذا فرق بين لا يرده عالم لبيانه ووضوحه قال الشافعي: فقال إن من أصحابكم من قال ما تكلم به الرجل في أمر الصلاة لم يفسد صلاته قال الشافعي: وقال قد كلمت غير واحد من أصحابك فما احتج بهذا ولقد قال العمل على هذا قال محمد بن إدريس فقلت له قد أعلمتك أن العمل ليس له معنى ولا حجة لك علينا بقول غيرنا قال أجل فقلت فدع ما لا حجة لك فيه قال محمد بن إدريس وقلت له لقد أخطأت في خلافك حديث ذي اليدين مع ثبوته وظلمت نفسك بأنك زعمت أنا ومن قال به نحل الكلام والجماع والغناء في الصلاة وما أحللنا ولا هم من هذا شيئا قط وقد زعمت أن المصلى إذا سلم قبل أن تكمل الصلاة وهو ذاكر لأنه لم يكملها فسدت صلاته لأن السلام زعمت في غير موضعه كلام وإن سلم وهو يرى أنه قد أكمل بنى فلو لم يكن عليك حجة إلا هذا كفى بها عليك حجة ونحمد الله على عيبكم خلاف الحديث وكثرة خلافكم له

ID ' ' غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

صفحة : 163

باب كلام الإمام وجلوسه بعد السلام

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب قال أخبرتني هند بنت الحرث ابن عبد الله بن أبي ربيعة عن أم سلمة زوج النبي قالت كان رسول الله إذا سلم من صلاته قام النساء حين يقضي تسليمه ومكث النبي في مكانه يسيرا قال ابن شهاب فنرى مكثه ذلك والله أعلم لكي ينفذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي معبد عن ابن عباس قال كنت أعرف انقضاء صلاة رسول الله بالتكبير قال عمرو بن دينار ثم ذكرته لأبي معبد بعد فقال لم أحدثكه قال عمرو قد حدثتنيه قال وكان من أصدق موالى ابن عباس قال الشافعي: كأنه نسيه بعد ما حدثه إياه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم ابن محمد قال حدثني موسى بن عقبة عن أبي الزبير أنه سمع عبد الله بن الزبير يقول كان رسول الله إذا سلم من صلاته يقول بصوته الأعلى لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ولا حول ولا قوة إلا بالله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون قال الشافعي: وهذا من المباح للامام وغير المأموم قال وأي إمام ذكر الله بما وصفت جهرا أو سرا أو بغيره فحسن وأختار للامام والمأموم أن يذكر الله بعد الانصراف من الصلاة ويخفيان الذكر إلا أن يكون إماما يجب أن يتعلم منه فيجهر حتى يرى أنه قد تعلم منه ثم يسر فإن الله عزو وجل يقول ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها يعنى والله تعالى أعلم الدعاء ولا تجهر ترفع ولا تخافت حتى لا تسمع نفسك وأحسب ما روى ابن الزبير من تهليل النبي وما روى ابن عباس من تكبيره كما رويناه قال الشافعي: وأحسبه إنما جهر قليلا ليتعلم الناس منه وذلك لأن عامة الروايات التي كتبناها مع هذا وغيرها ليس يذكر فيها بعد التسليم تهليل ولا تكبير وقد يذكر أنه ذكر بعد الصلاة بما وصفت ويذكر انصرافه بلا ذكر وذكرت أم سلمة مكثه ولم يذكر جهرا وأحسبه لم يمكث إلا

صفحة : 164

ليذكر ذكرا غير جهر فإن قال قائل ومثل ماذا قلت مثل أنه صلى على المنبر يكون قيامه وركوعه عليه وتقهقر حتى يسجد على الأرض وأكثر عمره لم يصل عليه ولكنه فيما أرى أحب أن يعلم من لم يكن يراه ممن بعد عنه كيف القيام والركوع والرفع يعلمهم أن في ذلك كله سعة وأستحب أن يذكر الإمام الله شيئا في مجلسه قدر ما يتقدم من انصرف من النساء قليلا كما قالت أم سلمة ثم يقوم وإن قام قبل ذلك أو جلس أطول من ذلك فلا شيء عليه وللمأموم أن ينصرف إذا قضى الإمام السلام قبل قيام الإمام وأن يؤخر ذلك حتى ينصرف بعد انصراف الإمام أو معه أحب إلي له وأستحب للمصلى منفردا وللمأموم أن يطيل الذكر بعد الصلاة ويكثر الدعاء رجاء الإجابة بعد المكتوبة

باب انصراف المصلي إماما أو غير إمام عن يمينه وشماله

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان ابن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن أبي الأوبر الحارثي قال سمعت أبا هريرة يقول كان النبي ينحرف من الصلاة عن يمينه وعن يساره أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن سليمان بن مهران عن عمارة عن الأسود عن عبد الله قال لا يجعلن أحدكم للشيطان من صلاته جزءا يرى أن حقا عليه أن لا ينفتل إلا عن يمينه فلقد رأيت رسول الله أكثر ما ينصرف عن يساره قال الشافعي: فإذا قام المصلى من صلاته إماما أو غير إمام فلينصرف حيث أراد إن كان حيث يريد يمينا أو يسارا أو مواجهة وجهه أو من ورائه انصرف كيف أراد لا اختيار في ذلك أعلمه لما روى أن النبي كان ينصرف عن يمينه وعن يساره وإن لم يكن له حاجة في ناحية وكان يتوجه ما شاء أحببت له أن يكون توجهه عن يمينه لما كان النبي يحب التيامن غير مضيق عليه في شيء من ذلك ولا أن ينصرف حيث ليست له حاجة أين كان انصرافه

ID ' ' أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

صفحة : 165

باب سجود السهو وليس في التراجم وفيه نصوص

فمنها في باب القيام من الجلوس نص على أنه لا يسجد للسهو بترك الهيآت فقال لما ذكر أن السنة لمن قام من جلوسه أن يعتمد على الأرض بيديه وأي قيام قامه سوى هذا كرهته له ولا إعادة فيه عليه ولا سجود سهو لأن هذا كله هيئة في الصلاة وهكذا نقول في كل هيئة في الصلاة نأمر بها وننهى عن خلافها ولا نوجب سجود سهو ولا إعادة بما نهينا عنه منها وذلك مثل الجلوس والخشوع والإقبال على الصلاة والوقار فيها ولا نأمر من ترك من هذا شيئا بإعادة ولا سجود سهو وكرر ذلك في أبواب الصلاة كثيرا مما سبق ومنها نصه في باب التشهد والصلاة على النبي فقال من ترك التشهد الأول والصلاة على النبي في التشهد الأول ساهيا فلا إعادة عليه وعليه سجدتا السهو لتركه قال الشافعي: وإنما فرقت بين التشهدين أن النبي قام في الثانية فلم يجلس فسجد للسهو ولم يختلف أحد علمته أن التشهد الآخر الذي يخرج به من الصلاة مخالف للتشهد الأول في أن ليس لأحد قيام منه إلا بالجلوس ومنها نصه في آخر الترجمة المذكورة الدال على أن من ارتكب منهيا عنه يبطل عمده الصلاة فإنه يسجد إذا فعله سهوا ولم تبطل الصلاة بسهوه فقال ولو أدرك الصلاة مع الإمام فسها عن التشهد الآخر حتى سلم الإمام لم يسلم وتشهد هو فإن سلم مع الإمام ساهيا وخرج وبعد مخرجه أعاد الصلاة وإن قرب دخل فكبر ثم جلس وتشهد وسجد للسهو وسلم ومنها ما ذكره في القيام من اثنتين وهو مذكور قبل هذه الترجمة بأربع تراجم فنقلناه إلى هنا وفيه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن عبد الله ابن بحينة أنه قال إن رسول الله قام من اثنتين من الظهر لم يجلس فيهما فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم بعد ذلك قال الشافعي: فبهذا قلنا إذا ترك المصلى التشهد الأول لم يكن عليه إعادة وكذا إذا أراد الرجل القيام من اثنتين ثم ذكر جالسا تم على جلوسه ولا سجود للسهو عليه وإن ذكر بعد ما نهض عاد فجلس ما بينه وبين أن يستتم قائما وعليه سجود السهو فإن قام من الجلوس الآخر عاد فجلس للتشهد وسجد سجدتين للسهو وكذلك لو قام فانصرف فإن كان انصرف انصرافا قريبا قدر ما لو كان سها عن شيء من الصلاة أتمه وسجد رجع فتشهد التشهد وسجد للسهو وإن كان أبعد

