نقاش المؤلف:القرطبي

محتويات الصفحة غير مدعومة بلغات أخرى.
من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

تصحيح[عدل]

كتاب "* الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن دين الإسلام وإثبات نبوة نبينا محمد " ليس من تصنيف الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي، صاحب التفسير المشهور والمعروف بإسم "الجامع لأحكام القرآن"، ولكنه من تصنيف شيخه وأستاذه الإمام أبو العباس أحمد بن عمر الأنصاري القرطبي, المحدث الفقيه الأندلسي المتوفى سنة 656هـ، صاحب كتاب "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم". وها هنا الدليل:-

رحلات أحمد بن عمر الأنصاري القرطبي[عدل]

رحلات أحمد بن عمر الأنصاري القرطبي(ت.656هـ) في المغرب و المشرق ومؤلفاته العلمية بقلم: سمير القدوري بحث نشر بمجلة مكتبة الملك فهد الوطنية, المجلد الثاني العدد11/2005-2006.

تمهيد: غرضي من هذا البحث أن أسلط الضوء على جوانب مهمة من حياة أبي العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر القرطبي, المحدث الفقيه الأندلسي المتوفى سنة 656هـ, الذي لمع نجمه, واشتهر عبر العصور بفضل كتابه المسمى بالمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم. لكن مع ذلك فقد طال النسيان و الإهمال تفاصيل كثيرة من حياة أبي العباس القرطبي الغنية بالأحداث, و تسللت الأوهام ذوات العدد لما كتب عنه قديما وحديثا. فبعض المصادر تخلط بينه وبين عالم آخر من مصر ترجع أصوله إلى قرطبة, وهناك أوهام راجت بين جماعة من المتأخرين بشأن مؤلفاته, و تلاميذه و شيوخه, و رحلاته العلمية, فلما وقفت على تلك الأوهام, عزمت على تحرير ترجمة لأبي العباس القرطبي تستوفي إن شاء الله ذكر جميع التفاصيل المفيدة التي حققت تواريخ و أمكنة وقوعها, ونبهت على مواطن الوهم والغلط. وقدمت قبل ذلك مبحثا جامعا لاستعراض واقع الدراسات المعاصرة بشأن أبي العباس القرطبي. 1- واقع الدراسات المعاصرة بشأن أبي العباس القرطبي: يمكن تقسيم ما أنجز من بحوث حول القرطبي إلى ثلاث فئات, الفئة الأولى تشتمل على كتب طبعت و حققت منسوبة للقرطبي مؤلفها الحقيقي, وعددها ثلاثة كتب, والفئة الثانية تشتمل على كتاب واحد من تأليفه حقق مرارا و طبع منسوبا لغيره, و الفئة الثالثة تشتمل على رسالتين جامعيتين أنجزتا حول أبي العباس القرطبي المحدث. 1-1. كتب القرطبي المطبوعة منسوبة إليه: الكتاب الأول تلخيص صحيح مسلم, و يرجع الفضل للدكتور رفعت فوزي, و الدكتور أحمد محمود الخولي في تحقيقه, اعتمادا على ثلاث نسخ مخطوطة. وقد تم طبعه فيما بعد في مجلدين بالقاهرة سنة 1988م. و قد بدل الباحثان في خدمة النص جهدا لا ينكر, و يكفيهما شرفا أنهما فتحا باب العناية بكتب هذا المحدث, وسهلا الطريق على من يروم تحقيق كتابه المفهم الذي شرح به تلخيصه لصحيح مسلم, لكن الباحثين لم يخصا المؤلف بدراسة جادة عن حياته, بل اقتصرا على نقل ترجمته من كتاب الديباج المذهب لابن فرحون على ما بها من أغلاط مطبعية و أوهام بشأن المؤلف, كالقول بأن القرطبي ولد سنة 598هـ وهو تصحيف ظاهر يمكن تفاديه بالرجوع إلى باقي مصادر ترجمة المؤلف, وقد أجمعت على ولادته بقرطبة سنة 578هـ, وفي الديباج المذهب غلط ثان في وفاة القرطبي, إذ حددها في سنة 626هـ, ولا ندري من أين جاء ابن فرحون بهذا التاريخ الشاذ عما في باقي المصادر. وقد أصاب المحققان حينما رجحا أن وفاة القرطبي كانت عام 656هـ كما قال الذهبي في تذكرة الحفاظ[1] بعد ذلك قام الدكتور عبد الله بن محمد بن أحمد الطريقي بتحقيق كتاب كشف القناع عن حكم الوجد والسماع لأبي العباس القرطبي, اعتمادا على نسختين, و طبعه بالرياض سنة 1991م, في جزء لطيف مؤلف من 200صفحة, زوده بفهارس للآيات و الأحاديث و الأعلام, و لائحة بالمصادر والمراجع المعتمدة في التحقيق, وأخيرا فهرس للموضوعات, كما قدم الباحث للكتاب بترجمة للمؤلف اعتمادا على تسعة مصادر, وهي: الديباج المذهب لابن فرحون, و البداية والنهاية لابن كثير, و شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي, و شجرة النور الزكية لمحمد بن مخلوف, والوافي بالوفيات للصفدي, والدليل الشافي على المنهل الصافي لابن تغري بردي, ونفح الطيب للمقري, وحسن المحاضرة للسيوطي, و ذيل مرآة الزمان لقطب الدين اليونيني, لكن الدكتور الطريقي لم يقم بنقد ما جاء في تلك المصادر بشأن ترجمة القرطبي, فتسللت لترجمته جملة من الأوهام, منها قوله أن قاسم بن فيرة الشاطبي(ت.590هـ) و عبد الحق الإشبيلي كانا من شيوخ القرطبي, وهذا كلام غير صحيح نقله الطريقي عن شجرة النور الزكية, و وهم آخر نقله عن الديباج المذهب مفاده أن القرطبي كان يلقب بضياء الدين, وذلك ليس صحيحا وأصل ذلك لبس وقع فيه بعض المؤرخين المغاربة, ثم ذكر أن القرطبي رحل مع أبيه في سن الصغر وسمع من علماء المدينة ومكة والقدس ومصر, وهذا وهم محض سببه اللبس الذي ألمعنا إليه, و سنفصل الكلام في كل ذلك في موضعه المناسب من هذا المقال. لا شك أن عمل الدكتور الطريقي يستحق كل تقدير, لمحاولته تحرير ترجمة موسعة للمؤلف, جمعت معلومات يسيرة عن شيوخ و تلاميذ, ومؤلفات القرطبي, كما يرجع الفضل للباحث في التنبيه على مواضع ترجمة القرطبي في تلك المصادر المهمة, و يستحق الشكر لمبادرته الطيبة بإخراج كتاب كشف القناع من حيز المخطوط إلى المطبوع, وتيسير تداوله بين الباحثين. كما يرجع الفضل أيضا للدكتور الطريقي في تعداد مواضع تواجد مخطوطات كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم, للقرطبي فلا غرابة أن تظهر بعد طبعه لكتاب كشف القناع, ثلاث تحقيقات لكتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم لأبي العباس القرطبي, ونحن نذكرها في الفقرات الموالية. - التحقيق الأول كان على شكل رسائل دكتوراه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, سنة 1415هـ- 1994م. - التحقيق الثاني قام به مجموعة من الأساتذة من بينهم الدكتور الأحمدي أبو النور, وإبراهيم الأبياري, وطبع الكتاب في خمس مجلدات بدار الكتاب المصري و اللبناني(القاهرة- بيروت), عام 1995م. - التحقيق الثالث تم على أيدي أربعة من الباحثين, وهم: محيي الدين ديب متو, و يوسف علي بديوي, وأحمد محمد السيد, و محمود إبراهيم بزّال. وقد بدلوا جهدا مشكورا في التحقيق وفي وضع فهارس قيمة للكتاب وفي التعريف بالمؤلف وكتبه تلاميذه وشيوخه, وإن كانت قد وقعت لهم أوهام ونقائص أثناء ترجمتهم للمؤلف كما وقع لمن قبلهم من المؤرخين المغاربة كابن الزبير الغرناطي و ابن عبد الملك المراكشي وابن فرحون ومحمد بن محمد بن مخلوف التونسي. وأما فيما يتعلق بالفئة الثانية من كتب القرطبي فكلامنا عليها فيما يلي. 1-2. كتاب لأبي العباس القرطبي نسب غلطا إلى غيره: وهو كتاب طبع و حقق مرات متكررة جزئيا و كليا منسوبا لغير مؤلفه, ولم يعرف أنه لأبي العباس القرطبي إلا منذ سنوات يسيرة [2], و يتعلق الأمر بكتاب: الإعلام بما في دين النصارى من الفساد و الأوهام و إظهار محاسن دين الإسلام وإثبات نبوة نبينا محمد عليه السلام, وهو كتاب لم ينجح جل محققيه في الوقوف على هوية القرطبي مؤلفه, بل نسبوا الكتاب إلى القرطبي المفسر, تقليدا منهم لإسماعيل باشا البغدادي [3], و لكارل بروكلمان [4]. وقد روج الدكتور القصبي محمود زلط لهذا الرأي في دراسة له حول القرطبي المفسر فقال ما نصه:" ومنها- يعني كتب القرطبي المفسر- الإعلام بما في دين النصارى من المفاسد و الأوهام و إظهار محاسن دين الإسلام, ولقد أشار البغدادي إلى هذا الكتاب في هدية العارفين, وحدد بروكلمان مكان هذا الكتاب فذكر في كتابه تاريخ الأدب العربي أنه يوجد منه نسختان خطيتان بمكتبة كوبريلي بتركيا تحت رقم 794 , و رقم 814" [5]. و هذا أوان استعراض تحقيقات كتاب الإعلام مرتبة حسب تاريخ ظهورها وبيان ما قيل في شأن مؤلفه من أقوال: 1. أولا تم تحقيق البابين الأول و الثاني من كتاب الإعلام وترجمتهما للسان الفرنسي, على يد الباحث بول دوفيلارPAUL DEVILLARD, وكان عمله ذاك بمثابة رسالة للدكتوراه نوقشت في شهر يناير عام 1970م بجامعة إكس من بروفنس AIX EN PROVENCE بفرنسا, واعتمد على مخطوطة واحدة هي نسخة كوبريلي رقم 794. وسنناقشه لاحقا فيما قاله بشأن هوية المؤلف و تاريخ تأليف الكتاب. 2. ثانيا تم تحقيق نفس البابين من الكتاب من طرف الباحث علي بوعمامة, اعتمادا على مخطوطتين هما نسختا خزانة كوبريلي رقم 794, ورقم 814, ونال بذلك درجة الدكتوراه من جامعة ستراسبورغ Strasbourg من فرنسا سنة 1976م, و قد نسب الكتاب خطأ إلى القرطبي المفسر. 3. ثالثا تم تحقيق الكتاب كاملا اعتمادا على مخطوطة كوبريلي رقم 794, على يد الدكتور أحمد حجازي السقا, وهو تحقيق سقيم لأن المحقق يتجاسر على تحريف النص كلما عن له ذلك, و قد طبع الكتاب لأول مرة بالقاهرة سنة 1980م, و لم يجزم السقا بنسبة الكتاب إلى القرطبي المفسر, لكنه تراجع في كتبه الأخرى فنسبه له. وقد شحن أول الكتاب وآخره بكلام ممل لا طائل ورائه دأب على تكريره في جميع تآليفه وتحقيقاته, وكان يجب عليه بدل ذلك القيام بتحقيق البحث في نسبة الكتاب لمؤلفه ووضع الكتاب في سياقه التاريخي و الأدبي. و كيف ما كانت الأحوال, فلهذه النشرة الفضل الكبير في تداول القارئ العربي للكتاب وخروجه من حيز النسيان, وإن كان المحقق قد قصر في خدمة النص, وتخريج منقولات المؤلف عن المصادر الإسلامية وغيرها. 4. رابعا تحقيق, القسم الثاني من الباب الثالث من الكتاب على يد الباحث التونسي عبد الله الخلائفي, في نطاق شهادة الكفاءة في البحث تحت إشراف الدكتور عبد المجيد الشرفي(تونس) عام 1981م, واعتمد الباحث على ثلاث نسخ من الإعلام [6], ولم يفلح الخلائفي كسابقيه في التعرف على هوية القرطبي مؤلف الإعلام بل حوم بين قول دوفيلار و أقوال البغدادي و كارل بروكلمان المذكورة فيما سبق. 5. خامسا حقق الكتاب كاملا على يد الباحث فايز سعيد صالح عزام في نطاق الدكتوراه لسنة 1405هـ- 1985م بجامعة أم القرى, و قد نسب الإعلام غلطا للقرطبي المفسر, واعتمد في تحقيقه على نسخة مخطوطة واحدة فقط [7]. وهكذا تعاقبت على الكتاب التحقيقات تلو التحقيقات دون أن يفلح أحد ممن ذكرنا في التعرف على هوية المؤلف. ثم شاء الله عز وجل أن يتمكن كاتب هذه السطور في ربيع سنة 1999م من التعرف على هوية المؤلف وإقامة البرهان على أنه هو أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر الأنصاري القرطبي صاحب كتاب المفهم, ونشرت مقالين حول هذا الاكتشاف, أحدهما باللغة العربية و قد نشرته جريدة العلم (بالمغرب) [8], والثاني باللغة الأسبانية ونشر سنة 2000م بمجلة القنطرة(بمدريد). 6- بعد ذلك بيسير استفاد الباحث المغربي أحمد آيت بلعيد مما نشرته في مقالي بمجلة القنطرة, وقام بدراسة و تحقيق المبحث الخاص بإثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من كتاب الإعلام, وترجمة ذلك للسان الأسباني, ونال بعمله ذاك درجة الدكتوراه من جامعة كمبلوتينسي(Complutense) بمدريد, سنة 2002م, وقد نوهت اللجنة التي ناقشت الأطروحة بعمل الباحث وجهوده الكبيرة في البحث وبأخلاقه وأدبه الجم وبأمانته. ثم قام نفس الباحث بطبع القسم العربي من تحقيقه بدار الكتب العلمية, بيروت, عام 2004م, وأرفقه بدراسة مقتضبة غير محررة عن القرطبي كتابه, إذ لم يستطع الباحث تجاوز بعض الأوهام التي لصقت بحياة المؤلف, لكنه, والحق يقال, قد بدل في خدمة النص جهدا كبيرا يستحق عليه التقدير و التنويه, فقام بمقابلة النص المطبوع بالقاهرة سنة 1980م بما يماثله في مخطوطة الإعلام المحفوظة بالخزانة الحسنية بالرباط, وقام أيضا بتخريج منقولات المؤلف من أمهات كتب السنة النبوية [9], و السيرة, وتخريج الأيات القرآنية, و نصوص الكتاب المقدس, وقام بشرح بعض الغريب, والتعريف بالأعلام الواردة أسماؤهم في النص, واستدرك الباحث على المؤلف استدراكين جانب الباحث فيهما الصواب, ولابد من التنبيه عليها. الاستدراك الأول: قال القرطبي:" وفي الصحف المنسوبة للإثني عشر نبيا:" إن الله سيتجلى من القبلة, وتظهر كلمة القدس من جبال فاران ظهورا أبديا, يحمد الله على ذلك في السماوات...الخ". علق الباحث على هذا في الحاشية الخامسة من الصفحة 45, فقال:" وقع سهو للمؤلف, فالنص موجود في سفر حبقوق و ليس في[سفر] أعمال الرسل [من العهد الجديد] [10] كما أشار إلى ذلك". أقول للباحث علمت شيئا وغابت عنك أشياء, وأنت أحق بنسبة السهو والوهم إليك, فلم يقصد المؤلف قط تلاميذ المسيح الإثنا عشر المذكورة بعض أخبارهم في كتاب أعمال الرسل من العهد الجديد, ولكنه قصد سفر حبقوق وهو السفر الثامن ضمن كتب الأنبياء الإثني عشر الصغار, حسب تقسيم اليهود لأسفار العهد القديم, فمن المعلوم لدى علماء هذا الشأن أن اليهود يقسمون العهد القديم إلى ثلاثة أقسام, وهي: القسم الأول: ويسمونه التوراة, وهي خمسة أسفار تنسب في تقاليدهم لموسى, وبالعبرية " حوميش موشي". القسم الثاني: ويسمونه الأنبياء, و بالعبرية " نبئيم", ويتألف هذا القسم من شطرين. - الشطر الأول يسمى الأنبياء المتقدمون, و بالعبرية " نبئيم رأشونيم", و عدد أسفاره ستة, وهي: يشوع, و القضاة, وسفر صموئيل( الأول و الثاني), و سفر الملوك( الأول والثاني). - الشطر الثاني يسمى الأنبياء المتأخرون, و بالعبرية " نبئيم أحرونيم". و هم عند اليهود فئتان: - فئة الأنبياء الثلاثة الكبار, وهم: أشعيا, وأرميا, وحزقيال. - وفئة الأنبياء الإثنا عشر الصغار, وهم: هوشع, و يوئيل, و عاموس, و عوبديا, ويونس, و ميخا, و ناحوم, و حبقوق [11], وصفنيا, وحجاي, و زخريا, و ملاخي. القسم الثالث: كتب الحكمة و الأناشيد, و بالعبرية " كتوبيم", وترتيبها كالآتي: المزامير, و الأمثال, وأيوب, و نشيد الأنشاد, و راعوث, ومراثي أرميا, و الجامعة, و إستير, و دانيال, و عزرا, و نحميا, و أخبار الأيام الأول و الثاني [12]. الاستدراك الثاني: قال المؤلف:" وعند هذا يتبين أنه صلى الله عليه وسلم أحلم الناس عند مقدرة, وأصبرهم على مكرهة" [13], فصحح الباحث النص بأن عرف المقدرة و المكرهة بزيادة الألف و اللام [14], وهو يجهل أن كون اللفظتين جائتا نكرة, أبلغ في المدح, والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم يعفو عند كل مقدرة صغيرة كانت المقدرة أو كبيرة, ويصبر على المكرهة صغيرة كانت أو كبيرة. فهكذا نرى أن الباحث تجاسر على تخطئة المؤلف بدون داع لذلك. وبقت أشياء تستدرك على الباحث, أبينها إن شاء الله في الموضع المناسب من هذه الدراسة. 1-2-1. إثبات صحة نسبة الكتاب لأبي العباس القرطبي: نأتي الآن إلى قضية إثبات صحة نسبة كتاب الإعلام لأبي العباس القرطبي, ولنبدأ بتصفح ما قاله الدكتور بول دوفيلار بشأن الكتاب ومؤلفه, فقد حاول هذا الباحث دفع نسبة الكتاب للقرطبي المفسر, لكنه أتى بأوهام كثيرة. بيان ذلك أنه انطلق في بحثه من الفقرة التي وصفت بها نسخة كوبريلي 794 في فهرس المخطوطات المصورة بمعهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية, وهذا نصها:" رقم 29. الإعلام بما في دين النصارى من الفساد و الأوهام, وإظهار محاسن دين الإسلام(...) تأليف القرطبي(؟), وهو رد على كتاب ألفه أحد النصارى سماه " تثليث الوحدانية" بعث به من طليطلة إلى مدينة قرطبة. فرغ منه سنة 684 بالكرك المحروس, نسخة كتبت سنة 879هـ, بخط نسخ جيد واضح[ كوبريلي 794 مكرر(يعني ثاني مجموع), 107 ورقة, مقاس 18/ 26سم]" [15]. لقد اغتر دوفيلار بقول المفهرس" بأن الكتاب فرغ منه بالكرك المحروس سنة 684هـ", فقال كيف يصح نسبة كتاب فرغ من تأليفه سنة 684هـ, للقرطبي المفسر المتوفى سنة 671هـ. و هذا الاستدلال من الدكتور دوفيلار, كان سيكون صائبا لو سلمنا صحة ما ذكره المفهرس, لكن الأمر غير مسلم عندي, فالتاريخ المذكور لا يوجد بآخر كتاب الإعلام, وإنما هو تاريخ فراغ علاء الدين الباجي الشافعي(ت.714هـ), من تأليف كتاب الأسئلة على التوراة, وهو كتاب مخطوط يقع في آخر المجموع (كوبريلي رقم 794). إذ نقرأ في آخر كتاب الباجي ما نصه:" قال المصنف[علاء الدين الباجي] رحمه الله: نجز ما يسره الله تعالى على خاطري من الأسئلة على التوراة في العشر الأواخر من شهر ربيع الأول سنة أربع وثمانين و ستمائة, بالكرك المحروس و الصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبد الله وعلى سائر النبيين, وآل كل أجمعين..." [16]. ولما ظن دوفيلار أنه تمكن من استبعاد فرض كون الإعلام من تأليف القرطبي المفسر, شرع في البحث عن هوية المؤلف الذي لم يرد اسمه في مخطوطة كوبريلي و إنما جاء على غلافها أنه الإمام القرطبي, ولما أعيت دوفيلار المطالب, رجع إلى كتاب الأدب الدفاعي و الجدلي لمورتس شتاينشنيدرMORITZ STEINSCHNEIDER, فوجده يخصص فقرة لكتاب الأموال الذي ألفه أبو جعفر أحمد بن نصر الروادي(كذا), المخطوط بالأسكوريال (تحت عدد 1165) [17] والمؤرخ عام 677هـ, قال موريتز :هو كتاب يضم معلومات عن أحكام أهل الذمة", كما اعتقد أن الكتاب ألف فعلا سنة 677هـ [18], فاكتفى دوفيلار بهذه الفقرة وقال, يترجح لدي أن أحمد بن نصر الروادي(كذا) هو مؤلف كتاب الإعلام. وفي ما ذهب إليه دوفيلار أغلاط كثيرة, بعضها فوق بعض, فمؤلف كتاب الأموال هو أبو جعفر أحمد ابن نصر الداودي, (وليس الروادي), وهو فقيه مالكي من شمال إفريقية وليس هو من قرطبة, التي لم يدخلها قط, وقد ترجم له القاضي عياض في ترتيب المدارك فقال:"أحمد بن نصر الداودي الأسدي, أبو جعفر. من أئمة المالكية بالمغرب. كان بطرابلس, وبها أصل كتابه في شرح الموطأ, ثم انتقل إلى تلمسان. وكان فقيها فاضلا متقنا مؤلفا مجيدا, له حظ من اللسان و الحديث و النظر, ألف كتاب النامي في شرح الموطأ, والواعي في الفقه, والنصيحة في شرح البخاري, وله كتاب الأموال. توفي بتلمسان سنة 402هـ"[19] . ويوجد بآخر مخطوطة كتاب الأموال بالأسكوريال, ما نصه:" كان الفراغ من نسخه, نفع الله به, يوم السبت الثالث والعشرين لشهر صفر عام سبعة وسبعين وستمائة, ابتدأ بالنسخ لنفسه, وأكمل له محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغيلي", فهذا دليل على أن تلك النسخة كتبها محمد بن عبد الرحمن المغيلي سنة 677هـ, ثم إن لكتاب الأموال نسخة ثانية بالخزانة العامة بالرباط في مجموع(رقمه 98ق) مؤرخ سنة 540هـ[20] . فلا يعقل أن يكون الداودي المتوفى عام 402هـ, قد ألف كتاب الإعلام المصنف في القرن السابع الهجري, بدليل قول القرطبي مؤلفه فيه:" وهذا دين محمد رسولنا صلى الله عليه وسلم قائم منذ ستمائة سنة ونيف"[21] . نأتي الآن للكلام على من نسب الإعلام للقرطبي المفسر, فنقول :لقد سكتت نسخ كتاب الإعلام الثلاثة, المعروفة لدينا, عن ذكر اسم المؤلف, واكتفت بنسبته إلى بلده الأصلي قرطبة, فتجد على غلافها:" كتاب الإعلام... للإمام القرطبي(؟)", وهذا السكوت هو الذي أوهم إسماعيل باشا البغدادي و كارل بروكلمان من بعده, وجميع من قلدهما, بأن الأمر يتعلق بمحمد بن أحمد بن فرح القرطبي(ت. 671هـ) مفسر القرآن, في حين أن اسم المؤلف حفظ بصورة عجيبة بآخر نسخة الإعلام المحفوظة بالخزانة الحسنية بالقصر الملكي بالرباط[22] , وهي نسخة كتبت بجزيرة جربة بتونس عام 1142هـ, وأول من اكتشفها هو محمد إبراهيم الكتاني رحمه الله, وأشار إليها في مقال له[23] . جاء بخاتمة تلك النسخة, ما نصه:( وكان الفراغ منه أواخر يوم الخميس, أواخر شهر جمادى الأولى سنة 1142هـ، بجزيرة جربة. وأما الفراغ من نسخ أصله[ ففي] ضحوة سادس يوم من شعبان سنة 726هـ بدمشق المحروسة. ووجدت على الأصل المنتسخ منه ما صورته:" قرأته على الإمام العالم الزاهد مصنفه, رضي الله عنه, بتاريخ مفتتح عام 628هـ, وكتب الحقير العبد الفقير إلى الله أحمد بن يوسف السلاسي". ووجدت على الأصل أيضا:" بلغت المقابلة بالمُبَيَّضَة و الحمد لله وحده, وذلك على يد الفقير إلى مولاه, الغني به, أحمد بن عمر في العشر الأول لمحرم سنة 617هـ"). و حينما قرأت هذا الكلام كان أول شيء تبادر إلى ذهني, أن أحمد بن عمر المذكور في النص ربما هو اسم المؤلف الذي انتسخ لنفسه نسخة من كتابه قام بمقابلتها بالمبيضة ثم سجل على تلك النسخة اسمه وتاريخ فراغه من المقابلة بالمبيضة, والنسخة المذكورة هي التي قرأها أحمد بن يوسف السلاسي على المؤلف وسجل اسمه بآخرها توثيقا لقرائته على الشيخ. بعد هذا الفرض لزمني البحث عن عالم قرطبي اسمه أحمد ابن عمر, عاش خلال القرن السابع الهجري, وله كتاب في الرد على النصارى يسمى الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام. أثناء البحث عن العالم القرطبي الذي تتحقق فيه شروط افتراضي, وقع نظري وأنا بمنزل أستاذي مصطفى ناجي رحمه الله على كتاب تلخيص صحيح مسلم لأبي العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر الأنصاري القرطبي(ت.656هـ), فشد انتباهي تطابق اسمه و بلده الأصلي و عصره, مع الأوصاف التي اشترطت , فقمت أولا بعقد مقارنة بين أسلوب أبي العباس القرطبي في خطبة كتابه تلخيص صحيح مسلم, وبين أسلوب خطبة كتاب الإعلام, فلاحظت تشابها غريبا بينهما, وعزمت على البحث في كتب التراجم التي ذكر فيها أبو العباس القرطبي لعلي أجد فيها ما يثبت أنه صنف كتابا في الرد على النصارى يسمى الإعلام, لكنني مع الأسف, لم أظفر في تلك المصادر- على كثرثها- بشيء مما أملته, فشرعت بعد ذلك في البحث في كتب أبي العباس نفسه لعلي أعثر على بغيتي هنالك. و بعد تصفح مخطوطات كتابه المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم, بالخزانة العامة بالرباط, جاءت النتائج مذهلة, إذ كان أول شيء وقفت عليه هو جملة من آخر المخطوطة رقم (ق 253) وفيها قول أبي العباس القرطبي:" وقد بينا ذلك في كتابنا في الرد على النصارى" فثابرت على البحث في باقي مخطوطات المفهم ووجدت سبعة مواضع أخرى ذكر فيها عنوان الكتاب بصيغ مختلفة, و عثرت على النصوص نفسها في كتاب المفهم المطبوع[25] , منها قول أبي العباس القرطبي:" وقد أسبغنا القول في هذا في كتاب الإعلام", و قوله:" كما نقلنا ذلك في كتابنا المسمى بـ كتاب الإعلام بما في دين النصارى من الفساد و الأوهام و إثبات نبوة نبينا محمد عليه السلام". ثم قمت بتخريج جميع النصوص التي ذكر فيها الإعلام في المفهم, وذلك بمقابلتها بما يماثلها من كتاب الإعلام المطبوع[26] , وعينتها في جدول ألحقته بآخر مقالي بمجلة القنطرة[27] . ولابأس من بيان عدة حقائق بشأن ظروف تأليف الكتاب, وهذا ما سنفصل القول فيه في المبحث الموالي. 