لك الغرام وللواشي بك التعب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

لكِ الغرامُ وللواشي بكِ التعبُ

​لكِ الغرامُ وللواشي بكِ التعبُ​ المؤلف مهيار الديلمي


لكِ الغرامُ وللواشي بكِ التعبُ
و كلُّ عذلٍ إذا جدَّ الهوى لعبُ
أما كفاه انصرافُ العين معرضةً
عنه وسمعٌ بوقرْ الشوق محتجبُ
و أن قلبا وأحشاء مدغدغةً
إذا استقامتْ حمول الحيّ تضطربُ
لاموا عليكِ فما حلوا وما عقدوا
عندي وعابوا فما شقوا ولا شعبوا
فكلُّ نارِ هوى في الصدر كامنةٍ
فاللوم يسعرها والعذلُ يحتطبُ
آهاً لوحشةِ ما بيني وبينكمُ
إذا خلتْ من دلاءِ الجيرةِ القلبُ
و عطت القورَ والأجراعَ نوقكمُ
طروحَ عيني وحالت بيننا الكثبُ
من اشتكى الشوقَ إذ هزت وسادتهُ
مدامعٌ تنتحي أو أضلعٌ تجبُ
فما أسفتُ لشيءٍ فائتٍ أسفي
من أن أعيشَ وجيرانُ الغضا غيبُ
قد كنتُ أسرقُ دمعي في محاجره
تطيرا بالبكى فاليومَ أنتحبُ
لا يبعدِ اللهُ قلباً ظلَّ عندكمُ
لم يغنني عنه نشدانٌ ولا طلبُ
سلبتموهُ فلم تفتوا برجعته
و ربما ردَّ بعدَ الغارة السلبُ
فأين إذمامكم قبلَ الفراق له
ألاَّ يضامَ ولا تمشي له الريبُ
أسيرةٌ لكمُ في الغدرِ حادثةٌ
تخصُّ أم رجعتْ عن دينها العربُ
يا أهل ودي وما أهلاً دعوتكمُ
بالحقَّ لكنها العاداتُ والدربُ
كابها نتسمى قبلَ غدركمُ
فاليومَ كلُّ اسم ودً بيننا لقبُ
أشبهتم الدهر في تلوين صبغتهِ
فكلكم حائلُ الألوان منقلبُ
كنتم عليَّ مع الأيام إخوتها
و ليس إلا عقوقي بينكم نسبُ
صبراً وإن كان ملبوسا على جزعٍ
ظلمتُ والصابرُ المظلومُ محتسبُ
لعلَّ عازبَ هذا الحظَّ يرجعُ لي
يوما وقاعدَ هذا الجدَّ بي يثبُ
و ليتَ أنَّ كمالَ الملكِ خالصةٌ
آراؤه لي ورأيُ الناسِ مؤتشبُ
بل ليتَ أنَّ قضاياه مواهبهُ
فكان إنصافه في عرضِ ما يهبُ
فتىً قنعتُ به من بين منْ حملتْ
خوصُ الركابِ فسارت تنقلُ الركبُ
أحببته حبَّ عيني أختها ويدي
يدي ولي في مزيدٍ منهما أربُ
و كان لي حيثُ لا جفنٌ لناظرهِ
حفظاً وصوناً ولا تحمي الظيا القربُ
عطفاً لحقيَّ وإسبالاً على ذممي
كأنه وهو مولى في الحنو أبُ
يرعى شواردَ فيه لم تسرْ معها
ريحٌ ولا طمعتْ في شأوها السحبُ
فغالبتني على ذاك المكان يدٌ
للدهر كان لها مذ ملني الغلبُ
ملالةٌ لم تطرْ فيها مطاولةٌ
و بغضةٌ كالتجنيَّ ما لها سببُ
قسا فأصبح للواشين بي أذناً
تليقُ ما اختلفوا عنيَّ وما اجتلبوا
لو قيل إني سرقتُ السمعَ أو صرفوا
إليَّ تبديلَ دينِ اللهِِ أو نسبوا
لما امترى أنَّ رسلَ الله بي جبهوا
بالردَّ أو حرفتْ على أمريَ الكتبُ
فقل له طيب اللهُ الوفاءَ له
