يقيني يقيني حادثات النوائب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

يَقيني يَقيني حادِثاتِ النوائبِ

​يَقيني يَقيني حادِثاتِ النوائبِ​ المؤلف ابن الخياط


يَقيني يَقيني حادِثاتِ النوائبِ
وحزمِيَ حزمِي في ظهورِ النجائبِ
سَيُنْجِدُنِي جَيْشٌ مِنَ العَزْمِ طَالمَا
غَلَبْتُ بهِ الخَطْبَ الَّذِي هُوَ غَالِبي
وَمَنْ كَانَ حَرْبَ الدَّهْرِ عَوَّدَ نَفْسَهُ
قِرَاعَ اللَّيالِي لاَ قِراعَ الكَتائِبِ
عَلَى أنَّ لي في مَذْهَبِ الصَّبْرِ مَذْهَباً
يَزِيدُ اتِّساعاً عِنْدَ ضِيقِ المَذاهِبِ
وما وضعتْ منِّي الخطوبُ بقدْرِ مَا
رَفَعْنَ وَقَدْ هَذَّبَنَنِي بِالتَّجارِبِ
أخَذْنَ ثَرکءً غَيْرَ بَاقٍ علَى النَّدى
وأعطيْنَ فضلاً في النُّهى غير ذاهِبِ
فماليَ لا روضُ المساعِي بممرعٍ
لديَّ ولا ماءُ الأمانِي بساكِبِ
كأن لم يكن وعدي لديها بحائن
زماناً ولا ديني عليها بواجب
وَحَاجَةِ نَفْسٍ تَقْتَضِيها مَخَايِلِي
وَتَقْضِي بِها لِي عادِلاتٍ مَناصِبي
عَدَدْتُ لهَا بَرْقَ الْغَمامِ هُنَيْدَةً
وأُخْرَى وَمَا مِنْ قَطْرَةٍ في المَذَانِبِ
وَهَلْ نَافِعِي شَيْمٌ مِنَ الْعَزْمِ صَادِقٌ
إذا كنْت ذا برْقٍ منَ الحظِّ كاذِبِ
وَإنِّي لأغْنى بالحَدِيثِ عَنِ القِرى
وبالبرقِ عنْ صوبِ الغُيُوثِ السَّواكبِ
قَناعةُ عزٍّ لا طماعةُ ذلةٍ
تُزهِّدُ في نَيْلِ الغِنى كُل راغِبِ
إذا ما امْتَطَى الأقْوامُ مَرْكَبَ ثَرْوَةٍ
خُضُوعاً رَأَيتُ العُدمَ خيرَ مَراكِبي
ولو ركب الناسُ الغِنى ببراعَةٍ
وفضْلٍ مُبينٍ كُنتُ أولَ راكبِ
وقد أبلُغُ الغايَاتِ لسْتُ بسائرٍ
وأظفرُ بالحاجاتِ لسْتُ بطالِبِ
وما كُلُّ دانٍ منْ مرامٍ بظافرٍ
وَلا كُلُّ نَاءٍ عَن رَجاءٍ بِخائِبِ
وإنَّ الغنى مِنِّي لأدْنى مسافَةً
وأقْربُ مِمَّا بَينَ عَينِي وحَاجِبي
سأصْحَبُ آمالِي إلى ابنِ مُقَلَّدٍ
فَتُنْجِحُ مَا ألْوَى الزَّمانُ بِصاحِبِ
فما اشتطَّتِ الآمالُ إلاَّ أباحَهَا
سَماحُ عَلِيٍّ حُكْمَها فِي المَواهِبِ
إذا كُنْتَ يَوْماً آملاً آمِلاً لَهُ
فكنْ واهباً كلَّ المُنى كلَّ واهبِ
وإنَّ امرأً أفْضى إليْهِ رَجاؤهُ
فَلَمْ ترْجُهُ الأمْلاكُ إحدَى العَجائِبِ
مِنَ القَوْمِ لَوْ أنَّ اللَّيالي تَقَلَّدَتْ
بأحْسابِهِمْ لَمْ تَحْتَفِلْ بالكواكِبِ
إذا أظلمتْ سبلُ السُّراةِ إلى العُلى
سَروْا فاستضاءُوا بينَها بالمَناسِبِ
هُمُ غادَرُوا بالعِزِّ حصْباءَ أرضِهمْ
أعزَّ مَنالاً مِنْ نُجومِ الْغَياهِبِ
تَرى الدَّهرْ ما أفْضى إلى مُنْتَواهُمُ
يُنكِّبُ عَنْهُمْ بالخُطوبِ النَّواكِبِ
