مجموع الفتاوى/المجلد الثاني/فصل: نفي كونه سبحانه والدا لشيء أو متخذا لشيء ولدا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



فصل: نفي كونه سبحانه والدا لشيء أو متخذا لشيء ولدا[عدل]

فهذا نفي كونه سبحانه والدًا لشيء، أو متخذا لشيء ولدًا، بأي وجه من وجوه الولادة، أو اتخاذ الولد أيا كان.

وأما نفي كونه مولودًا، فيتضمن نفي كونه متولدًا بأي نوع من التوالد من أحد من البشر وسائر ما تولد من غيره، فهو رد على من قال: المسيح هو الله، ورد على الدجال الذي يقول: إنه الله، ورد على من قال في بشر: إنه الله، من غالية هذه الأمة في عليّ وبعض أهل البيت، أو بعض المشايخ، كما قال قوم ذلك في على وطائفة من أهل البيت، وقالوه في الأنبياء أيضا، وقاله قوم في الحلاج، وقوم في الحاكم بمصر، وقوم في الشيخ عدي، وقوم في يونس العنيني، وقوم يعمونه في المشايخ، ويصوبون هذا كله.

فقوله سبحانه: {لم يولد} نفي لهذا كله، فإن هؤلاء كلهم مولودون، والله لم يولد ولهذا لما ذكر الله المسيح في القرآن قال: {ابن مريم} بخلاف سائر الأنبياء، كقوله: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ الله هُوَ الْمَسِيحُ} 1، وقوله: {مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ} 2، وقوله: {إِذْ قَالَ الله يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عليك وَعَلَى وَالِدَتِكَ} 3، وقوله: {يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ الله 4، وَقوله: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} 5، وقوله: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ الله} 6.

وفي ذلك فائدتان:

إحداهما: بيان أنه مولود، والله لم يولد.

والثانية: نسبته إلى مريم، بأنه ابنها ليس هو ابن الله.

وأما قوله: {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ}الآية7، وقوله: {وَقَالَتِ اليهود عُزَيْرٌ ابْنُ الله وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ الله} 8: فإنه حكى قولهم الذي قالوه، وهم قد نسبوه إلى الله أنه ابنه، فلم يضمِّنوا ذلك قولهم المسيح ابن مريم. وقوله: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} 9 نفي للشركاء والأنداد، يدخل فيه كل من جعل شيئا كفوًا لله في شيء من خواص الربوبية، مثل خلق الخلق، والإلهية، كالعبادة له، ودعائه ونحو ذلك.

فهذه نكت، تبين اشتمال كتاب الله على إبطال قول من يعتقد في أحد من البشر الإلهية، باتحاد أو حلول أو غير ذلك.


هامش[عدل]

  1. [المائدة: 72]
  2. [المائدة: 75]
  3. [المائدة: 110]
  4. [المائدة: 116]
  5. [المؤمنون: 50]
  6. [النساء: 157]
  7. [النساء: 172]
  8. [التوبة: 30]
  9. [الإخلاص: 4]


مجموع الفتاوى لابن تيمية: المجلد الثاني
توحيد الربوبية | قاعدة أولية: أصل العلم الإلهي ومبدأه عند الرسول والذين آمنوا | في تمهيد الأوائل وتقرير الدلائل ببيان أصل العلم والإيمان | قد تكلم طائفة من المتكلمة والمتفلسفة والمتصوفة في قيام الممكنات بالواجب القديم | ثم يقال هذا أيضا يقتضي | أصل الإثبات والنفي والحب والبغض هو شعور نفسي | الإيمان هو أصل السعادة وهو قول القلب وعمله | إن المنحرفين المشابهين للصابئة | تفرق الناس في هذا المقام الذي هو غاية مطالب العباد | حقيقة مذهب الاتحادية | سئل عن جماعة اجتمعوا على أمور متنوعة في الفساد | الذي يدعي النبوة ويبيح الفاحشة اللوطية ويحرم النكاح فإنه من الكافرين وأخبث المرتدين | وسئل: عن كتاب فصوص الحكم | السلف والأئمة كفروا الجهمية لما قالوا إنه في كل مكان | حكم الاتحادية ومن اعتذر عنهم | تصور مذهبهم كاف في فساده | حقيقة قول هؤلاء أن وجود الكائنات هو عين وجود الله | بنوا أصلهم على ثلاث مقالات | في قولهم إن وجود الأعيان نفس وجود الحق وعينه | فيما خالف فيه الصدر الرومي ابن عربي | أما التلمساني ونحوه فلا يفرق بين ماهية ووجود | هذه المقالات لا أعرفها لأحد من أمة قبل هؤلاء | مذهب هؤلاء الاتحادية مركب من ثلاث مواد | هذا أكفر من قول النصارى من وجوه | الوجه الأول | الثاني | الثالث | الرابع | الخامس | السادس | السابع | الثامن | التاسع | العاشر | الحادي عشر | ما حكي أن العالم بمجموعه حدقة عين الله هو عين الكفر وذلك من وجوه | في ذكر بعض ألفاظ ابن عربي التي تبين مذهبه | حقيقة قوله وسر مذهب ابن عربي | اتفق المسلمون على أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك | في بعض ما يظهر به كفرهم وفساد قولهم وذلك من وجوه | أحدها | الثاني | الثالث | الرابع | الخامس | السادس | السابع | الأصول التي يعتمدها الاتحادية | زعمت طائفة من هؤلاء الاتحادية أن فرعون كان مؤمنا | سئل عن أعمال تشتمل على الحلول والاتحاد | أما ما ذكره من قول ابن إسرائيل الأمر أمران | ما ذكره من قول ابن إسرائيل الأمر أمران | قول القائل: التوحيد لا لسان له والألسنة كلها لسانه | سئل عن كتاب فصوص الحكم | أفعال العباد مفعولة مخلوقة لله | فيما عليه أهل العلم والإيمان من الأولين والأخرين | أن المؤمن لا بد أن يقوم بقلبه من معرفة الله والمحبة له | ما يشبه الاتحاد | جاء في أولياء الله الذين هم المتقون نوع من هذا | فهذان المعنيان صحيحان ثابتان | قد يقع بعض من غلب عليه الحال في نوع من الحلول أو الاتحاد | فإذا عرف الاتحاد المعين مما يشبه الحلول أو الاتحاد | في الغلط في ذلك | كما يشهد ربوبيته وتدبيره العالم المحيط وحكمته ورحمته فكذلك يشهد إلهيته العامة | فهذا فيما يشبه الاتحاد أو الحلول في معين | وأما كفرهم بالمعبود فإذا كان لهم في بعض المخلوقات هوى | أما اتحاد ذات العبد بذات الرب بل اتحاد ذات عبد بذات عبد | نفي كونه سبحانه والدا لشيء أو متخذا لشيء ولدا | الملاحدة لا يقتصرون في كفرهم بالله على أنه ولد شيئا أو اتخذ ولدا | رسالة شيخ الإسلام إلى نصر المنبجي | سئل عن الحلاج وفيمن قال أنا أعتقد ما يعتقده الحلاج | الرد على من قال إن الحلاج من أولياء الله | سئل عمن يقول إن ما ثم إلا الله | سئل عن حديث فإن الله هو الدهر فهل هذا موافق لما يقوله الاتحادية