مقصورة ابن دريد

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
يـا ظَبيَـةً أَشبَـه شَـيءٍ بِالمَهـا
تَرعى الخُزامى بَينَ أَشجـارِ النَّقـا
إِمّا تَـرَي رَأسِـيَ حاكـي لَونُـهُ
طُرَّةَ صُبحٍ تَحـتَ أَذيـالِ الدُجـى
وَاِشتَعَـلَ المُبيَـضُّ فـي مُسـوَدِّهِ
مِثلَ اِشتِعالِ النارِ في جَزلِ الغَضـى
فَكـانَ كَاللَيـلِ البَهيـمِ حَـلَّ فـي
أَرجائِـهِ ضَـوءُ صَبـاحٍ فَاِنجَلـى
وَغاضَ ماءَ شِرَّتـي دَهـرٌ رَمـى
خَواطِرَ القَلـبِ بِتَبريـحِ الجَـوى
وَآضَ رَوضُ اللَهـوِ يَبسـاً ذاوِيـاً
مِن بَعدِ ما قَد كانَ مَجّـاجَ الثَـرى
وَضَـرَّمَ النَـأيُ المُشِـتُّ جَـذوَةً
ما تَأتَلـي تَسفَـعُ أَثنـاءَ الحَشـا
وَاِتَّخَـذَ التَسهيـدُ عَينـي مَألَـفـاً
لَمّا جفـا أَجفانَهـا طَيـفُ الكَـرى
فَـكُـلُّ مــا لاقَيـتُـهُ مُغتَـفَـرٌ
في جَنبِ ما أَسأَرَهُ شَحـطُ النَـوى
لَو لابَسَ الصَخرَ الأَصَمَّ بَعضُ مـا
يَلقاهُ قَلبي فَـضَّ أَصـلادَ الصَفـا
إِذا ذَوى الغُصنُ الرَطيبُ فَاِعلَمَـن
أَنَّ قُـصـاراهُ نَـفـاذٌ وَتَـــوى
شَجيتُ لا بَـل أَجرَضَتنـي غُصَّـةٌ
عَنودُها أَقتَـلُ لـي مِـنَ الشَجـى
إِن يَحم عَن عَيني البُكـا تَجَلُّـدي
فَالقَلبُ مَوقوفٌ عَلى سُبـلِ البُكـا
لَو كانَـتِ الأَحـلامُ ناجَتنـي بِمـا
أَلقـاهُ يقظـانَ لأَصمانـي الـرَدى
مَنزلةٌ مَـا خِلتهـا يَرضـى بِهـا
لِنَفـسِـهِ ذو أرَبٍ وَلا حِـجــى
شيـمُ سَحـابٍ خُـلَّـبٍ بـارِقُـهُ
وَمَوقِـفٌ بَيـنَ اِرتِجـاءٍ وَمُـنـى
فـي كُـلِّ يَـومٍ مَنـزِلٌ مُستَوبـلٌ
يَشتَفُّ مـاءَ مُهجَتـي أَو مُجتَـوى
ما خِلتُ أَنَّ الدَهـرَ يُثنينـي عَلـى
ضَرّاءَ لا يَرضى بِها ضَبُّ الكُـدى
أُرَمِّقُ العَيشَ عَلـى بَـرضٍ فَـإِن
رُمتُ اِرتِشافاً رُمتُ صَعبَ المُنتَهى
أَراجِعٌ لـي الدَهـرُ حَـولاً كامِـلاً
إِلـى الَّـذي عَـوَّدَ أَم لا يُرتَجـى
يا دَهرُ إِن لَم تَـكُ عُتبـى فَاِتَّئِـد
فَـإِنَّ إِروادَكَ وَالعُتـبـى سَــوا
رَفِّـه عَلَـيَّ طالَـمـا أَنصَبتَـنـي
وَاِستَبقِ بَعضَ ماءِ غُصنٍ مُلتَحـى
لا تَحسبَن يـا دَهـرُ أَنّـي جـازِعٌ
لِنَكبَـةٍ تُعرِقُنـي عـرقَ الـمُـدى
مارَستُ مَن لَو هَوَتِ الأَفلاكُ مِـن
جَوانِـبِ الجَـوِّ عَلَيـهِ مـا شَكـا
وَعَدَّ لَـو كانَـت لَـهُ الدُنيـا بِمـافيها
فَزالَـت عَنـهُ دُنيـاهُ سـوا
لَكِنَّـهـا نَفـثَـةَ مَـصــدورٍ إِذا
جاشَ لُغـامٌ مِـن نَواحيهـا عمـى
رَضيتُ قَسراً وَعَلى القسرِ رِضـى
مَن كانَ ذا سُخطٍ عَلى صرفِ القضا
إِنَّ الجَديدَيـنِ إِذا مـا اِستَولَـيـا
عَلـى جَـديـدٍ أَدنـيـاهُ لِلبِـلـى
مـا كُنـتُ أَدري وَالزَمـانُ مولَـع
بِشَـتِّ مَلمـومٍ وَتَنكيـثِ قُــوى
أَنَّ القَضـاءَ قاذِفـي فـي هُــوَّةٍ
لا تَستَبِلُّ نَفس مَـن فيهـا هـوى
فَـإِن عَثـرتُ بَعدَهـا إِن وَأَلَــت
نَفسِيَ مِـن هاتـا فَقـولا لا لعـا
وَإِن تَكُـن مُدَّتُـهـا مَوصـولَـةً
