مجموع الفتاوى/المجلد الثاني/اتفق المسلمون على أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



اتفق المسلمون على أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك[عدل]

ولهذا اتفق المسلمون على أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله ، وإن كانوا متفاضلين في الهدى والنور والإصابة، ولهذا كان الصديق أفضل من المحدث؛ لأن الصديق يأخذ من مشكاة النبوة، فلا يأخذ إلا شيئا معصوما محفوظا.

وأما المحدث فيقع له صواب وخطأ، والكتاب والسنة تميز صوابه من خطئه، وبهذا صار جميع الأولياء مفتقرين إلى الكتاب والسنة، لا بد لهم أن يزنوا جميع أمورهم بآثار الرسول، فما وافق آثار الرسول فهو الحق، وما خالف ذلك فهو باطل، وإن كانوا مجتهدين فيه، والله تعالى يثيبهم على اجتهادهم، ويغفر لهم خطأهم.

ومعلوم أن السابقين الأولىن أعظم اهتداء واتباعا للآثار النبوية، فهم أعظم إيمانا وتقوى، وأما آخر الأولياء فلا يحصل له مثل ما حصل لهم.

والحديث الذي يروى: (مثل أمتي كمثل الغيث لا يدري أوله خير أم آخره؟)، قد تكلم في إسناده، وبتقدير صحته إنما معناه: يكون في آخر الأمة من يقارب أولها، حتى يشتبه على بعض الناس أيهما خير، كما يشتبه على بعض الناس طرفا الثوب، مع القطع بأن الأول خير من الآخر؛ ولهذا قال: [لا يدري] ومعلوم أن هذا السلب ليس عاما لها، فإنه لا بد أن يكون معلومًا أيهما أفضل.

ثم إن هذا خاتم الأولياء صار مرتبة موهومة لا حقيقة له، وصار يدعيها لنفسه أو لشيخه طوائف، وقد ادعاها غير واحد، ولم يدعها إلا من في كلامه من الباطل ما لم تقله اليهود ولا النصارى، كما ادعاها صاحب الفصوص، وتابعه صاحب الكلام في الحروف، وشيخ من أتباعهم كان بدمشق، وآخر كان يزعم أنه المهدي، الذي يزوج بنته بعيسى ابن مريم، وأنه خاتم الأولياء، ويدعى هؤلاء وأمثالهم من الأمور ما لا يصلح إلا لله وحده، كما قد يدعي المدعي منهم لنفسه أو لشيخه ما ادعته النصارى في المسيح.

ثم صاحب الفصوص وأمثاله، بنوا الأمر على أن الولي يأخذ عن الله بلا واسطة، والنبي يأخذ بواسطة الملك؛ فلهذا صار خاتم الأولياء أفضل عندهم من هذه الجهة، وهذا باطل وكذب، فإن الولي لا يأخذ عن الله إلا بواسطة الرسول إليه، وإذا كان محدثا قد ألقى إليه شيء وجب عليه أن يزنه بما جاء به الرسول من الكتاب والسنة.

وتكليم الله لعباده على ثلاثة أوجه:

من وراء حجاب، كما كلم موسى.

وبإرسال رسول، كما أرسل الملائكة إلى الأنبياء.

وبالإيحاء، وهذا فيه للولي نصيب، وأما المرتبتان الأولياءن فإنهما للأنبياء خاصة، فالأولياء الذين قامت عليهم الحجة بالرسل لا يأخذون علم الدين إلا بتوسط رسل الله إليهم، ولو لم يكن إلا عرضه على ما جاء به الرسول ولن يصلوا في أخذهم عن الله إلى مرتبة نبي أو رسول، فكيف يكونون آخذين عن الله بلا واسطة، ويكون هذا الأخذ أعلى، وهم لا يصلون إلى مقام تكليم موسى، ولا إلى مقام نزول الملائكة عليهم، كما نزلت على الأنبياء؟ وهذا دين المسلمين، واليهود، والنصارى.

وأما هؤلاء الجهمية الاتحادية، فبنوا على أصلهم الفاسد: أن الله هو الوجود المطلق، الثابت لكل موجود، وصار ما يقع في قلوبهم من الخواطر وإن كانت من وساوس الشيطان يزعمون أنهم أخذوا ذلك عن الله بلا واسطة، وأنهم يكلمون كما كلم موسى ابن عمران، وفيهم من يزعمون أن حالهم أفضل من حال موسى بن عمران؛ لأن موسى سمع الخطاب من الشجرة، وهم على زعمهم يسمعون الخطاب من حي ناطق، كما يذكر عن صاحب الفصوص أنه قال:

وكل كلام في الوجود كلامه ** سواء علىنا نثره ونظامه

وأعانهم على ذلك ما اعتقدوه من مذاهب الجهمية وأتباعهم الذين يزعمون أن تكليم الله لموسى إنما كان من جنس الإلهام، وأن العبد قد يرى الله في الدنيا إذا زال عن عينه المانع؛ إذ لا حجاب عندهم للرؤية منفصل عن العبد، وإنما الحجاب متصل به، فإذا ارتفع شاهد الحق.

