كتاب الأم/كتاب النذور/وفي ترجمة الهدي المذكورة في تراجم مختصر الحج المتوسط نصوص تتعلق بالهدي المنذور

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ملاحظات: وفي ترجمة الهدي المذكورة في تراجم مختصر الحج المتوسط نصوص تتعلق بالهدي المنذور


فمنها قول الشافعي رحمه الله: الهدي من الإبل والبقر والغنم. وسواء البخت والعراب من الإبل والبقر والجواميس والضأن والمعز، ومن نذر هديا فسمى شيئا لزمه الشيء الذي سمى، صغيرا كان أو كبيرا، ومن لم يسم شيئا لزمه هدي ليس بجزاء من صيد، فيكون عدله. فلا يجزيه من الإبل ولا البقر ولا المعز، إلا ثني فصاعدا ويجزيه الذكر والأنثى. ويجزي من الضأن وحده الجذع: والموضع الذي يجب عليه فيه الحرم، لا محل للهدي دونه، إلا أن يسمي الرجل موضعا من الأرض، فينحر فيه هديا، أو يحصر رجل بعدو، فينحر حيث أحصر، ولا هدي إلا في الحرم لا في غير ذلك. وذكر هنا التقليد والإشعار، وقد سبق في باب الهدي آخر الحج، وهو يتعلق بالمنذور والتطوع.

قال: وإذا ساق الهدي، فليس له أن يركبه إلا من ضرورة. وإذا اضطر إليه، ركبه ركوبا غير فادح له، وله أن يحمل الرجل المعيا والمضطر على هديه. وإذا كان الهدي أنثى فنتجت، فإن تبعها فصيلها ساقه وإن لم يتبعها حمله عليها، وليس له أن يشرب من لبنها إلا بعد ري فصيلها، وكذلك ليس له أن يسقي أحدا. وله أن يحمل فصيلها. وإن حمل عليها من غير ضرورة فأعجفها، غرم قيمة ما نقصها. وكذلك إن شرب من لبنها ما ينهك فصيلها، غرم قيمة اللبن الذي شرب. وإن قلدها وأشعرها ووجهها إلى البيت، أو وجهها بكلام فقيل هذه هديي فليس له أن يرجع فيها، ولا يبدلها بخير ولا بشر منها، كانت زاكية أو غير زاكية، وكذلك لو مات لم يكن لورثته أن يرثوها، وإنما أنظر في الهدي إلى يوم يوجب، فإن كان وافيا، ثم أصابه بعد ذلك عور أو عرج، أو ما لا يكون به وافيا على الابتداء، لم يضره إذا بلغ المنسك. وإن كان يوم وجب ليس بواف ثم صح حتى يصير وافيا قبل أن ينحر لم يجز عنه. ولم يكن له أن يحبسه ولا عليه أن يبدله إلا أن يتطوع بإبداله مع نحره، أو يكون أصله واجبا، فلا يجزي عنه فيه إلا واف.

قال: والهدي هديان، هدي أصله تطوع، فذكر في عطبه وإطعامه ما سبق في باب الهدي.

قال: وهدي واجب فذلك إذا عطب دون الحرم صنع به صاحبه ما شاء من بيع وهبة وإمساك وعليه بدله بكل حال ولو تصدق به في موضعه على مساكين، كان عليه بدله لأنه قد خرج من أن يكون هديا حين عطب قبل أن يبلغ محله. وذكر هنا دم التمتع والقران وغير ذلك مما ذكرناه في باب الهدي.