بِالحَتفِ سَلَّطتُ الأُسا عَلى الأَسـى
إِنَّ اِمرأَ القَيسِ جَرى إِلـى مَـدى
فَاِعتاقَـهُ حِمـامُـهُ دونَ الـمَـدى
وَخامَرَت نَفسُ أَبي الجَبرِ الجَـوى
حَتّى حَواهُ الحَتفُ فيمَن قَد حَـوى
وَاِبنُ الأَشَجِّ القَيـلُ سـاقَ نَفسَـهُ
إلى الرَدى حِذارَ إِشمـاتِ العِـدى
وَاِختَرَمَ الوَضّاحَ مِـن دونِ الَّتـي
أَمَّلَهـا سَيـفُ الحِمـامِ المُنتَضـى
وَقَـد سَمـا قَبلـي يَزيـدٌ طالِبـاً
شَأوَ العُلى فَمـا وَهـى وَلا وَنـى
فَاِعتَرَضَـت دونَ الَّـذي رامَ وَقَـد
جَـدَّ بِـهِ الجِـدُّ اللُهَيـمُ الأُرَبـى
هَل أَنا بِدعٌ مِـن عَرانيـن عُلـىً
جارَ عَلَيهِم صَرفُ دَهـرٍ وَاِعتَـدى
فَـإِن أَنالَتنـي المَقاديـرُ الَّــذي
أَكيـدُهُ لَـم آلُ فـي رَأبِ الـثَـأى
وَقَد سَمـا عَمـرٌو إِلـى أَوتـارِهِ
اِحتَطَّ مِنها كُـلَّ عالـي المُستَمـى
فَاِستَنزَلَ الزَبّاءَ قَسراً وَهـيَ مِـن
عُقابِ لَوحِ الجَـوِّ أَعلـى مُنتَمـى
وَسَيـفٌ اِستَعلَـت بِــهِ هِمَّـتُـه
حَتّى رَمى أَبعَـدَ شَـأوِ المُرتَمـى
فَجَـرَّعَ الأُحبـوشَ سُمّـاً ناقِـعـاً
وَاِحتَلَّ مِن غمدانَ مِحرابَ الدُمـى
ثُـمَّ اِبـنُ هِنـدٍ باشَـرَت نيرانُـه
يَـومَ أُوارات تَميـمـاً بِالصـلـى
ما اِعتَنَّ لي يَأسٌ يُناجـي هِمَّتـي
إِلّا تَـحَـدّاهُ رَجــاءٌ فَاِكـتَـمـى
أَلِـيَّـةً بِاليَعـمُـلاتِ يَـرتَـمـي
بِها النجـاءُ بَيـنَ أَجـوازِ الفَـلا
خـوصٌ كَأَشبـاحِ الحَنايـا ضُمَّـر
يَرعَفنَ بِالأَمشاجِ مِن جَذبِ البُـرى
يَرسُبنَ في بَحرِ الدُجى وَبِالضحـى
يَطفـونَ فـي الآلِ إِذا الآلُ طَـفـا
أَخفافُهُنَّ مِـن حَفـاً وَمِـن وَجـى
مَرثومَةٌ تَخضبُ مُبيَـضَّ الحَصـى
يَحمِلـنَ كُـلَّ شاحِـبٍ مُحقَوقـف
مِن طولِ تـدآبِ الغُـدُوِّ وَالسُـرى
بَرٍّ بَرى طـولُ الطَـوى جُثمانَـهُ
فَهوَ كَقَـدحِ النَبـعِ مَحنِـيُّ القَـرا
يَنوي الَّتـي فَضَّلَهـا ربُّ العُلـى
لَمّـا دَحـا تُربَتَهـا عَلـى البُنـى
حَتّـى إِذا قابَلَـهـا اِستَعـبَـرَلا
يَملِكُ دَمعَ العَينِ مِن حَيـثُ جَـرى
فَأوجَـبَ الحَـجَّ وثَنّـى عـمـرة
مِن بَعدِ مـا عَـجَّ وَلَبّـى وَدَعـا
ثُمَّـتَ طـافَ وَاِنثَنـى مُستَلِـمـاً
ثُمَّـتَ جـاءَ المَروَتَيـنِ فَسَـعـى
ثُمَّـتَ راحَ فـي المُلَبّيـنَ إِلــى
حَيـثُ تَحَجّـى المَأزمـانِ وَمِنـى
ثُمَّ أَتـى التَعريـفَ يَقـرو مُخبِتـاً
مَواقِـفـاً بَـيـنَ أُلالٍ فَالـنَـقـا
ثُـمَّ أَتـى المَشعَـرَ يَدعـو رَبَّـهُ
تَضَرُّعـاً وَخُفيَـةً حَتّـى هَـمـى
وَاِستَأنَفَ السَبـعَ وَسَبعـاً بَعدَهـا
وَالسبعَ ما بَينَ العِقابِ وَالصُـوى
وَراحَ لِلتَوديـعِ فيمَـن راحَ قَــد
أَحرَزَ أَجـراً وَقَلـى هُجـرَ اللغـا
بَذاكَ أَم بِالخَيـلِ تَعـدو المَرطـى
ناشِـزَةً أَكتادهـا قُــبَّ الكُـلـى
شُعثاً تَعـادى كَسَراحيـنِ الغَضـا
مَيـلَ الحَماليـقِ يُباريـنَ الشَبـا
