مجموع الفتاوى/المجلد الخامس عشر/سئل عن تفسير قوله تعالى وأما الذين سعدوا ففي الجنة
سئل عن تفسير قوله تعالى وأما الذين سعدوا ففي الجنة
[عدل]وسُئلَ رَحِمُه الله عن قوله تعالى: { وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ
السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ } 1، وقوله تعالى: { يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ } 2.
فأجاب:
الحمد لله، قال طوائف من العلماء أن قوله: { مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ } أراد بها سماء الجنة وأرض الجنة، كما ثبت في الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال: «إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس، فإنه أعلى الجنة، وأوسط الجنة، وسَقْفُه عرش الرحمن»، وقال بعض العلماء في قوله تعالى: { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } 3، هي أرض الجنة.
وعلى هذا، فلا منافاة بين انطواء هذه السماء وبقاء السماء التي هي سقف الجنة، إذ كل ما علا فإنه يسمى في اللغة سماء، كما يسمى السحاب سماء، والسقف سماء.
وأيضا، فإن السموات وإن طُوِيَت وكانت كالمُهْلِ، واستحالت عن صورتها، فإن ذلك لا يوجب عدمها وفسادها، بل أصلها باق، بتحويلها من حال إلى حال، كما قال تعالى: { يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ } 4، وإذا بدلت فإنه لا يزال سماء دائمة، وأرض دائمة. والله أعلم.
هامش