قال: ولو أن رجلين كان عليهما هديان واجبان، فأخطأ كل واحد منهما بهدي صاحبه فذبحه ثم أدركه قبل أن يتصدق به أخذ كل واحد منهما هدي نفسه، ورجع كل واحد منهما على صاحبه بقيمة ما بين الهديين حيين ومنحورين وأجزأ عنهما وتصدقا بكل ما ضمن كل واحد منهما لصاحبه ولو لم يدركاه حتى فات بصدقة ضمن كل واحد منهما لصاحبه قيمة الهدي حيا، وكان على كل واحد منهما البدل ولا أحب أن يبدل واحد منهما إلا بجميع ثمن هديه، وإن لم يجد بثمن هديه هديا زاد حتى يبدله هديا، ولو أن رجلا نحر هديا فمنع المساكين دفعه إليهم أو نحره بناحية ولم يحل بين المساكين وبينه حتى ينتن كان عليه أن يبدله. والنحر يوم النحر وأيام " منى " كلها حتى تغيب الشمس من آخر أيامها فإذا غابت الشمس. فلا يجوز إلا أن من كان عليه هدي واجب نحره وأعطاه مساكين الحرم قضاء. ويذبح في الليل والنهار وإنما أكره ذبح الليل لئلا يخطئ رجل في الذبح أو لا يوجد مساكين حاضرون. فأما إذا أصاب الذبح فوجد مساكين حاضرين فسواء وفي أي الحرم ذبحه ثم أبلغه مساكين الحرم أجزأه وإن كان ذبحه إياه في غير موضع ناس.

وينحر الإبل قياما غير معقولة وإن أحب عقل إحدى قوائمها. وإن نحرها باركة أو مطلقة أجزأت عنه، وينحر الإبل ويذبح البقر والغنم. وإن نحر البقر والغنم أو ذبح الإبل كرهت له ذلك وأجزأت عنه. ومن أطاق الذبح من امرأة أو رجل أجزأ أن يذبح النسيكة وهكذا من حلت ذكاته إلا أني أكره أن يذبح النسيكة يهودي أو نصراني، فإن فعل فلا إعادة على صاحبه. وأحب إلي أن يذبح النسيكة صاحبها أو يحضر الذبح فإنه يرجى عند سفوح الدم المغفرة.

[قال الشافعي]: وإذا سمى الله عز وجل على النسيكة أجزأ عنه وإن قال: " اللهم تقبل عني أو تقبل عن فلان " الذي أمره بذبحه فلا بأس ثم ذكر الأكل من هدي التطوع، وقد ذكرناه في باب الهدي.

قال: والهدي هديان واجب وتطوع. فكل ما كان أصله واجبا على الإنسان ليس له حبسه فلا يأكل منه شيئا وذلك مثل هدي الفساد والطيب وجزاء الصيد والنذور والمتعة فإن أكل من الهدي الواجب تصدق بقيمة ما أكل منه، ثم ذكر ما يتعلق بالتطوع وقد تقدم.

قال] وإن لم يقلد هديه ولم يشعره، قارنا كان أو غيره، أجزأه أن يشتري هديا من " منى " أو من " مكة " ثم يذبحه مكانه لأنه ليس على الهدي عمل إنما العمل على الآدميين والنسك لهم، وإنما هذا من أموالهم يتقربون به إلى الله عز وجل.

[قال الشافعي]: وإذا قال الرجل: غلامي حر إلا أن يبدو لي في ساعتي هذه أو في يومي هذا أو شاء أو يشاء فلان أن لا يكون حرا أو امرأته طالق إلا أن أشاء أن لا تكون طالقا في يومي هذا، أو يشاء فلان فشاء أو شاء الذي استثنى مشيئته. لم يكن العبد حرا ولا المرأة طالقا.