صفحة : 166

استأنف الصلاة أو جلس فنسى ولم يتشهد سجد للسهو ولو جلس في الآخرة ولم يتشهد حتى يسلم وينصرف ويبعد أعاد الصلاة لأن الجلوس إنما هو للتشهد ولا يصنع الجلوس إذا لم يكن معه التشهد شيئا كما لو قام قدر القراءة ولم يقرأ لم يجزه القيام ولو تشهد التشهد الآخر وهو قائم أو راكع أو متقاصر غير جالس لم يجزه كما لو قرأ وهو جالس لم يجزه إذا كان ممن يطيق القيام وكل ما قلت لا يجزيء في التشهد فكذلك لا يجزيء في الصلاة على النبي ولا يجزيء التشهد من الصلاة عن النبي ولا الصلاة على النبي من التشهد حتى يأتى بهما جميعا ومن النصوص المتعلقة بسجود السهو ما سبق في باب كيف القيام من الركوع وهو قول الشافعي رحمه الله وإن ذهبت العلة عنه بعد ما يصير ساجدا لم يكن عليه ولا له أن يقوم إلا لما يستقبل من الركوع فإن فعل فعليه سجود السهو لأنه زاد في الصلاة ما ليس عليه وإذا اعتدل قائما لم أحب له يتلبث حتى يقول ما أحببت له القول ثم يهوى ساجدا أو يأخذ في التكبير فيهوى وهو فيه وبعد أن يصل الأرض ساجدا مع انقضاء التكبير وإن أخر التكبير عن ذلك أو كبر معتدلا أو ترك التكبير كرهت ذلك له ولا إعادة ولا سجود للسهو عليه ولو أطال القيام بذكر الله عز وجل يدعو أو ساهيا وهو لا ينوى به القنوت كرهت ذلك له ولا إعادة ولا سجود للسهو لأن القراءة من عمل الصلاة في غير هذا الموضع وهذا موضع ذكر غير قراءة فإن زاد فيه فلا نوجب عليه سهوا وكذلك لو أطال القيام ينوى به القنوت كان عليه سجود السهو لأن القنوت عمل معدود من عمل الصلاة فإذا عمله في غير موضعه أوجب عليه السهو وفي مختصر المزني نصوص في سجود السهو لم نرها في الأم قال المزني قال الشافعي: رحمه الله تعالى ومن شك في صلاته فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فعليه أن يبنى على ما استيقن وكذلك قال رسول فإذا فرغ من صلاته بعد التشهد سجد سجدتي السهو قبل السلام واحتج في ذلك بحديث أبي سعيد الخدري عن النبي وبحديث ابن بحينة أنه سجد قبل السلام في جمع الجوامع قال الشافعي: سجود السهو كله عندنا في الزيادة والنقصان قبل السلام وهو الناسخ والآخر من الأمرين ولعل مالكا لم يعلم الناسخ والمنسوخ من هذا وقاله في القديم فمن سجد قبل السلام أجزأه التشهد الأول ولو سجد للسهو بعد السلام تشهد ثم سلم هذا نقل جمع الجوامع ثم ذكر رواية البويطي ونحن نذكرها مع غيرها في مختصر البويطي وكل سهو في الصلاة نقصا كان أو

صفحة : 167

زيادة سهوا واحدا كان أم اثنين أم ثلاثة فسجدتا السهو تجزي من ذلك كله قبل السلام وفيهما تشهد وسلام وقد روى عن رسول الله أنه قام من اثنتين فسجد قبل السلام وهذا نقصان وقد روى عن رسول الله إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى فليبن على ما استيقن وليسجد سجدتين قبل السلام وهذا زيادة وقال في ترجمة بعد ذلك ومن لم يدر كم صلى واحدة أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا فليبين على يقينه ثم يسجد سجدتين قبل السلام ولسجدتي السهو تشهد وسلام وما ذكره البويطي من التشهد لسجدتي السهو أنهما قبل السلام ظاهره أنه يسجد سجدتي السهو قبل ثم يتشهد ثم يسلم ولم أر أحدا من الأصحاب ذكر هذا إلا فيما إذا سجد بعد السلام في صوره المعروفة فإن حمل كلام البويطي على صوره بعد السلام كان ممكنا وفي آخر سجود السهو من مختصر المزني سمعت الشافعي يقول إذا كانت سجدتا السهو بعد السلام تشهد لهما وإذا كانتا قبل السلام أجزأه التشهد الأول وقد سبق عن القديم مثل هذا وحكى الشيخ أبو حامد ما ذكره المزني وأنه في القديم وقال أنه أجمع أصحاب الشافعي أنه إذا سجد بعد السلام للسهو تشهد ثم سلم وقال الماوردي إنه مذهب الشافعي وجماعة أصحابه الفقهاء قال وقال بعض أصحابنا إن كان يرى سجود السهو بعد السلام تشهد وسلم بل يسجد سجدتين لا غير قال الماوردي وهذا غير صحيح لرواية عمران بن الحصين رضي الله عنه أن رسول الله قام من ثلاث من العصر ناسيا حتى أخبره الخرباق فصلى ما بقى وسلم وسجد سجدتين وتشهد ثم سلم وما ذكره الماوردي من حديث عمران بن الحصين بهذه السياقة غريب وإنما جاءت عنه رواية تفرد بها أشعث بن عبد الملك الحمراني عن محمد بن سيرين عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين أن النبي صلى بهم فسها فسجد سجدتين ثم تشهد بعد ثم سلم روى ذلك أبو داود والترمذي والنسائي وقال الترمذي حديث حسن غريب وما حسنه الترمذي يقتضى أنه لا فرق بين أن يكون سجود السهو قبل السلام أو بعده فيحتج به لما ذكره البويطى لما سبق وقلنا إنه غريب لم نر أحدا من الأصحاب قال به والذي صححه جمع من الأصحاب أن الذي يسجد بعد السلام لا يتشهد أيضا والمذهب المعتمد ما تقدم في نقل المزني والقديم وقطع به الشيخ أو حامد وجرى عليه غيره وفي مختصر المزني في باب سجود السهو وإن ذكر أنه في الخامسة سجد أو لم يسجد قعد في الرابعة أو لم

صفحة : 168

يقعد فإنه يجلس في الرابعة ويتشهد ويسجد للسهو وإن ذكر في الثانية أنه ناس لسجدة من الأولى بعد ما اعتدل قائما فإنه يسجد للأولى حتى تتم قبل الثانية وإن ذكر بعد أن يفرغ من الثانية أنه ناس لسجدة من الأولى كان عمله في الثانية كلا عمل فإذا سجد فيها كانت من حكم الأولى وتمت الأولى بهذه السجدة وسقطت الثانية فإن ذكر في الرابعة أنه نسي سجدة من كل ركعة فإن الأولى صحيحة إلا سجدة وعمله في الثانية كلا عمل فلما سجد فيها سجدة كانت من حكم الأولى وتمت الأولى وبطلت الثانية وكانت الثالثة ثانية فلما قام في ثالثة قبل أن يتم الثانية التي كانت عنده ثالثة كان عمله كلا عمل فلما سجد فيها سجدة كانت من حكم الثانية فتمت الثانية وبطلت الثالثة التي كانت رابعة عنده ثم يقوم فيبنى ركعتين ويسجد للسهو بعد التشهد وقبل التسليم وعلى هذا الباب كله وقياسه وإن شك هل سها أم لا فلا سهو عليه وإن استيقن السهو ثم شك هل سجد للسهو أم لا سجدهما وإن شك هل سجد سجدة أو سجدتين سجد أخرى وإن سها سهوين أو أكثر فليس عليه إلا سجدتا السهو وإذا ذكر سجدتي السهو بعد أن يسلم فإن كان قريبا أعداهما وسلم وإن تطاول لم يعد ومن سها خلف إمامه فلا سجود عليه وإن سها إمامه سجد معه فإن لم يسجد إمامه سجد من خلفه بأن كان قد سبقه إمامه ببعض صلاته سجدهما بعد القضاء اتباعا لإمامه لا لما يبقى من صلاتهقال الشافعي: السهو في الصلاة يكون من وجهين أحدهما أن يدع ما عليه من عمل الصلاة وذلك مثل أن يقوم في مثنى فلا يجلس أو مثل أن ينصرف قبل أن يكمل وما أشبهه والآخر أن يعمل في الصلاة ما ليس عليه وهو أن يركع ركعتين قبل أن يسجد أو يسجد أكثر من سجدتين ويجلس حيث له أن يقوم أو يسجد قبل أن يركع وإن ترك القنوت في الفجر سجد للسهو لأنه من عمل الصلاة وقد تركه في وإن تركه الوتر لم يجب عليه إلا في النصف الآخر من شهر رمضان فإنه إن تركه سجد للسهو والسهو في الفريضة والنافلة سواء وعلى الرجل والمرأة والمصلى والجماعة والمنفرد سواء وهذا قال الشافعي: وأرى والله أعلم أن ما كان يعمله ساهيا وجب عليه سجدتا السهو إذا كان مما لا ينقض الصلاة فإذا فعله عامدا سجد فيه وإن تطوع ركعتين ثم وصل الصلاة حتى تكون أربعا أو أكثر سجد للسهو وإن فعلها ولم يسجد حتى دخل في صلاة أخرى فلا يسجدهما قاله في القديم كذا في جمع الجوامع فإن كان المراد أنه سلم وتطاول الفصل فكذلك في الجديد أيضا ومن أدرك سجدتي السهو مع الإمام سجدهما فإن كان مسافرا والإمام مقيم صلى أربعا وإن

صفحة : 169

أدرك أحدهما سجد ولم يقض الآخر وبنى على صلاة الإمام وإن كان الإمام مسافرا فسها سجدوا معه ثم قضوا ما بقى عليهم ومن سها عن سجدتي السهو حتى يقوم من مجلسه أو عمد تركهما ففيه قولان أحدهما يسجد متى ذكرهما والآخر لا يعود لهما قاله في القديم قاله في جمع الجوامع وهذا الثاني إن كان مع طول الفصل أو كان قد سلم عامدا فإنه لا يعود إلى السجود في الصورتين على الجديد وفي رواية البويطي وإن تركوا سجود السهو عامدين أو جاهلين لم يبن أن يكون عليهم إعادة الصلاة وأحب أن كانوا قريبا عادوا لسجدتي السهو وإن تطاولت فليس عليهم وإعادة التطاول عنده ما لم يخرج من المسجد ويكون قدر كلام النبي ومسألته وإن أحدث الإمام بعد التسليم وقبل سجدتي السهو فكالصلاة إن تقارب رجوعه أشار إليهم أن امكثوا ويتوضأ ويسجد للسهو وإن لم يتقارب أشار إليهم ليسجدوا قاله في القديم ومن شك في السهو فلا سجود عليه هذا كله نقل جمع الجوامع وفيه في باب الشك في الصلاة وما يلغى منها وما يجب عن الشافعي فإن نسى أربع سجدات لا يدرى من أيتهن هن نزلناها على الأشد فجعلناه ناسيا السجدة من الأولي وسجدتين من الثانية وتمت الثالثة ونسى من الرابعة سجدة فأضف إلى الأولى من الثالثة سجدة فتمت له ركعة وبطلت السجدة التي بقيت من الثالثة ونضيف إلى الرابعة سجدة يسجدها فكأنه تم له ثانية ويأتى بركعتين بسجودهما وسجود السهو