1- 2- 2- تحديد زمان ومكان تأليف كتاب الإعلام: لدينا في نص كتاب الإعلام ثلاث مواضع دالة على تاريخ تأليف الكتاب لكن بصورة تقريبية فقط, ونحن نستعرض تلك المواضع, ونضيف لها قرائن أخرى خارجية تساعد على تحديد تاريخ التأليف بدقة كبيرة. أ- قال القرطبي :" وهذا دين محمد رسولنا صلى الله عليه وسلم قائم منذ ستمائة سنة ونيف" [28]. ب- قال القرطبي:" وهذا دين الإسلام الذي جاء به محمد عليه السلام له ستمائة سنة ونيف من الأعوام"[29] . هذان الموضعان يتركان الأمر مفتوحا لجميع الاحتمالات الممكنة في أمر ذلك النيف الذي زاد عن الستمائة سنة, فمن قائل"أن المراد به الخمسين فيكون الكتاب ألف حوالي 650هـ", ومن قائل" المراد بالنيف أقل من العشرين, و أن تاريخ التأليف لا يتجاوز 620هـ", والحق أن القرطبي يعطينا في موضع ثالث دليلا يستبعد به الفرض الأول. ج- قال القرطبي:" أما بعد فقد وقفت وفقك الله على كتاب كتب به بعض المنتحلين لدينا الملة النصرانية سماه كتاب تثليث الوحدانية, بعث به من طليطلة أعادها الله, إلى مدينة قرطبة حرسها الله"[30] . في هذا النص دليل على أن القرطبي ألف الإعلام قبل سقوط قرطبة(سنة 633هـ) ولو كان ألفه بعد سقوطها لوجب أن يقول" قرطبة أعادها الله". وقد وقفت في كتاب المفهم للقرطبي على نصين استعمل فيهما لفظة النيف بعد المئات, وهو يقصد بالنيف عددا بين الثلاثة عشر و السبعة عشر, إذ قال بشأن عدد المسلمين الذين شهدوا معركة بدر: - "...لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوم بدر في ثلاثمائة من أصحابه و نيف, وقيل ثلاثة عشر وقيل سبعة عشر"[31] , يعني أن علماء السير والمغازي اختلفوا في عدتهم على قولين, أولهما أن عدتهم 313 رجلا, والثاني أن عدتهم 317رجلا. والشاهد عندنا هنا أن استعمال القرطبي للنيف يؤيد مذهب من جنح إلى جعل كتاب الإعلام قد صنف قبل عام 620هـ, من جهة ثانية, تفيدنا نسخة الخزانة الحسنية أن أحمد بن عمر القرطبي كان قد بيض كتابه الإعلام قبل العاشر من محرم سنة 617هـ, وهذا دليل على أن الكتاب ألف قبل سنة 617هـ, بزمن أعتقد أنه لا يعدو السنة. والراجح عندي أن القرطبي ألف كتابه الإعلام بقرطبة في تاريخ يقع حوالي 614هـ- 616هـ. لأننا سنبين في ترجمته أنه كان بغرناطة عام 614هـ, وأنه بعد هذا التاريخ سمع بقرطبة بعض كتب شيخه القاضي أبي عبد الله ابن المناصف, ولأن القرطبي عندما تحدث عن سبب تأليفه للإعلام قال بأن خبر كتاب النصراني نُمِيَ إليه , أي أنه لم يبلغه الخبر في حينه, والسبب في ذلك راجع إلى سفرته حينئذ لغرناطة, فلما عاد لقرطبة أخبره جماعة من أصدقائه بقصة كتاب النصراني وتحديه لعلماء قرطبة, وأنهم أعرضوا عن جوابه, فعاود النصراني مراسلتهم وأفحش في القول وتبجح أمام قومه بأن علماء قرطبة عاجزون عن جوابه. وطلب أصحاب القرطبي منه الرد على النصراني, فامثتل أمرهم, وألف كتابه الإعلام. 1- 2- التعريف ببعض الرسائل الجامعية حول القرطبي المحدث: لقد حركت قضية اكتشافي لصحة نسبة كتاب الإعلام للقرطبي المحدث, همم بعض الطلبة و الأساتذة فبدأت الرسائل الجامعية تسجل حول جهود أبي العباس القرطبي في علم الحديث, و اللافت للنظر أن الطلبة المذكورين كانت بيني وبينهم صلات تعاون, فقد زودتهم بكثير من المعلومات الضرورية لتحرير ترجمة أبي العباس القرطبي تكون خالية من الأوهام, و هي مواد تشكل المسودة الأولى لهذا البحث, لكن لا شك أن أولائك الطلبة بدلوا جهدا في التعريف بجهود القرطبي في علم الحديث. وكانت أول رسالة سجلت في هذا الصدد عبارة عن بحث تمهيدي بدار الحديث الحسنية بالرباط قامت به الباحثة فنيدة الحديوي المتخصصة في علم الحديث, وعنوان موضوعها هو: أبو العباس القرطبي وجهوده في خدمة الحديث النبوي الشريف, وأشرف على بحثها أستاذنا الدكتور محمد الراوندي. وقد خصصت الباحثة 24صفحة للتعريف بالقرطبي, قدمت خلالها نقدا ممتازا لأهم مصادر ترجمته, فتمكنت من تجاوز الأوهام التي تسللت لبعض مصادر الترجمة, أعني كتاب الديباج لابن فرحون, وشجرة النور الزكية في طبقات المالكية. وكنت قد زودت الباحثة بمسودة دراستي الأولى عن حياة أبي العباس القرطبي فأرشدتها إلى المصادر التي نذكرها مرتبة حسب وفيات مؤلفيها كما يلي: التكملة لابن الأبار(ت.658هـ), ومعجم شيوخ الدمياطي(ت.704هـ), والذيل و التكملة للمراكشي(ت.705هـ), وذيل مرآة الزمان لقطب الدين اليونيني(ت.726هـ), وكتب الحافظ شمس الدين الذهبي(ت.748هـ) وهي: تاريخ الإسلام, والعبر, وتذكرة الحفاظ, وسير أعلام النبلاء, والإعلام بوفيات الأعلام. ورجعت كذلك لكتاب الطالع السعيد لكمال الدين الأدفوي(ت.748هـ), و الوافي بالوفيات للصفدي(ت.764هـ), و البداية والنهاية لابن كثير(ت.774هـ), والديباج المذهب لابن فرحون(ت.799هـ), والمقفى الكبير للمقريزي(ت.845هـ), وحسن المحاضرة للسيوطي(ت.911هـ), و نفح الطيب للمقري(ت.1041هـ), وكشف الظنون لحاجي خليفة(ت.1069هـ), وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي(ت.1089هـ), وشجرة النور الزكية لمحمد بن مخلوف, وهدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي, و الأعلام للزركلي, ومعجم المؤلفين لكحالة, و تاريخ الأدب العربي لبروكلمان , و تاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين[34] . فمن هذه المصادر مضافة إلى كتب القرطبي, و كتب التاريخ مثل كتاب الكامل لابن الأثير و تاريخ ابن خلدون ومصادر أخرى مساعدة, تمكنت الباحثة من كتابة ترجمة دقيقة وصحيحة للقرطبي كان من نتائجها: - أولا:تصحيح كل الأوهام التي شابت ترجمة القرطبي في بعض المصادر المغربية مثل الذيل و التكملة والديباج المذهب و شجرة النور الزكية. - ثانيا بيان الترتيب الزمني الصحيح لمراحل رحلات القرطبي العلمية, بتحديد تاريخ دقيق لبداية رحلة أبي العباس القرطبي المغربية لتلمسان وفاس و سبتة قبل قفوله لقرطبة, و حددت كذلك تاريخ رحلته إلى الحج, وبرهنت على أنه لم يرجع بعدها لبلاده بل استقر في الإسكندرية إلى أن توفي, واستطاعت الباحثة إحصاء 14 شيخا للقرطبي, و 11 كتابا من مصنفاته, وأحصت خمسة من تلاميذه. ثم توسعت الباحثة في باقي فصول بحثها في الكلام عن علم القرطبي الواسع في العلوم الإسلامية, وساقت الأمثلة على كل ذلك من كتبه, فجاء بحثا مفيدا, على صغر حجمه, ومادته العلمية دسمة. وقد أنهت بحثها في بداية سنة 2000. وبعدها بسنتين سجل الطالب ياسين مزوز بدار الحديث الحسنية أيضا, موضوعا ثانيا حول القرطبي متأثرا بالبحث السابق, واختار لموضوعه عنوانا مشابها للأول, وهو: أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي المتوفى سنة 656هـ و منهجه في تأويل مختلف الحديث من خلال كتابه المفهم, وقد أشرف علي هذا البحث الدكتور عبد الحميد عشاق. لقد اعترف الباحث, عند جرده لكتب من ترجم للقرطبي, بفضل الباحثة المذكورة في تحرير ترجمة جيدة, فقال:" كما ترجمت له(يعني القرطبي) الطالبة الباحثة فريدة(كذا, والصواب فنيدة) الحديوي في بحثها: " أبو العباس القرطبي وجهوده في الحديث النبوي", ترجمة سليمة من الأخطاء والأوهام, فأحصت شيوخه وتلاميذه و مصنفاته, إلا أنها اقتصرت في هذا العمل على بعض مصادر الترجمة فقط مما جعله في حاجة إلى إضافة جديدة"[35] . أما الترجمة التي كتبها الباحث ياسين مازوز فتتألف في تسعين بالمائة من محتواها من الترجمة التي حررتها الباحثة فنيدة الحديوي, إذ ما زاده الباحث عليها لا يؤثر كثيرا على الحقائق الأساسية التي سطرتها. لكنه بدل جهدا لا ينكر في البحث و الاستقصاء و استطاع أن يضيف معلومات مفيدة بشأن القرطبي استخرجها من تفسير القرطبي, وكتاب التذكرة له أيضا, وقد كنت أرشدت الباحث إلى مواطن أخرى ذكر فيها القرطبي, مثل كتاب صلة الخلف بموصول السلف لمحمد بن سليمان الروداني, وفهرسة المنتوري, ثم استطاع هو باجتهاده أن يقف على مصادر إضافية ككتاب الجواهر المضية في طبقات الحنفية لمحيي الدين القرشي الحنفي(-.775هـ), و كتاب التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة لشمس الدين السخاوي(-. 902هـ) وهو مصدر يذكر فيه القرطبي عرضا, ولم يتنبه الباحث إلى أن السخاوي مجرد ناقل لما في كتاب العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين لتقي الدين الفاسي, لأن الباحث لم يعرج على هذا المصدر. و وقع الباحث في أوهام أثناء ترجمته للقرطبي, أرى من المناسب التنبه عليها بعجالة. بيان الوهم الأول: بينت الباحثة الحديوي, أن القرطبي دخل الإسكندرية قاصدا الحج في وقت استرجاع المسلمين لدمياط من يد الإفرنج في رجب سنة 618هـ, فنقل الباحث عنها هذه المعلومة دون أن يشير إلى الباحثة, ثم غير المصدر التاريخي الذي رجعت هي إليه, وهو كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير(ت.630هـ) المعاصر لتلك الأحداث, وعوضا عنه استند الباحث على كتاب البداية والنهاية لابن كثير وهو بعيد زمنيا عن تلك الأحداث, ثم وهم الباحث فقال إن دمياط كانت في يد التتار, مع أن مصدره ومصدر الباحثة يقولان صراحة بأن دمياط كانت في يد الفرنج[36]. بيان الوهم الثاني: أنه يجعل الحافظ أبا ذر مصعب بن محمد بن مسعود الخشني من شيوخ القرطبي بالأندلس[37] , وهذا غلط بل الخشني من شيوخ القرطبي بمدينة فاس حيث كان الشيخ مستقرا وقت زيارة القرطبي لتلك المدينة. الوهم الثالث: أنه يجعل الحافظ عبد العظيم المنذري(ت.656هـ) من شيوخ أبي العباس القرطبي, في حين أنه من شيوخ القرطبي المفسر الذي كان قد كتب عدة طرر على إحدى نسخ كتاب المفهم, فأدرجها المحققون سهوا في المتن, فلما رآها الباحث لم يتفطن للأمر وظن أن المؤلف هو الذي قال: " قال شيخنا المنذري" وهي طرة من كلام القرطبي المفسر[38] . بيان الوهم الرابع: غلط الباحث فجعل ابن الزبير الغرناطي(ت.708هـ) من تلاميذ أبي العباس القرطبي بالإجازة, تعويلا منه على غلط وقع فيه محمد بن سليمان الروداني صاحب كتاب صلة الخلف بموصول السلف, هذا مع أن ابن الزبير إنما يروي بالإجازة عن القرطبي المفسر, عن أبي العباس القرطبي صاحب المفهم, كما يظهر جليا في فهرسة المنتوري الأندلسي(ت.834هـ), حيث نقرأ ما نصه:" تآليف أبي العباس أحمد بن عمر الأنصاري القرطبي مؤلف المفهم في شرح مسلم , حدثني بها القاضي أبو بكر بن جزي, عن أبيه, عن الأستاذ أبي جعفر ابن الزبير, عن الشيخ أبي عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي, عنه" . أما توجيه الباحث للخلاف بين كتاب الروداني و فهرسة المنتوري بأن ابن الزبير روى المفهم عاليا عن مؤلفه ثم رواه نازلا بواسطة القرطبي المفسر, فلا يتجه, لأن ابن الزبير لم يذكر أن له إجازة من القرطبي صاحب المفهم, ولا ذكر ذلك من ترجم لابن الزبير, ويكفينا أن نقول بأن ابن الزبير لا يحقق شخص أبي العباس القرطبي و يخلط بينه وبين ضياء الدين أحمد بن محمد القرطبي القنائي المصري المولد. الوهم الخامس: غلط الطالب في سنة وفاة رشيد الدين العطار تلميذ القرطبي, فكتبها هكذا: سنة 622هـ, والصواب أنها هكذا: سنة 662هـ, والظاهر أنه غلط مطبعي فقط. ومما يعاب على الباحث, سطوه على جهود الباحثة فنيدة الحديوي في تحرير ترجمة القرطبي و تصحيح أوهام بعض المصادر بشأنه, كأوهام محمد بن محمد مخلوف في شجرة النور الزكية, و غيرها. إذ نجد الباحث ينقل جميع تحقيقات الباحثة دون أن يصرح بأنها صاحبة الفضل و السبق في التنبيه على تلك الأوهام وتصحيحها, بل نجد الباحث يوهم من لم يعرف بحث فنيدة الحديوي, أن كل ما ذكره هو جهد شخصي لم يسبق إليه, وهذا أمر غير مقبول, كما أنه استفاد مني مشافهة, ولم يعرج على هذا بتاتا, ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله. باستثناء هذه المؤاخذات فقد أجاد الباحث و أفاد و تمكن بصبره ومثابرته على مطالعة كتاب المفهم من أوله إلى آخره أن يقدم دراسة مشرقة بشأن براعة القرطبي في علوم الحديث. فهذا جرد سريع لواقع أهم الدراسات العربية بشأن أبي العباس القرطبي. 2- أبو العباس القرطبي الاسم و الأسرة و النشأة: أجمعت المصادر على أن القرطبي مؤلف كتاب المفهم هو أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر الأنصاري, وأنه يكنى أبا العباس, وأنه ولد بمدينة قرطبة سنة 578هـ. كان أبوه أبو حفص عمر الأنصاري القرطبي فقيها خامل الذكر إذ لم يترجم له في أي مصدر, وإنما عرفنا أنه كان فقيها من ديباجة إحدى مخطوطات تلخيص صحيح مسلم لولده, وفيها ما نصه:" قال الشيخ الإمام المحدث أبو العباس أحمد بن الشيخ الفقيه أبي حفص عمر الأنصاري القرطبي رحمه الله"[40] , وهذه العبارة صادرة بلاشك عن أحد تلاميذ المؤلف الذين لهم به صلة وثيقة, وأنا أظن أنه القرطبي المفسر الذي التحق بمجلس شيخه بالإسكندرية, وقد كانت له صلات قديمة به و بأخيه بالأندلس كما سنرى عما قريب ولا غرابة في أنه كان يعرف والد شيخه و صديقه. و يخبرنا مصدر ثان أن الشيخ أبا حفص عمر القرطبي كان يعمل مُزَيِّنًا[41] أي حلاقا, فعرف ولده أبو العباس القرطبي من بعد في بلاده بابن المُزَيِّن, قال ابن ناصر الدين الدمشقي(ت.842هـ):" المُزَيِّن- بكسر المثناة تحت مشددة- وعرف بها: أحمد بن عمر بن أحمد(كذا) بن إبراهيم بن عمر الأنصاري, أبو العباس القرطبي, نزيل الإسكندرية, يعرف بابن المزين, صنعةً لأبيه"[42] . ويلاحظ أن ابن ناصر الدين يذكر أن جد القرطبي يسمى أحمد بن إبراهيم بن عمر, وهذا أمر انفرد به عن غيره من المؤرخين, والراجح عندي أنه غلط من النساخ ليس إلا, بدليل أن القرطبي يرفع نسب نفسه في أول كتبه ولم يذكر مرة أن اسم جده هو أحمد. ولم يكن أبو العباس القرطبي الابن الوحيد لأبيه كما اعتقد الدكتور أحمد آيت بلعيد[43] , بل كان له أخ يكنى أبا القاسم, كان حيا عند خروج المسلمين من قرطبة عام 633هـ. قال أبو عبد الله القرطبي المفسر في كتابه التذكرة في أحوال الموتى و أمور الآخرة:" ولقد أخبرني صاحبنا أبو القاسم رحمه الله- أخو شيخنا أبي العباس أحمد بن عمر رحمه الله- أنه ربط نحوا من خمسين امرأة, واحدة بعد أخرى, في حبل واحد, مخافة سبي العدو, حتى خرجوا من قرطبة أعادها الله"[44] . في هذا النص دليل على أن أبا القاسم بن عمر القرطبي توفي قبل صاحبه المفسر بسنين, بدليل أن هذا الأخير يترحم عليه, والراجح أن أبا القاسم كان أصغر سنا من أخيه أحمد بن عمر القرطبي لأن القرطبي المفسر يحلي أبا القاسم بقوله "صاحبنا", وكأنه يتحدث عن قرين له في السن. أما بخصوص دراسات أبي العباس الأولى فلا نعلم عنها شيئا, غير أن أبا بكر محمد بن يوسف ابن مسدي الغرناطي(ت.663هـ) نزيل مكة[45] , قد أفاد أن اهتمامات القرطبي الأولى كانت موجهة إلى علم الكلام. قال ابن مسدي:" وأخذ نفسه بعلم الكلام, وأن الجوهر الفرد لا يقبل الانقسام, وتغلغل في تلك الشعاب عدة أحقاب"[46] , ونقل صلاح الدين الصفدي نفس كلام ابن مسدي مع تعديل طفيف, فقال:" وكان أولا اشتغل بالمعقول"[47] يعني أن عناية القرطبي في أول طلبه للعلم كانت منصبة على الكلام و أصول الفقه و علم الجدل و المناظرة, وهذا أمر صحيح فالاصطلاحات الكلامية والأصولية طاغية على أسلوب القرطبي في كتابه الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام, وهو أول كتبه. 3- رحلته إلى المغرب لطلب العلم وشيوخه هنالك: أما المصادر المشرقية التي ترجمت للقرطبي, فليس فيها سوى إشارة فضفاضة بشأن رحلة القرطبي لتلمسان والمغرب, و ذكر رحلته للديار المصرية و استقراره بالإسكندرية, لهذا سنخص هذه المسألة بدراسة. ولابد أن أنبه بأن القرطبي لم يرحل قط في سن الصغر مع أبيه, وإنما قال بهذا ابن الزبير وغيره غلطا لاشتباه أمر أحمد بن عمر القرطبي عليهم بعالم آخر, كما سنبين ذلك لاحقا. فقد بدأ القرطبي رحلة مغربية في طلب العلم وهو شاب( عمره حوالي 22عاما), استغرقت رحلته زمنا يقع ما بين سنة 600هـ و 604هـ, زار خلاله عدة مدن وهي على الترتيب: تلمسان, و فاس ثم سبتة ثم قفل القرطبي راجعا إلى قرطبة, ثم نجده بغرناطة سنة 614هـ, ثم رجع إلى قرطبة, ثم قصد الحج لأول مرة في حياته عام 618هـ فسافر من الأندلس إلى تونس بحرا ثم إلى الإسكندرية. إن عدم إدراك الدكتور أحمد آيت بلعيد لهذا الترتيب وبعض تفاصيل الرحلة أوقعه في خلل وأوهام نقلها على علاتها من مقدمة تحقيق كتاب المفهم. قال الدكتور آيت بلعيد:" رحل(القرطبي) مع أبيه من الأندلس في سن الصغر... أما الجهة التي قصداها فلعلها تكون المغرب... ثم عاد إلى قرطبة وسمع من علمائها الكثير...ثم بعد ذلك اتجه صوب المغرب في طريقه إلى المشرق, فأخذ من علماء سبتة, وفاس, وتلمسان, ثم توجه إلى الحجاز من أجل أداء فريضة الحج, فمر على تونس, ومنها إلى الإسكندرية"[48] . يفيدنا شرف الدين الدمياطي (ت. 704هـ) - في معجم شيوخه- بأن شيخه القرطبي سمع الموطأ إلا يسيرا منه على عبد الحق بن محمد الخزرجي القرطبي سنة 600هـ[49] , و من المعلوم أن أبا محمد عبد الحق بن محمد بن عبد الحق الخزرجي كان من علماء قرطبة, وبها قضى حياته إلى أن توفي سنة 604هـ[50] , لذلك استنتجت أن أحمد بن عمر القرطبي كان بقرطبة سنة 600هـ, و أنه في نفس السنة عبر البحر متوجها إلى سبتة ثم إلى تلمسان, حيث لقي جماعة من علمائها, نذكرهم كالآتي: 1- محمد بن يوسف بن مفرج بن سعادة(ت600هـ) من أهل اشبيلية, ونزل تلمسان, يكنى أبا بكر و أبا عبد الله, وحكى أبو العباس ابن المزين أنه لقيه بتلمسان و أجاز له في شهر ربيع الآخر سنة 600هـ[51] . 