قال: وإذا قال الرجل: أنا أهدي هذه الشاة نذرا أو أمشي نذرا فعليه أن يهديها، وعليه أن يمشي إلا أن يكون أراد: إني سأحدث نذرا أو إني سأهديها. فلا يلزمه ذلك وهو كما قاله لغير إيجاب. فإذا نذر الرجل أن يأتي موضعا من الحرم ماشيا أو راكبا، فعليه أن يأتي الحرم حاجا أو معتمرا. ولو نذر أن يأتي عرفة أو مرا أو موضعا قريبا من الحرم ليس بحرم، لم يكن عليه شيء لأن هذا نذر في غير طاعة، وإذا نذر الرجل حجا ولم يسم وقتا فعليه حج، يحرم به في أشهر الحج متى شاء. وإذا قال: علي نذر حج إن شاء فلان، فليس عليه شيء ولو شاء فلان. إنما النذر ما أريد الله عز وجل به، ليس على معاني العلو ولا مشيئة غير الناذر. وإذا نذر الرجل أن يهدي شيئا من النعم، لم يجزه إلا أن يهديه. وإذا نذر أن يهدي متاعا لم يجزه، إلا أن يهديه أو يتصدق به على مساكين الحرم، فإن كانت نيته في هذه أن يعقله على البيت أو يجعل في طيب للبيت. جعله حيث نوى، ولو نذر أن يهدي ما لا يحمل، مثل الأرضين والدور، باع ذلك فأهدى ثمنه. ويلي الذي نذر الصدقة بذلك وتعليقه على البيت وتطييبه به، أو يوكل به ثقة يلي ذلك به. وإذا نذر أن يهدي بدنة، لم يجزه منها إلا ثني من الإبل، أو ثنية وسواء في ذلك الذكر والأنثى والخصي، وأكثرها ثمنا أحبها إلي، وإذا لم يجد بدنة أهدى بقرة ثنية فصاعدا. وإذا لم يجد بقرة، أهدى سبعا من الغنم ثنيا فصاعدا، إن كن معزى، أو جذعا فصاعدا، إن كن ضأنا. وإن كانت نيته على بدنة من الإبل دون البقر، فلا يجزيه أن يهدي مكانها إلا بقيمتها. وإذا نذر الرجل هديا لم يسم الهدي ولم ينو شيئا، فأحب إلي أن يهدي شاة وما أهدى من مد حنطة أو ما قوته أجزأه، لأن كل هذا هدي، ولو أهدى إنما كان أحب إلي، لأن كل هذا هدي. ألا ترى إلى قول الله عز وجل: {ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا} فقد يقتل الصيد وهو صغير أعرج وأعمى، وإنما يجزيه بمثله. أولا ترى أنه يقتل الجرادة والعصفور، وهما من الصيد فيجزي الجرادة بتمرة والعصفور بقيمته؟ ولعله قبضة، وقد سمى الله عز وجل هذا كله هديا. وإذا قال الرجل: شاتي هذه هدي إلى الحرم، أو بقعة من الحرم، أهدى. وإذا نذر الرجل بدنة لم تجزئه إلا بمكة، فإن سمى موضعا من الأرض ينحرها فيه أجزأته.

وإذا نذر الرجل عدد صوم صامه إن شاء متفرقا، وإن شاء متتابعا.

قال: وإذا نذر صيام أشهر، فما صام منها بالأهلة صامه، عددا ما بين الهلالين، إن كان تسعة وعشرين وثلاثين. فإن صامه بالعدد، صام عن كل شهر ثلاثين يوما. وإذا نذر صيام سنة بعينها، صامها كلها إلا رمضان، فإنه يصوم لرمضان ويوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق ولا قضاء عليه. كما لو قصد بنذر أن يصوم هذه الأيام، لم يكن عليه نذر ولا قضاء، فإن نذر سنة بغير عينها، قضى هذه الأيام كلها حتى يوفي صوم سنة كاملة، وإن حال بينه وبينه مرض أو خطأ عدد أو نسيان أو توان، قضاه إذا زعمت أنه يهل بالحج فيحصر بعدو فلا يكون عليه قضاء، كان من نذر حجا بعينه مثله، وما زعمت أنه إذا أحصر فإن عليه القضاء أمرته أن يقضيه إن نذره فأحصر. وهكذا إن نذر أن يصوم سنة بعينها فمرض، قضاها إلا الأيام التي ليس له أن يصومها. فإن قال قائل فلم تأمر المحصر إذا أحصر بالهدي ولا تأمر به هذا؟ قلت: آمره به للخروج من الإحرام، وهذا لم يحرم فآمره بالهدي.