وهم لا يشاهدون إلا ما يتمثلونه، من الوجود المطلق، الذي لا حقيقة له إلا في أذهانهم، أو من الوجود المخلوق. فيكون الرب المشهود عندهم الذي يخاطبهم في زعمهم لا وجود له إلا في أذهانهم، أو لا وجود له إلا وجود المخلوقات، وهذا هو التعطيل للرب تعالى، ولكتبه، ولرسله، والبدع دهليز الكفر والنفاق، كما أن التشيع دهليز الرفض، والرفض دهليز القرمطة والتعطيل، فالكلام الذي فيه تجهم هو دهليز التجهم، والتجهم دهليز الزندقة والتعطيل.

وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي أنه قال: (واعلموا أن أحدًا منكم لن يرى ربه حتى يموت)، ولهذا اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن الله يرى في الآخرة، وأنه لا يراه أحد في الدنيا بعينه.

وفي رؤية النبي ربه كلام معروف لعائشة وابن عباس. فعائشة أنكرت الرؤية، وابن عباس ثبت عنه في صحيح مسلم أنه قال: رأى محمد ربه بفؤاده مرتين، وكذلك ذكر أحمد عن أبي ذر وغيره: أنه أثبت رؤيته بفؤاده. وهذا المنصوص عن ابن عباس وأبي ذر وغيرهما هو المنصوص عن أحمد وغيره من أئمة السنة، ولم يثبت عن أحد منهم إثبات الرؤية بالعين في الدنيا، كما لم يثبت عن أحد منهم إنكار الرؤية في الآخرة.

ولكن كلا القولين تقول به طوائف من الجهمية، فالنفي يقول به متكلمة الجهمية، والإثبات يقول به بعض متصوفة الجهمية، كالاتحادية، وطائفة من غيرهم، وهؤلاء الاتحادية يجمعون بين النفي والإثبات، كما يقول ابن سبعين: عين ما ترى ذات لا تري، وذات لا ترى عين ما ترى، ونحو ذلك؛ لأن مذهبهم مستلزم الجمع بين النقيضين، فهم يقولون في عموم الكائنات ما قالته النصارى في المسيح، ولهذا تنوعوا في ذلك تنوع النصارى في المسيح.

ومن الأنواع التي في دعواهم أن خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء، من بعض الوجوه، فإن هذا لم يقله أبو عبد الله الحكيم الترمذي، ولا غيره من المشايخ المعروفين، بل الرجل أجل قدرًا، وأعظم إيمانا، من أن يفترى هذا الكفر الصريح، ولكن أخطأ شبرًا، ففرعوا على خطئه ما صار كفرًا.

وأعظم من ذلك: زعمهم أن الأولياء والرسل من حيث ولايتهم تابعون لخاتم الأولياء، وآخذون من مشكاته، فهذا باطل بالعقل والدين، فإن المتقدم لا يأخذ من المتأخر، والرسل لا يأخذون من غيرهم.

وأعظم من ذلك: أنه جعلهم تابعين له في العلم بالله، الذي هو أشرف علومهم، وأظهر من ذلك: أنه جعل العلم بالله هو مذهب أهل وحدة الوجود، القائلين بأن وجود المخلوق هو عين وجود الخالق.

فليتدبر المؤمن هذا الكفر القبيح، درجة بعد درجة، واستشهاده على تفضيل غير النبي عليه بقصة عمر، وتأبير النخل، فهل يقول مسلم: إن عمر كان أفضل من النبي برأيه في الأسرى؟ أو أن الفلاحين الذين يحسنون صناعة التأبير أفضل من الأنبياء في ذلك؟ ثم ما قنع بذلك حتى قال: فما يلزم الكامل أن يكون له التقدم في كل علم وكل مرتبة، وإنما نظر الرجال إلى التقدم في مرتبة العلم بالله، هنالك مطلبهم.

فقد زعم أنه أعلم بالله من خاتم الأنبياء، وأن تقدمه عليه بالعلم بالله، وتقدم خاتم الأنبياء عليه بالتشريع فقط، وهذا من أعظم الكفر الذي يقع فيه غالية المتفلسفة، وغالية المتصوفة، وغالية المتكلمة، الذين يزعمون أنهم في الأمور العلمية أكمل من الرسل، كالعلم بالله ونحو ذلك، وأن الرسل إنما تقدموا عليهم بالتشريع العام، الذي جعل لصلاح الناس في دنياهم.