2- يحيى بن سعيد بن مسعود, يعرف بالقُلَّنِي: أندلسي نزل تلمسان, وكان مقرئا, لقيه القرطبي ابن المزين بها, وقرأ عليه آيات من القرآن بالقراءات السبع, وأجاز للقرطبي في جمادى الأولى عام 600هـ[52] . 3- عبد العزيز بن يوسف بن عبد العزيز من أهل مرسية, ونزل تلمسان, يعرف بابن الدباغ. قال ابن الأبار, حدث عنه أبو العباس ابن المزين, لقيه بتلمسان سنة 600, وقد نيف على السبعي[53] . 4- أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن التجيبي(ت.610هـ) أندلسي نزل تلمسان, وكان فقيها إخباريا, محدثا, أخذ عنه أبو العباس القرطبي بتلمسان, حسب ما قال ابن فرحون [54] . ثم توجه بعد ذلك إلى مدينة فاس و لقي جماعة من علمائها, عرفنا منهم: 5- أبو القاسم عبد الرحمن بن عيسى بن الملجوم الأزدي(ت.605هـ), وهو عالم فاسي درس بالأندلس و كان له اعتناء بالتاريخ و الأنساب, ومعرفة بالشعر[55] , روى عنه القرطبي كتاب الشفاء للقاضي عياض[56] . 6- محمد بن عثمان بن سعيد الفاسي, يعرف بابن يقميس(ت.608هـ). كان مفتيا أصوليا, روى عنه أبو العباس ابن المزين, ولقيه سنة 601هـ[57] . 7- أبو ذر مصعب بن محمد بن مسعود الخشني(ت.604هـ) المعروف بابن أبي رُكَب, أندلسي من أهل جيان, ثم استوطن بآخرة مدينة فاس, و كان من العلماء بالنحو و الحديث و السير, وذكر القرطبي قي كتابه المفهم فقال:" شيخنا أبو ذر بن مسعود الخشني"[58] . بعد مدينة فاس انتقل القرطبي إلى سبتة واتصل فيها بالعلامة: 8- أبي الصبر أيوب بن عبد الله الفهري(ت.609هـ) وكان صاحب رواية واسعة جدا لأنه سمع بالأندلس و مصر و الإسكندرية, وكان معروفا بالزهد[59] , وقد ذكره القرطبي بتبجيل واحترام وتكرر استشهاده به أكثر من 13 مرة في كتابه المفهم وروى عنه صحيح مسلم. 4- قفول القرطبي إلى الأندلس: بعد هذه الرحلة المغربية عاد القرطبي إلى الأندلس في تاريخ يقع يقينا قبل سنة 607هـ, وهو يخبرنا في مقدمة كتابه" تلخيص صحيح مسلم" بأنه روى صحيح مسلم سماعا لكثيره و قراءة, على ابن حوط الله و أبي الحسن اليحصبي, وله بقرطبة عدد كبير من الشيوخ نذكر منهم: 9- القاضي أبو محمد عبد الله بن سليمان بن حوط الله[60] , الذي قرأ عليه وسمع صحيح مسلم وذلك بقرطبة في مدة آخرها سنة 607هـ, وسمع منه الموطأ[61] . 10- القاضي المحدث أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن حفص اليحصبي[62] , قرأ عليه صحيح مسلم نحو المرتين في مدة آخرها شعبان سنة 607هـ[63] . وسمع منه الموطأ كذلك[64] . 11- المحدث الإشبيلي أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن العربي المعافري(ت.617هـ), [وهو ابن أخي الفقيه الإمام أبي بكر بن العربي]. وقد تحققت بعد إطلاعي على ترجمة هذا الشيخ أن القرطبي سمع منه بقرطبة فيما بين 604هـ - 612هـ بعد قفول الشيخ المذكور من رحلته المشرقية الثانية التي لقي خلالها بمكة أبا محمد يونس بن يحيى الهاشمي وسمع منه صحيح البخاري, ومسند عبد بن حُمَيْد, وغير ذلك. والقرطبي إنما يروي مسند عبد ابن حميد الكشي عن ابن العربي هذا عن أبي محمد يونس ابن أبي الحسين بسنده إلى المؤلف[65] , ولأن ابن العربي رحل عن الأندلس ثالثة سنة 612هـ وتوفي بالإسكندرية سنة 617هـ[66] . 12- الفقيه القاضي أبو عبد الله محمد بن عيسى الأزدي المعروف بابن المناصف(ت.620هـ)[67] , الذي حل بقرطبة قبيل عام612هـ, فكانت فرصة اغتنمها القرطبي ليستفيد من علم ابن المناصف[68]ُ , و أفادتنا المصادر أن ابن المناصف أسمع نظمه " المذهبة في نظم الصفات من الحلي و الشيات" سنة 612هـ بدار المحدث بقي بن مخلد بداخل قرطبة الشرقية[69] , وأنه أكمل نظمه المعروف بـ "الدرة السنية في المعالم السنية" وهو بمدينة قرطبة في شهر صفر سنة 614هـ[70] , و أبو العباس القرطبي يروي كلا التأليفين مباشرة عن شيخه ابن المناصف[71] . ثم حل القرطبي بغرناطة في سنة 614هـ, و هناك كان التقاؤه بتلميذه أبي بكر محمد بن يوسف بن مسدي الغرناطي في التاريخ المذكور[72] , ثم عاد إلى مدينة قرطبة فأخبره بعض معارفه أن أحد نصارى طليطلة بعث كتابا يسمى "تثليث الوحدانية" ينتصر فيه لدين النصرانية ويتحدى علماء قرطبة, فقام القرطبي, بعد إلحاح من أصدقاءه, بتصنيف كتاب " الإعلام بما في دين النصارى من الفساد و الأوهام و إظهار محاسن دين الإسلام و إثبات نبوة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام", وذلك قبيل سنة 617هـ بيسير. هذا آخر حدث مهم نسجله في حياة القرطبي قبل رحلته للحج. 5- رحلة القرطبي للحج و متى كانت ؟ لقد سكتت المصادر عن ذكر رحلة القرطبي للحجاز بقصد الحج, و حكى هو ذلك في كتابه المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم, فلا بأس من ذكر نص ما قاله ثم نعقبه بالشرح والتحليل قصد تحديد السنة التي حج فيها. قال أبو العباس القرطبي:" لما وصلت إلى تونس قاصدا الحج, سمعت أخبارا سيئة عن البلاد المصرية, من جهة العدو الذي غلب على دمياط, فعزمت على المقام بتونس إلى أن ينجلي أمر العدو, فرأيت في النوم كأني في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وأنا جالس قريبا من منبره و أناس يسلمون عليه, فجاءني بعض من سلم على النبي صلى الله عليه و سلم, فانتهرني, وقال: قم فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم, فقمت فشرعت في السلام على النبي صلى الله عليه وسلم, فاستيقظت وأنا أسلم عليه[73] . فجدد الله لي عزما, و يسر علي فيما صعب من أسبابي, وأزال عني ما كنت أتخوفه من أمر العدو, وسافرت إلى أن وصلت إلى الإسكندرية, عن مدة مقدارها ثلاثون يوما- في كنف السلامة- فوجدتها و الديار المصرية على أشد خوف, وأعظم كرب, والعدو قد استفحل أمره, وعظمت شوكته؛ فلم أكمل في الإسكندرية عشرة أيام حتى كسر الله العدو, ومكن منه من غير صنع أحد من المخلوقين, بل بلطف أكرم الأكرمين, وأرحم الراحمين, ثم إن الله تعالى كمل علي إحسانه و إنعامه, وأوصلني بعد حج بيته, إلى قبر نبيه ومسجده, فرأيته[ يعني المسجد النبوي] والله في اليقظة على النحو الذي أريته في المنام, من غير زيادة ولا نقصان"[74] . يستنبط من هذا النص عدة أمور منها, قول المؤلف بأنه لما وصل إلى تونس سمع أخبارا سيئة عن دمياط, وتغلب العدو عليها, و كلامه دليل على أنه أتى من أقاصي بلاد المغرب(قرطبة), وأنه سافر من سواحل الأندلس بحرا مباشرة إلى تونس, إذ لو كان قد سافر برا لما تأخر عنه نبأ تسلط النصارى على دمياط, إلى حين وصوله إلى تونس, بل كان سيعلم ذلك من قبل وصوله إليها؛ وأما تردده في السفر للحجاز عند وصوله إلى تونس, فلم يدم طويلا, وساعدته الرؤيا التي رآها وأعادت له الثقة, فسافر إلى الإسكندرية في مدة مقدارها ثلاثون يوما, فلما نزل بها, بلغه استفحال أمر الإفرنج, لكنهم لم يلبثوا أن انهزموا بعد أقل من عشرة أيام من وصوله للإسكندرية, وهذا يمكن تحديد زمن وقوعه بدقة. فعندما رجعت إلى كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير, وجدته يذكر أن:" الإفرنج عبروا النيل إلى دمياط في يوم 20 ذي القعدة سنة 615هـ وحاصروها إلى أن سقطت في أيديهم في 27 شعبان سنة 616هـ, فاتخذوها قاعدة حصينة. فجاء الملك الكامل, و أقام بالقرب منهم حاميا لأطراف بلاده, وظل التناوش قائما بين المسلمين و الإفرنج إلى أن حلت سنة 618هـ, عندها توافدت جيوش الملك الأشرف صاحب ديار الجزيرة(بالعراق), والملك المعظم صاحب دمشق, لنجدة الملك الكامل, وكان الإفرنج قد ساروا عن دمياط بفرسانهم وراجليهم يقصدون الملك الكامل, ونزلوا قبالته, بينهما خليج من النيل يسمى بحر أشمون, وقد ظنوا أنهم لا محالة يملكون الديار المصرية, و لثقتهم الزائدة بقوتهم, لم يصحبوا ما يقوتهم عدة أيام, ظنا منهم أن العساكر الإسلامية لا تقوم لهم, و أن القرى و السواد(اسم مكان) جميعه يبقى بأيديهم يأخذون منه ما أرادوا من الميرة. فعبر طائفة من المسلمين إلى الأرض التي عليها النصارى, ففجروا النيل, فركب الماء أكثر تلك الأرض, ولم يبق للعدو جهة يسلك منها غير جهة واحدة فيها ضيق, فنصب الكامل حينئذ الجسور على النيل عند أشمون, وعبرت عليها عساكره, فملك الطريق الذي يسلكه النصارى إن أرادوا العود إلى دمياط. فلم يبق لهم خلاص, ووصل للفرنج مركب مشحون سلاحا وميرة, لكنه وقع تحت يد المسلمين, فلما رأى العدو ذلك سقط في أيديهم, وأيقنوا أنهم قد أحيط بهم من سائر الجهات, فراسلوا الملك الكامل يطلبون الأمان, وتمموا الصلح على تسليم دمياط, واستقرت القاعدة و الأمان سابع[عشر][75] رجب من سنة 618هـ"[76] . من هذا النص نفهم معنى قول القرطبي" فلم أكمل في الإسكندرية عشرة أيام حتى كسر الله العدو ومكن منه من غير صنع أحد من المخلوقين", فعلى هذا يكون القرطبي قد دخل الإسكندرية في الأسبوع الأول من شهر رجب سنة 618هـ. ثم يخبر القرطبي عن نفسه أنه حج البيت الحرام, وزار المدينة, و المسجد النبوي, وفي كلامه دليل على أن زيارته تلك للحجاز كانت للمرة الأولى في حياته و قد بلغ الأربعين من العمر, فهو لم يدخلها مع أبيه في سن الصغر كما توهم ابن عبد الملك المراكشي وابن الزبير الغرناطي وجماعة بعدهما[77] , ونحن نشرح سبب هذا الوهم بتفصيل كالآتي. تحديد هوية القرطبي الذي يشتبه أمره مع أبي العباس القرطبي صاحب المفهم: تفيدنا جملة من المصادر الأندلسية والمشرقية أن عمر بن يوسف بن نعيم الأنصاري القرطبي, المعروف بابن مغايظ انتقل من مدينة قرطبة إلى مدينة فاس قبل عام 558هـ[78] فسكنها, وعرف بالقرطبي[79] , ثم ولد له بها ولد اسمه محمد[80] , حوالي 558-559هـ[81] , فأخذ محمد هذا القراءات بسبتة على أبي محمد عبد الله بن محمد بن عبيد الله الحجري[ت.591هـ] [82] , ثم رحل مع أبيه صغيرا إلى المشرق ولم يعودا بعد إلى المغرب, فسمع بمصر من أبي محمد قاسم بن فيره الشاطبي الضرير المقرئ[ت.590هـ] [83] , وبدمشق من أبي جعفر العتكي, وسمع بالإسكندرية من أبي القاسم عبد الرحمن بن مكي بن حمزة, والحاكم أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحضرمي, وغيرهما, و سمع بمصر من أبي القاسم هبة الله بن علي بن سعود الأنصاري, وأبي عبد الله محمد بن حَمْد بن حامد الأرتاحي, وغيرهما, وبمكة من أبي المعالي عبد المنعم بن عبد الله بن محمد الفراوي, وأقرأ محمد بعد وفاة الشاطبي ثم توفي بالمدينة[84] , في مستهل صفر سنة 631هـ[85] . وبالرجوع إلى كتاب الطالع السعيد الجامع أسماء نجباء الصعيد لكمال الدين جعفر بن ثعلب الأدفوي(ت.748هـ) وجدت أن محمد بن عمر القرطبي قد أعقب سنة 602هـ بمصر ولدا هو :أحمد بن محمد بن عمر بن يوسف بن عبد المنعم الأنصاري القرطبي, الملقب بضياء الدين, عالم أديب ناظم ناثر, سمع الحديث بمكة و مصر وغيرهما, وتوفي بقنا(من صعيد مصر) سنة672هـ[86] . هذا العالم المصري هو الذي التبس أمره على بعض المؤرخين المغاربة فخلطوا بينه و بين أبي العباس ابن المزين صاحب كتاب المفهم. فتارة يلقبون أحمد بن محمد القرطبي القنائي بابن المزين, وتارة يلقبون ابن المزين بضياء الدين, وأخرى يخلطون بين ابن المزين وبين محمد بن عمر القرطبي, فيقولون إن ابن المزين رحل مع أبيه في سن الصغر إلخ....كل هذه التخاليط وقع فيها كل من ابن عبد الملك المراكشي[87] و ابن الزبير الغرناطي, وعنهما نقل ابن فرحون, وعنه نقل محمد مخلوف صاحب شجرة النور الزكية, في حين لا نجد شيئا من هذا الارتباك في ترجمة القرطبي التي سطرتها المصادر المشرقية والسبب راجع إلى أن مدار تلك المصادر في ترجمة القرطبي على المعلومات الصحيحة التي وردت بإيجاز في معاجم شيوخ تلاميذ القرطبي كمعجم الدمياطي و معجم رشيد الدين العطار(مصدر مفقود نقل عنه ابن فرحون) و معجم ابن مسدي(مصدر مفقود نقل عنه ناصر الدين الدمشقي في توضيح المشتبه). وقد تنبه الإمام ابن دقيق العيد إلى شيء من هذه التخاليط كما بين ذلك جعفر بن ثعلب الأدفوي حيث قال أثناء ترجمته لضياء الدين أحمد بن محمد بن عمر القرطبي القنائي :" وذكره شيخ شيخنا, أبو جعفر ابن الزبير وقال:" رحل مع أبيه من الأندلس في سن الصغر[88] , وكان بالبلاد يشار إليه في البلاغة والتقدم في علم الحديث و الفضل التام, وأخذ الناس عنه بالمشرق والمغرب". وهو وهم من الأستاذ (ابن الزبير), فإنه ولد بمصر, ولم يكن في علم الحديث كما وصف, وقد نبه على الوهم الحافظ أبو الفتح القشيري[89] , وقد وهم فيه أيضا جماعة من المتأخرين, وقالوا فيه: يعرف بابن المزين, وشبيهه الذي سبب الوهم: أبو العباس أحمد القرطبي مُختَصِر صحيح مسلم, وصحيح البخاري, وصاحب كتاب المفهم, فهو كبير في العلم, ومقدم في علم الحديث, وهو يعرف بابن المزين". خلاصة القول أن أبا العباس أحمد بن عمر القرطبي المعروف بابن المزين مؤلف كتاب المفهم, رحل إلى المشرق لأول مرة عام 618هـ وهو ابن أربعين سنة[90] , ولا يصح ما قيل من أنه سافر صغيرا للمشرق مع أبيه فدخل مصر ومكة و القدس إلخ... ثم عاد لقرطبة. إذ لم يرد في كتبه ولا في كتب تلاميذه المقربين ما يفيد ذلك, بل على العكس, نجد في المفهم ما يفند تلك الأوهام. 5- استقرار أبي العباس ابن المزين بالإسكندرية: من تتبع سياق رحلته للحج يظهر أن القرطبي حج البيت ثم قصد المدينة النبوية, فهل عاد القرطبي إلى بلاده بعد الحج أم أنه فضل الاستقرار بالإسكندرية, أفادت المصادر أن ابن المزين أتى إلى الديار المصرية ونزل الإسكندرية, وبها توفي سنة 656هـ, ولم أجد مصدرا واحدا يقول بأن القرطبي عاد إلى الأندلس, بل وقفت على ما يؤكد عزوفه عن بلاده لأسباب متعددة تظهر لقارئ كتابه المفهم في شرح تلخيص صحيح مسلم. أول ذلك أن القرطبي كان يؤمن بأن هجرة المألوفات من الأهل و الأوطان يعد جهادا للنفس. قال:" أما النفس والشيطان, فجهادهما بقطع المألوفات, والمستحسنات من الأهل, والقرابات, والأصدقاء, والأوطان, والشهوات, والمعتادات, وكل ذلك فرارا بدينه وخوفا عليه, وهذا هو الجهاد الأكبر"[91] . ثانيا يذكر القرطبي بلاده الأندلس بامتعاض واصفا ما ساد فيها من فوضى وقطع للطريق وقتل المسلمين و استباحة أموالهم وأعراضهم فيقول:" وأي فساد أعظم من الهَجْم على حرم المسلمين و أولادهم و إشهار السلاح لأجله, وقد كثر ذلك في بلاد الأندلس في هذه المدد القريبة "[92] . وقال أيضا:" والقتل يكثر و يسهل حتى لا يبالى به, فيكون قتل المسلم عند قاتله كقتل نملة, كما هو الحال الآن في أقصى المغرب "[93] . كل هذه المؤشرات تجعلنا نميل إلى أنه دخل الإسكندرية بعد الحج إما في أواخر شهر ذي الحجة عام 618هـ أو مع مطلع عام 619هـ[94] . بعد دخول القرطبي للديار المصرية لم يفته أن يسمع من شيوخها, فسمع مثلا كتاب صحيح مسلم من جماعة من كبار رواة الصحيح, ذكر لنا منهم ثلاثة في كتابه, وهم: 1- عوض بن محمود بن صاف بن علي بن إسماعيل الحميري المالكي البوشي شيخ صالح, سمع صحيح مسلم من سعيد بن محمد المأموني, توفى سنة 633هـل[95] . 2- أبو الحسين مرتضى ابن العفيف المقدسي المتوفى 634هـ[96] . 3- فخر القضاة أبو الفضل أحمد بن محمد السعدي ابن الحباب المتوفى سنة 648هـ[97] . وبذكر هؤلاء الثلاثة يبلغ عدد شيوخ القرطبي خمسة عشر شيخا. 6- تحقيق تاريخ وفاة أبي العباس ابن المزين القرطبي: اتفقت المصادر على أن وفاة أحمد بن عمر الأنصاري القرطبي كانت سنة 656هـ, قال بعضهم في ذي القعدة, دون تحديد ليوم الوفاة, لكن ثلاثة مصادر استطاعت تحديد ذلك اليوم. المصدر الأول, هو كتاب ذيل مرآة الزمان لقطب الدين موسى بن محمد اليونيني المتوفى عام 726هـ, الذي أخبر أن:" أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر أبو العباس الأنصاري القرطبي المالكي العدل المعروف بابن المزين, ومولده بقرطبة سنة ثمان و سبعين و خمسمائة. سمع من خلق كثير, وقدم الديار المصرية, وسكن الإسكندرية, وحدث بها, واختصر صحيحي البخاري ومسلم اختصارا حسنا, وشرح مختصره لصحيح مسلم بكتاب سماه المفهم, وصنف غير ذلك, وتوفي بالإسكندرية في الرابع عشر من ذي القعدة [ سنة 656هـ]"[98] . و المصدر الثاني وهو كتاب المقفي الكبير لتقي الدين المقريزي المتوفى سنة 845 هـ حيث جاء فيه أن أحمد بن عمر القرطبي توفي في 24 من شهر ذي القعدة سنة 656هـ[99]ُ . و المصدر الثالث هو كتاب نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب لأبي العباس المقري التلمساني, حيث قال في ترجمة أبي العباس القرطبي:" وتوفي رحمه الله بالإسكندرية رابع ذي القعدة سنة 656هـ"[100] . ويمكن الجزم بأن التاريخ الأول هو الأصح, استنادا إلى قول شرف الدين الدمياطي في معجم شيوخه أن أبا العباس القرطبي " توفي بالإسكندرية في ذي القعدة سنة 656هـ بعد شيخنا الحافظ أبي محمد عبد العظيم المنذري بأيام"[101] . و قد أرخ الدمياطي وفاة شيخه الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي المنذري في رابع ذي القعدة سنة ست وخمسين و ستمائة[102] . فهذا النص يجعلنا نستبعد ما قاله المقري, ونرجح أن قول المقريزي فيه خلل قد يكون مرده لأغلاط النساخ, ولعله المقريزي كتب في الأصل 14 ذي القعدة فتغيرت بعد مدة في النسخ إلى 24 ذي القعدة. 7- إحصاء مؤلفات أبي العباس القرطبي: لم يتجاوز عدد مؤلفات القرطبي المذكورة في مصادر ترجمته أربعة عناوين, في حين أن عدة كتبه حوالي ثلاثة أضعاف ما ذكرته تلك المصادر, بعض كتبه طبع, وبعضها مخطوط, وبعضها مستور عنا خبره, فلا ندري هل فقدت أم لا, وهناك ثلاثة كتب إضافية لا ندري جزما هل ألفها القرطبي أم لا, ولكننا ننبه عليها لعل غيرنا يحسم في أمرها. فيكون عدد كتبه, باعتبار ما ذكرته, حوالي 15 كتاب. مؤلفاته التي لم تصلنا بعد: 1- جزء في حكم الطلاق ثلاثا بلفظة واحدة, اتبع في تأليفه طريق السؤال و الجواب. ذكره القرطبي في المفهم[103] . 2- جزء حسن في مسألة كراء الأرض. وهو كتاب لم يذكره أحد قبلنا, واكتشفنا خبره من كتاب المفهم[104] . 3- جزء حسن في حديث أن شارب الخمر لا تقبل منه صلاة أربعين يوما, ذكره القرطبي في المفهم[105] . 4- جزء حديثي في إظهار إدبار من أباح الوطء بالأدبار, ذكره القرطبي في المفهم, وتلميذه القرطبي المفسر فقال:" ولشيخنا أبي العباس أيضا في ذلك جزء سماه إظهار إدبار من أجاز الوطء في الأدبار"[106] . 5- كتاب شرح التلقين, لعله شرح على كتاب التلقين للقاضي عبد الوهاب البغدادي(ت. 422هـ)[107] . 6- كتاب في الجدل, ذكره بدر الدين الزركشي فقال:" ونازع فيه جماعة من المتأخرين, منهم أبو العباس القرطبي في جدله فقال إنه شرط لا دليل لأن الوصف الذي ينفيه السبر إما أن يقطع بمناسبته فهو التخريج أو يعرو عنها فهو الطردي..."[108] . 7- الكتاب الجامع لمقاصد علم الأصول, ذكره القرطبي مرارا في كتابه المفهم[109] , واعتمده الزركشي في مصادر كتابه البحر المحيط[110] , و أحال صلاح الدين العلائي الدمشقي(ت.761هـ) عليه أيضا في كتابه" تفصيل الإجمال في تعارض الأقوال" حيث قال:" و تبعه على الإطلاق أبو العباس القرطبي في كتابه الأصول"[111] . 8- شرحه لمختصره لصحيح البخاري, ولم يذكره سوى الدمياطي وحده, والغالب أنه سبق قلم من جهة الدمياطي, إذ لم نعثر للكتاب على ذكر لا في كتب القرطبي ولا في كتب تلميذه المفسر, ولا في كتب من اعتنى بإحصاء شروح صحيح البخاري كشمس الدين السخاوي, و شيخه ابن حجر, و القسطلاني, وحاجي خليفة, و فؤاد سزكين. ولا نعرف له نسخة خطية في خزائن المخطوطات. 9- كتاب في الرد على القس أغشتين, وقد وعد القرطبي في كتابه الإعلام بتأليفه لكنه لم يفعل فقال:" مع أن الأمل إن وافق القدر أن أرد على القس أغشتين كلامه وأبطل من ذلك الكتاب قصده و مرامه"[112] . 10- كتاب في الرد على كتاب الحروف لأحد نصارى طليطلة, وهو كتاب آخر وعد القرطبي بتأليفه ولم يفعل, إذ نقرأ في كتابه الإعلام ما نصه:" فإن نفس الله في العمر, وصرف عنا عوائق الدهر, فسنرد عليه(يعني صاحب كتاب الحروف) في كتاب مفرد إن شاء الله تعالى, أبين فيه غلطاته, وأوضح فيه جهالاته, وسقطاته. بحول الله وقوته"[113] . مؤلفاته المخطوطة: 11- اختصار صحيح البخاري, والمعروف منه أربع نسخ, وهي على التوالي:

  • . نسخة القاهرة, حديث 44, السفر الأول و الثاني.
  • . نسخة خزانة القرويين بفاس, رقم 139, وتمثل السفر الأخير فقط, وتتألف من 198ورقة بخط مغربي يعود للقرن الثاني عشر الهجري, ومنها شريط مصور بالخزانة العامة بالرباط مسجل تحت عدد 2978.
  • . نسخة بخزانة جار الله بتركيا عددها 364, تتألف من 280 ورقة, نسخت في القرن 12هـ.
  • . نسخة طلعت حديث, عدد 661, السفر الأول فقط, تتألف من 222ورقة, نسخت عام 687هـ.[114]

وقد وقف ابن حجر العسقلاني على هذا المختصر ونقل عنه في فتح الباري بشرح صحيح البخاري. النقل الأول, قال ابن حجر:" وغفل القرطبي في مختصر البخاري ..."[115] . النقل الثاني, قال ابن حجر:" وذكر القرطبي في مختصر البخاري أنه رأى في بعض النسخ القديمة من صحيح البخاري..."[116] . النقل الثالث, قال ابن حجر:" وذكر القرطبي في مختصر البخاري أنه ضبط في بعض الأمهات: تغني بالتاء المضمومة, والغين المعجمة..."[117] . مؤلفات القرطبي المطبوعة: بلغ عدد كتب أبي العباس القرطبي المطبوعة, أربعة كتب وهي كالآتي: 12- كتاب الإعلام بما في دين النصارى من الفساد و الأوهام و إظهار محاسن دين الإسلام وإثبات نبوة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام. والمعروف منه ثلاث نسخ مخطوطة, نسختان بتركيا, ونسخة بالمغرب:

  • نسخة كوبريلي رقم 794مكرر(مجموعة) .

وفيما يلي نص وصفها:" كتاب الإعلام بما في دين النصارى...تأليف محمد بن أحمد بن فرح القرطبي(كذا, وهو غلط) المتوفى سنة 671هـ. أوله:" الحمد لله الذي من علينا بتوحيده وجعلنا من أفضل عبيده...أما بعد فقد وقفت... على كتاب كتب به بعض المنتحلين لدين النصرانية سماه كتاب تثليث الوحدانية بعث به من طليطلة...إلى مدينة قرطبة". آخره:" وينبغي أن نختم الكتاب بدعاء مأثور...نجز الكتاب...". نسخة بخط نسخ من 1 أ إلى 108ب, بمقاس 17.5x 26.5(12x 18.5) سم, ومسطرتها 29 سطرا. قيد الفراغ:" نجز الكتاب... على يد العبد... علي بن محمد بن عبد الله الفيومي نسبا الشافعي مذهبا في سابع عشرين شهر ربيع الأول سنة 879. وقال في الأصل: وكان الفراغ منه ضحوة سادس شهر رمضان سنة 726 بدمشق المحروسة". في أولها تملك لأحمد بن مصطفى المنتشوري, وقيد تملك آخر لقطب ابن علاء الحنفي. شراء علي بن أحمد بن داود في شوال سنة 975هـ.انظر بروكلمان, ذيل 1: 737, رقم 7, فهرست المخطوطات المصورة 1/117"[118] .

  • نسخة كوبريلي رقم 814:

جاء وصفها في فهرس مخطوطات كوبريلي هكذا:" كتاب الإعلام بما في دين النصارى... تأليف ابن فرح القرطبي المتوفى سنة 671هـ(كذا قالوا في الفهرس وهو غلط كما قلنا سابقا). أوله:" الحمد لله الذي من علينا بتوحيده وجعلنا من أفضل عبيده...". آخره:" وينبغي أن نختم الكتاب بدعاء مأثور...". نسخة بخط تعليق, في 149 ورقة, بمقاس 14.3x 22.4(7.5x 16.5) سم, ومسطرتها 25 سطرا. قيد الفراغ من النسخة المنقول منها في العاشر من صفر سنة 755هـ, وقع الفراغ من تسويد هذه النسخة في يوم الخميس سلخ رجب سنة 1087هـ على يد محمد الحنفي الشهير بالقطب المصري"[119] .

  • نسخة رقم 83 بالخزانة الحسنية بالرباط:

وهي نسخة كاملة كتبت بخط تونسي و أرخت بأواخر يوم الخميس أواخر شهر جمادى الأولى سنة اثنين وأربعين ومائة وألف بجزيرة جربة من تونس. وتتألف النسخة من 196 ورقة, مسطرتها 23 سطرا في كل صفحة, وهي نسخة تنحدر من[ أصل أو أكثر نقل عن] أصل فرغ منه ضحوة سادس يوم من شعبان سنة 726هـ بدمشق المحروسة, و بهذا تلتقي نسخة الحسنية مع نسخة كوبريلي رقم 794, في أصل مشترك لم يصلنا هو نسخة دمشق المؤرخة عام 726هـ. يتألف كتاب الإعلام من مقدمة و أربعة أبواب. الباب الأول في الكلام على الأقانيم, الباب الثاني في الاتحاد, الباب الثالث في الكلام على النبوات, وإثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم, الباب الرابع في جمل فروع أحكامهم, وفيه بيان أن ليس للنصارى مستند في أحكامهم. 13- تلخيص صحيح مسلم, وهو كتاب فرغ منه القرطبي قبل عام 641هـ, إذ نقرأ في آخر نسخته المحفوظة في مكتبة طلعت(حديت 806) ما نصه:(" مكتوب بآخر الأصل المجدد هذا منه ما نصه" قوبل بأصل قوبل على أصل المؤلف, ونصه" بلغت المقابلة والتصحيح و ذلك في سنة إحدى وأربعين وستمائة, قاله وكتبه بخطه أحمد بن عمر[...] القرطبي مصنفه حامدا الله تعالى ومصليا على نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم". وكتب غيره " بلغت مطالعته بمعونة الله في 25 من [...] سنة 790 و الحمد لله تعالى على كل حال"). 14- المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم, وهو شرح للكتاب المتقدم, وهو أكبر كتب القرطبي, وأكثرها دلالة على سعة علمه بالعربية والفقه و الحديث و الأصول, وقد طبع المفهم كما ذكرنا آنفا, وهناك نسخة من المفهم محفوظة بالخزانة العامة بالرباط تحت عدد 407 كاف, تصفحتها عام 1999م, لم يقف عليها المحققون رغم أن سزكين ذكرها في كتابه تاريخ التراث العربي, و النسخة لا تمثل إلا جزءا من المفهم لكنها مصححة ومقابلة, و مؤرخة سنة 697هـ. 15- كشف القناع عن حكم الوجد والسماع[120] : ألفه القرطبي ردا على من أباح سماع آلات الطرب والرقص أثناء الذكر, من الصوفية, وقد طبع الكتاب في الرياض سنة1991م بتحقيق عبد الله بن محمد بن أحمد الطريقي, و اعتمد على نسختين: - نسخة مكتبة الحرم المكي(تحت رقم 3875/119/1335 فقه عام), عدد الأوراق 27ورقة, نسخت في 14 شعبان 1000هـ[121] . - ونسخة ثانية من مقتنيات دار الكتب القومية بمصر, ورقمها: نس 2 ج1 ن خ 25, ن ع 8298, قسم المجاميع, أوراقها 46ورقة, بخط عادي جيد, وهي عارية عن تاريخ النسخ ومكانه, وعن اسم الناسخ, وهذه النسخة- كما قال المحقق- بها نقص و سقط كثير[122] . وللكتاب مخطوطة ثالثة لم يعرفها الطريقي, وهي محفوظة بخزانة لا له لي (بتركيا) رقم 1482/1, وتقع هذه النسخة في مجموع من ورقة 1-أ حتى ورقة 37 ب, وقد جاء في آخرها ما نصه:" نجز الكتاب على يد... إبراهيم بن عبد الرحمن أبي القاسم المالكي...قوبلت هذه النسخة من نسخة صحيحة فصحت...وذلك بدمشق المحروسة سنة 718 "[123] . - صدى كتب القرطبي عبر العصور: أختم حديثي عن القرطبي بذكر صدى بعض كتبه عبر العصور, إذ لقي أهمها قبولا لدى العلماء, لما فيها من فوائد جمة دالة على سعة علم مؤلفها وتبحره في مختلف العلوم الإسلامية من حديث, وفقه و أصوله, وجدل و علم الكلام وعلوم اللسان. ولاشك أن المفهم أكثر كتب القرطبي تداولا بين العلماء, ويكفيه شرفا اعتماد جميع شراح صحيح مسلم من بعده عليه, بل نجد ابن حجر يعول كثيرا على المفهم في كتابه فتح الباري ويحيل على الكتاب بالاسم نحوا من تسعين مرة, و أكثر من مائة مرة يحيل على النص في المفهم مكتفيا بقوله وذكر القرطبي كذا وكذا. كما نجد القرطبي المفسر يكثر النقل عن المفهم في كتابه الجامع لأحكام القرآن و في كتابه التذكرة, وسائر كتبه الأخرى. والملاحظ أن المفسر و ابن حجر في غالب الأحيان يتبنيان رأي القرطبي ويزكيانه. وأما كتابه الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام الذي أدخله مؤلفه معه إلى المشرق بعد أزيد من عام من تاريخ تأليفه له, فقد لقي استحسانا لدى من تصدى للرد على النصارى, ويأتي شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي (ت.684هـ) صاحب كتاب الأجوبة الفاخرة في الرد على اليهود و النصارى على رأس قائمة المجادلين الذين استعانوا بالكتاب, ثم يليه شرف الدين محمد بن سعيد البوصيري(ت.696هـ) صاحب قصيدة المخرج والمردود على النصارى و اليهود الذي استفاد في شرحه للقصيدة من كتاب الإعلام وغيره من كتب الردود على أهل الكتاب, ثم يليهما ابن قيم الجوزية (ت.751هـ) صاحب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى, وهو ربما ينقل عن الإعلام بواسطة كتاب القرافي, ثم استفاد من الكتاب وذكره بالاسم, الشيخ رحمة الله الهندي في كتابه إظهار الحق. و يعد كتاب الإعلام خاتمة الردود القرطبية على النصارى لأنه كتب بالأندلس قبل سقوط قرطبة بنحو ستة عشر عاما, بل هو عندي خاتمة الردود الأندلسية ذات القيمة, إذا ما استثنينا كتاب تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب لعبد الله الترجمان الميورقي(823هـ) الذي ألفه في تونس, وكتاب مفتاح الدين و المجادلة بين النصارى و المسلمين لمحمد القيسي (ت712هـ)[124] , وهو من كتب المدجنين و من كتب الموريسكيين, نذكر كتاب ناصر الدين على القوم الكافرين لأحمد بن قاسم الحجري المدعو أفوقاي(1047هـ)[125] , والباب 35 من رسالة السائل والمجيب وروضة نزهة الأريب, لمحمد الأنصاري نزيل فاس(القرن التاسع الهجري) والغالب على ظني أنه كان أسيرا في قشتالة فتعلم اللغة اللاتينية وقرأ كتب الدين المسيحي , وقد خصص الباب المذكور من رسالته لسرد بعض مناظراته مع علماء النصارى بسلمنقة, ومجريط, وشقوبية, وبلد الوليد, وللكتاب نسختان إحداهما بالخزانة العامة بالرباط, عدد 178جيم(الجزء الثاني) من ص 227- 321, والثانية كانت ضمن مخطوطات محمد المنوني رحمه الله, وهناك نسخة ثالثة إلا أنها ناقصة الآخر, إذ يقف نصها عند الباب 26, ورقمها (1138 دال) بالخزانة العامة بالرباط [126] . وكذلك نجد لبعض كتب القرطبي التي لم تصلنا صدى لدى العلماء, أعني كتابه في الأصول و كتابه في الجدل اللذين نقل منهما بدر الدين الزركشي(ت 794هـ) في كتابه البحر المحيط في أصول الفقه, كما أشرنا إليه سابقا. ولنعم ما قاله محيي الدين عبد القادر بن محمد القرشي الحنفي(ت.775هـ) في حق أبي العباس القرطبي و تلميذه المفسر, ونص كلامه:" فائدة: إمامان محدثان فقيهان مالكيان متعاصران قرطبيان متأخران عمَّ النفع بتصانيفهما الموافق و المخالف؛ أحدهما: أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي, صاحب كتاب المفهم في شرح مختصره لصحيح مسلم, وقد رأيت هذا المختصر, وهو نفيس جدا, حاويا لجميع روايات أصله. و الآخر: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي, صاحبه ورفيقه وتلميذه, صاحب التفسير, والتذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة, والأسنى في شرح الأسماء الحسنى. ومات أبو العباس ابن القرطبي سنة 656هـ..."[127] .

حــــــواشي المقال:

