يا سابحا يصهل في غرة!

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

يا سابحاً يَصْهَلُ في غِرّةٍ!

​يا سابحاً يَصْهَلُ في غِرّةٍ!​ المؤلف أبوالعلاء المعري


يا سابحاً يَصْهَلُ في غِرّةٍ!
أينَ وجيهُ الخيلِ والذائِدُ؟
آدَى له، في الدّهرِ، ما يبتغي،
ثمّ أتاهُ قدَرٌ آئِدُ
هل يأمن الحوتُ من الشُّهْب أن
يأخُذَهُ، في الكِفّةِ، الصّائد؟
أو حمَلٌ نُزّه، في الجوّ، أنْ
يغتالَهُ، بالمدْيةِ، الكائد؟
إن كانَ للمِرّيخِ عقلٌ، فما
يَستُرُ عَنهُ أنّه بائد
يُوصي الفتى بالأمرِ، من بعدِه،
كأنّه، من بينِه، عائد
يَكذِبُني الرائدُ، في زعمِهِ،
ومُهلَكٌ، إن كذَبَ، الرائد
والخيرُ لا يُكفَرُ، فليُحسنِ المسـ
ـلمُ، والصَابىءُ، والهائد
فوائِدُ الأيّامِ محبوبةٌ،
وفاقدٌ، لذّتَها، الفائد
فزجِّ دُنياكَ، فما يخلدُ الـ
ـناقصُ، في العيشِ، ولا الزائد
وإنّ منْهاجَ الرّدى يَستوي،
فيه، مَسودُ القوم والسائد
وإنّما يَلقى شُجاعُ الوغى،
كما يُلاقي النّافرُ الحائِد
تُقصَف، بالقدرةِ، رَضوى، كما
يُقصَف هذا الغُصُنُ المائد
ولو درى الموؤودُ ما عندنا
منْ نبأٍ، ما عُتِبَ الوائد
قد شُيّدَ القصرُ لسكّانِه،
وغيرُ مَن يسكُنُه الشّائد