ID ' ' خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

صفحة : 170

باب سجود التلاوة والشكر

وقد ترجم سجود القرآن في اختلاف علي وابن مسعود رضى الله عنهما وفي اختلاف الحديث وفي اختلاف مالك والشافعي رحمهما الله تعالى مرتين أما الأول ففيه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي هشيم عن شعبة عن عاصم عن زر عن علي رضي الله عنه قال عزائم السجود ألم تنزيل والنجم واقرأ باسم ربك الذي خلق ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول في القرآن عدد سجود مثل هذه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي هشيم عن أبي عبد الله الجعفي عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه قال كان يسجد في الحج سجدتين وبهذا نقول وهذا قول العامة قبلنا ويروى عن عمر وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم وهم ينكرون السجدة الآخرة في الحج وهذا الحديث عن علي رضي الله عنه يخالفونه أخبرنا الربيع قال الشافعي: قال أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن محمد بن قيس عن أبي موسى أن عليا رضي الله عنه لما رمى بالمجدح خر ساجدا ونحن نقول لا بأس بسجدة الشكر ونستحبها ويروى عن النبي أنه سجدها وعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وهم ينكرونها ويكرهونها ونحن نقول لا بأس بالسجدة لله تعالى في الشكر وأما الثاني وهو الذي في اختلاف الحديث ففيه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن الحرث بن عبد الرحمن عن محمد بن عبد الرحمن عن ثوبان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قرأ بالنجم فسجد وسجد الناس معه إلا رجلين قال أراد الشهرة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن يزيد عن عبد الله ابن قسيط عن عطاء بن يسار عن زيد بن ثابت أنه قرأ عند رسول الله بالنجم فلم يسجد فيها قال الشافعي: وفي هذيه الحديثين دليل على أن سجود القرآن ليس بحتم ولكنا نحب أن لا يترك قال الشافعي: وفي النجم سجدة ولا أحب أن يدع شيئا من سجود القرآن وإن تركه كرهته له وليس عليه قضاؤه لأنه ليس بفرض فإن قال قائل ما دل على أنه ليس بفرض قيل السجود صلاة قال الله تعالى إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا فكان الموقوت يحتمل مؤقتا بالعدد ومؤقتا بالوقت فأبان رسول الله أن الله عز وجل فرض خمس صلوات

صفحة : 171

فقال رجل يا رسول الله هل على غيرها قال لا إلا أن تطوع فلما كان سجود القرآن خارجا من الصلوات المكتوبات كانت سنة اختيار فأحب إلينا أن لا يدعه ومن تركه ترك فضلا لا فرضا وإنما سجد رسول الله في النجم لأن فيها سجودا في حديث أبي هريرة وفي سجود النبي في النجم دليل على ما وصفت لأن الناس سجدوا معه إلا رجلين والرجلان لا يدعان الفرض إن شاء الله ولو تركاه أمرهما رسول الله بإعادته قال الشافعي: وأما حديث زيد أنه قرأ عند النبي النجم فلم يسجد فهو والله أعلم أن زيدا لم يسجد وهو القاريء فلم يسجد النبي ولم يكن عليه فرضا فيأمر النبي به أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رجلا قرأ عند النبي السجدة فسجد فسجد النبي ثم قرأ آخر عنده السجدة فلم يسجد فلم يسجد النبي فقال يا رسول الله قرأ فلان عندك السجدة فسجدت وقرأت عندك السجدة فلم تسجد فقال النبي كنت إماما فلو سجدت سجدت معك قال الشافعي: إني لأحسبه زيد بن ثابت لأنه يحكى أنه قرأ عند النبي النجم فلم يسجد وإنما روى الحديثين معا عطاء بن يسار قال الشافعي: فأحب أن يبدأ الذي يقرأ السجدة فيسجد وأن يسجد من سمعه فإن قال قائل فلعل أحد هذين الحديثين نسخ الآخر قيل فلا يدعى أحد أن السجود في النجم منسوخ إلا جاز لأحد أن يدعى أن ترك السجود منسوخ والسجود ناسخ ثم يكون أولى لأن السنة السجود لقول الله جل وعز فاسجدوا لله واعبدوا ولا يقال لواحد من هذا ناسخ ولا منسوخ ولكن يقال هذا اختلاف من جهة المباح وأما الثالث وهو الذي في اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما ففيه سألت الشافعي عن السجود في إذا السماء انشقت قال فيها سجدة فقلت له وما الحجة فيها سجد فقال أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود ابن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة رضي الله عنه قرأ لهم إذا السماء انشقت فسجد فيها فلما انصرفة أخبرهم أن رسول

صفحة : 172

الله سجد فيها أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج أن عمر بن الخطاب قرأ والنجم إذا هوى فسجد فيها ثم قام فقرأ سورة أخرى أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بعض أصحابنا عن مالك أن عمر ابن عبد العزيز أمر محمد بن مسلم أن يأمر القراء أن يسجدوا في إذا السماء انشقت أخبرنا الربيع سألت الشافعي عن السجود في سورة الحج فقال فيها سجدتان فقلت وما الحجة في ذلك فقال وابن عمر أنهما سجدا في سورة الحج سجدتين وتقولون ليس فيها إلا واحدة وتزعمون أن الناس أجمعوا أن ليس فيها إلا واحدة ثم تقولون أجمع الناس وأنتم تروون خلاف ما تقولون وهذا لا يعذر أحد بأن يجهله ولا يرضى أحد أن يكون مأخوذا عليه فيه لما فيه مما لا يخفى عن أحد يعقل إذا سمعه أرأيتم إذا قيل لكم أي الناس اجتمع على أن لا سجود في المفصل وأنتم تروون عن أئمة الناس السجود فيه ولا تروون عن غيرهم مثلهم خلافهم أليس أن تقولوا أجمع الناس أن في المفصل سجودا أولى بكم من أن تقولوا اجتمع الناس على أن لا سجود في المفصل فإن قلتم لا يجوز إذا لم نعلمهم أجمعوا أن نقول اجتمعوا فقد قلتم اجتمعوا ولم ترووا عن أحد من الأئمة قولكم ولا أدرى من الناس عندكم أخلقا كانوا فما اسم واحد منهم وما ذهبنا بالحجة عليكم إلا من قول أهل المدينة وما جعلنا الإجماع إلا إجماعهم فأحسنوا النظر لأنفسكم واعلموا أنه لا يجوز أن تقولوا أجمع الناس بالمدينة حتى لا يكون بالمدينة مخالف من أهل العلم ولكن قولوا فيما اختلفوا فيه أخترنا كذا كذا ولا تدعوا الإجماع فدعوا ما يوجد على ألسنتكم خلافه فما أعلمه يؤخذ على أحد يتثبت على علم أقبح من هذا قلت للشافعي أفرأيت إن كان قولي اجتمع الناس عليه أعنى من رضيت من أهل المدينة وإن كانوا مختلفين فقال الشافعي: أرأيتم إن قال من يخالفكم ويذهب إلى قول من يخافلكم قول من أخذت بقوله اجتمع الناس أيكون صادقا فإن كان صادقا وكان بالمدينة قول ثالث يخالفكما اجتمع الناس على قوله فإن كنتم صادقين معا بالتأويل فبالمدينة إجماع من ثلاثة وجوه مختلفة وإن قلتم الإجماع هو ضد الخلاف فلا يقال إجماع إلا لما لا خلاف فيه بالمدينة قلت هذا هو الصدق المحض فلا نفارقه ولا تدعوا الإجماع أبدا إلا فيما لا يوجد بالمدينة فيه اختلاف وهو لا يوجد بالمدينة إلا ويوجد بجميع البلدان عند أهل العلم مؤتفقين فيه لم يخالف أهل البلدان أهل المدينة إلا فيما اختلف فيه أهل

صفحة : 173

المدينة بينهم وقال لي الشافعي واجعل ما وصفنا على هذا الباب كافيا لك لا على ما سواه إذا أردت أن تقول أجمع الناس فإن كانوا لم يختلفوا فقله وإن كانوا اختلفوا فلا تقله فإن الصدق في غيره وترجم مرة أخرى في سجود القرآن وفيها سألت الشافعي عن السجود في سورة الحج فقال فيها سجدتان فقلت وما الحجة في ذلك فقال أخبرنا مالك عن نافع أن رجلا من أهل مصر أخبره أن عمر بن الخطاب سجد في سورة الحج سجدتين ثم قال إن هذه السورة فضلت بسجدتين قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن صفية أن عمر بن الخطاب صلى بهم بالجابية فقرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين قال الشافعي: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه سجد في سورة الحج سجدتين فقلت للشافعي فإنا لا نسجد فيها إلا سجدة واحدة فقال الشافعي: فقد خالفتم ما رويتم عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر معا إلى غير قول أحد من أصحاب النبي عامة فكيف تتخذون قول بان عمر وحده حجة وقول عمر حجة وحده حتى تردوا بكل واحد منهما السنة وتبتنون عليها عددا من الفقه ثم تخرجون من قولهما لرأي أنفسكم هل تعلمونه مستدرك على أحد قول العورة فيه أبين منها فيما وصفنا من أقاويلكم فمن ذلك اختلاف علي وابن مسعود رضي الله عنهما ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحق عن عاصم عن علي قال كان رسول الله يصلي دبر كل صلاة ركعتين إلا العصر والصبح قال الشافعي: وهذا يخالف الحديث الأول يعني الذي رواه قبل هذا عن علي عن رسول الله أنه قال لا تصلوا بعد العصر إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة وسنذكر هذا بتمامه في باب الساعات التي تكره فيها الصلاة ومن ذلك في اختلاف علي وابن مسعود أيضا في سنة الجمعة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال قال ابن مهدي عن سفيان عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن أن عليا رضي الله عنه قال من كان مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها ست ركعات ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن فنقول يصلى أربعا ومن ذلك في اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما في باب القراءة في العيدين والجمعة ردا على من قال لا نبالي بأي