يَحمِلـنَ كُـلّ شـمَّـرِيٍّ بـاسِـلٍ
شَهمِ الجَنانِ خائِضٍ غَمرَ الوَغـى
يَغشى صَلـى المَـوتِ بِحَدَّيـهِ إِذا
كانَ لَظى المَوت كَريـهَ المُصطَلـى
لَو مُثِّـلَ الحَتـفُ لَـهُ قِرنـاً لَمـا
صَدَّتـهُ عَنـهُ هَيبَـةٌ وَلا اِنثَنـى
وَلَو حَمى المقـدارُ عَنـهُ مُهجَـةً
لَرامَهـا أَو يَستَبيـحَ مـا حَمـى
تَغـدو المَنايـا طائِعـاتٍ أَمــرَهُ
تَرضى الَّذي يَرضى وَتَأبى ما أَبى
بَل قَسَماً بِالشُمِّ مِـن يَعـرُبَ هَـل
لِمُقسـمٍ مِـن بَعـدِ هَـذا مُنتَهـى
هُمُ الأُلى إِن فاخَـروا قـال العُلـى
بِفي اِمرِئٍ فاخَرَكُم عَفـرُ البَـرى
هُمُ الأُلى أَجـرَوا يَنابيـعَ النَـدى
هامِيـةً لِمَـن عَـرى أَو اِعتَفـى
هُمُ الَّذيـنَ دَوَّخـوا مَـنِ اِنتَخـى
وَقَوَّموا مـن صَعَـر وَمَـن صَغـا
هُمُ الَّذينَ جَرَّعوا مَـن مـا حلـوا
أَفـاوِقَ الضَيـمِ مُمـرّاتِ الحُسـا
أَزالُ حَشـوَ نَـثـرَةٍ مَوضـونَـةٍ
حَتّى أُوارى بَيـنَ أَثنـاءِ الجُثـى
وَصاحِبـايَ صاـرِمٌ فـي مَتـنِـهِ
مِثل مَدَبِّ النَملِ يَعلو فـي الرُبـى
أَبيَـضُ كَالمِـلـحِ إِذا اِنتَضَيـتَـهُ
لَـم يَلـقَ شَيئـاً حَـدُّهُ إِلّا فَـرى
كَـأَنَّ بَـيـنَ عَـيـرِهِ وَغَـربِـهِ
مُفتَـأَداً تَأَكَّلَـت فـيـهِ الـجُـذى
يُري المَنونَ حيـنَ تَقفـو إِثـرَهُ
في ظُلَـمِ الأَكبـادِ سُبـلاً لا تُـرى
إِذا هَـوى فـي جُثَّـةٍ غـادَرَهـا
مِن بَعدِ ما كانَت خَساً وَهـيَ زكـا
وَمُشرِفُ الأَقطـارِ خـاطٍ نَحضُـهُ
حابي القُصَير جرشَعٌ عَردُ النَسا
قَريبُ مـا بَيـنَ القَطـاةِ وَالمطـا
بَعيدُ مـا بَيـنَ القَـذالِ وَالصَـلا
سامي التَليـلِ فـي دَسيـعٍ مُفعَـمٍ
رَحبُ اللبان في أَمينـاتِ العُجـى
رُكِّبـنَ فـي حَـواشِـب مُكتَـنَّـةٍ
إِلى نُسورٍ مِثـلَ مَلفـوظِ النَـوى
يَرضَخُ بِالبيدِ الحَصى فَـإِن رَقـى
إِلى الرُبى أَورى بِها نـارَ الحبـى
يُديـرُ إِعليطَيـنِ فـي مَلمـومَـةٍ
إِلـى لَموحَيـنِ بِأَلحـاظِ الــلأى
مُداخـلُ الخَلـقِ رَحيـبٌ شَجـرُهُ
مُخلَولِـقُ الصَهـوَةِ مَمسـودٌ وَأى
لا صَـكَـكٌ يشيـنُـهُ وَلا فَـجـا
وَلا دَخيـسٌ واهِـنٌ وَلا شَـظـى
يَجري فَتَكبو الريـحُ فـي غاياتِـهِ
حَسـرى تَلـوذُ بِجَراثيـمِ السَحـا
لَوِ اِعتَسَفتَ الأَرضَ فَـوقَ مَتنِـهِ
يَجوبُها ما خِفت أَن يَشكو الوَجـى
تَظُنُّـهُ وَهـوَ يُــرى مُحتَجِـبـاً
عَـنِ العُيـونِ إِن ذَأى وَإِن رَدى
إِذا اِجتَهَـدتَ نَظَـراً فـي إِثــرِهِ
قلتَ سَناً أَومَـضَ أَو بَـرقٌ خَفـا
كَأَنَّمـا الجَـوزاءُ فـي أَرساغِـهِ
وَالنَجـم فـي جَبهَتِـهِ إِذا بَــدا
هُما عتـادي الكافِيـانِ فَقـدَ مَـن
أَعدَدتُهُ فَليَنـأَ عَنّـي مَـن نَـأى
فَـإِن سَمِعـت بِرَحـىً مَنصوبَـة
لِلحَربِ فَاِعلَم أَنَّني قُطـبُ الرَحـى
وَإِن رَأَيـتَ نـارَ حَـربٍ تَلتَظـي
فَاِعلَم بِأَنّـي مُسعِـرٌ ذاكَ اللَظـى
خَيرُ النُفـوسِ السائِـلاتُ جَهـرَةً
