لماذا الضجيج وماذا الخبر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

لماذا الضّجيجُ وماذا الخبر

​لماذا الضّجيجُ وماذا الخبر​ المؤلف رشيد أيوب


لماذا الضّجيجُ وماذا الخبر
فقالوا قريباً يمُرّ الأمير
فلمّا رأيتُ جميعَ البشر
يضجّونَ جَهلاً لأمرٍ حقير
وقفتُ بعيداً بعينِ الفِكَر
أُراقبُ وَحدي مرُورَ الزّمان
خَلَوتُ بنفسيَ في غُرفتي
ولي معَ نفسي حديثٌ طويل
فلمّا عَكفتُ على حرفتي
أطالعُ كتبي بصبرٍ جميل
سمعتُ خلال السّطور عبر
تقولُ تأمّل مرُورَ الزّمان
سألتُ المَقابرَ هل يشعرُ
ضجيعُ التراب وضيفُ القبور
فهمّت لتكتبَ ما تضمرُ
وأوشكتُ أقرأ تلك السطور
إذا بسكونٍ يسودُ الحفَر
تَيَقّنتُ مِنهُ مرُورَ الزّمان
وجئتُ إِلى البحر عند المسا
وللموجِ عندي غرامٌ شديد
فقلتُ بربّكَ ماذا عسى
تقولُ ففسّر معاني النّشيد
فقال أأنتَ عديمُ البصر
فإنّي أحيّي مرُورَ الزمان
ولمّا التفت لأوج السما
وشاهدتُ أنجمَها السّاهرَه
هتفتُ وقد نامَ أهلُ الحمى
ونفسي بما في السما حائرَه
أتخشى الشموسُ أيخشى القمر
أتخشى النجومُ مرُورَ الزّمان
عجبتُ لمثرٍ جهول ثقيل
وغير الدّراهمِ لم يَعبُدِ
وأعجبُ منهُ غنيّ بخِيل
يجورُ على البائسِ المُجتَدي
فيا لَيتَ شعري أماتَ الحذر
أن يخشَيانِ مرُورَ الزّمان
زَرَعتُ المحبة وسط القلوب
ولم أدرِ أني زَرَعتُ الخَيال
فَهَبّت عَلَيها رياحُ الجنوب
وهبّت عليها رياحُ الشمال
فلم يَبقَ ممّا زَرَعتُ أثر
ليشهد مثلي مرُورَ الزمان
هيَ النفسُ تاهت برحب الفضا
وحلّت بأرضِ الشقا والهموم
وها هيَ تعنو لحكمِ القضا
وتنظر في ما وراء الغيوم
وترجو انقضاء الشقا بالسفر
لذاك تحبّ مرُورَ الزمان