وقد يقولون: إن الشرائع قوانين عدلية، وضعت لمصلحة الدنيا، فأما المعارف والحقائق والدرجات العالية في الدنيا والآخرة، فيفضلون فيها أنفسهم، وطرقهم على الأنبياء، وطرق الأنبياء.

وقد علم بالاضطرار من دين المسلمين: أن هذا من أعظم الكفر والضلال، وكان ذلك من سبب جحد حقائق ما أخبرت به الرسل، من أمر الإيمان بالله واليوم الآخر، وزعمهم أن ما يقوله هؤلاء في هذا الباب هو الحق.

وصاروا في أخبار الرسل، تارة يكذبونها، وتارة يحرفونها، وتارة يفوضونها، وتارة يزعمون أن الرسل كذبوا لمصلحة العموم.

ثم عامة الذين يقولون هذه المقالات، يفضلون الأنبياء والرسل على أنفسهم، إلا الغالية منهم كما تقدم فهؤلاء من شر الناس قولا واعتقادًا.

وقد كان عندنا شيخ من أجهل الناس، كان يعظمه طائفة من الأعاجم، ويقال: إنه خاتم الأولياء، يزعم أنه يفسر العلم بوجهين، وأن النبي إنما فسره بوجه واحد، وأنه هو أكمل من النبي ، وهذا تلقاه من صاحب الفصوص، وأمثال هذا في هذه الأوقات كثيرون، وسبب ضلال المتفلسفة، وأهل التصوف والكلام، الموافقة لضلالهم، وليس هذا موضع الإطناب في بيان ضلال هذا، وإنما الغرض التنبيه على أن صاحب الفصوص وأمثاله قالوا قول هؤلاء.

فأما كفر من يفضل نفسه على النبي كما ذكر صاحب الفصوص فظاهر، ولكن من هؤلاء من لا يرى ذلك، ولكن يرى أن له طريقًا إلى الله غير اتباع الرسول، ويسوغ لنفسه اتباع تلك الطريق وإن خالف شرع الرسول، ويحتجون بقصة موسى والخضر.

ولا حجة فيها لوجهين:

أحدهما: أن موسى لم يكن مبعوثًا إلى الخضر، ولا كان يجب على الخضر اتباع موسى، فإن موسى كان مبعوثًا إلى بني إسرائيل، ولهذا جاء في الحديث الصحيح: (أن موسى لما سلم على الخضر قال: وإني بأرضك السلام؟ قال: أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، قال: إنك على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه، وأنا على علم من الله علمنيه لا تعلمه).

ولهذا قال نبينا : (فضلنا على الناس بخمس: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأي رجل أدركته الصلاة فعنده مسجده وطهوره، وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلىالناس عامة)، وقال: (أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورًا، وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة)، وقد قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} 1، وقال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} الآية 2. فمحمد رسول الله إلى جميع الثقلين: إنسهم وجنهم، عربهم وعجمهم، ملوكهم وزهادهم، الأولياء منهم وغير الأولياء، فليس لأحد الخروج عن متابعته باطنا وظاهرًا، ولا عن متابعة ما جاء به من الكتاب والسنة، في دقيق ولا جليل، لا في العلوم ولا الأعمال، وليس لأحد أن يقول له كما قال الخضر لموسى، وأما موسى فلم يكن مبعوثًا إلى الخضر.

الثاني: أن قصة الخضر ليس فيها مخالفة للشريعة، بل الأمور التي فعلها تباح في الشريعة، إذا علم العبد أسبابها كما علمها الخضر، ولهذا لما بين أسبابها لموسى وافقه على ذلك، ولو كان مخالفًا لشريعته لم يوافقه بحال.

وقد بسطنا هذا في غير هذا الموضع، فإن خرق السفينة مضمونه: أن المال المعصوم يجوز للإنسان أن يحفظه لصاحبه بإتلاف بعضه، فإن ذلك خير من ذهابه بالكلية، كما جاز للراعي على عهد النبي أن يذبح الشاة، التي خاف عليها الموت، وقصة الغلام مضمونها: جواز قتل الصبي الصائل؛ ولهذا قال ابن عباس لنجدة: وأما الغلمان فإن كنت تعلم منهم ما علمه الخضر من ذلك الغلام فاقتلهم وإلا فلا تقتلهم. وأما إقامة الجدار ففيها فعل المعروف بلا أجرة مع الحاجة، إذا كان لذرية قوم صالحين.

الوجه الثامن: أنه قال: ولما مثل النبي النبوة بالحائط إلى آخر كلامه وهو متضمن أن العلم نوعان:

أحدهما: علم الشريعة، وهو يأخذ عن الله كما يأخذ النبي، فإنه قال: والسبب الموجب لكونه رآها لبنتين أنه تابع لشرع خاتم الرسل في الظاهر، وهو موضع اللبنة الفضية، وهو ظاهره، وما يتبعه فيه من الأحكام، كما هو آخذ عن الله في السر ما هو بالصورة الظاهرة، متبع فيه؛ لأنه يرى الأمر على ما هو عليه، فلا بد أن يراه هكذا.