عَلـى ظُبـاتِ المُرهَفـاتِ وَالقَنـا
إِنَّ العِـراقَ لَـم أُفـارِق أَهـلَـهُ
عَـن شَنَـآنٍ صَدَّنـي وَلا قِـلـى
وَلا اِطَّبـى عَينـيَّ مُـذ فارَقتُهُـم
شَيءٌ يَروقُ الطَرفَ مِن هَذا الوَرى
هُم الشَناخيـبُ المُنيفـاتُ الـذُرى
وَالناسُ أَدحـالٌ سِواهُـم وَهـوى
هُـمُ البُحـورُ زاخِــرٌ آذِيُّـهـا
وَالناسُ ضَحضاحٌ ثِغـابٌ وَأَضـى
إِن كُنتُ أَبصَرتُ لَهُم مِـن بَعدِهِـم
مِثلاً فَأَغضَيتُ عَلى وَخـزِ السَفـا
حاشـا الأَميرَيـنِ الَّلذيـنِ أَوفَـدا
عَلَيَّ ظِـلّاً مِـن نَعيـمٍ قَـد ضَفـا
هُمـا اللَـذانِ أَثبَتـا لـي أَمــلاً
قَد وَقَفَ اليَـأسُ بِـهِ عَلـى شَفـا
تَلافَيـا العَيـشَ الَّــذي رَنَّـقَـهُ
صَرفُ الزَمانِ فَاِستَسـاغَ وَصفـا
وَأَجرَيا مـاءَ الحَيـا لـي رَغَـدا
فَاِهتَزَّ غُصنـي بَعدَمـا كـانَ ذوى
هُمـا اللَـذانِ سَمَـوا بِنـاظِـري
مِن بَعدِ إِغضائي عَلى لَذعِ القَـذى
هُمـا اللَـذانِ عَمَّـرا لـي جانِبـاً
مِنَ الرَجاءِ كـانَ قِدمـاً قَـد عَفـا
وَقَلَّدانـي مِـنَّـةً لَــو قُـرِنَـت
بِشُكرِ أَهلِ الأَرضِ عَنِّي مـا وَفـى
بِالعُشرِ مِن مِعشارِها وَكـانَ كَـالـ
حَسوَةِ فـي آذِيِّ بَحـرٍ قَـد طَمـا
إِنَّ اِبنَ ميكـالَ الأَميـر اِنتاشَنـي
مِن بَعدِما قَد كُنتُ كَالشَـيءِ اللقـى
وَمَدَّ ضَبعـي أَبـو العَبّـاسِ مِـن
بَعدِ اِنقِباضِ الذَرعِ وَالباعِ الـوَزى
ذاكَ الَّذي مـا زالَ يَسمـو لِلعُلـى
بِفِعلِهِ حَتّـى عَـلا فَـوقَ العُلـى
لَـو كـانَ يَرقـى أَحَـدٌ بِجـودِهِ
وَمَجـدِهِ إِلـى السَمـاءِ لاِرتَقـى
ما إِن أَتـى بَحـرَ نَـداهُ مُعتَـفٍ
عَلـى أُوارى علـمٍ إِلّا اِرتَــوى
نَفسـي الفِـداءُ لِأَميـرَيَّ وَمَــن
تَحـتَ السَمـاءِ لِأَميـرَيَّ الفِـدى
لا زالَ شُكـري لَهُمـا مُـواصِـلاً
لَفظي أَو يَعتاقَني صَـرفُ المنـى
إِنَّ الأُلى فارَقتُ مِـن غَيـرِ قِلـىً
مـا زاغَ قَلبـي عَنهُـمُ ولا هَفـا
لَكِـنَّ لـي عَزمـاً إِذا اِمتَطَيـتُـهُ
لِمُبهَـمِ الخَطـبِ فَـآه فَاِنـفَـأى
وَلَو أَشـاءُ ضَـمَّ قُطرَيـهِ الصِبـا
عَلَـيَّ فـي ظِلّـي نَعيـمٍ وَغِنـى
وَلاعَبَتـنـي غــادَةٌ وَهنـانَـةٌ
تُضني وَفي ترشافِها بُرءُ الضَنـى
تَفري بِسَيفِ لَحظِهـا إِن نَظَـرَت
نَظرَةَ غَضبى مِنك أَثنـاءَ الحَشـا
في خَدِّها رَوضٌ مِنَ الوَردِ عَلى الـ
ننسرينِ بِالأَلحـاظِ مِنهـا يُجتَنـى
لَو ناجَـتِ الأَعصَـمَ لاِنحَـطَّ لَهـا
طَوعَ القِيادِ مِن شَماريـخِ الـذُرى
أَو صابَتِ القانِـتَ فـي مُخلَولِـقٍ
مُستَصعَبِ المَسلَكِ وَعرِ المُرتَقـى
أَلهـاهُ عَـن تَسبيحِـهِ وَديـنِـهِ
تَأنيسُهـا حَتّـى تَـراهُ قَـد صَبـا
كَأَنَّمـا الصَهبـاءُ مَقطـوبٌ بِهـا
ماءُ جَنـى وَردٍ إِذا اللَيـلُ عَسـا
يَمتاحُـهُ راشِـفُ بَـردِ ريقِـهـا
بَينَ بَياضِ الظَلـمِ مِنهـا وَاللمـى
سَقـى العَقيـقَ فَالحَزيـزَ فَالمَـلا
إِلـى النُحَيـتِ فَالقُرَيّـاتِ الدُنـى
