لا تسلني وقد نأوا كيف حالي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

لا تسلني وقد نأوا كيف حالي

​لا تسلني وقد نأوا كيف حالي​ المؤلف جبران خليل جبران


لا تسلني وقد نأوا كيف حالي
كيف حال الباكي صفاء الليالي
أين ذاك القلب الخلي وساعات
من الأنس صرن جد خوالي
أين آمالي الكبار وما أعقبها
من حقائق الآمال
أين ذاك الخيال كان بلا قيد
فاضحى نظما بغير خيال
يا صديقي ويا إمامي ويا منشيء
جيل يعتز في الأجيال
لست أنسى ذاك المحيا وما نم
به من نهى وحسن خصال
لست أنسى تلك الشمائل مثلن
لنا منك في أحب مثال
لست أنسى تلك الطلاقة في النطق
كأن الألفاظ عد لآلي
لست أنسى تلك الدروس وما ضمن
من حكمة ورأي عالي
كل ما مر من صباي أراه
بعث اليوم خاطرا في بالي
أسفا أن تبين يا فخر عصر
طوقته يداك بالأفضال
أنت فيه أنرت شما من الهام
فكان هدى له من ضلال
وبتهذيبك الرجال إلى قومك
أهديت نخبة في الرجال
وبنيت الأبطال عقلا ونبلا
ولعمري هم خيرة الأبطال
زاد شجوي أن انتأيت وقد تحسبني
ساليا ولست بسالي
من منى النفس كان مرآك عندي
ومن السؤل أن تجيب سؤالي
غير أني لم يدعني الشوق إلا
حال دون اللقاء فرط اشتغال
أيها المستريح راحة ذي دين
تأداه بعد طول مطال
ما حياة عمرانها من بقايا
هدمها والجديد نسج البالي
وسنوها قصرن أو طلن هم
واحد في القصار أو في الطوال
إنما اللحد عنده الحد للتنكيد
والسهد والكروب الثقال
وبه ينتهي التفاوت بين الخلق
والتفرقات في الأجال
فألق خير الجزاء عن كل ما
أسلفته من جلائل الأعمال
وسلام عليك في روضة تروى
بعفو من ربك المتعالي