مجموعة فلسفة أبي نصر الفارابي/كتاب الإبانة عن غرض أرسطو طاليس في كتاب ما بعد الطبيعة
الإبانة عن غرض ارسطو طاليس
بسم الله الرحمن الرحيم مقالة شريفة للحكيم الفيلسوف المعلم الثاني أبي نصر محمد بن محمد ابن طرخان بن أوزلغ الفارابي في أغراض الحكيم في كل مقالة من الكتاب الموسوم بالحروف وهو تحقيق غرض ارسطو طاليس في كتاب ما بعد الطبيعة
قال.. قصدنا في هذه المقالة هو أن ندل على الغرض الذي يشتمل عليه كتاب ارسطو طاليس المعروف بما بعد الطبيعة وعلى الأقسام الاول التي هي له اذ كثير من الناس سبق الى وهمهم أن فحوى هذا الكتاب ومضمونه هو القول في الباري سبحانه وتعالى والعقل والنفس وسائر ما يناسبها وان على ما بعد الطبيعة وعلم التوحيد واحد بعينه فلذلك نجد أكثر الناظرين فيه يتحير ويضل أذ نجد أكثر الكلام فيه خالياً عن هذا الغرض بل لا نجد فيه كلاماً خاصاً بهذا الغرض الا الذي في المقالة الحادية عشر منه التي عليها علامة اللام
ثم لا يوجد للقدماء كلام في شرح هذا الكتاب علي وجهه كما هو لسائر الكتب بل ان وجد فلمقالة اللام للاسكندر غير تام ولتامسطيوس تاما وأما المقالات الأخر فاما ان لم تشرح واما ان لم تبق الى زماننا على أنه قد يظن اذا نظر في كتب المتأخرين من المثاليين أن الاسكندر كان قد فسر الكتاب على التمام ا في كتاب ما بعد الطبيعة ٤١ ونحن نريد أن نشير الى الغرض الذى فيه والى الذي يشتمل عليه كل مقالة منه فنقول ان العلوم منها جزئية ومنها كلية والعلوم الجزئية هي التي موضوعاتها بعض الموجودات أو بعض الموهومات ويختص نظرها باعراضها الخاصة لها مثل علم الطبيعة فانه ينظر في بعض الموجودات وهو الجسم من جهة ما يتحرك ويتغير ويسكن عن الحركة ومن جهة ماله مبادى ذلك ولواحقه وعلم الهندسة ينظر في المقادير من جهة ما تقبل الكيفيات الخاصة بها والاضافات الواقعة فيها في مباديه ولواحقه ومن جهة ما هو كذلك وكذلك علم الحساب في العدد وعلم الطب في الابدان الانسانية من جهة ماتصح وتمرض وغير ذلك من العلوم الجزئية وليس لشيء منها النظر فيما يهم جميع الموجودات وأما العلم الكلي فهو الذي ينظر في التيء العام لجميع الموجودات مثل الوجود والوحدة وفي أنواعه ولواحقه وفي الاشياء التي لا تعرض بالتخصيص لشيء شيء من موضوعات العلوم الجزئية مثل التقدم والتأخر والقوة والفعل والتام والناقص ومايجري مجرى هذه وفي المبدأ المشترك لجميع الموجودات وهو الشيء الذي ينبغي أن يسمى باسم الله جل جلاله وينبغي أن يكون العلم الكلي علماً واحدا فانه لو كان علمان كليان لكان اكل واحد منهما موضوع خاص والعلم الذي له موضوع خاص وليس يشتمل على موضوع علم آخر هو علم جزئي فكلا العلمين جزئيان وهذا خلف فاذا العلم الكلي واحد فينبغي أن يكون العلم الالهي ٤٢ الاباضة عن غرض ارسطو طاليس داخلا في هذا العلم لأن الله مبدأ الموجود المطلق لا لموجود دون موجود فالقسم الذي يشتمل منه على اعطاء مبدأ الموجود ينبغي أن يكون هو العلم الالهي لأن هذه المعاني ليست خاصة بالطبيعيات بل هي أعلى من الطبيعيات عموماً فهذا العلم أعلى من علم الطبيعة وبعد علم الطبيعة فلهذا واجب أن يسمى علم ما بعد الطبيعة .. والعلم التعاليمي وان كان أعلى من علم الطبيعة إذ كانت موضوعاته متجردة عن المواد فليس ينبغي أن يسمى علم ما بعد الطبيعة لأن تجرد موضوعاته عن المواد وهمي لا وجودي وأما في الوجود فليس لها وجود الا في الأمر الطبيعية.. وأما موضوعات هذا العلم فمنها ما ليس لها وجود البتة في مور الطبيعيات لا وهمي ولا حقيقى وليس انما جردها الوهم عن الطبيعيات فقط بل وجودها وطبيعتها