تلخيص صحيح مسلم, 1/15- 16. 2 راجع مقالي بالأسبانية:" إثبات هوية القرطبي مؤلف كتاب الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام", مجلة القنطرة, الجزء الأول من المجلد 21, مدريد, 2000م, ص, 215- 219. 3 هدية العارفين 2/ 129. 4Geschichte der arabischen Literatur, SI,737. 5 القرطبي ومنهجه في التفسير, ص 47- 48. 6 الفكر الإسلامي في الرد على النصارى, تأليف عبد المجيد الشرفي, ص 15. 7 دليل الرسائل الجامعية في المملكة العربية السعودية, ص 69, رقم 1060. 8 جريدة العَلَم, ملحق الفكر الإسلامي, الجمعة, 11 يونيو 1999م. 9 نسي الباحث تخريج بعض النصوص, منها في ص74:"المعدة بيت الداء, و الحمية رأس الدواء", وهو حديث لا يصح رفعه للنبي صلى الله عليه وسلم, بل هو من كلام الحارث بن كلدة الطبيب, ولم ينبه الباحث على ذلك. راجع تخريج الحديث في كتاب كشف الخفاء للعجلوني 2/214, رقم الحديث 2320. ومنها في ص 80- 81:" قال أبو هريرة: دخلت السوق مع النبي صلى الله عليه وسلم فاشترى سراويل,...". 10 ما بين المعكوفات ليس في كلام الباحث و إنما أدرجته بقصد التوضيح فقط. 11 ومنه نقل المؤلف فقال: " وفي الصحف المنسوبة للإثني عشر نبيا". 12راجع موسوعة اليهودية و الصهيونية, لعبد الوهاب المسيري, المجلد الخامس, ص84. 13 إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم, ص 78 14إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم, ص 78, حاشية رقم 8. 15 فهرس المخطوطات المصورة 1/ 117. 16 على التوراة للباجي, ص 149. 17 أحال موريتز على رقمها القديم بالأسكوريال: 1160. 18 Steinschneider , M., Polimische und apologetishe literatur in arabischer sprache, p 27. 19 ترتيب المدارك7/ 102. 20 للفائدة أقول: لقد قام الأستاذ رضا محمد سالم شحادة من فلسطين بتحقيق كتاب الأموال للداودي اعتمادا على النسختين المذكورتين, وطبعه مركز إحياء التراث المغربي بالرباط, سنة 1988م. 21 الإعلام, ص 219. وسنحدد عما قريب تاريخ تأليف الكتاب. 22 يرجع الفضل في معرفتي برقم النسخة و نص خاتمتها إلى البروفسور فان كونينكسفلد VAN KONINGSVELD من جامعة لايدن بهولندة, وبفضل مقاله بدأت البحث على هوية القرطبي صاحب الإعلام حتى وفقت لمعرفة من يكون كما شرحت ذلك في المقالين المذكورين أعلاه. 23 محمد إبراهيم الكتاني:" هل أثر ابن حزم في الفكر المسيحي" مجلة البينة(المغرب) السنة الأولى, العدد الثاني, 1962م, ص 79, هامش رقم 4 حيث قال:" وقد وقفت في مكتبة القصر الملكي بالرباط على مخطوط من تأليف أحد علماء القرن السابع الهجري – الثالث عشر الميلادي, يرد فيه على تأليف اسمه" تثليث الوحدانية" بعثه بعض رهبان طليطلة إلى مدينة قرطبة, يتضمن الاحتجاج للمسيحية و الطعن في الإعلام...". 24 المخطوطة ق 253, ورقة 317ظهر. 25 كتاب المفهم 4/ 570؛ 5/ 203؛ 6/50؛ 6/ 52؛ 6/ 148؛ 6/ 176؛ 6/ 183؛ 7/ 404. 26 كتاب الإعلام ص370-373؛ 354- 356؛ 240؛ 353- 354؛ 263- 280؛ 204- 205؛ 420- 421؛ 348- 350. 27 Kaddouri Samir, "Identificacion de al-Qurtubi ,autor de al-I'lam bi-ma fi din al-nasara min al-fasad wa-l-awham",al-Qantara, XXI, Madrid , 1(2000),215-219. 28 الإعلام, ص 219. 29 الإعلام, ص 277. 30 الإعلام, ص 43. 31 المفهم 7/165. ونجد نصا مشابها لهذا في المفهم 3/572, قال القرطبي:" والمشهور بين أهل التواريخ أن جميع من شهد بدرا(...) في عدد ابن إسحاق: ثلاثمائة و أربعة عشر, وفي عدد موسى ابن عقبة: ثلاث مائة و ستة عشر". 32 قال القرطبي:" ولما أعرضوا عنك لجهالتك, تبجحت بذلك عند عصابتك, فظننت أن سكوتنا عنك إنما هو لرهبة منك, حتى لقد أبلغتنا عنك نكرا, وقلت في كتابك هذا فحشا وهجرا(...) فعظم هذا الأمر حيت نمي خبره إلي. مع أنه رغب إلي في ذلك جماعة من الإخوان, فصار ذلك كأنه من فروض الأعيان". الإعلام, ص 45. 33 G A L, SI. 664. . 34 Sezgin Fuat., G. A.S, I(Hadit), 137-140 35 راجع الصفحة 18 من بحث ياسين مزوز. 36 نفس المرجع ص 29. 37 نفسه, ص 31. 38 نفسه ص 33. 39 فهرسة المنتوري, مخطوطة الخزانة الحسنية عدد 1578, ورقة 94 وجه. 40 نسخة تلخيص صحيح مسلم للقرطبي بخزانة شستربيتي رقم 3592, وجه الورقة الأولى. 41 المزين هو الذي نسميه اليوم الحلاق أو الذي يختن الأطفال. 42 توضيح المشتبه(8/139). 43 قال في مقدمة تحقيقه لكتاب إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم, ص 9:" ولعله(يعني أحمد بن عمر) كان الابن الوحيد له(يعني لأبيه عمر), لذا لم تتم الإشارة إلى بقية أفراد أسرته", والغريب في الأمر أن الدكتور أحمد آيت بلعيد يعرف مقال الدكتور محمد بن شريفة عن القرطبي المفسر, و لم ينتبه إلى أن فيه خبر أبي القاسم بن عمر القرطبي أخي أبي العباس القرطبي. 44 التذكرة, ص 592. و يراجع أيضا مقال الدكتور محمد بن شريقة:"الإمام القرطبي المفسر: سيرته من تآليفه", مجلة دار الحديث الحسنية, العدد 16 سنة 1420هـ, ص 145. 45 له ترجمة في المصادر التالية: تذكرة الحفاظ 4/1448, ذيل التقييد لتقي الدين الفاسي 1/284, لسان الميزان 5/437, و العقد الثمين لتقي الدين الفاسي رقم 493, الديباج المذهب لابن فرحون, ترجمة 586, ص 420- 421. 46 توضيح المشتبه لابن ناصر الدين الدمشقي(8/139). 47 الوافي بالوفيات 7/ 264- 267. 48 إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم, ص 10. وقارن ذلك بما قاله محققوا كتاب المفهم 1/ 31- 32. 49 معجم شيوخ الدمياطي, مخطوطة الأحمدية(تونس) عدد 911 و 912, الورقة 114ظ- 115وجه. بخصوص وصف المخطوطة يرجع ل كتاب جورج فايدة:Georges Vajda: le dictionnaire des autorités de 'Abd al-Mu'min ad-Dimyâtî; أشكر الدكتور الفاضل محمد الراوندي على تفضله علي بهاتين المعلومتين. 50 صلة الصلة لابن الزبير الغرناطي 4/ 10- 11. 51 التكملة لكتاب الصلة 2/ 86. 52 التكملة لكتاب الصلة 4/ 186. 53 التكملة 3/ 302- 303. 54 الديباج المذهب, ص 131. 55 صلة الصلة 3/ 219. 56 مقال لمحمد المنوني:" كتاب الشفاء للقاضي عياض من خلال رواته ورواياته" المناهل, عدد 22, 1402/1982, ص 345. 57 التكملة لكتاب الصلة 2/ 168, الذيل والتكملة للمراكشي 8/1: 323. 58 التكملة لابن الأبار 2/ 188- 189, ذكره القرطبي في المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم, راجع مثلا,ج 4/ 480. 59 التكملة لكتاب الصلة 1/ 167- 168, وغاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري 1/172. 60 القاضي أبو محمد عبد الله بن سليمان بن داود بن حوط الله الأنصاري, كان فقيها جليلا أصوليا نحويا كاتبا أديبا شاعرا متفننا في العلوم, ورعا دينا ثبتا فاضلا, وكان يميل إلى الاجتهاد في نظره, ويغلب طريقة الظاهرية. وولي قضاء إشبيلية, وقرطبة, ومرسية, وسبتة, وسلا, وميورقة, وسمع على ابن بشكوال. توفي سنة 612هـ". الديباج المذهب, ص 231, رقم 289. 61 ذيل التقييد 1/361. وهو ينقل عن معجم الدمياطي. 62 هو علي بن محمد بن علي بن حفص اليحصبي, من أهل قرطبة, سمع أباه و أبا القاسم بن بشكوال, وغيرهما, قال ابن الأبار: وحدث عنه أصحابنا(يعني ابن المزين) في سنة سبع وستمائة, وحكى عنه أبوسليمان بن حوط الله وفاة أبيه". التكملة 3/226- 227. 63 تلخيص صحيح مسلم ص 33- 34. 64 ذيل التقييد 1/ 361. 65 جاء ذلك في كتاب التذكرة للقرطبي المفسر حيث قال:" وأنبأنا الشيخ الإمام المحدث أبو العباس أحمد بن عمر الأنصاري القرطبي, بثغر الإسكندرية-حماه الله- قال: حدثني الشيخ الصالح أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي المعافري ابن أخي الشيخ الإمام أبي بكر, قال: حدثني الشيخ الشريف أبو محمد يونس ابن أبي الحسين بن أبي البركات الهاشمي البغدادي...الخ".التذكرة, ص, 137. 66 التكملة لابن الأبار 2/114. 67 الذيل و التكملة لكتابي الموصول و الصلة 8/1: 345. 68 يخبرنا ابن عبد الملك المراكشي أن أبا العباس القرطبي كان من الآخذين عن ابن المناصف. راجع الذيل والتكملة 8/1: 346. 69 مخطوطة الخزانة الحسنية, أول المجموع رقم 25 من ورقة 1 إلى ورقة 13وجه. مكتوبة بخط مغربي عتيق مبسوط حسن ملون خال من تاريخ النسخ. 70 أفاد أبو سالم العياشي(ت.1090هـ) بأنه رأى بآخر نسخة من الدرة السنية لابن المناصف أنه أنشأ نظمها بقرطبة سنة 614هـ. انظر الرحلة العياشية " ماء الموائد" 2/ 254. 71 المغرب في حلى المغرب لبن سعيد المغربي1/ 106, وفيه وصف القرطبي للدرة السنية في المعالم السنية لابن المناصف. قال ابن سعيد المغربي:" وذكر المحدث أبو العباس بن عمر القرطبي أنه(يعني ابن المناصف) جمع كتابا فيه أربعة علوم, أصول الدين, وأصول الفقه, وفروعه, وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم". 72 قال ابن ناصر الدين الدمشقي:" لقيه أبو بكر محمد بن مسدي بغرناطة سنة 614هـ", توضيح المشتبه 8/139. 73 يقصد أن آخر ما رآه في المنام سلامه على النبي صلى الله عليه وسلم, ثم استيقظ القرطبي أثناء سلامه عليه صلى الله عليه وسلم في المنام لا في اليقظة كما توهم بعض من تجاسر و غمز القرطبي بالقول برؤية النبي يقظة, وقد نبهت ذلك المتجاسر على بهتانه, فارتدع. 74 المفهم 6/ 24- 25. 75 هذه العشر ترد في جميع المصادر التاريخية التي ذكرت هذا الحدث.راجع كتاب حوادث الزمان وأنبائه ووفيات الأكابر و الأعيان من أبنائه, لشمس الدين محمد بن إبراهيم الدمشقي الجزري(ت.738هـ),(حوادث 608- 658هـ), مخطوطة الخزانة العامة بالرباط, رقم (194 أوقاف), ورقة 17- 18. 76 الكامل في التاريخ 6/ 315- 318, بتصرف. 77 منهم ابن فرحون و صاحب شجرة النور الزكية وجملة ممن حققوا كتب القرطبي. 78 لأنه ولد له بها ولده محمد في التاريخ المذكور كما سنذكر عقب هذا. 79 التكملة لكتاب الصلة 2/ 125. 80 العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين 2/239, قال التقي الفاسي:" وقال جدي أنشدنا شيخنا قطب الدين[أبو بكر محمد بن أحمد القسطلاني] رحمه الله, قال: أنشدنا شيخنا أبو عبد الله محمد بن عمر بن يوسف القرطبي الأصل الفاسي المولد رحمه الله..." 81 قال المنذري في التكملة لوفيات النقلة 3/358:" سمعته يذكر ما يدل على أن مولده في سنة ثمان أو تسع وخمسين وخمسمائة". 82 له ترجمة حافلة في صلة الصلة لابن الزبير الغرناطي 3/ 119- 124. 83 الديباج المذهب لابن فرحون, ص 323. 84 لقد وهم ابن الأبار فقال إن وفاته كانت بمصر, وتبعه على هذا الوهم كل من الصفدي في الوافي بالوفيات, والسيوطي في بغية الوعاة 1/201, والداودي في طبقات المفسرين( رقم 553 ) , وهو ينقل عن السيوطي الذي سها فترجم مرة ثانية لنفس الشخص, نقلا عن المقفى الكبير للمقريزي( البغية 1/ 203). 85 التكملة لكتاب الصلة 2/ 125, والتكملة لوفيات النقلة للمنذري 86 الطالع الصعيد ص, 112- 114. ص, 110. 87 قال محمد ابن عبد الملك المراكشي:" أحمد بن محمد بن عمر بن يوسف الأنصاري: قرطبي نزل القاهرة, أبو العباس ضياء الدين ابن المزين, روى عن أبيه ورحل معه صغيرا إلى المشرق فسمَّعه بمكة والمدينة كرمها الله, ومصر, والإسكندرية, وغيرها من البلاد (...) مولده سنة 602هـ, وكان حيا سنة 660هـ". الذيل والتكملة 1/1: 475. فهذا النص يظهر أن المراكشي قد اشتبه عليه ابن المزين بضياء الدين المذكور. وعبر كتاب الذيل والتكملة تسلل هذا الوهم لابن فرحون صاحب الديباج المذهب, وعنه نقل هذا الوهم, صاحب شجرة النور الزكية. 88 أقول: الذي رحل في سن الصغر هو محمد بن عمر والد ضياء الدين وهو مترجم في: التكملة لابن الأبار, وفي التكملة لوفيات النقلة للمنذري وفي غاية النهاية لابن الجزري 2/219, وفي العقد الثمين للتقي الفاسي2/237, وفي الوافي بالوفيات للصفدي 4/261, وفي العبر للذهبي, وغيره من المصادر. 89 هو ابن دقيق العيد. 90 لقد أخطأ الذين حققوا كتاب المفهم فقالوابأن القرطبي حج عام 646هـ(المفهم6/25 حاشية 1), والدليل على غلطهم أن القرطبي لما حج استقر بالديار المصرية وسمع من بعض شيوخها, ومنهم من توفي سنة 633هـ و سنة 634هـ, كما سنرى عما قريب. 91 المفهم 3/ 722. 92 المفهم 5/ 22. 93 المفهم 7/215. 94 لأن شهر ذي الحجة الذي فيه يتم الحج يعد آخر شهور السنة الهجرية. 95 التكملة لوفيات النقلة, لزكي الدين المنذري, 3/ 412- 413. وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين الدمشقي 1/650. 96 تكملة إكمال الكمال لمحمد بن علي المحمودي ابن الصابوني, ص 302- 303. 97 شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي 5/ 240, المفهم 1/ 104. 98 ذيل مرآة الزمان 1/ 95- 96. 99 المقفى الكبير 1/ 545. 100 نفح الطيب 2/ 615, ترجمة 240. 101 معجم شيوخ الدمياطي, نسخة الأحمدية بتونس رقم 911- 912, ورقة 114 ظ. 102 نقلا عن تذكرة الحفاظ للذهبي4/ 1437- 1438. 103 المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم 4/238. 104 نفسه 4/ 408. 105 نفسه 1/ 257. 106 نفسه 4/ 157. و الجامع لأحكام القرآن 3/95, ويظهر أن المفسر لم ير الكتاب وإنما علم به من خلال المفهم. 107 المفهم 1/ 496. 108 البحر المحيط في أصول الفقه للزركشي 5/ 225. 109 المفهم 1/ 109. 110 البحر المحيط 1/ 8؛ 2/12؛ 2/ 316؛ 3/ 113؛ 4/ 294؛ 4/ 485- 486؛ 4 / 527؛ 5/ 225؛ 5/ 233- 234. 111 راجع كتاب تفصيل الإجمال للعلائي, ص 108. نقلت هذه المعلومة من مقدمة بحث الأخ ياسين مزوز. 112 الإعلام ص 157. 113 نفسه, ص 84. 114 راجع كتاب التراث العربي لسزكين, الطبعة الألمانية, المجلد الأول, ص 126. 115 فتح الباري 2/ 185. 116 الصدر نفسه 10/ 100. 117 فتح الباري 11/ 520. 118 فهرس مخطوطات مكتبة كوبريلي, ص 387. 119 نفسه, ص 395. 120 قال القرطبي:" و قد كتبنا في ذلك جزءا حسنا سميناه كشف القناع عن حكم مسائل الوجد والسماع". المفهم 3/654. 121 مقدمة تحقيق كشف القناع, ص 15. 122 نفسه, ص 16- 17. 123 راجع كتاب: مختارات من المخطوطات العربية النادرة في مكتبات تركيا, إعداد رمضان ششن. 124 P.S. van Koningsveld and G.A. Wiergers," The polemical works of Muhammad al-Qaysi…", al-Qantara, XV, 1(1994) ,163-199. 125 حقق وترجم للأنجليزية من طرف جماعة من الأساتذة, وهم: شورد فان كونينكزفلد, و قاسم السامرائي, و خيرارد فيخرز, وطبعه المجلس الأعلى للأبحاث بمدريد, سنة 1997م. 126 راجع مقال لمحمد المنوني:" مناقشة أصول الديانات في المغرب الوسيط و الحديث, مجلة البحث العلمي, العدد 13, يناير – دجنبر 1968م,صص 23- 32. راجع خاصة ص 26- 28. 127 الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية, 4/ 593.

من هو القرطبي مؤلف كتاب الإعلام في الرد على النصارى؟[عدل]