صفحة : 174

سورة قرأ قال الشافعي: أو رأيتم إذا استحببنا ركعتي الفجر والوتر وركعتين بعد المغرب لو قال قائل لا أبالي أن لا أفعل من هذا شيئا هي الحجة عليه إلا أن يقول قولكم لا أبالي جهالة وترك للسنة ينبغي أن تستحبوا ما صنع رسول الله بكل حال ومن ذلك فيما يتعلق

باب ما جاء في الوتر بركعة واحدة

أخبرنا الربيع قال سألت الشافعي عن الوتر أيجوز أن يوتر الرجل بواحدة ليس قبلها شيء فقال نعم والذي أختار أن صلى عشر ركعات ثم أوتر بواحدة فقلت للشافعي فما الحجة في أن الوتر يجوز بواحدة فقال الحجة فيه السنة والآثار أخبرنا مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله قال صلاة الليل مثنى مثنى فإذا أخشى أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى أخبرنا مالك عن أبي شهاب عن عروة عن عائشة أن النبي كان يصلى بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص كان يرتر بركعة أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يسلم من الركعة والركعتين من الوتر حتى يأمر ببعض حاجته قال الشافعي: وكان عثمان يحيى الليل بركعة وهي وتره وأوتر معاوية بواحدة فقال ابن عباس أصاب فقلت للشافعي فإنا نقول لا نحب لأحد أن يوتر بأقل من ثلاث ويسلم من الركعتين والركعة من الوتر فقال الشافعي: لست أعرف لما تقولون وجها والله الستعان إن كنتم ذهبتم إلى أنكم تكرهون أن يصلى ركعة منفردة فأنتم إذا صلى ركعتين قبلها ثم سلم تأمرونه فإفراد الركعة لأن من سلم من صلاة فقد فصلها عما بعدها ألا ترى أن الرجل يصلى النافلة بركعات يسلم في كل ركعتين فيكون كل ركعتين يسلم بينهما منقطعتين من الركعتين اللتين قبلهما وبعدهما وأن السلام أفضل للفصل ألا ترى أن رجلا لو فاتته صلوات فقضاهن في مقام يفصل بينهن بسلام كانت كل صلاة غير الصلاة التي قبلها وبعدها لخروجه من كل صلاة بالسلام وإن كان إنما أردتم أنكم كرهتم أن يصلى واحدة لأن النبي صلى أكثر منها وإنما يستحب أن يصلى إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة وإن كان أراد أن النبي قال صلاة

صفحة : 175

الليل مثنى مثنى فأقل مثنى مثنى أربع فصاعدا وواحدة غير مثنى وقد أوتر بواحدة في الوتر كما أمر بمثنى وقد أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي كان يوتر بخمس ركعات لا يجلس ولا يسلم إلا في الآخرة منهن فقلت للشافعي فما معني هذا فقال هذه نافلة تسع أن يوتر بواحدة وأكثر ونختار ما وصفت من غير أن نضيف غيره وقولكم والله يغفر لنا ولكم لا يوافق سنة ولا أثرا ولا قياسا ولا معقولا قولكم خارج من كل شيء من هذا وأقاويل الناس إما أن تقولوا لا يوتر إلا بثلاث كما قال بعض الشرقيين ولا يسلم في واحدة منهن كيلا يكون الوتر واحدة وإما أن لا تكرهوا الوتر بواحدة وكيف تكرهون الوتر بواحدة وأنتم تأمرون بالسلام فيها وإذا أمرتم به فهي واحدة وإن قلتم كرهناه لأن النبي لم يوتر بواحدة ليس قبلها شيء فلم يوتر النبي بثلاث ليس فيهن شيء فقد استحسنتم أن توتروا بثلاث ومنها في اختلاف مالك والشافعي

باب في الوتر

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع قال كنت مع ابن عمر ليلة والسماء متغيمة فخشى ابن عمر الصبح فأوتر بواحدة ثم تكشف الغيم فرأى عليه ليلا فشفع بواحدة قال لي الشافعي وأنتم تخالفون ابن عمر من هذا في موضعين فتقولون لا يوتر بواحدة ومن أوتر بواحدة لم يشفع وتره قال ولا أعلمكم تحفظون عن أحد أنه قال لا يشفع وتره فقلت الشافعي فما تقول أنت في هذا فقال بقول ابن عمر أنه كان يوتر بركعة قال أفتقول يشفع بوتره فقلت لا فقال فما حجتك فيه فقلت روينا عن ابن عباس أنه كره لابن عمر أن يشفع وتره وقال إذا أوترت من أول الليل فاشفع من آخره ولا تعد وترا ولا تشفعه وأنتم زعمتم أنكم لا تقبلون إلا حديث صاحبكم وليس من حديث صاحبكم خلاف ابن عمر ومنها في اختلاف على وابن مسعود رضي الله عنهما في باب الوتر والقنوت أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا هشيم عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عبد الرحيم عن زاذان أن عليا رضي الله عنه كان يوتر بثلاث يقرأ في كل ركعة بتسع سور من المفصل وهم يقولون نقرأ بسبح اسم ربك الأعلى والثانية قل يا أيها الكافرون والثالثة نقرأ فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد وأما نحن فنقول يقرأ فيها بقل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل

صفحة : 176

أعوذ برب الناس ويفصل بين الركعتين والركعة بالتسليم ومنها في اختلاف الحديث في M0ا الوتر قال الشافعي: وقد سمعت أن النبي أوتر أول الليل وآخره في حديث يثبت مثله وحديث دونه وذلك فيما وصفت من المباح له أن يوتر في الليل كله ونحن نبيح له في المكتوبة أن يصلى في أول الوقت وآخره وهذا في الوتر أوسع منه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال أخبرنا أبو يعفور عن مسلم عن مسروق عن عائشة قالت من كل الليل قد أوتر رسول الله فانتهى وتره إلى السحر وفي مختصر المزني في باب صلاة التطوع قال الشافعي: التطوع وجهان أحدهما صلاة جماعة مؤكدة فلا أجيز تركها لمن قدر عليها وهي صلاة العيدين وخسوف الشمس والقمر والاستسقاء وصلاة منفرد وبعضها أوكد من بعض فأكد من ذلك الوتر ويشبه أن يكون صلاة التهجد ثم ركعتا الفجر قال ولا أرخص لمسلم في ترك واحدة منهما وإن لم أوجبهما ومن ترك واحدة منهما أسوأ حالا ممن ترك جميع النوافل فأما قيام شهر رمضان فصلاة المنفرد أحب إلى منه ورأيتهم بالمدينة يقومون بتسع وثلاثين وأحب إلى عشرون لأنه روى عن عمر وكذلك يقومون بمكة ويوترون بثلاث قال المزني ولا أعلم الشافعي ذكر موضع القنوت من الوتر ويشبه قوله بعد الركوع كما قال في قنوت الصبح ولما كان قول من رفع رأسه بعد الركوع سمع الله لمن حمده وهو دعاء كان هذا الموضع للقنوت الذي هو دعاء أشبه ولأن من قال يقنت قبل الركوع يأمره يكبر قائما ثم يدعو وإنما حكم من يكبر بعد القيام إنما هو للركوع فهذه تكبيرة زائدة في الصلاة لم تثبت بأصل ولا قياس وفي كتاب اختلاف علي وعبد الله بن مسعود أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال قال هشيم عن عطاء بن السائب إن عليا كان يقنت في الوتر بعد الركوع وهم لا يأخذون بهذا يقولون يقنت قبل الركوع وإن لم يقنت قبل الركوع لم يقنت بعده وعليه سجدتا السهو قال الشافعي: وآخر الليل أحب إلى من أوله وأن جزء الليل أثلاثا فالأوسط أحب إلى أن يقومه فإن فاته الوتر حتى يصلى الصبح لم يقض قال ابن مسعود الوتر ما بين العشاء والفجر وإن فاتت ركعتا الفجر حتى تقام الظهر لم يقض لأن أبا هريرة قال إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة وفي اختلاف علي وابن مسعود رضي الله عنهما

صفحة : 177

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن علية عن أبي هرون الغنوي عن خطاب بن عبد الله قال قال علي رضي الله عنه الوتر ثلاثة أنواع فمن شاء أن يوتر أول الليل أوتر ثم إن استيقظ فشاء أن يشفعها بركعة ويصلى ركعتين ركعتين حتى يصبح وإن شاء أوتر آخر الليل وهم يكرهون أن ينقض الرجل وتره ويقولون إذا أوتر صلى مثنى مثنى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال يزيد بن هرون عن حماد عن عاصم عن أبي عبد الرحمن أن عليا رضي الله عنه حين ثوب المؤذن فقال أين السائل عن الوتر نعم ساعة الوتر هذه ثم قرأ والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس وهم لا يأخذون بهذا ويقولون ليست هذه من ساعات الوتر قال الشافعي: هشيم عن حصين قال حدثنا ابن ظبيان قال كان علي رضي الله عنه يخرج إلينا ونحن ننظر إلى تباشير الصبح فيقول الصلاة الصلاة فإذا قام الناس قال نعم ساعة الوتر هذه فإذا طلع الفجر صلى ركعتين فأقيمت الصلاة وفي البويطي يقرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد أحب إلى وإن قرأ غير هذا مع أم القرآن أجزأه وفيه في آخر ترجمة طهارة الأرض ومن دخل مسجدا فليركع فيه قبل أن يجلس فإن هذا مع أم القرآن أجزأه وفيه في آخر ترجمة طهارة الأرض ومن دخل مسجدا فليركع فيه قبل أن يجلس فإن رسول الله أمر بذلك وقال تحية المسجد ركعتان