و الحقُّ يسفرُ والبهتانُ ينتقبُ
يا ناقدَ الناس كشفا عن جواهرهم
متى تغيرَ عن أعراقهِ الذهبُ
و كيف أفسدَ سوءُ الحظَّ خبرك بي
حتى بدا لك أنّ الدرّ مخشلبُ
أغيرَ أنَّ فراشاً طار ينأم بي
لو شئتَ كان بنار الردَّ يلتهبُ
أبعد أن رضتني عشرينَ أو صعدتْ
لا الجريُ تنكره مني ولا الجنبُ
يروى لك الخرقُ عن حزمي فتقبله
صفحاً ويحذبك الواشي فتنجذبُ.
حاشاكمُ أن تكونوا عونَ حادثةٍ
أو ترتميني على أيدكم النوبُ
أذنبيَ الحبُّ والإخلاصُ عندكمُ
فإنّ ذنبي إلى أياميَ الأدبُ
أما وقومكَ والمجدُ التليدُ لهم
إذا حلفتُ بهم والدينُ والحسبُ
ما خلتُ والدهر لا تفنى عجائبهُ
أنّ العلا نافقٌ في سوقها الكذبُ
و لا عجبت لدهري كيف يظلمني
و إنما ظلمكم أنتم هو العجبُ.
يا من به صحَّ سقمُ العيشِ واجتمعتْ
على توحدهِ الأحزابُ والشعبُ
و من كفى الملكَ ما لم يكفِ صارمهُ
و ردَّ عنه الذي ما رده اليلبُ
و من توسط أفقَ المجد فاعتدلتْ
به البدورُ ولبت أمرهُ الشهبُ
على بساطكِ تقضى كلُّ مبهمةٍ
يعنو بها الخطبُ أو تعيا بها الخطبُ
و هالةُ البدرِ دستٌ أنت راكبه
و تارةً هو غابُ الضغيم الأشبُ
بشرٌ وقورٌ وجدٌ ضاحكٌ ورضاً
لولا الطلاقةُ خلنا أنه غضبُ
جرى بك الخلقُ الفضفاضُ وانقبضتْ
بك المهابةُ فالسلسالُ واللهبُ
و أفقرتك العطايا والثناءُ غنىً
و أنصبتك العلا والراحةُ النصبُ
من عندهُ نشبٌ لا مجدَ يعضدهُ
فإنّ عندك مجدا ما له نششبُ
حللتُ باسمك عقدَ الرزق فاندفعتْ
عراه تفصمُ لي عفوا وتنقضبُ
و كنتَ واسطةَ العقد الذي انتظمتْ
عنه السلوكُ ولم تخدشْ به الثقبُ
أنتم رفادةُ ظهري إن وهي جلدي
و درةُ العيشِ لي والضرعُ معتصبُ
و مشربي العدُّ والغدرانُ غائرةٌ
منكم ليَ الحوضُ أو منكم ليَ القربُ
قدمتموني فلي رهنُ السباقِ ومنْ
يلزني بعدُ مجنوبٌ ومعتقبُ
عزى بنفسي ولكن زادني شرفا
أني اليكم إذا باهلتُ أنتسبُ
و الناسُ غيركمُ من لا يجاوزني
أبياته عمدٌ تبنى ولا طنبُ
إذا صفوتم فلا وردي ولا صدري
منهم وإن أملحوا يوما وإن عذبوا
لي منكم الجبهةُ الغراء والعتقُ ال
تلعاءُ والناس بعدُ الرسغُ والذنبُ
فلا تنلني الليالي فيكمُ بيدٍ
إلا التبابُ لها والشلُّ والعطبُ
و لا تصبكم عيونُ الدهر إنّ لها
إلى الكمال لحاظاً سهمها غربُ
و إن أتى رائدُ النيروزِ مجتدياً
أيمانكم فالروابي الخضرُ والعشبُ
فمن جباهكمُ نورُ الربيع لنا
و من أكفكمُ الأنواءُ تنسكبُ
يومٌ يكرُّ به إقبالُ جدكمُ
غداً على ملككم ما كرت الحقبُ
تجلونَ من حسنه حظَّ العيونِ فلل
أشعار فيكم حظوظُ السمعِ والطربُ
فما بقيتم فأيامي بعزكمُ
كما أحبُّ وأحوالي كما يجبُ