مجردة .. ومنها ما يوجد في الطبيعيات وان كان يتوهم مجرداً عنها ولكن ليس يوجد فيها بذاتها بحيث لا يتعرى عنها وجودها و يكون أموراً قوامها بالطبيعيات بل يوجد للطبيعيات ولغير الطبيعيات من الأمور المفارقة بالحقيقة أو المفارقة بالوهم فاذا العلم المستحق بأن يسمى بهذا الاسم هو هذا العلم فهو اذا وحده دون سائر العلوم علم ما بعد الطبيعة.. والموضوع الأول لهذا العلم هو الوجود المطلق وما يساويه في العموم وهو الواحد ولكنه لما كان علم المتقابلات واحداً ففي هذا العلم أيضاً النظر في العدم والكثرة .. ثم بعد هذه الموضوعات وتحقيقها ينظر في الاشياء التي تقوم منها مقام الأنواع كالمقولات العشر للموجود وأنواع الواحد كالواحد بالشخص والواحد في كتاب ما بعد الطبيعة ٤٣ بالنوع والواحد بالجنس والواحد بالمناسبة وأقسام كل واحد من هذه وكذلك في أنواع العدم والكثير ثم في لواحق الموجود كالقوة والفعل والتمام والنقصان والعلة والمعلول ولواحق الواحدة كالهوية والتشابه والتساوي والموافقة والموازاة والمناسبة وغير ذلك ولواحق العدم والكثير .. ثم في مبادئ كل واحد من هذه يتشعب ذلك وينقسم إلى أن يبلغ موضوعات العلوم الجزئية وينتهي هذا العلم وتبين فيه مبادي جميع العلوم الجزئية وحدود موضوعاتها فهذه جمع الاشياء التي نبحث عنها فى هذا ا ، هذا العلم المقالة الاولى من هذا الكتاب تشتمل على شبه الصدر والخطبة للكتاب في ابانة أن أقسام العلل كلها تنتهي الى علة أولى المقالة الثانية تشتمل على تعديد مسائل عويصة في هذه المعاني وابانة وجه التعويص فيها واقامة الحجج المتقابلة عليها ليكون للذهن تنبيه على نحو الطلب المقالة الثالثة تشتمل على تعديد موضوعات هذا العلم وهي المعانى التي ينظر فيها وفي الاعراض الخاصة به وهي التي عددناها المقالة الرابعة تشتمل على تفصيل ما يدل عليه بكل واحد من الألفاظ الدالة على موضوعات هذا العلم وأنواع موضوعاته ولواحقها بالتواطي كانت أو بالتشكيك أو بالاشتراك الحقيقي المقالة الخامسة تشتمل علي ابانة الفصول الذاتية بين العلوم النظرية الثلاثة التي هي الطبيعية والرياضية والالهية وأنها ثلاثة فقط وتعريف أمر العلم الالهي أنه داخل في هذا العلم بل هو هذا العلم بوجه ما فان الايانة عن غرض ارسطو طاليس له النظر في الهوية التي تقال بالذات لا في الهوية التي تقال بالعرض وانها كيف تشارك الجدل وصناعة المغالطين المقالة السادسة تشتملى على تحقيق القول في الهوية التي تقال بالذات ولا سيما في الجوهرية وتفصيل أقسام الجوهر وانها هيولى وصورة ومركب وان الحد الحقيقى ان كان الموجودات فلأي الموجودات فان كان للجوهر فلأي الجواهر وكيف تحد بالمركبات وأي الأجزاء توجد في الحدود وأى الصور يفارق وأيها لا يفارق وأن لا وجود للمثل المقالة السابعة تشتمل على جوامع هذه المقالة واتمام القول في الصور الأفلاطونية وغناء المتكونات عنها في التكون وتحقيق القول . في حدود المفارقات اذا وجدت وان حدودها ذواتها المقالة الثامنة في القوة والفعل وفى تقدم المتقدم منهما المقالة التاسعة في الواحد والكثير والغير والخلاف والضد المقالة العاشرة في تمييز ما بين مبادئ هذا العلم وعوارضه المقالة الحادية عشر في مبدأ الجواهر والوجود كله واثبات هويته وانه عالم بالذات حق الذات وفي الموجودات المفارقة التي بعده وفي كيفية ترتيب وجود الموجودات عنه المقالة الثانية عشر في مبادئ الطبيعيات والتعليميات هذه هي الابانة عن غرض هذا الكتاب وعن أقسامه تم مقالة الإبانة عن عرض ارسطو طاليس في كتاب " ما بعد الطبيعة .. ويليه مقالة في معانى العقل