لا يرم ربعك السحاب يجوده

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

لا يرم ربعك السحاب يجوده

​لا يرم ربعك السحاب يجوده​ المؤلف البحتري


لا يَرِمْ رَبْعَكَ السّحابُ يَجُودُهْ،
تَبتَدي سَوْقَهُ الصَّبَا وْ تَقُودُهْ
غدقاً يستجد صنعة روض
صنعة البرد عامل يستجيده
كُلّمَا بَكَّرَتْ عَلَيْهِ سَمَاءٌ،
حِيكَ إفْرِنْدُهُ، وصيغ فَرِيدُهْ
قَدْ أرَاهُ مَغْنًى لأرْآمِ سِرْبٍ،
مَائلاتٍ إلى التّصَابي خُدُودُهُ
منْ غَزَالٍ يَصِيدُني، أو غَزَالٍ
يَتَأبّى مُمَانعاً لا أصِيدُهْ
يَسّرَتْني لَهُ الصّبَابَةُ حتّى اسْـ
ـتَأسرتْ مُقْلتَاهُ لُبّي، وَجيدُهْ
خُلقَ العَيشُ في المَشيبِ، وإن كا
نَ نَضِيراً، وفي الشّبابِ جَديدُهْ
لَيْتَ أنّ الأيّامَ قَامَ عَلَيْها
مَنْ إذا ما انقَضَى زَمَانٌ يُعيدُهْ
وَلَو أنّ البَقَاءَ يَخْتَارُ فينَا،
كانَ ما تَهْدِمُ اللّيالي تَشيدُهْ
شَيّخَتْني الخُطُوبُ إلاّ بَقَايَا
من شَبَابٍ لمْ يَبْقَ إلاّ شَرِيدُهْ
لا تُنَقّبْ عَنِ الصِّبَا، فخَليقٌ
إنْ طَلَبْنَاهُ أنْ يَعِزُّ وُجُودُهْ
يا أبَا بَكْرٍ الذي إنْ تَغِبْ بَا
كِرَةُ القَطرِ يُغْنِ عَنها شُهُودُهْ
نِعَمُ الله عنْدَهُ، وَعَلَيْهِ
عِلَلٌ مَا يُبلُّ منْهَا حَسُودُهْ
حَسَنٌ منْكَ أنْ يَصُورَ قَنَاتي
مَيَلانُ الزّمَانِ، أوْ تأوِيدُهْ
يذهب الدهر بيننا تتوالى
بيضه لم توال نفعاً وسوده
وأرَى أنّني أكيدُ بكَ الأمْـ
ـرَ الذي لا أرَاكَ بتّ تَكيدُهْ
أيُّ حَمْدٍ تَحُوزُهُ إنْ تَعَايَبْـ
ـتَ بشأني، أمْ أيُّ ذِكْرٍ تُفيدُهْ
قَدْ يُنَسّي الصّديقَ عَمْدُ تَنَاسِيـ
ـهِ وَيُسْلي عن الحَبيبِ صُدُودُهْ
والفَتَى مَنْ إذا تزيّدَ خَطْبٌ
أشرَقَتْ راحتَاهُ، واهتَزّ عُودُهْ
لا اللَّفَا رِفْدُهُ، وَلاَ خَبَرُ الغَيْـ
ـبِ نَداهُ، وَلاَ النّسيئَةُ جُودُهْ
كأبي الصّقْرِ حينَ أشياخُ بَكْرٍ
فَارَطُوهُ إلى العُلَى، وَوُفُودُهْ
مُبْتَدي سُؤدَدٍ، وَشَانُوهُ أتْبَا
عٌ، وَمَوْلًى، وَالكاشحونَ عَبيدُهْ
ولقد ساد مفضلين وأعلى
مستقر من سيد من يسوده
كَيفَ يُرْضِيكَ منهُ تَنْكيبُهُ عنّي
فَلا نَيْلُهُ، وَلاَ مَوْعُودُهُ
وَهُوَ الغَيثُ مُسْتَهَلاً إذا الغَيْـ
ـثُ مُطِلاًّ حَليفُهُ، وعَقيدُهْ
وإنِ التَحْتُ من شَآبيبهِ وانحَزْ
تُ عَن غَضّ نَبتِهِ لا أرُودُهْ
غزره وجهة العدى وتجاهي
خلف إيماض برقه وخموده
رَكَدَتْ رَاحَتاهُ عَنّي وَلَنْ يَنْفَـ
ـعَكَ البَحرُ ما تَمادَى رُكُودُهْ
لمْ يَسرْ ذِكْرُ مَا أنَالَ، وَقَد سَا
رَ منَ الشّعْرِ في البِلادِ قَصِيدُهْ
عَلّ عُذْراً يَدْنُو بهِ عَنْ مَداهُ
في نَداهُ، أوْ عَلّ ثِقْلاً يَؤودُهْ
لا أُعَنّيهِ باقْتِضَاءٍ، وَلا أُرْ
هِقُهُ طالباً، وَلا أسْتَزِيدُهْ
خَشْيَةَ أنْ أرَى الذي لا يَرَاهُ
ليَ، أوْ أنْ أُرِيدَ ما لا يُرِيدُهْ