وغانية لما رأتني أعولت

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

وغانية ٍ لما رأتنيَ أعولتْ

​وغانية ٍ لما رأتنيَ أعولتْ​ المؤلف بهاء الدين زهير


وغانيةٍ لما رأتنيَ أعولتْ
وقالتْ عجيبٌ يا زهيرُ عجيبُ
رَأتْ شعَراتٍ لُحنَ بِيضاً بمَفرِقي
وغصنيَ من ماءِ الشبابِ رطيبُ
لقد أنكرتْ مني مشيباً على صباً
وقالتْ مشيبٌ؟ قلتُ ذاكَ مشيبُ
ومَا شِبتُ إلاّ من وَقائِعِ هَجرِها
على أنّ عهدي بالصبا لقريبُ
عرَفتُ الهوَى من قبلِ أنْ يُعرَفَ الهوَى
وَما زالَ لي في الغيبِ منهُ نَصِيبُ
وَلم أرَ قَلباً مثلَ قلبي مُعَذَّباً
لهُ كلّ يومٍ لوعةٌ ووجيبُ
وكنتُ قدِ استَهوَنتُ في الحبّ نظرَةً
وَقد صارَ منها في الفُؤادِ لَهيبُ
ترَكتُ عذولي ما أرادَ بقَوْلِهِ
يسفهُ يزري يستخفّ يعيبُ
فَما رابَهُ إلاّ دَماثَةُ مَنطقِي
وأنيَ مزّاحُ اللسانِ لعوبُ
أرُوحُ وَلي في نَشوَةِ الحبّ هِزّةٌ
ولستُ أبالي أنْ يقالَ طروبُ
مُحِبٌّ خَليعٌ عاشِقٌ متَهَتّكٌ
يَلَذّ لقَلبي كُلّ ذا وَيَطيبُ
خلعتُ عذاري بل لبستُ خلاعتي
وصرحتُ حتى لا يقالَ مريبُ
وفى ليَ من أهوى وأنعمَ بالرضا
يَمُوتُ بغَيظٍ عاذِلٌ وَرَقيبُ
فلا عيشَ إلاّ أنْ تدارَ مدامةٌ
وَلا أُنْسَ إلاّ أنْ يَزُورَ حَبيبُ
وإني ليدعوني الهوى فأجيبهُ
وإني ليثنيني التقى فأنيبُ
رَجوْتُ كَريماً قد وَثِقتُ بصُنْعِهِ
وَما كانَ مَن يرْجو الكريمَ يَخيبُ
فيا من يحبّ العفوَ إنيَ مذنبٌ
ولا عفوَ إلاّ أنْ تكونَ ذنوبُ