للحب في تلك القباب مراد

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

للحُبّ في تِلكَ القِبابِ مَرَادُ

​للحُبّ في تِلكَ القِبابِ مَرَادُ​ المؤلف ابن زيدون


للحُبّ، في تِلكَ القِبابِ، مَرَادُ،
لوْ ساعفَ الكلفَ المشوقَ مرادُ
ليغُرْ هواكَ، فقدْ أجدَّ حمايةً
لفتاةِ نجدٍ، فتيةٌ أنجادُ
كمْ ذا التّجلّدُ؟ لن يساعفَك الهوَى
بالوصلِ، إلاّ أنْ يطولَ نجادُ
أعقيلَةَ السّرْبِ! المباحَ لوردِها
صفوُ الهوَى، إذْ حلّئ الورّادُ
ما للمصايدِ لمْ تنلْكِ بحيلةٍ؟
إنّ الظّباء لتدرّى، فتصادُ
إنْ يعْدُ عن سَمْراتِ جَزْعك سامرٌ
في كلّ مطّلعٍ لهمْ إرعادُ
فَبِمَا تَرَقْرَقَ للمُتَيَّمِ بَينَها
غللٌ، شفَى حرَّ الغليلِ، برادُ
أنا حِينَ أُطْرِقُ لَيسَ يَفْتأُ طارِقي
شَوْقٌ، كَما طَرَقَ السّليمَ عِدادُ
ينهَى جفاؤكِن عن زيارَتيَ، الكرَى،
كيْلا يزورَ خيالُكِ المعتادِ
لا تقطَعي صلةَ الخيالِ تجنّباً،
إذْ فيهِ منْ عوزِ الوصالِ سدادُ
ما ضرّ أنّكِ بالسّلامِ ضنينةٌ،
أيّامَ طيفُكِ، بالعناقِ، جوادُ
هَلاَّ حَمَلْتِ السُّقمَ عن جِسْمٍ لَهُ،
في كلّةٍ زرّتْ عليكِ، فؤادُ
أوْ عُدْتِ من سَقَمِ الهوَى؛ إنّ الهوَى
مِمّا يُطِيلُ ضَنى الفتى، فيُعادُ
إيهاً! فَلَوْلا أنْ أُروعَكِ بالسَّرَى
لدَنَا وسادٌ، أوْ لطالَ سوادُ
لغشِيتُ سجفَكِ في ملاءةِ نثرةٍ،
فضلٍ، سوَى أنّ العطافَ نجادُ
لأميلَ في سُكرِ اللَّمى فيَبيتَ لي،
ممّا حوَى ذاكَ السّوارُ، وسادُ
فعدي المُنى، فوعيدُ قومكِ لم يكُنْ
ليعوقَ عنْ أنْ يقتضَى الميعادُ
أصْبُو إلى وَرْدِ الخُدودِ، إذا عَدَتْ
جُرْدٌ، تُبَلّغِني جَناهُ، وِرَادُ
وأراحُ للعطرِ، السَّطوعِ أريجُهُ،
إنْ شِيبَ بالجَسدِ العَطيرِ جِسادُ
عَزْمٌ إذا قَصَدَ الحِمَى لمْ يَثْنِه
أنّ القَنَا، مِنْ دُونِها، أقْصَادُ
منْ كانَ يجهلُ ما البليدُ، فإنّهُ
مَن تَطّبيهِ، عَنِ الحُظوظِ، بِلادُ
وَفَتى الشّهامَةِ مَنْ، إذا أمَلٌ سَمَا،
نَفَذَتْ به شُورَى، أوِ اسْتِبْدادُ
منْ مبلغٌ عنّي الأحبّةَ، إذْ أبَتْ
ذِكْرَاهُمُ أنْ يَطْمَئِنّ مِهادُ
لا يأسَ؛ ربّ دنوّ دارٍ جامعٍ
للشّملِ، قدْ أدّى إليهِ بعادُ
إنْ أغترِبْ فمواقِعَ الكرمِ، الّذي
في الغَرْبِ شِمْتُ بُرُوقَهُ، أرْتَادُ
أو أنأَ، عنْ صيدِ الملوكِ بجانبي،
فهمُ العبيدُ مليكُهُمْ عبّادُ
المَجدُ عُذْرٌ في الفِرَاقِ لمَنْ نَأى،