من هو القرطبي مؤلف كتاب الإعلام في الرد على النصارى؟

بقلم: سمير القدوري


وقع لجماعة من المعنيين بالتراث العربي لبس بشأن هوية " الإمام القرطبي" المبهم اسمه صاحب كتاب الإعلام, بما في دين النصارى من الفساد و الأوهام. فلما وقفت على هوية المؤلف الحقيقي وجب إحقاق الحق و إرجاع الفضل إلى أصحابه ورفع ذلك اللبس الذي لايزال مستمرا إلى اليوم في ما يكتب و ما ينشر من بحوث حول تاريخ الجدل الإسلامي المسيحي. لنبدأ بعرض ومناقشة أولائك الذين غلطوا في أمر القرطبي, وأقدمهم وفاة هو إسماعيل باشا البغدادي الذي نسب الكتاب المذكور إلى أبي عبد الله محمد بن أحمد بن فَرْح الأنصاري القرطبي(ت.671هـ) مفسر القرآن الكريم. ثم تابع البغداديَّ على هذا القول المستشرقُ الألماني كارل بروكلمان في الملحق الأول على كتابه تاريخ الأدب العربي . ثم أخذ بقوليهما بعد ذلك, الدكتور القصبي محمود زلط فقال عند تعداده لكتب القرطبي المفسر ما نصه:" ومنها: الإعلام بما في دين النصارى من المفاسد و الأوهام و إظهار محاسن دين الإسلام, ولقد أشار البغدادي إلى هذا الكتاب في هدية العارفين, وحدد بروكلمان مكان هذا الكتاب فذكر في كتابه تاريخ الأدب العربي أنه يوجد منه نسختان خطيتان بمكتبة كوبريلي بتركيا تحت رقم 794- 814" . وعن هؤلاء الثلاثة انتشرت نسبة كتاب الإعلام إلى القرطبي المفسر في الدراسات العربية, فرغم أن الكتاب حقق كاملا مرتين, الأولى من طرف أحمد حجازي السقا سنة 1980م , الذي تردد بعض الشيء في نسبة الكتاب إلى القرطبي المفسر, و الثانية من طرف الباحثة فايزة سعيد صالح عزام, في نطاق رسالة دكتوراه بجامعة أم القرى للعام الجامعي 1405هـ و الباحثة بدورها تنسب الكتاب للقرطبي المفسر تقليدا لأسلافها في هذه القضية. وحقق الكتاب جزئيا ثلاث مرات على الأقل, من طرف كل من: - عبد الله الخلائفي محقق القسم الثاني من الكتاب . - علي بو عمامة من جامعة ستراسبورغ بفرنسا عام 1978م . كل هؤلاء لم يفلحوا في تجاوز ما قاله البغدادي و كارل بروكلمان, ونحن نفند إن شاء الله ما ذهبوا إليه من ثلاثة وجوه. الوجه الأول: يلاحظ القارئ لكتاب الإعلام اختلاف أسلوب صاحبه و أسلوب القرطبي المفسر. الوجه الثاني: يلاحظ اختلاف جوهري بين مؤلف الإعلام و بين القرطبي المفسر فيما يتعلق بمسألة إعجاز القرآن, فحينما يقول صاحب الإعلام بالصَّرْفة أي" أن البشر قد صرفوا عن الإتيان بمثل القرآن, بل عن الإتيان بآية طويلة من آياته" . في حين كان القرطبي المفسر يرفض تماما هذا المذهب ويقول في شأنه:" وهذا فاسد لأن لإجماع الأمة قبل حدوث المخالف, أن القرآن هو المعجز, فلو قلنا إن المنع و الصَّرْفَة هو المعجز لخرج القرآن عن أن يكون معجزا, وذلك خلاف القرآن" . فنحن نرى أن مذهب القرطبي المفسر على النقيض تماما من مذهب مؤلف الإعلام في قضية من أمهات المسائل العقيدة الإسلامية وهذا ليس دليلا هينا على استبعاد كون المفسر مؤلفا لكتاب الإعلام. الوجه الثالث: أننا لم نجد أحدا, قبل البغدادي, ممن ترجم للقرطبي المفسر ذكر أن له كتابا في الرد على النصارى يسمى الإعلام. ثم جاء الباحث بول دوفيلار(Paul Devillard) ليطلع علينا في رسالته للدكتوراه برأي طريف, حيث صرح بأن مؤلف الإعلام هو الفقيه أبو جعفر أحمد بن نصر الروادي (كذا) مؤلف كتاب الأموال( كان لايزال مخطوطا بالأسكوريال في نسخة (عدد 1165) كتبت عام 677هـ), فلما اعتقد أن كتاب الأموال ألف سنة 677هـ,و ادعى أن كتاب الإعلام ألف سنة 684هـ استنادا على غلط ورد في فهرست خزانة كوبريلي, تجرأ فقال بما أن كتاب الأموال به بعض النصوص بشأن أحكام أهل الذمة, فلن نجد في القرن السابع عالما يمكن أن يؤلف الإعلام خيرا منه. وهذا ليس بشيء يعتمد عليه أو يستحق أن يلتفت إليه ونحن نستخرج إن شاء الله ما في قول دوفيلار من أوهام بعضها فوق بعض. أولا نحن لا نسلم كلام دوفيلار بشأن كتاب الأموال و مؤلفه لأنها معلومات غير صحيحة نقلها الباحث حرفيا من كتاب الأدب الدفاعي و الجدلي لشتاينشنيدر (M. Steinscneider) الذي تصحفت عنده نسبة صاحب كتاب الأموال فجعلها الروادي, بينما صوابها الداودي. و الداودي صاحب كتاب الأموال عالم مالكي معروف( أدرك القرن الخامس الهجري) مترجم له في كتاب ترتيب المدارك للقاضي عياض بما نصه:" أبو جعفر أحمد بن نصر الداودي الأسدي من أئمة المالكية بالمغرب(...) أصله من المسيلة و قيل بسكرة. عاش في طرابلس ثم انتقل إلى تلمسان و كان له حظ من اللسان و الحديث و النظر. و ألف (...) كتاب الأموال(...) توفي بتلمسان سنة ثنتين و أربعمائة" . فلا يخفى بعد هذا ما في كلام شتاينشنايدر من غلط و خلط. وقد وقفنا بالخزانة العامة بالرباط على نسخة ثانية من كتاب الأموال للداودي (عدد 98 أوقاف) كتبت حوالي540هـ, فلا مجال بعد هذا للقول بأن كتاب الأموال ألف سنة 677هـ التي لا تعدو أن تكون تاريخ نسخ مخطوطة الأسكوريال(1165). وكذلك لا نسلم قول دوفيلار بأن كتاب الإعلام قد فرغ من تأليفه سنة 684هـ لسبب واحد كاف في الدلالة على أن دوفيلار لم يمعن النظر أثناء قراءته لمقدمة الإعلام, إذ يقول المؤلف فيها ما نصه:" فقد وقفت وفقك الله على كتاب كتب به بعض المنتحلين لدين الملة النصرانية سماه تثليث الوحدانية بعث به من طليطلة - أعادها الله- إلى مدينة قرطبة حرسها الله" . فهذا النص يشهد بأن المؤلف قد كتب الإعلام قبل سنة 633هـ تاريخ سقوط قرطبة في يد النصارى, فلو كان يكتب بعد هذا التاريخ (في سنة 684هـ كما ظن دوفيلار) لوجب أن يقول:" مدينة قرطبة أعادها الله". ونحن سنقيم فيما بعد الدليل على ما يؤيد كلامنا هذا. ورغم أخطاء دوفيلار الذي نسب كتابا ألف في القرن السابع الهجري إلى عالم مالكي توفي مع مطلع القرن الخامس الهجري , فقد لقيت رواجا لدى ميكل دي إبالثا(M. de Epalza) , و لويس كاردياك(Louis Cardillac) . يرجع الفضل للدكتور بيتر شورد فان كونينكسفلد(P.S.Van Koningsveld) في لفت انتباهي إلى وجود مخطوطة ثالثة من كتاب الإعلام بالخزانة الحسنية بالرباط. وهي مخطوطة نسخت بجزيرة جربة التونسية عام 1142هـ. ومن خاتمة الناسخ استنبط فان كونينكسفلد أن القرطبي مؤلف الإعلام كان حيا سنة 628هـ, وأنه ألفه قبل سنة 617هـ . بعد هذا التمهيد نأتي الآن إلى مسألة تحديد هوية المؤلف الحقيقي للكتاب وسنبدأ من حيث انتهى الدكتور فان كونينكسفلد, أعني ما جاء بآخر النسخة المخطوطة من كتاب الإعلام بالخزانة الحسنية(رقم 83) حيث قال الناسخ:" وكان الفراغ منه أواخر يوم الخميس, أواخر شهر جمادى الأولى سنة 1142هـ بجزيرة جربة. وأما الفراغ من نسخ أصله(فكان) ضحوة سادس يوم من شعبان سنة 726هـ بدمشق المحروسة. ووجدت على الأصل المنتسخ منه ما صورته: قرأته على الإمام العالم الزاهد مصنفه رضي الله عنه, بتاريخ مفتتح عام 628هـ, وكتب الحقير العبد الفقير إلى الله أحمد بن يوسف السلاسي. ووجدت على الأصل أيضا:بلغت المقابلة بالمبيضة و الحمد لله وحده وذلك على يد الفقير إلى مولاه, الغني به, أحمد بن عمر في العشر الأُوَل لمحرم سنة 617." انتهى كلام الناسخ. أول شيء خطر ببالي بعدما و قفت على هذا النص أن أحمد بن عمر ربما كان هو المؤلف اعتبارا لعدة أمور. أولها أن المؤلف يرد على كتاب " تثليث الوحدانية" الذي بعث به إلى قرطبة أحد النصارى من مدينة طليطلة. فكان على المؤلف الإعلام قبل قيامه بإرسال الجواب إلى طليطلة أن يحتفظ لنفسه بنسخة من الإعلام مصححة و مقابلة على المبيضة, و يسجل اسمه(أحمد بن عمر) وتاريخ فراغه من مقابلتها على المبيضة(10محرم سنة 617هـ). وهذا الفرع هو الذي قرأه أحمد بن يوسف السلاسي على المؤلف سنة 628 هـ , و ينتشر عنه الكتاب. فهل هناك عالم قرطبي اسمه أحمد بن عمر عاش في القرن السابع و قام الدليل على أنه ألف كتابا في الرد على النصارى يسمى الإعلام بما في دين النصارى من الفساد و الأوهام؟ ولما شرعت في البحث لفت انتباهي و أنا بمنزل صديقي مصطفى ناجي رحمه الله, كتاب تلخيص صحيح مسلم لأبي العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر الأنصاري القرطبي(ت.656هـ). فظهر لي أولا تطابق اسمه و عصره وبلده الأصلي مع ما أبحث عنه, لذلك قمت أول الأمر بمقارنة أسلوب خطبة كتاب تلخيص صحيح مسلم بأسلوب مقدمة كتاب الإعلام, و وجدت بين الأسلوبين تشابها غريبا, فرجعت إلى كتب التراجم للبحث فيها عن ذكر لكتاب الإعلام في مصنفات أبي العباس القرطبي صاحب تلخيص كتاب مسلم, فلم أجد فيه على كثرتها شيئا مما أملته. بعد هدا قررت البحث عن ذكر لكتاب الإعلام في مصنفات أبي العباس القرطبي ووجدت الأمر كما حدست إذ أحال على كتابه في الرد على النصارى في عدة مواضع من كتابه المفهم كما يجده القراء مفصلا في مقال لي بالأسبانية نشر بمجلة القنطرة: Identificacion de "Al-Qurtubî" autor de al-I'lâm bimâ fî dîn al-Nasârâ min al-Fasâd wa-l-awhâm. Al-Qantara. XXI, 1 (2000) 215-19. و للمزيد من التفاصيل عن القرطبي وحياته العلمية يرجع لمقال جديد سيظهر قريبا إن شاء الله بمجلة مكتبة الملك فهد الوطنية.


.


Geschichte der arabischen Litteratur, Leiden, 1937, SI, 737 Brocklmann, C.,

كتاب شتاينشنيدر: Polemishe und apologetische Literatur; Leipzig, 1877,p 27 .

ترتيب المدارك تحقيق أحمد بكير محمود, بيروت, المجلد 4, ص 623- 624. والديباج المذهب لابن فرحون, رقم 31.

الإعلام ص 43.

De Epalza. M.,"Note pour une histoire des polémiques anti-Chrétiennes dans l'Occident musulman",Arabica, XVIII,1 (1971),p99- 106 .cf.,p104.

Morisques et Chrétiens, Paris 1977, p 216.

Van KONINGSVELD,P.S.," la Apologia de al-Kindî en la Espana del siglo XII", Actas del II Congreso sobre los mozarabes; Toledo 1989, 110- 111

هل القرطبي المفسر هو مؤلف كتاب الإعلام بما في دين النصارى من الأوهام؟[عدل]

هل القرطبي المفسر هو مؤلف كتاب الإعلام بما في دين النصارى من الأوهام?

د. محمد بن إبراهيم أباالخيل أستاذ مساعد في كلية العلوم العربية والاجتماعية جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم 10/11/1423 24/01/2002


منذ القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي صَعَّدَ نصارى الأندلس – بدعم من إخوانهم الأوربيين – حروبهم ضد مسلمي الأندلس ، فاشتبكوا معهم في وقائع عسكرية شرسة ، واجتاحت جيوشهم أراضي إسلامية واسعة ، ولم يكتفوا بذلك ، بل عززوا حربهم العسكرية تلك بحرب أخرى اتخذت من الكلمة والفكرة سلاحاً لها ، يصح لنا تسميتها بالحرب الفكرية ،ذاك أن مفكريهم من رجال الدين وغيرهم أخذوا – مشافهة وكتابة – يهاجمون عقيدة الإسلام وأحكامه وآدابه ، ويشككون بالقرآن الكريم ، وينالون من الرسول صلى الله عليه وسلم ،ويقللون من شأن لغة الدين – اللغة العربية – ومن أمثلة هؤلاء كاتب نصراني(1) صنف في أول القرن السابع الهجري كتابا ًسماه " تثليث الوحدانية في معرفة الله " وبعثه من طليطلة عاصمة مملكة قشتالة النصرانية إلى أهل قرطبة " معترضاً فيه لدين المسلمين نائلاً فيه من عصابة الحق الموحدين"(2)وقد سعى إلى تسويق كتابه هذا بين المسلمين ليستنزل به الأغنياء الأغمار "(3). ثم إنه تطاول أكثر على الدين الإسلامي ، وأخذ يكثر من الاعتراض عليه ، ويتبجح عند قومه النصارى أن علماء الأندلس ليس في مكنتهم مجاراته في أقواله ،ولا الرد على شبهاته.(4)ولهذا قام أحد العلماء القرطبيين بالتصدي لهذا الكاتب النصراني. فاقتفى أقواله قولاً بعد قول ، وناقشه مناقشة علمية جلى فيها فساد كلامه وتناقضه ، وذلك في كتاب وسم بـ" الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن الإسلام وإثبات نبوة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام "(5) وقد نسب هذا الكتاب إلى القرطبي المفسر المشهور ، نزيل مصر : محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجى (6) المتوفى سنة 671هـ/1273م. ولكن هل كتاب " الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ... " من تواليف القرطبي المفسر المشهور هذا؟ فيما يلي من كلام سنناقش المسألة من أطرافها لعلنا نجيب عن الاستفهام ، ونصل إلى المؤلف الحقيقي للكتاب. فأولاً : لا جدال أن المؤلف قرطبي ، يوحي بذلك ما جاء في مقدمة كتاب الإعلام بأنه بادر بالنظر في كتاب " تثليث الوحدانية " الوارد إلى قرطبة بصفته أحد علمائها(7)، علاوة عن أن مخطوط الإعلام قد كتب تحت عنوان أنه " للقرطبي رحمه الله "(8). ثانياً: من الواضح أن الكتاب تم تأليفه قبل سقوط قرطبة بأيدي النصارى عام 633هـ/1236م (9)، فالمؤلف يقول عن كتاب النصراني إنه " بعث به من طليطلة أعادها الله إلى مدينة قرطبة حرسها الله (10)" فعبارة " حرسها الله " تدل على أن قرطبة ما زالت في حوزة المسلمين بعكس قوله عن طليطلة " أعادها الله " التي تعنى أنها قد خرجت من سلطان المسلمين . ثالثاً : بل يبدو لنا أن الكتاب قد ألف قبل سقوط قرطبة بمدة ليست بالقصيرة ، فالمؤلف حين تحدث عن الإسلام وظهوره على الدين كله قال : " وهذا دين الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم له ست مائة سنة ونيف من الأعوام ، وهو باق إلى آخر الأيام ..."(11) وفي موضع آخر قال "وهذا دين محمد رسولنا صلى الله عليه وسلم قائم منذ ست مائة سنة ونيف" (12) . فهذا يثبت أن الكاتب صنف كتابه بعد عام ست مائة هجرية بسنوات معدودات . فنيف تفيد الزيادة القليلة على العدد ، حتى أن بعض أهل اللغة يراها بين الواحدة إلى الثلاث(13) . رابعاً : ثم إن المتأمل في مقدمة الإعلام يحس بأن الكاتب كان من أعلام علماء قرطبة ، وليس من غمار طلبة العلم العاديين ، فهو يرى أن جواب النصراني قد تعيَّنَ عليه(14)، بل يحكي أن جماعة من إخوانه رغبوا إليه أن يرد على ذلك النصراني(15) ، مما يفيد أنه كان على قدر من العلم كبير. خامساً : وإذا قلبنا صفحات الكتاب انكشف لنا أن صاحبه رجل غزير العلم ، واسع الثقافة ، كثير الاطلاع ، فهو عالم بأصول الدين ودقائق العقيدة ، ذو معرفة باللغة والحديث والتفسير والسيرة ولديه حظ وافر من الشعر والحكم والأمثال . سادساً : ثم إننا إذا كررنا النظر في الكتاب استبان لنا أننا أمام كاتب عارف بطرق المجادلة ، متمرس على فنون المحاججة ، قد اطلع على كثير من أسفار النصارى وكتاباتهم (16)، وتتبع بعض ما كتبه العلماء المسلمون من ردود عليهم (17) بل إنه وعد بإفراد كتاب للرد على أحد مشاهير علماء النصارى السابقين عندما تعرض لبعض أقواله (18). وهذه الأشياء كلها تنبئ إن مؤلف الإعلام شخص متخصص في الدراسات المتصلة بالنصرانية قد صرف وقتاً من عمره للإحاطة بها . وبناء على هذه المعطيات التي تجمعت لنا حول كتاب الإعلام ننظر الآن إلى أي حد تتوافق وأحوال القرطبي المفسر محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الذي ينسب إليه الكتاب . فنقول كان القرطبي المفسر حتى سنة 628هـ/1231 م لا يزال يقرأ العلم على مشايخ قرطبة (19)، بل إنه في السنة التي سبقتها قد تردد في مسألة علمية بين ثلاثة من علماء قرطبة ليستفتيهم في شأنها(20) الأمر الذي يفيد أن القرطبي المفسر حتى ذلك الحين لا يعدو أن يكون طالب علم في قرطبة لا يتميز عن غيره من الطلاب . وإذا تذكرنا أن كتاب الإعلام قد ثبت تأليفه قبل عام 633هـ 1236م وربما قبل ذلك بسنوات ليست قليلة – كما رجحناه- وأن مؤلفه – حسبما استنتجنا – كان من علماء قرطبة البارزين ، وأنه متخصص في الدراسات المتعلقة بالنصرانية – إذا تذكرنا هذه الأشياء جميعها وقارناها بوضع القرطبي المفسر في المدة الزمنية عينها ألفيناها بعيدة الاتفاق ، وأنه من غير المعقول أن يكون القرطبي هذا هو مؤلف الإعلام ، فهو لم يكن حينذاك من علماء قرطبة المعدودين ،ولم يبدُ عليه أي اهتمام بالدراسات النصرانية وما يرتبط بها ، وإذا ملنا إلى تأليف كتاب الإعلام في أوائل القرن السابع الهجري كان القرطبي المفسر – فيما يبدو – صبياً وقتها ليس في مقدوره تصنيف الكتاب ناهيك عن تصنيف كتاب مثل كتاب الإعلام. وأمر آخر يضعف أن يكون كتاب الإعلام للقرطبي المفسر ، وهو أن نسبة هذا الكتاب إليه تبناها بعض المهتمين بكتب التراث من المتأخرين(21) فما تحت أيدينا من مصادر قديمة سواء كانت مغربية أو مشرقية ترجمت للقرطبي المفسر لا تذكر كتاب الإعلام في عداد مؤلفاته ، مع أنه من المفترض – لو كان قد ألفه – أن يأتي ذكره في رأس قائمة المصنفات التي كتبها بصفته أحد مؤلفاته الأولي ؛ وبخاصة عند المغاربة والأندلسيين ،إذ يلزم أن يكون القرطبي قد كتب كتاب الإعلام قبل مغادرته الأندلس ،ولو كان ذلك كذلك لما فات على هؤلاء المؤرخين المغاربـة والأندلسيين معرفتهم بتأليفه له– وهم الذين حرصوا على تتبع أخباره لما استوطن مصر بعد تركه الأندلس(22). ومما يضعف نسبة الإعلام إلى القرطبي المفسر – أيضاً – أن الذين كتبوا عنه من المعاصرين ، وعنوا بحصر مؤلفاته ، وتعقبوا أماكن وجودها ، لم يعثروا على إشارة لهذا الكتاب في تضاعيف مؤلفاته المعروفة رغم أن كتبه ترددت أسماء بعضها في بعض ، لأن منهجه في التأليف الابتعاد عن تكرار المعلومات أكثر من مرة (23)، فكثيراً ما يكتفي – إذا عرضت له مسألة من المسائل – بالإحالة من كتاب إلى آخر من كتبه ، فيذكر هذا الكتاب أو ذاك بعنوانه المعروف(24). ولا شك أن كثيراً من المسائل المتصلة بالنصارى وعقائدهم قد تطرق إليها ، وبخاصة في كتابه التفسير ، فلو كان الإعلام من مؤلفاته ليس هذا فحسب ، بل ومن أوائلها لأحال إليه وردد اسمه سواء في التفسير أو غيره. وخلاصة ما نخرج منه بعد هذا النقاش أن القرطبي المفسر محمد بن احمد بن أبي بكر بن فَرْح الأنصاري المتوفى سنة 671هـ/1273م يبعد أن يكون هو مؤلف كتاب "الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام " والأقرب أن يكون مصنفه أحد علماء قرطبة الآخرين ، وربما كان من شيوخ القرطبي المفسر . ولقد عثرنا على إحالات لأبي العباس أحمد بن عمر القرطبي (25)( ت656 هـ/1258م وهو شيخ القرطبي المفسر (26). في شرحه لصحيح مسلم(27) يشير فيها إلى كتاب اسمه "الإعلام " ، وذلك في عدة مواضع ، الأول : حينما عرض لبركة النبي صلى الله عليه وسلم قال: وذكرنا من ذلك جملة صالحة في كتاب ( الإعلام بمعجزات النبي عليه الصلاة والسلام )(28) " الثاني : لما أشار إلى أن نبينا صلى الله عليه وسلم قد أعطي من كل نوع من أنواع معجزات الأنبياء عليهم السلام قبله عقب على ذلك بقوله" كما أوضحناه في كتابنا المسمى بـ ( الإعلام بصحة نبوة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام)"(29) الثالث: عندما تطرق لصفة الرسول صلى الله عليه وسلم في الكتب القديمة قال" وقد ذكرنا منه مواضع كثيرة جاءت في كتب أنبياء بني إسرائيل في كتاب (الإعلام)"(30) . الرابع : حين رد على القائلين بأن الحواريين كانوا أنبياء أُرسلوا إلى أناس بعد عيسى عليه الصلاة والسلام قال" وهو قول أكثر النصارى كما ذكرناه في كتاب (الإعلام )"(31) الخامس: لما تعرض لتأويل النصارى للختان قال: وليس هذا بأول جهالاتهم ، فكم لهم منها وكم ؟ ويكفيك من ذلك أنهم زادوا على أنبيائهم في الفهم ، وغلطوهم فيما عملوا عليه ، وقضوا به من الحكم " ثم قال " وقد أسبغنا القول في هذا في كتاب (الإعلام )"(32). وإذا أرجعنا البصر في هذه الإحالات الخمس نلحظ ما يلي : 1-في الأولى جاء الكتاب باسم " الإعلام بمعجزات النبي عليه الصلاة والسلام "، وفي الثانية باسم "الإعلام بصحة نبوة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام " وفي الثلاث الباقية اكتفى فقط بالكلمة الأولى من العنوان وهي "الإعلام" . 2- موضوعات الإحالات الثلاث الأولى تتسق وموضوع كتاب الإعلام هذا الذي يشير إليه أبو العباس القرطبي بصفته أحد مؤلفاته ، فهي تمس – كما هو واضح – معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وإثبات صحة نبوته بالمعجزات أو بأوصافه في التوراة والإنجيل ، بينما الإحالتان الرابعة والخامسة يبعدان في موضوعيهما عن موضوعات الإحالات الثلاث الأولى ، فهما يختصان بالرد على النصارى ، وتبدوا الخامسة أكثر تعلقاً بموضوع الرد على النصارى. فهو – كما سبق- لما ذكر تأويلات النصارى المضلة ، وافتراءاتهم على أنبيائهم عقب بقوله " وقد أسبغنا القول في هذا في كتاب (الإعلام ) " . وبناء على هذا الاستنباط فيفترض أن يكون كتاب الإعلام هذا أكثر من واحد ، وبخاصة أن المؤلف ذكر اسمه بثلاث صيغ ، فيكون – مثلاً – واحد منها يختص بإثبات نبوته صلى الله عليه وسلم ،والثاني يعنى بالرد على النصارى . وإما أن يكون الكتاب واحداً، ولكن مؤلفه لم يلتزم بالعنوان . 3-إذا عدنا إلى الكتاب المنسوب إلى القرطبي المفسر وهو "الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن دين الإسلام وإثبات نبوة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام " ألفيناه يتضمن موضوعات كل الإحالات الخمس التي سردناها قبل قليل،ففيه أمثلة عن بركة الرسول صلىالله عليه وسلم(33)،وفيه التأكيد على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعطي من كل نوع من أنواع معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبله (34) ، وفيه أمثلة كثيرة من أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل (35)، وفيه رد على القائلين بإرسال الحواريين إلى الناس بعد عيسى بصفتهم أنبياء (36) ، وفيه نقد لكثير من جهالات النصارى و ضلالاتهم (37). فهل يعني ، الكتاب الذي يعزو إليه القرطبي أبو العباس ويسميه " الإعلام " هو كتاب " الإعلام " الذي نروم معرفة مؤلفه ، وبخاصة أن الكلمة الأولى من العنوان في الكتابين واحدة ؟ إننا لا نستطيع البت في الإجابة على هذا السؤال ، لأن كتاب " الإعلام " لأبي العباس القرطبي في حكم المفقود ، فهو غير موجود بين أيدينا ،ولا نملك نصوصاً منه ـ ولو محدودةـ لنجري مقارنة بينه وبين ما جاء في كتاب " الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام .. " فلنتدبر إذن في أحوال أبي العباس القرطبي هذا ، ونقارنها بما كنا قد استخلصناه من صفات توفرت في مؤلف ذلك الكتاب لعلنا نصل إلى شيء فيما نحن بصدد التثبيت منه . لقد ضنت المصادر علينا بأخبار عن حياة أبي العباس القرطبي في الأندلس ، فكل ما نعرفه أنه ولد في سنة 578هـ /1182م في قرطبة ، وسمع فيها الكثير(38). على أن ثمة خبراً ذكره أبو العباس عن نفسه يلقي ضوءاً على أحد الجوانب التي تهمنا معرفتها من حياته ، وفيما يلي سوف نسوق بعض هذا الخبر بالنص وبعضه الآخر بالمعنى . قال أبو العباس(39)" أني لما وصلت إلى تونس قاصداً الحج سمعت أخباراً سيئة عن البلاد المصرية من جهة العدو الذي غلب على دمياط ، فعزمت على المقام بتونس إلى أن ينجلي أمر العدو : ثم ذكر أنه رأى في المنام وكأنه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه يسلم عليه ، وعندئذ زال عنه الخوف وتجدد عزمه على قصد الحجاز ، ثم قال: " وسافرت إلى أن وصلت الإسكندرية عن مدة مقدارها ثلاثون يوماً .. فوجدتها والديار المصرية على أشد خوف ، وأعظم كرب ، والعدو قد استفحل أمره ، وعظمت شوكته ،فلم أُكمل في الإسكندرية عشرة أيام حتى كسر الله العدو..."(40) ، ثم ختم كلامه بقوله " ثم إن الله تعالى كمل علي إحسانه وإنعامه وأوصلني بعد حج بيته إلى قبر نبيه(41) ومسجده ، فرأيته و الله في اليقظة على النحو الذي رأيته في المنام من غير زياد ولا نقصان "(42). يفهم من خاتمة كلام أبي العباس القرطبي أنه لم يسبق له القدوم إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل هذه المرة ، وبالتالي أنه لم يسبق له حج بيت الله الحرام قبلها أيضاً ، وإذا كان قد نص على أن وصوله إلى تونس كان بقصد الحج ، فإن هذا يُلهم أنه قدم من بلده الأندلس سواء كان مباشرة أو بعد مرور بالمدن المغربية الواقعة إلى الغرب من تونس ، فكان خروجه هذا من الأندلس لأول مرة . فالأندلسيون و المغاربة كان أول شيء يحرصون على المبادرة فيه إذا خرجوا إلى المشرق هو التوجه إلى أرض الحجاز لأداء فريضة الحج وزيارة المسجد النبوي (43). وإذا علمنا كذلك أن حادثة دخول العدو النصراني ( الصليبيين ) دمياط التي أشار إليها أبو العباس قد وقعت في سنة 647 هـ /1249م (44). وأن كسر المسلمين له حدث في محرم سنة 648هـ / 1250م(45)فمعنى ذلك أن خروج أبي العباس القرطبي من الأندلس لأول مرة ووصوله إلى تونس كان في سنة 647هـ 1249م أي بعد أزيد من عشر سنوات على سقوط قرطبة الحادث في سنة 633هـ / 1236م(46) . أما الآن وبعد أن تجمعت لدينا هذه المعلومات الآنفة الذكر الخاصة بأبي العباس القرطبي وما خالطها أيضاً من استنتاجات فلنطبقها على ما عندنا من معطيات كنا قد استخلصناها من قبل عن مؤلف كتاب " الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ... " فأبو العباس من أهل قرطبة فهو قرطبي إذن ، وترجح لدينا أنه لم يخرج إلى المشرق إلا بعد سنوات من سقوط قرطبة عام 633هـ /1236م، وليس هناك شيء يمنعنا من الجزم بأنه وقت تأليف كتاب "الإعلام" بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ... " كان أحد علماء قرطبة ، فمولده قد ثبت في عام 578هـ/ ،1182م وقد عُدَّ من مشايخ القرطبي المفسر . ولا يخامرنا شك في اهتمامه بالرد على النصارى بعد الذي نقلناه على لسانه من أقوال تنص على ذلك . وبناء على هذا التطابق ، أو التطابق في بعض الوجوه وعدم التعارض في بعضها بين أحوال أبي العباس القرطبي وبين ما عليه مؤلف كتاب " الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام .. " فالاحتمال كبير أن يكون هذا الكتاب هو الذي عزا إليه أبو العباس عند شرحه لصحيح مسلم ، يرجح هذا الاحتمال ما وقفنا عليه من تصريح لأبي العباس برده على النصارى في كتابه " الإعلام " ، ثم إنه لم يثبت ـ أعني أبا العباس القرطبي ـ على اسم لكتابه ـ كما رأينا ، فتراه سماه " الإعلام بمعجزات التي عليه الصلاة والسلام " وكرة أطلق عليه " الإعلام بصحة نبوة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام " ومرات سماه " الإعلام " فقط . ثم إننا من ناحية أخرى إذا رجعنا ـ أيضاً ـ إلى كتاب " الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ..."لا نجد في المقدمة نصاً على تسميته بهذا العنوان ، كما هي عادة معظم المصنفين ، فهل يا ترى اجتهد بعض التلاميذ أو النساخ في تسمية هذا الكتاب بهذا الاسم ليتطابق محتواه مع عنوانه ؟