وهذا الذي زعمه من أن الولي يأخذ عن الله في السر ما يتبع فيه الرسل كأئمة العلماء مع أتباعهم فيه من الإلحاد ما لا يخفي على من يؤمن بالله ورسله، فإن هذا يدعي أنه أوتي مثل ما أوتي رسل الله، ويقول: إنه أوحي إلى ولم يوح إليه شيء، ويجعل الرسل بمنزلة معلمي الطب والحساب والنحو وغير ذلك، إذا عرف المتعلم الدليل الذي قال به معلمه، فينبغي موافقته له لمشاركته له في العلم لا لأنه رسول وواسطة من الله إليه في تبليغ الأمر والنهي.

وهذا الكفر يشبه كفر مسيلمة الكذاب ونحوه ممن يدعي أنه مشارك للرسول في الرسالة وكان يقول مؤذنه: أشهد أن محمدا ومسيلمة رسولا الله.

والنوع الثاني: علم الحقيقة، وهو فيه فوق الرسول، كما قال: هو موضع اللبنة الذهبية في الباطن، فإنه أخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك، الذي يوحى به إلى الرسول، فقد ادعى أن هذا العلم الذي هو موضع اللبنة الذهبية وهو علم الباطن والحقيقة هو فيه فوق الرسول؛ لأنه يأخذه من حيث يأخذ الملك العلم الذي يوحى به إلى الرسول، والرسول يأخذه من الملك، وهو يأخذه من فوق الملك، من حيث يأخذه الملك، وهذا فوق دعوى مسيلمة الكذاب، فإن مسيلمة لم يدع أنه أعلى من الرسول، في علم من العلوم الإلهية، وهذا ادعى أنه فوقه في العلم بالله.

ثم قال: فإن فهمت ما أشرت به، فقد حصل لك العلم النافع. ومعلوم أن هذا الكفر فوق كفر اليهود والنصارى، فإن اليهود والنصارى لا ترضي أن تجعل أحدًا من المؤمنين فوق موسى وعيسى، وهذا يزعم أنه هو وأمثاله ممن يدعى أنه خاتم الأولياء أنه فوق جميع الرسل، وأعلم بالله من جميع الرسل، وعقلاء الفلاسفة لا يرضون بهذا، وإنما يقول مثل هذا غلاتهم، وأهل الحمق منهم، الذين هم من أبعد الناس عن العقل والدين.

التاسع: قوله: فكل نبي من لدن آدم - إلى آخر الفصل - تضمن أن جميع الأنبياء والرسل لا يأخذون إلا من مشكاة خاتم النبيين، ليوطن لنفسه بذلك أن جميع الأنبياء لا يأخذون إلا من مشكاة خاتم الأولياء، وكلاهما ضلال، فإن الرسل ليس منهم أحد يأخذ من آخر، إلا من كان مأمورًا باتباع شريعته، كأنبياء بني إسرائيل، والرسل الذين بعثوا فيهم الذين أمروا باتباع التوراة، كما قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ِ} الآية 3.

وأما إبراهيم، فلم يأخذ عن موسى وعيسى. ونوح لم يأخذ عن إبراهيم. ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى لم يأخذوا عن محمد، وإن بشروا به وآمنوا به، كما قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} الآية 4. قال ابن عباس: ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه العهد في أمر محمد، وأخذ العهد على قومه ليؤمنن به، ولئن بعث وهم أحياء لينصرنه.

العاشر: قوله: فإنه بحقيقته موجود، وهو قوله: (كنت نبيا وآدم بين الماء والطين). بخلاف غيره من الأنبياء، وكذلك خاتم الأولياء، كان وليًا وآدم بين الماء والطين، كذب واضح، مخالف لإجماع أئمة الدين، وإن كان هذا يقوله طائفة من أهل الضلال والإلحاد.

فإن الله علم الأشياء، وقدرها قبل أن يكونها، ولا تكون موجودة بحقائقها إلا حين توجد، ولا فرق في ذلك بين الأنبياء وغيرهم، ولم تكن حقيقته صلىالله عليه وسلم موجودة قبل أن يخلق، إلا كما كانت حقيقة غيره، بمعنى أن الله علمها وقدرها.

لكن كان ظهور خبره واسمه مشهورًا أعظم من غيره، فإنه كان مكتوبًا في التوراة والإنجيل وقبل ذلك، كما روى الإمام أحمد في مسنده، عن العِرْباض بن سارية، عن النبي صلىالله عليه وسلم قال: (إني لعبد الله، مكتوب خاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بأول ذلك: دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورؤيا أمي، رأت حين ولدتني كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام).