إذا المُنْقِذيُّونَ اعْتَصَمتْ بِحَبْلِهِم
خضبْتَ الحُسامَ العضْبَ منْ كلِّ خاضِبِ
أولئكَ لم يرضَوْا من العزِّ والغِنى
سِوى ما اسْتَبَاحُوا بالقِنا والْقَواضِبِ
كأنْ لم يُحَلِّلْ رِزْقَهُمْ دينُ مجدِهِمْ
بغيرِ العوالي والعِتاقِ الشَّوازِبِ
إذا قربُوهَا للقَاءٍ تباعَدَتْ
مسافةُ ما بينَ الطُّلى والذوائِبِ
إذا نَزَلُوا أرْضاً بِها المَحْلُ رُوِّضَتْ
وما سُحِبَتْ فيها ذيُولُ السَّحائبِ
بأنْدِيَةٍ خضْرٍ فِسَاحٌ رِباعُهَا
وأوديةٍ غزرٍ عِذابِ المشاربِ
أرى الدَّهْرَ حَرْباً للمُسالِمِ بَعْدَما
صحبناهُ دهْراً وهو سِلمُ المُحاربِ
فَعُذْ بنهاريِّ العداوةِ أوحدٍ
مِنَ القَوْمِ لَيْليِّ النَّدَى والرَّغائِبِ
تنلْ بسديد الملكِ ثروةَ مُعدِمٍ
وَفَرجَةَ مَلهُوفٍ وعِصْمَةَ هارِبِ
سعى وارثُ المجدِ التليدِ فلمْ يدَعْ
بِأفْعالِه مَجْداً طَرِيفاً لِكاسِبِ
يُغطِّي عليهِالحزمُ بالفِكَرِ التي
كشفْنَ لهُ عمَّا وراءَ العواقِبِ
ورأْيٍ يُرِي خلْفَ الرَّدى منْ أمامِهِ
فَما غَيْبُهُ المَكْنُونِ عَنْهُ بِغائِبِ
بقيتَ بَقاءَ النَّيِّرَاتِ ومِثْلَها
عُلوًّا وَصوْناً عَنْ صُرُوفِ النَّوائِبِ
ودامَ بَنُوكَ السّتةُ الزُّهرُ إنَّهُمْ
نُجومُ المَعَالِي فِي سمَاءِ المَنَاقِبِ
سللْتَ سِهاماً منْ كِنانةَ لمْ تزلْ
يقرطِسُ مِنها في المُنى كلُّ صائِبِ
فأدْرَكْتَ مَا فَاتَ المُلوكَ بِعَزْمَةٍ
تَقُومُ مَقَامَ الحَظِّ عِنْدَ المُطَالِبِ
ومَا فُقْتُهُمْ حَتَّى تَفَرَّدَتْ دُونَهُمْ
برأْيِكَ في صَرْفِ الخطوبِ اللوازِبِ
وما شرفتْ عنْ قِيمةَ الزُّبَرِ الظُّبى
إذَا لَمْ يُشَرِّفْهَا مَضاءُ المَضَارِبِ
تَجَانَفْتُ عَنْ قَصْدِ المُلُوكِ وعِنْدَهُمْ
رغائبُ لمْ تجنحْ إليها غرائبِي
تناقَلُ بِي أيدِي المَهَارى حثيثةً
كَمَا اخْتَلَفَتْ فِي الْعَقْدِ أنْمُلُ حَاسِبِ
إذا الشوقُ أغراني بذكركَ مادحاً
تَرَنَّمْتُ مُرْتاحاً فَحَنَّتْ رَكائِبِي
بَمَنْظُومَةٍ مِنْ خَالِصِ الدُّرِّ، سِلْكُها
عَرُوضٌ، ولكنْ دُرُّهَا منْ مناقِبِ
تُعَمَّرُ عُمْرَ الدَّهرِ حَتَّى إذا مَضَى
أقَامَتْ وَما أرْمَتْ علَى سِنِّ كَاعِبِ
شعرْتُ وحظُّ الشعرِ عند ذوِي الغِنى
شبيهٌ بحظِّ الشيبِ عند الكواعبِ
وَما بِيَ تقصِيرٌ عَنِ المَجْدِ والْعَلى
سِوَى أنَّنِي صَيَّرْتُهُ مِنْ مَكاسِبِي
يُعدُّ من الأَكفاءِ مَنْ كانَ عنهُمُ
غنياً وإنْ لمْ يشأهمْ في المراتِبِ
ولوْ خطرتْ بي في ضميركَ خطْرَةٌ
لَعادَتْ بِتَصديقِ الظُّنُونِ الكَواذِبِ
وأصبحَ مخضرّاً بسيبكَ مُمرعاً
جَنَابِي وَمَمْنوعاً بِسَيْفِكَ جَانِبي