فَالمِربد الأَعلى الَّـذي تَلقـى بِـه
مَصـارِعَ الأُسـدِ بِأَلحـاظِ المَهـا
مَحَـلَّ كُـلِّ مُقـرِمٍ سَمَـت بِــهِ
مَآثِـرُ الآبـاءِ فـي فَـرعِ العُلـى
مِنَ الأُلـى جَوهَرُهُـم إِذا اِعتَـزَوا
مِن جَوهَرٍ مِنهُ النَبِـيُّ المُصطَفـى
صَلّى عَلَيهِ اللَهُ مـا جَـنَّ الدُجـى
وَما جَرَت في فَلَكٍ شَمسُ الضُحـى
جَـونٌ أَعارَتـهُ الجَنـوبُ جانِبـاً
مِنها وَواصَت صَوبَهُ يَـدُ الصَبـا
نَـأى يَمانِيّـاً فَلَـمّـا اِنتَـشَـرَت
أَحضانُـهُ وَاِمتَـدّ كِسـراهُ غَطـا
فَجَلَّـلَ الأُفــقَ فَـكُـلُّ جـانِـبٍ
مِنها كَأَن مِن قطرِهِ المُـزنُ حَيـا
إِذا خَبَـت بُروقُـهُ عَنَّـت لَـهـا
ريحُ الصَبا تشبُّ مِنهـا مـا خَبـا
وَإِن وَنَـت رُعـودُهُ حَـدا بِـهـا
راعي الجَنوبِ فَحَـدَت كَمـا حَـدا
كَـأَنَّ فـي أَحضـانِـهِ وَبَـركِـهِ
بَركاً تَداعى بَيـنَ سَجـرٍ وَوَحـى
لَـم تـرَ كَالمُـزنِ سَوامـاً بُهَّـلاً
تَحسَبُهـا مَرعِيَّـةً وَهـيَ سُـدى
فَطَـبَّـقَ الأَرضَ فَـكُـلُّ بُقـعَـةٍ
مِنها تَقولُ الغَيثُ في هاتـا ثَـوى
يَقولُ لِلأَجـرازِ لَمّـا اِستَوسَقَـت
بِسَوقِـهِ ثِقـي بِــرِيٍّ وَحَـيـا
فَأَوسَعَ الأَحـدابَ سَيبـاً مُحسِبـاً
وَطَبَّقَ البُطنـانَ بِالمـاءِ الـرِوى
كَأَنَّمـا البَيـداءُ غِــبَّ صَـوبِـهِ
بَحـرٌ طَمـى تَيّـارُهُ ثُـمَّ سَـجـا
ذاكَ الجدا لا زالَ مَخصوصـاً بِـه
قَومٌ هُـمُ لِـلأَرضِ غَيـثٌ وَجَـدا
لَسـتُ إِذا مـا بَهَظَتنـي غَمـرَةٌ
مِمَّن يَقـولُ بَلَـغَ السَيـلُ الزُبـى
وَإِن ثَوَت بيـنَ ضُلوعـي زَفـرَةٌ
تَملأُ ما بَينَ الرَجـا إِلـى الرَجـا
نَهنَهتُهـا مَكظومَـةً حَتّـى يُـرى
مَخضَوضِعاً مِنها الَّذي كـانَ طَغـا
وَلا أَقـولُ إِن عَرَتـنـي نَكـبَـةٌ
قَولَ القَنوطِ اِنقَدَّ في الجوفِ السَلى
قَد مارَسَت مِنّي الخُطـوبُ مارِسـاً
يُسـاوِرُ الهَـولَ إِذا الهَـولُ عَـلا
لِـيَ اِلتِـواءُ إِن مُعـادِيَّ اِلتَـوى
وَلي اِستِواءٌ إِن مُوالِـيَّ اِستَـوى
طَعمـي الشَـريُّ لِلعَـدُوِّ تــارَةً
وَالراحُ وَالأَريُ لِمَن وُدّي اِبتَغـى
لدنٌ إِذا لويِنـتُ سَهـلٌ معطفـي
أَلوى إِذا خوشِنتُ مَرهوب الشَـذا
يَعتَصِـمُ الحِلـمُ بِجَنبَـي حَبوَتـي
إِذا رِياحُ الطَيشِ طـارَت بِالحُبـى
لا يَطَّبيـنـي طَـمَـعٌ مُـدَنّـسٌ
إِذا اِستَمـالَ طَـمَـعٌ أَوِ اِطَّـبـى
وَقَد عَلَـت بـي رُتَبـاً تَجارِبـي
أَشفَينَ بي مِنها عَلى سُبلِ النُهـى
إِذا اِمـرُؤٌ خيـفَ لِإِفـراطِ الأَذى
لَـم يُخـشَ مِنّـي نَـزَقٌ وَلا أَذى
مِن غَيرِ ما وَهنٍ وَلَكِنّـي اِمـرُؤ
أَصونُ عِرضاً لَم يُدَنِّسـهُ الطَخـا
وَصَونُ عِرضِ المَرءِ أَن يَبذُلَ مـا
ضَنَّ بِـهِ مِمّـا حَـواهُ وَاِنتَصـى
وَالحَمدُ خَيـرُ مـا اِتَّخَـذتَ عـدَّة
وَأَنفَسُ الأَذخارِ مِـن بَعـدِ التُقـى
وَكُـلُّ قَـرنٍ ناجِـمٍ فـي زَمَــنٍ
فَهـوَ شَبيـهُ زَمَـنٍ فيـهِ بَــدا