وحديث ميسرة الفجر: قلت يا رسول الله، متى كنت نبيًا؟ وفي لفظ: متي كتبت نبيًا؟ قال: (وآدم بين الروح والجسد) وهذا لفظ الحديث.

وأما قوله: (كنت نبيا وآدم بين الماء والطين) فلا أصل له، لم يروه أحد من أهل العلم بالحديث بهذا اللفظ، وهو باطل، فإنه لم يكن بين الماء والطين، إذ الطين؛ ماء وتراب، ولكن لما خلق الله جسد آدم قبل نفخ الروح فيه، كتب نبوة محمد صلىالله عليه وسلم وقدرها، كما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود، قال: حدثنا رسول الله صلىالله عليه وسلم، وهو الصادق المصدوق: (إن خلق أحدكم يجعل في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات، فيقال: اكتب رزقه، وعمله، وأجله، وشقيًا أو سعيدًا، ثم ينفخ فيه الروح)، وروى أنه كتب اسمه على ساق العرش، ومصاريع الجنة. فأين الكتاب والتقدير من وجود الحقيقة؟

وما يروى في هذا الباب من الأحاديث، هو من هذا الجنس، مثل كونه كان نورًا يسبح حول العرش، أو كوكبًا يطلع في السماء ونحو ذلك، كما ذكره ابن حمويه صاحب ابن عربي وذكر بعضه عمر الملا في وسيلة المتعبدين، وابن سبعين وأمثالهم، ممن يروي الموضوعات المكذوبات، باتفاق أهل المعرفة بالحديث.

فإن هذا المعنى رووا فيه أحاديث كلها كذب، حتى إنه اجتمع بي قديما شيخ معظم، من أصحاب ابن حمويه، يسميه أصحابه سلطان الأقطاب، وتفاوضنا في كتاب الفصوص، وكان معظما له ولصاحبه، حتى أبديت له بعض ما فيه، فهاله ذلك، وأخذ يذكر مثل هذه الأحاديث، فبينت له أن هذا كله كذب.

الحادي عشر: قوله: وخاتم الأولياء كان وليا وآدم بين الماء والطين إلى قوله: فخاتم الرسل من حيث ولايته، نسبته مع الختم للولاية، كنسبة الأولياء والرسل معه إلى آخر الكلام ذكر فيه ما تقدم من كون رسول الله صلىالله عليه وسلم مع هذا الختم المدعى كسائر الأنبياء والرسل معه يأخذ من مشكاته العلم بالله، الذي هو أعلى العلم، وهو وحدة الوجود، إنه مقدم الجماعة، وسيد ولد آدم في فتح باب الشفاعة. فعين حالا خاصا ما عمم إلى قوله: ففاز محمد بالسيادة في هذا المقام الخاص.

فكذب على رسول الله صلىالله عليه وسلم في قوله: إنه قال: أنا سيد ولد آدم في الشفاعة خاصة، وألحد وافترى من حيث زعم أنه سيد في الشفاعة فقط، لا في بقية المراتب، بخلاف الختم المفترى، فإنه سيد في العلم بالله، وغير ذلك من المقامات.

ولقد كنت أقول: لو كان المخاطب لنا من يفضل إبراهيم، أو موسى، أو عيسى على محمد صلىالله عليه وسلم، لكانت مصيبة عظيمة لا يحتملها المسلمون، فكيف بمن يفضل رجلا من أمة محمد على محمد، وعلى جميع الأنبياء والرسل في أفضل العلوم؟ ويدعي أنهم يأخذون ذلك من مشكاته؟ وهذا العلم هو غاية الإلحاد والزندقة.

وهذا المفضل من أضل بني آدم، وأبعدهم عن الصراط المستقيم، وإن كان له كلام كثير، ومصنفات متعددة، وله معرفة بأشياء كثيرة، وله استحواذ على قلوب طوائف من أصناف المتفلسفة، والمتصوفة، والمتكلمة، والمتفقهة، والعامة، فإن هذا الكلام من أعظم الكلام ضلالا، عند أهل العلم والإيمان. والله أعلم.

وقد تبين أن في هذا الكلام من الكفر، والتنقيص بالرسل، والاستخفاف بهم، والغض منهم، بل والكفر بهم، وبما جاؤوا به، ما لا يخفى على مؤمن، وقد حدثني أحد أعيان الفضلاء: أنه سمع الشيخ إبراهيم الجعبري رحمة الله عليه يقول: رأيت ابن عربي وهو شيخ نجس يكذب بكل كتاب أنزله الله، وبكل نبي أرسله الله. ولقد صدق فيما قال، ولكن هذا بعض الأنواع التي ذكرها من الكفر.

