يمينا بيانع ورد الخدود

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

يمينا بيانع ورد الخدود

​يمينا بيانع ورد الخدود​ المؤلف لسان الدين الخطيب


يمينا بيانع ورد الخدود
وعذب اللمى في الشهي البرود
وزورة حب على غفلة
ووصل ألم بربع الصدود
وإلا بمنهل صوب الحيا
وخفق البنود وقصف الرعود
لأنت صباح ظلام الخطوب
وكفك مفتاح باب السعود
جمالك معنى جمال الوجود
وبابك معنى مضاء وجود
ورضوان أعظم شيء يدل
على أن دارك دار الخلود
أعدت الخلافة أنوارها
سواطع من بعد طول الخلود
وألفت بالعدل بين القلوب
وفرقت بين الظبا والغمود
فهز بك الدين أعطافه
كما اهتز غصن الرياض المجود
إذا كان مدح ملوك الورى
نظاما فمدحك بيت القصيد
ألست من القوم حازوا الندى
وخاضوا إلى الروع باب الحديد
وسلوا عليه سيوفا تسيل
على صفحتيها دماء الوريد
فيا من يؤمل هذا الجناب
أرحت بعقوة رعي العهود
بلغت بيوسف مثوى الضيوف
وورد الندى ومناخ الوفود
ثمال الفقير ويسر العسير
وكهف الغريب ومأوى الطريد
تقيل أخلاق كسب الثنا
فأيد طارفها بالتليد
ولما استتم بناء العلى
وأحرز شأو الجلال البعيد
وأيقن أن لم يدع غاية
لراج ولا موضعا للمزيد
وأن الديار جسوم الجسوم
تولى إقامة قصر مشيد
تخير أعظمه مرمرا
فجاءوا بكل قوي شديد
لتحكم قوة تركيبه
بطبع صحيح وعمر مديد
وجاءت تجر إليه الصخور
عمالقة من كفاة الحشود
إذا جذبوها إليهم حنوا
ظهورا ومدوا لها كل جيد
كأنهم عبدوا صخرة
وذلك هيمنة بالسجود
كأن الأساطين مهما نظرت
إليها موسدة فوق عود
مهود توسدها توأم
مقطمة من بنات الصلود
كأن بأفلاك أعجالها
سحابا بها قطع من جليد
سفائن تخرق بحر الفلا
وتلحق نحوك بيدا فبيد
كأن الصواري على ظهرها
طرحن مخافة هول شديد
وإما أعدت فأعجاز نخل
تفطرن عن طلع يمن نضيد
تولى عطارد إتقانها
وقابلها منك سعد السعود
وعجم مهى ما عرفن الكلام
عذارى بنيات أم ولود
كواعب تخجل حور الحجال
وبيض الجسوم طوال القدود
لبسن رداء الصباح الجديد
وجررن ذيل الزمان الجديد
وقلن أبشري بلقاء الإمام
فجاءت ميممة بالصعيد
أمولاي عبدك ما إن له
مدى الدهر عن بابكم من محيد
أتتك تقرر عذر البديه
على أنها ذات نهج سديد
ولو أمهل الوقت تنقيحها
لجاوزت غاية عبد الحميد
فلا بالغبي ولا بالعيي
ولا بالبطي ولا بالبليد
بقيت لبذل نوال وجود
ونشر بنود ونصر جنود