ID ' ' يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

صفحة : 178

باب الساعات التي تكره فيها الصلاة

وهو مذكور في اختلاف الحديث أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن محمد بن يحيى ابن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي قال لا يتحرى أحدكم فيصلى عند طلوع الشمس ولا عند غروبها أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن الصنابحي أن رسول الله قال إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا تفعت فارقها فإذا استوت قارنها فإذا زالت فارقها فإذا دنت إلى الغروب قارنها فإذا غربت قال الشافعي: وروى عن إسحق بن عبد الله عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة أن رسول الله نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب أن رسول الله نام عن الصبح فصلاها بعد أن طلعت الشمس ثم قال من نسى الصلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله عز وجل يقول أقم الصلاة لذكرى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن نافع بن جبير عن رجل من أصحاب النبي قال كان رسول الله في سفر فعرس فقال ألا رجل صالح يكلؤنا الليلة لا نرقد عن الصلاة فقال بلال أنا يا رسول الله قال فاستند بلال إلى راحلته واستقبل الفجر قال فلم يفزعوا إلا بحر الشمس في وجوههم فقال رسول الله يا بلال فقال بلال يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك قال فتوضأ رسول الله ثم صلى ركعتي الفجر ثم اقتادوا رواحلهم شيئا ثم صلى الفجر قال الشافعي: وهذا يروى عن النبي متصلا من حديث أنس وعمران ابن حصين عن النبي ويزيد أحدهما عن النبي من نسى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن عبد الله بن باباه عن جبير بن مطعم أن رسول الله قال يا بني عبد مناف من ولى منكم من أمر

صفحة : 179

الناس شيئا فلا يمنعن أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن عطاء عن النبي مثله أو مثل معناه لا يخالفه وزاد عطاء يا بني عبد المطلب يا بني هاشم أو يا بني عبد مناف أخبرنا الربيع قال أخبرنا سفيان عن عبد الله ابن أبي لبيد قال سمعت أبا سلمة قال قدم معاوية المدينة قال فبينا هو على المنبر إذ قال يا كثير بن الصلت اذهب إلى عائشة فسلها عن صلاة النبي الركعتين بعد العصر قال أبو سلمة فذهبت معه وبعث ابن عباس عبد الله بن الحرث بن نوفل معنا قال اذهب فاسمع ما تقول أم المؤمنين قال فجاءها فسألها فقالت له عائشة لا علم لي ولكن اذهب إلي أم سلمة فسلها قال فذهبنا معه إلى أم سلمة فقالت دخل علي رسول الله ذات يوم بعد العصر فصلى عندي ركعتين لم أكن أراه يصليهما فقلت يا رسول الله لقد صليت صلاة لم أكن أراك تصليها قال إني كنت أصلى ركعتين بعد الظهر وأنه قدم على وفد بني تميم أو صدقة فشغلوني عنهما فهما هاتان الركعتان أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان ابن عيينة عن ابن قيس عن محمد بن إبراهيم التيمي عن جده قيس قال رآني رسول الله وأنا أصلى ركعتين بعد الصبح فقال ما هاتان الركعتان يا قيس فقلت لم أكن صليت ركعتي الفجر فسكت عنه النبي قال الشافعي: وليس بعد هذا اختلافا في الحديث بل بعض هذه الأحاديث يدل على بعض فجماع نهى رسول الله والله أعلم عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد ما تبدو حتى تبرز وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وبعد مغيب بعضها حتى يغيب كلها وعن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة ليس على كل صلاة لزمت المصلى بوجه من الوجوه أو تكون الصلاة مؤكدة فآمر بها وإن لم تكن فرضا أو صلاة كان الرجل يصليها فأغفلها فإذا كانت واحدة من هذه الصلوات صليت في هذه الأوقات بالدلالة عن رسول الله ثم إجماع الناس في الصلاة على الجنائز بعد الصبح والعصر قال الشافعي: فإن قال قائل فأين الدلالة عن رسول الله قيل في قوله من

صفحة : 180

نسى صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله عز وجل يقول أقم الصلاة لذكرى وأمره أن لا يمنع أحد طاف بالبيت وصلى أي ساعة شاء وصلى المسلمون على جنائزهم بعد الصبح والعصر قال الشافعي: وفيما روت أم سلمة من أن النبي صلى في بيتها ركعتين بعد العصر كان يصليهما بعد الظهر فشغل عنهما بالوفد فصلاهما بعد العصر لأنه كان يصليهما بعد الظهر فشغل عنهما قال وروى قيس جد يحيى ابن سعيد أن النبي رآه يصلى ركعتين بعد الصبح فسأله فأخبره بأنهما ركعتا الفجر فأقره لأن ركعتي الفجر مؤكدتان مأمور بهما فلا يجوز إلا أن يكون نهيه عن الصلاة في الساعات التي نهى عنها على ما وصفت من كل صلاة لا تلزم فأما كل صلاة كان يصليها صاحبها فأغفلها أو شغل عنها وكل صلاة أكدت وإن لم تكن فرضا كركعتي الفجر والكسوف فيكون نهى النبي فيما سوى هذا ثابتا قال الشافعي: والنهى عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر ونصف النهار مثله إذا غاب حاجب الشمس وبرز لا اختلاف فيه لأنه نهى واحد وهذا مثل نهي رسول الله عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة لأن من شأن الناس التهجير للجمعة والصلاة إلى خروج الإمام قال وهذا مثل الحديث في نهى النبي عن

ID ' ' خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

صفحة : 181

باب الخلاف في هذا الباب

حدثنا الربيع قال الشافعي: رحمه الله تعالى فخالفنا بعض أهل ناحيتنا وغيره فقال يصلى على الجنائز بعد العصر وبعد الصبح ما لم تقارب الشمس أن تطلع وما لم تتغير الشمس واحتج في ذلك بشيء رواه عن ابن عمر يشبه بعض ما قال قال الشافعي: وابن عمر إنما سمع من النبي النهي أن يتحرى أحد فيصلى عند طلوع الشمس وعند غروبها ولم أعلمه روى عنه النهي عن الصلاة بعد العصر ولا بعد الصبح فذهب ابن عمر إلى أن النهى مطلق على كل شيء فنهى عن الصلاة على الجنائز لأنها صلاة في هذين الوقتين وصلى عليها بعد الصبح وبعد العصر لأنا لم نعلمه روى النهى عن الصلاة في هذه الساعات قال الشافعي: فمن علم أن النبي نهى عن الصلاة بعد الصبح والعصر كما نهى عنها عند طلوع الشمس وعند غروبها لزمه أن يعلم ما قلنا من أنه إنما نهى عنها فيما لا يلزم ومن روى يعلم أن النبي صلى بعد العصر ركعتين كان يصليهما بعد الظهر شغل عنهما وأقر قيسا على ركعتين بعد الصبح لزمه أن يقول نهى عنها فيما لا يلزم ولم ينه الرجل عنه فيما اعتاد من صلاة النافلة وفيما تؤكد منها عليه ومن ذهب هذا عليه وعلم أن النبي نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس فلا يجوز له أن يقول إلا بما قلنا به أو ينهى عن الصلاة على الجنائز بعد الصبح والعصر بكل حال قال الشافعي: وذهب أيضا إلى أن لا يصلي أحد للطواف بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس واحتج بأن عمر بن الخطاب طاف بعد الصبح ثم نظر فلم ير الشمس طلعت فركب حتى أناخ بذي طوى فصلى قال الشافعي: فإن كان عمر كره الصلاة في تلك الساعة فهو مثل مذهب ابن عمر وذلك أن يكون علم أن رسول الله نهى عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر فرأي نهيه مطلقا فترك الصلاة في تلك الساعة حتى طلعت الشمس ويلزم من قال هذا أن يقول لا صلاة في جميع الساعات التي نهى النبي عن الصلاة فيها لطواف ولا على جنازة وكذلك يلزمه أن لا يصلى فيها صلاة فائتة وذلك من حين يصلى الصبح إلى أن تبرز الشمس

صفحة : 182

وحين يصلى العصر إلى أن يتتام مغيبها ونصف النهار إلى أن تزول الشمس قال الشافعي: وفي هذا المعنى أن أبا أيوب الأنصاري سمع النبي ينهى أن تستقبل القبلة أو بيت المقدس لحاجة الإنسان قال أبو أيوب فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد صنعت فننحرف ونستغفر الله وعجب ابن عمر ممن يقول لا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس لحاجة الإنسان وقال رأيت رسول الله على لبنتين مستقبلا بيت المقدس لحاجته قال الشافعي: علم أبو أيوب النهى فرآه مطلقا وعلم ابن عمر استقبال النبي لحاجته ولم يعلم النهي ومن علمهما معا قال النهي عن استقبال القبلة وبيت المقدس في الصحراء التي لا ضرورة على ذاهب فيها ولا ستر فيها لذاهب لأن الصحراء ساحة يستقبله المصلي أو يستدبره فترى عورته إن كان مقبلا أو مدبرا وقال لا بأس بذلك في البيوت لضيقها وحاجة الإنسان إلى المرفق فيها وسترها وإن أحدا لا يرى من كان فيها إلا أن يدخل أو يشرف عليه قال الشافعي: وفي هذا المعنى أن أسيد بن حضير وجابر بن عبد الله صليا مريضين قاعدين بقوم أصحاء فأمراهم بالقعود معهما وذلك أنهما والله أعلم علما أن رسول الله صلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما فأمرهم بالجلوس فأخذا به وكان الحق عليهما ولا أشك أن قد عزب عنهما أن النبي صلى في مرضه الذي مات فيه جالسا وأبو بكر إلى جنبه قائما والناس من ورائه قياما فنسخ هذا أمر النبي بالجلوس وراءه إذا صلى شاكيا وجالسا وواجب على كل من علم الأمرين معا أن يصير إلى أمر النبي الآخر إذا كان ناسخا للأول أو إلى أمر النبي الدال بعضه على بعض قال الشافعي: وفي مثل هذا المعنى أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خطب الناس وعثمان بن عفان محصور فأخبرهم أن النبي نهاهم عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث وكان يقول به لأنه سمعه من النبي وعبد الله بن واقد رواه عن النبي وغيرهما فلما روت عائشة أن النبي نهى عنه عند الدافة ثم قال كلوا وتزودوا وادخروا وتصدقوا وروى جابر بن عبد الله عن النبي أنه نهى عن لحوم الضحايا بعد ثلاث ثم قال كلوا وتزودوا وتصدقوا كان