وكذلك قول أبي محمد بن عبد السلام: هو شيخ سوء، مقبوح كذاب، يقول بقدم العالم، ولا يحرم فرجا، هو حق عنه، لكنه بعض أنواع ما ذكره من الكفر، فإن قوله لم يكن قد تبين له حاله وتحقق، وإلا فليس عنده رب وعالم، كما تقوله الفلاسفة الإلهيون، الذين يقولون بواجب الوجود، وبالعالم الممكن، بل عنده وجود العالم هو وجود الله، وهذا يطابق قول الدهرية الطبائعية، الذين ينكرون وجود الصانع مطلقا، ولا يقرون بوجود واجب غير العالم.

كما ذكر الله عن فرعون وذويه، وقوله مطابق لقول فرعون، لكن فرعون لم يكن مقرًا بالله، وهؤلاء يقرون بالله، ولكن يفسرونه بالوجود، الذي أقر به فرعون، فهم أجهل من فرعون وأضل، وفرعون أكفر منهم؛ إذ في كفره من العناد والاستكبار ما ليس في كفرهم، كما قال تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} 5، وقال له موسى: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ} 6.

وجماع أمر صاحب الفصوص وذويه: هدم أصول الإيمان الثلاثة، فإن أصول الإيمان: الإيمان بالله، والإيمان برسله، والإيمان باليوم الآخر.

فأما الإيمان بالله: فزعموا أن وجوده وجود العالم، ليس للعالم صانع غير العالم.

وأما الرسول: فزعموا أنهم أعلم بالله منه، ومن جميع الرسل، ومنهم من يأخذ العلم بالله الذي هو التعطيل ووحدة الوجود من مشكاته، وأنهم يساوونه في أخذ العلم بالشريعة عن الله.

وأما الإيمان باليوم الآخر: فقد قال:

فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ** وبالوعيد الحق عين تعاين

وإن دخلوا دار الشقاء فإنهم ** على لذة فيها نعيم يباين

وهذا يذكر عن بعض أهل الضلال قبله أنه قال: إن النار تصير لأهلها طبيعة نارية يتمتعون بها، وحينئذ فلا خوف ولا محذور ولا عذاب؛ لأنه أمر مستعذب. ثم إنه في الأمر والنهي عنده الآمر، والناهي، والمأمور، والمنهي واحد، ولهذا كان أول ما قاله في الفتوحات المكية التي هي أكبر كتبه:

الرب حق، والعبد حق ** يا ليت شعري من المكلف؟

إن قلت عبد فذاك رب ** أو قلت رب أني يكلف؟

وفي موضع آخر: [فذاك ميت] رأيته بخطه.

وهذا مبني على أصله، فإن عنده ما ثم عبد ولا وجود إلا وجود الرب، فمن المكلف؟ وعلى أصله هو المكلِّف والمكلَّف كما يقولون: أرسل من نفسه إلى نفسه رسولا.

وكما قال ابن الفارض في قصيدته التي نظمها على مذهبهم، وسماها نظم السلوك:

إلىَّ رسولا كنت مني مرسلا ** وذاتي بآياتي على استدلت

ومضمونها: هو القول بوحدة الوجود، وهو مذهب ابن عربي، وابن سبعين، وأمثالهم، كما قال:

لها صلاتي، بالمقام أقيمها ** وأشهد فيها أنها لي صلت

كلانا مصل، عابد ساجد إلى ** حقيقة الجمع في كل سجدة

وما كان لي صلى سواي، فلم تكن ** صلاتي لغيري، في أدا كل ركعة

إلى قوله:

وما زلت إياها، وإياي لم تزل ** ولا فرق، بل ذاتي لذاتي أحبت

ومثل هذا كثير، والله أعلم.

وحدثني صاحبنا الفقيه الصوفي، أبو الحسن علي بن قرباص: أنه دخل على الشيخ قطب الدين بن القسطلاني، فوجده يصنف كتابا. فقال: ما هذا؟ فقال: هذا في الرد على ابن سبعين، وابن الفارض، وأبي الحسن الجزلي، والعفيف التلمساني.

وحدثني عن جمال الدين بن واصل، وشمس الدين الأصبهاني: أنهما كانا ينكران كلام ابن عربي ويبطلانه، ويردان عليه، وأن الأصبهاني رأي معه كتابًا من كتبه فقال له: إن اقتنيت شيئا من كتبه فلا تجئ إلى، أو ما هذا معناه.

وإن ابن واصل لما ذكر كلامه في التفاحة، التي انقلبت عن حوراء فتكلم معها أو جامعها فقال: والله الذي لا إله إلا هو، يكذب. ولقد بر في يمينه.

وحدثني صاحبنا العالم الفاضل أبو بكر بن سالار: عن الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد شيخ وقته عن الإمام أبي محمد بن عبد السلام، أنهم سألوه عن ابن عربي، لما دخل مصر، فقال: شيخ سوء كذاب مقبوح، يقول بقدم العالم، ولا يحرم فرجا. وكان تقي الدين يقول: هو صاحب خيال واسع. حدثني بذلك غير واحد من الفقهاء المصريين ممن سمع كلام ابن دقيق العيد.

