معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424* 

قوله تعالى 

﴿وَلَولا أَن ثَبَّتناكَ لَقَد كِدتَ تَركَنُ إِلَيهِم شَيئًا قَليلًا (74) إِذًا لَأَذَقناكَ ضِعفَ الحَياةِ وَضِعفَ المَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَينا نَصيرًا (75)﴾ [الإسراء].

*قوله {وَلَولا أَن ثَبَّتناك}:* عصمناك. 

قاله السمرقندي في بحر العلوم، وابن أبي زمنين في تفسيره. وهو قول مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية.

قال الواحدي في البسيط: {وَلَولا أَن ثَبَّتناك}: أي على الحق بعصمتنا إياك. 

*قوله {لَقَد كِدتَ}:* كِدتَ: أي قربت، وهممت، وأوشكت. و " كاد" من أفعال المقاربة.

وفي الآية دليل بيّن أن العبد لا غنى له عن ربه  وتوفيقه طرفة عين؛ حتى لو كان أكرم الخلق على الله - صلوات الله وسلامه عليه -.

كما قال تعالى في معرض منته (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا). 

قال النسفي في مدارك التنزيل: لقاربت أن تميل إلى مكرهم. انتهى كلامه. 

فقوله تعالى {كِدتَ}: يعني قربت.

ومثله كثير في القرآن؛ من ذلك  قوله تعالى (تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ): أي قربت جهنم تميز (أصله: تتميز وحذفت التاء للتخفيف) أي تتمزق، وتتشق غيظا على الكفار. 

ومنه (يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ): قال الخطيب الشربيني في السراج المنير: يَكَادُ الْبَرْقُ: يقرب.

ومنه (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ): أي قربوا ألا يفعلوا؛ لأنهم فعلوا عن اغماض.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: ووضع «كاد» لمقاربة الفعل، يقال: كاد يفعل: إذا لم يكن قد فعل، وإذا كان معه حرف نفي يكون لما قد وقع، ويكون قريبا من أن لا يكون. نحو قوله تعالى: لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا.

انتهى. 

*قوله {تَركَنُ إِلَيهِم}:* تَركَنُ: أي تميل.

قاله القرطبي في تفسيره، والبغوي في تفسيره، والواحدي في الوجيز، والسمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ، وغيرهم. 

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: أي تميل وتعدل وتطمئن. 

قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: أي كدت تميل إليهم.

قال ابن الجوزي في زاد المسير: لقد كدت 

تركن إليهم أي: هممت وقاربت أن تميل إلى مرادهم شيئا قليلا. 

قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ): تَرْكَنُوا: تميلوا.

قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: ولا تميلوا ، أيها الناس ، إلى قول هؤلاء الذين كفروا بالله، فتقبلوا منهم وترضوا أعمالهم. 

قال الألوسي في روح المعاني: أي لا تميلواإليهم أدنى ميل، والمراد بهم المشركون.

*قوله {شَيئًا قَليلًا}:* ركونا قليلا؛ وهذا تهييج من الله له وفضل تثبيت.

قاله النسفي في مدارك التنزيل.

*قوله {إِذًا}: لو ملت إليهم.

قال الجرجاني في درج الدرر في تفسير الآي والسور: أي إن تحقق ركونك إليهم. 

*قوله {لَأَذَقناكَ}:* لاصبناك.

ومنه قوله تعالى (وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ): أَذَقْنَا: أصبنا. 

ومنه (وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آَيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ): قال السمرقندي في بحر العلوم: وإذا أذقنا الناس، يعني: أصبنا الناس رحمة، يعني: المطر. 

*قوله { ضِعفَ الحَياةِ وَضِعفَ المَمات}:* لو ركنت إلى هؤلاء المشركين يا محمد شيئا قليلا فيما سألوك إذن لأذقناك ضعف عذاب الحياة، وضعف عذاب الممات.

قاله الطبري في تفسيره. 

قال البغوي في تفسيره: أي لو فعلت ذلك لأذقناك ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات يعني: أضعفنا لك العذاب في الدنيا والآخرة .

قلت (عبدالرحيم): قوله {ضِعفَ الحَياةِ وَضِعفَ المَمات}: أي إن ركنت؛ أي ملت إلى هؤلاء المشركين لعذبناك ضعف عذاب الحياة، وضعف عذاب الممات؛ فالعهدة عليك أضعاف ما على الناس، وقد أطلعه الله على ما لم يطلع عليه أحد، ولعظم وثقل نعمة الرسالة والنبوة.

ونظيرتها قوله تعالى (وَلَو تَقَوَّلَ عَلَينا بَعضَ الأَقاويلِ . لَأَخَذنا مِنهُ بِاليَمينِ . ثُمَّ لَقَطَعنا مِنهُ الوَتينَ . فَما مِنكُم مِن أَحَدٍ عَنهُ حاجِزينَ).

قال الجرجاني في درج الدرر: وإنما يضاعف الوعيد لتضاعف النعمة. انتهى كلامه. 

فقوله تعالى (ضِعفَ الحَياةِ وَضِعفَ المَمات): من باب الحذف والاختصار (1)؛ ونظيرتها قوله (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ): أي أشربوا في قلوبهم حب عبادة العجل. 

وكما في قوله تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ): فقوله: الحج: يعني وقت الحج.

قال الفراء في معاني القرآن: وقت الحج هذه الأشهر. 

وكقوله (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ): وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ: يعني أهل القرية. 

فحذف اختصارا؛ وهي طريقة في اللغة معروفة؛ كقول من يسكن في طرف بلدة: أنا ذاهب إلى البلد: يعني وسط البلد؛ وإلا فهو في البلد؛ وإن كان في طرفها.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا): المعنى: وأسال أهل القرية. 

قال غلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن: أراد أهل القرية. وكما قال (والعير التي أقبلنا فيها) أراد: أهل العير.

انتهى.

*قوله {ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَينا نَصيرًا}:* أي ناصرا يمنعك من عذابنا. 

قاله البغوي في تفسيره. 

انتهى. 

المعنى الإجمالي للآية (75)؛ 

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: والمعنى لو ركنت إليهم في ذلك الشيء القليل إذن لأذقناك ضعف

الحياة وضعف الممات، أي ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات

لأنك أنت نبي ويضاعف لك العذاب على عذاب غيرك لو جنى هذه الجناية

كما قال: (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين)لأن درجة النبي ودرجة آله الذين وصفهم الله فوق درجة غيرهم.

انتهى كلامه. 

ومن كتاب (المختصر في التفسير):

ولو ملت إليهم فيما يقترحون عليك لأصبناك بعذاب مضاعف في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ثم لا تجد نصيرًا يناصرك علينا، ويدفع عنك العذاب.

.................................

(1): أنظر تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة - رحمه الله -.

................. 

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 

للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424