ما هاج هذا الشوق غير الذكر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

ما هاج هذا الشوق غير الذكر

​ما هاج هذا الشوق غير الذكر​ المؤلف أسامة بن منقذ


ما هاج هذا الشوق غير الذكر
وزورةُ الطيِف سَرَى من مصْرِ
من بعد طول جفوة وهجر
كم خاض بحرا وفَلاً كبحرِ
يَجوبُه الليلَ حليفَ ذُعر
حتى أتى طلائحاً في قفر
قد انطوين من سرى وضمر
حتى اغتدين كهلالِ الشهر
يَحملن كلَّ ماجدٍ كالصَّقْرِ
كأنَّه مُهنَّدٌ ذُو أَثِر
بعيد مهوى همة وذكر
للمجد يسعى لا لكسب الوفر
فأمّ رَحلى، دُونَ رحل السَّفْر
يُذكِرُني طيبَ الزَّمان النَّضرِ
واهاً له من زمن وعمر
ما كان إلا غرةً في الدهر
إذ الصبا عند التصابي عذري
وغاية المنية أم عمرو
غراء أبهى من ليالي البدر
بعيدةُ القُرط، هضيم الخَصِر
أحسنُ من شَمسٍ بِغِبِّ قَطرِ
تَفعلُ بالألباب فعلَ الخَمر
تبسمُ عن مثلِ نظيم الدُّرِّ
كأنَّه لآلىءٌ في نَحْر
إذا انثنت قبل نموم الفجر
تَنَفَّست عن مثل رَيَّا الزَّهر
كأن فاها جونة لعطر
وإن مشَت مثقلةً بِالبُهر
مشي النسيم بمياه الغدر
رأيت سحراً أو شبيه سحر
راكد ليل تحت شمس تسري
ضدان فيها اتفقا لأمر
يا لائمي إن الملام يغري
هَيَّجتَ أشواقِي، ولستَ تَدرِي
لا بكَ ما بي: من جَوًى وفكرِ
إذا أراحَ الليُل همَّ صدرِي
أبيت أرعى كل نجم يسري
كأنّما حَشِيَّتِى من جَمْرِ
كيف العزاء وصروف الدهر
تقرِفُ قرِحي، وتَهيضُ كَسِري
كأنَّها تطلُبُني بِوَترِ
والصَّبرُ، لو خبرتَه، كالصَّبر