وحدثني ابن بحير عن رشيد الدين سعيد وغيره أنه قال: كان يستحل الكذب، هذا أحسن أحواله.

وحدثني الشيخ العالم العارف، كمال الدين المراغي، شيخ زمانه، أنه لما قدم وبلغه كلام هؤلاء في التوحيد قال: قرأت على العفيف التلمساني من كلامهم شيئا، فرأيته مخالفًا للكتاب والسنة، فلما ذكرت ذلك له قال: القرآن ليس فيه توحيد، بل القرآن كله شرك، ومن اتبع القرآن لم يصل إلى التوحيد، قال: فقلت له: ما الفرق عندكم بين الزوجة، والأجنبية، والأخت، الكل واحد؟قال: لا فرق بين ذلك عندنا، وإنما هؤلاء المحجوبون اعتقدوه حراما، فقلنا: هو حرام عليهم عندهم، وأما عندنا فما ثم حرام.

وحدثني كمال الدين المراغي، أنه لما تحدث مع التلمساني في هذا المذهب قال وكنت أقرأ عليه في ذلك: فإنهم كانوا قد عظموه عندنا، ونحن مشتاقون إلى معرفة فصوص الحكم فلما صار يشرحه لي أقول: هذا خلاف القرآن والأحاديث، فقال: ارم هذا كله خلف الباب، واحضر بقلب صاف، حتى تتلقى هذا التوحيد أو كما قال ثم خاف أن أشيع ذلك عنه، فجاء إليَّ باكيا وقال: اسْتُر عني ما سمعتَه مني.

وحدثني أيضا كمال الدين، أنه اجتمع بالشيخ أبي العباس الشاذلي، تلميذ الشيخ أبي الحسن، فقال عن التلمساني: هؤلاء كفار، هؤلاء يعتقدون أن الصنعة هي الصانع.

قال: وكنت قد عزمت على أن أدخل الخلوة على يده، فقلت: أنا لا آخذ عنه هذا، وإنما أتعلم منه أدب الخلوة، فقال لي: مثلك مثل من يريد أن يتقرب إلى السلطان، على يد صاحب الأتون والزبال، فإذا كان الزبال هو الذي يقربه إلى السلطان، كيف يكون حاله عند السلطان؟

وحدثنا أيضا قال: قال لي قاضي القضاة تقي الدين ابن دقيق العيد: إنما استولت التتار على بلاد المشرق، لظهور الفلسفة فيهم، وضعف الشريعة، فقلت له: ففي بلادكم مذهب هؤلاء الذين يقولون بالاتحاد، وهو شر من مذهب الفلاسفة؟ فقال: قول هؤلاء لا يقوله عاقل، بل كل عاقل يعلم فساد قول هؤلاء يعني أن فساده ظاهر فلا يذكر هذا فيما يشتبه على العقلاء، بخلاف مقالة الفلاسفة، فإن فيها شيئا من المعقول، وإن كانت فاسدة.

وحدثني تاج الدين الأنباري، الفقيه المصري الفاضل، أنه سمع الشيخ إبراهيم الجعبري يقول: رأيت ابن عربي شيخا مخضوب اللحية، وهو شيخ نجس، يكفر بكل كتاب أنزله الله، وكل نبي أرسله الله.

وحدثني الشيخ رشيد الدين بن المعلم أنه قال: كنت وأنا شاب بدمشق أسمع الناس يقولون عن ابن عربي، والخسروشاهي: إن كليهما زنديق أوكلامًا هذا معناه. وحدثني عن الشيخ إبراهيم الجعبري: أنه حضر ابن الفارض عند الموت وهو ينشد:

إن كان منزلتي في الحب عندكم ** ما قد لقيت فقد ضيعت أيامي

أمنية ظفرت نفسي بها زمنا ** واليوم أحسبها أضغاث أحلام

وحدثني الفقيه الفاضل تاج الدين الأنباري، أنه سمع الشيخ إبراهيم الجعبري يقول: رأيت في منامي ابن عربي، وابن الفارض، وهما شيخان أعميان يمشيان ويتعثران، ويقولان: كيف الطريق؟ أين الطريق؟

وحدثني شهاب الدين المزي، عن شرف الدين بن الشيخ نجم الدين بن الحكيم عن أبيه أنه قال: قدمت دمشق فصادفت موت ابن عربي، فرأيت جنازته كأنما ذر عليها الرماد، فرأيتها لا تشبه جنائز الأولياء أو قال: فعلمت أن هذه أو نحو هذا. وعن أبيه عن الشيخ إسماعيل الكوراني أنه كان يقول: ابن عربي شيطان. وعنه أنه كان يقول عن الحريري: إنه شيطان.

