مجلة الرسالة/العدد 368/سبحي معي. . .!

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 368/سبحي معي. . .!

ملاحظات: بتاريخ: 22 - 07 - 1940



أنا يا أختُ شاعرٌ قسَت الدن ... يا عليه فعاشَ فيها شقيا

وأنا ابن الخيالِ والفنَّ والحبِّ ... نمتْني السماء روحاً بهيا

فتعالَيْ نعزفْ على العودِ لحناً ... يدع الكونَ مستهاماً زكيا

سبِّحي سبِّحي مَعي للذي أَوْ ... دَعَ قلبيْنا حبَّنا العْذريا

يسمع الله يا حبيبةَ قلْبي ... لحبيبيْن ينشدان سويا

أنتِ أسكرتني وأنسيْت قلبي ... كرُباتٍ تركْنَ فيه دويا

أنت فتَّحت في عيونِيَ آفا ... قي وأبصَرْتني جمالاً خفيا

أنت أجرَيْت جدوَلي بعد أن كا ... نَ حبيساً مغلفاً منسيا

أنت أذهلْتني فسِرْتُ وما أدْ ... ري على كونِيَ المنوَّر شيا

أنت عودتني احتقار الأناسِيِّ ... وأحلَلْتني مكاناً عليا

فتساميتُ عن وجودي وغَنِّيْ ... تُ غناَءً مخلداً سحريا

أنت أرقصْتِ حَوْلَ روحي أغاري ... دَ فصارَتْ دنيايَ لحناً شجيا

أنت أسمْعتني من الغيْب أصوا ... تاً وهمساً محبباً علويا

أنت صيرتني طروباً يغني ... ذاهلا عن حياته قدسيا

فاسمعيني يا أختُ في عشك السَّا ... جي وروِّي فؤادَك العبقريا

ألهميني أغانيَ الوتر الشَّا ... كي ومدِّي شعاعَك الكوكبيا

واسكبي النورَ صافياً في عيوني ... وافتحي قلْبي الرحيبَ الصبيا

واخلُقيني كما خلقْتكِ في فنِّ ... يَ وخلَّدْتُ حسْنكِ الأبديا

العناياتُ أبدعتْكِ لأنْغا ... مي وشَعْري فجئتِ سحراً شهيا

فاصطفيني كما اصطفيتك قلباً ... صافياً، زاهراً، طهوراً، نقيا

واتركيني في حضنك الشاّعر الحا ... ني وليداً مدللا قمريا

حوله ترقصُ الملائِكُ نشوى ... وتغني الأقدار لحناً سنيا

طهرتني السماءُ حتى تمنَّيْ ... تُ لَوَانَّ الوجودَ مثلي نقيا

ورعتْني الغيوبُ فانسابَ قلبي ... جدولاً، ناغماً، رقيقاً، نديا

إيه من تلْهم الأناشيدَ كالعْط ... رِ تعالَيْ نسكرْ على الكونِ هيا أنت للفنِّ صاغَكِ الله يا روح ... ي فلا تمنعي عن الفن ريا

وأنا الفنَّانُ الذي يَهتْف الطي ... ر حواليه حين يسري هَنيا

وتغني الأمواجُ سكرى من الشَّوْ ... ق وتلهو على الضفاف مليا

وتفوحُ الأزهار حتى يُرى الكوْ ... ن نسيماً معطراً عبهْريا

هكذا جئْنا للحياة. . فلِمْ لا ... نتغنَّى على الحياةِ سويا؟

عبد العليم عيسى