وَالنـاسُ كَالنَبـتِ فَمِنهُـم رائِـع
غَضٌّ نَضيرٌ عـودهُ مُـرُّ الجَنـى
وَمِنـهُ مـا تَقتَحِـمُ العَيـنُ فَـإِن
ذُقتَ جَناهُ اِنساغَ عَذبـاً فـي اللها
يُقَـوَّمُ الشـارِخُ مِـن زَيغـانِـهِ
فَيَستَوي ما اِنعاجَ مِنـهُ وَاِنحَنـى
وَالشَيـخُ إِن قَوَّمتَـهُ مِـن زَيغِـهِ
لَم يُقِمِ التَثقيفُ مِنـهُ مـا اِلتَـوى
كَذَلِـكَ الغُصـنُ يَسيـرٌ عطـفُـهُ
لَدنـاً شَديـدٌ غَمـزُهُ إِذا عَـسـا
مَن ظَلَمَ النـاسَ تَحامَـوا ظُلمَـهُ
وَعَـزَّ عَنهُـم جانِبـاهُ وَاِحتَمـى
وَهُـم لِمَـن لانَ لَهُـم جانِـبُـهُ
أَظلَمُ مِـن حَيّـاتِ أَنبـاثِ السَفـا
وَالناسُ كُـلّاً إِن فَحَصـتَ عَنهُـم
جَميـعَ أَقطـارِ البِـلادِ وَالقُـرى
عَبيدُ ذي المالِ وَإِن لَـم يَطمَعـوا
مِن غَمرِهِ في جَرعَةٍ تَشفي الصَدى
وَهُـم لِمَـن أَملَـقَ أَعـداءٌ وَإِن
شارَكَهُـم فيهـا أَفـادَ وَحَــوى
عاجَمتُ أَيّامي وَمـا الغِـرُّ كَمَـن
تَـأَزّرَ الدَهـرُ عَلَيـهِ وَاِرتَــدى
لا يَنفَـعُ اللُـبُّ بِـلا جَــدٍّ وَلا
يَحُطُّـكَ الجَهـلُ إِذا الجَـدُّ عَـلا
مَـن لَـم تُفِـدهُ عِبَـراً أَيّـامُـهُ
كانَ العَمى أَولى بِهِ مِـن الهُـدى
مَن لَم يَعِظهُ الدَهرُ لَم يَنفَعـهُ مـا
راح بِهِ الواعِـظُ يَومـاً أَو غَـدا
مَن قاسَ ما لَم يَـرَهُ بِمـا يـرى
أَراهُ مـا يَدنـو إِلَيـهِ مـا نَـأى
مَن مَلَّكَ الحِرصَ القِيادَ لَـم يَـزَل
يَكرَعُ في ماءٍ مِـنَ الـذُلِّ صَـرى
مَن عارَضَ الأَطماعَ بِاليَأسِ دَنَـت
إِلَيهِ عَينُ العِزِّ مِـن حَيـثُ رَنـا
مَن عَطَفَ النَفسَ عَلى مَكروهِهـا
كانَ الغِنى قَرينَـهُ حَيـثُ اِنتَـوى
مَن لَم يَقِف عِنـدَ اِنتِهـاءِ قَـدرِهِ
تَقاصَرَت عَنـهُ فَسيحـاتُ الخُطـا
مَن ضَيَّعَ الحَـزمَ جَنـى لِنَفسِـهِ
نَدامَـةً أَلـذَعَ مِـن سَفـع الذكـا
مَن ناطَ بِالعُجـبِ عُـرى أَخلاقِـهِ
نيطَت عُرى المَقتِ إِلى تِلكِ العُرى
مَن طالَ فَـوقَ مُنتَهـى بَسطَتِـهِ
أَعجَزَهُ نَيلُ الدُنـى بَلـه القُصـا
مَن رامَ مـا يَعجـزُ عَنـهُ طَوقُـهُ
م العِبءِ يَوماً آضَ مَجزولَ المَطـا
وَالنـاسُ أَلـفٌ مِنهُـمُ كَـواحِـدٍ
وَواحِـدٌ كَالأَلـفِ إِن أَمـرٌ عَنـا
وَلِلفَتـى مِـن مالِـهِ مـا قَدَّمَـت
يَداهُ قَبـلَ مَوتِـهِ لا مـا اِقتَنـى
وَإِنَّمـا المَـرءُ حَـديـثٌ بَـعـدَهُ
فَكُن حَديثـاً حَسَنـاً لِمَـن وَعـى
إِنّي حَلَبتُ الدَهـرَ شَطرَيـهِ فَقَـد
أَمَـرَّ لـي حينـا وَأَحيانـاً حَـلا
وَفُـرَّ عَـن تَجرِبَـةٍ نابـي فَقُـل
في بازِلٍ راضَ الخُطوبَ وَاِمتَطـى
وَالنـاسُ لِلدهـرِ خَلـىً يلسُّهُـم
وَقَلَّما يَبقى عَلـى اللَـسِّ الخَـلا
عَجِبتُ مِن مُستَيقِـنٍ أَنَّ الـرَدى
إِذا أَتـاهُ لا يُــداوى بِالـرُقـى
وَهـوَ مِـنَ الغَفلَـةِ فـي أَهويـةٍ
كَخابِـطٍ بَيـنَ ظَـلامٍ وَعَـشـى
نَحـنُ وَلا كُفـران لِـلَّـهِ كَـمـا
قَد قيلَ لِلسـارِبِ أَخلـي فَاِرتَعـى