صفحة : 183

يجب على من علم الأمرين معا أن يقول نهى النبي عنه لمعنى وإذا كان مثله فهو منهى عنه وإذا لم يكن مثله لم يكن منهيا عنه أو يقول نهى عنه النبي في وقت ثم أرخص فيه من بعد والآخر من أمره ناسخ للأول قال الشافعي: وكل قال بما سمعه من رسول الله وكان من رسول الله ما يدل على أنه قاله على معنى دون معنى أو نسخه فعلم الأول ولم يعلم قال الشافعي: ولهذا أشباه غيره في الأحاديث وإنما وضعت هذه الجملة عليه لتدل على أمور غلط فيها بعض من نظر في العلم ليعلم من علمه إن من متقدمى الصحبة وأهل الفضل والدين والأمانة من يعزب عنه من سنن رسول الله شيء علمه غيره ممن لعله لا يقاربه في تقدم صحبته وعلمه ويعلم أن علم خاص السنن إنما هو علم خاص لمن فتح الله عز وجل له علمه لا أنه عام مشهور شهرة الصلاة وجمل الفرائض التي كلفتها العامة ولو كان مشهورا شهرة جمل الفرائض ما كان الأمر فيما وصفت من هذا وأشباهه كما وصفت ويعلم أن الحديث إذا رواه الثقات عن رسول الله فذلك ثبوته وأن لا نعول على حديث ليثبت أن وافقه بعض أصحاب النبي ولا يرد لأن عمل بعض أصحاب النبي عملا خالفه لأن لأصحاب النبي والمسلمين كلهم حاجة إلى أمر رسول الله وعليهم اتباعه لا أن شيئا من أقاويلهم تبع ما روى عنه ووافقه يزيد قوله شدة ولا شيئا خالفه من أقاويلهم يوهن ما روى عنه الثقة لأن قوله المفروض اتباعه عليهم وعلى الناس وليس هكذا قول بشر غير رسول الله قال الشافعي: فإن قال قائل صح الحديث المروى عن رسول الله إذا خالفه بعض أصحابه جاز له أن يتهم عن بعض أصحابه لخلافه لأن كلا روى خاصة معا وإن بينهما مما روى عن النبي أولى أن يصار إليه ومن قال منهم قولا لم يروه عن النبي لم يجزلأحد أن يقول إنما قاله عن رسول الله لما وصفت من أنه يعزب عن بعضهم بعض قوله ولم يجز أن نذكره عنه إلا رأيا له ما لم يقله عن رسول الله فإن كان هكذا لم يجز أن يعارض بقول أحد قول رسول الله ولو قال قائل لا يجوز أن يكون إلا عن رسول الله لم يحل له خلاف من وضعه هذا الموضع وليس من الناس أحد بعد رسول الله صلى الله عليه

صفحة : 184

وسلم إلا وقد أخذ من قوله وترك لقول غيره من أصحاب رسول الله ولا يجوز في قول النبي أن يرد لقول أحد غيره فإن قال قائل فاذكر لي في هذا ما يدل على ما وصفت فيه قيل له ما وصفت في هذا الباب وغيره متفرقا وجملة ومنه أن عمر بن الخطاب إمام المسلمين والمقدم في المنزلة والفضل وقدم الصحبة والورع والثقة والثبت والمبتدىء بالعلم قبل أن يسأله والكاشف عنه لأن قوله حكم يلزم حتى كان يقضى بين المهاجرين والأنصار أن الدية للعاقلة ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا حتى أخبره أو كتب إليه الضحاك بن سفيان أن النبي كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها فرجع إليه عمر وترك قوله وكان عمر يقضى أن في الإبهام خمس عشرة والوسطى والمسبحة عشر عشرا وفي التي تلى الخنصر تسعا وفي الخنصر ستا حتى وجد كتابا عند آل عمرو بن حزم الذي كتبه له النبي وفي كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل فترك الناس قول عمر وصاروا إلى كتاب النبي ففعلوا في ترك أمر عمر لأمر النبي فعل عمر في فعل نفسه في أنه ترك فعل نفسه لأمر النبي وذلك الذي أوجب الله جل وعز عليه وعليهم وعلى جميع خلقه قال الشافعي: وفي هذا دلالة على أن حاكمهم كان يحكم برأيه فيما لرسول الله فيه سنة لم يعلمها ولم يعلمها أكثرهم وذلك يدل على أن علم خاص الأحكام خاص كما وصفت لا عام كعام جمل الفرائض قال الشافعي: وقسم أبو بكر حتى لقى الله عز وجل فسوى بين الحر والعبد ولم يفضل بين أحد بسابقة ولا نسب ثم قسم عمر فألغى العبيد وفضل بالنسب والسابقة ثم قسم علي فألغى العبيد وسوى بين الناس وهذا أعظم ما يلي الخلفاء وأعمه وأولاه أن لا يختلفوا فيه وإنما لله جل وعز في المال ثلاثة أقسام قسم الفيء وقسم الغنيمة وقسم الصدقة فاختلف الأئمة فيها ولم يمتنع أحد من أخذ ما أعطاه أبو بكر ولا عمر ولا علي وفي هذا دلالة على أنهم يسلمون لحاكمهم وإن كان رأيهم خلاف رأيه وإن كان حاكمهم قد يحكم بخلاف آرائهم لا أن جميع أحكامهم من الجهة الإجماع منهم وعلى أن من أدعى أن حكم حاكمهم إذا كان بين أظهرهم ولم يردوه عليه فلا يكون إلا وقد رأوا رأيه قيل إنه لو رأوا رأيه فيه لم يخالفوه بعده فإن قال قائل قد رأوه في حياته رأوا خلافه بعده قيل له فيدخل عليك في هذا إن كان كما قلت إن إجماعهم لا يكون حجة عندهم

صفحة : 185

إذا كان لهم أن يجمعوا على قسم أبي بكر ثم يجمعوا على قسم عمر ثم يجمعوا على قسم علي وكل واحد منهم يخالف صاحبه فإجماعهم إذا ليس بحجة عندهم أولا ولا آخرا وكذلك لا يجوز إذا لم يكن عندهم حجة أن يكون على من بعدهم حجة فإن قال قائل فكيف تقول قلت لا يقال لشيء من هذا إجماع ولكن ينسب كل شيء منه إلى فاعله فينسب إلى أبي بكر فعله وإلى عمر فعله وإلى علي فعله ولا يقال لغيرهم ممن أخذ منهم موافقة لهم ولا مخالفة ولا ينسب إلى ساكت قول قائل ولا عمل عامل إنما ينسب إلى كل قوله وعمله وفي هذا ما يدل على أن ادعاء الإجماع في كثير من خاص الأحكام ليس كما يقول من يدعيه فإن قال قائل أفتجد مثل هذا قلنا إنما بدأنا به لأنه أشهر ما صنع الأئمة وأولى أن لا يختلفوا فيه وأن لا يجهله العامة ونحن نجد كثيرا من ذلك أن أبا بكر جعل الجد أبا ثم طرح الإخوة معه ثم خالفه فيه عمر وعثمان وعلي ومن ذلك أن أبا بكر رأى على بعض أهل الردة فداء وسبيا وحبسهم لذلك فأطلقهم عمر وقال لا سبي ولا فداء مع غير هذا مما سكتنا عنه ونكتفي بهذا منه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه أن يحيى بن حاطب حدثه قال توفى حاطب فأعتق من صلى من رقيقه وصام وكان له أمة نوبية قد صلت وصامت وهي أعجمية لم تفقه فلم ترعه إلا بحملها وكانت ثيبا فذهب إلى عمر فحدثه فقال له عمر لأنت الرجل لا يأتي بخير فأفزعه ذلك فأرسل إليها عمر فقال أحبلت فقال نعم من مرعرس بدرهمين وإذا هي تستهل بذلك ولا تكتمه قال وصادف عليا وعثمان وعبد الرحمن بن عوف فقال أشيروا علي قال وكان عثمان جالسا فاضطجع فقال علي وعبد الرحمن قد وقع عليها الحد فقال أشر علي يا عثمان فقال قد أشار عليك أخواك فقال أشر أنت علي قال أراها تستهل به كأنها لا تعلمه وليس الحد إلا على من علمه فقال عمر صدقت صدقت والذي نفسي بيده ما الحد إلا على من علمه فجلدها عمر مائة وغربها عاما قال الشافعي: فخالف عليا وعبد الرحمن فلم يحدها حدها عندهما وهو الرجم قال وخالف عثمان أن لا يحدها بحال وجلدها مائة وغربها عاما فلم يرو عن أحد منهم من خلافه بعد حده إياها حرف ولم يعلم خلافهم له إلا بقولهم المتقدم قبل فعله قال وقال بعض من يقول ما لا ينبغي له إذ قبل حد عمر مولاة حاطب كذا لم يكن عمر ليحدها إلا بإجماع أصحاب رسول الله جهالة بالعلم وجرأة على قول ما لا يعلم فمن اجترأ على أن يقول إن قول رجل أو