[قال]: وإذا أكل الصائم أو شرب في رمضان أو نذر أو صوم كفارة أو واجب بوجه من الوجوه أو تطوع ناسيا، فصومه تام ولا قضاء عليه. وإذا تسحر بعد الفجر وهو لا يعلم، أو أفطر قبل الليل وهو لا يعلم، فليس بصائم في ذلك اليوم، وعليه بدله. فإن كان صومه متتابعا فعليه أن يستأنفه. وإذا قال: لله علي أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان، فقدم ليلا فليس عليه صوم صبيحة ذلك اليوم لأنه قدم في الليل ولم يقدم في النهار، وأحب إلي لو صامه. ولو قدم الرجل نهارا، وقد أفطر الذي نذر الصوم، فعليه أن يقضيه لأنه نذر، والنذر لا يجزيه إلا أن ينوي صيامه قبل الفجر، وهذا احتياط وقد يحتمل القياس أن لا يكون عليه قضاؤه من قبل أنه لا يصلح له أن يكون فيه صائما عن نذره. وإنما قلنا بالاحتياط أن جائزا أن يصوم، وليس هو كيوم الفطر، وإنما كان عليه صومه بعد مقدم فلان فقلنا: عليه قضاؤه، وهذا أصح في القياس من الأول. ولو أصبح فيه صائما من نذر غير هذا أو قضاء رمضان أحببت أن يعود لصوم نذره وقضائه ويعود لصومه لمقدم فلان. ولو أن فلانا قدم يوم الفطر أو يوم النحر أو التشريق لم يكن عليه صوم ذلك اليوم ولا عليه قضاؤه، لأنه ليس في صوم ذلك اليوم طاعة فلا يقضي ما لا طاعة فيه. ولو قال: لله علي أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان أبدا، فقدم فلان يوم الاثنين فإن عليه قضاء اليوم الذي قدم فيه وصوم الاثنين كلما استقبله. فإن تركه فيما يستقبل قضاه، إلا أن يكون يوم الاثنين يوم فطر أو أضحى أو أيام التشريق فلا يصوم ولا يقضيه. وكذلك إن كان في رمضان لم يقضه وصامه في رمضان. كما لو أن رجلا نذر أن يصوم رمضان صام رمضان بالفريضة ولم يصمه بالنذر ولم يقضه. وكذلك لو نذر أن يصوم يوم الفطر أو الأضحى أو أيام التشريق. ولو كانت المسألة بحالها وقدم فلان يوم الاثنين وقد وجب عليه صوم شهرين متتابعين صامهما، وقضى كل اثنين منهما ولا يشبه هذا شهر رمضان لأن هذا شيء أدخله على نفسه بعدما أوجب عليه صوم يوم الاثنين، وصوم رمضان شيء أوجبه الله لا شيء أدخله على نفسه.

ولو كانت المسألة بحالها وكان الناذر امرأة فكالرجل وتقضي كل ما مر عليها من حيضها. وإذا قالت المرأة: لله علي أن أصوم كلما حضت أو أيام حيضي، فليس عليها صوم ولا قضاء، لأنها لا تكون صائمة وهي حائض.

وإذا نذر الرجل صلاة أو صوما ولم ينو عددا، فأقل ما يلزمه من الصلاة ركعتان، ومن الصوم يوم لأن هذا أقل ما يكون من الصلاة والصوم لا الوتر [قال الربيع]: وفيه قول آخر يجزيه ركعة واحدة وذلك أنه مروي عن عمر: أنه تنفل بركعة، (وأن رسول الله أوتر بركعة بعد عشر ركعات)، وأن عثمان أوتر بركعة. [قال الربيع]: فلما كانت ركعة صلاة ونذر أن يصلي صلاة ولم ينو عددا فصلى ركعة، كانت ركعة صلاة بما ذكرنا.

[قال الشافعي]: وإذا قال لله علي عتق رقبة فأي رقبة أعتق أجزأ.

كتاب الأم - كتاب النذور
باب النذور التي كفارتها كفارة أيمان | من جعل شيئا من ماله صدقة أو في سبيل الله | باب نذر التبرر وليس في التراجم وفيها من نذر أن يمشي إلى بيت الله عز وجل | وفي ترجمة الهدي المذكورة في تراجم مختصر الحج المتوسط نصوص تتعلق بالهدي المنذور