ليَرَى المَصانِعَ مِنْهُ كَيفَ تُشادُ
يا هلْ أتَى منْ ظنّ بي، فظنونُهُ
شَتّى تَرَجَّحُ بَيْنَها الأضْدَادُ
أنّي رَأيْتُ المُنْذِريْنِ، كِلَيْهِما،
في كونِ ملكٍ لم يحلْهُ فسادُ
وبصُرْتُ بالبردَينِ إرثِ محرِّقٍ،
لمْ تخلُقَا، إذْ تخلُقُ الأبرادُ
وعرفْتُ من ذي الطّوْقِ عمرٍو ثأرَهُ
لجَذِيمَةَ الوَضّاحِ، حينَ يُكادُ
وأتَى بيَ النّعمانَ يومَ نعيمِهِ،
نجمٌ تلقّى سعدَهُ الميلادُ
قَد أُلّفَتْ أشْتاتُهُمْ في وَاحِدٍ،
إلاّ يكنْهُمْ أمّةً، فيكَادُ
فكأنّني طالعْتُهُمْ بوفادةٍ،
لمْ يستطِعْهَا عروةُ الوفّادُ
في قَصْرِ مَلْكٍ كالسّدِيرِ، أوِ الذي
ناطَتْ بهِ شُرُفاتِهَا سِنْدادُ
تتوهّمُ الشّهْبَاءَ فيهِ كتيبةً
بِفِنَاءٍ، اليَحْمُومُ فيهِ جَوادُ
يَختالُ، مِنْ سَيرِ الأشاهِبِ وَسطَه،
بِيضٌ، كمُرْهَفَةِ السّيوفِ، جِعادُ
في آلِ عبّادٍ حططْتُ، فأعصَمتْ
هِمَمي، بحَيْثُ أنافَتِ الأطْوَادُ
أهلُ المناذرَةِ، الذينَ همُ الرُّبَى
فَوْقَ المُلُوكِ، إذِ المُلُوكُ وِهادُ
قَوْمٌ إذا عَدّتْ مَعَدٌّ عَقِيلَةً،
ماءَ السّماء، فهمْ لهَا أوْلادُ
بيتٌ تودّ الشُّهْبُ، في أفلاكِها،
لوْ أنّهَا، لبنائِهِ، أوْتَادُ
مَمْدُودَةٌ، بلُهَى النّدى، أطنابهُ،
مَرْفُوعةٌ، بالبِيضِ، منهُ عِمادُ
مُتَقادِمٌ إلاّ تكُنْ شَمْسُ الضّحَى
لِدَةً لَهُ، فَنُجومُها أرْآدُ
نِيطَتْ بِعَبّادٍ لآلىءُ مَجْدِهِمْ،
فَتلألأتْ، في تُومِها، الأفْرادُ
ملكٌ إذا افتنّتْ صفاتُ جلالِهِ،
فتَقاصرَتْ عَنْ بَعضِها الأعْدادُ
نَسِيَتْ زَبِيدٌ عَمْرَها، بل أعرَضَتْ
عنْ وصفِ كعبٍ بالسّماحِ إيادُ
فضحَ الدُّهاةَ، فَلَوْ تَقَدّمَ عَهْدُهُ
لعنَا المغيرَةُ، أوْ أقرّ زيادُ
لا يأمنُ الأعداءُ رجمَ ظنونهِ؛
إنّ الغيوبَ وراءهَا إمدادُ
مَلِكٌ، إذا ما اخْتالَ غُرّةُ فَيْلَقٍ،
قدْ أمطيَتْ، عقبانَهُ، الآسادُ
أسدٌ، فرائسُها الفوارسُ في الوغَى،
لكِنْ بَرَاثِنُها، هُناكَ، صِعادُ
خِلْتُ اللّواء غَمامَةً في ظِلّها
قَمَرٌ، بِغُرّتِهِ السّنَا الوَقَادُ
شَيْحانُ مُنْغَمِسُ السّنانِ من العِدا
في النّقعِ، حيثُ تغلغلُ الأحقادُ
تشكو إليهِ الشّمسُ نقعَ كتيبةٍ،
ما زالَ مِنْهُ، لِعَيْنِها، إرْمادُ
جيشٌ، إذا ما الأفْقُ سافَرَ طيرُهُ
معهُ، ففي ذممِ الصّوارِم زادُ
مُستطرِفٌ للمَجدِ، لم يَكُ حَسبُهُ