صفحة : 186

قال الشافعي: وقضى عمر بن الخطاب في أن لا تباع أمهات الأولاد وخالفه علي وقضى عمر في الضرس بجمل وخالفه غيره فجعل الضرس سنا فيها خمس من الإبل وقال عمر وعلي وابن مسعود وأبو موسى الأشعري وغيرهم للرجل على امرأته الرجعة حتى تطهر من الحيضة الثالثة وخالفهم غيرهم فقال إذا طعنت في الدم من الحيضة الثالثة فقد انقطعت رجعته عنها مع أشياء كثيرة أكثر مما وصفت فدل ذلك على أن قائل السلف يقول برأيه ويخالفه غيره ويقول برأيه ولا يروى عن غيره فيما قال به شيء فلا ينسب الذي لم يرو عنه شيء إلى خلافه ولا موافقته لأنه إذا لم يقل لم يعلم قوله ولو جاز أن ينسب إلى موافقته جاز أن ينسب إلى خلافه ولكن كلا كذب إذا لم يعرف قوله ولا الصدق فيه إلا أن يقال ما يعرف إذا لم يقل قولا وفي هذا دليل على أن بعضهم لا يرى قول بعض حجة تلزمه إذا رأى خلافها وأنهم لا يرون اللازم إلا الكتاب أو السنة وأنهم لم يذهبوا قط إن شاء الله إلى أن يكون خاص الأحكام كلها إجماعا كإجماعهم على الكتاب والسنة وجمل الفرائض وأنهم كانوا إذا وجدوا كتابا أو سنة اتبعوا كل واحد منهما وإذا تأولوا ما يحتمل فقد يختلفون ولذلك إذا قالوا فيما لم يعلموا فيه سنة اختلفوا قال الشافعي: وهي حجة على أن دعوى الاجتماع في كل الأحكام ليس كما ادعى من ادعى ما وصفت من هذا ونظائر له أكثر منه وجملته أنه لم يدع الإجماع فيما سوى جمل الفرائض التي كلفتها العامة أحد من أصحاب رسول الله ولا التابعين ولا القرن الذين من بعدهم ولا القرن الذين يلونهم ولا عالم علمته على ظهر الأرض ولا أحد نسبته العامة إلى علم إلا حديثا من الزمان فإن قائلا قال فيه بمعنى لم أعلم أحدا من أهل العلم عرفه وقد حفظت عن عدد منهم إبطاله قال الشافعي: ومتى كانت عامة من أهل العلم في دهر بالبلدان على شيء أو عامة قبلهم قيل يحفظ عن فلان وفلان كذا ولم نعلم لهم مخالفا ونأخذ به ولا نزعم أنه قول الناس كلهم لأنا لا نعرف من قاله من الناس إلا من سمعناه منه أو عنه قال وما وصفت من هذا قول من حفظت عنه من أهل العلم نصا واستدلالا قال الشافعي: والعلم من وجهين اتباع أو استنباط والاتباع اتباع كتاب فإن لم يكن فسنة فإن لم تكن فقول عامة من سلفنا لا نعلم له مخالفا فإن لم يكن فقياس على كتاب الله جل وعز فإن لم يكن فقياس على سنة رسول الله فإن لم يكن فقياس على قوله عامة من

صفحة : 187

سلف لا مخالف له ولا يجوز القول إلا بالقياس وإذا قاس من له القياس فاختلفوا وسع كلا أن يقول بمبلغ اجتهاده ولم يسعه اتباع غيره فيما أدى إليه اجتهاده بخلافه والله أعلم أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي محمد بن إدريس المطلبي قال ذكر الله تبارك اسمه الأذان بالصلاة فقال عز وجل وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا وقال إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع فأوجب الله والله أعلم إتيان الجمعة وسن رسول الله الأذان للصلوات المكتوبات فاحتمل أن يكون أوجب إتيان صلاة الجماعة في غير الجمعة كما أمر بإتيان الجمعة وترك البيع واحتمل أن يكون أذن بها لتصلى لوقتها وقد جمع رسول الله مسافرا ومقيما خائفا وغير خائف وقال الله عز وجل لنبيه وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك الآية والتي بعدها قال الشافعي: وأمر رسول الله من أتى الصلاة أن يأتيها وعليه السكينة ورخص في ترك إتيان الجماعة في العذر بما ساذكره إن شاء الله تعالى في موضعه وأشبه ما وصفت من الكتاب والسنة أن لا يحل ترك أن يصلى كل مكتوبة في جماعة حتى لا يخلوا جماعة مقيمون ولا مسافرون من أن يصلى فيهم صلاة جماعة أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجل فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال يتأخرون فأحرق عليهم بيوتهم فو الذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عظما سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن حرملة أن رسول الله قال بيننا وبين المنافقين شهود العشاء والصبح لا يسطيعونهما أو نحو هذاقال الشافعي: فيشبه ما قال رسول الله من همه أن يحرق على قوم بيوتهم أن يكون قاله في قوم تخلفوا عن صلاة العشاء لنفاق والله تعالى أعلم فلا أرخص لمن قدر على صلاة الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذر وإن تخلف أحد صلاها منفردا لم يكن عليه إعادتها صلاها قبل صلاة الإمام أو بعدها إلا صلاة الجمعة فإن على من صلاها ظهر قبل صلاة الإمام إعادتها لأن إتيانها فرض بين والله تعالى أعلم وكل جماعة صلى فيها رجل في بيته أو في مسجد صغير أو

صفحة : 188

كبير قليل الجماعة أو كثيرها أجزأت عنه والمسجد الأعظم وحيث كثرت الجماعة أحب إلى وإن كان لرجل مسجد يجمع فيه ففاتته فيه الصلاة فإن أتى مسجد جماعة غيره كان أحب إلي وإن لم يأته وصلى في مسجد منفردا فحسن وإذا كان للمجسد إمام راتب ففاتت رجلا أو رجالا فيه الصلاة صلوا فرادى ولا أحب أن يصلوا فيه جماعة فإن فعلوا أجزأتهم الجماعة فيه وإنما كرهت ذلك لهم لأنه ليس مما فعل السلف قبلنا بل قد عابه بعضهم قال الشافعي: وأحسب كراهية من كره ذلك منهم إنما كان لتفرق الكلمة وأن يرغب رجل عن الصلاة خلف إمام جماعة فيتخلف هو ومن أراد عن المسجد في وقت الصلاة فإذا قضيت دخلوا فجمعوا فيكون في هذا اختلاف وتفرق كلمة وفيهما المكروه وإنما أكره هذا في كل مسجد له إمام ومؤذن فأما مسجد بني علي ظهر الطريق أو ناحية لا يؤذن فيه مؤذن راتب ولا يكون له إمام معلوم ويصلى فيه المارة ويستظلون فلا أكره ذلك فيه لأنه ليس فيه المعنى الذي وصفت من تفرق الكلمة وأن يرغب رجال عن إمامة رجل فيتخذون إماما غيره وإن صلى جماعة في مسجد له إمام ثم صلى فيه آخرون في جماعة بعدهم كرهت ذلك لهم لما وصفت وأجزأتهم صلاتهم

فضل الجماعة والصلاة معهمقال الشافعي: رحمه الله تعالى

أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله قال صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله قال صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة قال الشافعي: والثلاثة فصاعدا إذا أمهم أحدهم جماعة وأرجو أن يكون الاثنان يؤم أحدهما الآخر جماعة ولا أحب لأحد ترك الجماعة ولو صلاها بنسائه أو رقيقه أو أمه أو بعض ولده في بيته وإنما منعني أن أقول صلاة الرجل لا تجوز وحده وهو يقدر على جماعة بحال تفضيل النبي صلاة الجماعة على صلاة المنفرد ولم يقل لا تجزيء المنفرد صلاته وإنا قد حفظنا أن قد فاتت رجالا معه الصلاة فصلوا بعلمه منفردين وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا وأن قد فاتت الصلاة في الجماعة قوما فجاءوا المسجد فصلى كل واحد منهم متفردا وقد كانوا قدارين على أن يجمعوا في المسجد فصلى كل واحد منهم منفردا وإنما كرهوا لئلا يجمعوا في

صفحة : 189

مسجد مرتين ولا بأس أن يخرجوا إلى موضع فيجمعوا فيه وإنما صلاة الجماعة بأن يأتم المصلون برجل فإذا أئتم واحد برجل فهي صلاة جماعة وكلما كثرت الجماعة مع الإمام كان أحب إلى وأقرب إن شاء الله تعالى من الفضل

العذر في ترك الجماعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه أذن في ليلة ذات برد وريح فقال ألا صلوا في الرحال ثم قال إن رسول الله كان يأمر المؤذن إذا كانت أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله كان يأمر مناديه في الليلة الطيرة والليلة الباردة ذات ريح ألا صلوا في رحالكم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الأرقم أنه كان يؤم أصحابه يوما فذهب لحاجته ثم رجع فقال سمعت رسول الله ص يقول إذا وجد أحدكم الغائط فليبدأ به قبل الصلاة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن الأرقم أنه خرج إلى مكة فصحبه قوم فكان يؤمهم فأقام الصلاة وقدم رجلا وقال قال رسول الله إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الغائط فليبدأ بالغائط قال الشافعي: وإذا حضر الرجل إماما كان أو غير إمام وضوء بدأ بالوضوء ولم أحب له أن يصلى وهو يجد من الوضوء لأمر النبي أن يبدأ بالوضوء وما أمر به من الخشوع في الصلاة وإكمالها وإن من شغل بحاجته إلى وضوء أشبه أن لا يبلغ من الإكمال للصلاة والخشوع فيها ما يبلغ من لا شغل له وإذا حضر عشاء الصائم أو المفطر أو طعامه وبه إليه حاجة أرخصت له في ترك إتيان الجماعة وأن يبدأ بطعامه إذا كانت نفسه شديدة التوقان إليه وإن لم تكن نفسه شديدة التوقان إليه ترك العشاء وإتيان الصلاة أحب إلى وأرخص له في ترك الجماعة بالمرض لأن رسول الله مرض فترك أن يصلى بالناس أياما كثيرة وبالخوف وبالسفر وبمرض وبموت من يقوم بأمره وبإصلاح ما يخاف فوت إصلاحه من ماله ومن يقوم بأمره ولا أرخص له في ترك الجماعة إلا من عذر والعذر ما وصفت من هذا وما أشبهه أو غلبة نوم أو حضور مال إن غاب عنه خاف ضيعته أو ذهاب في طلب ضالة يطمع في إدراكها

