يا للحماسة ضاقت بينكم حيلي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

يا للحماسة ِ ضاقتْ بينكم حيلي

​يا للحماسة ِ ضاقتْ بينكم حيلي​ المؤلف صفي الدين الحلي


يا للحماسةِ ضاقتْ بينكم حيلي،
وضاعَ حقيَ بينَ العذرِ والعذلِ
فقلتُ مع قلةِ الأنصارِ والخولِ:
لو كنتُ مِن مازِنٍ لم تَستَبِحْ إبِلي
لو أنّني برُعاةِ العُربِ مُقترِنُ،
لهمْ نَزيلٌ، ولي في حَيّهِمْ سَكَنُ
ومسني في حمَى أبنائهمْ حزنُ،
إذنْ لقامَ بنصري معشرٌ خشنُ
لله قَومي الأُولى صانوا مَنازِلَهمْ
عن الخطوبِ، كما أفنوا منازلهمُ
لا تجسرُ الأسدُ أن تغشَى مناهلهم،
قومٌ، إذا الشرّ أبدى ناجذيهِ لهمُ
قومٌ، نجيعُ دمِ الأبطالِ مشربهم،
ورنةُ البيضِ في الهاماتِ تطربهم
إذا دعاهم لحربٍ من يجربهمْ،
لا يسألون أخاهمْ حينَ يندبُهم
فاليومَ قومي الذي أرجو بهمْ مددي
لأستطيلَ إلى ما لمْ تنلهُ يدي
تخونني مع وفورِ الخيلِ والعددِ،
لكنّ قَومي، وإن كانوا ذوي عَدَدِ
يولونَ جاني الأسى عفواً ومعذرةً
كعاجزٍ لم يطقْ في الحكمِ مقدرةً
فإنْ رأوا حالةً في الناسِ منكرةً،
يَجزُونَ من ظُلمِ أهلِ الظّلم مغفرَةً
كُلٌّ يَدِلّ على الباري بِعفّتِهِ،
ويستكفُّ أذى الجاني برأفتِهِ
ويحسِبُ الأرضَ تَشكو ثِقلَ مَشيَتِه،
كأنّ ربكَ لم يخلقْ لخشيتِهِ
لو قابَلوا كلّ أقوامٍ بما كَسَبوا،
ما راعَ سربهمُ عجمٌ ولا عربُ
بل ارتَضَوا بصَفاءِ العَيشِ واحتَجبوا،
فلَيتَ لي بِهمُ قوماً، إذا رَكِبُوا