إِذا أَحَــسَّ نَـبـأَةً ريــعَ وَإِن
تَطامَنَـت عَنـهُ تَمـادى وَلَـهـا
كَثلَّـةٍ ريعَـت لِلَيـثٍ فَـاِنـزَوَت
حَتّى إِذا غابَ اِطمَأَنَّت إِن مَضـى
نُهـالُ لِلأَمـرِ الَّـذي يَروعُـنـا
وَنَرتَعي فـي غَفلَـةٍ إِذا اِنقَضـى
إِنَّ الشَقـاءَ بِالشَـقِـيِّ مـولَـعٌ
لا يَملِـكُ الـرَدَّ لَــهُ إِذا أَتــى
وَالـلَـومُ لِلـحُـرِّ مُقـيـمٌ رادِعٌ
وَالعَبـدُ لا تَردَعُـهُ إِلّا العَـصـا
وَآفَةُ العَقـلِ الهَـوى فَمَـن عَـلا
عَلـى هَـواهُ عَقلُـهُ فَقَـد نَجـا
كَـم مِـن أَخٍ مَسخوطَـةٍ أَخلاقُـهُ
أَصفَيتُـهُ الـوُدَّ لِخُلـقٍ مُرتَضـى
إِذا بَلَوتَ السَيـفَ مَحمـوداً فَـلا
تَذمُمهُ يَومـاً أَن تَـراهُ قَـد نَبـا
وَالطِرفُ يَجتـازُ المَـدى وَرُبَّمـا
عَـنَّ لِمَـعـداهُ عِـثـارٌ فَكَـبـا
مَن لَكَ بِالمُهَـذَّبِ النَـدبِ الَّـذي
لا يَجِـدُ العَيـبُ إِلَيـهِ مُختَـطـى
إِذا تَصَفَّحـتَ أُمـورَ النـاسِ لَـم
تُلفِ اِمرءاً حازَ الكَمـالَ فَاِكتَفـى
عَوِّل عَلى الصَبـرِ الجَميـلِ إِنَّـهُ
أَمنَعُ مـا لاذَ بِـهِ أولـو الحِجـا
وَعَطِّفِ النَفسَ عَلى سُبـلِ الأَسـا
إذا اِستَفَزَّ القَلبَ تَبريـحُ الجَـوى
والدَهـرُ يَكبـو بِالفَتـى وَتـارَةً
يُنهِضُـهُ مِـن عَثـرَةٍ إِذا كَـبـا
لا تَعجَبن مِن هالِكٍ كيـفَ هَـوى
بَل فَاِعجبَن مِن سالِمٍ كَيـفَ نَجـا
إِنَّ نُجـومَ المَجـدِ أَمسَـت أُفَّـلاً
وَظِلُّهُ القالِـصُ أَضحـى قَـد أَزى
إِلّا بَقايـا مِـن أُنــاسٍ بِـهِـمُإ
ِلـى سَبيـلِ المَكرُمـاتِ يُقتَـدى
إِذا الأَحاديـثُ اقتَضَـت أَنباءَهُـم
كانَت كَنَشرِ الرَوضِ غاداهُ السَدى
لا يَسمَعُ السامِـعُ فـي مَجلِسِهِـم
هجـراً إِذا جالَسَـهُـم وَلا خَـنـا
ما أَنعَـمَ العيشَـةَ لَـو أَنَّ الفَتـى
يَقبَلُ مِنـهُ مَوتُـهُ أَسنـى الرُشـا
أَو لَـو تَحَلّـى بِالشَبـابِ عُمـرَهُ
لَم يَستَلِبهُ الشَيبُ هاتيـكَ الحُلـى
هَيهاتَ مَهمـا يُستَعـر مُستَرجـعٌ
وَفي خُطوبِ الدَهرِ لِلنـاسِ أَسـى
وَفِتيَـةٍ سامَرَهُـم طَيـفُ الكَـرى
فَسامَروا النَومَ وَهُم غيـدُ الطُلـى
وَاللَيـلُ مُلـقٍ بِالمَوامـي بَركَـهُ
وَالعيسُ يَنبُثـنَ أَفاحيـصَ القَطـا
بِحَيـثُ لا تهـدي لِسَمـعٍ نَبـأَةٌ
إِلّا نَئيم البومِ أَو صَـوت الصَـدى
شايَعتُهُم عَلى السُـرى حَتّـى إِذا
مالَت أَداةُ الرَحلِ بِالجِبسِ الـدَوى
قُلـتُ لَهُـم إِنَّ الهُوَينـا غِبُّـهـا
وَهنٌ فَجدّوا تحمَدوا غِبَّ السُـرى
وَموحِـش الأَقطـارِ طـامٍ مـاؤُهُ
مُدَعثَرِ الأَعضـادِ مَهـزومِ الجَبـا
كَأَنَّمـا الريـشُ عَلـى أَرجـائِـهِ
زُرقُ نِصـالٍ أُرهِفَـت لِتُمتَـهـى
وَرَدتُـهُ وَالذِئـبُ يَعـوي حَولَـهُ
مُستَكَّ سمِّ السَمعِ مِن طَولِ الطوى
وَمُنـتـجٍ أُمُّ أَبـيــهِ أُمُّـــهُ
لَم يَتَخَوَّن جِسمَهُ مَـسّ الضـوى
أَفرَشتُـهُ بِنـتَ أَخيـهِ فَاِنثَـنَـت
عَن وَلَدٍ يـورى بِـهِ وَيُشتَـوى