صفحة : 190

ويخاف فوتها في غيبته

الصلاة بغير أمر الوالي

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن رسول الله ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم وحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال أتصلى بالناس فأقيم الصلاة قال نعم فصلى أبو بكر فجاء رسول الله والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف فصفق الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله فأشار إليه رسول الله أن أمكث مكانك فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله من ذلك ثم استأخر أبو بكر وتقدم رسول الله فصلى بالناس فلما انصرف قال يا أبا بكر ما منعك أن ثبت إذ أمرتك فقال أبو بكر ما كان لابن أبي قحافة أن يصلى بين يدي رسول الله ثم قال رسول الله مالي أراكم أكثرتم التصفيق من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيق للنساء قال الشافعي: ويجزيء رجلا أن يقدم رجلا أو يتقدم فيصلى بقوم بغير أمر الوالي الذي يلى الصلاة أي صلاة حضرت من جمعة أو مكتوبة أو نافلة إن لم يكن في أهل البلد وال وكذلك إن كان للوالي شغل أو مرض أو نام أو أبطأ عن الصلاة فقد ذهب رسول الله ليصلح بين بني عمرو بن عوف فجاء المؤذن إلى أبي بكر فتقدم للصلاة وذهب رسول الله في غزوة تبوك لحاجته فتقدم عبد الرحمن ابن عوف فصلى بها ركعة من الصبح وجاء رسول الله فأدرك معه الركعة الثانية فصلاها خلف عبد الرحمن ابن عوف ثم قضى ما فاته ففزع الناس لذلك فقال لهم رسول الله قد أحسنتم يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها قال يعني أول وقتها إلى هنا قال الشافعي: وأحب في هذا كله إن كان الإمام قريبا أن يستأمر وأحب للامام أن يوكل من يصلى بالناس إذا أبطأ هو عن الصلاة وسواء في هذا كله أن يكون الزمان زمان فتنة أو غير زمان فتنة إلا أنهم إذا خافوا في هذا شيئا من السلطان أحببت أن لا يعجلوا أمر السلطان حتى يخافوا ذهاب الوقت فإذا خافوا ذهابه لم يسعهم إلا الصلاة جماعة أو فرادى وسواء في هذا

صفحة : 191

الجمعة والأعياد وغيرها قد صلى على بالناس العيد وعثمان محصور رحمة الله تعالى عليهما M0ذ اجتمع القوم وفيهم الوالي قال الشافعي: رحمه الله تعالى إذا دخل الوالي البلد يليه فاجتمع وغيره في ولايته فالوالي أحق بالإمامة ولا يتقدم أحد ذا سلطان في سلطانه في مكتوبه ولا نافلة ولا عيد ويروى أن ذا السلطان أحق بالصلاة في سلطانه فإن قدم الوالي رجلا فلا بأس وإنما يؤم حينئذ بأمر الوالي والوالي المطلق الولاية في كل من مر به وسلطان حيث مر وإن دخل الخليفة بلدا لا يليه وبالبلد وال غيره فالخليفة أولى بالصلاة لأنه واليه إنما ولى بسببه وكذلك إن دخل بلدا تغلب عليه رجل فالخليفة أولى فإن لم يكن خليفة فالوالي بالبلد أولى بالصلاة فيه فإن جاوز إلى بلد غيره لا ولاية له به فهو وغيره سواء

إمامة القوم لا سلطان فيهم

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم قال أخبرني معن ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن قال الشافعي: وروى أن نفرا من أصحاب النبي كانوا في بيت رجل منهم فحضرت الصلاة فقدم صاحب البيت رجلا منهم فقال تقدم فأنت أحق بالإمامة في منزلك فتقدم قال الشافعي: وأكره أن يؤم أحد غير ذي سلطان أحدا في منزله إلا أن يأذن له الرجل فإن أذن له فإنما أم بأمره فلا بأس إن شاء الله تعالى وإنما أكره أن يؤمه في منزله بغير أمره فأما بأمره فذلك ترك منه لحقه في الإمامة ولا يجوز لذي سلطان ولا صاحب منزل أن يؤم حتى يكون يحسن يقرأ ما تجزيه به الصلاة فإن لم يكن يقرأ ما تجزيه به الصلاة لم يكن له أن يؤم وإن أم فصلاته تامة وصلاة من خلفه ممن يحسن هذا فاسدة وهكذا إذا كان السلطان أو صاحب المنزل ممن ليس يحسن يقرأ لم تجزيء من ائتم به الصلاة وإذا تقدم أحد ذا سلطان وذا بيت في بيته بغير إذن واحد منهما كرهته له ولم يكن عليه ولا على من صلى خلفه إعادة لأن الفعل في التقدم إذا كان خطأ فالصلاة نفسها مؤداة كما تجزيء وسواء إمامة الرجل في بيته العبد والحر إلا أن يكون سيده حاضرا فالبيت بيت السيد ويكون أولى بالإمامة وإذا كان السلطان في بيت رجل كان السلطان أولى بالإمامة لأن بيته من سلطانه وإذا كان مصر جامع له مسجد جامع لا سلطان به فأيهم أمهم من أهل الفقه والقرآن لم أكرهه أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن نافع أن صاحب المقصورة جاء إلى ابن عمر

صفحة : 192

M0جماع القوم في منزلهم سواء قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة قال حدثنا أبو اليمان مالك بن الحويرث قال قال لنا رسول الله صلوا كما رأيتموني أصلى فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم قال الشافعي: هؤلاء قوم قدموا معا فأشبهوا أن تكون قراءتهم وتفقههم سواء فأمروا أن يؤمهم أكبرهم وبذلك آمرهم وبهذا نأخذ فنأمر القوم إذا اجتمعوا في الموضع ليس فيهم وال وليسوا في منزل أحد أن يقدموا أقرأهم وأفقههم وأسنهم فإن لم يجتمع ذلك في واحد فإن قدموا أفقههم إذا كان يقرأ القرآن فقرأ منه ما يكتفى به في صلاته فحسن وإن قدموا أقرأهم إذا كان يعلم من الفقه ما يلزمه في الصلاة فحسن ويقدموا هذين معا على من هو أسن منهما وإنما قيل والله تعالى أعلم أن يؤمهم أقرؤهم أن من مضى من الأئمة كانوا يسلمون كبارا فيتفقهون قبل أن يقرءوا القرآن ومن بعدهم كانوا يقرءون القرآن صغارا قبل أن يتفقهوا فأشبه أن يكون من كان فقيها إذا قرأ من القرآن شيئا أولى بالإمامة لأنه قد ينوبه في الصلاة ما يعقل كيف يفعل فيه بالفقه ولا يعلمه من لا فقه له وإذا استووا في الفقه والقراءة أمهم أسنهم وأمر النبي أن يؤمهم أسنهم فيما أرى والله تعالى أعلم أنهم كانوا مشتبهي الحال في القراءة والعلم فأمر أن يؤمهم أكبرهم سنا ولو كان فيهم ذو نسب فقدموا غير ذي النسب أجرأهم وإن قدموا ذا النسب اشتبهت حالهم في القراءة والفقه كان حسنا لأن الإمامة منزلة فضل وقد قال رسول الله قدموا قريشا ولا تقدموها فأحب أن يقدم من حضر منهم اتباعا لرسول الله إذا كان فيه لذلك موضع قال الشافعي: أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج عن عطاء قال كان يقال يؤمهم أفقههم فإن كانوا في الفقه سواء فاقرؤهم فإن كانوا في الفقه والقراءة سواء فأسنهم ثم عاودته بعد ذلك في العبد يؤم فقلت يؤمهم العبد إذا كان أفقههم قال نعم قال الشافعي: أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني نافع قال أقيمت الصلاة في مسجد بطائفة من المدينة ولابن عمر قريبا من ذلك المسجد أرض يعملها وإمام ذلك المسجد مولى له ومسكن ذلك المولى وأصحابه ثم فلما سمعهم عبد الله بن عمر جاء ليشهد معهم الصلاة فقال له المولى صاحب المسجد تقدم فصل فقال له عبد الله أنت أحق أن تصلى

صفحة : 193

في مسجدك مني فصلى المولى صاحب المسجد قال الشافعي: وصاحب المسجد كصاحب المنزل فأكره أن يتقدمه أحد إلا السلطان ومن أم من الرجال ممن كرهت إمامته فأقام الصلاة أجزأت إمامته والاختيار ما وصفت من تقديم أهل الفقه والقرآن والسن والنسب وإن أم أعرابي مهاجرا أو بدوى قرويا فلا بأس إن شاء الله تعالى إلا أني أحب أن يتقدم أهل الفضل في كل حال في الإمامة ومن صلى صلاة من بالغ مسلم يقيم الصلاة أجزأته ومن خلفه صلاتهم وإن كان غير محمود الحال في دينه أي غاية بلغ يخالف الحمد في الدين وقد صلى أصحاب النبي خلف من لا يحمدون فعلاه من السلطان وغيره قال الشافعي: أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن نافع أن عبد الله بن عمر اعتزل بمنى في قتال ابن الزبير والحجاج بمنى فصلى مع الحجاج أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا حاتم عن جعفر بن محمد عن أبيه أن الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما كانا يصليان خلف مروان قال فقال أما كانا يصليان إذا رجعا إلى منازلهما فقال لا والله ما كانا يزيدان على صلاة الأئمة

ID ' ' ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م