وحدثني شهاب الدين عن القاضي شرف الدين البازيلي، أن أباه كان ينهاه عن كلام ابن عربي، وابن الفارض، وابن سبعين.


هامش[عدل]

  1. [سبأ: 28]
  2. [الأعراف: 158]
  3. [المائدة: 44]
  4. [آل عمران: 81]
  5. [النمل: 14]
  6. [الإسراء: 102]


مجموع الفتاوى لابن تيمية: المجلد الثاني
توحيد الربوبية | قاعدة أولية: أصل العلم الإلهي ومبدأه عند الرسول والذين آمنوا | في تمهيد الأوائل وتقرير الدلائل ببيان أصل العلم والإيمان | قد تكلم طائفة من المتكلمة والمتفلسفة والمتصوفة في قيام الممكنات بالواجب القديم | ثم يقال هذا أيضا يقتضي | أصل الإثبات والنفي والحب والبغض هو شعور نفسي | الإيمان هو أصل السعادة وهو قول القلب وعمله | إن المنحرفين المشابهين للصابئة | تفرق الناس في هذا المقام الذي هو غاية مطالب العباد | حقيقة مذهب الاتحادية | سئل عن جماعة اجتمعوا على أمور متنوعة في الفساد | الذي يدعي النبوة ويبيح الفاحشة اللوطية ويحرم النكاح فإنه من الكافرين وأخبث المرتدين | وسئل: عن كتاب فصوص الحكم | السلف والأئمة كفروا الجهمية لما قالوا إنه في كل مكان | حكم الاتحادية ومن اعتذر عنهم | تصور مذهبهم كاف في فساده | حقيقة قول هؤلاء أن وجود الكائنات هو عين وجود الله | بنوا أصلهم على ثلاث مقالات | في قولهم إن وجود الأعيان نفس وجود الحق وعينه | فيما خالف فيه الصدر الرومي ابن عربي | أما التلمساني ونحوه فلا يفرق بين ماهية ووجود | هذه المقالات لا أعرفها لأحد من أمة قبل هؤلاء | مذهب هؤلاء الاتحادية مركب من ثلاث مواد | هذا أكفر من قول النصارى من وجوه | الوجه الأول | الثاني | الثالث | الرابع | الخامس | السادس | السابع | الثامن | التاسع | العاشر | الحادي عشر | ما حكي أن العالم بمجموعه حدقة عين الله هو عين الكفر وذلك من وجوه | في ذكر بعض ألفاظ ابن عربي التي تبين مذهبه | حقيقة قوله وسر مذهب ابن عربي | اتفق المسلمون على أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك | في بعض ما يظهر به كفرهم وفساد قولهم وذلك من وجوه | أحدها | الثاني | الثالث | الرابع | الخامس | السادس | السابع | الأصول التي يعتمدها الاتحادية | زعمت طائفة من هؤلاء الاتحادية أن فرعون كان مؤمنا | سئل عن أعمال تشتمل على الحلول والاتحاد | أما ما ذكره من قول ابن إسرائيل الأمر أمران | ما ذكره من قول ابن إسرائيل الأمر أمران | قول القائل: التوحيد لا لسان له والألسنة كلها لسانه | سئل عن كتاب فصوص الحكم | أفعال العباد مفعولة مخلوقة لله | فيما عليه أهل العلم والإيمان من الأولين والأخرين | أن المؤمن لا بد أن يقوم بقلبه من معرفة الله والمحبة له | ما يشبه الاتحاد | جاء في أولياء الله الذين هم المتقون نوع من هذا | فهذان المعنيان صحيحان ثابتان | قد يقع بعض من غلب عليه الحال في نوع من الحلول أو الاتحاد | فإذا عرف الاتحاد المعين مما يشبه الحلول أو الاتحاد | في الغلط في ذلك | كما يشهد ربوبيته وتدبيره العالم المحيط وحكمته ورحمته فكذلك يشهد إلهيته العامة | فهذا فيما يشبه الاتحاد أو الحلول في معين | وأما كفرهم بالمعبود فإذا كان لهم في بعض المخلوقات هوى | أما اتحاد ذات العبد بذات الرب بل اتحاد ذات عبد بذات عبد | نفي كونه سبحانه والدا لشيء أو متخذا لشيء ولدا | الملاحدة لا يقتصرون في كفرهم بالله على أنه ولد شيئا أو اتخذ ولدا | رسالة شيخ الإسلام إلى نصر المنبجي | سئل عن الحلاج وفيمن قال أنا أعتقد ما يعتقده الحلاج | الرد على من قال إن الحلاج من أولياء الله | سئل عمن يقول إن ما ثم إلا الله | سئل عن حديث فإن الله هو الدهر فهل هذا موافق لما يقوله الاتحادية