وَمَرقَـبٍ مُخلَـولِـقٍ أَرجــاؤُهُ
مُستَصعَبِ الأَقذافِ وَعرِ المُرتَقـى
وَالشَخصُ في الآلِ يُـرى لِناظِـرٍ
تَرمُقُـهُ حينـاً وَحينـاً لا يُـرى
أوفَيـتُ وَالشَمـسُ تَمُـجُّ ريقَهـا
وَالظِلُّ مِن تَحتِ الحِـذاءِ مُحتَـذى
وَطـارِقٍ يُؤنِـسُـهُ الـذِئـبُ إِذا
تَضَـوَّرَ الذِئـبُ عشـاءً وَعَـوى
آوى إِلـى نـارِيَ وَهـيَ مَألَـفٌ
يَدعو العُفاةَ ضَوؤُها إِلـى القِـرى
لِلَـهِ مـا طَيـفُ خَيـالٍ زائِــرَ
تَزُفُّـهُ لِلقَلـبِ أَحـلامُ الــرُؤى
يَجـوبُ أَجـوازَ الفَـلا مُحتَقِـرا
هَولَ دُجى اللَيلِ إِذا اللَيـلُ اِنبَـرى
سائِلـهُ إِن أَفصَـحَ عَـن أَنبائِـهِ
أَنّى تَسَدّى اللَيلَ أَم أَنّـى اِهتَـدى
أَو كانَ يَدري قَبلَهـا مـا فـارِسٌ
وَمـا مَواميهـا القِفـارُ وَالقـرى
وَسائِلي بِمُزعِجـي عَـن وَطَـنٍ
ما ضـاقَ بـي جَنابُـهُ وَلا نَبـا
قُلتُ القَضاءُ مالِـكٌ أَمـرَ الفَتـى
مِن حَيثُ لا يَدري وَمِن حَيثُ دَرى
لا تَسأَلَنّي وَاِسـأَلِ المِقـدارَ هَـل
يَعـصِـمُ مِـنـهُ وَزَرٌ ومُــدَّرى
لا بُدَّ أَن يَلقى اِمـرُؤٌ مـا خَطَّـه
ُذو العَرشِ مِمّا هُـوَ لاقٍ وَوَحـى
لا غَـروَ أَن لـجَّ زَمـانٌ جائِـرٌ
فَاِعتَرَقَ العَظـمَ المُمِـخَّ وَاِنتَقـى
فَقَد يُرى القاحِـلُ مُخضَـرّاً وَقَـد
تَلقى أَخا الإِقتارِ يَومـاً قَـد نَمـا
يـا هَؤُلَيّـا هَـل نَشَدتُـنَّ لَـنـا
ثاقِبَةَ البُرقُـعِ عَـن عَينَـي طَـلا
ما أَنصَفَـت أُمُّ الصَبِيَّيـنِ الَّتـي
أَصبَت أَخا الحِلم وَلَمّـا يُصطَبـى
اِستَحيِ بيضـاً بَيـنَ أَفـوادِكَ أَن
يَقتادَكَ البيـضُ اِقتِيـادَ المُهتَـدى
هَيهـاتَ مـا أَشنَـعَ هاتـا زَلَّـةً
أَطَرَبـاً بَعـدَ المَشيـبِ وَالـجَـلا
يا رُبَّ لَيلٍ جَمَعَـت قُطرَيـهِ لـي
بِنـتُ ثَمانيـنَ عَروسـاً تُجتَلـى
لَم يَملِـكِ المـاءُ عَلَيهـا أَمرَهـا
وَلَم يُدَنِّسها الضِـرامُ المُختَضـى
حيناً هِـيَ الـداءُ وَأَحيانـاً بِهـا
مِـن دائِهـا إِذا يَهيـجُ يُشتَفـى
قَد صانَها الخَمّـارُ لَمّـا اِختارَهـا
ضَنّاً بِها عَلـى سِواهـا وَاِختَبـى
فَهِيَ تُرى مِن طولِ عَهدٍ إِن بَـدَت
في كَأسِهـا لِأَعيُـنِ النـاسِ كـلا
كَأَنَّ قرنَ الشَمـسِ فـي ذُرورِهـا
بِفِعلِها في الصَحنِ وَالكَأسِ اِقتَـدى
نازَعتُهـا أَروعَ لا تَسطـو عَلـى
نَديـمِـهِ شِـرَّتـهُ إِذا اِنتَـشـى
كَأَنَّ نَـورَ الـرَوضِ نَظـمُ لَفظِـهِ
مُرتَجِـلاً أَو مُنشِـداً أَو إِن شَـدا
مِن كُلِّ ما نالَ الفَتـى قَـد نِلتُـهُ
وَالمَرءُ يَبقى بَعـدَهُ حُسـنُ الثَنـا
فَـإِن أَمُـت فَقَـد تَناهَـت لَذَّتـي
وَكُلُّ شَـيءٍ بَلَـغَ الحَـدَّ اِنتَهـى
وَإِن أَعِش صاحَبتُ دَهري عالِمـاً
بِما اِنطَوى مِن صَرفِهِ وَما اِنسرى
حاشا لِمـا أَسـأَرَهُ فِـيَّ الحِجـا
وَالحِلـمُ أَن أَنبَـعَ رُوّادَ الخَـنـا
أَو أَن أُرى لِنَكـبَـةٍ مُختَضِـعـاً
أَو لِاِبتِهـاجٍ فَـرِحـاً وَمُـزدَهـى