((1). بعد أن نقل القرافي السؤال الحادي عشر للنصارى الذي ادعوا فيه جواز الاتحاد بين الله وغيره تعالى الله عما يقولن علواً كبيراً ، واستشهدوا على ذلك بتكليم الله لموسى عليه السلام وأشار إلى أن هذا السؤال اعتمد عليه أغشتين زعيم قسيسي طليلطلة في كتابه " مصحف العالم ( الأجوبة الفاخرة ، ص: 267- 268) قال : " ثم جاء ابن الفخار اليهودي ، تنصر ورأس عند ملوك الإفرنج بالوزارة وغيرها ... وكتب بهذا السؤال إلى علماء قرطبة ... " ( المصدر السابق ، ص 268 ) وإذا رجعنا إلى نصوص " تثليث الوحدانية " وجدنا فيها فحوى هذا الادعاء ( القرطبي " الإعلام ، جـ 1، ص 105 –106) وحين رد عليه ذلك العالم القرطبي بين أن الكاتب قد استعان في صياغة ادعائه على ما كتبه أغشتين في " مصحف العالم " ( المصدر السابق ، جـ ، ص 126 ،143 –147) فوجود فحوى ذلك الادعاء في كتاب " تثليث الوحدانية " وتأكيد القرافي أن ابن الفخار قد كتب مثل هذا الادعاء إلى علماء قرطبة يدفعنا إلى أننا نتساءل لماذا لا يكون ابن الفخار هو محرر "تثليث الوحدانية" ؟ لا سيما وأن ابن الفخار الذي اسمه إبراهيم كان سفيراً لملك قشتالة إلى حكام الموحدين ، وذُكر منهم المستنصر الموحدي ( 610هـ 1211م-620هـ 1224م) ( المقري : نفح الطيب ، جـ 3، ص 528 ) والزمن الذي عاش فيه ابن الفخار هذا هو الزمن عينه الذي ألف فيه كتاب الإعلام . كما أن أحوال ابن الفخار كمعايشته للمسلمين ومعرفته باللغة العربية والمنطق ( ابن سعيد : المغرب ، جـ 2 ، ص 23 ؛ المقري : نفح الطيب ، ج3 ، ص 527 ) هذه الأحوال تتوافق مع أحوال كاتب "تثليث الوحدانية " حسبما تظهر واضحة لمن يقرأ مناقشة القرطبي له في كتابة الإعلام. (2) القرطبي : الإعلام ، جـ1، ص 43. (3) المصدر السابق ، ص 43 ، 44. (4) المصدر السابق ، ص 45. (5) لم يأت ذكر لهذا العنوان على لسان المؤلف لا في مقدمة الكتاب ولا في غيرها. (6)أبو عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي القرطبي . نشأ في قرطبة ، ثم هاجر إلى المشرق ، واستوطن مصر ، كان محدثاً فقيهاً مفسراً ، متبحراً في كثير من العلوم ، عَمَرَ أوقاته بين العبادة والتصنيف ، وتوفي في منية ابن الخصيب في صعيد مصر في شوال سنة 671هـ/1273م . وقد خلف عدة مؤلفات طبع أكثرها ، ومن أشهر تلك المؤلفات كتابه في التفسير : الجامع لأحكام القرآن (ابن عبدالملك المراكشي : الذيل والتكملة ، س5 ، ق2 ، ص585 ، ابن فرحون : الديباج ، ج 2، ص308 – 309 ، المقري : نفح الطيب ، ج2 ، ص 210 – 212 ، انظر تفاصيل واسعة عن حياته وآثاره في : (القصبي محمود زلط : القرطبي ومنهجه في التفسير ، ص6 – 50 ، يوسف عبدالرحمن الفرت : القرطبي المفسر ، ص33- 99 ، مشهور حسن سلمان : الإمام القرطبي ، ص 11 – 155 ) . (7)القرطبي : الإعلام ، جـ1، ص 43. (8)انظر صورة الصفحة الأولى من المخطوط : القرطبي : الإعلام ، ج 1 ، ص 39. استفاد منه بعض علماء الإسلام ، واكفوا باسم "القرطبي " دون إشارة على كنية أو اسم ( ابن تيمية : مجموعة الرسائل والمسائل م 2، ص 156 رحمة الله الهندي: إظهار الحق ج 2 ص 395. (9)ابن الأبار : التكملة ، ج1 ، ص 120 ، 323 ، ابن عذارى : البيان ، ق. الموحدين ، ص 331. (10)القرطبي : الإعلام ، جـ1، ص 43. (11) المصدر السابق ، ج 2 ، ص 277 . (12) المصدر السابق ، ج 2 ، ص 219 . (13) الزبيدي : تاج العروس ، ج 12 ، ص 516 . (14)القرطبي : الإعلام ،ج 1 ، ص 45 . (15)المصدر السابق ، الصفحة نفسها . (16) المصدر السابق ، ص 79 . (17)المصدر السابق ، ج 2 ص 228. (18)المصدر السابق ، ج 1 ص 84 ، 157 . (19) القرطبي : الجامع لأحكام القرآن ، ج 3 ، ص 237 . (20)المصدر السابق ، ج 4 ، ص 272 . (21)البغدادي : هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين ، ج 2 ، ص 129 . (22)ابن عبدالملك المراكشي : الذيل والتكملة ، س 5 ، ق 2 ، ص 585 . (23) مشهور حسن سلمان : الإمام القرطبي ، ص 97 . (24)المرجع السابق ، ص 98 ، 128 – 129 ، 135 ـ 138 ، 139 ، 146 ، 148 ، 149 ، 152 ، الفرت : القرطبي المفسر ، ص 84 ، 85 ، 90 ، 92 ، 93 ، القصبي زلط : القرطبي ، ص 49 ، 50 . (25) أبو العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر الأنصاري ، يعرف بابن المزين ، ولد بقرطبة ، وسمع فيها الكثير ، وانتقل إلى المشرق ، واستقر بمصر ، فاشتهر أمره ،وطار صيته . كان بارعاً في الفقه والعربية ، عارفاً بالحديث ،له عدة مؤلفات من أبرزها : المفهم في شرح ما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ، كشف القناع عن حكم مسائل الوجد والسماع . توفي في الإسكندرية في ذي القعدة سنة 656هـ/1258 م ( ابن عبد الملك المراكشي :الذيل والتكملة ، س 1، ق 1، ص 348؛ الصفدي : الوافي بالوفيات ، ج 7، ص 264- 265 ؛ ابن فرحون : الديباج المذهب ، جـ 1، ص 240 –242 ؛ المقري : نفح الطيب ، ج2 ص 615 ). (26) صرح بذلك القرطبي المفسر في عدد من كتبه . انظر مثلاً : الجامع لأحكام القرآن ، ج 3 ، ص 95 ، ج 4 ، ص 13 ، ج 5 ، ص ، 44 ، ج6 ،ص 295 ، ج14،ص 229 ،التذكرة ، ص 120 ، 191 ، 236 ، 377 ، 421 ، 644.... (27) المفهم ، ج 4 ، ص 570 ، ج 6 ، ص 50 ، 148 ، 176 ، 183 . (28) القرطبي : المفهم ، ج 4 ، ص 570 . (29) المصدر السابق ، ج 6 ، ص 50 . (30) المصدر السابق ، ج 6 ، ص 148 . (31) المصدر السابق ، ج 6 ، ص 176 . (32) المصدر السابق ، ج 6 ، ص 183 . (33)القرطبي : الإعلام ، ج 3 ، ص 281 – 288 ، 370 – 373 . (34)المصدر السابق ، ج 2 ، ص 240 ، ج3، ص 348 – 366 . (35)المصدر السابق ، ج 3 ، ص 263 – 280 . (36)المصدر السابق ، ج 2 ، ص 204 ، ج 3 ، ص 381 . (37)انظر مثلاً : المصدر السابق ، ج 2 ، ص 188 – 213 ، ج 4 ، ص 393 – 437 . (38)الصفدي : الوافي بالوفيات ، ج 7 ، ص 265 ، المقري : نفح الطيب ، ج 2، ص 615 . (39)المفهم ، ج 6 ص 24 . (40)القرطبي : المفهم ، ج 6 ، ص 24 – 25. (41) هكذا وردت ، حيث قدم قصد قبر النبي على مسجده !! . (42) القرطبي : المفهم ، ج 6 ، ص 25 . (43) حسين مؤنس : تاريخ الجغرافية والجغرافيين ، ص 432 . (44)الذهبي : العبر ، ج 3 ، ص 256 . (45)المصدر السابق ، ص 258 – 259 . (46)ذكر ابن فرحون عن بعضهم أن أبا العباس القرطبي " رحل مع أبيه من الأندلس في سن الصغر " ( الديباج المذهب ، ج 1، ص 241) وقد أخذ بهذه الرواية بعض الذين ترجموا له من المتأخرين ( القرطبي : المفهم ، ج 1 ، ص 31 في مقدمة المحققين ؛ الفرت :القرطبي المفسر ، ص 53 ؛ مشهور سلمان : الإمام القرطبي ، ص 72) وهؤلاء قد خلطوا بين أبي العباس أحمد بن عمر القرطبي مؤلف المفهم نزيل الإسكندرية ، وبين سميه أبي العباس أحمد بن محمد بن عمر القرطبي ساكن قنا ( ت 672هـ/ 1273م) فالذي رحل مع أبيه من الأندلس في سن الصغر هو هذا الأخير وليس صاحب المفهم ( ابن عبد الملك المراكشي :الذيل والتكملة ، س 1، ق2،ص 475؛ الصفدي : الوافي بالوفيات ، ج7، ص 339 –340) ثم أن ما حكاه صاحب المفهم عن نفسه –كما في المتن – يقطع كل التباس.

--Saxook (نقاش) 18:59، 9 فبراير 2010 (ت ع م)[ردّ]