يا مي هلا يجازى بعض ودكم

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

يا مَيَّ هلاَّ يُجازى بَعْضُ وُدِّكُمُ

​يا مَيَّ هلاَّ يُجازى بَعْضُ وُدِّكُمُ​ المؤلف الأخطل


يا مَيَّ، هلاَّ يُجازى بَعْضُ وُدِّكُمُ
أم لا يفادى أسيرٌ عندكُم خلقُ
ألا يكونَنَّ هذا عَهْدَنا بِكُمُ
إن النوى، بعدْ شحطِ الدارِ، تتفقُ
فهُنَّ يَرْمِينَنا مِنْ كلّ مُرْتَقَبٍ
وألبستني لهُ ديباجةٌ خلقُ
فقد تُهازلُني والمستقتلاتُ وقدْ
تعتاقني عند ذاتِ الموتةِ، الأنقُ
وقَدْ يُكَلفُني قَلْبي، فأزْجُرُهُ
رَبْعاً، غَداةَ غَدْواً أهواؤهُمْ فِرَقُ
وقَدْ أقولُ لثَوْرٍ: هَلْ ترى ظُعُناً
يحدو بهن حذاري مشفقُ شنقُ
كأنّها، بالرَّحا، سُفْنٌ مُلَجِّجَةٌ
أوْ حايشٌ، منْ جُواثا، ناعمٌ سُحُقُ
يرفعها الآلُ للتالي، فيدركُهُم
طرفٌ حديدٌ وطرفٌ دونهمْ غرقُ
حتى لحقنا، وقد زالَ النهارُ، وقدْ
مالَتْ لهُنَّ، بأعلى خَيْنَفَ، البُرَقُ
يبطرنَ ذا الشيبِ والإسلامُ همتهُ
ويستقيدُ لهنَّ الأهيفُ الروقُ
وفتْيَةٍ غَيْرِ أنْذالٍ، رَفَعْتُ لهُمْ
سحقُ الرداء، على علياءَ، يختفقُ
رفَعْتُهُ، وهْوَ يَهْفو في عَمائِمهِمْ
كأنهُ طائرٌ، في رجلهِ علقُ
نفسي فداءُ أبي حربٍ غداةَ غدا
مخالطُ الجنّ أو مستوحشٌ فرقُ
على مُذكَّرَةٍ، ترْمي الفُرُوجَ بها
غُولُ النجاء إذا ما استعجلَ العنقُ
وظَلَّ حِرْباؤها للشّمسِ مُصْطَخِداً
كأنه وارمُ الأوداجِ محتنقُ
والرجلُ لاحقةٌ منها بأوّلها
وفي يدَيها، إذا اسْتَعْرَضْتَها، دَفَقُ
كأنّها، بَعْدَ ضمّ السّيْرِ جَبْلَتَها
من وحشِ غزةَ موشيّ الشوى لهقُ
باتت إلى جانبٍ منها يكفئهُ
لَيْلٌ طويلٌ، وقَلْبٌ خائفٌ أرِقُ
باتَتْ لَهُ لَيْلَةٌ هاجَتْ بَوارِحُها
ومُرْزِمٌ مِنْ سَحابِ العَيْنِ يأتلِقُ
فالقَطْرُ كالّلؤلؤ المنْثور يَنْفُضُهُ
إذا اقْشَعَرَّ بِهِ سِرْبالُهُ لَثِقُ
يلُوذُ لَيْلَتَهُ مِنْها بغَرْقَدَةٍ
والغُصْنُ يَنْطُفُ فَوْقَ المَنِّ والورَقُ
حتى إذا كاد ضوءُ الصبحِ يفضحهُ
وكادَ عنهُ سوادُ الليلِ ينطلقُ
هاجَتْ بِهِ ذُبَّلٌ، مُسْحٌ جَواعِرُها
كأنّما هُنَّ مِنْ نبعِيّةٍ شِقَقُ
فظلَّ يهوي إلى أمرٍ يساقُ لهُ
وأتبعتهُ كلابُ الحي تستبقُ
يُفَرِّجُ الموْتَ عَنهُ، قدْ تَحَضّرَهُ
وكدْن يلحقنهُ، أو قد دنا اللحقُ
لمّا لحِقْنَ بهِ أنْحى بِمِغُوَلهِ
يَمْلا فرائِصَها مِنْ طَعْنِهِ العَلَقُ
فكر ذو حربةٍ، يحمي حقيقتهُ
إذا نحا لكلاها الروقُ يمتزقُ
فهنَ من بين متروكٍ بهِ رمقٌ
صرعى، وآخرَ لم يتركْ بهِ رمقُ
يَوْمَ لقيناكَ تَرْمينا السَّمومُ، وقَدْ
كاد الملاءُ منَ الكتانِ تحترقُ
على مَسانيفَ يَجْري ماءُ أعْيُنها
إذا تلغبهُنَّ السربخُ القرقُ
في غمرةٍ من سحابِ الآلِ، ترفعهم
يَطْفون فيها، قَليلاً، ثمَّ تَنْخرِقُ
عنْ ذُبَّلِ اللّحمِ، تَهْديهنَّ مُعجَلةٌ
إذا تَفَصَّدَ، مِنْ أقرابها، العَرَقُ
كأنَّ أنساعَها مِن طولِ ما ضَمَرَتْ
وشحٌ تقعقعَ فيها رفرفٌ قلقُ
تعلو الفلاةَ، إذا خفَّ السرابُ بها
كما تخُبُّ ذِيابُ القَفْرَةِ الوُرُقُ
إلى امرئٍ لا تخطاهُ الرفاقُ، ولا
جَدْبِ الخِوانِ، إذا ما استُبطىء المرَقُ
صلبِ الحيازيمِ، لا هذرِ الكلامِ، إذا
هَزَّ القناةَ، ولا مستعجلٌ زهقُ
وأنتَ يا بنَ زيادٍ عندنا حسنٌ
منكَ البلاءُن وأنتَ الناصِحُ الشفقُ
والمستقلُّ بأمرٍن ما يقومُ لهُ
غُسٌّ منَ القَوْمِ، رِعْديدٌ، ولا فَرِقُ
وأنْتَ خيرُ ابنِ أُخْتٍ، يُستَطافُ بهِ
إذا تَزَعْزَعَ فوْقَ الفَيْلَقِ الخِرَقُ
موطأ البيتِ، محمودٌ شمائلهُ
عندَ الحمالةِ لا كزّ ولا وعقُ