مَجْدٌ، يَدورُ مَعَ الزّمانِ، تِلادُ
ما كانَ مِنهُ إلى رَفاهَةِ راحةٍ،
حتى يخلِّدَ، مثلَهُ، إخلادُ
أرِجُ النّدِيّ، مَتى تَفُزْ بِجَوارِهِ،
يطبِ الحديثُ ويعبقِ الإنشادُ
لوْ أنّ خاطرَهُ الجميعَ مفرَّقٌ
في الخَلْقِ، أوشَكَ أن يُحسّ جمادُ
نفْسِي فداؤكَ، أيّهَا الملكُ الذي
زُهْرُ النّجُومِ، لوَجْهِهِ، حُسّادُ
تَبدُو عَليكَ، من الوَسامَةِ، حُلَّةٌ
يهفُو إليهَا، بالنّفوسِ، ودادُ
لمْ يَشْفِ مِنكَ العَينَ أوّلُ نظرَةٍ
لوْلا المَهابَةُ رَاجَعَتْ تَزْدادُ
ما كانَ مِنْ خَلَلٍ، فأنتَ سِدادُهُ
في الدّهرِ، أوْ أوَدٍ، فأنْتَ سَدادُ
الدّينُ وَجْهٌ، أنتَ فيهِ غُرَّةٌ،
والملكُ جفنٌ، أنْتَ فيهِ سوادُ
لله منكَ يدٌ علَتْ، تولي بِهَا
صَفداً فيُحْمَدُ، أو يُفَكّ صِفادُ
لَوْ أنّ أفْواهَ المُلُوكِ تَوافَقَتْ
فِيهَا، لَوافَقَ حَظَّهَا الإسْعادُ
نَفعَ العُداةَ اليأسُ مِنْكَ، لأنّهُ
بردَتْ عليهِ منهُمُ الأكبادُ
ينصاعُ من جارَاكَ مقبوضَ الخُطا
فكأنّمَا عضّتْ بهِ الأقيادُ
قدْ قلْتُ للتّالي ثناءكَ سورَةً،
ما للوَرى، في نَصّهَا، إلْحادُ
أعِدِ الحَدِيثَ عَنِ السّيَادَةِ، إنّهُ
لَيْسَ الحديثُ يُمَلّ حِينَ يُعادُ
كَرَمٌ، كماء المُزْنِ رَاقَ، خِلالَهُ،
أدبٌ، كروضِ الحزنِ باتَ يجادُ
ومحاسنٌ، زهرَ الزّمانُ بزهرِهَا،
فكأنّما أيّامُهُ أعْيَادُ
يا أيّهَا المَلِكُ الّذِي، في ظِلّهِ،
ريضَ الزّمانُ، فذلّ منْهُ قيادُ
يا خيرَ معتضدٍ بمنْ أقدارُهُ،
في كُلّ مُعْضِلَةٍ، لَهُ أعْضَادُ
لَما وَرَدْتُ، بِوِرْدِ حَضرَتكَ، المُنى،
فهقَتْ لديّ جمامُهَا الأعدَادُ
فاستقبلَتْني الشّمْسُ تبسُطُ راحةً
للبحرِ، منْ نفحاتِها، استمدادُ
فَلِئنْ فَخَرْتُ، بما بَلَغتُ، لقَلّ لي
ألاّ يكونَ مِنْ النّجُومِ عَتادُ
مهما امتدحتُ سواكَ، قبلُ، فإنّما
مدحي، إلى مدْحي، لكَ استطرادُ
يَغشَى المَيادِينَ الفَوارِسُ، حِقْبَةً،
كيما يعلّمَها، النّزالَ، طرادُ
فلأسحبَنْ ذيلَ المُنى في ساحةٍ،
إلاّ أُوَفَّ بِها المُنى، فأُزادُ
وليستفيدَنّ السّناءَ، معَ الغِنى،
عَبْدٌ يُفيدِ النُّصْحَ، حينَ يُفَادُ
ولأنْتَ أنفسُ شيمَةً من أنْ يُرَى،
لنفيسِ أعْلاقي لديْكَ، كسادُ
هيهاتَ قد ضمِنَ الصّباحُ لمنْ سرَى
أنْ يَسْتَتِبّ، لسعَيهِ، الإحْمادُ
لا تَعْدَمَنّ، من الحُظُوظِ، ذخيرَةً
تَبْقَى، فلا يَتْلُو البَقَاءَ نَفَادُ